التعصب الرياضي إلى أين؟!!!
فكرة الكتابة عن التعصب الرياضي تراودني من فترة،فتأتي فكرة أخرى فتذهب بعيدا ... وربما آن الأوان للكتابة عن التعصب الرياضي.. والواقع أنه يمثل مشكلة حقيقة ،بل مشكلة مرعبة حين أفكر في بعض التعليقات التي تصلني منقولة عن بعض المتعصين .. وهم صغار،أو بالكاد تخطوا سن الطفولة .. فمن قائل أنه يكره رؤية مشجعي الفريق المنافس لفريقه .. مهما كانت قرابتهم!! وتُسمع تعليقات سيئة كثيرة من أطفال صغار .. عقول غضة تنشأ على التعصب .. فما السبب؟!!في البداية للقضية جانب يتعلق بالمختصين في الدراسات الاجتماعية والنفسية .. نسألهم : ما الذي يحول (الكرة) إلى دافع نحو الكراهية والتشنج؟! ولعلنا نُذكر بما حصل من بعض المشجعين الإنجليز – قبل أكثر من عقدين – وهم في طريق عودتهم من ألمانيا بعد نهاية مباراة كانت تُلعب هناك .. فحطموا مقاعد القطار،وسقط قتيل أو أكثر،مما دفع بالاتحاد الإنجليزي إلى تعليق مشاركات المنتخب والفرق الإنجليزية في البطولات الدولية .. ولم يرفع التعليق إلا بعد سنوات .. هذا والشعب الإنجليزي معروف ببروده!! فما الذي تصنعه الكرة وكيف تغير سلوك البشر؟! ولا يتوقف الأمر عند الإنجليز،بل إننا نرى شخصيات متزنة هادئة مثقفة .. فقط فيما يتعلق بالكرة تصبح متعصبة متشنجة!! قبل سنوات .. وسنوات .. كنت أتساءل ما الذي يجعلك أكثر تقبلا لفريق من آخر .. رغم كونهما منافسين عتيدين إن صح التعبير؟!!بعد طويل تفكير وجدت أن السبب الرئيس هو (الصحافة) – الوريقة في ذلك الوقت – فهي تسلم (سكينا) لبعض المشجعين – المسجلين تحت مسمى (كاتب أو ناقد رياضي) لينحر به الفريق المهزوم ... هذا بشكل عام .. أما ما يفرق بين فريق وآخر .. فقد اكتشفت أن الفريق الأبعد من النفس – من المنافسين العتدين – تحتفل صحافته بهزيمة المنافس .. أكثر من احتفالها بفوز فريقها!!!هناك نقطة صغيرة،وتتعلق بسخرية الزملاء .. عند الخسارة .. بالنسبة لي – حينها – لم يكن الأمر أكثر من مزاح .. ولكنني لاحظت غياب بعض الزملاء،عند هزيمة فريقهم المفضل .. وذلك يعني أن المزاح له تأثير سلبي عليهم .. رغم أنه مجرد مزاح .. والموضوع كله كرة!!تلك السخرية،وتعصب الصحافة،ولد ظاهرة خطيرة وهي كراهية .. أو – للتحفيف – عدم تشجيع فريق وطني يلعب مع منافس من خارج الوطن .. لأنه حين يحقق الفوز – خصوصا حين تكون بطولة - فسوف تتم السخرية من الفريق الذي لم يلعب خارجيا .. فمن يشجع فريقا ليتلقى سيلا من السخرية بعد ذلك؟!من أسباب التعصب أيضا،العنف الذي يمارسه بعض اللاعبين .. فحين ترى شخصا ينتمي إليك – بشكل ما – يتلقى الضرب،فسوف تكره من ضربه .. من الأساب – أيضا – الظلم التحكيمي .. وهو ذو شقين : جزء يقع ضمن الأخطاء البشرية،وبالتالي فهو غير مقصود .. وكما يقولون هو جزء من اللعبة .. أما الشق الثاني فهو الظلم المقصود .. مع اختلاف الأسباب .. (منع الحكم الويلزي السابق هوارد كينغ من القيام بأي نشاط له علاقة بلعبة كرة القدم،لمدة عشرة سنوات بعد اعترافه بأنه تعرض لإغراءات عديدة،لحمله على الغش في مباريات قادها ضمن بطولات الكؤوس الأوربية.وأكد كينغ في حديث لصحيفة "نيوز أوف ذا وورلد"البريطانية أن عددا من الأندية الأوربية حاول "شراءه"بواسطة مومسات وهدايا قيمة.وأضاف "لم أقل أبدا للفتيات لا"ولكنه نفى أن يكون قد غش في أي من المباريات التي قادها.){ جريدة الحياة العدد 12047 في 28/9/1416هـ = 17/2/1996م}.وفي دول أخرى،يتعرض الحكام للتهديد والشتم!!لاأحب المبالغات .. لذلك أشير بتحفظ إلى نقطتين – وتحفظي في أولاهما أكبر – تتعلق أولاهما بالتحليل الرياضي .. الذي أراه بات مبالغا فيه .. نهائي – مثلا – تتم تغطيته من اليوم السابق للمباراة .. وعلى أقل تقدير،تبدأ التغطية قبل المباراة بساعات طويلة،ويتم حشد جيش من المحللين،والمراسلين .. أعتقد أن إعطاء الأمر أكبر من حجمه،يضخمه،وبالتالي يشحن المشجعين – واللاعبين – أكثر.أما النقطة الثانية .. فمتعلقة بملاعب دون أخرى .. وأعني اضطرار المشجعين إلى الحضور المبكر جدا،في أكثر من نهائي أُخبرنا أن الملعب أغلق بعد الثانية ظهرا .. والمباراة الثامنة مساء !!! لعلي أشير هنا إلى نقطة إيجابية تستحق الإشادة .. فقد شاهدت – قبل سنوات عديدة – مباراة بين فريق الوحد الإمراراتي،وكان يلعب في بطولة خاريجة،وقد تزينت المدرجات بأعلام المشجعين من فرق إماراتية أخرى،وأتمنى أن تظل تلك الروح سائدة في الإمارات.بقي أن نختم بإشارة إلى بعض الأمنيات .. أن يتم تقييد تطرف الصحافة والصحفيين.أن توضع عقوبات صارمة جدا .. على أي لاعب يمارس العنف،حتى لو لم يشاهده الحكم .. وأعني بعقوبة صارمة،غرامة مالية كبيرة في أول مرة .. ثم .. يبحث لنفسه عن رياضة أخرى،إذا تكرر منه العنف.أن نخفف من التحليل الرياضي،لتكون القضية مجرد مباراة .. إذا حان وقتها،يلعبها من يلعبها،ويشاهدها من يشاهدها .. فقط.أن تكون إدارات الأندية حازمة في التعامل في لاعبيها العنيفين .. بدلا من عدم المبالاة .. أو التشجيع .. لا سمح الله!!وأخيرا .. أتمنى إيجاد رابطة لمشجعي "الكرة الحلوة"- كما يقولون – أو اللعب الجميل .. ويمكن تخصيص مدرجات لأعضاء تلك الرابطة .. ولا شيء يمنع من جلوس مجشعين لفريقين متنافسين معا .. وتشجيع كل واحد منهما لفريقه .. في النهاية هي مجرد كرة .. وهذه أيضا مجرد أحلام .. تلويحة الوداع : ( فكرة مهمة : العظمة الشخصية – والمؤسساتية – ليست مسألة ثورة،ولكنها مسألة تطور،تتعلق بتلك النجاحات الصغيرة والمتواصلة في نفس الوقت. وقد بدأ سام والتون بمتجر واحد.وبدأ ريتشارد برانسون بشركة تسجيلات صغيرة. وبدأ ستيف جوبز شركة آبل انطلاقا من جراجه. وأنا شخصيا قد بدأت بمجموعة قليلة من الكتب التي قمت أنا بنشرها،وكنت أقوم بطباعتها في مطبعة صغيرة. كما لم يحضر أولى ندواتي إلا 23 فردا فقط،وكان 21 منهم من الأسرة. ولكنك بحاجة لأن تبدأ اليوم.){ص 81 (دليل العطمة) / روبين شارما / مكتبة جرير / 2009م}أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة في 23/12/1433هـ mmsh601@gmail.com