ما مصير أسرى الدفعة الرابعة؟د. فايز أبو شمالة
جميعكم أسرى، إياكم وأن يدعي أحدكم الحرية، فطالما هنالك أسير فلسطيني واحد خلف القضبان الإسرائيلية، فكل الفلسطينيين أسرى دون استثناء، ومن يخالف هذا المنطق فهو فاقد للمشاعر الإنسانية والأحاسيس الوطنية، وهو يخادع نفسه، قبل أن يخادع الناس.
يجب أن نعترف بأننا أسرى، وتحاصرنا القضبان السياسية الإسرائيلية، وتحاصرنا القضبان الاقتصادية الإسرائيلية، وتحاصرنا الرواتب والرتب التي تتحكم بمفتاحها وزارة المالية الإسرائيلية، ويحاصرنا التردد وعدم الثقة بقدرتنا اعلى لي عنق الإرهاب الإسرائيلي.
إن الاعتراف بهذا الواقع المرير هو بداية لتقويم الاعوجاج، وهو الأصل الذي يتأسس عليه النهوض من حالة الردى التي أطبقت على أنفاس الجميع؛ فجميعنا أسرى من الكبير إلى الصغير طالما نقف عاجزين عن فك قيود إخواننا الأسرى في السجون الإسرائيلية، ولاسيما أسرى الدفعة الرابعة، أولئك الذين كان يجب أن يتم إطلاق سراحهم قبل 29/4 من هذا العام، فأين هم الآن؟ وما مصيرهم؟ وأين حريتهم التي وعدناهم بها؟ وكيف نداوي حالة الاحباط التي لامست روح المجتمع جراء حالة الفرح الوهمي التي أثرناها في نفوسهم؟ وهل يقدر أيكم على النظر في عيون أم فارقت ابنها قبل ثلاثين عاماً، وانتظرت عودته كي تنام إلى الأبد، هل يقدر أيكم أن يقول لها بعد كل هذا الصبر: تجملي بالصبر؟
لقد بعث أولئك الأسرى المنسيون في السجون رسالة موجهة بالاسم إلى السيد الرئيس محمود عباس أبو مازن، وإلى كافة أعضاء اللجنة المركزية، يقولون فيها:
"لقد قررنا أن نأخذ هذه الأجساد المنهكة في رحلة أخيرة نقاتل بها لنيل حريتنا، لأننا لن نقبل بأي شكل من الأشكال بأن يتم ترحيل قضيتنا لسنوات قادمة، لأننا لا نملك بكل بساطة لا نحن ولا امهاتنا ما يكفي من السنوات".
بماذا نجيبهم نحن الفلسطينيين الذين طبلنا ورقصنا شهوراً استعداداً لإطلاق سراحهم؟ ماذا نقول لهم اليوم؟ وما هو رد القيادة الفلسطينية على هذه المناشدة التي خرجت يوم أمس من سجن "هداريم"، والتي يقول فيها الأسرى بالنص: " سيدي الرئيس، في ظل توقف المفاوضات، والسعي وراء حكومة وفاق وإنهاء الانقسام، وفي ظل موقف امريكي يدعو الى وقف الحسابات، نريد أن نسأل الى اين يا سيدي الرئيس؟ وما هو موقعنا في ظل كل التغييرات على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية؟ وكيف سيتحقق الافراج عنا في ظل الظروف الراهنة؟ وما الذي سيدفع بإسرائيل للالتزام بتعهداتها بقرار الافراج السابق عن الاسرى؟ وما هو موقفكم في ظل استمرار التعنت الاسرائيلي ورفض اطلاق سراح الدفعة الرابعة؟ وهل ما زالت ورقة الانضمام لبقية المعاهدات، والتي ستشكل تسونامي سياسي في اسرائيبل في حالة استخدامها، هل لا زالت هذه الورقة قائمة في حسابات القيادة الفلسطينية؟
تلك أسئلة يفرضها الأسرى خلف القضبان على الوعي الجمعي الفلسطيني الذي غفل عن حجم معاناة الانتظار، وصدق في لحظة حسن النوايا الإسرائيلية، تلك أسئلة اختبار إجباري يتوجب على كل من يدعي الانتماء لفلسطين أن يجيب عليها، فهؤلاء الأسرى مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً، ولم يتبق لهم وقت يعيشونه خلف القضبان، هم بقايا أجساد أنهكها السجن كما يقولون في رسالتهم، التي يجب أن توزع على المقرات الأمنية، وعلى الوزارات، وعلى طلاب الجامعات، وفي الجوامع، وفي المعاهد، ومراكز تجمع الشباب الفلسطني، كي يدرك الجميع حجم مأساتنا، وحجم مكابرتنا، ومدى تقاعسنا في غزة والضفة الغربية عن الاشتعال ناراً لا تخمد إلا بعد إطلاق سراح الأسرى، وليكن شعارنا في كل مكان: حرية الإنسان هي الطريق الأكيد لحرية الأرض، وإعادة تثبيت الأركان.