آهِ يا غسّان
في الذكرى 41 على استشهاد الأديب غسّان كنفاني

قم يا أخي من برزخك الأبدي، قم يا غسان فقد غرقنا بالحزن والعجز، والأسوار تطوّق حتى أنفاسنا.

ويومَ افترقنا.. التقينا
طريقٌ بعيدٌ.. بعيدْ
ودونَكَ دمعي.. ورجفُ القصيدْ
وألفُ ستارٍ حزينٍ.. وألفُ نشيدْ
وقلبي يواصِلُ شوقاً
ويركضُ عبرَ المسافةِ
ألقاكَ.!!؟
وهمٌ هو الوهم..!
أصافحُ وجهي
تقولُ المرايا: وهل أنتَ.؟
أقولُ.. وخلفَ الحواجزِ
خلفَ الوثيقةِ أجترُّ موتي
أصارعُ حظّي البليد..
أُجاري ظُنوني
أعلّق بؤسي على سفحِ قفْ..
تسدُّ أمامي وبيني الطريقْ..
ويبقى يثرثِرُ لحنُ النشيدْ
(بلاد العرب يا أمّاه تأباني وتنساني
وتخجلُ من سوارِ الشوكِ يُدميني)
ويعلو الوهمُ
تعلو الـ لا...
يماهي صداها عواء النشيد.!
ويوم افترقنا التقينا
على سدّةِ الغيمِ.. كنّا
وتمّوزُ يأبى الرحيلَ
ويشرقُ بين ضبابِ الصباحِ
وبين جرارِ الصديدْ
تضيعُ المسافاتُ
ما عادَ أسرٌ يُفيدْ..
ويومَ افترقنا
وقالوا تطايرَ غَيْماً
وحلّقَ مثلَ الفراشاتِ عِطراً
تجاوزتُ دنيا الصخبْ
وأسوارُ قهرٍ تُقاطع حدَّ الغضبْ
وخلفَ الوثيقةِ ألقيتُ حزني
فأذكى أوارَ اللهبْ
يخافونَ منكَ.!
لماذا.. وأنتَ الضئيلُ المريضْ
وعيناك تبقى الصهيل
وتبقى البِدايةُ.. تبقى السببْ..
وقالوا
تناثرَ بين حفيفِ الزهورِ
ودفءِ السنابلِ
لحناً تعشّقَ دمعَ القصبْ
وبعد الخريفينِ حلَّ اللقاءُ
فآويتُ روحي إليكَ
وآثرتُ في رفّةِ الريحِ ألقاكَ
رغمَ جنونِ التعبْ
وقالت دموعُ العذارى.. افترقنا.!
فقلتُ التقينا
وأورقَ عودٌ يباسٌ
وأمطَرَ زهراً نديّاً
فقلتُ تعالي
أما آن عصرُ العنبْ...!؟
وفاضتْ بحارٌ على اليابسة
أنختارُ ركناً مكيناً لنأوي إليه.؟
وأي المصيرين يبكي علينا..
وأيُّ المصيرينِ نبكي عليه.؟
وقبل أوانُ الرحيلِ
يواريكَ رعبُ الشتاتِ
فتنأى عن الحزنِ
تستافُ مرَّ الجراحِ
ونبضَ القتيلْ
وأيُّ القتيل القتيل
أأنتَ.؟ أم الموج.؟
وقد كنتَ غُصناً تدلّى صُعوداً
وأرجفَ بوحُ البنفسجِ
ضاءَ الصباحُ
وشقَّ منَ الصمتِ صوتَ الصَليلْ
وربّي..!
سمعتُ العزاءَ نُواحاً
وصرّةُ ريفٍ
وخيمةُ فَقْرٍ تُربي المُهورَ طويلاً
وتُطْلِقُ للساحِ في كل صبحٍ
خيولاً بخفقٍ نبيل
تُعتّقُ طيناً حبيساً
فيشرقَ لونُ الترابِ
على أولِ الدربِ
أطلّت "أمينةُ"
جاءَ البشيرُ وفاحَ العبيرْ
تُزغردُ شوقاً إليهِ.؟
وكيفَ نودِعُ حُبّاً تناثرَ شَهداً وطارَ..
ليرسو قريباً من الروحِ
حدَّ البنادق تُشهرُ بين الحدود
وبيني بكلِّ اللغاتِ.!
تقولُ افترقنا..
أقولُ التقينا فمنْ بَعدنا يستجيرْ
ويومَ افترقنا التقينا.!
وتمّوزُ علّقَ فينا غصونَ البقاءِ
وكلُّ الشهورِ قوافل تترى
فصارتْ شموعاً تُضاءْ
وصرنا قريباً.. قريباً
سواء..
ع.ك
ـ ـ ـ




نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي