منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355

    التطميناتُ الربّانيّة السياسية والأمنية !

    التطميناتُ الربّانيّة السياسيّة والأَمْنيّة !

    أوْلى الشرعُ عناية فائقة بأمن المجتمع المسلم وأمانه ، ووعد باستقراره ما دام مستقراً على الحق في سياساته ، قائما على القسط والرّشد في حركاته وسكناته ، فأمّنه عندها من طوارق الحدثان ، وردّ عنه غائلة أهل الكفر والبطش والطغيان ، وصانه من النوازل، وقد سطر في آي الكتاب من التطمينات بهذا الصدد ما يشفي غليل كلّ سائل ؛ فمآل السياسات الحسنة والقبيحة أمامه ماثل ، فليتبصرها ويتأملها وليختر لنفسه العاقل .. إنها تطمينات سارية ، وسنن جارية ، وعادات ماضية ، فللشبه حكم شبهه وللمثيل حكم المماثل ، لذا حفلت آيات الكتاب العزيز بكثير من التطمينات السياسية والأمنية التي تعدّ نبراساً يهتدي بسناه أهل الولايات الشرعية والسياسات ، وجند الحق عند الصولات والمنازلات، ومن أبرز ما كشفته الآيات في هذا السياق ، وساقته من التطمينات أنه :

    * مَنْ حظي بالنصر من الواحد القهار ، فلن يُخذل أبداً ولن يُضارّ، ومن حُرم من نصره فما له من ظهير من بعده :
    أذاع هذه البشارة قول الحق جل وعلا: { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (سورة آل عمران آية 160)
    قال الطبري ـ رحمه الله تعالى ـ: (إن ينصركم الله أيها المؤمنون بالله ورسوله على من ناوأكم وعاداكم من أعدائه والكافرين به فلا غالب لكم من الناس ، يقول: فلن يغلبكم مع نصره إياكم أحد، لو اجتمع عليكم من أقطارها من خلقه، فلا تهابوا اعداء الله لقلة عددكم وكثرة عددهم، ما كنتم على أمره واستقمتم على طاعته وطاعة رسوله ، فإن الغلبة لكم والظفر دونهم {وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده} يعني: إن يخذلكم ربكم بخلافكم أمره، وترككم طاعته وطاعة رسوله، فيكلكم إلى أنفسكم {فمن ذا الذي ينصركم من بعده} يقول: فأْيَسُوا من نصرة الناس فإنكم لاتجدون أمراً من بعد خذلان الله إياكم إن خذلكم) ( الطبري: جامع البيان 4/154)

    * ينصرُ اللهُ مَنْ نصَرَه ، ويثبّتُ عند الملاحم قدمَه :
    زفّ هذه البشرى إلى جموع الأمة قولُه عز من قائل: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصرْكم ويثبتْ أقدامكم} (سورة محمد آية 7)
    قال قتادة ـ رحمه الله تعالى ـ: (إن تنصروا الله ينصركم، لأنه حق على الله أن يعطي مَنْ سأله، وينصر من نصره) ( الطبري: جامع البيان 26/45، والسيوطي: الدر المنثور 6/23) ونصرة الله تكون بنصرة دينه سبحانه (انظر: الشوكاني: فتح القدير 5/40) قوله: {ويثبت أقدامكم} أي: في مواطن الحرب ، فيقويكم عليهم ويُجرّئكم حتى لا تولوا عنهم، وإن كثر عددهم وقلّ عددكم (انظر: الطبري: جامع البيان 26/45، والثعالبي: الجواهر الحسان 5/232) (وقيل المراد تثبيت القلوب بالأمن، فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في مواطن الحرب) قال ابن عاشور ـ رحمه الله تعالى ـ: (وتثبيت الأقدام تمثيل لليقين وعدم الوهن بحالة من تثبت قدمه في الأرض فلم يزلّ، فإن الزلل وهن يسقط صاحبه، ولذلك يمثل الإنهزام والخيبة والخطأ بزلل القدم ، قال تعالى: {فتزلّ قدم بعد ثبوتها }( سورة النحل 94)( ابن عاشور: التحرير والتنوير 26/85)

    * يَدْفع اللهُ عن عباده غائلة الكفار ، ويُبطل ما يُكاد لهم في الليل والنهار :
    جاء ذلك صريحاً في قول العزيز الغفار: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} (سورة الحج آية 38)
    قال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ : (يخبر الله تعالى أنه يَدْفع عن عباده الذين توكلوا عليه وأنابوا إليه شرّ الأشرار ، وكيد الفجار، ويحفظهم ويكلؤهم وينصرهم) (ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/433) قال الطبري ـ رحمه الله تعالى ـ : ( يدفع غائلة المشركين عن الذين آمنوا بالله وبرسوله) (الطبري: جامع البيان 17/171) فمخططاتهم المشؤومة إلى بوار ، ما استمسك المؤمنون بهَدْي الواحد القهار !

    * فلولُ الباطلِ وجموعه مهزومة ، ومساعيه السياسية ومكائده مخذولة مذءومة :
    أشاع هذه البشارة للورى قوله جل وعلا: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لاينصرون} (سورة آل عمران آية 111) أي: وإن يقاتلكم اليهود ينهزموا عنكم فيولوكم أدبارهم انهزاماً عنكم ؛ إذ قوله {يولوكم الأدبار} كناية عن انهزامهم ؛ لأن المنهزم يحوّل ظهره إلى جهة الطالب هرباً إلى ملجأ ومَوْئل إليه منه خوفاً على نفسه والطالب على أمره ( أنظر: الطبري: جامع البيان 4/47) وأما قوله تعالى: {ثم لاينصرون} فقد عدل به عن حكم الجزم إلى حكم الإخبار ابتداء ؛ بمعنى أنّ هذه الجملة ليست معطوفة على جملة جواب الشرط وإلا لكان حقها الجزم بحذف النون ( لا ينصروا ) أمَا وقد جاء الفعل المضارع مرفوعاً ( ينصرون ) فكأنه قيل: ثم أخبركم أنهم لاينصرون، والفرق بين رفعه وجزمه في المعنى: لو جزم لكان نفي النصر مقيداً بمقاتلتهم كتولية الأدبار، وحين رفع كان نفي النصر وعداً مطلقاً؛ كأنه قال: ثم شأنهم وحالتهم التي أخبركم عنها وأبشركم بها بعد التولية أنهم مخذولون مُنتفٍ عنهم النصرة والقوة ، لاينهضون بعدها بجناح، ولايقومون على ساق، ولايستقيم لهم أمر ( انظر: الزمخشري: الكشاف 1/610، وأبو السعود: إرشاد العقل السليم 2/72) فلذا قال تعالى ( لا ينصرون ) ولم يقل ( ثمّ لا ينصروا ) عطفاً على يولّوكم ، وهكذا كان في العدول عن الجزم إلى الرفع ( احتراس ؛ أي يولّوكم الأدبار تولية منهزمين لا تولية متحرفين لقتال أو متحيّزين إلى فئة أو متأملين في الأمر) (ابن عاشور: التحرير والتنوير 4/51) فبعد صيرورتهم منهزمين لايحصل لهم شوكة ولا القوة البتة ، وعليه فهم مغلوبون إن في الصعيد العسكري أو الدّهاء السياسي .
    وليست هذه السّنة منصبّة على اليهود وحدهم ـ كون الآية نزلت فيهم ـ إنما تنسحب على سائر أهل الكفر ومللهم، إذ على شاكلة الآية السابقة قوله تعالى: {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لايجدون ولياً ولانصيراً سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً} (سورة الفتح الآيتان 22،23)
    قال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ: (أي هذه سنة الله وعادته في خلقه، ما تقابل الكفر والإيمان في موطن فيْصل إلا نصر الله الإيمان على الكفر، فرفع الحق ووضع الباطل) (ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/341 ) وما ذلك إلا جرياً على (طريقة الله وعادته السالفة: نصر أوليائه على أعدائه) (القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 16/267)

    * الظفر والغلبة للمؤمنين كلمة باقية على مرّ السنين :
    نشر هذه البشارة في ربوع العالمين قوله تعالى بلسان عربي مبين: {وكان حقاً علينا نصرُ المؤمنين} (سورة الروم آية 47) فقد (وعد الله محمداً وأمّته النصر) (الثعالبي: الجواهر الحسان 4/316)
    قال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ: (هو حق أوجبه على نفسه العزيزة تكرماً وتفضلاً) (ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 6/321) ففي ذلك ( تعظيم للمؤمنين ، ورفع من شأنهم وتأهيل لكرامة سنية ، وإظهار لفضل سابقة ومزية، حيث جعلهم مستحقين على الله أن ينصرهم مستوجبين عليه أن يظهرهم ويظفرهم) (الزمخشري: الكشاف 4/585)

    * مَنْ خاف مقام ربه ووعيده كفاه عدوّه ومكرَه، وأورثه ديارَه وأرضه :
    صدع بهذه البشارة قوله عز من قائل: {فأوحى إليهم ربهم لنهلكنّ الظالمين ولنسكنّنكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}( سورة إبراهيم الآيتان 13، 14)
    قال الطبري ـ رحمه الله تعالى ـ : في قوله سبحانه { ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} أي: (هكذا فعلي بمن خاف مقامه بين يدي، وخاف وعيدي فاتقاني بطاعته، وتجنب سخطي ، أنصُره على من أراد به سوءً ، وبغاه مكروهاً من أعدائي، أُهلِكُ عدوّه، وأخزيه، وأورثه أرضه ودياره) (الطبري: جامع البيان 13/192)
    فهي تطمينات جرت مجرى السنن الماضية التي لا تحيد، وقد تحققت فيمن سلف كما جاء في قوله تعالى: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها} (سورة الأعراف آية 137) وعساها عمّا قريب بإذن الله تنجز في الخلف { ويستنبئونك أحقّ هو قل إي وربّي إنه لحق وما أنتم بمعجزين } ( سورة يونس 53)


  2. #2
    صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم ونحن على طريقه ماضون..
    فلنصلح انفسنا عملا لاقولا وعليه الاتكال
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    اللهمّ نصرك يا ربّ العالمين .. أنزله على أهل الرّافدين والشام وفلسطين !!

  4. #4
    الأخ د. عيد
    أشكرك على هذا الجهد الكبير والموضوع الجميل والمفيد
    نعم ان تنصروا الله ينصركم
    احترامي

المواضيع المتشابهه

  1. الإسلام السياسي، والماركسية السياسية، واللوثرية السياسية، تتحدى الانقراض عبثا
    بواسطة أسامة عكنان في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-18-2014, 12:37 AM
  2. التطميناتُ الرّبّانيّة الاجتماعيّة !
    بواسطة د. عيد دحادحة في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-11-2013, 06:27 PM
  3. التطميناتُ الربّانيّة الاقتصاديّة !!
    بواسطة د. عيد دحادحة في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-10-2013, 04:31 PM
  4. التطميناتُ الرّبانيّة النفسيّة (1)
    بواسطة د. عيد دحادحة في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-10-2012, 01:47 AM
  5. اقرأ لـ مصطفى العاني : مدير قسم الدراسات الدفاعية والأمنية في مركز الخليج ...
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان تطوير المواقع.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-27-2012, 04:32 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •