منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    الرِّدَّة الثورية في مصر وعِبْرةُ الانقلابات التركية

    الرِّدَّة الثورية في مصر وعِبْرةُ الانقلابات التركية

    2013-7-8 | د. محمد بن المختار الشنقيطي بقلم: محمد بن المختار الشنقيطي / باحث وكاتب موريتاني مقيم في الدوحة
    في عام 1980 قاد الجنرال كنعان إفرنْ انقلابا عسكريا ضد الحكومة الديمقراطية التركية. وكان الرئيس الأميركي جيمي كارتر في حفل موسيقي بهيج حينما جاءه اتصال من ضابط ارتباط لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) يقول: "لقد فَعلَها غـلماننا"!!
    وقد اعترف مدير مكتب (سي آي أي) في أنقرة آنذاك بول هنزي Paul Henze بأن وكالته كانت تقف وراء الانقلاب. وهكذا ابتهجت واشنطن بسيطرة ثلة من الجنرالات المرتبطين بأجهزتها السرية على أزمَّة الأمور في تركيا، وانفتح باب من الاضطراب الاجتماعي والعنف السياسي والجدْب الاقتصادي في تركيا لأعوام مديدة.
    ويبدو الشبه بين مصر وتركيا مغريا بالمقارنة. فكلتاهما دولة مسلمة مركزية في عالم البحر المتوسط، وكلتاهما راهنت عليهما واشنطن مدة مديدة في ستراتيجية التحكم التي تنتهجها في المنطقة، وكلتاهما ارتبطت الدولة العميقة فيها بصلات وثيقة مع إسرائيل.
    وها نحن نشهد بعد ثلاثة وثلاثين عاما من انقلاب كنعان إفرنْ في تركيا انقلابا للجيش المصري على أول رئيس نجح في أول انتخابات حرة نزيهة في تاريخ مصر، واعتقال الرئيس الوحيد في تاريخ مصر الحديثة الذي لم تحدث اعتقالات سياسية في حكمه.
    فليس مما يُستغرَب أن يكون الأتراك قيادة وشعبا هم أشد المستنكرين للانقلاب العسكري الأخير في مصر.. لقد ذاقوا طعم الانقلابات على السلطة الشرعية في بلادهم مراراً، ومن ذاق عَرَف..
    لم يأت الانقلاب المصري من فراغ، بل كان حصاد عوامل عدة، منها الطريقة التي خرجت بها الثورة المصرية إلى الوجود، ومنها تصاعد قوة الفلول التي لم تطأطئ رأسها للثورة إلا ترقباً لفرصة سانحة للانقضاض عليها، ومنها تراكم من الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها قوى الثورة المصرية، ومنها –وهو الأهم- النية المبيَّتة من واشنطن وحلفائها من الجنرالات المصريين.
    إن السبب الأول للارتباك والردة الثورية التي شهدها مصر اليوم والجذر العميق للأزمة المصرية اليوم هو الميلاد المريب للثورة المصرية المخالف لمنطق كل الثورات. لقد ولدت الثورة المصرية خِداجاً غير مكتملة النمو، إذ صحبها انقلاب عسكري منذ أول يوم بحُجَّة حمايتها، وغايته هي وأدها في نهاية المطاف..
    فالقادة العسكريون الذين اعتادوا طيلة حكم مبارك حياة البذخ والدَّعة، وجمع المال الداخلي والخارجي، وبناء العلاقات السياسية والأمنية بالولايات المتحدة.. قرروا –بالتنسيق مع الظهير الأميركي- التضحية برأس النظام، والإبقاء على جسده.
    وهكذا تولى العسكريون التطويح بحسني مبارك وكفلوا له محاكمة السبعة نجوم الشكلية التي شاهدها العالم، ثم استلموا منه السلطة باسم الشعب في مهزلة لم يعرف تاريخ الثورات لها مثيلا.. فمتى كان رئيس مخلوع بثورة شعبية وريثا على عرش تلك الدولة لمن يشاء وكيف يشاء؟! لكن ذلك ما حدث بالفعل حينما أعلن عمر سليمان تخلي مبارك عن السلطة وتسليمها للمجلس العسكري!!
    وهكذا فاز الشعب المصري في ظاهر الأمر بانتصار سهل على الاستبداد، لأن جيشه العظيم –كما قيل حينها- قد انحاز للشعب ضد الفرعون.
    لكن الثورات السهلة خدَّاعة، لأنها في ظاهرها انتصار مظفَّر على قوى الاستبداد بثمن معقول من الدماء والأموال، وفي حقيقتها مجرد تضحية بالجناح الأضعف من النظام المثار عليه لصالح الجناح الأقوى والأرسخ جذورا، وهو ما يكون وصْفة جاهزة لإعادة إنتاج النظام الاستبدادي عند أول سانحة..
    وهذا ما حصل في مصر حينما تمت التضحية بعائلة مبارك والحزب الوطني، لصالح أجنحة أخرى من النظام القديم هي الجيش والقضاء والأمن والإعلام. وهكذا كان لا بد من لحظة مفاصلة بين الثورة المصرية والانقلاب العسكري الذي التبس بلبوسها يوم ميلادها، وجاءت المفاصلة لصالح الانقلاب على حساب الثورة بكل أسف، حينما أطاح جنرالات حسني مبارك بأول رئيس ينتخبه المصريون بحرية خلال سبعة آلاف عام من عمْر دولتهم العتيقة.
    ولم تُحسن قوى الثورة المصرية التي كانت وقود ثورة 25 يناير، تشخيص المخاض الذي أسفر عنه الانهيار السهل والسريع لسلطة حسني مبارك.
    فقد أسفر سقوط مبارك عن وجود معسكريْن اثنين: معسكر الثورة وهو يجمع كل القوى المدنية الإسلامية والعلمانية التي اشتركت في الحراك الشعبي ضد مبارك، ومعسكر الدولة العميقة المرتبطة بالنفوذ الأميركي، وأقوى أطرافها الجيش والأمن مُسلَّحيْن بالقضاء والإعلام.
    ولم تقرأ قوى الثورة الخريطة بتمعُّن، واندفع الشعب الثائر –ومن ورائه الشعوب العربية- إلى الاحتفاء بثورة ناقصة، والابتهاج بنصر خادع سرعان ما سيتبيَّن أنه سراب بقيعة.
    لقد كان الثوار المصريون صبيحة سقوط مبارك بحاجة إلى من يذكّرهم بما خاطب به الشهيد عبد القادر حشَّاني قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر يوم نصرها المؤزَّر في الانتخابات البرلمانية، حيث قال: "إن مخاطر النصر أكبر من مخاطر الهزيمة".
    وكان الخطأ القاتل الذي اسْتوت القوى الإسلامية والعلمانية المصرية في ارتكابه –باختلافٍ في الدرجة لا في النوع- هو التعامل مع المنافسين السياسيين من داخل الثورة باعتبارهم أعداءً، والتعامل مع الأعداء من خارج الثورة باعتبارهم أصدقاء..
    فبدأ التطبيل لـ"جيش مصر العظيم" المُجرَّد عن الأهواء والمصالح، و"قضاء مصر النزيه" الذي لا تشوبه شائبة.. وغير ذلك من خرافات مهلكة ساهمت قوى الثورة ببراءة في تسويقها، وتعاملت قوى الثورة مع المجلس العسكري وقيادة القضاء الدستوري على أنهما شريكان في الثورة، لا بقايا من مواريث النظام القديم.
    والواقع أن جيش مصر –مهما تكن عظمته- يقوده جنرالات تجار أثْروا من مال الشعب المنهوبة، ومن التمويلات الأميركية المريبة، وانسلخوا من ثقافة الدفاع عن حمى الوطن وروح االتضحية والنزال، وأن قضاء مصر –مهما تكن نزاهته- تقوده هيئات قضاء دستوري صنعها مبارك على عينه، وشرَّع بها كل الموبقات التي ارتكبها ضد شعبه خلال ثلاثة عقود، وحينما سقط مبارك كانت هاتان المؤسستان –الجيش والقضاء- هما أعتى مؤسسات الدولة العميقة المتربِّصة بالثورة، وأحسنها تخطيطا وتنظيما، وأشدها مِراسا وشكيمة.
    وكان أسوأ ما عانت الثورة المصرية، والسبب الذي أودى بها في نهاية المطاف، هو عدم احترام بعض قوى الثورة المصرية لقواعد تنظيم الخلاف في كل الديمقراطيات.
    لقد قصَّرت جلُّ القوى الثورية المصرية في حق بعضها البعض، لكن الإنصاف يقتضي عدم المساواة بين أخطاء الإخوان وخطايا خصومهم: فما فعله الإخوان من الاستئثار بالقرار كان خطأ في التقدير ونقصا في الحكمة السياسية، ساعد عليه عدم التجاوب من شركاء الثورة، ولم يكن خروجا على الشرعية الديمقراطية التي جاءت الثورة لوضع أسسها، وما فعله الآخرون كان خروجا على جوهر العقد الاجتماعي الذي انبنت عليه الثورة، وهدم لأركان الديمقراطية المصرية الوليدة التي تسع الجميع.
    لقد احتج شركاء الثورة على الإخوان بتراجع شعبية الرئيس محمد مرسي، وبالعجز عن توفير الخدمات الأساسية للمواطن، وبالاستفراد بصياغة المرحلة الانتقالية دون توافق... وهي كلها حجج صحيحة أساء فيها الإخوان إلى أنفسهم وإلى الثورة.
    لكن ذلك لا يسوغ الجريمة التي ارتكبتها بعض قوى الثورة في التحالف مع قوى الدولة العميقة المعادية للثورة، والمتحالفة مع القوى الدولية الطامعة، والعمل معها للتطويح بأول رئيس منتخَب، اتباعا للمبدإ العبثي المُهلك: "عليَّ وعلى أعدائي".
    لكن ذلك ما فعلته –بكل أسف- بعض قوى الثورة المصرية، فدلت على ضعف ثقتها بنفسها، وعدم التزامها المبدئي بالتحاكم إلى قواعد تنظيم الخلاف الديمقراطي.
    إن الثورة المصرية ليست بِدْعاً من الثورات، والديمقراطية المصرية ليست بدعة بين الديمقراطيات. والحكومات الديمقراطية في كل أرجاء الأرض تنجح وتفشل، ويَحسُن أداؤها ويَسوء، دون أن يعني ذلك تأثيرا تلقائيا على شرعيتها.
    فإذا أحسنت الحكومة المنتخَبة فلا يمنحها ذلك حقا تلقائيا في تمديد ولايتها دون رجوع إلى صناديق الاقتراع، وإذا قصَّرتْ أو أخطأت فلا يعني فقداناً تلقائياً لشرعيتها دون رجوع إلى صناديق الاقتراع. وحينما طالبت بعض قوى الثورة المصرية بتدخل الجيش للإطاحة بمرسي كانت شعبية مرسي أكبر بكثير من شعبية الرئيس الفرنسي (هولاند)، لكن لا أحد في فرنسا يفكر في الانقلاب على (هولاند)، مما يدلُّنا على البون الشاسع بين ديمقراطية عمرها سنتان، وأخرى عمرها قرنان.
    لقد سلَّم شباب أغرارٌ وسياسيون أنانيون مصر إلى أعتى مؤسستين من مؤسسات نظام مبارك، وهما الجيش والمحكمة الدستورية العليا، وحوّلوا ميدان التحرير من مُلْهمٍ لكل شعوب العالم قبل عامين إلى مطية للطغيان والدكتاتورية العسكرية اليوم، وسلموا مصر من جديد إلى الراعي الأميركي الذي وقف وراء الاستبداد العسكري في مصر مدة أربعين عاما. وقد أحسن الرئيس محمد مرسي إذ رفض التنازل تحت ابتزاز الجنرالات، وتمسك بالعهد الذي قطعه أمام شعبه.
    على أن ما جرى في مصر هو أبعدُ ما يكون عن الشأن المحلي الصرف، ومن هنا أهمية العبرة التركية. فثمة أوجه شبَه عديدة بين الانقلاب المصري الحالي وبين الانقلابات العسكرية الثلاثة التي تتالت في تركيا، بفاصل عقْد من الزمان بينها، وهي انقلاب 1960، وانقلاب 1971، وانقلاب 1980. ومن أوجه الشبه هذه:
    تقديم الانقلاب زورا وبهتانا على أنه استجابة لتطلعات الشعب، وإنقاذ للديمقراطية من قوى سياسية تهددها.
    ممارسة الجيش للسلطة السياسية من وراء واجهة مدنية، وفرض نفسه حَكَما في القضايا السياسية والإستراتيجية الكبرى. فهو متحكم في الحاكم، وليس حاكما بالمعنى التقليدي المكشوف.
    تولّي العسكريين السلطة في شكل جماعي، لا في شكل دكتاتورية فردية. فكان (مجلس الأمن القومي) التركي هو الحاكم الفعلي، وها هو (المجلس العسكري) في مصر يطمح إلى الدور ذاته.
    تنفيذ العملية الانقلابية بعد إصدار الجيش إنذارا إلى السلطة المدنية. وهو ما حدث في تركيا قبيل انقلاب 1960 وانقلاب 1971، ورأيناه في مصر منذ أيام 2013.
    استخدام القضاء الدستوري مظلة لتشريع حكم الجيش، فالمحكمة الدستورية التي أسسها الانقلابيون الأتراك تشبه كثيرا المحكمة الدستورية المصرية التي نصّب الجيش رئيسها رئيساً مُؤقتاً للدولة.
    والسبب في هذا الشَّبه المريب بين نمطيْ التفكير والتنفيذ لدى الجيشين التركي والمصري في انقلابهما على الشرعية هو أن الولايات المتحدة كانت ذات صلة وثيقة بالانقلابات التركية، وهي اليوم على صلة وثيقة بالانقلاب في مصر، رغم تظاهرها بغير ذلك. وهي تسعى من خلال هذا الانقلاب إلى استمرار الإمساك بالتوجه الاستراتيجي المصري، وإفشال الثورة المصرية، وإرباك الربيع العربي كله.
    فالانقلابات التركية والمصرية خرجت من مشكاة واحدة هي الرؤية الإستراتيجية الأميركية لدور كل من تركيا ومصر في المنطقة.
    كما إن بعض القادة العرب الموالين لواشنطن ليسوا بعيدين عن الإسهام بمالهم وإعلامهم في الرِّدة الثورية بمصر، وسيظلون غارقين في محاولة إفشال الثورات في الدول العربية الأخرى حتى تغشاهم الثورة في ديارهم وهم غافلون.
    إن الشعوب العربية لم تعد مفعولاً بها كما كان الحال في الماضي، بل هي اليوم فاعلة وممسكة بمصائرها، وسيظل الغرب وأتباعه في منطقتنا حريصين على بقاء الشعوب خانعة للاستعباد، لكن المعادلة الداخلية هي التي تحدد الاستجابة الخارجية، وليس أمام الإخوان المسلمين والقوى الثوريّة المساندة للشرعيّة في مصر اليوم سوى العودة للفعل الثوري، والتمسك بالتعبئة الشعبية الدائمة بصبْر ودأَب، حتى تعود القوى الثورية الأخرى إلى رشدها، وتقبل احترام الشرعية الدستورية، وينتزع الشعب المصري حقه من قوى الدولة العميقة وأحلافها في الخارج المصرِّين على فرض وصايتهم على أمتنا دون حق.
    بعد ثلاثة عشر عاما على انقلاب الجنرال كنعان إفرنْ، شقَّت تركيا طريقها إلى الحرية السياسية والازدهار الاقتصادي والانسجام الاجتماعي.
    وبعد مضيِّ اثنين وثلاثين عاما على ذلك الانقلاب قدَّمت القيادة الشرعية للشعب التركي الجنرال الانقلابي كنعان إفرنْ إلى المحاكمة وهو في التسعينات من عمره، لا لتحكم عليه بالعقوبة التي يستحق –فتقدُّم سنّه واعتلال صحته لا يسمحان بذلك- وإنما ليدرك الجنرال العجوز في حياته عاقبة التعدي على حرية الشعب، ولتفهم القوى الدولية المُدمنة على استعباد الشعوب من خلال القادة العسكريين الأنانيين أن عصر الاستعباد مضى إلى غير رجعة.. فالتاريخ لا يرحم من يحتقرون إرادة شعوبهم في عصر الحرية ولا يتركهم من غير محاسبة.
    إن تجارب انقلاب الجيش على السلطة المنتخَبة في عصرنا تجاربُ مريرة، فقد أدت إلى مقتل حوالي مائتيْ ألف شخص في الجزائر خلال التسعينات، وأشعلت حربا أهلية في غرب السودان راح ضحيتها الآلاف وانشطرت الدولة السودانية، وحوّلت باكستان إلى دولة فاشلة.. وفي عددها ليوم 02 ابريل 2012 قدمت صحيفة (صاندي زمان) التركية حصيلة لحكم الجنرال كنعان إفرنْ: اعتقال 650000 شخص، ومحاكمة 230000 شخص، و517 حكم بالإعدام، و299 حالة وفاة بسبب التعذيب أو ظروف السجن السيئة.. وليس هذا هو المصير الذي يتمناه أي مصري أو عربي لمصر.
    إن مصلحة مصر هي أن لا يهنأ مغتصبو السلطة بما اغتصبوه، وأن تتوحَّد القوى الثورية المصرية –من أنصار مرسي ومعارضيه- على الوقوف لهم بالمرصاد في لحظة تحدٍّ ومفاصلة مع الاستبداد، تستوعب أخطاء السنين الماضيتين وخطاياها، وتنطلق إلى المستقبل بثقة وتآخٍ وأمل.. فالرجوع إلى الحق أوْلى من التمادي في الباطل.
    وبذلك يبرهن الشعب المصري ـكما فعل دائماً- أنه شعب حرٌّ أبيٌّ، وليس ذلك الشعب المتخاذل الخانع لخائني الأمانة من عبيد السُّوء، الذين هجاهم المتنبي بقوله:
    أكلَّما اغتـال عبدُ السُّـوء سيِّـدَهُ / أو خـانه فلَـهُ في مصرَ تـمهيدُ؟!




    __._,_.___

  2. #2
    إن الله إذا أراد أن يُهلك نملة أنبت لها جناحين... ترقبوا سقوط السيسي


    ضعف جناحيها يجعل طيرانها مرتبكاً فسرعان ما يتلقفها الطير.
    البترودولار وجوقة تمرّد، جناحا السيسي اللذين طار بهما إلى القصر الجمهوري إتضح أنهما أضعف من جناحي النملة.

    البنك المركزي المصري لم يستلم دولاراً وحداً من الـ 12 مليار التي وعدت بها الإمارات والسعودية والكويت. مصادر البنك المركزي تقول إن هذه الدول تتذرع بعدم انجلاء الموقف. لديهم مخاوف من عودة مرسي إلى الحكم بسبب تخبّط الانقلابيين وتعاظم الاحتجاجات الرافضة لهم.
    واضح أن مصر ستقبض هذه المليارات بالمشمش.

    كوكتيل حركة تمرّد ضربته شمس تموز وبدأ الناس يستفرغون مكوناته المتفسخة. خلطة عجيبة لا تنهضم. فلول على برادعيين على ناصريين متخلفين عقلياً مع ديناصورات حزب الوفد وشراذم عمرو موسى العميل، بالاضافة إلى بعض المأسوف على شبابهم من ثوار 25 يناير وحركة 6 أبريل.

    في الصباحية غير المباركة بعدما راح كل واحد لحال سبيله، اكتشف عرسان الغفلة أن عرسهم تم بمباركة الكنيسة القبطية التي جهزته بنصف مليون مسيحي ضختهم إلى ميدان التحرير.
    اليوم أصبح الميدان خاوياً إلا من حفنة بلطجية ومباحث أمن دولة سابقين، عددهم أقل من عدد اللافتات والخيام المنصوبة هناك.

    من سبق له أن زار القاهرة يعرف أن ميدان التحرير في الايام العادية يتواجد فيه ما يربو على الألف من المارة والباعة المتجولين. بعد 30 يناير اصبح الميدان سئ السمعة. صار البعض يسميه ميدان الطراطير والبعض الآخر ميدان الحمير (في إشارة إلى امتطائهم من قبل العسكر). لذا يتجنب المصريون المرور به.

    في المقابل زاد عن 3 ملايين عدد المعتصمين في رابعة العدوية. ناهيك عن مئات الالوف في ساحة نهضة مصر ومقابل مقرات الحرس الجمهوري. محافظات مصر كلها باتت غاضبة تطالب بسقوط العسكر.أفواج النادمين على تورطهم في مظاهرات حركة تمرّد تتوافد بلا انقطاع على منصة رابعة العدوية.

    الانقلابيون الجهلة راهنوا على رمضان وحر الصيف في كسر صمود المعتصمين. ولما سقط رهانهم ورأوا راي العين أن عدد مصلي التراويح في رابعة العدوية وحدها تجاوز عدد حجاج بيت الله الحرام، طلبوا العون من أبي جهلهم شيخ الأزهر عسى أن يفرق شمل المعتصمين. أطل من شاشة التلفزيون المصري (صاحب الكذب الحصري) داعياً الناس إلى ترك الساحات والصوم في بيوتهم مكتفين بالدعاء. وما هي إلا سويعات حتى نزلت العوائل بكامل عددها وعدتها إلى الساحات مصممين على الصوم فيها حتى هلال العيد.

    الصبر والعناد كالكريات الحمراء والبيضاء مكونان اساسيان للدم المصري. تشهد على ذلك شجرة الدر التي أسقطوها بثمانين يوما لم يبرحوا خلالها الساحات والشوارع.
    فرحة السيسي الذي اهترأ جناحاه بوقت مبكر لن تطول. زنازين (أبو زعبل) تترصد طيرانه المتخبط. وما هي إلا مسألة وقت حتى تبتلعه خلف قضبانها.

    يقول أينشتاين الغباء هو أن تكرر استخدام نفس الطريقة التي قادتك إلى الفشل.
    ما لا يريد العسكر العرب أن يفهموه أن انقلاباتهم المتوالية منذ ستين عاماً والتي سموها كذباً وزوراً ثورات هي التي مسختنا إلى أمة متخلفة يتندر العالم بغبائها.
    العسكر لا يصلحون لإدارة الدول. هذا ما أدركته دول أوربا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية فحصرت دورهم باختصاصهم وسلبت منهم حق الترشح والانتخاب لذلك تقدمت. بعكس اوربا الشرقية التي استطال فيها حكم الجنرالات إلى أن سقط الاتحاد السوفييتي فبقيت متخلفة مقارنة بالغرب.

    يجب استخلاص الدرس مما جرى
    صبرنا ستين عاماً على حكم رجال أكملوا الثانوية بشق الانفس ثم بقدرة قادر أصبحوا جنرالات فاستولوا على السلطة بالدبابات وحكمونا بالنار والحديد وجعلوا من أمتنا أضحوكة للعالمين.
    لماذا لا نصبر ثلاث سنين على دكتور مهندس أستاذ سابق في الجامعات الأمريكية حافظ للقرآن نظيف اليد واللسان فاز مرتين بانتخابات نزيهة واستقال من حزب الحرية العدالة وجماعة الإخوان ليقف على مسافة واحدة من الجميع وأخلى السجون من السياسيين ومعتقلي الراي؟

    هل نتبدّل الخبيث بالطيب؟
    (إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا) النساء 2

    لبيد الصميدعي

    12/7/2013

المواضيع المتشابهه

  1. لمحبي اللغة التركية فقط
    بواسطة شادية مقداد في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 02-21-2016, 03:33 AM
  2. المحاكمة الثورية والمحاكمة العادية مرة أخرى
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-19-2012, 12:01 PM
  3. المحاكمة الثورية والمحاكمة العادية
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-11-2011, 02:07 PM
  4. قلبي يهواها البنت الثورية / الحاج لطفي الياسيني
    بواسطة الشاعر لطفي الياسيني في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-09-2010, 03:54 AM
  5. قلبي يهواها البنت الثورية / شعر لطفي الياسيني
    بواسطة الشاعر لطفي الياسيني في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-26-2009, 12:42 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •