منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    داعية ومحاضر جامعي
    تاريخ التسجيل
    Nov 2013
    المشاركات
    598

    القراءة المنكوسة للإسلام

    مقالي الجديد
    القراءة المنكوسة للإسلام
    محمد حبش :القراءة المنكوسة للإسلام داعش نموذجاً
    محمد حبش : كلنا شركاء
    لا قدر أقسى على المرء أن يجد بلاده تستباح من الغزاة الجدد تحت عناوين مختلفة ومع ذلك يعجز عن إدانة التدخل، حيث تفرض عليك الإنسانية قبول أي حل يوقف هذا الطوفان الطامي القاتل للحياة والأحياء.
    لم تعلن داعش نيتها الدخول الى بلدة أو مدينة إلا رصدت وسائل الاعلام آلاف الهاربين بارواحهم واينائهم وعيالهم من غول التوحش القادم بالرايات السوداء وهي تعلن نفسها خلافة (على منهاج النبوة)!!!!!
    لست أردي أي نبوة؟ ومن هو القدوة التي يبتغيها هؤلاء الخارجون من التاريخ والإنسانية في سلوكهم وأفكارهم، والمهووسون بالدم والموت يقدمون أنفسهم رحال الخلافة الباقية، ويراهم العالم كله عن قوس واحدة لعنة للعالمين.
    يقولون إنهم يتبعون رسول الله وأن الذبح وضرب الرقاب والعنف هو مجده ورسالته، وأنه بطش بأعدائه في الأرض وشرد بهم من خلفهم، وأنه نصر بالرعب، وأنه قام بجز الرقاب وطهر الأرض من رؤوس الجاهلية بفؤوس العدل الدامية!!….
    من المدهش أن يتحمس رجال من أبناء الثقافة الشرعية لسلوكيات داعش وينبشوا كتب الرواية ليقفوا على سلوكيات تشبه هذا السلوك الهمجي في الاعتداء على الحياة والأحياء، ومن المؤسف أن يفلحوا في العثور على روايات كهذه وأنا لا أستبعد وجود روايات كهذه في كتب الرواية، فالرواية في الواقع ديوان السلوك البشري في غمار تطاحن سياسي لا يرحم، تواطأ أطرافه على ممارسة الرواية الآثمة، في خدمة سياسات قذرة….
    فهل كان هؤلاء المستنبطون على حق حين نسبوا جرائم كهذه لعصر الرسالة؟ وهل قام الرسول نفسه بفعل هذه الفظائع؟ على الرغم من أنهم أتوا بأسانيدها من البخاري ومسلم وهي أوثق كتب الرواية عند المحدثين؟
    يمكننا هنا أن نطوف في سياق المتفق عليه في الرواية، وهو أمر لا يجادل فيه إلا مكابر، وهذه فقرات أقتبسها من عصر النبوة ترسم ملامح الحكم الاسلامي الرشيد كما قدمه رسول الله.
    حين قرر الهجرة إلى المدينة لم يشكل فرق الاغتيال السوداء لمواجهة خصومه، ولم يعلن عن قدومه على هدير الرعب، ولم يرسل وجوهاً مظلمة كأنها رؤوس الشياطين لترهب من يقف في وجه رسالته….. لقد فكر من أفق آخر.. وأرسل واحداً من أمهر المحاورين وهو مصعب بن عمير حيث أقام سنتين يناضل في نشاط ديمقراطي لافت حتى استطاع أن يقنع غالبية معقولة باستضافة الإسلام في المدينة، وحين تأكدت الأرقام أن الإسلام صار دينا يعتنقه غالب السكان فإن الرسول الكريم قرر المغادرة نحو المدينة المنورة، وحين دخلها كان نشيد أهلها الخالد
    طلع البدر علينــــــا … من ثنيات الوداع
    وجب الشكر علينا … ما دعا لله داع
    أيها المبعوث فينـــــــا … جئت بالأمر المطاع
    جئت شرفت المدينة …. مرحبا يا خير داع
    كم هو تناقض صارخ أن تطوف في عالم الحب الغامر هذا، تغنيه صبايا رائعات الحسن من بني النجار في المدينة، ثم تعود إلى صدمة الواقع لتلاحظ دخول المغول الجدد إلى المدن البائسة المنكوبة بفتوحاتهم، حيث ترفع الرؤوس المقطوعة على الرماح، وما يعقبها تلك النوايا القاسية من شراد وهجرات ونزوح لمجتمعات بأسرها.
    أستطيع أن أتحدى اليوم أي متابع في هذه اللعبة المجنونة أن يقدم لي اسماً واحداً فقط لشخص نزح من المدينة حين دخل إليها رسول الله!! لقد كان فيها الوثني واليهودي والمسيحي، ولم تذكر مصادر الإسلام ولا مصادر أهل الكتاب تشريد نازح واحد من داره حين جاء الإسلام.
    أشعر بالأسى وأنا أقرا هذه الحقائق أمام طوفان النزوح الهائل الذي تسبب به دخول داعش إلى المدن الجديدة، ومن المدهش أن هؤلاء الغزاة لم يهتموا بإرسال حرف تطمين واحد للشعوب المستهدفة بهجومهم الماحق، وكانوا يرفعون بدلاً من ذلك شعارات منسوبة للإسلام : نصرت بالرعب… فشرد بهم من خلفهم لعلهم يتقون…. فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق…
    إنها نصوص قرآنية تقتطع من سياقها وزمانها ومكانها، لتبرر موجات الثأر الوحشي ضد كل ما هو جميل تحت عنوان حاكمية الشريعة، ويعلم ابسط قارئ للعلم الشرعي أن هذه النصوص إنما وردت في مواجهة الغزاة المعتدين وليس في إنشاء الغزو والاعتداء على الناس..


