منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تلك أمانيهم !

  1. #1
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355

    تلك أمانيهم !

    تلك أمانيّهم !

    ليس من شيء أصدق مِن كتاب الله مولانا ، في كشف الخفايا التي في الحنايا ، ولا أوثق منه في تجلية الخبايا التي في النوايا ، مما تختزنه نفوس مَنْ عادانا، …وقد تجسدت حقائقه في أرض الواقع فبتنا ننظر إليها عيانا ، وأعظِمْ بها من مزيّة لم يحظ بها أحد من العالمين سوانا - معشر المسلمين- في خضم مقارعتنا لأعداء الملة والدين ، فقد سبر لنا كتابُ ربّنا غورَ النفوس ، لنستقي منها العبرَ ونستشفَ الدروس .
    فمن تصفح آيات الكتاب المجيد ، وقف على ما يختلج صدور العدى من أمنيات تجاه المسلمين ، في كل ميدان وصعيد؛ وثم إفصاح عن شواهد للإيضاح ، ومن استقصى وقف على المزيد :
    ففي الميدان الفكري يطالعك قوله تعالى (ودَ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسداً من عند أنفسهم من بعد ماتبين لهم الحق) [ سورة البقرة 109 ] فالود( محبة الشيء وتمني كونه)[ مفردات القران للأصفهاني 860 ] فهي مودة مقتضية معنى التمني ، وقوله (يردونكم) بصيغة الفعل المضارع يشي بأن القوم ما زالوا يودّون عود المسلمين إلى الكفر، فتلك لهم غاية ، أن ينسلخ المسلمون من دينهم وينخرطوا في سلك الغواية ، لإدراكهم أنهم بانسلاخهم عن دينهم لن ترفرف لهم بالعز راية ، وهذا ما شهد به التاريخ وكم في التاريخ من عظة وآية ! فهما يومان للعرب في التاريخ ، يوم عزوا فيه وسادوا ولغيرهم من الأمم والشعوب قادوا ، ويوم ذلّوا فيه واضطهدوا على أيدي الصليبيين والذين هادوا ، أما اليوم الأول ، يوم العزة والكرامة فحينما اتخذوا القران لهم دستورا ، وأما اليوم الآخر يوم الحسرة والندامة، فحينما ولّوا على أدبارهم نفورا ...
    أماعلى الصعيد النفسي فجماع أمنياتهم فيه شخّصه قولُه تعالى (ودّوا ما عنتم)[سورة آل عمران 118 ] أي رغبوا فيما يعنتكم ، والعنت هو النصب الشديد و الضرر الشاقّ المؤذي [ لسان العرب 4/434 ]، وعليه فما يلحق بالأمّة من همّ ، وينزل بساحتها من غمّ ، تجده مبعث فرحتهم ، وما يصيبها من مواجع ، ويخيم عليها من فواجع ، فهو باعث غبطتهم، وما يمسها من شظف في العيش ، وضيق في الأرزاق وحصار يضيق عليها الخناق ، ويجرّ عليها الأوصاب، يقع عندهم موقع الشماتة والترحاب ، ( إنها سورة كاملة السمات ، ناطقة بدخائل النفوس وشواهد الملامح ، تسجل المشاعر الباطنة والانفعالات الظاهرة ، والحركة الذاهبة الآيبة ، وتسجل بذلك نموذجا بشريا مكرورا في كل زمان وفي كل مكان، لا يريدون للمسلمين إلا الاضطراب والخبال، ولا يقصرون في إعنات المسلمين ونثر الشوك في طريقهم والكيد لهم والدس ما واتتهم الفرصة في ليل أو نهار ، شر مبيت ، نوايا سيئة تجيش في صدورهم .. ولم يجيء هذا التنوير وهذا التحذير ليكون مقصورا على فترة تاريخية معينة ، فهو حقيقة دائمة ، نرى مصداق ذلك فيما بين أيدينا من حاضر مكشوف مشهود ) [ في ظلال القران 1/452 ]
    أما أمنياتهم على الصعيد السياسي فيُمَثل لها بقول الباري جل شأنه (ودّوا لو تدهنُ فيدهنون)[ سورة ن 9 ]، فالإدهان : المصانعة والملاينة والمقاربة في الكلام وإظهار خلاف ما يضمر [ لسان العرب 4/434 ] فهو مأخوذ من الدّهن ؛ شبّه التليين في القول بتليين الدهن ، إنها المجاملة في المواقف على حساب العقيدة، والمساومة على حساب المبادئ والثوابت ..
    فهذا أمر مفهوم ، ومن قديم الزمان معلوم ،فلو تأمّلت جملة ( يدهنون) فهي لم تأت جواباً للشرط وإلا لكانت مجزومة بحذف حرف النون لأنها من الأفعال الخمسة فغدت ( يدهنوا) ولكن مجيئها هكذا (يدهنون) فالجملة الفعلية عندئذ خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هم) ليصبح المعنى هكذا ( ودّوا لو تدهن فهم يدهنون) فالإدهان - وهو الملاينة والمصانعة - واقع منهم وحاصل تجاهك ! وهم ينتظرون منك مجاراتهم في ذلك ! ويرتقبون وقوع مداهنة منك تجاههم ، مداهنة تستلزم التميّع في القيم ، والتضييع للمبادئ ،والتأرجح في الثوابت ، بل وهدرها والانسلاخ منها ...
    وما كان منهم من أمنيات على الصعيد الأمنيّ جمع خيوطه قولُ الحقّ جلّ وعلا (ودّت طائفة من أهل الكتب لو يضلونكم)[ سورة آل عمران 69 ] أي تمنت جماعة من أهل التوراة من اليهود وأهل الإنجيل من النصارى لو يضلونكم ، بمعنى لو يهلكونكم ، ومنه قوله تعالى (وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد) [ سورة السجدة 10 ]، [ انظرتفسيرالطبري3/308 ] ، وأبواب الهلاك تفتح علينا من قبل هؤلاء على صور شتى : فتارة عبر أفكار ضالّة مُضلّة، من شأنها أن تلحق بأهلها خيبة وذلة ، وتارة بتدفق وابل من الشبهات ، أو سيل من المفاتن والشهوات ، وأخرى بانحياز في السياسات ليغروا بنا الطامعين الغزاة ، أو حروب نفسية ترمي إلى تقويض ما قام في النفوس من عوامل الثبات ، وزعزعة الاستقرار والطمأنينة في المجتمعات، أو بالإيقاع بين ذات البين ، والدفع باتجاه شق الصفوف والانزلاق في البلابل والاضطرابات…
    ومن شر أمنياتهم ما يتمنونه على الصعيد العسكري وقد كشفه التوجيه الربانيّ الجليّ(ودّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلةً واحدة) [ سورة النساء102 ] يودّون غفلتنا عمّا حبانا الله تعالى من مقدرات ، وخصّنا به من دون العالمين من ثروات ، تكون عونا لنا في النائبات ، ورِدْءا في النازلات ، وذخيرة خيّرة في المُلمّات ، لتكون النتيجة عندها (فيميلون عليكم ميلةً واحدة)ميلة لا تبقي ولا تذر ، يتجرع غصّتها ويحصد مرارتها أهلُ البوادي والحضر ، يقحم شررُها المتطايرُ كلّ بيت مِن وَبَر أو مدر..
    فإذا كانت هذه الحال إذا ما غفل المسلمون – مجرّد غفلة - عن مكامن صمودهم وبواعث ممانعتهم ! فكيف إذا ما رهنوها لعدوّهم عمدا وقصداً لا غفلة وسهوا ؟! لا ريب أنّ العاقبة ستكون أدهى وأمَرّ ..
    وإذا كان ذلك كذلك فالمقام يستدعي توضيح ملابسات وتصحيح فهومات ؛ إذ يقع كثير في التباس وإشكال ، إثر سماعه شنشنة أقوال ، تطلقها ألسنة من العدى ، واعدة بتبدل الأحوال ، موهمة بتغيّر السياسات والأفعال ، فما يلبث فئام من الناس أن يعقدوا عليها الآمال ، متناسين أو غير مدركين قول الكبير المتعال (يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم ) [ سورة التوبة 8 ] فما تكنه الضمائر، وتنطوي عليه السرائر، خلاف ما يدندن به العدو في الظاهر ، ولا يفوتنا أنّ واقع الحال أصدق من زخرفة المقال ، وميدان دغدغة العواطف لا يصلح للاستناد عليه في تحديد المواقف ، وإلا فهل عميت الأبصار عما يُطارَدُ به المسلمون من قصف ، ويمطرون به من وابل من القذائف !؟
    وفي صدد تصحيح فهومات نقرر : إنه ليس من المعقول أبد ولا المقبول ، أنه تحت وطأة الضغوطات ، يُسْلم المرءُ عقله لمصطلحات ، ويتحرك في ضوئها وكأنها مسلمات .. من ذلك ما زلت فيه أقدام ، ونُسجت حوله أوهام ، وتعثرت فيه أقلام ، حول مفهومي الإرهاب والسيادة! التي جانب قوم في تعريفهما القيم والمفاهيم المتوارثة السائدة ، فأتوا بتصورات وتوصيفات ما أظن سبقهم بها من أحد من أهل العصور البائدة ،والأدهى الأمرّ أن نبني عليه أفاعيل لا يقرّنا عليها جيل ،ولا يواطئنا عليها رعيل! وإلا فأيّ مسوّغ عقليّ فضلا عن معضد شرعيّ يجيز أن يوصف مَن وضعوا أرواحهم على الأكفّ ، ونفضوا عن الأمة الوهن والضعف ، وبدمائهم وأموالهم وأرواحهم يجودون ليرفعوا عنها الظلم والحيف ، ليوصموا بعد ذلك بأنهم أهلُ إرهاب و تطرّف وعنف ، ويكون جزاؤهم أن يرزحوا في غياهب السجون ، أو يُسلموا للثبور والمنون ، قربانا لما يُسمّى بمصلحة عليا ستكون هي الفائدة ، أو كيانات ذات استقلالية وسيادة محدودة ستكون هي الثمرة العائدة !.. في حين يطبق إجماع العقلاء على أن السيادة الحقيقية تقتضي أن كل رِجْل دخيلة تطأ أرض المسلمين لتعيث فيها فسادا هي الإرهاب بعينه فحقها أن تُقطع ، وكلّ يدٍ أثيمة تجترئ على دماء الشعوب وممتلكاتهم فجزاؤها أن تُشلّ لتردع ، وكلّ مروّع لليتامى مرمّل للحرائر مُعتدٍ على الأيامى فمصيره أن يُقتصّ منه فيُصَرع ، وكلّ أمر من دخيل للنيل من مواطن حرّ أصيل فتحت الأقدام يوضَع ، غير آبهين لما يَعـِد به العدو من كيانٍ مَشيد ،على أنقاض عِز أمة ووحدة شعب ، و دمِ شهيد ويُتم وليد .. حتى وإن ضرب له المواقيت والمواعيد ، فوعودُه هُراء ، وعهودُه محض افتراء، فما يُبدىء الباطل وما يعيد،(يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) [سورة النساء120 ] .

  2. #2
    موضوع ثمين جدا كيف لم انتبه له وسوف اطبعه لاني احتاجه في اتلدريس.
    رائع دكتور وصدق الله العظيم:
    وأعجبتني الفقرة هذه:
    أما أمنياتهم على الصعيد السياسي فيُمَثل لها بقول الباري جل شأنه (ودّوا لو تدهنُ فيدهنون)[ سورة ن 9 ]، فالإدهان : المصانعة والملاينة والمقاربة في الكلام وإظهار خلاف ما يضمر [ لسان العرب 4/434 ] فهو مأخوذ من الدّهن ؛ شبّه التليين في القول بتليين الدهن ، إنها المجاملة في المواقف على حساب العقيدة، والمساومة على حساب المبادئ والثوابت ..
    فهذا أمر مفهوم ، ومن قديم الزمان معلوم ،فلو تأمّلت جملة ( يدهنون) فهي لم تأت جواباً للشرط وإلا لكانت مجزومة بحذف حرف النون لأنها من الأفعال الخمسة فغدت ( يدهنوا) ولكن مجيئها هكذا (يدهنون) فالجملة الفعلية عندئذ خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هم) ليصبح المعنى هكذا ( ودّوا لو تدهن فهم يدهنون) فالإدهان - وهو الملاينة والمصانعة - واقع منهم وحاصل تجاهك ! وهم ينتظرون منك مجاراتهم في ذلك ! ويرتقبون وقوع مداهنة منك تجاههم ، مداهنة تستلزم التميّع في القيم ، والتضييع للمبادئ ،والتأرجح في الثوابت ، بل وهدرها والانسلاخ منها ...
    اسمح لي بنقلها باسمك لقسم التصويب للغة العربية.
    تحيتي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. الى كل الرائعين الذين تتأخر أمانيهم
    بواسطة رشا البغدادي في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-08-2012, 07:03 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •