إجراءات تسجيل الأراضي الفلسطينية وتشجيع الاستيطان
عبد الستار قاسم
20/شباط/2014
في ظل الحديث المكثف عن الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية والإدانات المستمرة للنشاط السكني الصهيوني يتوقع المراقب أن تكون هناك سياسة فلسطينية محكمة ونشطة في مجال التنافس السكني على الأرض، وأن تعمل السلطة الفلسطينية كل ما في وسعها لتشجيع الفلسطينيين على بناء المساكن حيثما أمكن في مختلف أنحاء الضفة الغربية. من حق المراقب أن يظن أن الفلسطينيين يعملون ليل نهار كخلية النحل من أجل زرع الأرض أشجارا وبيوتا لكي يصنعوا أمرا واقعا يواجه الأمر الواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه على الفلسطينيين وعلى العالم.
حقيقة هذه مشكلة قديمة، وقد سبق أن خضعت للجدل والنقاش أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي، وكان قد طُلب من منظمة التحرير الفلسطينية توجيه أموال الصمود التي قررها مؤتمر القمة العربي عام 1978 في بغداد نحو بناء المساكن، وأن تعمل المنظمة على تقديم الدعم الإسكاني للفلاحين والعمال لكي يتمكنوا من بناء بيوت متواضعة في مختلف أنحاء الضفة الغربية. لكن الذي حصل أن المنظمة والأردن استعملتا الأموال لشراء الذمم وكسب التأييد السياسي، ولم يحصل أي فلاح أو عامل على قرض بأربعة آلاف دينار أردني ليستر عائلته. الأموال ذهبت إلى جيوب الانتهازيين والأثرياء والمتنطعين على هامش العمل الوطني.
أتت السلطة الفلسطينية لتبتعد كثيرا عن سياسة صناعة أمر واقع فلسطيني يحاصر الاستيطان الصهيوني. ووصلت الأمور الآن إلى تعقيد إجراءات تسجيل الأراضي للناس، وفرض رسوم باهظة عليهم. إجراءات التسجيل معقدة إلى حد كبير، وتم رفع تخمينات أثمان الأراضي، ورفع رسوم التسجيل من 1% من قيمة الأرض إلى 3%. أينما تذهب في فلسطين، عليك دفع رسوم عالية، وفي كثير من الأحيان بدون خدمة يتلقاها المواطن. كما أن بعض بلديات الضفة الغربية تعقد إجراءات إصدار تراخيص البناء بحيث أن المواطن الفلسطيني يُثقل بالإجراءات والرسوم المفروضة.
هذا وقد قامت السلطة الفلسطينية بإصدار خريطة بعنوان خريطة المكان، تحول دون المواطن والبناء بخاصة في منطقة نابلس. حولت السلطة مساحات واسعة إلى أراض زراعية دون أن تزرع فيها شجرة واحدة، وبذلك تكون قد منعت أصحاب الأراضي من بناء المساكن. هناك إشاعات بأن حكومة السلطة الفلسطينية قد عدلت القرار أو ألغته، لكننا لم نقرأ قرارات مكتوبة بهذا الشأن حتى الآن. خريطة المكان هذه تتغذى على أكبر منطقة جغرافية في الضفة الغربية مصنفة على أنها أ، أي تحت إدارة السلطة ومسؤوليتها الأمنية، والعديد من الناس يعلقون على الأمر بأن السلطة أرادت من خلال هذه الخريطة فتح المجال أمام الإسرائيليين ليستوطنوا في المنطقة.
وحتى في أراضي نابلس، هناك من رخص جزيرة صناعية وسط أراض سكنية. أقيم هناك مصنع ألومنيوم الأمر الذي جعل الناس يتخوفون من البناء في المنطقة تخوفا من التلوث. يقول بعض المسؤولين إن المصنع لا ينفث سموما في الجو، لكن هذا لم يصدر بقرار رسمي يوضح للناس أن المصنع لا يشكل خطورة على الصحة العامة.
ارتفاع رسوم المعاملات
عملت الحكومات الفلسطينية على رفع رسوم المعاملات من أجل تحصيل المزيد من الأموال لتغطية نفقات السلطة وعلى رأسها نفقات الفساد. طلب الأوروبيون والأمريكيون من السلطة جمع أكبر قدر ممكن من الأموال من جيوب الناس لدفع رواتب موظفي السلطة، علما أن حوالي 83% من الموظفين هم من حركة فتح وأنصارها. والشعب الفلسطيني ليس مكلفا للإنفاق على فصائل. ليس هذا فحسب، على الشعب الفلسطيني أن يدفع رواتب أفراد أجهزة أمنية تنسق أمنيا مع أجهزة الأمن الإسرائيلية. على الفلسطيني الآن ان يمول تكاليف حراسة الأمن الإسرائيلي.
المطلوب ليس رفع الضرائب والرسوم، وإنما القضاء على الفساد كحل أمثل لتوفير الأموال وإراحة الناس من أثقال وأعباء السطة الفلسطينية وحكومتها.
باحتصار، الحكومة الفلسطينية عبء على الشعب وليست رصيدا له، والأمانة بعنق الشعب. إذا بقي الشعب صامتا، فإن العدالة لن تحل في أرضه.