منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    "العملية الانتحارية" قميص عثمان العصر..

    "العملية الانتحارية" قميص عثمان العصر..

    أسامة عكنان

    لم يحدث في التاريخ أن استخدمت "كذبة" لتمرير "كذبة" كما استخدمت كذبة "العملية الانتحارية" لتمرير كذبة "تنظيم القاعدة" أو "كذبة "المتشددون الإسلاميون"!!!
    فإذا استثنينا العمليات الانتحارية التي نفذها طيارو فرق "الساموراي" اليابانيون المُحَدَّدُو الهوية نهاية الحرب العالمية الثانية ضد سفن الأسطول الأميركي، وعملية الطيار "جول جمال" السوري الأصل ضد السفينة البريطانية خلال حرب السويس في مصر عام 1956، وبضعٌ وعشرون عملية أطلق عليها وصف "استشهادية"، نفذها فلسطينيون أو لبنانيون معروفون ومحددون، سواء عبر أشرطتهم التي سجلوها قبل تنفيذ عملياتهم، أو من خلال بقاياهم بعد تنفيذها، معظمهم سقط في عمليات انتحارية نفذت في الفترة "1985 – 2005"..
    نقول.. باستثناء تلك العمليات المحدودة والقليلة، فإن كافة ما أطلق عليه وصف "عملية انتحارية"، وخاصة تلك التي ذاع صيتها واستفحل أمرها وانتشرت انتشار النار في الهشيم، منذ احتلال الولايات المتحدة الأميركية لأفغانسان فالعراق وحتى الآن، لا دليل على حدوثها على النحو الانتحاري المشار إليه، والمنطوَى في التوصيف المتعارف عليه في لفظة "انتحاري" كما جسدتها الأمثلة التي أوردناها..
    فمنذ أول لحظة احتل فيها الأميركيون أفغانسان، وحتى الآن، وعلى مدى السنوات الثمانية التي احتلوا فيها العراق، مرورا بكافة الأعمال الإرهابية الدموية التي حصلت في لبنان أو في سوريا أو في غيرهما، والتي نُسِبَت إلى تنظيم القاعدة، أو إلى إسلاميين متشددين، فإن كل ما وُصِفَ بأنه "عمليات انتحارية"، لا يخضع لمواصفات ومقاييس "العملية الانتحارية" التي أشرنا إليها على مدى سنوات القرن العشرين..
    ففي كافة العمليات التي وُصِفَت بأنها انتحارية منذ التاريخ المذكور، لم يقم الطرف المُعْلِن عن العملية بهذا الوصف، بتقديم أيِّ دليل على أنه صادق في دعواه بأن العملية "انتحارية"، عبر ذِكْرِ هوية أو اسم أيِّ انتحاري نفَّذَ أيِّ عملية، أو عبر تقديم أيِّ معلومة تدل عليه بصورة شخصية أو تشير إلى أصله وفصله بشكل قاطع، ولا حتى بشكل يشتبه فيه. كما أن الجهة التي يُنسَب إليها تنفيذ تلك العمليات، والتي هي غالبا "تنظيم القاعدة"، أو أيُّ مُسَمَّى ينطبق عليه وصف "تنظيم إسلامي متشدد"، لم تقدم أيِّ مؤشِّر تقليدي يدل على صحة ادعاء من ادعى، عبر شريط فيديو مسجَّل أعدَّ بشكلٍ مسبق، كما كان يفعل كافة الانتحاريين الفلسطينيين أو اللبنانيين لتوثيق استشهادية عملياتهم..
    إن هناك حالة غامضة من الإرسال القائمة على الادعاء غير المُوَثَّق الذي أصبح يَتِمُّ التعامل معه باعتباره حقيقة مُصَدَّقة وغير قابلة للنقاش، في تعبير عن أكبر عملية اختراق لذهن المتلقي، عربيا كان أو غير عربي، لإيصال تصورٍ مستهدفٍ مفاده أن "تنظيم القاعدة" أو أي "تنظيم إسلامي متشدد" مُعَيَّنٍ أو غير معين، هم المنفذون، إما لتكريس المنهج المراد تكريسه – منذ اعتلى المحافظون الجديد بدءا بالرئيس "رونالد ريغان" في واشنطن وبرئيسة الوزراء "مارغريت تاتشر" في لندن سدَّة السلطة – وهو منهج ارتباط العنف والدموية والإرهاب بالإسلام والمسلمين، وبالتالي بالعرب، وبكلِّ ما ينبثق عنهما من مفاهيم وتنظيمات وقِيَم..
    قبل الظاهرة الجديدة في التعاطي مع فكرة "العملية الانتجارية"، وهي الظاهرة التي بدأت بغزو أفغانستان والتي ما تزال مستمرة حتى الآن، لم تكن هناك عملية انتحارية تم تنفيذها دون أن يكون منفذها معروفا ومُحَدَّد الهوية والشخصية والصورة، هذا إن لم يكن هناك شريطٌ مُسَجَّلٌ من قِبَلِه قبل التنفيذ، بأنه سينفذ العملية، ليوصي ويودع أحباءَه وأمَّه وأباه.. إلخ. أما منذ غاب ذلك النوع الواضح والجليِّ من الانتحاريين عن الساحة، لتظهر ظاهرة "الانتحارلايون الجدد"، فإننا – مع الأسف – سمعنا عن مئات العمليات الانتحارية التي غدا تنفيذها كثيرا بشكل ملفتٍ للانتباه، دون أن نعرف بخصوصها كلِّها أيَّ معلومة أيا كان مستوى ثبوتها او يقينها عن شخصيات منفذيها..
    ترى، هل تعتبر هذه الظاهرة أمرا عاديا، يُفترضُ أن نمرَّ عليها مرور الكرام، وألا نتساءلَ عن أسرارها وعن مُكَوِّنات هذا الخيط الهلامي الغامض فيها؟!
    وهل أن تنظيم القاعدة فعلا يقف وراء كافة العمليات الانتحارية التي تحدث كل يوم في هذا العالم المترامي الأطراف، وخاصة في بلادنا العربية؟!
    دعوني استرجع معكم سيرة هذا التنظيم الأسطوري الذي كان وما يزال مضغة الإعلام العالمي، ومطية كل القتلة والسفاحين..

