الوزير : يقول الناس أن وظيفة الوزير أقل شأنا من الخليفة وأن الفرس هم من اخترعوها وهو تخريف واضح لأن الوزير كوظيفة قديمة قدم الدولة نفسها وقد ذكرت بقوله تعالى بسورة طه : "واجعل لى وزيرا من أهلى هارون أخى اشدد به أزرى وأشركه فى أمرى " وقوله بسورة الفرقان: "وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا" "فهارون (ص)هنا وزير لموسى (ص)مهمته شد أزره أى مساعدته أى مشاركته فى الحكم ومن ثم فالوزير مشارك للخليفة فى الحكم وهو النائب الذى يحكم الناس فى غياب الخليفة وفى هذا قال موسى (ص)لهارون(ص)عند ذهابه للميقات ليغيب عن الناس كما بسورة الأعراف: "اخلفنى فى قومى ولا تتبع سبيل المفسدين " والوزير الأخر هو يوسف(ص) وقد طلب من الملك أن يكون وزيرا للأرض لما رأى رغبة الملك فى هذا وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف: "قال الملك ائتونى به أستخلصه لنفسى فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء " وبهذا أصبح يوسف(ص) عزيزا على كل موارد البلاد وهو ما يسمونه الآن رئيس الوزراء ونلاحظ من سورة يوسف أنه انفرد بالقرار فى الاقتصاد بينما الملك لم يتدخل فيه وهناك وزراء أخرين فى القرآن مثل العزيز الذى اشترى يوسف (ص)وهامان وزير فرعون ومهام الوزير تختلف باختلاف مسمى الوظيفة فإذا كان وزيرا عموميا كانت مهمته رقابة العمل والتنسيق بين المرءوسين ورد الأخطاء للحق وإذا كان وزيرا تنفيذيا كانت مهمته تنفيذ الخطط الموضوعة بمتابعة العمل وحل مشاكله اليومية . والوزارة هى جزء من نظام الحكم وهى تضم رئيس الوزراء أى الوزير الأول وأعضاء الوزارة وسوف نقسمهم لإثنى عشر وزيرا أى نقيبا كما قسم الله بنى إسرائيل وجعل لكل قسم نقيبا أى وزيرا مساعدا للحاكم الأول موسى (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة: "وبعثنا منهم اثنى عشرا نقيبا " والوزارات هى الجهاد والعدل والتعليم والإعلام والصحة والخارجية والشرطة والنقل والمواصلات والزراعة والصناعة والتجارة والمالية وهذا النظام يجب أن يكون ثابتا لا يتغير حتى لا ندخل فى دوامة تقسيم الوزارة الواحدة ومن ثم إنشاء جهاز إدارى جديد لا فائدة منه وكذلك مبانى تتكلف أموالا وجهدا ووقتا والوزارة العمومية وهى وزارة الدولة الإسلامية يتم تكوينها باختيار الخليفة أحد العلماء رئيسا للوزراء كما فعل موسى(ص)( عندما اختار أخاه هارون(ص)وزيرا له قى قوله تعالى بسورة طه "واجعل لى وزيرا من أهلى هارون أخى" وهناك طريقين لاختيار الوزراء هما : الأول أن يختار رئيس الوزراء الوزراء من عمال كل وزارة وزيرا من المشهود لهم بالعلم وإتقان العمل . الثانى أن يتم اختيار الوزير بالاختيار من قبل موظفى وعمال الوزارة فيتم اختيار رئيس لكل مصلحة تابعة للوزارة فى كل قرية وكل مدينة ويتم اختيار رئيس للمصالح فى القرية أو المدينة من الرؤساء المختارين للمصالح فى القرية أو المدينة وبعد هذا يتم اختيار وزير للمحافظة من بين رؤساء مصالح الوزارة فى القرية أو المدينة ومن وزراء المحافظات يتم اختيار أحدهم وزيرا للولاية ومن وزراء الولايات يتم اختيار اختيار وزير الدولة وطبعا من يختار هم موظفى وعمال الوزارة وحدهم وهذا تطبيق بمبدأ الشورة وهو اشتراك الكل وهذه الطريقة أفضل لأنها تقطع الطريق على المحسوبيات والصداقات كما تقطع الطريق على من يعترض على الوزير لأنه جاء بناء على رأى الأغلبية من موظفى وعمال الوزارة إذا الشرط فى الوزير أن يكون من بين العاملين بالوزارة فمثلا وزير التعليم لابد أن يكون معلما فيها وهذا تطبيق لقوله بسورة النحل "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "فأهل الذكر فى كل وزارة هم العاملين بها وهذه الوزارة العمومية مهمتها رقابة العمل وتقويمه أى تعديل الأخطاء فيه للحق وأما وزارة التنفيذ فكل ولاية لها وزارة تنفيذ وتختص كل وزارة بتنفيذ المهام الموكلة لها وهى ما يسمى الخطة ويقوم الوزراء بالتالى : متابعة أعمال كل وزارة بزيارات المؤسسات والمصالح زيارات فجائية لمدة لا تقل عن نصف الأسبوع . الاجتماعات التى يجب عملها كل أسبوع للتوجيه وحل ما ينشب من مشاكل فى المؤسسات . التنسيق بين الوزارات والمؤسسات . تحويل المقصرين فى أداء مهام وظائفهم إلى القضاء . ويكون لكل وزير جهاز رقابى – غير معروف للغير-مهمته مساعدته على تحقيق مهامه وهو مكون من عدد محدود من الأعضاء بعدد مدن وقرى الولاية بحيث يقدم الرقيب تقرير للوزير عند حدوث خطأ فى أى مؤسسة تابعة للوزارة فى بلده ليتم إصلاح الخطأ ويجتمع مجلس الوزراء المفوض مع الخليفة ومجلس وزراء الولاية المنفذ مع الوالى أسبوعيا ومع بعضه برئاسة رئيس الوزراء مرة أخرى أسبوعيا لمناقشة ما تم تنفيذه وما تم عمله فى المشاكل الطارئة وأما مدة عمل الوزارة فليس فيها نص محدد يحددها سوى شروط اختيار الوزير وهى سلامة الجسم حركيا وسعة العلم فإذا فقد شرطا منها بالمرض أو بالجنون عزل وأقيم غيره وأيضا فشله فى تنفيذ العمل الموكل له حيث يعتبر الفشل جريمة يعاقب عليها ومن يعاقب لا يستحق أن يكون مسئولا كبيرا ويتم عزل الوزارة بكاملها أو بعض الوزراء إذا ثبت فشلهم فى تنفيذ الخطط الموكلة لهم ولا ينتظر الحاكم عزلها بعد فشلها بمدة وإنما فى أول أسبوع يتم معرفة الفشل فيه يتم العزل . والملاحظ أن الله قسم المسلمين إلى : - المرضى وهذا يستلزم وجود وزارة الصحة أى الطب لعلاجهم . - الضاربون فى الأرض وهم الساعون وراء الرزق وهذا يستلزم وجود وزارات الزراعة والصناعة والتجارة والنقل والمواصلات . - المقاتلون فى سبيل الله وهذا يستلزم وجود وزارة الجهاد . وفى هؤلاء قال تعالى بسورة المزمل: "علم أن سيكون منكم مرضى وأخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله وأخرون يقاتلون فى سبيل الله ". -التفقه فى الدين وهذا يستلزم وجود وزارتى التعليم والإعلام ومن ضمن التفقه النظر فى السموات والأرض وهو ما يسمونه حاليا البحث العلمى وفيه قال تعالى بسورة يونس : "قل انظروا ماذا فى السموات والأرض " وفى وجوب الفقه قال تعالى بسورة التوبة: "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين " وفى وجوب التعلم قال بسورة طه: "وقل رب زدنى علما ". -العاملون على المال وهم الذين يجمعون المال من الوجوه المشروعة ليوزعوه على مستحقيه وهو ما يستلزم وجود وزارة المالية وقد ذكروا فى قوله بسورة التوبة: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ". -الحكام وهم القضاة وفيهم قال بسورة النساء: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل "وهذا يستلزم وجود وزارة القضاء أى العدل . -المنفذون لأحكام القضاء وهم الشرطة الذين يقومون مثلا بتقطيع أيدى السارقين تطبيقا وتنفيذا لقوله بسورة المائدة: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " كما يقومون بالصلب والقتل والجلد وغيره . -المتصلون بالدول الأخرى والأفراد فى الخارج وهم ما يسمى بوزارة الخارجية التى تعقد المواثيق وتتصل بالأفراد الذين يصلون بين المسلمين وغيرهم وفى هذا قال تعالى بسورة النساء: "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ". وهذا التقسيم يدلنا على ضرورة وجود الوزارات سواء كن 12 أو أقل أو أكثر إذا تم دمج بعضها تحت مسمى واحد كالتفقه فى الدين الذى يضم التعليم والإعلام وكالضرب فى الأرض الذى يضم الزراعة والصناعة والتجارة والنقل والمواصلات ونلاحظ أن الله جعل على هذه الطوائف المقسم إليها جمع المسلمين جماعة رقابية من المسلمين منفصلة عن هذه الجماعات هى جماعة الخير أى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهى أمة أى جماعة مهمتها إصلاح ما يقع من مخالفات للشرع من الوزارات والأفراد وأصحاب الوظائف كالخليفة وفيها قال تعالى بسورة آل عمران: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ".