المرأة العربية والعلوم والتكنولوجيا
سلام مراد
ـ عرف دونالد شون التكنولوجيا بأنها «أية أداة أو تقنية أو منتج أو عملية، أو أي جهاز فيزيائي أو طريقة لعمل أو صنع شيء ما، والتي بنتيجتها تزداد القدرة البشرية».
هذا الربط بين التكنولوجيا والقدرة البشرية يؤكد على أهمية التكنولوجيا في التنمية البشرية. والتاريخ خير شاهد على ذلك، فمن الصحافة المطبوعة إلى الحاسب الآلي، ومن الاستخدام الأول للبنسلين إلى الاستخدام المنتشر للقاحات، قام البشر باستخدام الاختراعات التكنولوجية لتحسين الصحة وزيادة الإنتاجية وتسهيل التعليم والاتصالات والاكتشافات الرقمية تخلق احتمالات جديدة لرفع المستوى الصحي والغذائي ونشر المعرفة وتحريض النمو الاقتصادي وخلافاً للفكرة القائلة بأن التكنولوجيا هي مكافأة التطور، والتي تكرس مقولة أن الفجوة الرقمية هي نتيجة لفجوة الدخل وأن ازدياد الدخل يوفر للناس إمكانية الوصول إلى ثمرات التطور التكنولوجي، فإن العديد من التكنولوجيات هي أدوات للتطور البشري يتيح للناس زيادة دخلهم والتمتع بحياة أطول وصحة أفضل والمساهمة بشكل أكثر فعالية في مجتمعاتهم, والتكنولوجيا كالتعليم هي أداة نمو وتطور يتيح للبشر انتزاع أنفسهم من الفقر.
تظهر أهمية التكنولوجيا في دراسة مقدمة من قبل بنك الدولي يبين فيها أن التقدم التقني ساهم بخفض 40- إلى 50% من نسبة الوفيات بين عامي 1960 و1990 وهي مساهمة أكبر مما قدمته مكاسب الدخل أو مكاسب مستويات التعليم الأعلى للمرأة.
لماذا على المرأة المشاركة والاندماج في مجتمع المعلومات؟.
تمكن تقنيات المعلومات والاتصالات المرأة وتساعدها على تجاوز اللا مساواة الجندرية من خلال زيادة الوعي بوضعها الاجتماعي والسياسي وخلق الفرص الاقتصادية الجديدة لها.
وتعد العلوم والتكنولوجيا مهمة بشكل خاص للنساء الفقيرات في المجتمعات النامية, لأنها تستطيع أن تزيد من إمكانية وصولها إلى مواد مختلفة.
لذلك يصيب النظر إلى تقانة المعلومات كأداة رئيسة تمكن المرأة في المجتمعات النامية من العمل والانتقال والتواصل وتجاوز المعوقات الثقافية الأخرى التي جعلت المرأة مفيدة في مجال المشاركة في العديد من أشكال الحياة الاقتصادية.
حيث يتوقع من المرأة في الكثير من هذه المجتمعات البقاء في المنزل وعدم الاتصال مع الرجال عامة، أو حتى السفر في هذه البلاد، ومنها البلاد العربية.
إن تقنيات المعلومات تفسح فرصاً اقتصادية كبيرة للنساء حيث يسمح لهن الهاتف والإنترنت والشبكات الحاسوبية من التفاعل مع الرجال دون الاتصال وجهاً لوجه أو التواجد في نفس المكان معهم.
كما أن تقانة المعلومات والاتصالات تخفف من تكاليف المعاملات التجارية. وتزيد من تغطية السوق وحتى الامتداد بالأعمال إلى ما وراء الحدود.
المرأة العربية والعلوم والتكنولوجيا
إن موضوع تمكين المرأة من المعرفة في البلاد العربية، لم يحقق الاهتمام الكافي نظراً لقلة الوعي بهذا الموضوع.
وبالنسبة لوعي المرأة العربية لأهمية العلوم والتكنولوجيا، يتجلى ضعف هذا الوعي في نسبة اختيار الطالبات العربيات الجامعيات اختصاصات الهندسات والعلوم في الدراسة الجامعية، وهي نسبة ضئيلة مقارنة باختيارهن للفنون والدراسات الأدبية، وتعتبر قطر الدولة العربية الوحيدة التي تشهد معدلات اختيار اختصاصات تقنية عالية من قبل طالباتها.
أظهر تقرير الأمم المتحدة للتنمية في البلاد العربية لعام 2003م أن رأي العرب في النواقص الثلاث للمجتمعات العربية من حكم صالح وتمكين المرأة والقدرات الإنسانية.
الموقف كان حاسماً لصالح المعرفة والحكم الصالح ولكن كان متردداً حيال تمكين المرأة. (تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003).
وضمن منظومة الضعف العام لتبني تقانة المعلومات في البلاد العربية، فإن المرأة العربية مازالت بعيدة عن تحقيق التوازن في استخدام التكنولوجيا الحديثة ومنها الإنترنت بينها وبين مثيلاتها من الرجال.
حيث تشير التقارير إلى أن نسبة مستخدمات الإنترنت في الشرق الأوسط والبلدان العربية هي الأقل على المستوى العالمي، حيث تشكل 6 في المئة فقط من مجموع مستخدمي الإنترنت.
ويعزى السبب الرئيسي وراء ذلك إلى أن المرأة غالباً ما تصل إلى الإنترنت من المنزل، بشكل أقل من العمل، حيث أن إمكانية وصول النساء إلى الأماكن العامة التي توفر الإنترنت كمقاهي الإنترنت والمراكز الاجتماعية أقل من الرجال، ولذلك فمن بحاجة إلى حاسوب شخصي وإمكانية اتصال بالإنترنت والتي غالباً تكون مكلفة في البلدان النامية.
إن العقبات التي تقف في طريق المرأة كثيرة خصوصاً في البلدان العربية، فالعادات والتقاليد الاجتماعية تحتاج إلى جهد كبير لتغييرها والاعتراف بقدرة المرأة على احتلال مراكز متقدمة في مجال العلوم والتكنولوجيا.
فالتفكير النمطي مازال سائداً في المجتمعات العربية وخاصة لدى القاعدة الواسعة من المجتمعات العربية، وهذا يظهر في نقصان الثقة في قدرة المرأة على التمكن واحتراف التقانة عموماً والتحديات القادمة هي زيادة انخراط المرأة في مختلف ميادين التقانة والعمل على جعل السياسات الحكومية في مجال التكنولوجيا وفي الصناعة والتدريس الأكاديمي تأخذ بعين الاعتبار مساواة النوع الاجتماعي.
إن العمل على تطوير استخدام التكنولوجيا والمعلوماتية ونشرها كفيل بتغطية الجزء الكبير من المشاكل. كما أن انتعاش الاقتصاد وزيادة فرص العمل في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية يخلق بما لا يدع مجالاً للشك؛ البيئة المناسبة لتحرر المجتمع ويشجع على الاستفادة من مساهمة المرأة في التنمية عامة وفي تحسين ظروفها خاصة.
ومن المنظمات التي تساهم في تنمية دور المرأة في مجال الوعي بحقوقها وعملها وحياتها.
الهيئة السورية لشؤون الأسرة برعاية السيدة الأولى أسماء الأسد وجمعية تنظيم الأسرة السورية التي يديرها الأستاذ المربي صميم الشريف؛ هذه المنظمات التي تقدم الخدمات والمعلومات في سبيل تطوير أداء المرأة في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والطبية والقانونية، خاصة أن هذه الجمعيات والهيئات لها فروع في مختلف المدن والمناطق في سورية، وتقدم للمرأة الإرشادات والتوجيهات والخدمات الطبية لكي تساهم في تنمية المجتمع فبدون النصف الآخر من المجتمع لا يستطيع النصف الأول أن يحقق النجاح.