مقاومة غزة ظافرة برغم أنف المتخاذلين

الكاتب علاء الريماوي

حين تتابع بعض المثقفين العرب في حديثهم عن غزة وقدرة (إسرائيل) على سحقها ، تركيعها ، إنهاء حكم حماس فيها بشكل أمنيات يصيبك هذا الحديث بشئ من الذهول ، خاصة في ظل الربيع العربي وحركة التغيير الثقافي التي باتت ملامحها واضحة في شباب الأمة المتفاعلين مع ما يجري في المنطقة .

تغير الواقع على ما يبدو لم يقنع بعد هذا البعض على إجراء حالة مراجعة في سلوكه وحربه على المقاومة والتسبيح الدائم باسم دول الاستعمار بسبب مالها ودولارها "جذاب العيون وقاهر الاستعصاء والمقاومة" .

في متابعتي للإعلام العربي كتب السيد طارق لحميد مقالة تحدث فيها عن غزة وخلافات الفصائل فيها ، وأزمة حكومة حماس ، وفشل المقاومة ، وحسرته على المدنيين الذين يقتلون لأسباب تافهة ، وتحدث عن أزمة حكومة مصر ، وجبهة النصرة لغزة ، ولم يدخر جهدا في مقال من 400 كلمة أذية للمقاومة الا تحدث فيها حتى وصوله الى شخصية الشهيد الرائد أحمد الجعبري .

هذا الحديث لم يقتصر على لحميد وإنما وجدته منهجية مركزة وموجهة لدى مجموعة من مثقفي الدولار المنتشرين بكثرة في بعض دول الخليج ومصر العربية .

هذه المجموعة هي ذاتها التي استهدفت مقاومة لبنان إبان حربها ، فلسطين ، العراق ، أفغانستان ، من خلال ذات العبارات وطريقة السرد المتكرر مضافا إليها لعبة التبهيت لما تنجزه المقاومة على الأرض والتي بات الاحتلال في إعلامه مذهولا منها .

حالة الذهول للعدو لا يريد هذا الصنف من الأعراب فهمه بحجة أنهم لا يفهمون اللغة العبرية لذلك سأحاول اليوم نقل الصورة عن المقاومة من خلال حديث (إسرائيل ) نفسها والتي يمكن تلخيصه من خلال الآتي .

1 . الخلاف جوهري بين أركان الحكم على خلفية إستمرار العملية والتي تحدث عنها ليبرمان بوضوح " أنا لست مع عملية برية لا يمكن التنبؤ بنتائجها ولا وقت الانتهاء منها .

2. المفاجأة من قدرة المقاومة والتي تحدث عنها رئيس الكنيست لقد أذهلتني حماس حين قصفت القدس ، هذا لم يكن متوقعا مطلقا لدينا .

3. الإعلام الإسرائيلي وصف نار غزة بالمطر المنهمر والذي ازدادت وتيرة إطلاقه لأكثر من 300 قذيفة صاروخية متنوعة المسمى والاتجاه والعمق مما وضعت تقديرات الأجهزة الأمنية في الكيان عند اختبار صعب ومتهم .

4. الوصول إلى أهداف ظلت في عقلية الإسرائيلي محصنة من المقاومة كتل الربيع ، القدس ، هرتزيليا ، مستعمرات الضفة الغربية ، والتي باتت كلها تحت ما يسمى بالخط الأحمر الأمني في إسرائيل .

5. إجماع غير مسبوق من كتبة الاعمدة الرئيسية في الصحف الإسرائيلية يطلبون من الحكومة وقف العملية عند هذا الحد كي لا تتورط إسرائيل في وحل سميك كما وصفته صحيفة يدعوت أحرنوت .

6. إقرار العجز من قبل قادة كبار مثل بن الي عازر ، رئيس الاركان الحالي ، الذين تحدثوا بوضوح أن الحالة في غزة لا يمكن الوصول فيها الى إنهاء حكم حماس والسيطرة عليها بسبب ما يمكن أن ينتج عن خوض الحرب البرية .

7 . أخفقت مسودات الاتفاق كلها التي نظمت حالة التحالفات بين الاحزاب الإسرائيلية في الانتخابات من كتابة بند غزة بإنهاء مقاومتها وإنما ظل الحديث سطحيا في حدود حماية مناطق الجنوب لغياب رؤية واضحة في الكيفية التي يقضى فيها على غزة .

8 . هروب الاعلام الاسرائيلي الى إعلام المقاومة والبث الطويل من قناة الأقصى ، القدس للخروج من حجم التعتيم الذي يفرضه الرقيب العسكري الذي مس مصداقية الإعلام الذي يبث للجبهة الداخلية .

9 . صورة القدرة كما وصفها كاتب صهيوني ، من مشاهدة ما يجري في غزة بات التطور مقلقا ، مضادات للدبابات ، للطائرات ، البوارج ، صواريخ غزاوية الى أبعد من 80 كيلو متر هذا الامر يحتاج الى منهجية جديدة في التفكير تجاه غزة .

10 . توقف الخيارات ، حماس صهرت كل الخيارات بعد إفلاس خيارات التسوية خاصة بعدما توحدت خلفها ، مصر ، تركيا ، تونس ، وبعض الدول التي باتت حماس أقرب اليها بسبب توجهات المزاج الشعبي الذي بات يطالب بالمقاومة وقطع العلاقة مع الاحتلال هذا الحديث كان مدار نقاش في الأمس في الإعلام الإسرائيلي .

هذه عشرة كاملة في عين الرجعية الوطنية في الساحة العربية يتم الحديث بها من خلال اللغة العبرية ، نترجمها ونجمعها كي يفهمها بعض عربي لا زالت ثقافة الانكسار تسيطر على عقولهم .

اليوم لم تعد المقاومة هزيلة ، ولم يعد خطها ضعيف معزول ، ولم تعد لذلك قدرة الإسرائيلي على العربدة من خلال شارة الثمن الذي تنقل فيها حارقا للمساجد وكروم الزيتون ، اليوم كتائب المقاومة توحدت في جبهة وطنية عريضة فيها حماس فتح الجهاد كلهم يكتبون حدود الوطن وقبلتهم في الخيارات والمفردات التي مزقت فيها رواية قيل عنها تسوية مذلة .

أتمنى في الختام لمن انقلبت ثقافتهم العودة الى رشدهم وتركيز أعمالهم في خدمة مقاومة هي الأنقى والأطهر في هذا الزمان .