    إنها دعوة لمراجعة الذات ومواجهة الحقيقة، ورفع الصوت عالياً ضد الفهم الظاهري للنصوص الذي يصر على إطلاقها صالحة في كل زمان ومكان، وهو فهم سطحي خطير لا تزال كثير من المدارس الشرعية تتنبناه تحت عناوين قداسة النص ومطلقيته وصلاحيته لكل زمان ومكان، وهو ما سينتج بالضرورة هذا السلوك الداعشي المتطرف الذي يقول إنه يطبق هذه الأحكام التي رويت بأسانيد لا يرقى إليها الشك.
    لا يحتاج القارئ اليوم أن أشرح له المآسي التي سببتها الغزوات المجنونة المنسوبة زوراً وبهتاناً إلى الرب، فقد رآها على الشاشات وتابع المآسي والأحزان والأوجاع القاتلة، والمظالم التي لا تصدق ولكن الأشد إيلاماً أن تنسب تلك الجرائم إلى الإسلام ويتولى شيوخ في الشريعة نسبة هذه الجرائم إلى نصوص في الكتاب أو السنة، يحرضون فيها على الناس ويشدون من أزر هذه الجماعات المتطرفة في ارتكاب المزيد من إراقة الدماء.
    فهل يمكن أن تدلي هذه الثقافة السوداء بسبب أو نسب إلى نبي الحكمة الذي جاء رحمة للعالمين؟
    ليسمح لي القارئ الكريم أن أطوف معه في السيرة النبوية لنتابع معا ما ترويه بتفاق كتب السنة النبيوية عن حروب النبي الكريم ومواجهاته مع أعدائه.
    بعد أن دخل المدينة ظافراً كريماً رحب به سواد الناس، وكان يعلم أن آخرين لا يرجبون به من يهود ومنافقين ومشركين، ولكنه على ذلك لم يلجأ للبطش والتنكيل والترحيل وإنما أسس في
    شهوره الأولى عقود تحالف وعيش مشترك مع اليهود في المدنية والمشركين المحيطين بالمدينة، ولم يرد أبداً أنه أكره أحداً على دينه، وكان يتجنب الحرب ما استطاع، وقد نجح في اجتناب الحرب ثمانية عشر شهراً حتى وقعت غزوة بدر.
    وقعت الغزوة عند ماء بدر، كان الرسول قد خرج فيها لاسترداد قافلة تجارية لقريش تم تجهيزها بالكامل من أموال المهاجرين المسروقة في مكة، ومع أن القافلة نجت ولكن قريشاً أصرت على القتال وجاءت بجيش جرار الى بدر قوامه ألف مقاتل، وسار جيشها من مكة أكثر من ثلاثمائة كيلومتر بخيلائها وجبروتها لمحاربة النبي الكريم، ووجد الرسول نفسه في موقع دفاع عن النفس، وقد نصره الله على عدوه.
    أما أحد فإنها وقعت في ارض المدينة حيث سارت قريش لمحاربة النبي الكريم أكثر من أربعمائة وعشرين كيلومتر، ودخلت عليه مدينته ونالت منه فيها وعلى أطرافها، أما يوم الخندق فإن النبي الكريم أصر على حقن الدماء ولم يشأ المواجهة مع جيش قريش واختار السلام وحفر الخندق حول المدينة، وهي مكيدة لم تكن تعرفها العرب في محاولة منه لحقن الدماء، ومع أن قريشاً ظلت تستفزه أربعين يوماً حول الخندق ولكنه لم يشأ أن يأذن بأي قطرة دم تراق هناك وظل صامتاً خلف خندقه!!
    كان فرسان قريش وغطفان ينادونه من وراء الخندق: يا محمد ! أليس تزعم أن قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار؟ فاخرج إلينا! ولكنه كان يختار الصمت، ويعطيهم أذناً من طين وأذناً من عجين، رجاء أن تنقضي أسباب المواجهة وتحقن الدماء.
    صرخ عمرو بن ود العامري يومذاك متحدياً:
    ولقد بححت من النداء لجمعهم هل من مبارز
    ووقفت إذ جبن المناجز موقف القرن المناجز
    ومن كلام ابن الزبعرى:
    شهرا وعشرا قاهرين محمدا وصحابه في الحرب خير صحاب
    لولا الخنادق غادروا من جمعهم قـتلى لطـير سغب وذئاب
    كان تجديهم غاية في الاستفزاز، ولكنه كان يظهر نوعاً فريداً من الصلابة والترفع عن الثأر والشوق إلى السلم.
    ومن كلام كعب بن زهير:
    فأحجرناهم شهراً كريتاً وكنا فوقهم كالقاهرينا
    نراوحهم ونغدو كل يوم عليهم بالسلاح مدججينا
    فلولا خندق كانوا عليهم لدمرنا عليهـم أجمعيـنا
    ولكن حال دونهم وكانوا به من خوفنا متعوذينـا
    وهكذا كانت رغبته العارمة بالسلم تمسك عليه أنفاسه فلا يستجيب لاستفزازهم في شيء.
    واستمر في مشهد الخندقة، على الرغم من استفزازهم وتأجيجهم نار الحرب، واستمع إلى كل ما قالوه في الاستفزاز والتحدي أربعين يوماً حتى رحل المحاربون بدون قتال.
    لقد كان ينتقل من تحد إلى آخر، وكانت تزدحم عليه في حياته الرسالية جهودهم ومؤامراتهم ولكنه ظل دوماً يبحث عن سبل العيش المشترك بدون صخب ولا دماء، وحين منحه القدر
    فرصة الانتقام الماحق من أعدائه الذين حاربوه سنين طويلة فإنه لم يشأ أن يسل في جوههم سيف الثأر والانتقام وإنما قال كلمته المشهورة: اذهبوا فأنتم الطلقاء….
    ثم آب إلى خيمته التي نصبها عند قبر خديجة لإحياء ذكراها في الحب والسلام وما جاءه في خيمته هذه معتذر إلا قبل عذره ولا تائب إلا قبل توبته حتى أولئك الذين أمر بقتلهم من قبل ولو
    كانوا ممسكين باستار الكعبة فقد قبل اعتذارهم وغض الطرف عن جنايتهم وأعد للمستقبل بابا للصلح والسلام.
    ولكن .. من هو إذن ذلك النبي الذي ترسمه داعش على هيئة السفاح المتعطش للدماء، لا ينزل عن حصانه، ولا ينثلم سيفه، ولا يرحم أعداءه؟ وهي صورة قدمها لنا من قبل عتاة اليمين الأمريكي الحاقد على الإسلام جيري فاليويل وبات روبنسون وجيمي سواغارت وجو أشكروفت من رجال الإعلام والسياسة في الغرب، ولم يصدقهم العالم، ثم جاءت داعش على مراكب الموت لتقدم المشهد نفسه بالصوت والصورة تماما كما رسمته الأقلام الحاقدة على الإسلام وعلى نبيه وهي الأقلام التي وصفناها ألف مرة بأنها واهمة وخاطئة وغلطانة… ولكنها باتت اليوم تملك ألف دليل ودليل أننا نحاول تجميل ما ليس بجميل… وأن داعش في صورتها الدموية هي التجلي الأكثر تعبيراً عن نبي الإسلام….!!

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي








  2. #2
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    ( إنها نصوص قرآنية تقتطع من سياقها وزمانها ومكانها، لتبرر موجات الثأر الوحشي ضد كل ما هو جميل تحت عنوان حاكمية الشريعة، ويعلم ابسط قارئ للعلم الشرعي أن هذه النصوص إنما وردت في مواجهة الغزاة المعتدين وليس في إنشاء الغزو والاعتداء على الناس)
    لفتة جميلة بارعة ، وقد قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى - : ( أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس ) الفتاوى 7/118
    وعليه : فمن جهل سياقات الآيات وزمانها ومكانها أساء توظيفها ، فكيف بمن تأوّلها فأساء تأويلها ، وقاس عليها ما ليس بمظانّها ، فالجهل بـِ ( تحقيق المناط ) للأحكام والآيات يوقع في وهاد الويلات !

    ( أستطيع أن أتحدى اليوم أي متابع في هذه اللعبة المجنونة أن يقدم لي اسماً واحداً فقط لشخص نزح من المدينة حين دخل إليها رسول الله!! لقد كان فيها الوثني واليهودي والمسيحي، ولم تذكر مصادر الإسلام ولا مصادر أهل الكتاب تشريد نازح واحد من داره حين جاء الإسلام )
    ما أعظم نبيّنا ّ – صلى الله عليه وسلم – الذي عرّف الإسلام والإيمان تعريفاً أمنيّا خلقيّاً فقال : ( المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لسانِهِ ويَدِهِ، والمُؤمِنُ مَن أمِنَهُ الناسُ علَى دِمائِهِم وأموالِهِم ) أخرجه الترمذي في سننه برقم 2627وقال عنه : حسن صحيح ، ورواه البزار في البحر الزخار المعروف بمسند البزار - 15/361

    وحين منحه القدرفرصة الانتقام الماحق من أعدائه الذين حاربوه سنين طويلة فإنه لم يشأ أن يسل في جوههم سيف الثأر والانتقام وإنما قال كلمته المشهورة: اذهبوا فأنتم الطلقاء
    كيف وهو صلى الله عليه وسلم عنوان المرحمة لا الملحمة تماماً كما قال جلّ شأنه ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) (الأنبياء107)
    وتقبّل تحيّتي أخي الدكتور محمد حبش

  3. #3
    موضوع جميل وموفق.شكرا لكما.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. البعد الكوني للإسلام
    بواسطة أسعد الأطرش في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-28-2012, 09:01 PM
  2. السعودية ستقوم بسَحْب جميع الكتب المُسيئة للإسلام.
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-16-2011, 02:43 AM
  3. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-24-2010, 03:43 PM
  4. سمر الأمريكية سفيرة للإسلام بالحجاب
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-15-2009, 01:12 PM
  5. كل مسلم مسؤول أمام الله عما قدّمه للإسلام
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان المآثر والمنجزات.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-01-2007, 02:46 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •