وقف القتال والتحكيم في سوريا
بروفيسور عبد الستار قاسم
23/شباط/2014

تطرح الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة العامة هدنة بين الفئات المتصارعة في سوريا، وهذا شيء جميل إن استجابت الأطراف المختلفة وذلك لتوفير الكثير من الآلام والأحزان على الشعب السوري العظيم.

وأضيف هنا إلى ضرورة توسيع الدعوة لتكون وقف القتال والتحكيم في سوريا. ظن كل طرف في سوريا أنه بإمكانه حسم القتال لصالحه، وإلحاق الهزيمة بالطرف الآخر. هذا كان ظن غبي، ولم ينظر إلى الأمور إلا من زاوية واحدة. لم يستمع أي طرف إلى صوت العقل الذي قال لهم منذ البداية إنه لا يمكن حسم الأمور عسكريا، وإن الشعب السوري سيدفع ثمنا باهظا. وقد قيل لكل الأطراف منذ البداية بأن إدخال الأطراف الخارجية في الصراع سيعقد الأمور وسيحول الأزمة من إطارها الداخلي إلى التدويل الذي تطول معه الأزمات والنكبات والتدمير والهلاك. لا أحد أراد أن يسمع، وكل طرف لاذ إلى شياطينه يتمرغ بأوحال نصائحهم. وبتنا الآن أمام هموم عظيمة تحيق بالشعب السوري.
أعود إلى تكرار ما طرحته في شهر نيسان/2011، وهو أن على الأطراف جميعها وقف القتال واللجوء إلى هيئة تحكيم عربية مكونة من مثقفين ومفكرين عربا. من المفروض أن يتوقف الجميع عن اللهاث وراء الأنظمة العربية والجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، الخ، وأن يكون على قناعة أن الحل إن لم يتم صكه في الداخل السوري لن يكون هناك حل على الإطلاق.

اقترحت في حينه لجنة مكونة من مثقفين عرب مثل السيد فهمي هويدي من مصر، والدكتور نبيل البشناق من فلسطين، والدكتور محمد المسفر من الإمارات، والدكتور منذر سليمان من فلسطين، والكتور حسن الترابي من السودان، ورئيس وزراء الجزائر لحل الإشكال على أن يكون تمويل نشاطاتها على نفقة الحكومة السورية.
لجنة عربية من مثقفين عرب تؤدي مهامها بأمانة وإخلاص، وهي أفضل من كل الدول التي تنحاز في النهاية لمصالحها. المفكرون والمثقفون العرب يبحثون عن عزة هذه الأمة وكرامة أبنائها وتحقيق حرياتهم ومواجهة أعدائهم، وإن كان لهم مصالح فهي مصالح آنية محدودة لا تؤثر على سير الأمور.

فهل لدى الأطراف السورية استعداد الآن للبحث عن حل من خلال تحكيم مثقفين ومفكرين عربا بخاصة بعدما أثخنت الجراح مجمل الجسم السوري؟ إذا كان العقل لا يسعف المرء بداية، فمن المفروض أن ينشط هذا العقل بعدما تقع الفأس بالرأس، والحكيم أصلا من يبحث عن حلول قبل أن تقع المصائب على رأسه. والآن والمصائب تنهمر على رؤوس الشعب السوري، هل يبقى المتقاتلون على غيهم وضلالهم؟