    فعندما كان تنظيم القاعدة قويا جدا في أواخر ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، كان واضحَ الأيديولوجيا والأهداف، ومحدود العمليات، وقلَّ المدنيون في مجموع ضحايا عملياته، هذا إن وُجِدوا أصلا..
    ثم أثبتت الأحداث أنه عندما ضعف وتراجع، بدءا بالفترة التي سبقت أحداث "أيلول/سبتمبر 2001" وانتهت بما بعد سقوط نظام طالبان واحتلال كل من أفغانستان والعراق بقليل، أصبحت أيديولوجيته مبهمة وغير مفهومة، ومع ذلك كانت عملياته تزداد وتنتشر وتستفحل، وتتوسع رقعتها الجغرافية، ليكون المدنيون هم أبرز الضحايا في عملياته..
    وعندما اختفى تنظيم القاعدة من العالم أو كاد، منذ بضعة أعوام، أصبح قادرا على القتل والتفجير والتدمير في كل مكان عربي فيه أزمة، وأصبح أكثرَ شغفا بالدم والأشلاء العربية، مُرَكِّزا على المدنيين وعلى رأسهم النساء والأطفال العرب، واختفت الأيديولوجيا عنه تماما، ليصبحَ القتل وحده هو هدفه وإستراتيجيته، بلا أيِّ توظيف سياسي لهذا القتل، وهو ما لا يفعله حتى القتلة المأجورون..
    لتكون النتيجة غير المتوقعه بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أن تنظيم القاعدة أصبح من بقايا نيران رماد الماضي، ومن مخلفات ذكرياته المريرة في الغرب غير الصارم أمنيا، أنه تحول إلى كابوس داهمٍ في ليبيا ولبنان والجزائر والمغرب وموريتانيا والعراق بالأمس، وفي سوريا اليوم، وربما في الأردن غدا، وهي الدول الأكثر صرامة أمنية في العالم؟!
    أي أنه اختفى تماما من دول يسهل اختراقها أمنيا، وتعتبر أهدافا تناسب أيديولوجيته السابقة، ليصبح فاعلا بشكل غير مفهوم في دول تستطيع اعتقال الذباب على الحدود قبل أن يدخل مع الهواء العابر، ليمارس أعمالا تتعارض مع أيديولوجته التاريخية المعروفة منذ تأسيسه!!
    طبعا هو لن يكون أبدا كابوسا لإسرائيل لأسباب من السهل معرفتها!!
    ألا يتعارض هذا المسار الذي تُناقضَ فيه المقدماتُ النتائجَ، مع المنطق الذي يؤكد على أن الوضعَ الطبيعي لأيِّ تنظيم في العالم، أن يرتبط توسعُّه بقوته، وضخامة عمله بثقله، وعملياته بأيديولوجيته، وطبيعة ضحاياه بحقيقة أهدافه، والعكس بالعكس، وليس العكس؟!
    لقد وَجَدَ بعض المراقبين الحاذقين الإجابةَ القاطعة على هذا السؤال..
    لقد تحول تنظيم القاعدة المقبور إلى فزاعة يستخدمها كل نظام عربي عندما يشاء، وأصبحت تلك الأنظمة أكثر قدرة على استخدامه على هذا النحو بعدما مات وتمَّ دفنه، لأنه لم يعد موجودا ليتحدث عن نفسه أو ليدفع عنها هذه التُّهم بالقتل العبثي!!
    أي أنه أصبح لكل نظام عربي، تنظيم قاعدتِه الخاص، على شكل خلايا نائمة بـ "القوة"، تتحول عند المخاطر والأزمات التي تتهدد ذلك النظام إلى خلايا عاملة بـ "الفعل"!!
    أي أن كل نظام عربي من أنظمة الطغيان والقمع والاستبداد، له بلطجيته وبلاطجته وشبيحته وزعرانه ومرتزقته الخاصين به..
    في حين أن لكل تلك الأنظمة أداة بلطجة مشتركة يستخدمونها جميعا، كلٌّ بالشكل المناسب، وفي التوقيت المناسب..
    إنه تنظيم القاعدة الذي لم يعد له أيُّ وجودٍ فاعل على الأرض، يتجاوز اختطافَ غزالة شاردة، في بيداء قاحلة، لطلب فديةٍ يشتري بها خبزا وملحا وبعضَ الفاكهة..
    أيُّ أحمق هذا الذي يمكنه تصديق أن جثَّة تحللت في قبرها هي التي ترعبُ كل هؤلاء الأحياء؟!
    بطبيعة الحال، ولأننا في السنوات العشرون التي شهدت أهم الأعمال الانتحارية الواضحة الأهداف، المحددة المنفذين، كنا بصدد انتحاريين عرب معظمهم إسلاميين، فقد كان من الضروري أن يتمّ توظيف هذه الواقعة التي أخذت بعدا إعلاميا واسعَ النطاق، التوظيفَ الأمثلَ عند اللزوم..
    واللزوم يتأتى عند تحقُّق الرغبة السياسية في نسبةِ أيِّ عملٍ يُراد له أن يتحكّمَ في مسار ظاهرةٍ سياسية أو اجتماعية أو ثقافية معينة، إلى هؤلاء الإسلاميين..
    ولأن نسبة الحادثة إلى إسلاميين موجودين سيفضح اللعبة ماداموا قادرين على الإنكار والنفي، فقد كان من الطبيعي نسبة كلِّ شيء إلى تلك الجثة المتحللة "تنظيم القاعدة"..
    ولهذا السبب ذاته، فإن انتشار هذه الظاهرة الانتحارية، كان يتسع ويتفاقم متناسبا بشكل طردي مع تداعي وتراجع واضمحلال وتضاؤل ذلك التنظيم..
    ولأن السيارة المفخخة التي لا تنطوي على انتحاري يفجرها، قد يكون من السهل نسبتُها إلى أيِّ جهاز مخابرات، أو إلى أيِّ تنظيم إرهابي، بل إلى الولايات المتحدة أو إسرائيل ذاتهما بلا أدنى تحفظ، فقد كان من الضروري أن تكون كافة العمليات المراد نسبتها إلى تلك الفزاعة كي تحظى بالمصداقية أن تكون انتحارية، لأن أحدا لم يعوِّدْ العالم على الانتحار استشهادا إلا الإسلاميين. أي أن أيَّ عملية انتحارية لن ينفذها لا يهودي ولا أميركي ولا جهاز مخابرات عربي.. إلخ، بل تنظيم سلامي متشَدِّد، لا مفرَّ من أن يكون هو "تنظيم القاعدة"، كي لا يتشكَّك أحد في النسبة..
    إذ لا توجد جثة تستطيع الدفاع عن نفسها..
    تحضرني في هذا المقام حادثة رواها لي عراقي تعرفت عليه في عمان منذ سبع سنوات..
    قال لي أنه كان في سيارته "الهونداي" يمر في أحد شوارع بغداد، عندما أوقفه حاجز للقوات الأميركية ليفتِّشَ سيارته..
    أثناء انشغال جندي بالتفتيش، انفرد به جندي آخر مبعدا إياه عن سيارته ليسأله ويفتشه تفتيشا ذاتيا.. إلخ..
    ثم بعد أن انتهى التفتيش الذاتي والتحقيق، عاد به إلى سيارته حيث كان الجندي الأول قد أنهى تفتيش السيارة..
    انطلق الرجل بسيارته والجنود يضحكون بشكل أثار استغرابه واستهجانه وقلقَه..
    بعد حوالي مائتي متر انتبه لسيارة خلفَه تُلِحُّ عليه بالوقوف عبر صوت المُنَبِّه الذي لم يتوقف لحظة..
    توقف الرجل خائفا قلقا بعد أن حشره سائق السيارة الذي كان يلاحقه، وهو يرتعد من الخوف، فظاهرةٌ كهذه في بغداد في ذلك الوقت لم تكن تعني إلا "الموت المذهبي"..
    نزل صاحب السيارة مستعجلا واتجه نحوه وهو يلتفت في كل مكان، وصاحبنا يرتعد خوفا وينتظر مصيرا يجهله..
    انحنى الرجل نحوه وطمأنه وأخبره بأنه رأى الجندي الأميركي الذي كان يفتش سيارته يضع له فيها – في الدّبَّة الخلفية تحديدا – جسما غريبا في حقيقة يد، وأنه كان يلتفت وهو يضعها كي لا يراه أحد..
    اطمأن الرجل على مصيره من لهجة محدثه، ولكنه شعر بالقلق مما يسمعه، وهبط مسرعا ورافقه الرجل ليريا ما الذي وضعه الجندي..
    فتح الدَّبَّة الخلفية، ثم فتح الحقيبة مسرعا، ليجد قنبلة موقوتة بزنةِ عدة كيلوغرامات من الـ "تي إن تي"، عرف أنها كانت ستنفجر بعد عدة دقائق..
    تمكن بحكم الخبرة على ما يبدو، لأنه كان خبير متفجرات في جيش العراق أيام صدام حسين، من أن يُفَِّكَ العبوة بسرعة..
    هذا هو "الانتحاري" الذي كان سيعلَنُ عن أنه فجَّرَ نفسَه في سيارة مفخخة في شارع كذا في سوق كذا في بغداد في تمام الساعة كذا!!!!!!
    واللبيب بالإشارة يفهههههههههههههههم..
    ابدأ بالضروري ثم انتقل الى الممكن تجعل نفسك تصنع المستحيل

  2. #2
    من الطبيعي ان نكون كبشر ضد العنف والعمليات هذه..وإذن؟

  3. #3



    عندما تبرع أحده بفلسطين وتنازل عن الكفاح المسلح ..كان لابد من بديل ل
    جيش يبنوه هم ؟؟؟
    من أهدافهم
    ومن نصرة أخوانهم
    من جلدتهم .....
    وما يحصل هناك وهناك فبركه لتخليص مافي الذمه ؟؟؟ ولكن ذمة من ؟؟؟؟؟

    ليس هناك ساحه للعب أجمل من ساحاتنا وكل شيء بثمن!!!

    أنا أقصدهم .... هم......
    شكر للموضوع





المواضيع المتشابهه

  1. "فرنسا 24" و"الحرة" … أو حين تتنكر "الدبابة" في ثوب "الميديا" كتبه شامة درشول‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-18-2015, 09:36 AM
  2. قميص "شاليط" بمقاس طارق الحميد
    بواسطة د. فايز أبو شمالة في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-24-2012, 04:55 AM
  3. قميص "شاليط" بمقاس طارق الحميد
    بواسطة د. فايز أبو شمالة في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-20-2012, 07:59 PM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-13-2012, 07:03 AM
  5. "شواخ البورسان".. سليل "سوق العصر"
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العائلات الشامية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-31-2011, 09:34 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •