منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    علوم سياسية، محاضر جامعي الصورة الرمزية عبد الستار قاسم
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    257

    صراع أمريكا لبقاء أحاديتها القطبية

    صراع أمريكا لبقاء أحاديتها القطبية
    نشر على الجزيرة نت
    عبد الستار قاسم
    7/أيلول/2013

    كم ابتهجت أمريكا بسقوط الاتحاد السوفييتي بداية تسعينات القرن الماضي، وكم تبدو مهمومة الآن بعد أن ظهر شبح منافستها على الساحة الدولية. بدا الرئيس الأمريكي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي امبراطورا عالميا يعطي ويأخذ، يوزع ويجمع، يقدم ويتوعد، يمنح ويمنع، ويوحد ويفرق، يبشر وينفر، يجول في العالم كيفما يشاء دون تردد أو توجس من أحد. لقد أصبحت أمريكا سيدة العالم، وأخذت على عاتقها توجيه دفة العالم كيفما تشاء إلا من جيوب قليلة هنا وهناك وُصِفت فيما بعد بالدول المارقة أو محور الشر، واستقطبت في سعيها للسيطرة والتحكم حكاما وأكاديميين ومثقفين وجمعيات ومنظمات وأحزابا ليكونوا ممثلين لإرادتها السياسية والفكرية والثقافية، ونشرت مراكزها الفكرية والثقافية في كل أنحاء العالم لتكون حاضرة في الحياة اليومية للشعوب.
    أخذتها العزة بالإثم فهاجمت أفغانستان، أتبعتها بعد ذلك بغزو العراق. ظنت أمريكا أن أفغانستان لا تشكل التحدي الحقيقي الذي يثبت للعالم قوتها وقدرتها العسكرية التي تفوق التحدي، فضخمت قدرات العراق العسكرية لتقول لأوروبا واليابان والصين إن من يقدر على العراق يستطيع تأمين الوقود للعالم، وبفضلها هي تبقى عجلة الإنتاج العالمية تدور. هي لم تتحد الضعفاء، وإنما أوصلت رسالة للأقوياء أن لا قوي إلا أمريكا.

    المشهد السوري
    لم تعتد أمريكا التهديد والوعيد بقدر ما كانت تعطي إنذارات لتتبعها بعمل عقابي اقتصادي أو عسكري، وكانت أفعالها في بعض الأحيان تسبق أقوالها. لقد وضعت خطوطا حمراء معلنة أمام العالم والنظام السوري مفاده أن استعمال الأسلحة الكيمايوية سيؤدي إلى عمل عسكري قاسي ورادع ضد النظام السوري، وأقامت لهذا الغرض وحدات عسكرية مدربة من أجل السيطرة على مواقع هذه الأسلحة، ونصبت صواريخ الباتريوت، ونسقت مع دول الجوار السوري، واستمرت في التأكيد على نواياها.
    ألزمت أمريكا نفسها بما اعتبرته تجاوزا للخطوط الحمراء، والتزمت بالقيام بعمل عسكري ضد النظام السوري إذا استعمل الكيماوي، وبدأت بخطواتها التقليدية التي تقود إلى عمل عسكري والتي تتلخص في البحث عن الأدلة الحسية لإدانة النظام، وتهييج وسائل الإعلام، واستقطاب الدعم العالمي، والبحث عن قرار أممي، وحشد قواتها العسكرية بخاصة قوات البحرية.
    يملك الرئيس الأمريكي صلاحيات الهجوم على سوريا بدون إذن من الكونغرس، وطالما فعل ذلك في آسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية. لكنه انكفأ هذه المرة وفضل الذهاب إلى الكونغرس للحصول على تغطية تشريعية، أو لاستعماله كعباءة يختبئ تحتها. وفي هذا ما يؤشر بقوة إلى أن أمريكا التي ظهرت عام 1990 واستمرت على مدى عقدين من الزمن قد أخذت تتراجع، وإلى أنها لم تعد قادرة على القيام بما كانت تقوم به سابقا.

    روسيا والصين
    نعمت أمريكا بمرحلة ذهبية في الأمم المتحدة من حيث أنها كانت تستطيع الحصول على ما تشاء من قرارات أممية تضفي الشرعية الدولية على أعمالها. لم تكن روسيا مؤهلة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي للتحدي لأسباب اقتصادية وعسكرية ومجتمعية، ولم تكن الصين قادرة على التحدي لأنها لا تستطيع حماية تحديها من الناحية العسكرية، أو منع أمريكا من التصرف ضد هذا الطرف أو ذاك. بقي التحدي الروسي والصين لأمريكا مخففا ولطيفا، وتم التعبير عنه أحيانا بالامتناع عن التصويت في مجلس الأمن. وعلى الرغم من أنها لم تحصل على تفويض أممي بفرض منطقة حظر جوي على العراق، شرعنت الإجراء وفق إرادتها وتجاوزت الشرعية التي تدافع معها، وأخذت تتصرف وفق ما تراه هي أنه الشرعية دون أن يتحداها أحد.
    في الحالة السورية، تحدت الصين وروسيا أمريكا في أنهما استعملتا معا حق النقض ثلاث مرات، ومنعتا قرارات أممية باتخاذ إجراءات ضد النظام السوري. وقد نشطت روسيا في دعم النظام السوري ضد رغبة الولايات المتحدة، وعززت تواجدها البحري في ميناء طرطوس، واستمرت في تزويد النظام بالسلاح ومن ضمنه صواريخ أرض جو المتطورة. وكما يمكن أن يُستشف من التصريحات السورية والروسية المتنوعة أن روسيا تقدم دعما ماليا واقتصاديا لسوريا لكي يبقى النظام قادرا على الاستمرار. المعنى أن روسيا بالتحديد تشكل تحديا واضحا للولايات المتحدة، ولم يتردد الروس في توجيه العديد من الانتقادات اللينة واللاذعة للإدارة الأمريكية بسبب ما تسميه سياساتها في الهروب من عقد مؤتمر للسلام في سوريا.
    أما الصين فتدرك تماما اندفاعها الاقتصادي، وأنها ستصبح الدولة الأعظم اقتصاديا في السنوات القليلة المقبلة. وعلى الرغم من أن قوتها العسكرية لم تتطور بعد لدرجة الردع المتبادل في وجه أمريكا، إلا أنها تعي أن لا طريق أمام الولايات المتحدة لتجاهل مصالحها الاقتصادية من أجل معارضة سورية يتوعد بعض أعضائها الولايات المتحدة بعد سقوط النظام. ستصبح الصين قريبا المحور الاقتصادي الأول الذي تدور حوله اقتصادات العالم، وأمريكا ليست معنية بتهيئة ظروف معادية.

    إيران وحزب الله
    لم تكن تجربة إسرائيل مع حزب الله عام 2006 مريحة، واضطرت للتوقف عن الحرب على الرغم من تشجيع أطراف عربية للاستمرار ودعم الولايات المتحدة. لقد ضغطت إسرائيل على حزب الله بكل ما أوتيت من قوة، لكنها اضطرت أن تقبل بأمر عسكري واقع وأوقفت الحرب لتتجنب الخسائر المعنوية والمادية المتصاعدة. أيقنت إسرائيل وأمريكا أن تسليح حزب الله ليس بدائيا، وأن قدراته التكتيكية العسكرية دقيقة وذكية، وأن هذه الحقيقة ما زالت قائمة حتى الآن. ويبدو أن بإمكان حزب الله مشاغلة إسرائيل وأمريكا في حرب غير نظامية طويلة الأمد لا تقوى إسرائيل على الاستمرار فيها من ناحية الوضع المعنوي الداخلي.
    عكس صمود حزب الله، وقدرته على إصابة وتدمير أهداف عسكرية إسرائيلية جزءا من قدرة إيران التقنية والعسكرية. والسؤال الذي بقي يلوح بالأفق بدون إجابة شافية وافية هو: إذا كانت إيران قد زودت حزبا ليس كبير الحجم بهذه الأسلحة، فماذا تخبئ هي في ترسانتها العسكرية الحربية؟ أعلنت إيران عبر السنوات عن تطوير قدرات تقنية عسكرية عدة مرات، ولم يكن يخفى عليها متابعة الولايات المتحدة لقدراتها الحربية المتنوعة والتي كان يظهر بعضها في المناورات الإيرانية، لكنها، كما الدول الأخري، تبقي على تجهيزات حربية متطورة طي الكتمان لكي تفاجئ العدو في حالة الحرب. استمرت أمريكا بتهديد إيران عبر السنوات، لكن الحسابات الأمريكية لم تكن تدفع أمريكا إلى التهور في مواجهة ما يمكن أن يكون مجهولا أو شبه مجهول. المعنى أن أمريكا أخذت تشعر ببعض الكوابح على قراراتها المتعلقة بالمنطقة العربية الإسلامية بسبب قوة إيران المتصاعدة.

    جمع العوامل
    المسألة أشبه ما تكون بمعادلة رياضية، أو على الأقل حسابات منطقية مبنية على معلومات، ولا بد أن أمريكا تضع كل التطورات الجارية على الساحة العالمية وفي المنطقة العربية الإسلامية بحسبانها. وبالتأكيد تسأل نفسها حول إصرار إيران والصين وروسيا على التحدي بخاصة في المجال العسكري. مرت أمريكا بفترة ذهبية تميزت بنفاذ إرادتها والعالم صاغرا، أما الآن فالوضع بات يتميز بحشود بحرية روسية في المتوسط، وبإعلان روسي بأن سوريا تملك ما يكفي للدفاع عن نفسها، وبصواريخ منصوبة تجاه إسرائيل وأهداف أمريكية في المنطقة، وبأصابع على الزناد.
    تشكل العوامل منفردة ومجتمعة تحديات جديدة للولايات المتحدة، وهي تؤشر إلى أن أحاديتها القطبية تتهاوى، أو هي في طريقها إلى التهاوي. المشهد العالمي القائم الآن مختلف تماما عما رغبت أمريكا ببقائه، ولا بد لها إلا أن تتكيف مع وضع جديد لن تكون فيه الآمر الناهي.

    قصف المواقع السورية
    يشكل الموضوع السوري الآن موضوع اختبار للقطبية العالمية: هل ما زالت أمريكا المسيطر الأوحد، أم أن التحدي القائم حقيقي وله صدى على أرض الواقع؟ ربما تكون المنطقة العربية الإسلامية على أبواب مفصل تاريخي، وكذلك الساحة العالمية، فإما تثبت أمريكا نفسها كبطل وحيد، أو تثبت روسيا نفسها بأنها قطب آخر وليس مجرد دولة عظمى. وإما تنزوي إيران تلعق جراحها أو تنطلق نحو البحث عن المزيد باعتراف بريادتها الإقليمية والدولية.
    أمام أمريكا ثلاث خيارات وهي:
    أ‌- أن تمتنع عن ضرب سوريا، وبذلك تثبت جبنها، وتعترف ضمنيا بقوة ردع أعدائها أو منافسيها، وتقبل بعد ذلك بشركاء جدد لها في اتخاذ القرار. وهذا ينطبق على حال قبولها بصفقة تُطلق بموجبها عدة صواريخ على مناطق سورية هامشية مقابل عدم الرد من الطرف الآخر.
    ب‌- أن تقوم بقصف مواقع سورية، ويتم الرد عليها بقوة من قبل سوريا وحلفائها. هنا ستجد أمريكا نفسها أمام: إما القبول بالرد وما يعنيه ذلك من اعتراف بقوة الخصم، أو متابعة الرد لتدخل حربا جديدة هي لا تريدها. وبهذا تكون أمريكا قد تقلصت أمام العالم.
    ت‌- أن تقصف أمريكا مواقع سورية دون رد من الطرف الآخر، وبذلك تكون قد رسخت استمرارها كملكة على هذا العالم.

    المتوقع
    أمريكا تفكر بعضلاتها في أغلب الأحيان وليس بعقلها، وهي كثيرة الأخطاء في أوقات السلم وأوقات الحرب، ولذلك ستنفخ عضلاتها في اللحظة الأخيرة وتطلق صواريخها. تدرك روسيا وإيران أن عدم مقابلة العضلات بعضلات سيبقيهما ضمن حجم محدود يزعج الخصوم ولا يردعهم، وتدركان أن مكانتهما العالمية والإقليمية ستتطوران صعودا إذا قررتا المواجهة. ومن حيث أن روسيا تعرف ما لدى سوريا من أسلحة، وتتكهن بأن إيران تملأ ترسانتها بأسلحة فتاكة، وأن أمريكا ليست معنية بالتورط بحرب طويلة الأمد قد تستهلك معنوياتها ومعنويات إسرائيل معها، فإن أحتمال تشجيع سوريا ومن حالفها على الرد مرتفع جدا.
    تتجه أمريكا نحو توجيه ضربات صاروخية ضد سوريا، ويتجه الطرف الآخر نحو إثبات حضوره العسكري القوي. هذا بحد ذاته يضع مكانة الولايات المتحدة أمام عهد جديد يتميز بفقدان جزء من سلطانها العالمي، وهو سلطان سيضعف كثيرا إذا لحقت بأمريكا وإسرائيل ضربات عسكرية موجعة. وفي المقابل، ستنهض روسيا بسياسة عالمية جديدة، ومعها سيكون شأن إيران، على الأقل، على الساحة الإقليمية. ويبدو أن على أمريكا أن تهيء نفسها لقبول شركاء في صناعة القرار الدولي.

  2. #2
    ألأستاذ عبد الستار قاسم
    المتوقع .كان خلاصه جيده للموضوع تقبل مروري وأحييكم على كتابة هذا الموضوع شكر لمجهودكم
    وأمريكا لن تتخلى عن كونها لملموم عالمي تديره أدار’ لوبي يهودي جاء فكرة تكوينه من المافيا الأيطاليه
    حتى صارت ولايات المافيا اليهوديه المتحده
    ليس بدعا أن يكتب الشعر حرّ** قد أرته الأيام نار لظاها
    وأطاحت به صريع الأماني**يمضغ العود كي يبل صداه
    شاعر عارك الحياة بعزم ** كي ينال العلا فنال رداها
    ****
    قد أذاع الأثير آهات نفس ** داميات مجرحات الهموم
    لم يكن طبعها نسيما صبوحا**أنما شواظ قلب كليم
    قد شدى باسما بوجه المآسي **ذائدا عن حياضه كالغريمِ
    لم تمت جذوة الحياة بنفس**كمنت ذاتها بسر عظيمِ

    يعقوب الحمداني

المواضيع المتشابهه

  1. القطبية الثنائية الحزبية المغربية...قادمة
    بواسطة Abdelhak Riki في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-14-2016, 07:02 AM
  2. البريكس وكسر القطبية الأحادية
    بواسطة عبد الستار قاسم في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-18-2015, 01:55 AM
  3. صراع
    بواسطة صبيحة شبر في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 11-13-2014, 06:15 AM
  4. العراق خامسا في بطولة رفع أثقال البطالة عربيا!!
    بواسطة عزيز الحافظ في المنتدى فرسان الرياضة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-05-2012, 04:54 PM
  5. غواصة تستكشف أعماق القارة القطبية الجنوبية
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان البحار.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-03-2009, 04:07 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •