منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    قَلقٌ في فُسحَةِ الصَمت


    قَلقٌ في فُسحَةِ الصَمت

    في بيتِنا المُقيمُ في السَحاب
    شُرفةٌ حَزينَة، ودَمعةٌ مُقيمَة
    قد فارَقتهُ ضُحكَةُ الأحباب
    وَنبتَةٌ تَسَلّقت رُفوفَهُ القَديمَة
    وَمقعَدٌ كَأنَهُ سَرير
    وَقِطَّةٌ بَيضاء مَلمَسُها حَرير
    لكِنَّها صَمّاءْ.!

    في بَيتِنا المُقيُم في أطارِفِ السَماء
    صَبيَّةٌ تُعانِقُ الضِياء
    وَتَعشَقُ القِطَط
    جَبينُ قطّةِ الصَبيّة بِمسحَةٍ أليفَة
    في وَجهِها عَينان زَرقاوان
    كَزرقَةِ السَماء..
    صَبيَّتي الحَوراء
    في وَجهِها مَلاك
    عَينانِ مِن عَسل
    وَشِفّةٌ رَقيقَةٌ شَهيّة
    جَبينُها يَموجُ بِالصَفاء
    وَثَغرُها مَصارِعُ القُبل..
    في صَدرِها تُفّاحَتان، وَحبَّتانِ مِن خَرز
    تَفَتّحَت بَتَلاتُها
    في مَوسِم الكَرز.

    على جُدرانِ بَيتِنا
    تناثَرت مَشاعِلُ الشَظايا
    كَأنّها دَريئَةٌ تَستَقبِلُ الرَصاص..
    قطّتها الجميلةُ في حُضنِها تَموءُ بِارتجاف
    لا تَسمَعُ الأصوات
    لكنّها تحسّ أنَّ شيئاً أسوداً يُحاك
    وَصَرخةً تعلو إلى السَماء
    والقطّةُ الصَمّاء، لا تَسمَعُ النِداء..

    رَصاصَةٌ عَمياء
    تناوَشَتْ بِلعنَةِ المَصير
    مَراحَ صَدرِها الصَبيّةُ الصَغير..
    قَد ماتَتِ الصَبيّة
    وانطَرَحَتْ قَتيلَةٌ ضَحيَّة
    تَطَرَّشَ البَياضُ بِالدِماء
    فأُفلِتَت من يَدِها قطّتُها
    تَبحَثُ عَن مَكان
    تُفتّشُ الأرجاءَ عَن أمان..

    في بَيتِنا الحَزين
    تَحطّمت مَشاعِلُ الفَرح
    وأَطبَقَ السُكون
    تَهاوَت الجُدرانُ
    تَحنّطَت مَنابتُ الغُصون
    وَأصبَحت في سِجنِها الجَديد
    تُقّطُعُ الأحشاءَ وَالأكباد
    تُدمّرُ الحُصون..

    في الحيّ عِندَ مَهلَكِ الدَمار
    طِفلٌ يَمُرُّ مِن بَعيد
    فَيَسمَعُ المُواءَ والبُكاءَ وَالنَحيب
    كانَت تُحاوِلُ الخُروج،
    مِن واحَةِ الدَمار
    تَتسلَّقُ السِياجَ
    مَخالبٌ صَغيرَةٌ تُصارِعُ الأقدار
    كَي تَلتَقيهِ في مَعارِجِ البُروج..
    تَموءُ بالتياع
    جَميلَةٌ..
    لكّنَ قَلبَها حَزين
    مَوجوعَةٌ
    وَقَلب مَن تُحِبُها، جانِبها
    يَغوصُ في السُكون.
    قَد أدرَكَت في لَحظَةِ الحَقيقَة
    مَهالِكَ الفُراق
    لكِنّها
    في حُضنِهِ الصَغير
    تَفتَّحتْ تَستَقبِلُ الحَياة.

    في صَدرِهِ الدَفيء
    تَبدّلَ الحَبيبُ بِالحَبيب
    وَأشرَقت في صَمتِها بَيارِقُ الأمَل
    كي تستمر في حَياتِها الحَياة..
    بَيضاء..
    عَن فَروها الأصيل
    تَناثَرت مَواضِعُ الدِماء
    وَغادَرتْ تَسمو إلى السَماء
    تُساكِنُ القَمر
    وَتَستَظِلُّ في سُكونِها الصُوَر
    في حُضنِهِ الصَغير
    وقَلبِهِ الكَبير
    تَضُجُّ بِالحياة
    وَنَبضُهُ يَضجُّ بِالحَياة
    يَستَقبلانِ غُربَةَ المَجهولِ بِاشتِياق..
    في صَمتِها الثَقيل
    ألفَ قِصّةٍ، وَصورَةٍ، وَذاكِرة
    لكِنّها لا تُتقِنُ الإنصاتَ والحَديث..
    لا تَسمعُ البُكاءَ، وَالرَجاء
    لا تُدرِكُ المَصير
    لأنَّها..
    صَمّاءْ..
    ع.ك
    ـ ـ ـ


    موقع عدنان كنفاني
    http://www.adnan-ka.com/

  2. #2
    طبيب وشاعر من سوريا دير الزور
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    3,402
    أخانا عدنان كنفاني

    قصة شاعرة مؤثرة لأنها معاناة واقعية يومية متكررة

    أجدت في التأثير والبيان

    جزاك الله خيراً

    كل عام وأنت بخير

    هل تعني أن الصمم قد يكون نعمة ؟
    واتقوا اللَّه ويعلمكم اللَّه واللَّه بكل شيء عليم

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •