منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    المسلسل العربي الطويل جدا (!!)

    المسلسل العربي الطويل جدا (!!)
    رحلة "أحفاد جحا" من "كفِّ القرد" إلى "بَرْشَة بْزاَّفْ" (!!)

    الحلقة السابعة
    "أَجَحْجَح" يهرب من "الكوفة" نحو "بغداد" مُسابِقا الدبابات والمدرعات والمجنزرات (!!)

    سُرَّ "أَجَحْجَح" كثيرا عقب وصوله إلى مقهى "هلال ناكب" بمدينة البصرة، عندما اكتشف أنه غدا مشهورا يعرفه القاصي والداني ممن شاهدوا ذلك التحقيق الذي بثَّته قناة "كف القرد" في مشيخة "التَّحْميلَة".

    إلا أن ما أزعجَه وأثارَ سَخَطَه، اكتشافُه في الوقت ذاته أن كلَّ من عرفوه وحدَّثوه لما رأوه يعبرٌ المقهى استهجنوا منه تلك التصريحات التي لم تعجبهم، بسبب عدم صدقها، وجرعة النفاق العالية فيها كما قالوا له، متهمين إياه حتما بقبض ثمن نسبة "الحضارة" و"العروبة" و"العراقة" لأبعدِ خيام "الرعيان" عنها، وأقلِّهم استحقاقا لها.

    وهو الأمر الذي جعله يبذل جهدا كبيرا في إقناعهم بتلفيق تلك التصريحات، مُتَّهِما القناةَ بالتزييف والتزوير، وبتقويله ما لم يقله، بعد أن استفهم من جمهوره البصري عما نُسِبَ إليه من أقوالٍ وتصريحات، أكَّد لهم أنها لم تَبْدُرْ عنه، بل بدرَ ما يؤكِّد قناعته بضدها تماما، فهو قد جَزَم لهم بأنه لم يؤمن يوما بأن تلك "التَّحميلة" الأشبه ببيضة السَّحْلِيَّة يمكنها أن تكون دولة، ناهيك عن أن تكون لها حضارة وهوية حضارية أصلا.

    ومع أنه لم يغادر البصرة متجها إلى الشمال إلا بعد أن غمره الإحساس غير القاطع بأنه استطاع إقناع المُتَشَكِّكين في مقهى "هلال ناكب" من رواده البصريين بنزاهته وبأنه قد تمَّ استغلال اسمه لغايات غير شريفة، من قبل مُخْرِجٍ وقناةٍ ودولةٍ راحوا يتسولون "الهوية" على حساب "الحقيقة"، إلا انه لم يتحَرَّر من تَصَوُّرِ احتمال ممارسة هؤلاء معه للتُّقيَة بسبب الظروف الراهنة التي تجعلهم يؤجلون إهدار مصداقيته إلى ما بعد زوال الغُمّة.

    كما أنه بقي قلقا للغاية مما قد يكون عليه حالُ قريبه "جَحْجوح"، ومن موقفه منه، بعد أن عَلِمَ بوجوده من خلال البصريين، الذين أكدوا له أنه غادر المدينة في رحلته السنوية متجها إلى الشمال حزينا قانطا، شاعرا بالخزي والعار عندما رآى ذلك التحقيق وسمع تصريحاته الملفّقة فيه.

    اتَّجه "أَجَحْجَح" إلى الشمال قاصدا بغداد التي فهم من بعض البصريين العارفين بقريبه "جَحْجوح" أنه تعوَّد على الإقامة فيها مدة قد تكون كافية ليوافيه فيها إن هو غَذَّ الخطى وأسرع السير.

    فانطلق لتوِّه متحديا كلَّ نذر البراكين والحرائق التي كانت تَئِزُّ بنيرانها في أفق العراق، رافضا الرضوخ لكلِّ النصائح التي سمعها بتأجيل سفره إلى أن تنجليَ الأمور عما ستسفر عنه الأيام القادمة، بعد أن سيطرَ عليه همٍّ وحيد هو تصحيح الصورة القميئة التي راح يتخيَّلُها لنفسه في خيال قريبه "جَحْجوح" الذي أحزنَه أن يكونَ أولُّ عهده به سوءُ الظن، وهو الذي كان قد نذرَ حياتَه للبحث عنه وعن قريبيه الآخرين الذين كان قد حدَّثَه عنهم الرجل الصالح ذات يوم من الأيام الخالية.

    ولكن، ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فرياحُ سفنِ أرضِ السَّواد جرت بما لم يكن تشتهيه سفنُ أحدٍ وعلى رأسها سفنُ "أَجَحْجَح"، واندلع الحريق الأشد والأعنف في تاريخ المنطقة، وزُلْزِلَت الأرض زلزالا لم يُبْقِ ولم يَذَرْ، بينما "أَجَحْجَح" رغم كل السرعة والعجلة اللتين كان عليهما، لم يكن قد تجاوز مدينة "الكوفة".

    فوجد نفسَه وقد حوصِر بنيران الحريق، وبِبُغْضِ الكوفيين الذين ما أن رأوه حتى تذكروا التحقيق المعيب الذي سمعوه يمجِّد فيه زورا وبهتانا تلك "المشيخة" التي تنطلق منها ومن العديد من الجذور التكعيبية لصحراء "كفِّ القرد" النيران التي راحت تتساقط على رؤوسهم كحِمَم الجحيم لتحرقَ الأخضر واليابس في بلادهم.

    حَجَزَتْه الحِمَم والنيران المندلقة من جوفِ البركان حرائق انتشرت حوله في كلِّ مكان، فلم يستطع مغادرة "الكوفة"، ليعيشَ أياما تعِسَة بين ما لاقاه من "استهزاء البصريين" قبل أيام، وما يلاقيه من "بُغض الكوفيين" هذه الأيام، فتذكَّر ما كان يعانيه جده الأكبر "جحا العربي" من حيرةٍ وقلقٍ وهو يعمل على استرضاء أهلِ اللغة في هاتين المدينتين العاشقتين للجدا والمراء والخلاف حتى الاقتتال والاستفناء والاستدمار، كلَّما نطقَ بكلمة لم يعجب البصريين اشتقاقُها، أو نظمَ قافيةً لم يرتح الكوفيون لتفعيلتها.

    فعرف أن ما يرويه التاريخ عن هاتين المدينتين العريقتين من تأسيسٍ للفتنة وللفرقة والخلاف لم يأتِ من فراغ، ولا هو محلِّقٌ في الفضاء.
    فهما مدينتان ضالعتان في البحث عن المثالب وإن لم توجد لها أصول جليَّة، وخبيرتان في اختلاق أسباب الفرقة والخلاف وإن كان الأمر إلى الوحدة والتقارب أدعى.

    فإن تحدثنا عن الفرقة بين اللغويين حضرتنا أقوال "البصريين" ونظرائهم "الكوفيين".

    وإن تحدثنا عن الخلافات بين الفقهاء، كانت لهما في ذلك صولات وجولات.

    وإن عكفنا على الحديث عن فتنة أهل العقائد، ما كان لهكذا فتنة أن تجدَ لنفسها أساسا ترتكز عليه خارج هاتين المدينتين.

    أما إن تحدثنا عن اقتتال الساسة وأصحاب السلطان، فحدث عن شراسة البصريين، ولا تنسى خذلان الكوفيين، واستسهال الجميع للدماء تراقُ لأجل ذلك.

    فعاش في هاتين المدينتين أياما لم يشعر في حياته باغتراب كذلك الذي أحسَّه وهو فيهما.

    فقد بدا له أن البصريين لولا انشغالهم بحريقٍ كان يقترب في الأفق، لما جاملوه بذلك الاقتناع المبطَّن بالتُّقْيَة التي أحسَّها فيهم، عندما أبدوا له اقتناعا غير مُقْنِعٍ ببراءته من تهمة الادعاء والكذب في ذلك التحقيق.

    كما بدا له أن الكوفيين لولا أنهم انشغلوا فعلا بالهلاك الذي حاصرهم من كلِّ جانبٍ مع حلوله ضيفا على مدينتهم، ربما لكانوا أشدَّ تنكيلا بادعائه البراءة من البصريين، من باب التنافس المعروف تاريخيا بين المدينيتين في التنكيل بمن تنفتح شهيتهما على التنكيل به.

    ومع ذلك فقد بقيَ مشغولا بقريبه "جَحْجوح"، وحريصا على أن يلتقيَه في بغداد قبل فوات الأوان، ليشرحَ له الحقيقة في ذلك التحقيق البائس المشين، ولم يكن ليخطرَ على بال "أَجَحَجَح" أن "جَحَجوح" كان قد حسمَ الأمر واقتنع ببراءته منذ وقت مبكر بعد أن انفرد في اجتماع طارئ بحماره "شيخ السواد" قبل مغادرة البصرة.

    وفي أثناء انشغاله بالبحث عن الوقت المناسب والطريقة المثلى لمغادرة "الكوفة" والتوجه إلى "بغداد" في ظل هذا الجحيم النازل من السماء على كلِّ شبر من أرض العراق، لم يجد فرصة أنسب من تلك التي أعقبت هدوء حِمَمِ البراكين السماوية، عندما بدأت الجيوش تزحف من الجنوب نحو الشمال، فقد أجرى حسبةً بسيطة وجد خلالها أن بإمكانه الوصول إلى بغداد قبل أن تصل تلك الجيوش إليها، فيكون قد استغل الوقت أحسن استغلال، راجيا ألا يكون "جَحْجوح" قد فكَّر بالطريقة نفسها وغادر بغداد مستغلا الظرفَ نفسَه، فيكون قد فقد الفرصة التي حرص عليها وعمل جاهدا على تحقيقها.

    لكنه لم يجد بُداًّ من أن ينفِّذَ خطته.

    استغل نزول الجيوش الغازية إلى "أم قصر" في أقصى جنوبِ "أرض السواد"، وانطلق بحماره "الشيخ" مسرعا يسابق الدبابات والمدرعات والمجنزرات وناقلات الجند، لاحتضان حاضرة الرشيد قبل وصولها إليها، وراح يحلم عساه ينجزُ الحلم قبل أن يتبخَّر فيضطَرُّ إلى البدء من جديد للبحث عن قريبه في هذه المتاهة التي اسمها بلاد "هلال ناكب".

    لا بل إنه خلال استعجاله الوصول إلى بغداد، لم يفته أن يحلم حلما غريبا في إحدى غفواته القليلة، عندما رأى فيما يرى النائم، أن وصولَه إلى "بغداد" قبل تلك الجيوش الزاحفة، هو الذي حماها منها، وجعلها عصيَّة على الاقتحام، وهو الذي جعل الغزاة يتساقطون على أبوابها غازيا تلو آخر.

    لكنه صحا من هذا الحلم مفزوعا على هدير الدبابات وهي تمرُّ على مقربة منه، بعد أن تجاوزته لتصبحَ بغداد على مرمى بصر الغزاة.

    فعرف أنه وصل بعد فوات الأوان، وألا مفَرَّ من أن يعيد حساباتِه، ليبدأ من جديد، بعد أن فقد الأمل في لقاء قريبه "جَحْجوح" في بغداد في هذه الظروف، آملا أن يلقاه في مكانٍ آخر ولكن في القريب العاجل.

    نهاية الحلقة السابعة ويتبع في الحلقة الثامنة.

    موسيقى تصويرية ونزول شارة النهاية على لقطة متحركة لـ "أَجَحْجَح" وهو يغذُّ السير مع حماره "الشيخ" باتجاه بغداد (!!)
    ابدأ بالضروري ثم انتقل الى الممكن تجعل نفسك تصنع المستحيل

  2. #2
    الفرق بين "الهوية الفِكْرَة"، و"الهوية القَبْر" (!!)

    كلُّ هوية يحصرُها أصحابُها في حَفْنَةٍ من تراب وفي خطٍّ وهمي يروِّجون إلى أنه يفصلُ بين نوعين من البشر اختلفت جيناتُهم كما يختلف الهواء الذي يتنفسونه، هي هوية باردة سقيمة، تبثُّ الصقيع والبلادة في مُرْتَدي عباءاتِها، وليست أكثر من قبرٍ أختاروه ليدفنوا أنفسَهم في ظُلْمَته في حياتهم قبل مماتهم (!!)

    كلُّ الشعوب الحيَّة تبحثُ لتضاريس ترابِها ولتيارات الهواء التي تَعْبُرها عن فكرةٍ تسمو بهوياتها إلى ذُرَى القِيَم، ويترصَّدون ألوانَها وروائحَ فيئِها في فلسفةٍ تصلحُ للتصدير إلى أوسع قطاعاتٍ من البشر، لتقوى بالفكرة وتتمجَّد (!!)

    كم يثير دهشتي السالبة ما يفعله الإقليميون والوظيفيون العرب، وعلى رأسهم الإقليميون والوظيفيون الفلسطينيون والأردنيون بهوياتهم التي منحها القدر فرصةَ أن تتمرَّغ في الفِكَر والفلسفات، يرتعدون خوفا من ذلك على حفناتٍ من تراب وخطوط وهمية رُسِمت لهم ولهوياتهم تلك ذات كذبٍ ما يزال على قيد الدَّجل، فينزلون بها من فضاءات "الهوية الفكرة" التي تستطيع حشدَ الكون وراء قداستها، إلى "الهوية القبر" التي لن تصلح لأكثر من قبورٍ لجثثِ موتاهم (!!)


    ابدأ بالضروري ثم انتقل الى الممكن تجعل نفسك تصنع المستحيل

المواضيع المتشابهه

  1. النزاع الطويل
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-04-2015, 07:48 AM
  2. ضرب الأخفش في الطويل
    بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس في المنتدى دراسات عروضية
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 04-10-2014, 02:54 PM
  3. الإنتظار الطويل
    بواسطة أحمد العربي في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-16-2010, 07:50 AM
  4. من أسرار بحر الطويل
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-03-2010, 10:16 AM
  5. مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-18-2007, 01:21 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •