النظام الأردني بوصفه أسوا نظام وظيفي في العالم يتلاعب بالحقائق ويمهد لكارثة قومية..
على هامش تصريحات "الأمير حسن" الأخيرة حول اعتباره الضفة الغربية أرضا أردنية..
"ابن طلال" نطق "حقا" وأراد به "باطلا"..
الحق الوحيد في تصريحات الأمير حسن هو أن "الضفة الغربية أرض أردنية"، وكل ما سوى ذلك باطل ورد في سياق مؤامرة واضحة المعالم لا يمكن لعاقل أن يغفل عنها..
ومن المعيب أن يتصدى لها شخص مثقف وسياسي محنك مثل "الحسن بن طلال"، يعي جيدا أن الضفة الغربية تم التنازل عنها بلا مسوِّغ دستوري وقانوني، وبلا استشارة للشعب الأردني، وبقرار إداري اتخذه دكتاتور مستهتر بشعبه وبكل قضايا أمته في لحظة فارقة من التاريخ، كانت هي لحظة جسَّدها يوم "31/7/1988" المشؤوم في تاريخ الإقليم العربي المشرقي بأكمله، ليتم التمهيد بالتنازل عنها لكل الكوارث التي حصلت لاحقا، بدءا بـ "مدريد/1992" ثم أوسلو/1993" و"وادي عربة/1994"، و"برامج الإصلاح الكارثية لصندوق النقد الدولي/1993" و"النكوص عن إصلاحات عام 1989 الهزيلة في العام نفسه"، ليتم تتويج ذلك بـ "تفاهمات واشنطن" عام 1996"، تكريسا لمقدمات التيه والضياع اللذين نعاني منهما اليوم على كلِّ الصعد.
إن "الضفة الغربية" أرض أردنية بموجب وحدة الضفتين في دولة هي "المملكة الأردنية الهاشمية" التي دشنها "مؤتمر أريحا" عام 1948، والتي ثبَّت أساساتها "قانون تجنيس التأسيس" لعام 1949، ليرسِّخَها بشكل كامل دستور عام 1952..
هذا كله صحيح وندافع عنه بكل ما أوتينا من قوة، ولكن ضمن السياق التالي، والسياق التالي تحديدا بلا انحراف عنه قيد أنملة..
1 – الضفة الغربية هي أرض أردنية، يتحمل الأردن مسؤولية تحريرها وإعادتها إلى حظيرة الوطن، وليست أرضا أردنية عندما يريد هذا النظام الوظيفي الفاسد التَّبعي أن يستكملَ بهذا الإعلان الذي أتحفنا به "الأمير حسن" تصفية القضية الفلسطينية وتكريس المصالحة مع العدو الصهيوني عبر الإبقاء على اتفاقية "وادي عربة" المشؤومة سيدة الموقف في صياغة حاضر ومستقبل هذا الوطن، لتسحب عن الضفة الغربية صفة أردنيتها، عندما تكون مسؤولية أردنيتها تتطلب من النظام فعلا حقيقيا باتجاه تحريرها من الاحتلال..
2 – الضفة الغربية هي أرض أردنية، تقتضي أردنيتها الإسقاط الفوري لاتفاقية "وادي عربة" جملة وتفصيلا، فهي اتفاقية لا تقوم على هذا الافتراض، وإنما تقوم على افتراض آخر مفاده أن الضفة الغربية ليست أرضا أردنية، وبالتالي فكل الترتيبات التي كرستها هذه الاتفاقية المشؤومة هي ترتيبات لا أساس فيها لأيِّ اعتبار لكون الضفة الغربية أرضا أردنية. وبالتالي فإن أيِّ اعتبار لأردنية الضفة الغربية يقضي فورا إسقاط هذه الاتفاقية. ومن هنا فقد كان الأجدى بابن طلال أن يبدأ بالإعلان عن سقوط هذه الاتفاقية كمقدمة ضرورية لأيِّ تعاطٍ مع أردنية الضفة الغربية، وهو لم يفعل ولا أشار إلى شيء من ذلك، ما يجعلنا نشكك في نواياه وفي طرحه أصلا..
3 – إن الضفة الغربية ما تزال أرضا محتلة، وعندما نقر بأنها أرضٌ أردنية، فنحن نقر بأنها أرضٌ أردنية محتلة، ولا يمكن للتعامل مع المحتل أن يكون على قواعد الصلح والمسالمة، بل على قاعدة "الحرب" و"المعاداة". وبالتالي فإن الإعلان عن أردنية الضفة الغربية، يعني في أول ما يمكنه أن يعنيه، إعلان حالة الحرب مع "إسرائيل" فورا وبدون تأخير حتى ينسجم الأمر، وحتى يكون للإعلان عن أردنية الضفة معنى وقيمة..
4 – إن أردنية الضفة الغربية يعني قطعا وبلا أيِّ تحفظ قانوني أو سياسي، أن أيَّ فعل لغير الدولة الأردنية فيها – أي في الضفة الغربية – من النواحي السياسية والإدارية والقانونية، هو فعل غير مشروع ويعتبر خارجا عن القانون، ويعتبر ممارسه مهددا لسلامة الأراضي الوطنية ووحدتها، وبالتالي فيجب التعامل معه على هذا الأساس. وهو ما يعني أن "السلطة الفلسطينية" سلطة غير شرعية وخارجة عن القانون ويجب أن تحاسب على هذا الأساس ووفق هذا المنظور باعتبارها سلطة تتعامل مع العدو، أي أنها "سلطة خائنة" لقضية الأردن التي يجب أن تتمثل في تحرير الضفة الغربية من المحتل لإعادتها إلى حظيرة الوطن. وهو ما يعني قطعا وبالتأكيد سقوط المبررات السياسية والقانونية التي مهدت لظهور هذه السلطة كجهة معتدية على إدارة الضفة الغربية بصفتها أرضا أردنية، وعلى رأس كلِّ ذلك "اتفاقية أوسلو"..
5 – إن كلَ ذلك يعني بالضرورة أن تعود إلى الوجود كافة المؤسسات القانونية والإدارية التي كانت قائمة قبل اتخاذ القرار اللعين "قرار فك الارتباط، والتي كان قيامها مستندا إلى حقيقة أن الضفة الغربية هي أرض أردنية محتلة، وعلى رأس كل ذلك "وزارة شؤون الأرض المحتلة" بكل ما يعنيه ذلك ويؤدي إليه من تبعات قانونية وسياسية وإدارية واقتصادية ومالية.. إلخ..
6 – إن الإعلان عن أردنية الضفة الغربية يقتضي فورا إسقاط كافة مرجعبات مشاريع التسويات الحالية وعلى رأسها مرجعية "مدريد"، وعدم اعتراف الأردن بها مطلقا، لأن الأردن إذ يعلن عن أن الضفة الغربية هي ملك له، وأنها يجب أن تعود إلى حظيرة الوطن محررة تحريرا كاملا وبكل معاني السيادة الوطنية، وإذ هو يعترف في الوقت ذاته بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيرة وتحرير أرضه وتجسيد هويته وإقامة دولته، فهو – أي الأردن – معني بالتأكيد على أن هذا لن يتم إلا بالنقطتين التاليتين..
أ – الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني..
ب – التأكيد على أن مهمة منظمة التحرير وكافة المؤسسات المنبثقة عنها تتمثل في العمل على تحرير فلسطين المحتلة عام 1948 لإقامة الدولة والهوية عليها، وأن يعلن – أي الأردن مرة أخرى – عن دعمه المطلق وغير المشروط لمنظمة التحرير وبكل الوسائل المتاحة لإنجاز هذه المهمة التاريخية. وهو ما يقتضي التعاون المطلق بين الطرفين لتحرير كل من الأرض الأردنية المحتلة "الضفة الغربية"، والأرض الفلسطينية المحتلة "فلسطين المحتلة عام 1948"..
7 – وبالتالي ولكي تستكمل واقعة الإعلان عن أردنية الضفة الغربية معانيها ودلالاتها الحقيقية، تجب العودة فورا وبدون أيِّ تأخير عن "قرار فك الارتباط" المشؤوم وإلغاء كل ما ترتب عليه من تداعيات ومشكلات قانونية وإدارية، باعتباره الأساس الذي مهَّد لكل تلك الكوارث..
8 – ولأن كل ذلك – من 1 إلى 7 – لا يمكنه أن يعني إلا أننا بإزاء دولة يقودها نظام وطني، فيجب أن تبدأ عملية الإصلاح كما يفرضها ويفرضها الشارع الأردني فورا، لتحرير الأردن من نظامه الوظيفي الجاثم تعلى أنفاسه منذ زمن طويل، لأن كل مظاهر الفساد والاستلاب والقمع والنهب والإفقار إنما حدثت بشكلها الكارثي المدمر منذ قرار فك الارتباط وكافة تداعياته القانونية والإدارية والسياسية داخل الأردن وخارجه..
ولأننا ندرك جيدا أن نظاما يرفض الحد الأدني من الإصلاح، وما فتئ يجسر الأردن ليكون ممرا لعبور الصهيونية إلى الفضاء العربي بدون أيِّ تكاليف وعلى حساب الحقوق الوطنية والقومية للشعبين الأردني والفلسطيني، ليس نظاما مؤهلا للحديث عن أردنية الضفة الغربية على النحو المريب الذي فاجأنا به رمز من رموز الوظيفية في هذا النظام، فإننا ندعو إلى إيقاف "ابن طلال" الجديد هذا عند حده ومنعه من أن يمارس دور البوق الجديد لأعداء الأمة، ليمرر خيانة من نوع جديد تريد أن تستدر عاطفتنا تجاه أردنية الضفة لاستكمال بيع الوطن ومقدراته وقضاياه، على أنقاض أرضنا المحتلة، الأردنية والفلسطينية على حد سواء..
إن كل ما ينادي بأردنية "الضفة الغربية" وأنا واحد منهم وبإلحاح، ومستعد للموت لأجل هذه الفكرة العظيمة، لا يمكنه أن يكون صادقا أو مخلصا أو نزيها أو بريئا من بصمات خدمة المشروع الإمبريالي الصهيوني الوظيفي، إلا إذا التزم بكون النقاط الثماني السابقة كاملة وغير منقوصة، من النتائج المحتمة لذلك الإعلان..
وفي غير هذه الحالة فنحن أمام مؤامرة حقيقية قد تكون أخطر من كل المؤامرات السابقة..
فلنحذر الكذابين الجدد..