نحن صورة مصغرة للمجتمع بل إن سلوكياتنا تعكس انطباعا عن أخلاق شعب بأسره
من منا لم يحلم بطفل ؟! وحين ينعم علينا رب العالمين بهذه النعمة نسعد وتوظف
حياتنا من أجل إسعادهم بل نتحول لخادم مصباح علاء الدين يأمرون وننفذ يطلبون ونلبي ، نسعد ببسمة رضا على شفاة الأبناء هذا عمرنا يكبر أمامنا وعام يليه عام ونحن نجتهد لبناء جنة الأرض لهم ، ونضع على عاتقنا مسئولية تأمينهم نعم نجتهد لتأمينهم ماديا ومعنويا ، وحين نختار المدرسة نجاهد لاختيار الأفضل كل ٌ حسب طاقته
ونختار أفضل معلم ليدعمهم بالدروس الخصوصية ، ونحاول اختيار أفضل أو أرقى نادي
اجتماعي لنرفه عنهم ، نجتهد لنقدم الأفضل ،والأفضل من مأكل، وملبس ،ومشرب
لكن السؤال الذي يطرح نفسه عزيزي القارئ هل حقا يحصل الأبناء على أجود الأشياء؟
هل حين يتركون رحم المنزل وينخرطون في المدرسة منذ مرحلة رياض الأطفال _kg_هم بأمان حقيقي ؟؟أم أنهم يتعرضون لشتى أنواع التلوث السمعي والسلوكي ؟؟ هل نظل نملك زمام الأمور ؟ هل نشارك وندقق في اختيارهم لأصدقائهم وما هي المعايير التي من خلالها
يمكننا أن نطمئن لأصدقائهم ؟
نعم عزيزي القاريء الصديق الذي يدخل حياتهم دون استئذان فبحكم زمالة الطرق ، والمدرسة يترافق الأولاد ومن ثم مع مرور الوقت يصبح هذا الصديق أحد أفراد العائلة
لكن هل حين يختلط الأبناء بالرفاق نمتلك السيطرة والقدرة على منع الطالح منهم وجذب الصالح لهم ؟ ولنتحدث بأمانة ودقة نحن لا نملك السيطرة على الأبناء حين يخرجون ويختلطون بشتى شرائح المجتمع ،ونحن نساهم في السماح لهم بالعزلة عنا ففي المنزل
هم أمامنا لكن كل بغرفته المغلقة على عالمه الوهمي فأصدقاء الفيسبوك يلاحقونهم حتى في
أحلامهم ، بل حرموهم نعمة النوم فبكل الحب ومحاولة تلبية رغباتهم نجلب لهم الموبايل وألآيباد واللاب توب والكمبيوتر المكتبي ،فيحييون في هذا العالم ليل نهار وتتحول الأسرة الواحدة لعناصر مفتتة فللولد اهتمام وللبنت اهتمام ولذلك حتى التجمع على مائدة واحدة أصبح شيئا عزيز المنال في بيوت كثيرة ،فأنا لا أقدح بالانترنت بل بمن يرتادون
هذا العالم الموجهون لسرقة الأبناء وخطفهم ذهنيا وتفتيت الأسرة فمن الأبناء من يهد الله طريقه ويطوع هذا العالم لخدمته علميا وثقافيا ومنهم من يستقطب لعوالم لاطاقة له بها أمام سطوة المراهقة فسيتقطبون من أصحاب الأسماء الوهمية ويتحولون لعجينة هشة يتلاعب بها هؤلاء كما يشاءون فنحن كآباء لانظن أن هذه الجلسة لفترات طويلة أمام الأجهزة اللوحية تدفع بهم للسقوط في براثن تجار الجنس والمخدرات وشبكات الإلحاد وتجار السلاح
وفي طرفة عين يتحولون من أبنائنا لأبنائهم يسرقونهم ويحولونهم لمسوخ تحيا معنا بأجساد
بلا روح ، وتنهارالقيم والمباديء شيئا فشيئا فيتطاول الابن على والديه والبنت تتمرد على واقعها ويطالبون بالحريات حد الفوضى ولا يستيقظون من خضم الوهم إلا على كارثة حقيقية فتاة استقطبها ذئب بشري عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي ،أو شاب وقع فريسة لتجار المخدرات أو السلاح ،وآخر راح ضحية إيمانه بشيطانه فكانت عاقبته الانتحاروغير ذلك من الامثلة الموجعة التي تقض مضاجعنا وتجعلنا نعترف
أننا لا نمتلك السيطرة على الأبناء حين يخرجون من رحم المنزل ، فمروجو السموم
ينتشرون كالماء والهواء في مجتمعنا وأهدافهم واضحة وهي هدم منظومة الأسرة
وتفتيت المجتمع ومن ثم السيطرة على الأوطان ..ونحن لا نملك إلا اللجوء لتعاليم الدين الوسطي السمح وليس التعصب والتطرف لاحتواء الأبناء حتى لا يسرقوا أمام أعيننا .