ذات لحظةٍ تُغادر الناس والأماكن التي ألِفتكَ كلها، إلى اللا مكان ولا زمان

تتذكر نفسك قبل سنوات بطول عُمر نوح…

تتذكر روحك وهي تقف خجِلةً أمام صائمين بلا سحور وليس عندهم ما يفطرون عليه إلا رسائلهم لربهم ( أرضيتَ يارب )

تقف خجِلاً أمام عزّة أشخاصٍ أكلوا أوراق الشجر في غزة ولم يهَنوا، بينما إخوانهم العرب على مقربة منهم متخمون من الشبع.

تلتحفُ دفىء دعوات الأمهات في خان يونس، تلتقطُ رسائل أمهات الشهداء وزوجاتهم وهي تُرفع إلى حضرة الملك جل جلاله.

تطير مع أرواح الشهداء في كل بيتٍ وزاويةٍ وشارع

"لا تحزن " هي كلمة الشدائد ووصية الصادقين في أصدق اللحظات، هي رسالة نرسلها لأعماقنا أولًا، لتُسكّننا وتنيرَ لنا الطريق ..

دموع الأمهات، ورسائل الوداع في الأثير، وهمسات الصادقين وجهودهم، مُعذرين إلى الله بعدما قدموا كل شيءٍ لله..

أكفّ الأطفال الصغار المرفوعة إلى الله
أحلامهم وأمانيهم الموقوفة ببابه
رسائل المعتقلين ظلمًا
شارة النَصر التي غادر بها الشهداء الحياة
أتُراه يخيّبهم وهو الكريم ؟!
( معاذ الله )

ستُخبرهم الوسائد المُبلّلة بدموع الصدق بين يدي مولاها

وسيُخبرهم الألم الخفيّ الذي لا نبوحُ به رغم اشتعاله

وستُخبرهم الجراح الغائرة فينا ونحن نقف وسط معركة الحياة وحيدين، مبتسمين، نِرددّ كبلالٍ ( أَحَدٌ - أَحد )

سيُخبرهم كل ذلك أننا ما بكينا ضعفًا ولا يأسا ( معاذ الله أن نيأس )
فنحن أقوياء بالله وحده، وإذا ضاقت الأرض بنا وأغلقت أبوابها، فأبواب السماء مفتوحةٌ لا تُغلق........