تمرد غزة وتمرد الضفة
د. فايز أبو شمالة
قالوا: صفّروا، فلم يصفّر أحد. فقالوا: كبّروا، فلم يكبّر أحد في غير موعده. فقالوا: طيّروا. فلم يطير أحد ولو بالوناً واحداً بالخطأ. فماذا ظل لمن نادى للتمرد في غزة كي يدرك أنه يمثل صفر في المائة من الشعب الفلسطيني؟ وماذا ظل للجهات السياسية الدولية التي تقوم بتمويل تمرد غزة، وتتآمر على الثورات العربية، ماذا ظل لهم ليدركوا حقيقة الواقع في غزة، ومدى الترابط الوثيق بين وجود الفلسطيني وبين بندقيته؟
في الأيام الماضية أدركت شخصياً كثيراً من البديهيات، ولاسيما حين تابعت أخبار الضفة الغربية، لقد أيقنت أن الجهات الدولية التي تتآمر على المنطقة لا يهمها التمرد في غزة، بمقدار ما يهمها إشغال المقاومة، وحرف الأنظار عن التمرد الذي بدأ في الضفة الغربية مع لعلعة الرصاص الذي استهدف المقرات الأمنية في جنين.
مدينة جنين تقود التمرد الراهن في الضفة الغربية، وحين تتمرد مدينة جنين على التنسيق الأمني، فلا يعني ذلك أنها تنفذ مخططات الاحتلال، كما اتهمها محافظ جنين طلال دويكات؛ حين قال في مؤتمره الصحفي: إن السلطة وأجهزتها الأمنية، ستضرب بيد من حديد كل الساعين بالعودة بنا الى مربع الفلتات الأمني بقصد أو غير قصد، لينفذوا مخططات الاحتلال، من خلال إطلاقهم النار على مقرات الأجهزة الأمنية.
والسؤال هنا: لماذا أطلقتم النار على مقرات الأجهزة الأمنية يا شباب جنين؟
الجواب: أطلقنا النار على مقرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية انتقاماً من المخابرات الإسرائيلية التي تسللت إلى جنين بعد التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية، فقتلوا بدم بارد الشاب الفلسطيني إسلام طوباسي، وقتلوا قبل ذلك الأبرياء في قلنديا، وفي نابلس، وفي الخليل.
إذن؛ من الذي ينفذ مخططات الاحتلال يا سيادة المحافظ، أأنتم المنسقون، أم شباب جنين الذي هاجم مقرات الأجهزة الأمنية التي لم توفر الحماية للمواطن على أقل تقدير؟.
وإذا كان لدى المحافظ أجهزة أمنية ستضرب بيد من حديد، وأظهرت مراجلها على شباب جنين، فاعتقلت منهم 25 شاباً، فلماذا لم تظهر هذه المراجل ضد قوات الصهاينة؟
كي يكتمل المشهد، ولإجلاء أي لبس أو غموض في شأن التنسيق الأمني الذي ما زال ينكره البعض، لا بد من الربط بين تصريحات المحافظ دويكات، وتصريحات قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي "نيتسان ألون" الذي تحدث لصحفية يديعوت أحرنوت يوم الخميس 19/9، فقال: إن التنسيق الأمني جيد للطرفين، ولذلك هو قائم، يجب ان ينظر الى التنسيق الامني من زاوية الصراع الدائر في المجتمع الفلسطيني بين الاسلام الراديكالي وبين العلمانيين،
ويضيف القائد اليهودي قائلاً: إن القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية تدرك أن وجود الجيش الاسرائيلي هو الذي يمنع سيطرة حركة حماس، وحدوث وضع مشابه لقطاع غزة، فقواتنا تتحكم بكل ما يدخل ويخرج من الضفة الغربية.
إن إطلاق النار على المقرات الأمنية في جنين ليمثل بداية التمرد، إنه التمرد الذي يؤكد على فشل مخطط التمرد على المقاومة في غزة، فقد أثبت شباب جنين عملياً أن الجهة التي تستحثهم للتمرد عليها هم رجال التنسيق الأمني مع الاحتلال، وقد أكد شباب الثورة أن رصاصهم سيظل مصوباً ضد من ينفذون مخططات الاحتلال؟