منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 28

الموضوع: قل ولا تقل

  1. #1

    قل ولا تقل

    قل ولا تقل / الحلقة الرابعة عشرة
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: كابد العدوُّ خسارة كذا وكذا
    ولا تقل: تكبَّد العدو الخسارة
    وذلك لأن "تكبَّد" على وزن "تفعَّل" وقد ذكرنا في الكلام على "تعرَّض" أن تاءه وتاء أمثاله تدل على رغبة الفاعل في الفعل والمفعول به، والعدو لم يرغب في الخسارة كما هو بديهي. يضاف الى ذلك أن "تكبّد" له عدة معان ليس فيها ما يقابل "كابد" أي قاسى وتحمل بمشقة أو ما يقاربه.
    قال ابن فارس في المقاييس: "الكاف والباء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّة في شيء وقُوّة. من ذلك الكَبَد، وهي المشقّة. يقال: لَقِيَ فلانٌ من هذا الأمر كَبَداً، أي مشَقة. قال تعالى: لَقَدْ خَلقْنَا الإنسانَ في كَبَدٍ.... ومن الاستعارة: كَبِد السَّماء: وسطها..... ويقال: تكبَّدَتِ الشّمس، إذا صارت في كَبِد السماء.... وتَكَبَّدَ اللَّبنُ: غَلُظَ وخَثُر."
    وورد في لسان العرب: "وتَكَبَّدتِ الشمسُ السماءَ: صارت في كَبِدِها.....ويقال: تكبدت الأمر قصدته ومنه قوله: يروم البلاد أيها يتكبد.... وتكبد الفلاة إذا قصد وسطها ومعظمها... وتَكَبَّد اللبنُ وغيرُه من الشراب: غَلُظ وخَثُر".
    فتكبَّد الشيء المائع لا مطمع فيه لتوجيه الخطأ في قولهم "تكبَّد خسارة" لأنه مشتق من الكبد وبمعنى صار مثل الكبد، وتكبدَّت الشمس السماء وتكبّد فلان الفلاة والأمر، يدل على إرادة الفاعل لفعل، كما ذكرنا، فلا وجه لإستعارة جديدة كأن يقال: "أراد العدو الدخول في وسط الخسارة" فإنه لا يريدها بل يريد الفوز والفلح والظفر والغلبة والإخسار. فالصواب ما ذكرناه وهو "كابد العدو الخسارة".
    قال ابن فارس: "وكابدت الأمر: قاسيته في مشقة".
    وورد في لسان العرب في تفسير الآية المذكورة آنفاً: "... وفي كَبَدَ يكابد أَمر الدنيا والآخرة. قال أَبو منصور: ومكابَدَةُ الأَمر معاناة مشقته.
    وكابَدْت الأَمر إِذا قاسيت شدته...... الليث: الرجل يُكابِدُ الليلَ إِذا رَكِبَ هَوْلَه وصُعُوبَتَه، ويقال: كابَدْتُ ظلمة هذه الليلة مُكابدة شديدة... وكابَدَ الأَمرَ مُكابَدَة وكِباداً: قاساه..... قال العجاج:
    ولَيْلَةٍ مِنَ اللَّيالي مَرَّتْ بِكابِدٍ، كابَدْتُها وجَرَّتْ
    أَي طالت."
    هذا معظم النصوص اللغوية المعجمية لإستعمال "كابد" ومن شواهد الواقع اللغوي لها ما ورد "ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ: ﺗﺮﺑﺖ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ إلى ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺪﻫﺮ، أما إني قد أمرتكم فعصيتموني فمكثت (أكابد ما في نفسي) ورأيت في الليل المقداد ﻭﺳﻠﻤﺎﻥ ﻭﺃﺑﺎ ﺫﺭ ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ ﻭﺃﺑﺎ الهيثم ﺑﻦ ﺍﻟﺘﻴﻬﺎﻥ ﻭﺣﺬﻳﻔﺔ ﻭﻋﻤﺎﺭﺍﹰ، ﻭﻫﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪﻭﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺷﻮﺭﻯ بين المهاجرين.[1]" وتأتي المكابدة للمقاومة عامة والمنازلة مع مقاساة مشقة، فمن ذلك ما ورد في أبيات عُزيت الى معاوية بن أبي سفيان:
    أكابده والسيف بيني وبينه ولست لأثواب الدنيء بلابس
    وإني لأرجو خير ما نال نائل وما أنا من ملك العراق بيائس
    وقال ابن الجوزي: "... عنه وهب بن منبه قال: إني وجدت فيما أنزل الله على أنبيائه أن الشيطان (لم يكابد) شيئا أشد عليه من مؤمن عاقل وانه "يكابد" مائة جاهل فيستجرهم حتى يركب رقابهم فينقادون له حيث شاء "ويكابد" المؤمن العاقل فيتعصب عليه حتى لا ينال منه شيئاً من حاجته".
    وقال جحدر سجين الحجاج:
    وتقدمي لليّث أرسفُ نحوه حتى أكابده على الإحراج
    وجاء في أخبار قبيلة جديس قول عُفيرة بنت الأسود الجدسي لأخيها الأسود: "لا تفعل هذا فإن الغدر فيه ذلة وعار ولكن (كابدوا) القوم في ديارهم تظفروا أو تموتوا كراماً".
    وبما نقلناه من نصوص واقع اللغة العربية في استعمال "كابد" يظهر للقارئ تقصير اللغويين القدامي في ذكر معاني هذا الفعل المجازية الإستعارية التي هي جناحا كل لغة محلقة في سماء الحضارة والجدارة بالإزدهار والتقلب في جميل الأطوار، وباب الإستعارة مفتوح في اللغة العربية على شرط أن تكون سائغة عذبة في أذواق العرب. (م ج)

    قل: مُتخصّصٌ بالعلم
    ولا تقل: إخصائيّ به
    وذلك أن "الإخصائي" على وزن الإعدامي إنما هو منسوب الى "الإخصاء" على وزن الإعدام، والإخصاء مشتق من "الخصي" أي المخصي. قال جار الله الزمخشري في "ربيع الأبرار" وهو كتاب مشهور: "إن من لا يعلم إلا فنَاً واحداً من العلم ينبغى أن يسمى خصي العلماء". والسبب في ذلك أن الوقوف على علم واحد عند القدماء كان عجزاً وعيباً. من لفظ “الخصيّ" المذكور أخذوا الفعل "أخصى يخصي" والمصدر الإخصاء. فمعنى أخصى فلان هو "صار خصياً في العلم" مثل أثرى أي صار ثرياً وأفصح بمعنى صار فصيحاً.
    قال مؤلف القاموس: "وأخصى: تعلم علماً واحداً". وفي قوله اشارة إلى أنه لم يتقن العلم الواحد ولو كان فيه دلالة على الإتقان لقال "تعلم علماً واحداً وأتقنه وبرع فيه ومهر وتبحر فيه" وما إلى ذلك. فالإخصاء أقرب الى الذم من التصريح به، ثم أن قباحة اللفظ تدل على قبح معناه، وقد أحسن بذلك من اختاره لتأدية معنى "سبيسياليست" الفرنسية فاجتنب اسم فاعله القبيح وهو "المُخصي" على وزن المُثري وأخذ مصدره "الإخصاء" ونسب اليه ليغطي على عواره ويستر من شينه، مع ان العرب تقدم اسم الفاعل والصفة المشبهة على غيرهما في مثل هذا المعنى، لذلك قالت: "الرازق والمفسد والمستقصي" ولم تقل "الرزقي والإفسادي والإستقصائي". وقالت الشريف ولم تقل الشرفي لتأدية معناه. فأنت ترى ان "الإخصائي" اسم قبيح في المعنى وغلط في الوضع. ومن أدلتنا على صحة المتخصص قول القفطي في ترجمة ابن عبد الأعلى المنجم المصري "وعلي هذا من المتخصصين بعلم النجوم وله مع هذا أدب وشعر". (م ج)

    قل: طبيب متخصص وأطباء متخصصون
    ولا تقل: طبيب إخصائي ولا أطباء إخصائيون
    فالاخصائي منسوب الى الإخصاء، ذكر الفيروزأبادي في القاموس أنهم قالوا "أخصى فلان إذا تعلم علماً واحداً" فظن واضح الإصطلاح أن "الاخصاء" هو للمدح والتنبيه والتنويه، فنسب اليه على صورة "اخصائي" وهذا النسب مخالف للذوق واللغة، لأن الوصف بالإخصائي لا يفيد البتة. ألا ترى أن المعلم لا يقال "تعليمي" والمدرس لا يقال "تدريسي" فما كان الداعي الى استبدال المصدر باسم الفاعل، فالمعطي لم يسمه أحد الإعطائي. (م ج)

    قل: مكان وطيء وخفيض أي منخفض
    ولا تقل: مكان واطئ
    لأن الوطيء هو السهل والمنخفض. قال ابن مكرم الأنصاري: "والوَطِيءُ السَّهْلُ من الناسِ والدَّوابِّ والأماكِنِ. وقد وَطُؤَ الموضعُ، بالضم، يَوْطُؤُ وطَاءة وَوُطُوءة وطِئةً: صار وَطِيئاً..... والوَطَاءُ والوِطَاءُ: ما انْخَفَضَ من الأَرض بين النّشازِ والإِشْرافِ، والمِيطَاءُ كذلك.... ويقال: هذه أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ لا رِباءَ فيها ولا وِطَاءَ أَي لا صُعُودَ فيها ولا انْخفاضَ." انتهى المراد نقله من لسان العرب. أما الواطئ فهو اسم فاعل من "وطئ الشيء يطؤه وطأً أي داسه" قال الشاعر:
    ووطئتنا وطأً على حنق وطء المقيد نابت الهرم
    فالواطئ هو العالي بالنسبة الى الموطئ، فاستعمال الواطئ يدل على عكس المراد فقل: مكان وطيء. (م ج)

    قل: نذيع بينكم وفيكم
    ولا تقل: نذيع عليكم
    ويقولون "نذيع عليكم" بمعنى نذيع بينكم وفيكم وذلك خطأ لأن "على" في العربية تفيد الإستعلاء والتسلط والأذي في الأعم الأغلب. فمعنى "نذيع عليكم" هو ننشر أخباراً سيئة وأوصافاً قبيحة لكم أو ما تكرهون نشره من أحوالكم، كما يقال "قال عليهم وتقول عليهم ونشر عليهم ونادى عليهم ورفع عليهم". قال الجوهري في الصحاح: "ذاع الخبر يذيع ذيعا وذيوعة وذيعاناً أي انتشر، وأذاعه أي أفشاه والمذياع الذي لا يكتم السر".. وورد في أساس البلاغة للمزمخشري: "ذاع سره ذيوعاً وأذاع الخبر والسر وأذاعه وهو مذيع مذياع".
    وفي المصباح المنير: "ذاع الحديث ذيعاً وذيوعاً: انتشر وظهر وأذعته: أظهرته". وفي القاموس: "ذاع الخبر يذيع ذيعاً وذيوعاً و ذيوعة وذَيَعاناً (محركة): انتشر وأذاع سره وبه أفشاه وأظهره أو نادى به في الناس".
    وفي لسان العرب: "الذَّيْعُ: أَن يَشِيع الأَمرُ. يقال أَذَعْناه فذاع وأَذَعْت الأَمر وأَذَعْتُ به وأَذَعْتُ السِّرَّ إِذاعة إِذا أَفْشيْته وأَظهرته.
    وذاعَ الشيءُ والخبر... وأَذاعه وأَذاع به أَي أَفشاه.
    وأَذاعَ بالشيء.... وفي التنزيل: وإِذا جاءهم أَمْر من الأَمْن أَو الخَوْف أَذاعوا به، قال أَبو إِسحق: يعني بهذا جماعة من المنافقين وضَعَفةً من المسلمين، قال: ومعنى أَذاعُوا به أَي أَظهروه ونادَوْا به في الناس؛ وأَنشد: أَذاعَ به في الناسِ حتى كأَنه بعَلْياء نارٌ أُوقِدتْ بثَقُوبِ".
    فهذه معظم النصوص اللغوية للفعل "أذاع" ومصدره "الإذاعة" ولم يذكر اللغويون حرفها ولا الظرف المتمم لجملها، سوى ما ورد في بيت الشعر، فمن البديهي أن يكون الحرف "في" والظرف "بين" ويجوز "عند" إذا اقتضاه المعنى، كما يقال "نشر فيهم وبينهم".
    أما "أذاع عليه" فكما ذكرنا في أول التنبيه يفيد النشر السيء والوصف القبيح ونشر ما يكره نشره. جاء في مادة ر ف ع من أساس البلاغة "ورفع فلان على العامل: أذاع عليه خبره"، يعني نشر بين الناس اختيانه أو احتجانه. ومع هذا فأنا على عادتي لا أترك ما أحتج له أو ما أنبه عليه خلواً من شواهد الواقع اللغوي أي الإستعمال لكي يطمئن القارئ ويجد فائدة زائدة على ما ذكر اللغويون فإن نصوصهم في متناول المتناول.
    جاء في أخبار نصيب قول قائلة: "فرأيت السوداء تخبط الأسود وتقول له: شهرتني و (أذعت في الناس ) ذكري. فإذا هو نصيب وزوجته". وقال أبو الأسود الدؤلي في بعض الرجال، وقد ذكرناه آنفاً في النصوص اللغوية ولم يذكروا قائله ليقووا ناقله:
    أذاع به في الناس حتى كأنه بعلياء نار أوقدت بثقوب
    أما "أذاع عليه أو عليه" فيفيد النشر السيء أو الوصف القبيح أو نشر ما يكره نشره أو يكرهونه. جاء في أخبار ديك الجن عبد السلام بن رغبان الشاعر: "وحكا ابن عمه بغضه إياه بعد مودته وإشفاقه عليه بسبب هجائه له على أن (أذاع على تلك المرأة) التي تزوجها عبد السلام أنها تهوى غلاماً لها". وقال عمرو بن مسعدة الأديب الكاتب للمأمون: "وإنما كنت غبياً لو (أذعت سراً على السلطان) فيه ندم أو نقض تدبير".
    وقال موسى بن علقمة المكي في قصة فتى من النساك مغرم بجارية أشد الغرام وهائم بحبها أشد الهيام: "فدخلت عليه يوماً ولم أزل به ألح عليه إلى أن حدثني بحديثه وما يقاسيه وسأل (أن لا أذيع عليه ذلك) ولا يسمع به أحد فرحمته لما يقاسي وما صار إليه". وقدمنا قول الزمخشري في مادة ر ف ع من أساس البلاغة "ورفع فلان على العامل".
    ولقائل أن يقول إن باب الإستعارة مفتوح في العربية وباب التضمين غير مغلق أفلا يجوز أن يستعمل "أذاع عليه أو عليهم" بمعنى قرأ عليه أو عليهم؟ قلنا لو لم يستعمله الفصحاء بذلك المعنى الذي ذكرناه ولو لم يذع على النحو الذي ذكرنا شواهده لجاز ذلك، فلماذا لا يقال "نقرأ عليه وعليكم" ولماذا هذا العبث باسلوب العرب الفصيح في خطابهم وكتابهم؟
    فالصواب: نذيع فيكم وبينكم. (م ج)

    قل: وجبَ هنا التنبيه
    ولا تقل: وجبَ هنا التَّنويه
    كتب إبراهيم اليازجي في "لغة الجرائد": "ويقولون نوه بالأمر ونوه عنه أي ذكره تلويحاً وأشار اليه من طرف خفي وليس ذلك من استعمال العرب في شيء وانما هو تواطؤ العامة. قال في الأساس نوهت به تنويهاً رفعت ذكره وشهرته. وإذا رفعت صوتك فدعوت إنساناً قلت نوهت به ونوهت بالحديث أشدت به وأظهرته. ا ه. فهو لا يخلو أن يكون على عكس استعمالهم كما ترى". وذكر مثله خالد العبري وأضاف قائلاً: "نستعمل كثيراً لفظة: "تَنويه" قاصدين بها "التنبيه"، والتنويه ليست كالتنبيه فلا تصلح أن تستعمل للمعنى نفسه. فالتنويه في اللغة يعني: الثناء والإشادة بشخص معين والرفع من ذكره، وهو معنى – كما ترى – بعيد عن معنى التنبيه.
    ويمكن أن نستأنس هنا بقول صفي الدين الحلي (من الوافر):
    فكيف أروم أم أجزيك صنعاً وأيسر صنعك التنويه باسمي

    قل: نعم الرجل فلان
    و لاتقل: أنعم بفلان من رجل
    ويقولون أنعم بفلان من رجل أي نعم الرجل فيأتون به على صيغة أفعل على حد أكرم به مثلا ومنهم من يجمع بينهما يقول أنعم به وأكرم وهي من العبارات الشائعة على ألسنة العامة. ومعلوم أن أنعم به صيغة تعجب فهو بمعنى ما أنعمه كما أن أكرم به بمعنى ما أكرمه وحينئذ فاشتقاقه (أي أنعم) من النعومة أو النعمة لا من نِعْمَ التي هي فعل مدح لأن هذه من الأفعال الجامدة التي لا تبنى منها صيغة تعجب. (إ ي)

    قل: هذا من تراثنا الشعبي
    ولا تقل: هذا من فلكلورنا
    فقد شاع في القرن العشرين استعمال لفظة "فلكلور" فكتب عنها الكتاب وتحدث عنها المتحدثون. بل إن الأمر اخذ منحى أخطر من ذلك حين قرر مجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1972 إعتماد لفظة "فلكلور" على أنها تعني ما تركه السلف من الفنون والآداب الشعبية. وترتب على ذلك أنها دخلت "المعجم الوسيط" حيت ظهرت منذ عام 1973 كما يلي:
    فلكلور: مأثورات شعبية أو تراث شعبي (مج)
    ولعمري لا أدري ما الذي دفع مجمع اللغة لإتخاذ هذا القرار، فقد يعذر جهلة نجد والخليج إذا لم يميزوا بين القاف والغين لكن مجلساً أخذ على نفسه أن يحمي هذه اللغة ويصونها لا يمكن له أن يدخل عليها الهجين المستجهن دون مسوغ! ولكي أوضح ما أريده تعالوا نرى اصل هذه اللفظة الإنكليزية لنفهم سبب دخولها للعربية. فكل من يعرف الإنكليزية لا بد أن يعرف أنها لغة لا تقدر على الإشتقاق لأنها لا جذور لها فهي حين تحتاج لإشتقاق لفظة جديدة لا بد أن تلجأ في أغلب الأحيان للغة اللاتينية وقد تلجأ أحياناً للجرمانية. وهذا الكلمة دخلت الإستعمال في الإنكليزية أول مرة عام 1846 حين اشتقها الكاتب الإنكليزي ويليام جونز توماس، أي أنها لم تكن مستعملة حتى في الإنكليزية قبل ذلك التأريخ. ولست ملماً باللاتينية أو الإغريقية حتى أستدل على ما كانت تلك الأقوام تستعمل لتعبر فيه عن تراثها الشعبي. وحبذا لو تمكن أحد الباحثين العرب أن يعلمنا بما كان العرب يستعملون من لفظ إذا ما تحدثوا عن ملحمة "كلكامش" أو زرقاء اليمامة على سبيل المثال قبل أن ياتينا ويليام بالفلكلور.
    ويبدو أن ويليام توماس أخذها عن الجرمانية. فقد اشتقها من كلمتين وهما "فوك" و "لور". أما الأولى "فوك" فتعني "الشعب" وأما "لور" فتعني "التراث". وقد اصبحت كلمة "فلكلور" الإنكليزية تعني على وفق تعريف القاموس "إيمان وعادات وأساطير وخرافات مجموعة عرقية من الناس". وحيث إنا لا يمكن لنا أن نعرب كلمة عن الإنكليزية ونعطيها معنى يتجاوز المعنى الأصلي الذي أخذنا عنه فإنه يصيح واضحاً أن الكلمة لا تعني في الأصل أكثر من "التراث الشعبي". فما الذي أضطر مجمع اللغة العربية في القاهرة ألا يستعمل المصطلع العربي "التراث الشعبي" وهو أفضل وقعاُ في السمع العربي من اللفظ الإنكليزي وأوفي في المعنى؟.
    فقل: التراث الشعبي
    ولا تقل: الفلكلور. (ع ع)

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    12 تشرين أول 2013
    www.haqalani.com


    [1] شرح نهج البلاغة لإبن ابي الحديد مج 1 ص74 طبعة الحلبي الأولى.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    السلام عليكم
    هذه بداية متواضعة لمشروع طموح أنشره في حلقات اسبوعية، وآمل من خلاله تصحيح ولو قليل من الخطأ الشائع والذي يتفشى كالداء القاتل. أرجو أن يقوم كل متلق بنشره في أوسع دائرة من الناس لأن الهدف هو أن يعم النفع أكبر عدد...
    إن أمة لا تتعلم لسانها لا يمكن لها أن تتقدم...
    سلام
    عبد الحق
    1 حزيران 2013
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    قل ولا تقل (1)
    لقد عانت اللغة العربية من اللحن والخطأ والخلل وقبيح القول منذ العصور الأولى بعد الإسلام حين دخلت شعوب أخرى فيه. لكن العصر الحديث شهد إنحدارا خطيرا أصبح فيه الخطأ هو السنة والصواب هو الشاذ. وليس لي من بليغ القول ما أصف به ذلك لكني أستعير ما كتبه العالم الدكتور مصطفى جواد الأعجمي الأصل والعربي الهوى والعراقي المنشأ حين كتب:
    "ومن أشد الرزايا التي نزلت بالعربية أيضا أن أساتذة في التأريخ والجغرافيا والعلوم لم يتعلموا من قواعدها ما يصون أقلامهم وألسنتهم من الغلط الفاحش واللحن الفظيع وإذا عوتبوا أو ليموا – وهم مليمون حقا – قالوا نحن ندرس التأريخ والجغرافيا والعلوم، ولا يخجلون من هذا الإعتذار، مع انهم أصبحوا سخرية الساخرين وضحكة الضاحكين ولا سيما مشاهدي "التلفزيون" مع أنهم يعلمون أن الإنكليزي العالم – على سبيل المثال – لا يخطئ الصواب في لغته ولو كان الخطأ الواقع منه في حرف جر لتناولته الألسن والأقلام باللوم والتقريع والتأنيب.
    ونرى في "تحريرات" الدوائر ودواوين الحكومة أغلاطا تبعث على الأسف، فرفع المجرور ونصب المرفوع من الأمور المألوفة فيها، ولا سيما الإعلانات والتنبيهات، فضلا عن السقيم من العبارات. وإني لأتذكر أني قرأت في العهد الملكي الزائل على باب مكتب اللجنة الطبية بمعسكر الرشيد هذه الجملة "ممنوع دخول القلم حفظا لتفشي الأسرار"، فتأمل جهل المنبه للتركيب التعبيري، أراد "منعا لتفشي الأسرار" فوضع مكانه "حفظا لتفشي الأسرار" ولم يخطر بباله "حفظا للأسرار" فهو أوجز وأدل وأوفى بالمقصود.
    ولا تسأل عن مترجمي الأفلام السينمية فهؤلاء أكلة السحت، يرتكبون من اللحن والغلط الشنيعين ما أصبح مخشيا كل الخشية على العربية وطلاب المدارس والشداة من الدارسين، وليت شعري كيف تجيز لجنة رقابة الأفلام وهي لجنة منتخبة من موظفي الدولة ومنهم موظف من وزارة التربية والتعليم المهيمنة على شؤون الثقافة اللغوية فلما ترجمة لغته فاسدة مفسدة، ناقضة لقواعد العربية، وأكثر المختلفين إلى دور السينما هم من طلاب المدارس والمعاهد والكليات؟"
    وقد ظل المرحوم مصطفى جواد طيلة حياته حريصا على العربية فكتب في ذلك الكثير وكان مما قدمه في خدمة العربية سلسة إذاعية أسماها "قل ولا تقل" بين فيها الكثير من الخطأ الشائع في استعمال اللغة وأوضح الصواب فيها.
    واليوم ساء الأمر كثيرا عما كان عليه في حياة المرحوم مصطفى جواد، وأسهم في هذا التردي مأ ادخلته ثورة الإتصالات الرقمية من محطات الجهالة التلفازية التي دخلت البيوت ومن مواقع على شبكة المعلومات يكتب فيها كل من هب ودب من أنصاف المتعلمين والجهلة.
    وهذه محاولة متواضعة مني، رغم أني لست عالم لغة لكني متعلم على سبيل النجاة، لإعادة نشر ما كتبه العالم المرحوم مصطفى جواد وإضافة ما يجب إضافته من التنبيه الى الأخطاء التي لم يوردها جواد مما جاء به آخرون قبله أو ما كتبه لاحقون بعده.
    وكلي أمل أن أنفع الناس وأعيد للعربية بعضا من كرامتها التي هدرها الإعلام الجاهل. وحتى لا يقولن قائل أني أسلب العالم مصطفى جواد مجده فإني سوف أشير الى كل مقتبس منه بالحرفين (م ج)، فما لم يكن لمصطفى جواد فسوف أشير لمصدره في موضعه.

    قل الجُمهور والجُمهورية
    ولا تقل الجَمهور والجَمهورية
    وذلك لأن المسموع من العرب والمأثور في كتب لغتهم هو الجُمهور بضم الجيم ولأن الإسم إذا كان علة هذه الصيغة وجب أن تكون الفاء أي الحرف الأول مضمومة لأن­ وزنه الصرفي عند الصرفيين هو فعلول كعُصفور وشعُرور اي شويعر. وإذا صغنا اسماً من الجمهور صناعيا، وهو الذي يسميه الصرفيون "المصدر الصناعي" وهو تساهل منهم وذلك بإضافة ياء مشددة وتاء تأنيث إليه فهو الجمهورية كالإنسانية والبشرية والعائدية والفاعلية.
    وإذا كان الحرف الثاني من الإسم أو الصفة مضعفاً أي مكرراً فإن الحرف الأول نفسه يكون مفتوحا لا مضموما مثل عَبّود و خَرّوب و دَبّوس وقَيّوم، وشذ من ذلك سُبّوح وقُدّوس فإن ضم أولهما شاذّ. قال الجوهري في معجم الصحاح: و سُبّوح من صفات الله تعالى قال ثعلب: كل اسم على فعّول فهو مفتوح إلا السُبّوح والقُدّوس فإن الضم فيهما أكثر وكذلك الذُرّوح وقال سيبويه: ليس في الكلام فُعول بالضم. وقال الجوهري أيضا: "الذُرّاح بوزن التُفّاح والذُرّوح بوزن السُبّوح: دويبة حمراء منقطة بسواد وهي من السموم والجمع الذراريح وقال سيبويه: واحد الذراريح ذُرحرح وليس عند سيبويه في الكلام فُعّول. وكان يقول سَبّوح و قَدّوس بفتح أوائلها، قال الراجز:
    قلت له ورياً إذا تنحنح يا ليته يسقى على الذُرحرح
    وفصّل الجوهري الكلام في مادة القدس من الصحاح فقال:
    "وقُدّوس من أسماء الله تعالى وهو قُعّول من القدس وهو الطهارة. وكان سيبويه يقول سَبّوح وقَدّوس بفتح أوائلها. قال ثعلب كل اسم على قَغّول فهو مفتوح الأول سَفّود وكَلّوب و سَمّور و شَبّوط و تَنّور، إلا السُبّوح و القُدّوس فإن الضم فيهما أكثر وقد يفتحان. وكذلك الذُرّوح وقد يفتح." انتهى.
    وإذا نقل قَعّول الى وزن فُعلول فإنه يكون مضموم الأول كالخَرّوب ثمر الشوك، فإن نقل صار "الخُرنوب".
    قال الجوهري: "والخَرّوب بوزن التنور نبت معروف والخُرنوب بوزن العُصفور لغة. ولا تقل الخَرنوب بالفتح".
    ومن هذا القول يفهم أن الفتح هو من العامية العراقية القديمة الباقية حتى هذا العصر فإن العامة تقول: العَصفور أي العُصفور أما زَيدون وخلدون وحَمدون وأمثالهم فهي مفتوحة الأوائل سماعا لأن الوزن مقتبس وليس أصيلا. (م ج)

    قل: فلان مؤامر
    ولا تقل: متآمر
    لأن حق الواحد المفاعلة أي المؤامرة. تقول آمر فلان فهو مؤامر كما تقول حارب فهو محارب ولا تقول: متحارب، وشارك فهو مشارك ولا تقول: متشارك، ورافق فهو مرافق ولا تقول: مترافق. وإذا قلت: تآمرا أو تآمروا قلت: هما متآمران وهم متآمرون، فمتفاعل من هذا الوزن وهذا المعنى لا يستعمل إلامثنى أو جمعاً. فإذا أريد استعمال المفرد وحده يرد الى مُفاعل تقول: هو مؤامر وهي مؤامرة. (م ج)

    قل: وقف في المستشرف أو الروشن أو الجناح
    ولا تقل: وقف في الشرفة
    فالشرفة هي أجزاء متساوية من البناء ناتئة على حافة السطح بعضها متصل ببعض، وهي في الغالب محددة الأطراف، وتعد زينة للسطوح. وقد يقع عليها طائر أما الإنسان فكيف يقف أو يقعد على ناتئة من البناء في حافة السطح؟ وقد وصف ابن الرومي شرفات القصور التي كانت على دجلة قال:
    ترى شرفاته مثل العذارى خرجن لنزهة فقعدن صفا
    عليهن الرقيب أبو رياح فلسن لخوفه يبدين حرفا

    فالمراد إذن (المستشرف) وهو الموضع الذي يشرف منه الإنسان على ما حوله. أو الروشن وهو المعروف عند الغربيين بالبالكون. ويجوز أن يقال (المشرف). وقد ظهر لنا أن بعض المترجمين الضعفاء ترجم "البالكون" بالشرفة ولم يعرف الروشن ولا المستشرف، وكذلك يجوز استعمال الجناح مكان الشرفة بالمعنى المغلوط فيه. (م ج)

    قل: أيّما أفضل العلم أم المال؟
    ولا تقل: أيّهما أفضل العلم أم المال؟
    وذلك لأن (هما) في قولك (أيهما) ضمير يعود إلى اسم ظاهر متأخر عنه لفظاً ورتبةً عوداً غير مجاز. مضافاً إلى أن التركيب مخالف للمنطق اللغوي فأيّ للإستفهام، و(هما) إخبار ويكون الإستفهام عن الظاهر أول مرة فإذا كرر الظاهر جاز لنا أن نستفهم عن ضميره ولما لم يذكر الظاهر في هذه الجملة وضعنا مكانه (ما) فقلنا: أيما أفضل العلم أم المال؟ (م ج)
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    قل ولا تقل (1)لقد عانت اللغة العربية من اللحن والخطأ والخلل وقبيح القول منذ العصور الأولى بعد الإسلام حين دخلت شعوب أخرى فيه. لكن العصر الحديث شهد إنحدارا خطيرا أصبح فيه الخطأ هو السنة والصواب هو الشاذ. وليس لي من بليغ القول ما أصف به ذلك لكني أستعير ما كتبه العالم الدكتور مصطفى جواد الأعجمي الأصل والعربي الهوى والعراقي المنشأ حين كتب:"ومن أشد الرزايا التي نزلت بالعربية أيضا أن أساتذة في التأريخ والجغرافيا والعلوم لم يتعلموا من قواعدها ما يصون أقلامهم وألسنتهم من الغلط الفاحش واللحن الفظيع وإذا عوتبوا أو ليموا – وهم مليمون حقا – قالوا نحن ندرس التأريخ والجغرافيا والعلوم، ولا يخجلون من هذا الإعتذار، مع انهم أصبحوا سخرية الساخرين وضحكة الضاحكين ولا سيما مشاهدي "التلفزيون" مع أنهم يعلمون أن الإنكليزي العالم – على سبيل المثال – لا يخطئ الصواب في لغته ولو كان الخطأ الواقع منه في حرف جر لتناولته الألسن والأقلام باللوم والتقريع والتأنيب.ونرى في "تحريرات" الدوائر ودواوين الحكومة أغلاطا تبعث على الأسف، فرفع المجرور ونصب المرفوع من الأمور المألوفة فيها، ولا سيما الإعلانات والتنبيهات، فضلا عن السقيم من العبارات. وإني لأتذكر أني قرأت في العهد الملكي الزائل على باب مكتب اللجنة الطبية بمعسكر الرشيد هذه الجملة "ممنوع دخول القلم حفظا لتفشي الأسرار"، فتأمل جهل المنبه للتركيب التعبيري، أراد "منعا لتفشي الأسرار" فوضع مكانه "حفظا لتفشي الأسرار" ولم يخطر بباله "حفظا للأسرار" فهو أوجز وأدل وأوفى بالمقصود.ولا تسأل عن مترجمي الأفلام السينمية فهؤلاء أكلة السحت، يرتكبون من اللحن والغلط الشنيعين ما أصبح مخشيا كل الخشية على العربية وطلاب المدارس والشداة من الدارسين، وليت شعري كيف تجيز لجنة رقابة الأفلام وهي لجنة منتخبة من موظفي الدولة ومنهم موظف من وزارة التربية والتعليم المهيمنة على شؤون الثقافة اللغوية فلما ترجمة لغته فاسدة مفسدة، ناقضة لقواعد العربية، وأكثر المختلفين إلى دور السينما هم من طلاب المدارس والمعاهد والكليات؟"وقد ظل المرحوم مصطفى جواد طيلة حياته حريصا على العربية فكتب في ذلك الكثير وكان مما قدمه في خدمة العربية سلسة إذاعية أسماها "قل ولا تقل" بين فيها الكثير من الخطأ الشائع في استعمال اللغة وأوضح الصواب فيها.واليوم ساء الأمر كثيرا عما كان عليه في حياة المرحوم مصطفى جواد، وأسهم في هذا التردي مأ ادخلته ثورة الإتصالات الرقمية من محطات الجهالة التلفازية التي دخلت البيوت ومن مواقع على شبكة المعلومات يكتب فيها كل من هب ودب من أنصاف المتعلمين والجهلة.وهذه محاولة متواضعة مني، رغم أني لست عالم لغة لكني متعلم على سبيل النجاة، لإعادة نشر ما كتبه العالم المرحوم مصطفى جواد وإضافة ما يجب إضافته من التنبيه الى الأخطاء التي لم يوردها جواد مما جاء به آخرون قبله أو ما كتبه لاحقون بعده. وكلي أمل أن أنفع الناس وأعيد للعربية بعضا من كرامتها التي هدرها الإعلام الجاهل. وحتى لا يقولن قائل أني أسلب العالم مصطفى جواد مجده فإني سوف أشير الى كل مقتبس منه بالحرفين (م ج)، فما لم يكن لمصطفى جواد فسوف أشير لمصدره في موضعه. قل الجُمهور والجُمهوريةولا تقل الجَمهور والجَمهوريةوذلك لأن المسموع من العرب والمأثور في كتب لغتهم هو الجُمهور بضم الجيم ولأن الإسم إذا كان علة هذه الصيغة وجب أن تكون الفاء أي الحرف الأول مضمومة لأن­ وزنه الصرفي عند الصرفيين هو فعلول كعُصفور وشعُرور اي شويعر. وإذا صغنا اسماً من الجمهور صناعيا، وهو الذي يسميه الصرفيون "المصدر الصناعي" وهو تساهل منهم وذلك بإضافة ياء مشددة وتاء تأنيث إليه فهو الجمهورية كالإنسانية والبشرية والعائدية والفاعلية.وإذا كان الحرف الثاني من الإسم أو الصفة مضعفاً أي مكرراً فإن الحرف الأول نفسه يكون مفتوحا لا مضموما مثل عَبّود و خَرّوب و دَبّوس وقَيّوم، وشذ من ذلك سُبّوح وقُدّوس فإن ضم أولهما شاذّ. قال الجوهري في معجم الصحاح: و سُبّوح من صفات الله تعالى قال ثعلب: كل اسم على فعّول فهو مفتوح إلا السُبّوح والقُدّوس فإن الضم فيهما أكثر وكذلك الذُرّوح وقال سيبويه: ليس في الكلام فُعول بالضم. وقال الجوهري أيضا: "الذُرّاح بوزن التُفّاح والذُرّوح بوزن السُبّوح: دويبة حمراء منقطة بسواد وهي من السموم والجمع الذراريح وقال سيبويه: واحد الذراريح ذُرحرح وليس عند سيبويه في الكلام فُعّول. وكان يقول سَبّوح و قَدّوس بفتح أوائلها، قال الراجز:قلت له ورياً إذا تنحنح يا ليته يسقى على الذُرحرحوفصّل الجوهري الكلام في مادة القدس من الصحاح فقال:"وقُدّوس من أسماء الله تعالى وهو قُعّول من القدس وهو الطهارة. وكان سيبويه يقول سَبّوح وقَدّوس بفتح أوائلها. قال ثعلب كل اسم على قَغّول فهو مفتوح الأول سَفّود وكَلّوب و سَمّور و شَبّوط و تَنّور، إلا السُبّوح و القُدّوس فإن الضم فيهما أكثر وقد يفتحان. وكذلك الذُرّوح وقد يفتح." انتهى.وإذا نقل قَعّول الى وزن فُعلول فإنه يكون مضموم الأول كالخَرّوب ثمر الشوك، فإن نقل صار "الخُرنوب".قال الجوهري: "والخَرّوب بوزن التنور نبت معروف والخُرنوب بوزن العُصفور لغة. ولا تقل الخَرنوب بالفتح".ومن هذا القول يفهم أن الفتح هو من العامية العراقية القديمة الباقية حتى هذا العصر فإن العامة تقول: العَصفور أي العُصفور أما زَيدون وخلدون وحَمدون وأمثالهم فهي مفتوحة الأوائل سماعا لأن الوزن مقتبس وليس أصيلا. (م ج) قل: فلان مؤامرولا تقل: متآمرلأن حق الواحد المفاعلة أي المؤامرة. تقول آمر فلان فهو مؤامر كما تقول حارب فهو محارب ولا تقول: متحارب، وشارك فهو مشارك ولا تقول: متشارك، ورافق فهو مرافق ولا تقول: مترافق. وإذا قلت: تآمرا أو تآمروا قلت: هما متآمران وهم متآمرون، فمتفاعل من هذا الوزن وهذا المعنى لا يستعمل إلامثنى أو جمعاً. فإذا أريد استعمال المفرد وحده يرد الى مُفاعل تقول: هو مؤامر وهي مؤامرة. (م ج) قل: وقف في المستشرف أو الروشن أو الجناحولا تقل: وقف في الشرفةفالشرفة هي أجزاء متساوية من البناء ناتئة على حافة السطح بعضها متصل ببعض، وهي في الغالب محددة الأطراف، وتعد زينة للسطوح. وقد يقع عليها طائر أما الإنسان فكيف يقف أو يقعد على ناتئة من البناء في حافة السطح؟ وقد وصف ابن الرومي شرفات القصور التي كانت على دجلة قال:ترى شرفاته مثل العذارى خرجن لنزهة فقعدن صفاعليهن الرقيب أبو رياح فلسن لخوفه يبدين حرفا فالمراد إذن (المستشرف) وهو الموضع الذي يشرف منه الإنسان على ما حوله. أو الروشن وهو المعروف عند الغربيين بالبالكون. ويجوز أن يقال (المشرف). وقد ظهر لنا أن بعض المترجمين الضعفاء ترجم "البالكون" بالشرفة ولم يعرف الروشن ولا المستشرف، وكذلك يجوز استعمال الجناح مكان الشرفة بالمعنى المغلوط فيه. (م ج) قل: أيّما أفضل العلم أم المال؟ولا تقل: أيّهما أفضل العلم أم المال؟وذلك لأن (هما) في قولك (أيهما) ضمير يعود إلى اسم ظاهر متأخر عنه لفظاً ورتبةً عوداً غير مجاز. مضافاً إلى أن التركيب مخالف للمنطق اللغوي فأيّ للإستفهام، و(هما) إخبار ويكون الإستفهام عن الظاهر أول مرة فإذا كرر الظاهر جاز لنا أن نستفهم عن ضميره ولما لم يذكر الظاهر في هذه الجملة وضعنا مكانه (ما) فقلنا: أيما أفضل العلم أم المال؟ (م ج)
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    قل ولا تقل (3)

    قل: قُتلَ فُلان صبراً
    ولا تقل: قُتلَ فُلان بدمٍ بارد
    فقد إنتشر في وسائل الإعلام العربية إستعمال "قتل بدم بارد". وقد دخل هذا الإستعمال المقيت والمنفر للسمع بعد أن قامت إحدى الصحف التي تصدر في بريطانيا بترجمة المصطلح الإنكليزي (Cold-blooded Murder) ترجة حرفية. وهذه الترجمة البائسة تفترض أن العرب لم يعرفوا فعلاً أو صفة للتعبير عن قتل مثل هذا حتى جاء به الإنكليز متأخراً، فأضطررنا في جهالتنا أن نستعيره ونترجمه هذه الترجمة البائسة.

    لكن هذه اللغة الثرية بمفرداتها وتراثها الكبير لم تغفل حالة القتل هذه.

    فقد جاء في لسان العرب:
    "وكلُّ من قُتِل في غير مَعْرَكة ولا حَرْب ولا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول صَبْراً."
    وهذا هو ما أراده المصطلح الإنكليزي مما ينفي الحاجة للترجمة.

    وجاء في الصحاح في اللغة في باب "صبر":

    "وَكلُّ ذي روحٍ يُصبَرٌ حيّاً ثم يُرمى حتى يُقتَلَ قُتِلَ صَبْراَ"

    فلستَ بحاجة بعد اليوم لإستعمال الترجمة البائسة ما دمت تعرف أن العرب استعملت لفظاً واحداً للدلالة على المعنى. كما ان هذا الإستعمال يغنيك عن محاولة فهم ما أراده المصطلح الإنكليزي والذي غاب عن المترجم، الذي أشك في أن يكون له إلمام جيد باللغة الإنكليزية، ذلك لأن العبارة الإنكليزية هي استعارة رمزية من الإشارة للحيوانات ذات الدم البارد وتعني في هذا الإستعمال أن القتل جرى بدون أي إحساس من قبل القاتل. وغاب على المترجم أن الإستعارات لا تترجم لأنها مختصة باللغة، وحيث إن كل لغة لها خصوصيتها وصورها يصبح من المتعذر ترجمتها. فأذن الإنكليزي سرعان ما تربط بين العبارة وبين الحيوان ذي الدم البارد لكن مثل هذا الربط لا يقع في أذن العربي والذي لا تبعث العبارة على هذا المعنى في ذهنه.
    فقل: قتل صبرا
    ولا تقل: قتل بدم بارد (ع ع)

    قل: هؤلاء السُيّاح جواسيس
    ولا تقل: هؤلاء السُوّاح جواسيس
    وذلك أن السُيّاح جمع تكسير "للسائح" والسائح اسم فاعل من الفعل "ساح في الأرض سياحة وسيوحا وسيحا وسيحاناُ" كما في لسان العرب. والمصدر المشهور هو "السياحة" لزيادة أحرفه المستوجبة زيادة معناه. وليس السائح من ساح يسوح المفقود حتى يجمع على سواح، مثل قائد وقواد. بل هو مثل "غائب وغياب" و "عائب وعياب" وأما الجمع المصحح للسائح فهو السائحون والسائحين بحسب أنواع الإعراب. ويعمد الى جمع المذكر السالم عند إرادة الحدث كأن يقال "كان السُيّاح سائحين في أمريكا" و "إنا السائحون اليوم وإنكم السائحون غدا". وغير الفصيح في مثل هذا المعنى أن يقال "كان السُيّاح سّياحا في أمريكا" و "إنا السّياح اليوم وإنكم السّياح غدا". إذا أريد فعل السياحة أيضا. (م ج)


    قل: هذا رجل رُجعي ورجوعي
    ولا تقل: رَجعي
    ويقولون للرجل المتمسك بالأمور القديمة العقيمة وللأمر القديم العقيم "رَجعي" لبيان أنه ضد التقدمي وذلك خطأ لأن "الرَّجعي" منسوب إما الى "الرَّجع" وهو مصدر الفعل المتعدي "رجعه يرجعه رجعاً" وإما إلى "الرًّجعة" وهي الحياة الثانية في الدنيا، ومنها قولهم: فلان يؤمن بالرَّجعة ويعتقدها وهو من أهل الرَّجعة، أي ممن يؤمنون بأن ناساً من الموتى سيعودون الى الحياة بعد الموت ويحيون حياة ثانية.
    جاء في مختار الصحاح "وفلان يؤمن بالرَّجعة أي بالرجوع الى الدنيا بعد الموت".
    فالرَّجعة صارت مصطلحا، وذلك ضد ما يريد القائل، لأن الحياة بعد الموت هي تجدد وتقدم، فاستعماله خطأ مبين.
    والذي منع من استعمال "الرَّجعي" منسوباً الى مصدر الثلاثي المتعدي هو أن المراد الفعل اللازم لإفادة النكوص والتأخر، ومصدره "الرجوع والرُّجعي" ليقابل الفعل اللازم "تقدم" ومصدره "التقدم" وهما غير "تقدم" المتعدي ومصدره التقدم أيضاً غير المرادين هنا. فالرجوعي واضح المعنى. وبقي "الرُّجعي" وهو منسوب الى "الرُّجعى" على وزن الدنيا وهو مصدر الفعل اللازم "رجع". جاء في مختار الصحاح: "والرُّجعى: الرُّجوع". ومنه قوله تعالى "إن إلى ربك الرُّجعى". (م ج)

    قل: يُوحي ذلك بجمال الشعر وروعته
    ولا تقل: يُوحي ذلك بجمال وروعة الشعر
    عند تعدد المعطوفات بعد كلمة مضافة في الجملة نجد الكثير منا يجعل المضاف اليه في آخر العبارة ويقدم عليه تلك المعطوفات، ومثال ذلك الجملة التالية: "يُوحي الإنشاد بجمال وروعة الشعر" أو "يُحدثك هذا الكتاب عن سمو ورفعة وروعة الإسلام". فكما ترى من الجملتين تقدم المعطوف على المضاف اليه، وهذا خطأ والصواب أن يأتي المضاف اليه مضافا الى أول كلمة ثم تتوالى بعد ذلك المعطوفات ويُلحق بها ضمير يعود الى المضاف اليه.
    فالصواب في العبارة السابقة أن يقال: "يُوحي ذلك بجمال الشعر وروعته" وفي العبارة الثانية أن نقول: "يُحدثك هذا الكتاب عن سمو الإسلام ورفعته وروعته".
    وقد أشبع السيوطي المسألة بحثاً في كتابه "همع الهوامع في شرح جمع الجوامع". إذ يقول في فصل عقده لذلك- مسألة: (لا يُفصل بين المتضايفين)، أي بين المضاف والمضاف اليه اختياراً، لأنه من تمامه، ومنزل منه منزلة التنوين (إلا بمفعوله وظرفه على الصحيح).... وقيل لا يجوز بهما وعلى المفعول أكثر النحويين....
    وقال في موضع آخر من الفصل نفسه: "(وجوزه) أي الفصل (الكوفية مطلقاً) بالظرف والمجرور وغيرهما وجوزه (يونس بالظرف والمجرور) غير المستقل وجوزه (ابن مالك بالقسم) ...ويجوز الفصل ضرورة لا اختياراً (بنعت)... و(إما)... و(نداءٍ).... و(فاعلٍ)... و(فعلٍ ملغى)... و(مفعولٍ له)......
    وكما ترى فإنه ....... لم يذكر الفصل بالمعطوف لا اضطرارا ولا اختيارا، ولا نقول إنه لا يجوز اضطراراً لأن السيوطي لم يذكره لكن نقول إن عدم ذكر السيوطي له يؤيد أن الفصل بين المتعاطفات لا يقاس عليه، وأنه قد يجوز اضطراراً في الشعر دون النثر. (خ ع)[1]

    قل: فلانة عضوة
    ولا تقل: فلانة عضو
    والسبب في ذلك أن "العضو" نقل من الإسمية الى الوصفية كما قيل في الشلو وهو العضو "شلوة" وفي الثبج وهو الوسط "ثبجة". قال النبي (ص) لأبي بن كعب وقد أعطاه الطفيل ابن عمرو الدوي قوساً جزاءً على إقرائه القرآن "تقلدها شلوة من جهنم". قال الشريف الرضي في المجازات النبوية "وإنما قال شلوة ولم يقل شلواً لأنه حمل على معنى القوس وهي مؤنثة، والشلو: العضو".
    وجاء في كتاب النبي (ص) لوائل بن حجر الحضرمي "واعطوا الثبجة". قال مجد الدين ابن الأثير في النهاية " أي أعطوا الوسط في الصدقة لا من خيار المال ولا من رذالته، وألحقها هاء التأنيث لأنتقالها من الإسمية الى الوصفية".
    ثم ان العرب يتساهلون في التأنيث. قال الجوهري في الصحاح: "الكوكب: النجم يقال كوكب وكوكبة كما قالوا بياض وبياضة وعجوز وعجوزة". ثم ذكر أنهم قالوا منزل ومنزلة. وعلى هذا يجب أن يقال للممثلة البارعة أي الحاكية الماهرة "كوكبة" لا كوكب. (م ج)

    قل: توغّل ووغّل في البلاد وتخلّل البلاد
    ولا تقل: تسلّل فيها واليها
    وذلك لأن التسلّل هو خروج وتفصّ وتخلّص من زحام أو غمار أو جمع، وليس هو بدخول ولا وغول ولا اندساس، فأقرب الكلمات معنى من المراد اليوم بالدخول سرّاً في البلاد من حدودها الخارجية هو التوغل والوغول والإيغال والتخلل. فهذه الكلمات أربع تؤدي المعنى المراد. يقال: وغل في الشيء يغَل وغولاً: أي دخل فيه وتوارى به وأوغل القوم أي أمعنوا في سيرهم داخلين في أرض العدو أو بين الجبال. وتوغّل في البلاد" دخل فيها وأبعد، وتخلل القوم: دخل فيهم وبينهم ، وتخلّل الشيءُ الشيءَ: نفذ فيه. ولو كان في معنى التسلل ما يفيد الدخول والتخلل والوغول ولو مجازاً لصح التعبير عن المعنى المقصود ولكن حركة التسلل معاكسة للدخول فهي خروج واستخفاء. (م ج)
    وهذا لسان العرب يخبرنا عن معنى تسلل:
    "السَّلُّ: انتزاعُ الشيء وإِخراجُه في رِفْق، سَلَّه يَسُلُّه سَلاًّ واسْتَلَّه فانْسَلَّ وسَلَلْتُه أَسُلُّه سَلاًّ....
    "وانْسَلَّ وتَسَلَّل: انْطَلَق في استخفاء. الجوهري: وانْسَلَّ من بينهم أَي خرج."..
    "وفي التنزيل العزيز: يَتَسَلَّلون منكم لِوَاذاً؛ قال الفراء: يَلُوذُ هذا بهذا يَسْتَتِر ذا بذا؛ وقال الليث: يَتَسَلَّلون ويَنْسَلُّون واحدٌ."
    "ويقال: سَلَلْت السيفَ من الغِمْد فانْسَلَّ." أي أخرجته من الغمد فهو سبيف سليل أو مسلول." وفي كل هذا شاهد على خطأ استعمال لفظة "تسلل" بمعنى توغل أو تغلغل. (ع ع)

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    7 حزيران 2013
    www.haqalani.com




    [1] أخطاء لغوية شائعة، خالد بن هلال بن ناصر العبري – مكتبة الجيل الواعد – عمان 2006
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6
    قل ولا تقل / الحلقة الثالثة عشرة

    قل: أجاب عن السؤال إجابة وهو جواب عن الكتاب
    ولا تقل: أجاب على السؤال إجابة وهذا جواب على الكتاب
    وذلك لأن المسموع عن العرب والمذكور في كتب العربية هو "أجاب عن السؤال" لا "أجاب عليه" ولأن معنى الفعل "أجاب" يستوجب استعمال "عن" لإفائدة الإزاحة والكشف والإبانة والقطع والخرق. ولا يصح معه استعمال "على" التي هي للظرفية الإستعلائية. قال ابن مكرم الأنصاري في لسان العرب: "والإِجابةُ رَجْعُ الكلام، تقول: أَجابَه عن سُؤَاله، وقد أَجابَه إِجابةً وإِجاباً وجَواباً وجابةً" أنتهي.
    وإذا كانت الإجابة هي من الشق والخرق والقطع والإبانة، وجب استعمال "عن" معها. قال ابن مكرم الأنصاري في اللسان أيضاً: "وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه، قال للأَنـْصارِ يَوْم السَّقِيفةِ: إِنما جِيبَتِ العَرَبُ عنا كما جِيبَت الرَّحَى عن قُطْبها أَي خُرِقَتِ العَربُ عَنَّا، فكُنَّا وسَطاً" وقال بعد ذلك: "وانْجابَ عنه الظَّلامُ: انْشَقَّ، وانْجابَتِ الأَرضُ: انْخَرَقَتْ" إنتهى.
    وبهذا علمنا أن معنى "أجاب عنه" هو شق عنه، وأبان عنه وقطع عنه وخرق عنه أي شقّ عنه الغموض، أو الجهل أو الإبهام وأبانه عنه وقطعه عنه وخرقه عنه. فكما لا يقال "شقّ الإبهام عليه ولا أبان الإبهام عليه ولا خرق الإبهام عليه، كذلك لا يقال: أجاب عليه بل أجاب عنه أي عن السؤال. وإذا أريدت الظرفية فلا مانع من استعمال الحرفين معاً. يقال: أجاب عن السؤال على ورقة، كما يقال: تكلم المحامي عن موكله على القضية، وذلك باستعمال حرفي الجر "عن" و "على" ولكل منهما معناه وموضعه. وإن كانا في جملة واحدة، نضيف الى ذلك أن "أجاب عليه" عند الفصحاء يفيد معنى "غطّاه وغطّى عليه" فتأمل ذلك. وقل: أجاب عنه. (م ج)


    قل: أثّر فيه والتأثير فيه
    ولا تقل: أثّر عليه والتأثير عليه
    ويقولون: أثّر عليه تأثيراً واستطاع التأثير عليه في الأشياء الحسية والأمور المعنوية، غير أن استعماله في الأمور المعنوية هو الغالب اليوم. وليس ذلك بصواب لأن معنى "أثّر" أحدث أثراً. والأثر يكون في الشيء من جهة العمق لا من جهة العلو فهو في داخل الشيء لا خارجه، مع أن "عليه" لا تفيد الوغول بل تفيد العلو ولا تستلزم الإندماج. وهذه العبارة "أثّر عليه" ترجمة من الجملة الفرنسية وهي "انفلوسي سور" فالفرنسيون يستعملون فيها "على" والمترجمون قلدوهم. وقد يحتج محتج بأن حروف الجر يقوم بعضها مقام بعض كثيراً. وهو قول لم يعتمد على إدراك أسرار العربية بله إنه ليس بقياسي فما يُدّع ذلك فيه يبق على سماعه ولا يجوز القياس في غيره. ولم يُسمع من الفصحاء الذين دون كلامهم "أثّر عليه" ولا "التأثير عليه". واشهر ما يحتج به القائلون بالنيابة قوله تعالى "ولأصلبنكم في جذوع النخل"، وحرف الجر فيه للظرفية الخالصة، واستعماله "في" بدلاً من "على" منظور فيه الى أن الصلب في ذلك العصر هو سمر اليدين والرجلين في الخشب لا تعليق الجسد، وهي الحال التي يُصوّرُ فيها عيسى (ع) المعتقدون لصلب اليهود له، وهي شائعة في التصاوير النصرانية الدينية، فلذلك استعملت "في" في الاية الكريمة.
    قال الجوهري في الصحاح: "التأثير: إبقاء الأثر في الشيء" فاستعماله "في" في شرحه دليل على لزومه له. وقال في و س م "وسمه وسماً وسمة إذا أثّر فيه بسمة وكي". قال أثّر فيه ولم يقل "عليه".
    وورد في المصباح المنير "وأثّرت فيه تأثيراً: جعلت فيه أثراً وعلامة فتأثّر أي قبل وانفعل".
    وأورد صاحب اللسان قول "زهير: والمرءُ ما عاش ممدودٌ له أَمَلٌ، لا يَنْتَهي العمْرُ حتى ينتهي الأَثَرُ قال: وأَصله من أَثَّرَ مَشْيُه في الأَرض. وقال "أَثَّر بوجهه وبجبينه السجود وأَثَّر فيه السيف والضَّرْبة.".
    وورد في القاموس "واثّر فيه تأثيراً: ترك فيه أثراً".
    فهذه النصوص اللغوية مجمعة على استعمال حرف الجر "في" مع الفعل "أثّر تأثيراً" وعلينا الآن أن ننظر الواقع اللغوي وهو الإستعمال. ورد في حديث أبي بكر (رض) "فاجتنبوني لا أؤثّر في أشعاركم وأبشاركم".
    وجاء في نهج البلاغة "وخرج بسلطان الإمتناع من أن يؤثّر فيه ما يؤثّر في غيره".
    وقال الأعشى في معلقته:
    أثّرت في جأجيء كإران الــ ميت عولين فوق عوج رسال
    وقال أبو دلامة لروح بن حاتم المهلبي: "أما والله لو أن تحتي فرسك ومعي سلاحك لأثّرت في عدوك اليوم أثراً ترتضيه".
    وقال أبو عبيدة: "وأي حرة حصان تسمع قول بشار فلا يؤثّر في قلبها؟"
    وجاء في أخبار الخوارج "كان المغيرة ابن المهلب بن أبي صفرة الأزدي إذا نظر الرماح قد تشاجرت في وجهه نكس على قربوس السرج وحمل من تحتها فردها بسيفه وأثّر في أصحابها".
    وورد في وصف الأرض وسكانها قول المسعودي ناقلاً قول عمر (رض)" فصف لي المدن وأهويتها ومساكنها وما تؤثّره الترب والأهوية في سكانها". وقول المسعودي نفسه: "والأخبار عن شكل الأرض وهيأتها وما قالته حكماء الأمم....وتنازع الناس في كيفية ثباتها وتأثيرات الكواكب في سكانها... ومجاري الأفلاك.... ووجوه تأثيراتها في عالم الكون والفساد".
    وقال الشريف المرتضى: "خبر عن نفسه أن الشيطان يعتريه حتى يؤثر في الأشعار والأبشار ويأتي ما يستحق به التقويم" وقال: "لأنه لا يؤثّر في أحوال فاعله وحط رتبته". وقال في موضع آخر: "وقد يكون الشيء في نفسه مطعوناً عليه وان لم يكن عليه طاعن، كما قد يكون بريئاً من الطعن وإن الطعن فيه بما لم يؤثّر فيه". وقال الشريف الرضي:
    دهر تؤثّر في جسمي نوائبه فما اهتمامي أن أودى بسربالي
    وقال ابن أبي الحديد: "ولهذا متى توالت منه الأفعال القبيحة الظاهرة وتكررت قدحت في حاله وأثّرت في ولايته". وقال بعد ذلك: "وإن لم يكن مقطوعاً يؤثّر في الباب ويكون أقوى مما تقدم...".
    فهذه شواهد من قديم اللغة ومولد تعابيرها للتأثير الحسي والتأثير المعنوي تفيد أن حرف الجر الذي يصاحب الفعل "أثّر" بتشديد الثاء هو "في" لا غير. ولم أجد استعمال "أثّرعلى" على كثرة مطالعتي لكتب الأدب والتأريخ إلا في شعر الأعسر بن مهارش الكلابي وكان معاصراً لسيف الدولة الحمداني وذلك في قوله:
    فخلت البكا من رقة الخد أنه يؤثّر من حدر على صفحة الخد
    وقد اضطرته ضرورة الوزن أن يضع "على" موضع "في" ويجوز للشاعر ما لا يجوز للناثر كما هو متعالم.
    وجاء في خبر البزاز الذي تزوج جارية السيدة شغب أم الخليفة المقتدر بالله قوله: "فلما جاء الليل أثّر في الجوع". وفي كتاب آخر: "فلما جاء اليل أثّر الجوع بي" ولعله تصحيف مع قربه من الفصيح. ثم إن الذي جعل هذا الغلط يشيع ويذيع هو استعمال المثقفين له في أثناء كلامهم وأحاديثهم فضلاً عن الكتابة. (م ج)

    قل: هذا مستشفى جديد
    ولا تقل: هذه مستشفى جديدة
    وذلك لأن المستشفى اسم مكان مذكر ومشتق من الفعل "إستشفى يستشفى إستشفاءً" أي طلب الشفاء. واسم المكان من الفعل غير الثلاثي يكون على وزن اسم المفعول مستعملاً كان كمستعطى، أو غير مستعمل كمستلقى، وهو مذكر دائماً. ولا يقبل التأنيث مع بقائه اسم مكان، فلا يقال "مستشفاة" لمكان طلب الشفاء. فهو بخلاف الثلاثي الأصل فإنه يقبل التأنيث سماعاً، تقول "محط ومحطة" و "منزل ومنزلة" و "مقام ومقامة" و "مكان ومكانة" و "محل ومحلة" و "مزل ومزلة" و "موقع وموقعة" و "مرحل ومرحلة"، وما يصعب استقصاؤه.
    والظاهر أن الذي ابتدع تأنيث المستشفى قاسه على "الخستخانة" الفارسية المترّكة أي المستعملة في لغة الترك. فالخستخانة مؤنثة فجعل المستشفى مؤنثاً قياساً عليها وهذا غلط. فالمستشفى مذكر كما قلت ولا يجوز تأنيثه بحال من الأحوال.
    فقل: هذا مستشفى جديد ولا تقل جديدة. (م ج)

    قل: المَصرِف
    ولا تقل: المَصرَف
    فالمصرِف اسم مكان من "صرفت الذهب بالدراهم أصرفه بكسر الراء صرفاً أي بعته بها". وكأن الصرف مأخوذ من الصريف وهي الفضة، واسم المكان من "صرف يصرف" هو المصرِف كالمجلِس والمنزِل. ولا يجوز أن يقال المصرَف بفتح الراء لأنه غلط بكونه مخالفاً للقياس وغير مسموع ولا مدون. ثم ان العرب بطبيعة لسانها تميل الى كسر العين من اسم المكان وإن خالف القياس فمن ذلك المسجِد والمطلِع والمغرِب والمشرِق والمسكِن والمرفِق والمنبِت والمنسِك والمسقِط كمسقط الرأس بكسر الثالث، فإن عين المضارع من أفعالها مضمومة وقد أختار بعض المعاصرين لنا "المصرِف" للبنك الإنكليزي و البانك الفرنسي ولا نرى باساً في ذلك لأن التسمية كالرمز والإشارة فلا تستوجب الإحاطة والإستيعاب كما يريد البعيدون عن فقه أسرار اللغات. ومثل المصرِف من اسماء المكان "المعرِض والمحفِل" فلا يجوز فتح الراء والفاء منهما. (م ج)

    قل: هذا غصن رطب أو روض نضر
    ولا تقل: هذا غصن يانع أو روض يانع
    ويقولون غصن يانع أي نضير أو رطب وكذا زهرة يانعة وروض يانع ولا يأتي ينع بهذا المعنى إنما يقال ثمر يانع وينيع أي ناضج وقد ينع الثمر وأينع إذا أدرك وحان قطافه واليانع أيضاً الأحمر من كل شيء وثمر يانع إذا لون. ومن الغريب أن هذا الوهم ورد في كلام أناس من المتقدمين وممن وكم في الحريري صاحب درة الغواص قال في المقامة النصيبية "وكان يوماً حامي الوديقة يانع الحديقة". وفسر الشريشي يانع الحديقة بقوله "ناعم الروضة". وجاء للشريشي أيضاً في خطبة شرحه "ولم يزل في كل عصرمن حملته بدر طالع وزهر غصن يانع. ومن كلام القاضي شهاب اليد ابن فضل الله "حتى تدفق نهره وأينع زهره" رواه صاحب فوات الوفيات. وقال الصفدي
    يامن حواه اللحد غصناً يانعاً
    وكذا كسوف البدر وهو تمام
    وهو كثير في كلامهم ووقوع مثل هذا من أمثال هؤلاء الأئمة في منتهى الغرابة. (إ ي)

    قل: هذا حديث موجزٌ
    ولا تقل: هذا حديث مقتضبٌ (بهذا المعنى)
    يستعمل الكثير منا كلمة "المقتضب" للدلالة على الحديث الموجز وهذا خطأ، فالحديث "المقتضب" في اللغة: الكلام الذي قُطع من دون إتمامه، و "المقتضب" كذلك ما ألقي من دون رَوِيَّةٍ، اي باستعجال، وهوأيضاً الكلام المرتجل، ولذلك سمَى الخليل بن أحمد أحد بحور الشعر "المقتضب" أي المقتطع لأنه اقتُضِبَ اي اقتطع من بحر المنسرح.
    يقول ابن منظور في لسان العرب: "واقتضاب الكلام: إرتجاله، يقال: هذا شعر مُقتَضبٌ وكتاب مُقتَضَبٌ، واقتضبتُ الحديث والشعر: تكلمت به من غير تهيئة أو إعداد له". وكما ترى لم يرد أن الموجز من معاني كلمة "المقتضب". (خ ع)

    قل: القوات المكلفة بالمهمة
    ولا تقل: القوات المولجة بالمهمة
    فقد شاع في الإعلام اللبناني بشكل خاص إستعمال لفظة "مولجة" حين يراد بها "مكلفة". كما شاع استعمل الفعل "تولّج" بمعنى "تولّى". وقد نبه إبراهيم اليازجي لهذا لخطأ منذ عقود حين كتب في "لغة الجرائد" مصححاً قول أهله في لبنان "تولّج فلان الأمر" وهم يريدون به "تولى فلان الأمر". فكتب "وما نحسبهم إلا أرادوا هذا اللفظ الأخير بعينه أي لفظ تولاه فأبدلوا من ألفه جيماً وهو من غريب التحريف. وأما تولج فمعناه دخل مثل ولج المجرد". (إ ي)
    ولم يرد عن العرب إستعمال "ولج" أو "مولجة" بمعنى قريب مما يستعمل في لبنان اليوم. فقد جاء في الصحاح:
    " وَلَجَ يَلِجُ وُلوجاً ولِجَةً، أي دخل".
    وهذا ابن فارس يكتب في مقاييس اللغة تحت باب "ولج":
    "الواو واللام والجيم: كلمةٌ تدلُّ على دُخول شيء. يقال وَلَج في مَنزِلِه ووَلَجَ البيتَ يَلِجُ وُلُوجاً.والوَليجة: البِطانةُ والدُّخَلاء."
    وقال تعالى: " ذَ‌ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِى ٱلَّيْلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌۢ بَصِيرٌۭ". أي يدخل من هذا في ذاك ومن ذا في هذا. وقال عز من قائل: "ام حسبتم ان تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون." والوليجة هي البطانة كما أجمع الشراح.
    فقل: المكلفة
    ولا تقل: المولجة (ع ع)

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    3 تشرين أول 2013
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7
    قل ولا تقل / الحلقة الخامسة عشرة
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: هذا بدل مشاركة في الجريدة أو المجلة
    ولا تقل: هذا بدل الإشتراك
    وذلك لأنك تقول "شاركت في الجريدة أو المجلة، أشارك شراكا ومشاركة" ولا يصح البتة أن تقول "اشتركت في المجلة أو الجريدة" لأن "اشترك" يدل على التشارك أعني أن "افتعل" هاهنا بمعنى "تفاعل" الإشتراكي. ولا يصح أن يكون من جهة واحدة بل يكون من جهتين فاعلتين أو أكثر منهما. ألا ترى أنه لا يجوز لك أن تقول "اعتونت" وتكتفي ولا "اقتتلت" وتسكت ولا "ائتمرت" وتدعي الإفادة. فلا بد لك أن تقول "اعتونت أنا وفلان" أي تعاونتما، و "اقتتلت أنا وعدو الوطن" أي تقاتلتما، و "ائتمرت أنا وفلان بالخائن" أي تآمرتما به. فكذلك "اشتركت أنا والقوم في المجلة". فإذا لم يكن معك واحد معلوم رجعت الى المفاعلة فقلت "شاركت في المجلة" كما تقول عاونت وقاتلت وآمرت. ويؤيد ذلك أن الفصحاء منذ وُجدت العربية الى اليوم لم يقل أحد منهم "فلان متشارك ولا مشترك" بل قالوا هو "شريك ومشارك" ولا قال أحد "هو متعاون بل معاون"، ولا قال أحد "هو متقاتل" بل قالوا "مقاتل"، إلا "المتآمر" فإن الذين لا يعلمون من العربية شيئاً جليلاً قالوا "فلان متآمر" والصواب "مؤامر" كمشارك ومقاتل ومحاسب والمباري والمسابق وقد تكلمنا عليه في موضعه. (م ج)

    قل: الإنتكاس أو الإنتكاس النوعي
    ولا تقل: الشذوذ الجنسي ولا الإنحراف الجنسي
    وقل: فلان منتكس
    ولا تقل: فلان شاذ جنسياً ولا منحرف جنسياً
    ويقولون للرجل والشاب اللذين يأتيان ما يخلف طبيعتهما البضاعية، وللمرأة والشابة المخالفتين لطبيعتهما البضاعية: شاذان وشاذتان جنسياً أو منحرفان ومنحرفتان جنسياً. ويسمون تلك الصفة من لواط وسحاق "الشذوذ الجنسي والإنحراف الجنسي"، وهذه الصفة وهذه التسمية من أسوء الترجمة الفاسدة من اللغات الأعجمية كالفرنسية والإنكليزية، فالجنس عندهم ترجمة "سيكس" الفرنسية وهي لتمييز الإناث من الذكور. فأول ما فيها من الخطأ القبيح إطلاقهم "الجنس" على "النوع". فالبشر جنس وهو الجنس البشري، والذكور منه نوع والأنوثة منه نوع، والجنس أعم من النوع والنوع أخص من الجنس. جاء في المصباح المنير "الجنس: الضرب من كل شيء والجمع أجناس وهو أعم من النوع، فالحيوان جنس والإنسان نوع". ثم قال: "والنوع من الشيء: الصنف.... قال الغاني: النوع أخص من الجنس وقيل هو الضرب من كل شيء كالثياب والثمار حتى في الكلام".
    وورد في لسان العرب: "الجِنْسُ: الضَّربُ من كل شيء، وهو من الناس ومن الطير..... والإِبل جِنْسٌ من البهائم العُجْمِ..... والبقر جنس والشَّاء جنس.... والجِنْسُ أَعم من النوع، ومنه المُجانَسَةُ والتَجْنِيسُ.
    ويقال: هذا يُجانِسُ هذا أَي يشاكله، وفلان يُجانس البهائم ولا يُجانس الناسَ إِذا لم يكن له تمييز ولا عقل."
    فقول صاحب المصباح المنير: "فالحيوان جنس والإنسان نوع" يستوعب أن يكون "الإنسان جنساً والذكر والإنثى نوعين له" على حسب تدرج العموم والخصوص، فقولهم "الجنس اللطيف" لإناث الإنسان و "الجنس الخشن" لذكور الإنسان غلط مبين درج عليه المؤلفون والكتاب على سبيل التقليد والإقتداء، والصواب "النوع اللطيف والنوع الخشن".
    وبما قدمنا يظهر الغلط من استعمال "الجنس" في قولهم "الشذوذ الجنسي" و "الإنحراف الجنسي" لأن البشر جميعهم "جنس" بحسب التدرج الذي ذكرناه آنفاُ. فكان عليهم أن يقولوا "الشذوذ النوعي والإنحراف النوعي" على أن في واقع اللغة العربية ما يغني عن هذا الإستعمال الذي هو غلط على شطط، وهو "الإنتكاس|". قال الأديب المؤلف الإخباري أبو هفان عبد الله بن أحمد: "حدثني سليمان ابن أبي سهل قال: سألت أبا نؤاس أن يجعل شربه عندي أياماً متتابعة ضنانة ومنافسة على ما كان يفوتني منه، فأجابني الى ذلك. فأعددت له ما احتجت اليه من سماع وغيره وبدأنا في الشرب. فلما كان آخر الليل جعل يشكو وجده بجارية قد فتنته ويصف أنه ما ينؤه لذة ولا يسوغ له في شراب ولا يصفو له عيش بسببها، فقلت: ويحك (قد انتكست) وصرت تعشق النساء أيضاً! قال: هو والله ما قلت لك...."
    فقوله لأبي نؤاس "قد انتكست" أراد به "قد شذذت أو انحرفت عن النوع البشري الذي تريده"، وإن كان هذا الإنحراف أو الشذوذ "إعتدالاً" و "استقامة" في الحقيقة. فالقائل كان هو نفسه "منتكساً" أي شاذ النوع ومنحرفه، يسمى الإعتدال والإستقامة بعد الزيغ والضلال "انتكاساً" وإذا زاغ الإنسان عن الهدى سمى الأشياء والأفعال بغير أسمائها، تسويغاً منه لما أراد بها. ومن الأمور المسلمة ان كلمة واحدة لها واقع في الإستعمال القديم تفضل كلمتين موهوما في معانيهما واستعمالهما، فالإنتكاس يفضل "الشذوذ الجنسي أو الإنحراف الجنسي" والمنتكس يفضل الشاذ جنسياً أو المنحرف جنسياً، ولا بأس باستعمال "الإنتكاس النوعي" لزيادة الإيضاح.
    وقد ذكر الأستاذ الكبير ساطع الحصري "معاني كلمة الجنس" وقال: "لإن استعمال الكلمة الواحدة للدلالة على هذا القدر من المعاني المتباينة يفسح[i] مجالاً واسعاً للإلتباس ويحول دون استقرار المعاني في الأذهان بوضوح تام"[1] وهذا قول صحيح مليح، وقال بعد ذلك: "وأما استعمال الجنس مقابل "سكس" الفرنسية فهو من الإستعمالات الحديثة فليس من اليسير استبعاد هذا المعنى أيضاً في الأحوال الحاضرة" وهذا القول ظاهر الفساد لما بيناه من أن كلمة "سيكس" الفرنسية تعني "النوع" في العربية، ولأن البشر جنس والرجال نوع والنساء نوع فلا يمكن تجريد البشر من كلمة "الجنس" المشتركة بين الرجال والنساء لإطلاقها على أحد النوعين منهما. (م ج)
    قل: أكدنا على فلان الأمر أو في الأمر
    ولا تقل: أكدنا على الأمر
    وذلك لأن الأمر هو الذي يستحق التأكيد أو الوصية في شأنه فينبغي أن يتعدى الفعل اليه أو يقدر له مفعول به كالوصية أو القول أو النصح، وتبقى "على" من حروف الجر أو الظرف، مفيدة التسلط على الإنسان وهو فرع من الإستعلاء. والعرب تستعمل "على" للضرر والتسلط في الغالب، وهي بخلاف اللام عندهم فهي للنفع والإيناس، فكانوا يخشون أن تكون "على" في أول كلامهم، لما فيها من إشعار المخاطب بحلول الأذى، ولذلك قالوا "سلام عليك" وهو القياس والواجب، أعني أنهم أخروا "على" وخالفوا القاعدة استجابة للنفس، وقالوا "ويل لفلان" ولم يقولوا "لفلان الويل" وهو القياس والواجب، لأن اللام عندهم للنفع والإيناس، فأخروها لئلا يشعر المخاطب بالنفع والإيناس، ولما أنشد أبو تمام قوله مبتدئاً:
    على مثلها من أربع وملاعب تذال مصونات الدموع السواكب
    قال بعض الحاضرين لعنة الله والناس أجمعين فصار الكلام على "مثلها لعنة الله" وكان ينبغي له أن يؤخر "على" فيقول"
    تذال مصونات الدموع السواكب على مثلها من أربُع وملاعب
    وأما تقدير المفعول فكأن يقال: أكّدت عليه الوصية في الأمر أوالقول في الأمر أو النصح في الأمر. (م ج)

    قل: المِساحة والزِراعة والصِناعة
    ولا تقل: المَساحة والَزاعة والصَناعة
    وذلك لأن المِساحة حرفة من الحرف أو مهنة من المهن، فهي تحتاج الى مزاولة طويلة ومعاناة غير قليلة، وإذا زاد الفعل زادت أحرف مصدره فطول المصدر يدُل على طول المعالجة، ويكون على وزن "فِعالة" بكسر الأول كالتِجارة والبِقالة والعِمالة والحِدادة والزِراعة والصِناعة والمِساحة، والى هذا الوزن تقلب الحِرف وأشباه الحِرف كالإمارة والنِقابة والوِزارة والوِكالة اي المحاماة، هذا مع وجود النَّقابة والوَزارة والوَكالة في اللغة. فإذا أريدت الحرفة والصنعة فهي مكسورة الأول وإذا أريد مجرد الإسم فهي مفتوحة الأول، فكثرة الخَطابة تؤدي الى الخِطابة، وكثرة النَّقاية تؤدي الى النِّقابة وكثرة الوَكالة تؤدي الى الوِكالة. (م ج)

    قل: نقل مراسلنا تفاصيل الحدث
    ولا تقل: غَطَّى مراسلنا تفاصيل الحدث
    وشاع في الإعلام العربي إستعمال الفعل "غَطَّى" والمصدر "تغطية" للدلالة على نقل الخبر أو المعلومات. وهذا الإستعمال للفعل "غطى" لم يرد عن العرب في اي وقت قبل الآن. فإذا راجعنا معجمات العربية لن نجد للفعل غطى سوى ما يلي:
    ففي لسان العرب: وغَطَى الشيءَ يَغْطِيه غَطْياً وغَطَّى عليه وأَغْطاه وغَطَّاه: سَتَره وعَلاه؛ قال: أَنا ابنُ كِلابٍ وابنُ أَوْسٍ، فمَنْ يَكُنْ قِناعُه مَغْطِيّاً فإِني مُجْتَلى وفي التهذيب: فإني لَمُجْتَلى.
    وفي باب "كفر" من لسان العرب: ورجل كافر: جاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر، وقيل: لأَنه مُغَطًّى على قلبه.
    أما إبن فارس فقد كتب في مقاييس اللغة: " الغين والطاء والحرف المعتل يدلُّ على الغِشاء والسَّتر. يقال: غَطَيت الشَّيءَ وغَطَّيْتُه. والغِطاء: ما تَغَطَّى به."
    وحيث إن العرب لم تستعمل "غطى" إلا بمعنى ستر وعلا، فلا بد أن نسأل عن سبب دخول هذا الإستعمال البائس للفعل "غطى". وجواب هذا نجده في التغرب الفكري الذي يعيش فيه عرب اليوم. فقد وصل هذا التغرب بالإعلامي العربي أنه أصبح يفكر بالإنكليزية أو الفرنسية ويترجم النص الإوربي حرفياً. وحيث إن اللغة الإنكليزية تستعمل الفعل “Cover” ليعني نقل الخبر فإن العربي إعتقد أنه يجوز له أن يستعمل الفعل العربي المقابل للفعل الإنكليزي ليدل على نقل الخبر. لكن هذا لا يصح ذلك لأن دلالة الفعل الإنكليزي على أكثر من معنى لا يعني أنه يجوز إعتماد ذلك في أية لغة أخرى، فكل لغة لها خصوصيتها.
    فقل: نقل الخبر
    ولا تقل: تغطية الخبر

    قل: هو من سادة القوم
    ولا تقل: هو من أسياد القوم
    فقد كتب إبراهيم اليازجي في لغة الجرائد ما نصه: "ويقولون في جمع السيد أسياد وهي من لفظ العامة لأنهم يقولون في المفرد سيد بالكسر مثال عيد وإنما السيد الذئب. والصواب جمعه على سادة مثل عيل وعالة وكلاهما نادر". وأخذ خالد العبري هذا واضاف عليه بقوله:
    "شاع في العصر الحديث جمعُ "سيَد" على "أسياد"، وهو جمع لم يرد عن العرب مطلقاً، فالعرب تجمعها جمعاً واحداً على "سادة".
    ومن ذلك قول طرفة بن العبد (من الطويل):
    فأصبحت ذا مالٍ كثيرٍ وزارني بنون كرامٍ سادةٌ لمُسوّدِ
    وقول حسان بن ثابت (من الطويل):
    وفينا إذا ما شبَّت الحرب سادةٌ كهولٌ وفتيانٌ طِوال الحمائلِ
    وتجمع "سادة" على "سادات" جمع جمعٍ، كما تُجمع قادة على قادات ورجال على رجالات."

    قل: هو وارث فلان
    ولا تقل: هو وريث فلان
    وكتب إبراهيم اليازجي قوله: "ويقولون هو وريث فلان ووريث العهد وهم الورثاء ولم ينقل عنهم لفظ الوريث إنما هو الوارث والجمع الورثة والورّاث".
    ونقل خالد العبري ذلك وتوسع فيه كاتباً:
    "من الكلمات التي شاعت في عصرنا كلمة "وريث" التي يجمعونها على "ورثاء" فهل ورد عن العرب "وريث" لكي نجمعه على "ورثاء"؟
    ونقول: إنه لم يرد عن العرب "فعيل" بمعنى فاعل من "ورث" والذي ورد عنهم "وارث" فقط، وقد جمعوها على: ورثة و وُرّاث.
    وصيغة "فعيل" من الصيغ التي لا يقاس عليها سواءً جاءت بمعنى فاعل أو جاءت بمعنى مفعول. يقول السيوطي في همع الهوامع عند الحديث عن فعيل بمعنى فاعل: وورد الفاعل بغير قياس من فعل المفتوح على "فعيل" كعَفَّ فهو عفيف، وخَفَّ فهو خفيف". ويقول ابن عقيل في شرحه على ألفية ابن مالك عند الحديث عن "فعيل" التي هي بمعنى مفعول: ".... ولا ينقاس ذلك في شيء، بل يُقتصر فيه على السماع، وهذا معنى قوله (وناب نقلاً عنه ذو فعيل)".
    من ذلك لا يجوز أن يقال "وريث" لأنها لم تسمع عن العرب، والذي نراه أن يبقى هذا الباب كما قرر علماؤنا الأوائل، فلا يفتح باب القياس فيه، لأنه ليس كل فعل يصلح أن يصاغ منه على وزن "فعيل" وما صلح منه أورده أهل المعاجم، فليرجع فيه إليها."

    قل: اطلعت على إضبارة القضية
    ولا تقل: إطلعت على ملف القضية
    وقد شاع في الإعلام وفي عدد من الدوائر الرسمية والقضائية في بعض من الدول العربية إستعمال عبارة "ملف القضية". وهو إستعمال لا أصل ولا مسوغ له. فلم يرد في أي من المعجمات العربية الصحيحة أي ذكر لكلمة "ملف" وكأنها لم تستعمل من قبل العرب قبل القرن العشرين. فإذا قال قائل ان التطور يجيز إشتقاق كلمة جديدة فإن كلمة "ملف" المشتقة ستعني الألة التي يلف بها كما تقضي قواعد اللغة العربية. فقد عقد سيبويه لذلك باباً سمّاه (هذا باب ما عالجت به ) قال فيه: (أما المِقصُّ فالذي يقص به، وكل شيء يُعالَج به فهو مكسورُ الأول، كانت فيه هاء التأنيث أو لم تكن). وهذا يعني أن كلمة "ملف" حتى إذا صح إشتقاقها فإنها لا تعني الأوراق الملفوفة وإنما تعني السلك أو الخيط الذي يجمع تلك الأوراق.
    ولم تكن مساهمة المعجم الوسيط بناءة حين عرف الملف على أنه "الإضبارة تجمع أوراقًا مختلفة في موضوع واحد أَو أكثر". فعرف "الملف" على أنه "الإضبارة". لكنا إذا بحثنا عن "الإضبارة" في المعجمات الصحيحة وجدنا ما يلي:
    فقد جاء في لسان العرب:" والإِضْبَارَةُ الحُزْمة من الصُّحُف، وهي الإِضْمَامَة"
    كما جاء في الصحاح للجوهري: "والإضْبارَةُ بالكسر: الإضمامة. يقال: جاء فلان بإِضْبارَةٍ من كتبٍ، وهي الأضابير. وقد ضَبَرْتُ الكتبَ أَضْبِرُها ضَبْراً، إذا جعلتها إضْبارَةً."
    وكتب إبن فارس في مقاييس اللغة: "الضاد والباء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدل على جمعٍ وقُوّةٍ. يقال ضَبرَ الشَّيءَ: جَمَعه .....وإضبارة الكتب من ذلك."
    وقال إبن السكيت في (إصلاح المنطق) " وتقول: جاء فلانٌ بإضبارة من كتب، وبإضمامة من كتب، وهي الأضابير والأضاميم."
    ويتضح مما تقدم أن العرب إستعملوا لفظة "إضبارة" لتعني مجموعة الوثائق والصحف التي تضم مع بعضها وهو ما يعنيه لفظ "ملف" الذي استحدث في العصر الحديث دون أية حاجة ذلك لأن لفظة "إضبارة" الأصيلة أغنتنا عن الحاجة لإشتقاق جديد. ولعل ما يبعث على العجب أن المعجم الوسيط عرف "الملف" بأنه "الإضبارة" فكأنه "عرف الماء بعد الجهد بالماء".
    فقل: إضبارة القضية
    ولا تقل: ملف القضية

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    24 تشرين أول 2013
    www.haqalani.com



    [1] الصواب "يفتح مجالاً" أو "يفسح في المجال" لأن فسح لازم لا متعد ويستعمل معه "في" لإجراء حدثه. (م ج)




    [i] الصواب "يفتح مجالاً" أو " يفسح في المجال" لأن "فسح" لازم لا متعد ويستعمل معه "في" لإجراء حدثه.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8
    قل ولا تقل / الحلقة السادسة عشرة
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟


    قل: أسِّسَت هذه المدرسة في السنة الأولى من حكم فلان وأسِّس المسجد على عهد فلان
    ولا تقل: تأسَّست المدرسة ولا تأسّس المسجد
    وذلك لأن الفعل "تأسَّس" خاص بما يقوم بنفسه والمدرسة وأشباهها من العمارات والمسجد وأمثاله من البنيان لا تقوم بأنفسها، أعني أنها لا تكون كوناً طبيعياً كالنبات والبشر والحيوان، وليس من شيء مصنوع يقوم أساسه بنفسه لأن الأساس بعينه معمول ومصنوع لأي ناشئ عن العمل والصناعة، ولذلك لم تستعمل العرب قط الفعل "تأسَّس" وإنما هو من اللغة العامية، لأن اللغة العامية فقدت الفعل المبني للمجهول منذ عصور كثيرة
    فلا يقول العوام "أكِل الطعامُ" بل "انئكل أو إنكل أو انوكل" على اختلاف لهجاتهم، ولا يقولون "أُسِّست الدار" بل تأسَّست. فالصواب "أُسِّست المدرسة وأسِّس المسجدُ". قال تعالى: "لمسجد أسِّس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه. وذلك لأن النبي محمداً (عليه الصلاة والسلام) هو الذي أسَّس المسجد. وقال تعالى: "أفمن أسَّس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسَّس بنيانه على شفا جرف هارٍ".
    وجاء في لسان العرب قال الليث: "أسَّستُ داراً إذا بينت حدودها ورفعت من قواعدها". وجاء في القاموس: "والـتأسيس بيان حدود الدار ورفع قواعدها وبناء أصلها". وقال الزمخشري في أساس البلاغة: "من لم يؤسس ملكه بالعدل فقد هدمه".
    وهذا الفعل وأمثاله تؤيد دعواي بأن المطاوعة المزعومة في اللغة حديث خرافة، فان العربي الفصيح لا تطاوعه نفسه على أن يقول "تأسَّس المسجد والمدرسة" وإنما يقول أسِّس المسجد والمدرسة وعلى ذلك يقاس. (م ج)

    قل: لَجْنة ولِجان ولَجَنات
    ولا تقل: لُجنة ولُجان ولُجُنات
    وذلك لأن الَّلجنة سمعت وأثبتت في كتب اللغة بفتح اللام الأصلية وليس لنا أن نجعل فتحتها ضمة. قال مجد الدين الفيروزأبادي في القاموس: " الَّلجنة الجماعة يجتمعون في الأمر ويرضونه" انتهى. ولا أحسب كلمة "الَّلجنة" عربية الأصل بل أراها معربة من إحدى اللغات الأعجمية، فالجوهري لم يذكرها في الصحاح ولا ذكرها غيره ممن رجع إلى كتبهم اللغوية مؤلف لسان العرب فلإنه لم يثبتها في اللسان، فصاحب القاموس نقلها من أحد كتب اللغة الأخرى. وقد يجوز أن يتكلف لها أصل عربي من الفعل "لجن" أي خلط، ومنه قولهم "لجَنَ ورقَ الشجر ونحوه أي خلطه بشعير أو دقيق حتى يثخن فتعلفه الإبل".
    وجمع الَّلجنة للكثرة أي ما تجاوزت عدته عشراً هو لِجان كحَربة و حِراب وظبية و ظِباء ، وللقلة أي من الثلاث الى العشر هو لَجَنات كعَرصة و عَرَصات، فلا تقل: لُجنة لُجان بل قل: لَجنة لِجان. (م ج)

    قل: جَهْورَيّ الصوت وجَهيرُ الصوت
    ولا تقل: جَهُوري الصوت
    هو الصوت الرفيع الذي ينتبذ صوته بعيداً، فالجَهْوَري كأنه منسوب الى جَهْور، ولو كان صفة مبالغة لقيل "جَهُور" مثل عفور وغفور ولم يحتج الى ياء النسبة، والواو في جَهْوَريّ للمبالغة كواو كوثر ونوفل وحوصلة وروسم وروشم وحَوشبة. (م ج)
    وجاء في لسان العرب في باب "جهر":
    " ورجلٌ جَهيرُ الصوتِ أَي عالي الصوت، وكذلك رجل جَهْوَرِيُّ الصوت رفيعُه.....والجَهْوَرِيُّ هو الصوت العالي."
    وكتب مؤلف الصحاح في باب "جهر":
    " وجَهَرَ بالقول: رفَعَ به صوتَه، وجَهْوَرَ. وهو رجلٌ جَهْوَرِيُّ الصوت، وجَهيرُ الصوت"

    قل: خِطبة الزواج
    ولا تقل: خُطبة الزواج
    يقال: خَطب المرأة يخطُبها خِطبة فهو خاطِب وخِطّيب وهي مخطوبة ويقال هي خِطّيبة إذا كانت قد خَطَبت الرجل على نفسها. أما الخُطبة فهي الكلام الذي يلقيه الخطيب من على المنبر أو غيره. يقال خَطَب فلان القومَ وفي القوم بخُطبة بليغة. (م ج)
    وكتب إبن منظور في باب "خطب" من لسان العرب:
    " وخَطَب المرأَةَ يَخْطُبها خَطْباً وخِطْبة، بالكسر...... وخَطَب الخاطِبُ على المِنْبَر، واخْتَطَب يَخْطُبُ خَطابَةً، واسمُ الكلامِ: الخُطْبَة."
    أما إبن فارس فكتب في مقاييس اللغة:
    " الخاء والطاء والباء أصلان: أحدهما الكلامُ بين اثنين، يقال خاطبهُ يُخاطِبه خِطاباً،والخُطْبة من ذلك. وفي النِّكاح الطّلَب أن يزوّج، قال الله تعالى:لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساء ".


    قل: يود فلان أن يفنى في خدمة الوطن، ويود الفناء في خدمة الأمة
    ولا تقل: يريد أن يتفانى في خدمة الوطن ولا يريد التفاني في خدمة الوطن
    وذلك لأن الفعل "تفانى" من أفعال الإشتراك في اللغة العربية فلا يصدر إلا من جهتين مختلفتين، يقال: تفانى القوم والقوم تفانوا أي أفنى بعضهم بعضاً، قال زهير بن أب سلمى:
    تداركتما عبساً وذبيان بعدما تفانوا ودقّوا بينهم عطر منشم
    قال ابن مكرم في لسان العرب: "تفانى القوم قتلاً: أي أفنى بعضهم بعضاً، وتفانوا اي أفنى بعضهم بعضاً في الحرب". فالعرب لم تستعمل "تفانى" إلا للإشتراك والإهلاك والإبادة، ولقائل أن يقول: وأين أنت من القياس وهو سبيل من سبل حياة اللغة؟ فأقول له: إذا أخذنا من الفعل "فني" فعلاً على وزن تفاعل وجب أن يقاس على طائفة من الأفعال، ذوات المعنى القياسي الصيغة، فيكون تفانى مثل تمارض وتماوت وتهالك وتعامى، وهي أفعال رياء وإظهار لغير الحقيقة، فيصير التفاني مُراآةً ومداجاةً ومخادعةً، وهي غير مرادة فضلاً عن كونها عيوباً ولو كان التفاني للنار أو للبخار أي لغير الإنسان لجاز ذلك بعض الجواز. فالصواب "الفناء في خدمة الوطن وهو يَفنى في خدمة الأمة". (م ج)

    قل: هذا الأمر لافِتٌ للنظر
    ولا تقل: هذا الأمر مُلفِتٌ للنظر
    نستعمل كثيراً لفظة "مُلفِت" فنقول مثلاً: "هذا الأمر مُلفِتٌ للنظر" فهل كلمة "مُلفِت" صحيحة؟
    نقول: لو تأملنا هذه الكلمة لوجدناها اسم فاعل من الفعل "ألفت"، فاسم الفاعل من الفعل غير الثلاثي يُصاغ بقلب حرف المضارعة ميماً مضمومة وكسر ما قبل آخره، نحو أقبل يُقبِلُ مُقْبِلٌ، والعرب لم تستعمل الفعل "ألفَت" قطُّ. فالصواب أن يقال "لافِتٌ" وهي اسم الفاعل من الفعل "لَفَتَ" التي تعني صرفه عن وجهه، فـ "لافِتٌ" تعني إذن: الأمر الذي يصرف الوجوه والتفكير نحوه، يقول المولى عز وجل: "قالوا إجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا" أي لتصرفنا. فالصواب في العبارة السابقة أن نقول "هذا الأمر لافت للنظر". (خ ع )

    قل: قابلته مُصادَفَةً
    ولا تقل: قابلته صُدفَةً
    الأصل: صَدَفَ عنه يَصدِفُ صَدْفَاً و صُدُوفاً أي عدل ومال، وأصدفه عنه: مال به، وصدف عني: أعرض عني.
    وفي كتاب الله: "سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون"، فمعنى يصدفون في الاية: يعرضون.
    والصَّدُوفُ من النساء التي تعرض عن زوجها. والصَّدَف: كل شيء مرتفع كالهدف والحائط والجبل. والصَّدف والصَّدَفة: الجانب والناحية.
    والصٌّدْفان: ناحيتا الشعب أو الوادي، ويقال لجانبي الجبل إذا تجاذبا صُدُفان أو صَدَفان لتصادفهما أي لتلاقيهما، وفي كتاب الله : "حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا". ومن هذا يُقال: صَادَفت فلاناً إذا لاقيته ووجدته، ولا نقول صَدَفت فلاناً.
    إذن نقول: صادفته مُصَادَفَةً ومصادفة مصدر ميمي من صادف،
    ولا نقول: صَادَفتُه صُدفَةً، ولا نقول: صَدَفْتُه. (ع ن)

    قل: هو شاعر بليغ فضلاً عن شجاعته
    ولا تقل: هو شاعر بليغ ناهيك عن شجاعته
    وكتب إبراهيم اليازجي في (لغة الجرائد) "ويقولون هو شاعر بليغ ناهيك عن شجاعته أي فضلا عن شجاعته مثلاً. ولا يستعمل ناهيك بهذا المعنى إنما يقال زيد رجل ناهيك من رجل كما يقال كافيك من رجل وحسبك من رجل أي هو كاف لك فكأنه ينهاك عن طلب غيره".
    وقال إبن منظور في لسان العرب: "وفي قولهم: ناهِيكَ بفلان معناه كافِيكَ به، من قولهم قد نَهيَ الرجلُ من اللحم وأَنْهَى إِذا اكْتَفى منه وشَبِع.
    أما إبن فارس فقد ذكر في مقاييس اللغة في باب (نهي): "وفلانٌ ناهِيكَ من رجلٍ وَنَهْيُك، كما يقال حسبك، وتأويله أنَّه بِجدِّه وغَنَائه ينهاك عن تطلُّبِ غيره.
    وذكر القاموس المحيط تحت باب (نهاه): "وناهيكَ منه،
    ونَهاكَ منه، بِمَعْنَى: حَسْبُ.
    وهكذا يتضح أن العرب لم تستعمل "ناهيك" بالمعنى الذي يستعمله العامة اليوم. فاعدل عنه الى الصحيح من القول.
    وقل: فضلاً عن شجاعته
    ولا تقل: ناهيك عن شجاعته.

    قل: فعلت هذا لمَصلَحَة فلان
    ولا تقل: فعلت هذا لِصالِح فلان
    وكتب إبراهيم اليازجي في (لغة الجرائد) "ومثله قولهم فعلت هذا لصالح فلان أي لمصلحته ومنفعته وهذا الأمر من صالحي وهي الصوالح ولم يأت الصالح في شيء من اللغة بهذا المعنى وانما هو من كلام العامة".
    وقال إبن منظور في باب (صلح):
    "الصَّلاح: ضدّ الفساد؛ صَلَح يَصْلَحُ ويَصْلُح صَلاحاً وصُلُوحاً........ وهو صالح وصَلِيحٌ........ ورجل صالح في نفسه من قوم صُلَحاء ومُصْلِح في أَعماله وأُموره........ والمَصْلَحة الصَّلاحُ...واحدة المصالح."
    وقال إبن فارس في المقاييس: "الصاد واللام والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِلاف الفَساد. يقال صلُحَ الشَّيءُ يصلُحُ صلاحاً."
    وهكذا نرى في ما أوردت معجمات اللغة أن العرب لم تستعمل "صالح" إلا كإسم الفاعل. والصحيح القول "مصلحة" لهذا المعنى.

    قل: هذا حبل كهربائي
    ولا تقل: هذا كيبل أو كابل أو قابلو كهربائي
    فقد شاع في الوطن العربي في القرن العشرين إستعمال عبارة "كيبل كهربائي" أو "كيبل إتصالات" أو تحويرات منها مثل "القابلو المحوري" كما يشار له في العراق. وجميعها تعريب للكلمة الإنكليزية (Cable) . ذلك لأن أول إستعمال للكلمة في اللغة الإنكليزية كان بمعنى الحبل الغليظ. وحين برزت حاجة العلم والتقنية لإستحداث وسيلة لنقل الكهرباء أو الإتصالات فإنهم لم يترددوا في إستعارة لفظة الحبل لهذا الغرض.
    فما هو العيب لو أن العرب إستعاروا كلمة "الحبل" للتعبير عن وسيلة نقل الكهرباء أو الإتصالات أو البيانات كما فعل الإنكليز مما يوفر عليهم الحاجة لتعريب اللفظ الإنكليزي.
    وما دمنا بصدد الحبل فلا بأس أن نعرج على تصحيح خطأ شائع عند العرب وهو تفسير الاية الكريمة "لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَ‌ٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِى سَمِّ ٱلْخِيَاطِ ۚ وَكَذَ‌ٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُجْرِمِينَ". فقد نشر المفسرون بين الناس أنه تعالى أراد في كلمة "الجمل" البعير المعروف. وقد علل أحد المفسرين ذلك بالقول انه تعالى استعمل الجمل لحجمه الكبير. لكن هذا التفسير لا يليق برب العزة، ذلك لأن الأمثال تضرب على شاكلتها ونحن نتعلم منه تعالى، فما علاقة البعير بسم الخياط؟
    والصحيح عندي في تفسير معنى "الجمل" في الآية الكريمة هو ما جاء في لسان العرب في باب "جمل":
    "وهي قراءة ابن مسعود: حتى يلج الجُمَل، مثل النُّغَر في التقدير.
    وحكي عن ابن عباس: الجُمَّل، بالتثقيل والتخفيف أَيضاً، فأَما الجُمَل، بالتخفيف، فهو الحَبْل الغليظ، وكذلك الجُمَّل، مشدد. قال ابن جني: هو الجُمَل على مثال نُغَر، والجُمْل على مثال قُفْل، والجُمُل على مثال طُنُب، والجَمَل على مثال مَثَل؛ قال ابن بري: وعليه فسر قوله حتى يلج الجَمَل في سَمِّ الخياط".
    وهكذا يتضح أنه تعالى أراد في إستعمال "الجمل" في الآية الكريمة "الحبل الغليظ" وليس البعير كما قال المفسرون. وفوق كل ذي علم عليم.
    فقل: هذا حبل محوري
    ولا تقل: هذا كيبل أو قابلو محوري.


    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    3 تشرين ثاني 2013
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  9. #9
    قل ولا تقل / الحلقة التاسعة عشرة
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: هذه خريطة الطريق
    ولا تقل: هذه خارطة الطريق
    يعيش العرب اليوم أكثر من أي وقت سبق كالقردة يقلدون سيدهم الغربي، وكيف لا فإن لم يفعلوا فلا بد أنهم سيتخلفون عن ركب الحضارة والتقدم. وحبذا لو قلدوه في تطوره العلمي والطبي والهندسي.. لكنهم اختاروا بدلا أن يقلدوه في تفاهاته.. فاختاروا برامج التلفاز ولم يكتفوا بالقيام بمحاكاة البرامج بالكامل بل إنهم حين إكتشفوا عجز العربية وقصورها في التعبير كان لا بد أن يستعيروا أسماء البرامج من الإنكليزية الثرية...فعندنا اليوم “Arab Idol” وعندنا اليوم “Arabs Got Talent” وعندنا اليوم "أكشنها" وما شابهها من التفاهات..وهكذا فحين تفتق العقل الأمريكي الفذ في السياسة، وهو ما انفك يتحفنا بعظيم المساهمات في المأساة الإنسانية، عن مصطلح “Road Map” سارع الساسة والإعلاميون العرب لتبني هذا المصطلح الجديد وإستعماله في مناسبة وغير مناسبة حتى لا يبدو أنهم لا يفهمون، وهم ولا شك يفهمون في كل شيء.
    لكنهم في غمرة النقل الأعمى لم يحسنوا الترجمة للتعبير عن الأصل الإنكليزي.. ذلك لأنك تسمع كثيراً من الساسة والإعلاميين من يقول "خارطة الطريق". وهذا خطأ لأن ترجمة “Map” هو خريطة وليس خارطة.
    فما أصل كلمة خريطة في العربية؟ جاء في الصحاح:" والخَريطَةُ وعاءٌ من أَدَمٍ وغيرهِ يُشْرَجُ على ما فيها".
    وحين وضع العالم العربي أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الهاشمي أول رسم للعالم كما تصوره فإنها سميت "خريطة الإدريسي".وأ

    وجاء في المعجم الوسيط في معنى خريطة ما أضاف هذا الإستعمال الجديد:
    " وعَاء من جلد أَو نَحوه يشد على مَا فِيهِ و (فِي اصْطِلَاح أهل الْعَصْر) مَا يرسم عَلَيْهِ سطح الكرة الأرضية أَو جُزْء مِنْهُ (ج) خرائط".

    أما كلمة "خارطة" فهي مؤنت "خارط" وجذرها هو خرط وجاء في القاموس:
    " خَرَطَ الشجرَ يَخْرِطُهُ ويخْرُطُه: انْتَزَعَ الوَرَقَ منه اجْتِذاباً."
    وجاء منه في العباب الزاخر:
    "وحمار خارط: وهو الذي لا يستقر العلف في بطنه".
    وليس لأي من هذا ما له علاقة بالكلمة الإنكليزية المراد ترجمتها. فالصحيح هو إستعمال "خريطة" كما استعملت لتمثيل ما رسمه الإدريسي للتعبير عن رسم الطريق.

    قل: وردت علينا برقية مُفادها كيت وكيت
    ولا تقل: مَفادها
    وذلك لأنك تقول: أفادت البرقية كيت وكيت على سبيل الإستعارة اي جاءت بفائدة خبرية، والمصدر الميمي من أفاد هو "مُفاد" على وزن اسم المفعول، وذلك من القياس المطرد فالمُفاد ها هنا كالمُصاب، قال بعض الشعراء القدماء:
    أظلومُ إن مُصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظُلُم
    أي يا ظلوم إن اصابتكم رجلاً ومنه قوله تعالى"وقل ربي أدخلني مُدخل صدق وأخرجني مُخرج صدق". أي إدخال صدق وإخراج صدق.
    أمّا "المَفاد" فهو مصدر ميمي لفعل من الأفعال المعروفة بالأضداد من معانيه حصول الفائدة والحياد والموت والتبختر وفي استعماله التباس كبير فضلاً عن بعده عن المراد. (م ج)

    قل : هو فارس النظر بيِّن الفِراسة
    ولا تقل: هو فارس النظر بيِّن الفَراسة
    ويصعب على الكثيرين التمييز بين الفِراسة والفَراسة، رغم أن هناك فرقاً في المعنى. وهذه الصعوبة ليست وليدة عصرنا هذا فهي تعود للعصر العباسي.
    فقد كتب أبن السكيت في إصلاح المنطق:"الأصمعي: فارسٌ على الخيل بيِّن الفُرُوسة والفَرَاسة، وهو فارس النظر بيِّن الفِراسة، ومنه: اتقوا فِرَاسة المؤمن."
    وكتب ابن منظور في لسان العرب:
    "وقد فرُس فلان، بالضم، يَفْرُس فُرُوسة وفَراسة إِذا حَذِقَ أَمر الخيل.......... والفِراسة، بكسر الفاء: في النَّظَر والتَّثَبُّت والتأَمل للشيء والبصَر به، يقال إِنه لفارس بهذا الأَمر إِذا كان عالماً به."
    وجاء في العباب الزاخر:
    "وفي الحديث: عَلِّموا رِجالَكُم العَوْمَ والفَرَاسَةَ: يعني العِلمَ بركوب الخيل ورَكْضِها...... والفِرَاسَة -بالكسر-: الاسم من التَفَرُّس، ومنها الحديث الذي يَرْفَعونَه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلّم- اتَّقوا فِراسَة المؤمن فإنَّه يَنْظُرُ بنور الله."
    وهكذا يتضح الفرق بين الفِراسة والفَراسة.

    قل: إعتذر من التقصير أو الذنب
    ولا تقل: إعتذر عن التقصير أو الذنب
    يقال "إعتذر فلان من التقصير والذنب" لا "اعتذر عنهما". جاء في الصحاح "إعتذر من الذنب". وجاء في لسان العرب "وإعتذر من ذنبه: تنصل". ثم جاء فيه في الإعتذار بمعنى الدروس:"وأخذ الإعتذار من الذنب من هذا لأن من اعتذر شاب إعتذاره بكذب يعفي ذنبه".
    وجاء في وصف عبد الملك بن مروان على لسان عمرو بن العاص "آخذ بثلاث تارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث وبحسن الإستماع إذا حُدّث وبأيسر الأمرين إذا خُولف، تارك للمِراء وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يتعذر منه".
    وجاء في كتاب للإمام علي (ع) بعث به الى كثم بن العباس (رض):
    "فأقم على ما في يديك قيام الحازم الطيب، والناصح اللبيب التابع لسلطانه المطيع لإمامه وإياك وما يُعتذر منه".
    وقال ابن أبي عتيق للثريا "هذا عمر قد جشمني السفر من المدينة إليك فجئتك معترفاً بذنب لم يجنه معتذر إليك من إساءته إليك".
    وغنى الدلال أبو زيد ناقد المدني مولى عائشة بنت سعيد بن العاص:
    طربت وهاجك من تَذَكُّر ومن لست من حُبّهِ تَعتَذر
    وقال ابن عرادة السعدي في مدح سلم بن زياد بن أبيه:
    يقولون اعتذر من حُبِّ سَلْم إذن لا يقبل الله اعتذاري
    ومدح الراعي عبيد الله بن الحصين (سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص) قال المفضل الضبي: "قال لوكيله كم عندك؟ قال: ثلاث آلاف دينار. قال: ادفعها اليه واعتذر من قلتها".
    وجاء في كليلة ودمنة ص -377 "فدعا الأسد بابن آوى واعتذر اليه مما كان منه. وقال عبد الله بن محمد بن البواب خليفة الفضل بن الربيع في حجبه الهادي بن المهدي في أمر وقع له مع الأسود بن عمارة النوفلي: "فدنوت منه وأخبرته خبر الهادي واعتذرت من مراجعتي إياه".
    وقال أبو علي الحسن بن حمدون: "وكتب يوسف بن ديوداذ الى الوزير أبي الحسن علي بن الفرات يعرفه الخبر ويعتذر اليه من تأخير المال الذي واقفه عليه". وقال بشار بن برد:
    قلت وإذ شاع ما اعتذارك مما ليس لي فيه عند همك عذر
    وقال ابن عبدوس الجهشياري: "حكي لنا أن موسى الهادي سخط على بعض كتابه.... فجعل يقرعه بذنوبه ويتهدده، فقال له: يا أمير المؤمنين إن اعتذاري مما تُقَّرعني به رَدَّ عليك". وقال بعض الفضلاء في خبر له: "وجعلت اعتذر اليه منه بعذر....وكيف يكون اعتذار انسان من كلام قد تكلم به".
    وقد تصحفت "من" الى "عن" في المصباح المنير مع أن مصحح الطبعة الشيخ حمزة فتح الله الأديب الكبير المشهور، إنما تستعمل "عن" مع اعتذر ومصدره لإفادة معنى النيابة. يقال "اعتذر زيد عن عمرو من الذنب الذي جناه أو من تقصير ومنه ما ورد في مستدرك المعجمات لدوزي "ألا اعتذرت لهم عني" لأنه لم يرد لقاءهم.
    وفي ن س ل من لسان العرب "ذكره أبو منصور واعتذر عنه أنه أغفله في بابه فأثبته في هذا المكان". (م ج)

    قل: الدين الإسلامي السمح والديانة الإسلامية السمحة والرجل السمح والمرأة السمحة
    ولا تقل: الديانة السمحاء
    وذلك لأن الصفة الواردة من مادة السماحة جاءت على وزن "فَعْل" للمذكر وعلى وزن "فَعْلة" للمؤنث نحو "سهل وسهلة وضخم وضخمة وشهم وشهمة وبحت وبحتة". ولأن فعل هذه الصفة هو من باب "فَعُل يَفعُلُ" ولا تأتي الصفة من هذا الوزن على "أفعل وفَعلاء" لكي يقال "سمحاء". بل تأتي على "فعيل وفعيلة" و"فعل وفعلة" قياساً و "فُعل وفُعلة" ندوراً، كشريف وشريفة وسمح وسمحة وصُلب وصُلبة. وما ورد من شذوذ أعجف وعجفاء وآدم وأدماء و أسمر وسمراء وأحمق وحمقاء وأخرق وخرقاء وأرعن ورعناء. فمردود بأنه قد جاء في اللغة المسموعة أيضاً "عجِف و أدِم و سمِر و حمِق و خرِق و رعِن" فيجوز اشتقاق الصفات منهن على أفعل فعلاء، بله أننا نرى أن من الصفات ما سبق الأفعال لأن الصفات محسوسة فهي سابقة في الإشتقاق لأفعالها. وبيان ذلك عندنا أن الأسود يجوز أن يكون سمى "أسود" أولاً ثم اشتق منه الفعل "سوّد" يؤيد ذلك أن العرب تقول "أسودّ الشيء يسودُّ اسوداداً" أكثر من قولها "سوّد الشيء يسوّدُ سوداً" فاسوَدَّ يُسودُّ عندنا مأخوذ من الصفة اسود، وسوداء مأخوذة من "أسود" كذلك بتأخير الألف الأولى الى آخر الكلمة، والألف لما كانت في أول الصفة دلت على التذكير وفي آخرها على التأنيث وهذا مما لم يقف عليه العلماء القدماء.
    وأعود الى السمح والسماحة فأقول قال ابن فارس في المقاييس: "السين والميم والحاء أصل يدل على سلاسة وسهولة........ ورجل سمح أي جواد وقوم سمحاء". وقال الجوهري: "وامرأة سمحة ونسوة سِماح". وجاء في لسان العرب "سمح سماحة وسُموحة وسماحاً: جاد، ورجل سمح وامرأة سمحة ونساء سِماح وسمحاء فيها، وقولهم: الحنيفية السمحة أي ليس فيها ضيق ولا شدة. وما كان سمحاً ولقد سَمُحَ بالضم سماحة وجاد بما لديه، وعود سمح من السماحة والسموحة أي لا عقدة فيه، ويقال: ساجةٌ سمحة إذا كان غلظها مستوي النبتة وطرفاها لا يفوتان وسطه ولا جميع ما بين طرفيه من نِبتته. فإن اختلف طرفاه وتقاربا فهو سَمْحٌ أيضاً. قال بعض الأئمة: وكل ما استوت نِبتته حتى يكون ما بين طرفيه منه ليس بأدق من طرفيه أو أحدهما، هو من السَّمْح".
    وتفرد الفيومي بذكر "السّمح" قال في المصباح المنير "وسمُح فهو سمح وزاد خشن فهو خشِن لغة، وسكون الميم في الفاعل تخفيف، وامرأة سِمحة وقوم سُمحاء ونساء سِماح"
    قل: الدين الإسلامي السّمح والديانة الإسلامية السّمحة
    ولا تقل: السّمحاء (م ج)

    قل: فلان من ذوي المروءة
    ولا تقل: فلان من ذوي الشهامة
    كتب ابراهيم اليازجي في لغة الجرائد: "ويقولون فلان من ذوي الشهامة يعنون المروءة وعزة النفس وليس ذلك في شيء من كلام العرب ولكن الشهم عندهم الذكي المتوقد الفؤاد ويجيء بمعنى السيد النافذ الحكم في الأمور وقال الفرآء الشهم في كلام العرب الحمول الجيد القيام بما حمل وكله بعيد عن المعنى الذي يريدونه كما ترى".
    وكتب ابن منظور في لسان العرب في باب "شهم":
    "الشَّهْمُ: الذَّكِيُّ الفُؤاد المُتَوَقِّدُ، الجَلْدُ، والجمع شِهام............... وقد شَهُمَ الرجلُ، بالضم، شَهامة وشُهومة إذا كان ذكِيّاً، فهو شَهْمٌ أي جَلْدٌ. وفي الحديث: كان شَهْماً نافذاً في الأُمور ماضياً."
    وأورد ابن فارس في المقاييس تعريفاً مماثلا فكتب:
    "الشين والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على ذَكاء. يقال من ذلك: رجلٌ شَهْمٌ".
    أما المروءة فقد جاء معناها في الصحاح على أنه:
    "والمُروءَةُ الإنسانية، ولك أن تشدِّدَ."
    وجاء في لسان العرب وصف لها:
    "وسئل آخَرُ عن الـمُروءة، فقال: الـمُرُوءة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً."
    وهكذا نرى أن العامة تخطئ في استعمال لفظة الشهامة وهي تريد المروءة.

    قل: رأيته البارحة لليلة التي قبل نهارك والبارحة الأولى للتي قبلها
    ولا تقل: رأيته الليلة الماضية ولا ليلة أمس
    وذلك لأن البارحة في الأصل صفة لليلة التي قبل نهارك إذا تكلمت بعد الزوال أي بعد الظهر ثم حذف الموصوف وبقيت الصفة فصارت اسماً من الأسماء. وقولي: إذا تكلمت بعد الزوال أي الظهر تفسيره أنك إذا أردت أن تذكر الليلة فلها أسماء بالنسبة الى الزوال، فإذا تكلمت قبل الزوال أي قبل الظهر قلت: فعلت الليلة كذا وكذا، وجرى الليلة حادث مهم، وما اشبه ذلك. وإذا تكلمت بعد الزوال جاء في لسان العرب: "والعرب تقول: فعلنا البارحة كذا وكذا لليلة التي قد مضت يقال ذلك بعد زوال الشمس ويقولون قبل الزوال فعلنا الليلة كذا وكذا.... والعرب تقول ما أشبه الليلة بالبارحة أي ما أشبه الليلة التي نحن فيها بالليلة الأولى التي قد برحت وزالت ومضت. تقول: لقيته البارحة الأولى وهو من برح أي زال"، انتهى كلام صاحب اللسان.
    هذا للفعل الماضي أما المضارع وما أشبهه فلا يُشترط معهما زوال وعدم زوال وأنت بالليل: أكتب رسالتي الليلة أو هذه الليلة وإني كاتبها الليلة أو هذه الليلة، كما تقول أكتبها اليوم أو هذا اليوم. (م ج)

    قل: بالإضافة الى الشيء (أي بالنسبة اليه والقياس عليه)
    ولا تقل: بالإضافة اليه (بمعنى زيادة عليه ومضافا اليه)
    وذلك لأن معنى "بالإضافة الى الشيء" عند فصحاء الأمة هو "بالنسبة اليه" فالمعنيان مختلفان جداً، ولو لم يكن هذا التعبير قد شاع وتُعُورف وثبت معناه في كتب اللغة وكتب الأدب وكتب التأريخ وكتب الدين لتكلفنا مخرجاً له. قال ابن مكرم الأنصاري في ع ظ م من كتاب لسان العرب: "وأمر لا يتعاظمه شيء: لا يعظم بالإضافة اليه".
    وجاء في الأغاني من كلام عصر ابراهيم المهدي "فإذا فعل ذلك فهو بالإضافة الى حاله الأولى بمنزلة الاسكدار للكتاب".
    وقال أبو حيان التوحيدي: "على أن كلاهما بالإضافة". وقال مسكويه: "والطبيعة وإن كانت ضعيفة بالإضافة الى العقل منحطة الرتبة فإنها قوية فينا".
    وقال أبو الفرج ابن الجوزي: "ووجدت أهل الإسلام في الأرض قليلاً بالإضافة الى الكفار". وقال ابن جبير الأندلسي: "لأن لهم على كل حمل طعام يجلبونه ضريبة معلومة خفيفة بالإضافة الى الوظائف المكوسية التي كانت قبل اليوم". والوظيفة هنا ما يوظفه السلطان على ذوي التجارات والمبيعات، ثم قال: "وهي بالإضافة الى ما كانت عليه قبل انحاء الحوادث عليها والتفاف أعين النوائب اليها، كالطلل الدارس والأثر الطامس أو تمثال الخيال الشاخص". وقال القزويني: "حتى ان جميع المكشوف من البوادي والجبال بالإضافة الى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم" (عجائب المخلوقات ص 7 في وصف الأرض).
    وهذا قول لا شك فيه ولا تأويل ولا تخريج، ولا يجوز تشويه كلام القوم وعباراتهم بتقليد من لا يعرفهما. وشواهد استعمال "إضافة" بغير باء لأداء المعنى المراد متعارفة، منها ما ورد في كتاب الحوادث في أخبار سنة 639 هـ قال مؤلفه: "وفيها رد النظر في نهري الملك وعيسى الى حاجب باب النوبي تاج الدين علي بن الدوامي (إضافة الى ما يتولاه) من أمر الشرطة والعمارة". وورد في حوادث سنة 187 "وفيها رتب نجم الدين محمد بن أبي العز مدرساً بالنظامية...... إضافة الى القضاء". وهذا التعبير وإن كان مولداً فهو قريب من الجملة التي اُفسدت باستعمالها لغير معناها. (م ج)

    قل: رافقت السيارة من العراق في طريقها إلى مكة
    ولا تقل: رافقت القافلة من العراق في طريقها إلى مكة
    وشاع إستعمال "قافلة" لتعني كل رفقة في السفر ذاهبة كانت أو راجعة، فيقال قافلة الحجاج وقافلة السياح. وهذا إستعمال غير دقيق.
    فقد كتب ابن قتيبة في أدب الكاتب: "ومن ذلك: " القافِلَةُ " يذهب الناس إلى أنها الرُّفقة في السفر، ذاهبةً كانت أو راجعةً، وليس كذلك، إنما القافلة الراجعة من السفر، يقال: قَفَلَتْ فهي قافلة، وقَفَلَ الجُندُ من مبعثهم، أي: رَجَعوا، ولا يقال لمن خرج إلى مكة من العراق قافلة حتى يَصْدُروا".
    وقد عاب عليه ابن منظور في لسان العرب ذلك فكتب في باب قفل:
    "القُفُول: الرُّجوع من السفر...واشتقَّ اسمُ القافِلة من ذلك لأَنهم يَقْفُلون.... وظن ابنُ قتيبة أَن عوامَّ الناس يغلَطون في تسميتهم الناهِضين في سفر أَنشؤوه قافِلة، وأَنها لا تسمَّى قافِلة إِلا منصرِفة إِلى وَطنِها، وهذا غلَط، ما زالت العرب تسمي الناهضين في ابتداء الأَسفار قافِلة تفاؤلاً بأَن يُيَسِّر الله لها القُفول، وهو شائع في كلام فُصحائهم إِلى اليوم."
    وأحسب أن ما قاله ابن منظور ليس له مسوغ ذلك لأن ابن قتيبة أصاب في إشتقاقه وشرحه أما إدعاء ابن منظور بأن تسميتها قافلة صحيح بحجة أن الناس يتفاءلون بعودتها فهو تكلف واضح.
    ويؤيد ذلك ما أورده الجوهري في الصحاح:
    " والقافِلَةُ الرُفقةُ الراجعةُ من السفر."
    وكذلك ما كتبه إبن فارس في المقاييس:
    " ولا يقال للذاهبين قافلةٌ حتّى يرجعوا".

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    10 كانون الأول 2013
    www.haqalani.com
    قل ولا تقل / الحلقة التاسعة عشرة
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: هذه خريطة الطريق
    ولا تقل: هذه خارطة الطريق
    يعيش العرب اليوم أكثر من أي وقت سبق كالقردة يقلدون سيدهم الغربي، وكيف لا فإن لم يفعلوا فلا بد أنهم سيتخلفون عن ركب الحضارة والتقدم. وحبذا لو قلدوه في تطوره العلمي والطبي والهندسي.. لكنهم اختاروا بدلا أن يقلدوه في تفاهاته.. فاختاروا برامج التلفاز ولم يكتفوا بالقيام بمحاكاة البرامج بالكامل بل إنهم حين إكتشفوا عجز العربية وقصورها في التعبير كان لا بد أن يستعيروا أسماء البرامج من الإنكليزية الثرية...فعندنا اليوم “Arab Idol” وعندنا اليوم “Arabs Got Talent” وعندنا اليوم "أكشنها" وما شابهها من التفاهات..وهكذا فحين تفتق العقل الأمريكي الفذ في السياسة، وهو ما انفك يتحفنا بعظيم المساهمات في المأساة الإنسانية، عن مصطلح “Road Map” سارع الساسة والإعلاميون العرب لتبني هذا المصطلح الجديد وإستعماله في مناسبة وغير مناسبة حتى لا يبدو أنهم لا يفهمون، وهم ولا شك يفهمون في كل شيء.
    لكنهم في غمرة النقل الأعمى لم يحسنوا الترجمة للتعبير عن الأصل الإنكليزي.. ذلك لأنك تسمع كثيراً من الساسة والإعلاميين من يقول "خارطة الطريق". وهذا خطأ لأن ترجمة “Map” هو خريطة وليس خارطة.
    فما أصل كلمة خريطة في العربية؟ جاء في الصحاح:" والخَريطَةُ وعاءٌ من أَدَمٍ وغيرهِ يُشْرَجُ على ما فيها".
    وحين وضع العالم العربي أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الهاشمي أول رسم للعالم كما تصوره فإنها سميت "خريطة الإدريسي".وأ

    وجاء في المعجم الوسيط في معنى خريطة ما أضاف هذا الإستعمال الجديد:
    " وعَاء من جلد أَو نَحوه يشد على مَا فِيهِ و (فِي اصْطِلَاح أهل الْعَصْر) مَا يرسم عَلَيْهِ سطح الكرة الأرضية أَو جُزْء مِنْهُ (ج) خرائط".

    أما كلمة "خارطة" فهي مؤنت "خارط" وجذرها هو خرط وجاء في القاموس:
    " خَرَطَ الشجرَ يَخْرِطُهُ ويخْرُطُه: انْتَزَعَ الوَرَقَ منه اجْتِذاباً."
    وجاء منه في العباب الزاخر:
    "وحمار خارط: وهو الذي لا يستقر العلف في بطنه".
    وليس لأي من هذا ما له علاقة بالكلمة الإنكليزية المراد ترجمتها. فالصحيح هو إستعمال "خريطة" كما استعملت لتمثيل ما رسمه الإدريسي للتعبير عن رسم الطريق.

    قل: وردت علينا برقية مُفادها كيت وكيت
    ولا تقل: مَفادها
    وذلك لأنك تقول: أفادت البرقية كيت وكيت على سبيل الإستعارة اي جاءت بفائدة خبرية، والمصدر الميمي من أفاد هو "مُفاد" على وزن اسم المفعول، وذلك من القياس المطرد فالمُفاد ها هنا كالمُصاب، قال بعض الشعراء القدماء:
    أظلومُ إن مُصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظُلُم
    أي يا ظلوم إن اصابتكم رجلاً ومنه قوله تعالى"وقل ربي أدخلني مُدخل صدق وأخرجني مُخرج صدق". أي إدخال صدق وإخراج صدق.
    أمّا "المَفاد" فهو مصدر ميمي لفعل من الأفعال المعروفة بالأضداد من معانيه حصول الفائدة والحياد والموت والتبختر وفي استعماله التباس كبير فضلاً عن بعده عن المراد. (م ج)

    قل : هو فارس النظر بيِّن الفِراسة
    ولا تقل: هو فارس النظر بيِّن الفَراسة
    ويصعب على الكثيرين التمييز بين الفِراسة والفَراسة، رغم أن هناك فرقاً في المعنى. وهذه الصعوبة ليست وليدة عصرنا هذا فهي تعود للعصر العباسي.
    فقد كتب أبن السكيت في إصلاح المنطق:"الأصمعي: فارسٌ على الخيل بيِّن الفُرُوسة والفَرَاسة، وهو فارس النظر بيِّن الفِراسة، ومنه: اتقوا فِرَاسة المؤمن."
    وكتب ابن منظور في لسان العرب:
    "وقد فرُس فلان، بالضم، يَفْرُس فُرُوسة وفَراسة إِذا حَذِقَ أَمر الخيل.......... والفِراسة، بكسر الفاء: في النَّظَر والتَّثَبُّت والتأَمل للشيء والبصَر به، يقال إِنه لفارس بهذا الأَمر إِذا كان عالماً به."
    وجاء في العباب الزاخر:
    "وفي الحديث: عَلِّموا رِجالَكُم العَوْمَ والفَرَاسَةَ: يعني العِلمَ بركوب الخيل ورَكْضِها...... والفِرَاسَة -بالكسر-: الاسم من التَفَرُّس، ومنها الحديث الذي يَرْفَعونَه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلّم- اتَّقوا فِراسَة المؤمن فإنَّه يَنْظُرُ بنور الله."
    وهكذا يتضح الفرق بين الفِراسة والفَراسة.

    قل: إعتذر من التقصير أو الذنب
    ولا تقل: إعتذر عن التقصير أو الذنب
    يقال "إعتذر فلان من التقصير والذنب" لا "اعتذر عنهما". جاء في الصحاح "إعتذر من الذنب". وجاء في لسان العرب "وإعتذر من ذنبه: تنصل". ثم جاء فيه في الإعتذار بمعنى الدروس:"وأخذ الإعتذار من الذنب من هذا لأن من اعتذر شاب إعتذاره بكذب يعفي ذنبه".
    وجاء في وصف عبد الملك بن مروان على لسان عمرو بن العاص "آخذ بثلاث تارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث وبحسن الإستماع إذا حُدّث وبأيسر الأمرين إذا خُولف، تارك للمِراء وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يتعذر منه".
    وجاء في كتاب للإمام علي (ع) بعث به الى كثم بن العباس (رض):
    "فأقم على ما في يديك قيام الحازم الطيب، والناصح اللبيب التابع لسلطانه المطيع لإمامه وإياك وما يُعتذر منه".
    وقال ابن أبي عتيق للثريا "هذا عمر قد جشمني السفر من المدينة إليك فجئتك معترفاً بذنب لم يجنه معتذر إليك من إساءته إليك".
    وغنى الدلال أبو زيد ناقد المدني مولى عائشة بنت سعيد بن العاص:
    طربت وهاجك من تَذَكُّر ومن لست من حُبّهِ تَعتَذر
    وقال ابن عرادة السعدي في مدح سلم بن زياد بن أبيه:
    يقولون اعتذر من حُبِّ سَلْم إذن لا يقبل الله اعتذاري
    ومدح الراعي عبيد الله بن الحصين (سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص) قال المفضل الضبي: "قال لوكيله كم عندك؟ قال: ثلاث آلاف دينار. قال: ادفعها اليه واعتذر من قلتها".
    وجاء في كليلة ودمنة ص -377 "فدعا الأسد بابن آوى واعتذر اليه مما كان منه. وقال عبد الله بن محمد بن البواب خليفة الفضل بن الربيع في حجبه الهادي بن المهدي في أمر وقع له مع الأسود بن عمارة النوفلي: "فدنوت منه وأخبرته خبر الهادي واعتذرت من مراجعتي إياه".
    وقال أبو علي الحسن بن حمدون: "وكتب يوسف بن ديوداذ الى الوزير أبي الحسن علي بن الفرات يعرفه الخبر ويعتذر اليه من تأخير المال الذي واقفه عليه". وقال بشار بن برد:
    قلت وإذ شاع ما اعتذارك مما ليس لي فيه عند همك عذر
    وقال ابن عبدوس الجهشياري: "حكي لنا أن موسى الهادي سخط على بعض كتابه.... فجعل يقرعه بذنوبه ويتهدده، فقال له: يا أمير المؤمنين إن اعتذاري مما تُقَّرعني به رَدَّ عليك". وقال بعض الفضلاء في خبر له: "وجعلت اعتذر اليه منه بعذر....وكيف يكون اعتذار انسان من كلام قد تكلم به".
    وقد تصحفت "من" الى "عن" في المصباح المنير مع أن مصحح الطبعة الشيخ حمزة فتح الله الأديب الكبير المشهور، إنما تستعمل "عن" مع اعتذر ومصدره لإفادة معنى النيابة. يقال "اعتذر زيد عن عمرو من الذنب الذي جناه أو من تقصير ومنه ما ورد في مستدرك المعجمات لدوزي "ألا اعتذرت لهم عني" لأنه لم يرد لقاءهم.
    وفي ن س ل من لسان العرب "ذكره أبو منصور واعتذر عنه أنه أغفله في بابه فأثبته في هذا المكان". (م ج)

    قل: الدين الإسلامي السمح والديانة الإسلامية السمحة والرجل السمح والمرأة السمحة
    ولا تقل: الديانة السمحاء
    وذلك لأن الصفة الواردة من مادة السماحة جاءت على وزن "فَعْل" للمذكر وعلى وزن "فَعْلة" للمؤنث نحو "سهل وسهلة وضخم وضخمة وشهم وشهمة وبحت وبحتة". ولأن فعل هذه الصفة هو من باب "فَعُل يَفعُلُ" ولا تأتي الصفة من هذا الوزن على "أفعل وفَعلاء" لكي يقال "سمحاء". بل تأتي على "فعيل وفعيلة" و"فعل وفعلة" قياساً و "فُعل وفُعلة" ندوراً، كشريف وشريفة وسمح وسمحة وصُلب وصُلبة. وما ورد من شذوذ أعجف وعجفاء وآدم وأدماء و أسمر وسمراء وأحمق وحمقاء وأخرق وخرقاء وأرعن ورعناء. فمردود بأنه قد جاء في اللغة المسموعة أيضاً "عجِف و أدِم و سمِر و حمِق و خرِق و رعِن" فيجوز اشتقاق الصفات منهن على أفعل فعلاء، بله أننا نرى أن من الصفات ما سبق الأفعال لأن الصفات محسوسة فهي سابقة في الإشتقاق لأفعالها. وبيان ذلك عندنا أن الأسود يجوز أن يكون سمى "أسود" أولاً ثم اشتق منه الفعل "سوّد" يؤيد ذلك أن العرب تقول "أسودّ الشيء يسودُّ اسوداداً" أكثر من قولها "سوّد الشيء يسوّدُ سوداً" فاسوَدَّ يُسودُّ عندنا مأخوذ من الصفة اسود، وسوداء مأخوذة من "أسود" كذلك بتأخير الألف الأولى الى آخر الكلمة، والألف لما كانت في أول الصفة دلت على التذكير وفي آخرها على التأنيث وهذا مما لم يقف عليه العلماء القدماء.
    وأعود الى السمح والسماحة فأقول قال ابن فارس في المقاييس: "السين والميم والحاء أصل يدل على سلاسة وسهولة........ ورجل سمح أي جواد وقوم سمحاء". وقال الجوهري: "وامرأة سمحة ونسوة سِماح". وجاء في لسان العرب "سمح سماحة وسُموحة وسماحاً: جاد، ورجل سمح وامرأة سمحة ونساء سِماح وسمحاء فيها، وقولهم: الحنيفية السمحة أي ليس فيها ضيق ولا شدة. وما كان سمحاً ولقد سَمُحَ بالضم سماحة وجاد بما لديه، وعود سمح من السماحة والسموحة أي لا عقدة فيه، ويقال: ساجةٌ سمحة إذا كان غلظها مستوي النبتة وطرفاها لا يفوتان وسطه ولا جميع ما بين طرفيه من نِبتته. فإن اختلف طرفاه وتقاربا فهو سَمْحٌ أيضاً. قال بعض الأئمة: وكل ما استوت نِبتته حتى يكون ما بين طرفيه منه ليس بأدق من طرفيه أو أحدهما، هو من السَّمْح".
    وتفرد الفيومي بذكر "السّمح" قال في المصباح المنير "وسمُح فهو سمح وزاد خشن فهو خشِن لغة، وسكون الميم في الفاعل تخفيف، وامرأة سِمحة وقوم سُمحاء ونساء سِماح"
    قل: الدين الإسلامي السّمح والديانة الإسلامية السّمحة
    ولا تقل: السّمحاء (م ج)

    قل: فلان من ذوي المروءة
    ولا تقل: فلان من ذوي الشهامة
    كتب ابراهيم اليازجي في لغة الجرائد: "ويقولون فلان من ذوي الشهامة يعنون المروءة وعزة النفس وليس ذلك في شيء من كلام العرب ولكن الشهم عندهم الذكي المتوقد الفؤاد ويجيء بمعنى السيد النافذ الحكم في الأمور وقال الفرآء الشهم في كلام العرب الحمول الجيد القيام بما حمل وكله بعيد عن المعنى الذي يريدونه كما ترى".
    وكتب ابن منظور في لسان العرب في باب "شهم":
    "الشَّهْمُ: الذَّكِيُّ الفُؤاد المُتَوَقِّدُ، الجَلْدُ، والجمع شِهام............... وقد شَهُمَ الرجلُ، بالضم، شَهامة وشُهومة إذا كان ذكِيّاً، فهو شَهْمٌ أي جَلْدٌ. وفي الحديث: كان شَهْماً نافذاً في الأُمور ماضياً."
    وأورد ابن فارس في المقاييس تعريفاً مماثلا فكتب:
    "الشين والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على ذَكاء. يقال من ذلك: رجلٌ شَهْمٌ".
    أما المروءة فقد جاء معناها في الصحاح على أنه:
    "والمُروءَةُ الإنسانية، ولك أن تشدِّدَ."
    وجاء في لسان العرب وصف لها:
    "وسئل آخَرُ عن الـمُروءة، فقال: الـمُرُوءة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً."
    وهكذا نرى أن العامة تخطئ في استعمال لفظة الشهامة وهي تريد المروءة.

    قل: رأيته البارحة لليلة التي قبل نهارك والبارحة الأولى للتي قبلها
    ولا تقل: رأيته الليلة الماضية ولا ليلة أمس
    وذلك لأن البارحة في الأصل صفة لليلة التي قبل نهارك إذا تكلمت بعد الزوال أي بعد الظهر ثم حذف الموصوف وبقيت الصفة فصارت اسماً من الأسماء. وقولي: إذا تكلمت بعد الزوال أي الظهر تفسيره أنك إذا أردت أن تذكر الليلة فلها أسماء بالنسبة الى الزوال، فإذا تكلمت قبل الزوال أي قبل الظهر قلت: فعلت الليلة كذا وكذا، وجرى الليلة حادث مهم، وما اشبه ذلك. وإذا تكلمت بعد الزوال جاء في لسان العرب: "والعرب تقول: فعلنا البارحة كذا وكذا لليلة التي قد مضت يقال ذلك بعد زوال الشمس ويقولون قبل الزوال فعلنا الليلة كذا وكذا.... والعرب تقول ما أشبه الليلة بالبارحة أي ما أشبه الليلة التي نحن فيها بالليلة الأولى التي قد برحت وزالت ومضت. تقول: لقيته البارحة الأولى وهو من برح أي زال"، انتهى كلام صاحب اللسان.
    هذا للفعل الماضي أما المضارع وما أشبهه فلا يُشترط معهما زوال وعدم زوال وأنت بالليل: أكتب رسالتي الليلة أو هذه الليلة وإني كاتبها الليلة أو هذه الليلة، كما تقول أكتبها اليوم أو هذا اليوم. (م ج)

    قل: بالإضافة الى الشيء (أي بالنسبة اليه والقياس عليه)
    ولا تقل: بالإضافة اليه (بمعنى زيادة عليه ومضافا اليه)
    وذلك لأن معنى "بالإضافة الى الشيء" عند فصحاء الأمة هو "بالنسبة اليه" فالمعنيان مختلفان جداً، ولو لم يكن هذا التعبير قد شاع وتُعُورف وثبت معناه في كتب اللغة وكتب الأدب وكتب التأريخ وكتب الدين لتكلفنا مخرجاً له. قال ابن مكرم الأنصاري في ع ظ م من كتاب لسان العرب: "وأمر لا يتعاظمه شيء: لا يعظم بالإضافة اليه".
    وجاء في الأغاني من كلام عصر ابراهيم المهدي "فإذا فعل ذلك فهو بالإضافة الى حاله الأولى بمنزلة الاسكدار للكتاب".
    وقال أبو حيان التوحيدي: "على أن كلاهما بالإضافة". وقال مسكويه: "والطبيعة وإن كانت ضعيفة بالإضافة الى العقل منحطة الرتبة فإنها قوية فينا".
    وقال أبو الفرج ابن الجوزي: "ووجدت أهل الإسلام في الأرض قليلاً بالإضافة الى الكفار". وقال ابن جبير الأندلسي: "لأن لهم على كل حمل طعام يجلبونه ضريبة معلومة خفيفة بالإضافة الى الوظائف المكوسية التي كانت قبل اليوم". والوظيفة هنا ما يوظفه السلطان على ذوي التجارات والمبيعات، ثم قال: "وهي بالإضافة الى ما كانت عليه قبل انحاء الحوادث عليها والتفاف أعين النوائب اليها، كالطلل الدارس والأثر الطامس أو تمثال الخيال الشاخص". وقال القزويني: "حتى ان جميع المكشوف من البوادي والجبال بالإضافة الى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم" (عجائب المخلوقات ص 7 في وصف الأرض).
    وهذا قول لا شك فيه ولا تأويل ولا تخريج، ولا يجوز تشويه كلام القوم وعباراتهم بتقليد من لا يعرفهما. وشواهد استعمال "إضافة" بغير باء لأداء المعنى المراد متعارفة، منها ما ورد في كتاب الحوادث في أخبار سنة 639 هـ قال مؤلفه: "وفيها رد النظر في نهري الملك وعيسى الى حاجب باب النوبي تاج الدين علي بن الدوامي (إضافة الى ما يتولاه) من أمر الشرطة والعمارة". وورد في حوادث سنة 187 "وفيها رتب نجم الدين محمد بن أبي العز مدرساً بالنظامية...... إضافة الى القضاء". وهذا التعبير وإن كان مولداً فهو قريب من الجملة التي اُفسدت باستعمالها لغير معناها. (م ج)

    قل: رافقت السيارة من العراق في طريقها إلى مكة
    ولا تقل: رافقت القافلة من العراق في طريقها إلى مكة
    وشاع إستعمال "قافلة" لتعني كل رفقة في السفر ذاهبة كانت أو راجعة، فيقال قافلة الحجاج وقافلة السياح. وهذا إستعمال غير دقيق.
    فقد كتب ابن قتيبة في أدب الكاتب: "ومن ذلك: " القافِلَةُ " يذهب الناس إلى أنها الرُّفقة في السفر، ذاهبةً كانت أو راجعةً، وليس كذلك، إنما القافلة الراجعة من السفر، يقال: قَفَلَتْ فهي قافلة، وقَفَلَ الجُندُ من مبعثهم، أي: رَجَعوا، ولا يقال لمن خرج إلى مكة من العراق قافلة حتى يَصْدُروا".
    وقد عاب عليه ابن منظور في لسان العرب ذلك فكتب في باب قفل:
    "القُفُول: الرُّجوع من السفر...واشتقَّ اسمُ القافِلة من ذلك لأَنهم يَقْفُلون.... وظن ابنُ قتيبة أَن عوامَّ الناس يغلَطون في تسميتهم الناهِضين في سفر أَنشؤوه قافِلة، وأَنها لا تسمَّى قافِلة إِلا منصرِفة إِلى وَطنِها، وهذا غلَط، ما زالت العرب تسمي الناهضين في ابتداء الأَسفار قافِلة تفاؤلاً بأَن يُيَسِّر الله لها القُفول، وهو شائع في كلام فُصحائهم إِلى اليوم."
    وأحسب أن ما قاله ابن منظور ليس له مسوغ ذلك لأن ابن قتيبة أصاب في إشتقاقه وشرحه أما إدعاء ابن منظور بأن تسميتها قافلة صحيح بحجة أن الناس يتفاءلون بعودتها فهو تكلف واضح.
    ويؤيد ذلك ما أورده الجوهري في الصحاح:
    " والقافِلَةُ الرُفقةُ الراجعةُ من السفر."
    وكذلك ما كتبه إبن فارس في المقاييس:
    " ولا يقال للذاهبين قافلةٌ حتّى يرجعوا".

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    10 كانون الأول 2013
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  10. #10
    قل ولا تقل / الحلقة الحادية والعشرون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: رَدَّ فلانٌ القول
    ولا تقل: رّدَّ (فلانٌ) على القول
    ويقولون: رددت على قول فلان، وذلك خطأ فإنه يقال "رد على فلان قوله" فالقول مردود وفلان مردود عليه. قال الأمام علي (ع) في كتاب له الى الحارث الأعور الهمداني: "ولا ترد على الناس كل ما حدثوك به فكفى بذلك جهلاً" ولم يقل: ولا ترد على كل ما حدثوك به.
    وقال يزيد بن عبد الملك يوماً لمعبد: "يا أبا عباد إني أريد أن أخبرك عن نفسي وعنك فإن قلت فيه خلاف ما تعلم فلا تتحاش أن ترده علي فقد أذنت لك".
    وقال أبو واثلة الهذلي لعمرو بن العاص: "كذبت والله، لقد صحبت رسول الله (ص) وأنت شر من حماري هذا. وقال عمرو: والله ما أرد عليك ما تقول: وأيم الله لا نقيم عليه".
    وقال رجل مدني لإبراهيم الحراني نديم موسى الهادي بن محمد المهدي: "واحرباه أترد على رسول الله (ص) قوله: بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة؟".
    ومن الكتب الوارد ذكرها في كشف الظنون "رد الإنتقاد للبيهقي" لا "الرد على الإنتقاد"، و "رد القول الخائب في القضاء على الغائب" لأبن قطلويغ، و "رد القول القبيح في التحسين والتقبيح" لسليمان الطوفي. هذا هو التعبير الصحيح الفصيح، وهذه شواهد على صحة ما قلت، تبدأ بكلام الأمام علي ابن أبي طالب (ع) وتنتهي بالقرن التاسع للهجرة. (م ج)
    قل: هذا ردّ ردّ، أو ردّ على رادّ، وهذا ردّ نقد، أو ردّ على ناقد
    ولا تقل: هذا ردّ على ردّ، ولا هذا ردّ على نقد
    وذلك لأنك تقول "رددت الكلام القبيح على صاحبه" ولا تقل "رددت على الكلام القبيح" فالكلام هو المردود لا صاحبه فينبغي أن يتعدى الفعل اليه وتستعمل "على" لصاحب الكلام المردود لأن في الرد نوعاً من الأذى، ألا ترى أنه يقال في الأذى: "رددت عليه قوله" وفي النفع "رددت إليه ماله وحقه المسلوبين". قال تعالى في قصة موسى عليه السلام "فرددناه إلى أمه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون".
    وإذا قلنا: هذا رد على رادّ دلت العبارة على المعنى المراد وذلك لأن التقدير هو ردّ على رادّ فعلى تصحب الإنسان دائماً في مثل هذه العبارة نحو "رد على ناقد" أي "رد نقد على ناقد" وتأتي رد بمعنى عطف كقول الشاعر "ردوا علي شوارد الأظعان" أي اعطفوها علي، فلذلك جاز استعمال "على" وهو تعبير خاص بالأظعان وأمثالها. (م ج)

    قل: كنا في مناحَة
    ولا تقل: كنا في مأتم
    وكتب إبن قتيبة في أدب الكاتب: " ومن ذلك: " المأتمُ " يذهب الناس إلى أنه المصيبة، ويقولون: كنا في مأتمٍ، وليس كذلك، إنما المأتم النساء يجتمعن في الخير والشر، والجمع مآتم، والصواب أن يقولوا: كنا في مَنَاحة، وإنما قيل لها مَنَاحة من النَّوائح لتقابلهن عند البكاء، يقال: الجبَلان يتنَاوحان، إذا تَقَابلا، وكذلك الشَّجرُ، وقال الشاعر: (أبو عطاء السندي)
    عشيَّةَ قامَ النَّائحاتُ وشُقِّقتْ ... جيوبٌ بأيدِي مَأْتَمٍ وخدود
    أي: بأيدي نساء، وقال آخر:
    رَمَتْه أناةٌ مِنْ رَبيعةِ عامرٍ ... نَؤومُ الضُّحا في مَأْتَمٍ أيِّ مأتمِ"
    وكتب الجوهري في الصحاح في شرح بيت ابي العطاء السندي:
    "أي بأيدي نساء والجمع المآتم وعند العامة: المصيبة، يقولون: كنا في مأْتَمِ فلان، والصواب أن يقال: كنّا في مَناحَةِ فلان"
    واضاف إبن فارس في مقاييس اللغة شاهداً آخر في قوله:
    "وقال رؤبةُ:
    إذا تَدَاعَى في الصِّمادِ مأتمُهْ
    أحَنَّ غِيراناً تنادى زُجَّمُه
    شبّه البُوم بنساءٍ يَنُحْنَ."

    قل: صادره على المال أو استصفى أمواله أو استنظف أمواله أو استولى عليها أو استحوذ عليها، وصادره على السلاح
    ولا تقل: صادر أمواله وسلاحه
    وذلك لأن الفعل "صادر" مشتق من الصدر وهو أعلى مقدم الإنسان ويستعار لغيره كما ان "ساعد" مأخوذ من الساعد، و "عاضد" مأخوذ من العُضد، و "ظاهر" مأخوذ من الظهر، و "باطن" مشتق من البطن، فمعنى صادره عندي: وضع صدره بإزاء صدر الغريم، يداقه الحساب، ويناقشه إياه. ومن اللغويين من يعد "المصادرة" من الصَّدر وهو اسم من قولك "صدر فلان عن الماء وعن البلاد" أي خرج، فمعنى صادره عنده: غالبه في الصدور. قال مؤلف لسان العرب: "ومن كلام كتاب الدواوين أن يقال: صُودر فلان العامل على مال يؤديه، اي فُورق على مال ضمِنه"، انتهى قول صاحب اللسان.
    وأيا كان أصل الفعل "صادر" فأثره يقع على الإنسان حين استعماله في الجملة الصحيحة التركيب المفيدة المعنى، أعني أن الإنسان هو الذي يُصادِر من جهة الفاعلية ويُصادَر من جهة المفعولية، ولا يُصادر الإنسان على مال كائناً ما كان، إلا إذا كان مطالباً بدين سابق، أو محتجناً لمال من أموال الدولة، أو مديناً لها فيحاسب على ذلك ويُصادر عليه ويعترف به وبالإعتراف تتم المصادرة ويبدأ الإستئداد والإستيفاء والإستنظاف والإستنضاض.
    ومما قدمت من الشرح يعلم أن المصادرة هي غير استصفاء الأموال واستنظافها اي الإستيلاء والإستحواذ عليها، ولو كان ذلك بالقهر والغلبة وبغير شرعي أو شبه شرعي. وقد ذكر عز الدين بن أبي الحديد في سيرة عمر بن الخطاب (رض) في شرح نهج البلاغة، أن عمر كان يصادر المختانين من العمال أي الولاة، فصادر أبا موسى الأشعري وكان عامله على البصرة، وقال له" بلغني أن لك جارتين وأنك تطعم الناس من جفنتين، وأعاده بعد المصادرة الى عمله. وصادر أبا هريرية وأغلظ عليه وكان عامله على البحرين، فقال له" ألا تعلم أني استعملتك على البحرين وأنت حافٍ لا نعل في رجليك" وقد بلغني أنك بعت أفراساً بألف وستمائة دينار. وصادر الحارث بن وهب أحد بني ليث، وقال له: ما قلاص وأعبد بعتها بمائة دينار؟. وفصل الكلام ابن أبي الحديد في المجلد الثالث من الطبعة المصرية الأولى في المصادرة. توسع المتأخرون فاستعملوا المصادرة بمعنى الإستصفاء والإستيلاء، والفصيح هو ما ذكرت.
    فقل: صادره على أموال
    ولا تقل: صادر الأموال (م ج)

    قل: رأيته ذا مساء وذا صباح
    ولا تقل: رأيته ذات مساء وذات صباح
    وذلك لأن العرب لم تستعمل مع الصباح والمساء كلمة "ذات" بل استعملت مذكرها "ذا". قال الجوهري في الكلام على "ذي" من الصحاح: "وأما قولهم ذات مرة وذا صباح فهو ظرف زمان غير متمكن، تقول: لقيته ذات يوم وذات ليلة وذات غداة وذات العشاء، وذات مرة وذا صباح وذا مساء، بغير تاء فيهما، ولم يقولوا ذات شهر ولا ذات سنة". وجاء في مادة (م ك ن) من لسان العرب، قول مؤلفه ناقلاً من الصحاح أيضاً في الكلام على الإسم غير المتمكن: "وإنما يؤخذ سماعاً عنهم وهي ذا صباح وذا مساء.....الخ".
    وكثير من الكتاب المشاهير يظنون أنه لا يقال إلا "ذات صباح وذات مساء" في استعمال الظرف قياساً على غير ذلك من الظروف، مع أن اللغة في مثل هذا سماعية لا قياسية، والأمر بالعكس فلا يقال في الظرفية إلا "ذا صباح وذا مساء" كما تقول: خرجت ذا مساء من الدار ولقيت ذا صباح فلاناً في الطريق، والتذكير في الحقيقة أولى من التأنيث لأن الزمان والوقت والدهر واليوم والأوان والحين والعصر هي من الأسماء المذكرة، وعلى ذلك يكون التقدير "خرجت وقتاً ذا مساء، أو زماناً ذا صباح، أو حيناً ذا مساء، أو عصراً ذا صباح"، أما ذات فعلى تأويل آخر وتقدير آخر وهما من العسر بمكان. (م ج)

    قل: شتان ما هُما
    ولا تقل: شتان ما بينهما
    وكتب إبن السكيت في إصلاح المنطق: "ويقال: شتان ما هُما، وشتان "ما" عمرو وأخوه، قال الأصمعي: ولا يقال شتان ما بينهما، قال: وقول الشاعر: (ربيعة الرقي)
    لشتان ما بين اليزيدين في الندى
    يزيد سليم والأغر بن حاتمِ
    ليس بحجة، إنما هو مولد، والحجة قول الأعشى:
    شتان ما يومي على كورها
    ويوم حيان أخي جابر
    معناه: تباعد الذي بينهما، وشتان مصروفة عن شَتُت، والفتحة التي في النون هي الفتحة التي كانت في التاء، والفتحة تدل على أنه مصروف عن الفعل الماضي، وكذلك وَشْكَان وسرعان ذا خروجاً، أصله وَشُك ذا خروجاً، وسَرِع."
    وأصل شتان كما أورد إبن فارس في مقاييس اللغة هو "شت" في قوله:
    "الشين والتاء أصلٌ يدلُّ على تفرُّق وتزيُّل، من ذلك تشتيت الشيء المتفرّق، تقول: شَتّ شَعْبُهم شَتَاتاً وشَتّاً، أي تفرَّقَ جَمْعُهم. قال الطرِمّاح:
    شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامْ وشَجَاكَ الرّبعُ رَبعُ المُقامْ"

    قل: عهد إلي في كذا
    ولا تقل: عهد إلي أمر كذا
    وكتب إبراهيم اليازجي في لغة الجرائد: "فيستعملون عهد متعدياً بنفسه والصواب تعديته بفي قال في لسان العرب يقال عهد الي في كذا أي أوصاني.... ومنه قوله عز وجل "ألم أعهد اليكم يابني آدم"، يعني الوصية".
    ومنه حديث عليّ، كرم الله وجهه: "عَهِدَ إِليّ النبيُّ الأُمّيُّ" أَي أَوْصَى.

    قل: هذا العمل يقتضي كذا من النفقة
    ولا تقل: هذا العمل يقتضي له كذا من النفقة
    وكتب إبراهيم اليازجي: "ومن هذا القبيل قولهم هذا العمل يقتضي له كذا من النفقة وقد جمعت له الأموال المقتضية فيستعملون هذا الحرف لازماً بمنزلة يجب وهو لا يستعمل كذلك البتة لأن اقتضى هنا بمعنى طلب يقال افعل ما يقتضيه كرمك أي ما يطالبك به كما في الأساس. فالصواب أن يقال هذا العمل يقتضي كذا من النفقة باستعمال الفعل متعدياً مسنداً الى ضمير العمل وقد جمعت له الأموال المقتضاة بصيغة اسم المفعول".

    قل: قَوَّمَ السلعةً تَقويما
    ولا تقل: قَيَّم السلعة تقييما
    وكتب عدنان النحوي: "الفعل: قَوَّمَ، ولها معنيان:
    قَوَّمَ السلعة: قَدَّر قيمتها. وقَوَّمته: أي عدلته فهو قويم ومستقيم. والقيوم: الذي لا نِدَّ له. ومصدر قَوَّم في جميع الحالات تقويم فلا يوجد تقييم فنقول:
    قَوَّم السلعة تقويما، وقوَّم الأمر أي عدله تقويما. فكلمة تقييم خطأ لا يجوز استعماله."
    إلا أن الدكتور عبد الهادي بو طالب كتب في "معجم تصحيح لغة الإعلام العربي":
    "تقييم وتقويم: فعلا الكلمتين هما قيَّم، وقوَّم. وقوَّم تفيد إعطاء قيمة أو ثمن للشيء. ويأتي فعل قوَّم بمعنى أصلحَ المعوجَّ أو عدَّله ليصبح أو يعود مستقيما لا عِوَجَ فيه. ومصدره تقويم.
    وجاء في القرآن الكريم: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ ثم رددناه أسفلَ سافلين".
    وفي خطبة عمر جاء قوله: "إن رأيتم فيَّ اعْوِجاجاً فقوِّموني". وردَّ عليه من قال: "والله لو رأينا فيك اعْوِجاجا لقوَّمناك بسيوفنا".
    والمعاجم الحديثة تعطي لكلمة التقويم (بالواو) معاني شتى:
    فهو "سجلّ يبين أيام السنة موزعةً على شهورها، مع ذكر أيام العطل وأوقات الصلاة إلى غير ذلك". فنقول: "التقويم الميلادي، والتقويم الهجري". والتقويم الجغرافي هو خريطة للأقطار يُعنَى فيها خاصة بذكر طول البلدان وعرضها وخصائصها الجغرافية.
    والمعاجم مُحدَثها وقديمها مُجمِعة على أن قيَّم (بالياء) يعني قدَّر القيمة. ومصدرها التقييم."
    وهذه الجملة الأخيرة فيها خطل. ذلك لأني لم أجد في المعاجم العربية القديمة أية إشارة للفعل "قيم" أو للمصدر "تقييم". فكيف نص الدكتور "بو طالب" على إجماعها على وجود هذا الفعل؟ وحبذا لو أنه دلنا في أي من معاجم اللغة جاء هذا النص؟ فلم أجده لا في لسان العرب ولا الصحاح ولا القاموس المحيط ولا العباب الزاخر ولا مقاييس اللغة، وهي أمهات المعاجم القديمة.
    إن واجب من يكتب دوماً هو تحري الدقة في النقل وهذا الواجب يصبح أكثر ضرورة عند الكتابة في العربية في هذا الزمن الذي تمر فيه اللغة في وقت عصيب طغت فيه الجهالة والعجمة. فالقارئ حين يقرأ ما كتبه رجل ذو إختصاص مثل أستاذنا "بو طالب"، وهو يتحدث بثقة، ليس له من خيار سوى التصديق.
    أما إذا أراد الأستاذ الفاضل القول أن أحد المعاجم الحديثة قد استعمل "قيم" و "تقييم" فذلك ليس حجة، لأن ما دخل في عدد من المعاجم الحديثة لا أساس له في العربية وبعضها قد أفسد اللغة. وقد سبق أن علق أستاذنا المرحوم مصطفى جواد على الضرر الذي ألحقه "المنجد" بقواعد الصرف.

    قل: تم قتله بطريقة وحشية
    ولا تقل: تمت تصفيته بطريقة وحشية
    ومما شاع إستعماله في الإعلام العربي لفظ آخر يعكس الواقع البائس لإعلامنا العربي وتردي الإلمام باللغة. فقد استشرى التفكير باللغات الأوربية بين الإعلاميين حتى أصبحوا يفكرون بها ويتجرمون الأخبار حرفياً غير آبهين بما لكل لغة من خصوصية. فقد استعاروا لفظة “Liquidation” الإنكليزية أو الفرنسية وترجموها حرفياً على أنها "تصفية" وهم يريدون بها القتل. فهم يكتبون عن عمليات "تصفية" واسعة أو ان فلاناً قد تمت "تصفيته" بطريقة وحشية. ورغم ان اللفظة لم تدخل قواميس اللغة الإنكليزية، والتي تُحَدَّثُ بشكل منتظم؟ لتعني القتل إلا أنها تستعمل في الفرنسية لتعطي هذا المعنى وهكذا دخلت للإعلام العربي الذي يفكر بلغة أعجمية ويكتب بلغة أكثر عجمة!
    غير أن هذا لا يعنينا قدر ما يعنينا إستعمال العرب للفعل "صَفَّى يُصَفّي تَصْفيةً". فاذا بحثنا في معاجم اللغة عن الفعل لوجدنا ما يلي.
    فقد كتب الجوهري في الصحاح في باب "صفا":
    "الصَفاءُ ممدودٌ: خلاف الكدَر. يقال: صَفا الشراب يَصفو صَفاءً، وصَفَّيْتُهُ أنا تَصفيَةً".
    وجاء في لسان العرب: "واسْتَصْفَيْتُ الشيء إذا اسْتَخْلَصْتَه".
    ولم يرد في معاجم العربية أي استعمال للفعل "صفى" و "تصفية" تقترب من معنى "قتل". فما سبب إستعمال المغلوط؟ إن الاقتباس والتجديد في اللغة لا شك مطلوب لما يمكن أن يكون فيه من إبداع ولكن أي إبداع يلد من الخلط بين الصفاء والكدر الناتج عن القتل؟
    فقل: وقعت عمليات قتل
    ولا تقل: وقعت عمليات تصفية

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    10 كانون الثاني 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •