منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    مارون عبود شذرات من سيرته والتماعات من آرائه

    مارون عبود شذرات من سيرته والتماعات من آرائه
    أدب ما وراء البحر بين دفتي كتاب
    شكيب كاظم
    لقد قرأت العديد من كتب الناقد اللبناني الراحل مارون عبود في مجال النقد أو القصة أو المقالة مثل على الطائر و من الجراب و وجوه وحكايات و في المختبر وهو تحليل ونقد لآثار الكتاب المعاصرين، وكان آخر ما قرأت من كتبه، كتابه النقدي الجميل مجددون ومجترون وفيه يتناول هذا الناقد الجاد حين يجد الجد، والفكه إذا احتاج الموقف لمزحة وطرفة، يتناول عددا من الموضوعات منها قصيدة بشارة الخوري في رثاء أحمد شوقي، فضلا عن قصيدة أمين نخلة في رثاء شوقي ومن سياق المقال نفهم ان هذه المقالات كتبت بعد عام 1931، سنة وفاة شوقي، وكنت أحبذ لو أشار المؤلف الى سنة نشر مقالته ومكان نشرها لزيادة التوثيق، كما لم يشر إلى تأريخ طبع الدواوين أو الكتب التي تحدث عنها ودار النشر، كما تحدث عن دواوين يوسف غصوب الشاعر اللبناني الثلاثة القفص المهجور والعوسجة الملتهبة وقارورة الطيب، ووقف طويلا عند الشاعر اللبناني الشهير إلياس أبو شبكة و ديوانه المدوي أفاعي الفردوس ، ولم يقتصر حديثه على أبو شبكة الشاعر بل تحدث عن أبو شبكة الناثر الكاتب فضلا على أمين تقي الدين، وقد عرفت هذه الاسرة بانجابها للعديد من الأدباء والشعراء والباحثين فهذا أبن عمه الشاعر أحمد تقي الدين، وهذا أخوه رشيد تقي الدين، وهذان ابنا اخيه خليل تقي الدين وسعيد تقي الدين، كما وقف طويلا عند فلكس فارس، الذي قرأت ترجمته لكتاب هكذا تكلم زرادشت للفيلسوف الالماني نيتشه سنة 1967.
    لم يقف مارون عبود في كتابه النقدي الممتع هذا، والصادر عن دار مارون عبود ودار الثقافة في بيروت بطبعته الخامسة عام 1979، عند ادباء لبنان، بل امتد للحديث عن أدباء العراق وشعرائه، فيتحدث بكل احترام عن ديوان شاعر العراق محمد رضا الشبيبي، لكنه يقف موقفا سلبيا إزاء أشعار أحمد الصافي النجفي، وقد عرف عن الصافي عدم إعتنائه بشعره بل يطلقه كيفما أتفق ومارون عبودد، الذي أوقف قلمه الصادق على قول الحقيقة، ولا قول عنده غيرها ماكان مجاملا ومحابيا سواء مع الصافي النجفي، أم بعض من سبقوه، مثل بشارة الخوري أم بعض أشعار يوسف غصوب، فهو يرى أن المثال لايستطيع أن يَصَيِّر الصخرة من الروائع بضربة واحدة، كذلك لايقدر الشاعر أن يبدع في إسلوب مالم يتأن كثيرا، إلى هذا أعزو ضعف التركيب في شعر الصافي، فالأسلوب القصصي الذي يتعمده تعوزه تعابير جديدة وانماط حديثة وقوالب طريفة، يصوغها من معدن الكلمة فهو لايحتاج فقط إلى كلمات يبحث عنها الشاعر ويضعها حيث إسترخى شعره فيشند بل يحتاج أيضا إلى ألفاظ سائرة لايغني عنها غيرها، ولايتم المعنى إلا بها … ليس يضير الصافي قولنا إن أغراضه غير جديدة، فأمثاله كثيرون، وحَسبُه هذا التوسع لولا الذي فيه من رخاوة، فالفكرة لا تنمو في الزاوية التي ولدت فيها، بل تتجاوز حدود القرية وتخوم البلدان وتهاجر كالناس، ولكن بلا جواز.. فدولة الأدب لا قناصل فيها ولاسفراء للتأشير.. تراجع ص180.
    ولكن الصافي بدل أن يتقبل أراء مارون عبود النقدية النزيهة التي يطلقها بعيدا عن الغرض الشخصي، بل لوجه الله والحقيقة، فأنه زاد في عنجهيته، حتى وصل الأمر به إلى التنديد ــ لكن بشكل خفي ورمزي ــ بمارون عبود
    بنقاد القريض برمت لما ــ رأيتهم وقوفا في طريقي
    فلم أرحيلة لي غير أني ــ أسير ولا أبالي بالنقيق
    او قوله
    سأشكر نقادي اللئام لأنني ــ ركبت عليهم في طريقي إلى المجد
    ويتحدث عن ديوان عمر أبو ريشة أبن مدينة حلب الشهباء، حاضرة ملك سيف الدولة الحمداني، ديوانه الموسوم بـ شعر فيرى أن في ديوان أبو ريشة شعرا طالما تمنينا أن نقرأه ونسمعه، فشاعرنا يحدوالكلام ويزجيه على هواه، تراجع ص200.
    هذه خنساء جديدة ــ ولكنها مثقفة ــ تطلع علينا في القرن العشرين بديوان شعر يدور حول موضوع واحد، كديوان خنساء الزمن الغابر، تلك ذوبت شعرها دموعا على أخويها، وهذه إستحالت عواطفها شعرا حزينا كئيبا يصح فيه ماقاله الفريد دي موسه ــ إذا لم تخلي الذاكرة أضرب القلب فهناك الشعر الذي لايموت لو صح بي أن أتمثل بالنابغة لقلت لنازك الملائكة إذهبي فأنت أشعر من كل ذات ثديين، ولولا ذلك البصير عمر أبو ريشة، لفضلتك على شعراء المواسم، وليغضب علي ألف حسان، فلا يخلق النقد غير الأعداء.
    مارون عبود ناقد مثقف، قارئ جاد، كثير الاطلاع على الأداب والفنون، قديمها وحديثها، لذا يطلق القولة أو الاشارة وعلى القارئ اللبيب فهم فحواها ومغزاها. هو يشير وعليك أنت ايها القارئ، أن تلاحقه لفهم مراميه ومغازيه في هذه القولة، ولولا ذلك البصير، لفضلتك على شعراء المواسم، إشارة ذكية إلى مروية نقدية، حفلت بها كتب الأدب العربي القديم حديثها وغابرها، مفادها تلك المناظرة النقدية، التي كان بطلها الشاعر الجاهلي ابو علي النابغة الذبياني، إذ تحفل كتب النقد الأدبي بتلك المرويات عن سوق عكاظ أيام الجاهلية، التي ماكانت سوقا لبيع الحاجيات وشرائها بل منتدى للأدب والشعر، والعرب امة شاعرة، فكانت تنصب للنابغة قبة حمراء من جلد، فيعرض الشعراء عليه أشعارهم، وحدث مرة أن جاءه الأعشى، وهو المقصود هنا بـ البصير ثم أنشده حسان بن ثابت وأخرون، ثم جاء دور تماضر بنت الشُرَيد السلمية المعروفة بـ الخنساء فأنشدته قصيدتها التي ستظل مدوية في ضمير الزمن وهي رثاء لأخيها صخر ومنها
    وإن صخرا لتأتم الهداة به ــ كأنه علم في رأسه نارُ
    فأُعجِبَ النابغةُ بالقصيدة وقال لها، لولا أن أبا بصير ــ يعني الأعشى ــ انشدني شعرا، لقلت إنك أشعر الجن والأنس، إذن يفهم من هذه المروية أن النابغة يريد أنها تأتي ثانية بعد الأعشى، هذا تفسير تلك الاشارة الذكية التي أطلقها مارون عبود، اي ان نازك تأتي ثانية يعد الشاعر عمر ابو ريشة وكتابات مارون عبود زاخرة وحافلة بهذه الاشارات الذكيات، التي تشغل عقل القارئ، وحديث الاستاذ مارون عبود هذا، كان إحتفاء بصدور الديوان الأول للشاعرة نازك الملائكة الموسوم بـ عاشقة الليل عام 1947، وفيه تبشير بهذا الصوت الشعري المنفرد، ويكون بهذا قد إحتاز فضل السبق، باكتشاف هذه الطاقة الشعرية الرائعة، التي اثبتت الأيام حيويتها وروعتها، وهذه هي مهمة الناقد الصادق النزيه، فهو يؤكد أن الشاعرة نازك الملائكة، عاشقة الليل، في طليعة بنات جنسها من الشاعرات ــ ذوات الدواوين ــ في هذا الوقت، إن لم تكن أولهن، واضعين في الحسبان أن مارون عبود، يطلق رأيه النقدي هذا عام 1947، عند صدور ديوانها الأول، فهو يرى الشاعرة الموهوبة من البيضة تصيح، فالبداية مؤشر على المسيرة الموهوبة حتى النهاية.
    الناقد مارون عبود، ما اكتفى في كتابه النقدي الممتع والرصين مجددون ومجترون بدراسة دواوين الشعر، بل إنتقل لدراسة أدب ماوراء البحار اللبناني، واعني بذلك أدب المهجر الشمالي، أي الولايات المتحدة الامريكية، فلقد إنتقل العديد من الأدباء اللبنانيين إلى امريكا، بوسطن ونيوريورك، واللبنانيون بخلاف قومٍ أخرين، جوابوا أفاق، ولعل ذلك مرتبط بجذرهم الاولي، أجدادهم الفينيقيين إذ كانوا جوابي بحار ومحيطات أقول إنتقل جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبوماضي وامين الريحاني وغيرهم، ليأسسوا هناك الرابطة القلمية التي ترأسها جبران، الذي طبقت شهرته الأفاق والذي كتب باسلوب جديد، استهوى القراء، وحاول العديد من الكتاب ترسمه والنسج على منواله، ولكن أنى لهم ذلك، وهذه الفوارق في المواهب التي صبها الله في بعض خلائقه تفعل فعلها، الامر الذي دفع بميخائيل نعيمة أن يكتب كتابه ذاك عن صديق عمره جبران لكن ماتمكن من التخلص من دواعي الحقد والحسد، وقد تحول جبران في نظر الناس إلى رمز وأيقونة محاولا تحطيمها فبدأ كما يقول مارون عبود منذ حبل به في البطن، وأخيرا، كشف عن عورته…. فتم الكتاب ص247
    ثم يواصل المؤلف حديثه عن المدرسة الجنوبية، أي المهجر الجنوبي، في البرازيل خاصة، حيث أسس الأدباء اللبنانيون المهاجرون إلى تلك الأصقاع، العصبة الاندلسية مستوحين في ذلك أيام العرب في شبه الجزيرة الايبيرية؛ الأندلس وما قدموا للحضارة الانسانية فيها، وكان نتاجهم الغالب، الشعر. في موازاة النثر في المهجر الشمالي، واقفا عند أعمدة هذه العصبة أمثال الياس فرحات صاحب البيت المدوي
    اذا كانت الدولات عشرا ليعرب ــ فكم دولة تستوعب الصين والهند
    والشاعر القروي رشيد سليم الخوري، وشقيقه الشاعر المدني قيصر سليم الخوري، وشكر الله الجر، الذي قرأت الكثير من أشعاره في مجلة الاديب اللبنانية قبل توقفها عن الصدور خريف عام 1984، لوفاة صاحبها ومنشئها ألبير أديب رحمه الله وأخوه عقل الجر ونعمه قازان وفوزي المعلوف وشقيقاه شفيق ورياض، وبعد سنوات الياس قنصل وشقيقه زكي قنصل الذي كنت أقرأ قصائدهما في مجلة الاقلام العراقية في سنواتها الاولى هي التي اسست سنة 1964، فضلا عن مجلة الاديب الآنف ذكرها.
    كثير من الكتب تموت مع تقادم الايام ومرور الازمان، لكن هاهي مؤلفات القاص والناقد اللبناني الساخر مارون عبود، تحمل معها ديمومة عيشها مع انها كتبت في سنوات الثلاثين والاربعين من القرن العشرين، وذلك راجع لنزاهة الناقد وثقافته وجديته وقوله الحقيقة، وحتى ان اغضبت المعني فيها، ومن هنا يأتي مصداق المقولة التي ستبقى ترن في اسماع الدهر والتي اطلقها عمر بن عبد قيس، اذا خرجت الكلمة من القلب وقعت في القلب واذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان…، وكتابة مارون عبود خرجت من القلب الطيب لتجد مكانها الرحيب في قلوب القراء والدراسين ونفوسهم. وذلك حَسبُه.
    /5/2012 Issue 4200 – Date 15 Azzaman International Newspape
    جريدة الزمان الدولية العدد 4200 التاريخ 15»5»2012
    AZP09
    المصدر:
    http://www.azzaman.com/?p=6166
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    ومضات
    الخصوصية أيضا

    محمود السرساوي

    تستحق الكتابة الشابة منا أن نشجعها بحب آخر قد يكون بالغ القسوة في أحايين كثيرة ،لكنه بات ضروريا لاستمرارها وتطورها، ويكمن هذا الحب بالنقد البناء الذي يظهر ما لها وما عليها ،مع دعوة أخرى لإيجاد حاضنة ثقافية للموهبة المميزة كي تتفتح تجربتها بفترة قصيرة ،وتستطيع أن تتخطى المصاعب التي واجهتها التجارب السابقة التي حفر بعضها الصخر بأظافره مجازا كي يكون .
    وقسوة نقد المحب لا تعني الإحباط أو الهدم بل تظهير الخيارات المتاحة أمام القلم الجديد ومحاولة إرشاده للأفق المعطى أمامه، إذ غالبا ما تختلط الأصوات في بداية التجربة ويهيمن تأثير شاعر ما على هذه التجربة أو تلك من التجارب الجديدة فيسلب خصوصيتها في التشكيل الشعري، وتغدو مجرد صدى لنبرة ذلك الصوت ومضاعفات بنائه الفني للقصيدة ،فعدم وعي الشاعر الشاب لتجربته وامتلاكه لأدواتها يقوده إلى الاستغراق في نص الآخر الرمز أو النموذج الأكثر غواية بالنسبة له ، لذلك يكون تبيان ملامح النص وخياراته الفنية وإمساك إضافته- إن وجدت-يكتسب أهمية في المساعدة على بلورة التجربة واكتمالها .

المواضيع المتشابهه

  1. على الوردي: قراءة نقدية فى آرائه المنهجية - نخبة من الباحثين
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-23-2014, 01:50 PM
  2. مؤلفات مارون عبود - المجموعة الكاملة (14 مجلدا فى ملف واحد)
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-16-2013, 04:01 PM
  3. قرأت لكم من كتب الناقد الكبير/مارون عبود
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأدب الساخر
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 12-14-2012, 05:04 PM
  4. المقام المحمدي : قبس من سيرته وشمائله : شعر : صبري الصبري
    بواسطة صبري الصبري في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 03-28-2012, 10:23 AM
  5. مارون عبود الناقد الساخر والمتمرد1886-1962 -08/06/2006
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-22-2011, 07:53 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •