منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: نحن والغرب

  1. #1

    نحن والغرب

    نحن والغرب
    د.طه جابر العلواني
    «نحن» ضمير معروف، يُراد به -عند الإطلاق- الشعوب التي تحيا في مهد الحضارات الإنسانيَّة القديمة، ومهبط الوحي في الديانات السماويَّة كلّها، تلك هي أرضنا، وشعوبنا هي السلالات الباقية من شعوب صنعت الحضارات الغابرة، وتلقَّت قيم الوحي والهداية الإلهيَّة، فنحن شعوب لم تنسَ ذلك الماضي ولن تنساه، وما زال تراثها هذا يعزِّز فيها الإرادة، ويبثُّ فيها الدوافع لاستئناف دورها في خدمة الحضارة والعمران، ومشاركة الشعوب الناهضة في صياغة عالم اليوم، وجعل تراثها رافدًا من روافد الحريَّة والأمن والنموِّ والاستقرار فيه، فهي تؤمن بوحدة الإنسانيَّة ابتداءً وصيرورة وغاية، وتؤمن بوحدة الأرض، وضرورة جعلها سكنًا آمنًا وبيتًا مطمئنًّا للإنسان.وأمَّا «الغرب» فقد سمَّانا شرقًا، وقسَّم شرقنا -وفقًا لرؤيته وموقعه منَّا ومصالحه وأهدافه- إلى شرق أدنىٰ وشرق أوسط وشرق أقصىٰ... إلخ، وهو لم يعنِ -بتسميته هذه لنا- مجرَّد كون المنطقة التي تمثِّل لنا وطنًا ودارًا واقعة إلى الشرق منه، ولم تكن هذه التسمية نزيهة أو حياديَّة، فهي تسمية قديمة، فما من لغة أوربيَّة إلا وفيها ما يُشير إلى «Orient»، فهي عريقة في لغات الغرب ومصطلحاته، وقابلة لأن تحمل من المعاني المتحيِّزة -في كل عصر- ما يشاؤون من معانٍ وتحيُّزات، فهي دليل على عقليَّة«الثنائيَّات» دائمًا لخلق وإيجاد بيئات الصراع؛ لأنَّ مِنْ شأن الثنائيَّات التصارع. وبعد تكريس مبدأ«الثنائيَّة» المحَمَّل بتوجُّهات الصراع، المليء بالتحيُّزات ضد «الشرق»، بحيث صار العقل الغربيُّ قادرًا على استدعائها من الذاكرة بمجرَّد ذكر مصطلح «الشرق»؛ حيث يستدعي ذكر المصطلح إلى الذهن منطقة هي مصدر الخامات والمعادن الهامَّة، التي تتوقَّف الحضارة عليها، وهي عقدة المواصلات بأنواعها، وموطن الأسواق، وموئل الحضارات القديمة، ومحضن الديانات. وهو في الوقت نفسه يمثِّل -في أذهانهم- مصدر تهديد للمصالح الغربيَّة، وبؤر للمخاطر، فلا ينبغي أن يغفل عن الشرق طرفة عين، فلا بد أن يكون تابعًا للغرب دائرًا في مداره. والشرق في الوقت نفسه -عندهم- منبع للإرهاب، وهدر لحقوق الإنسان، وعقبة في طريق الديمقراطيَّة والحداثة والهيمنة الغربيَّة على العالم.إنَّنا بحكم ثقافتنا الإسلاميَّة التي شملت مساجدنا، كما شملت كنائس وبيع أقليَّاتنا، كنَّا -وما نزال رغم كل ما حدث- ننأىٰ بأنفسنا عن «الثنائيَّات»، فإذا كان الغرب -فيما مضى- قد شنَّ علينا الحروب لمدة قرنين، فإنَّنا قد سمَّيناها بـ«حروب الفرنجة»، وهم أسموها بـ«الصليبيَّة»، وإذا كان الغرب الأوروبيُّ مسئولاً عن هدم وحدتنا، وسلب حريَّاتنا، وتدمير كياناتنا في الماضي، فقد سمَّينا ذلك «استعمارًا»،وهو استحمار في حقيقته، واستضعاف، وما زال بعض متعلمينا يرون فيه مصدر العلم والتنوير والجامعات المتميِّزة، حتى كتب الراحل طه حسين كتابه «مستقبل الثقافة في مصر»، وكتب قبله الطهطاوي «تخليص الإبريز» للإشادة بما يمكن استفادته من العلاقات المتوازنة مع الغرب، وبعثاتنا لم تنقطع إلى جامعات الغرب، لا في سلم ولا حرب، وشاعرنا معروف الرصافي بلغ من الإنصاف حدًّا قال فيه معقبًا على بيان لرئيس أمريكا في عهده «ولسن» عن حريَّات الأمم واستقلالها:






    قالَ قولاً بهِ استحقَّ احتراما




    وتعدَّاه فاستحقَّ مـَلامــا


    قالَ حُريَّة الأنام هي الغـَـا



    يـة لي فغرَّ الأنـَـامــا


    كَان منه المقـَال نورًا فلمَّا




    حَانَ حِين الفِعالِ كانَ ظلاما



    فلمَّا خاب أمله في ولسن ومبادئه أكمل قصيدته، وقال:





    أيُّها المسلمونَ لستم مِن الغَر






    بِ بحال تَسْتوجبونَ احْتِرَامـا




    إِنَّما أنتم لَدَى الغربِ قـومٌ




    خلقوا عن سِوى الشُّرورِ نِيَاما


    وإذَا مَا فَعلتُم الخَيرَ يومـًـا



    حَسَبوهُ جِنَـايـَةً وَآثَامــا




    وإذَا ما افتَرى عَلَيكُم عَدُوٌّ





    أَيَّدُوه وصـدَّقـُوا الأَوْهَاما




    وإذَا مَا جَنَى عليكم أُنـَاسٌ




    سَكَتوا عَنْهُم وَمرُّوا كِرَامـا




    إِنْ تَكُن هَذِه السِّياسَة عَدْلا



    فَإِلى الظُّلْمِ نَشْتَكِي الآلامـا



    رَحِمَ اللهُ أمـَّةً أصْبـَحَ الغَرِ




    بُ يَرَى كُلَّ ذَنْبِهَا الإِسْلاما



    لم يكن شاعرنا متشائمًا، ولا متحاملاً، بل كان معبِّرًا -إلى حدٍّ كبير- عن واقع عاشه في عصره، ومازلنا نعيشه حتى اليوم.فهل لنا أن نقول: إنَّ علاقتنا بالغرب يُعبِّر القرآن المجيد عنها بقوله تعالى: ﴿هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ...﴾ (آل عمران:119)؟ إنَّ الغرب ليس واحدًا، فهناك غرب يمكن التعامل معه: ﴿كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت:34)، ومنهم من نستطيع الثقة به، ومنهم من لا يُوثق به، ولا يُعتمد عليه، ومنهم: ﴿...مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا﴾ (آل عمران:75)، ومنهم مَنْ: ﴿يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾ (التوبة:47)، وقد علَّمنا القرآن المجيد ألا نُعمِّم في هذه المجالات، بل لا بد من الدراسات المنهجيَّة والاستراتيجيَّة المتعمِّقة، التي -وفقًا لنتائجها- تُحدَّد المواقف، وتُرسم السياسات.ــــــــــــــــــــــــــــــهذه المقالة نشرت بمجلة الأمة بتاريخ 1 شعبان 1431هـ
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    تحليل واقعي وجميل
    قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين
    عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ ". [رواه البخاري].
    شكرا أختي ريمة على النقل

  3. #3
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    ( إنَّ علاقتنا بالغرب يُعبِّر القرآن المجيد عنها بقوله تعالى: ﴿هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ...﴾ (آل عمران:119)؟ إنَّ الغرب ليس واحدًا، فهناك غرب يمكن التعامل معه: ﴿كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت:34)، ومنهم من نستطيع الثقة به، ومنهم من لا يُوثق به، ولا يُعتمد عليه، ومنهم: ﴿...مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا﴾ (آل عمران:75)، ومنهم مَنْ: ﴿يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾ (التوبة:47)، وقد علَّمنا القرآن المجيد ألا نُعمِّم في هذه المجالات، بل لا بد من الدراسات المنهجيَّة والاستراتيجيَّة المتعمِّقة، التي -وفقًا لنتائجها- تُحدَّد المواقف، وتُرسم السياسات.ــــــــــــــــــــــــــــــهذه المقالة نشرت بمجلة الأمة بتاريخ 1 شعبان 1431هـ)
    إذن ( فتبيّنوا )
    شكراً لكاتب الموضوع ، وشكراً لناقله لنا

المواضيع المتشابهه

  1. تركيا بين الشرق والغرب
    بواسطة احمد العبدالله في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-04-2016, 07:50 AM
  2. الإسلام بين الشرق والغرب
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-30-2015, 06:33 PM
  3. الإسلام والغرب والغرب والإسلام!!
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-09-2014, 03:42 AM
  4. افلاس أمريكا والعرب
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-26-2011, 01:28 AM
  5. نحن والغرب
    بواسطة الناصر خشيني في المنتدى فرسان العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-28-2009, 09:33 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •