في السياسة وما حولها :أمير قطر في (إمارة غزة)..تكريس التجزئة الفلسطينية!

كتب عبد الامير المجر في جريدة المشرق


بعد ان اشتد الخلاف بين منظمتي فتح وحماس في العام 2006 ووصل الامر الى اقتحام مديرية الامن الوقائي في غزة، من قبل مسلحين تابعين لحماس واحتلاله واخراج الموظفين منه (اسرى) عراة، رافعي الايدي، يحيطهم المسلحون وهم يهتفون بـ(النصر)! تشايعهم التكبيرات والصلوات على سطح المبنى (الساقط) بأيديهم، بعد انتزاعه او(تحريره)! في مشهد اصاب العرب والعالم بصدمة، مما يحصل في فلسطين من انتكاسة مريرة، اثر تحول الخلاف بين الاشقاء الى صراع مسلح اصاب القضية الفلسطينية ومستقبلها في مقتل.. نقول بعد ان حصل هذا وانشغلت وسائل الاعلام بمتابعة الحدث الذي ظل يتداعي باستمرار، بثت احدى القنوات الفضائية العربية ندوة شارك فيها الكاتب والسفير المصري السابق مصطفى الفقي، وقد ذكر مما ذكر، ان احد المسؤولين الاميركان، عرض عليهم إعادة ضم قطاع غزة الى مصر كما كان الامر عليه سابقا، منبها، ونقصد الكاتب الفقي، الى ان هناك خطة اميركية اسرائيلية، لعزل غزة عن الضفة الغربية او مقر السلطة الفلسطينية في رام الله، بغية انهاء حلم اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وقد مر ماذكره الفقي مرور الكرام، ولم يتوقف عنده الاعلام كثيرا او لم يأخذه مأخذ الجد ربما، لكني صرت كثيرا ما اتذكر ماقاله الفقي بعد ان اخذت الامور تتطور بين فتح وحماس باتجاه تكريس الانقسام وصار من شبه المستحيل اعادة اللحمة بين الجانبين، من خلال افتعال الازمات التي تغذي هذا الواقع الذي بات يتكرس يوميا، في ظل تعامل حماس على انها سلطة قائمة بذاتها وغير خاضعة او متجاوبة مع (المركز). يوم 23-10- 2012 زار امير قطر قطاع غزة، وقد جاءت هذه الزيارة، التي وصفها البعض بالتاريخية، في ظل واقع عربي مأزوم، بسبب ما نشهده اليوم من تداعيات مريرة، شلت القرار العربي المشلول اصلا، وقد كان عنوان الزيارة هو دعم غزة واقامة مشاريع استثمارية تنهض بالقطاع الذي دمرته حرب اواخر العام 2008، لكن المتابعين والمطلعين على الامور، الذين يعرفون ان قطر لاتتحرك من دون مشورة اميركية في معظم سياستها الخارجية، لاسيما التي انيطت بها مؤخرا، وجعلتها كمن يلبس ثوبا اكبر من حجمه عشرات المرات، نظروا الى هذه الزيارة بعين الريبة، لان من ضمن المهام الموكلة لقطر، تكريس حالة الانقسام الفلسطيني والتعامل مع حماس كما لو انها إمارة او دويلة صغيرة قائمة بذاتها، ولعل ما يعزز قولنا هذا هو تجاهل أمير قطر الذهاب الى عاصمة السلطة الفلسطينية في رام الله لينطلق منها الى غزة صحبة رئيس السلطة الفلسطينية، اذا كان المقصود فعلا، مساعدة الشعب الفلسطيني، لما لهذه الخطوة من رمزية عالية، ان حصلت، الا ان الاوامر جاءت له بالذهاب الى غزة مباشرة، تماشيا مع المخطط الذي تحدث عنه الفقي قبل اعوام وظل يطبخ بهدوء من خلال ما ذكرنا من خلافات مفتعلة، نجزم ان الذين يغذونها هم من يدفعوا اليوم باتجاه تكريس الانقسام وجعله حقيقة واقعة، لفرضه بشكل نهائي، لان غزة بوضعها الحالي ووقوعها تحت سطوة سلاح العقيدة (الجهادية) لحركة حماس التي يكبّر عناصرها ويطلقوا الرصاص في الفضاء بمناسبة (انتصارهم) على اخوانهم في مديرية الامن الوقائي و(تحريرها) منهم، لن ينسجم (اولي الامر) فيهم مع قوانين دولة قادمة يكون شريكهم فيها منظمة فتح وبقية الفصائل المدنية الفلسطينية، لانها بنظرهم محررة وينبغي ان لا تعود الى (الضلالة) مرة اخرى، او لن تتحقق الدولة الفلسطينية، لان هناك من قرر وهناك ادوات عربية تنفذ وبالمال العربي الذي قلنا عنه في مقال سابق، انه لتخريب امة بينما المال اليهودي لاقامة دولة.. وهذا هو حالنا البائس اليوم.. للأسف!