المتغيرات الدولية وتاثيرها على المنطقة وخيار المقاومة

د. غازي حسين
المتغيرات الاستراتيجية الدولية هي المتغيرات التي يمكن ان تؤثر على موازين القوى في النظام العالمي وتحدد اسلوب وشكل السلوك بالنسبة للفاعلين الدوليين .
والفاعلون الدوليون هم الدول ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية . ويتشكل النظام العالمي من 193 دولة اعضاء في الامم المتحدة .
وتلعب القوة العسكرية والاقتصادية وعدد سكان كل دولة دورا في التفاعلات التي تحدث داخل الدول وبينها وتؤثر على النظام العالمي .
وتأتي الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والصين وروسيا واليابان في طليعة الدول الفاعلة في النظام العالمي.
كانت اوروبا (والدول الاستعمارية فيها) المؤثرة في النظام الدولي حتى بداية الحرب العالمية الثانية ، وكانت هي القائدة للنظام الدولي ، واشعلت الحربين العالميتين ، وتراجع دورها في خضم الحرب العالمية الثانية وحلت محلها امريكا والاتحاد السوفيتي .
وادت الحرب الباردة التي اشتعلت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي الى قيادة الاولى للمعسكر الرأسمالي والثانية للمعسكر الاشتراكي .
قرأت الصهيونية المتغيرات الدولية في العالم قراءة جيدة واخذت تعمل على اقامة الكيان الصهيوني في فلسطين العربية . وكانت برلين العاصمة الالمانية مقر الحركة الصهيونية , ونقلت مقرها الى لندن عندما فشلت في تحقيق اطماعها عن طريق المانيا وتركيا في تهويد فلسطين . ووضعت نفسها في خدمة المصالح الاستعمارية للامبراطورية البريطانية ، وحصلت على وعد بلفور غير المشروع واتفاقية سايكس – بيكو الاستعمارية ونظام الانتداب البريطاني الاستعماري على فلسطين .
ونقلت مقرها من لندن الى واشنطون ابان الحرب العالمية الثانية عندما تأكدت ان بريطانيا ستخرج منهوكة القوى من الحرب وستحل امريكا محل اوروبا في قيادة العالم الرأسمالي .
واخذت الولايات المتحدة والصهيونية العالمية تخططان للقضاء على الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاستراكي وحركات التحرر الوطني في العالم ومنها حركة التحرر الوطني العربية وحركات المقاومة .
وعندما انتهت الحرب الباردة بين الدولتين العظميين ابان غوباتشوف انهار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاستراكي , وانفردت امريكا في قيادة العالم . وتحدث الرئيس بوش الاب عام 1991 في عشية انعقاد مؤتمر مدريد عن قيادة امريكا للنظام العالمي .
حاولت الصهيونية تحقيق اهدافها بالتعاون مع فرنسا ثم مع المانيا , ونقلت مركزها الى بريطانيا وارتمت كلية في احضان الاستعمار الاميركي .
استفاد اليهود من الحربين العالميتين وخاصة اصحاب المصارف وعلى رأسهم عائلة روتشيلد وليمان وغيرهما ، واستغلت الصهيونية معزوفتي اللاسامية والهولوكوست لاقامة "اسرائيل" في فلسطين العربية في قلب الوطن العربي ، ولولا تعاون الصهيونية مع النازية واضهاد النازية لليهود الاندماجيين ، والمبالغة في هذا الاضطهاد وتجييره لصالحها لما قامت "اسرائيل" .
طرح الليكوديون في امريكا على نتنياهو في التسعينات من القرن الماضي مشروع القرن الاميركي الجديد ثم طرحوه على كلينتون فرفضه . وعندما جاء بوش الابن طرح المحافظون الجدد ومعظمهم من يهود امريكا ويهود الادارة الاميركية ومنهم فولفوويتس ورتشارد بيرل المشروع الذي طرحوه على نتنياهو وتبناه الرئيس بوش .
كانت نكسة حزيران عام 1967 بعد نكبة 1948 وحرب السويس العدوانية عام 1956 خطة اميركية صهيونية لتدمير الوطن العربي واستنزاف ثرواته واقامة "اسرائيل" العظمى الاقتصادية من خلال تصفية قضية فلسطين ومشروع الشرق الاوسط الجديد .
اشعل الكيان الصهوين الحرب العدوانية بالتخطيط والتعاون الكاملين مع امريكا لتدمير القوة العسكرية العربية والاطاحة بالرئيس جمال عبد الناصر واحتلال القدس وتصفية قضية فلسطين .
ان حرب حزيران العدوانية انتهكت مبادئ القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة . وجاءت لتعيد شريعة الغاب في العلاقات الدولية ولاشعال سلسلة من الحرب الاميركية والاسرائيلية وارتكاب عشرات المجازر الجماعية جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان .
واظهرت النتائج التي افرزتها والدفاع الاميركي عن الاحتلال والاستيطان الصهيوني وعن مجرمي الحرب الصهاينة انها ثمرة من ثمار التخطيط والتنسيق الكاملين بين الحكوميتن الاميركية والاسرائيلية .
قام العدو الاسرائيلي بالحرب العدوانية بعد ان تلقى من ادارة الرئيس الاميركي ليندون جونسون كل ما يحتاجه من اسلحة وذخائر ومعلومات استخبارتية لتدمير القوات العسكرية العربية وضمان النصر العسكري الاسرائيلي ، وبعد ان تعهدت ادارة جونسون بأن تكلل العدوان العسكري الاسرائيلي بدعم سياسي داخل الامم المتحدة و وخارجها ، فدافعت الادارات الاميركية المتعاقبة عن الاحتلال الاسرائيلي وفرضت توقيع اتفاقات اذعان في كمب ديفيد واوسلو ووادي عربة .
وكانت "اسرائيل" تعتبر ان اسقاط الرئيس جمال عبد الناصر هو حصة امريكا من الحرب ، بينما حصتها يجب ان تكون احتلال الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشرقية التي كانت العاصمة الثانية للمملكة الاردنية .
اثبتت تطور الاحداث والوقائع والحروب على البلدان العربية والاسلامية ان اميركا لا يمكن ان تخطو خطوة واحدة في الصراع العربي الصهيوني دون العودة الى العدو الصهيوني وتتبنى موقفه ومخططاته ، لذلك نحمّل الولايات المتحدة مسؤولية حرب حزيران العدوانية ومسؤولية الحروب التي اشعها الكيان الصهيوني ضد البلدان العربية .
كان هناك مشروع للمحافظين الجدد ومراكز البحوث والدراسات اليهودية الاميركية وهو مشروع القرن الاميركي الجديد . واعتقدوا ان امريكا تستطيع في مرحلة تاريخية ان تفرض كل شئ على النظام العالمي وخاصة في الوطن العربي وبدعم وتأييد كامليين ممن اسمتهم رايس بالمعتدلين العرب . فالولايات المتحدة لديها القدرات العسكرية والتكنولوجية والتحكم بالاقتصاد العالمي من خلال الشركات متعددة الجنسية وبالسياسة والانظمة السياسية من خلال التحكم بالامم المتحدة ، وبالتالي بالنظام العالمي الجديد .


تبنت ادارة بوش استخدام القوة العسكرية لتغيير الانظمة التي لا تروق لها ولاسرائيل باسم مكافحة الارهاب الدولي والحروب الصليبية على العروبة والاسلام كوسيلة لاحكام السيطرة الاميركية على النظام العالمي الجديد وبالتحديد على منطقة الشرق الاوسط . وورطت اللوبيات اليهودية الاميركية ويهود الادارة والموساد وشارون الرئيس بوش في الحرب على افغانستان والعراق ولبنان . ولم تربح امريكا الحرب لا في العراق ولا في افغانستان و لبنان . وبالتالي تتحمل امريكا واصحاب البنوك الاميركية من اليهود مسؤولية الازمة المالية العالمية .
تحركت مراكز البحوث والدراسات اليهودية في اميركا والكيان الصهيوني بعد القمة العربية في بغداد عام 1979 التي قررت مقاطعة نظام كمب ديفيد في القاهرة ونقل مقر الجامعة العربية الى تونس لاقناع الرؤساء الاميركيين بوجوب اسقاط النظام في العراق بسبب مواقفه القومية ودعمه للمقاومة الفلسطينية والجبهة الشرقية وايمانه بعروبة فلسطين .
ان امريكا والصهيونية العالمية تعملان على فرض هيمنتهما على الوطن العربي والقضاء نهائيا على الوحدة العربية وتصفية قضية فلسطين والانظمة العربية الوطنية ودور العرب في العصر الحديث .
واصبح تغيير النظام العراقي مصلحة اسرائيلية واميركية . واقنع يهود الادراة الاميركية و"اسرائيل" ادارة بوش بشن الحرب على العراق لتدمير جيشه وتغيير نظامه والسيطرة على نفطه . وكشف ديك تشيني نائب الرئيس بوش في اذار 2002 عن مصلحة "اسرائيل" بذلك قائلا : "ان الهجوم الاميركي على العراق هو اولا واخيرا من اجل اسرائيل" .
تبنت ادارة الرئيس بوش التصور الصهيوني لمستقبل الوطن العربي ، ولرسم خريطة جديدة للمنطقة لاعطاء "اسرائيل" الدور القائد والمهيمن عليها والقضاء على النظام العربي واقامة "اسرائيل" العظمى الاقتصادية بدلا من "اسرائيل" الكبرى الجغرافية .
ان قادة الكيان الصهيوني هم الذين حرضوا على اشعال الرئيس بوش الحرب العالمية على الاسلام واختلقوا الخطر الاسلامي المزعوم على امريكا واوروبا لتهويد القدس بشطريها المحتلين والهيمنة على الوطن العربي . واقنعوا ادراة بوش ان اسقاط النظام العراقي وصناعة نظام عراقي متحالف مع امريكا و"اسرائيل" والتحكم بالنفط العراقي وباسعاره وكمياته يحقق الهيمنة السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة على الشرق الاوسط ، وبالتالي هيمنتها على العالم .
وانتشر العداء للسياسات الاميركية بشكل منقطع النظير في الوطن العربي وبقية انحاء العالم . وفقدت امريكا صدقيتها ومصداقيتها بسبب تبنيها للاطماع والاكاذيب التي تروجها اللوبيات اليهودية . وقادت الى توتر العلاقات العربية الاميركية والى المواجهة مع بعض الحكومات الوطنية العربية والاسلامية ومع الرأي العام الشعبي والنخب في بلدان المنطقة .
وجسد مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي طرحه سفاح قانا شمعون بيريز ومشروع الشرق الاوسط الكبير الذي طرحه مجرم الحرب بوش جوهر الاستراتيجيتين الاميركية والصهيونية لفرض الهيمنة على المنطقة العربية الاسلامية .
تصور بعض السياسين العرب ان نجاح اوباما سيكون بداية لتغيير كبير في السياسة الاميركية .
احتل الهاجس الانتخابي وارضاء اللوبيات اليهودية والكيان الصهيوني سلّم اولويات الرئيس اوباما في خطابيه الاخيريين بتاريخ 19و22 ايار 2011 وتبنى مواقف نتنياهو . وحاول فيهما الالتفاف على الثورات والتحولات في الساحة العربية وافراغها من مضمونها وتعزيز نفوذ قوى الثورات المضادة وشرائها بعشرات المليارات من الدولارات .
انحاز اوباما في خطابيه انحيازا اعمى للاطماع الاستعمارية والعنصرية لاسرائيل ، وعلى حساب الحقوق الوطنية الثابتة غير قابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ومدينة القدس بشطريها المحتلين .
وجاء خطاب اوباما الثاني امام اللوبي الاسرائيلي ايباك في22 ايار 2011 مليئا بالاكاذيب وانكار حقائق التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا وحتى قرارات الشرعية الدولية ، واظهر تطرفا امريكيا حقيرا تجاه قضية فلسطين وحقوق الشعوب العربية والاسلامية فيها . واكد دعمه للاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية بما فيها القدس مدينة الاسراء والمعراج والتشطيب على حق عودة اللاجئين الى ديارهم والاعتراف بيهودية الدولة . ووافق اوباما في خطابه الثاني على جميع الخرافات والاكاذيب والاطماع الاستعمارية التي طرحها نتنياهو في خطابيه امام الكنيست وامام الايباك .
لذلك يمكن الجزم بان الخطب الاربعة اغلقت ابواب اوهام التسوية بالرعاية الاميركية ، وتجسد مصالح الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية وعلى حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وظهر بجلاء ان اوباما مثله مثل بوش وكلينتون وريغان اعلنوا في خطبهم الانحياز الاميركي الاعمى لاخر نظام استعمار استيطاني وعنصري في العالم وهو الكيان الصهيوني .
ووافق اوباما على طروحات نتنياهو الاستعمارية واغلق الاثنان الطريق امام عباس والفصائل الفلسطينية المؤيدة له للعودة مجددا الى المفاوضات العبثية التي كرست سلسلة هائلة من الاتفاقات والتفاهمات والمبادرات الفلسطينية – الاسرائيلية ، والعربية الاسرائيلية لتثبيت العديد من التنازلات عن الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف لشعبنا العربي الفلسطيني .
وتسير دول الاتحاد الاوروبي واليابان في ركاب السياسة الاميركية و يقومون بدور اقتصادي هام بتقديم الاموال الهائلة لخدمة المخططات الاميركية في المنطقة ومنها تمويل السلطة الفلسطينية ، ويقومان بأدوار تصب في خدمة المخططات الاميركية والاسرائيلية .
وهنا لابد من التذكير بأن الرئيس كلينتون والجنرال رابين وبيرس تحولوا الى شحادين يستجدون الاموال الى السلطة الفلسطينية . وربطوها بدولارات الدول المانحة للتأثير في قراراتها ومواقفها واحكام تبعيتها لاميركا.
وادى تبعية محور الاعتدال العربي للولايات المتحدة الى حدوث فراغ كبير في المنطقة اخذت قوى اقليمية تنشط لملئه ومنها تركيا وايران .
ان العدو الاساسي للامة العريبة والمسلمين هو الكيان الصهيوني ، لذلك علينا ان نرفض بحزم مساعي بعض عرب امريكا استبدال ايران الصديقة بالعدو المزعوم للعرب بدلا من "اسرائيل" تحقيقا لرغبة النظام العالمي الذي تقوده امريكا .
ان الواجب الوطني والديني والانساني ومواجهة المشروع الاميركي الصهيوني تتطلب منا ان نبني تحالفا استراتيجيا لخدمة مصالح وحقوق شعوب المنطقة على ان تكون محوره حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق ودول الممانعة والجوار سورية وايران وتركيا وبلورة شرق اوسط جديد ضد التبعية للخارج وضد هيمنة الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني .
اشعلت امريكا و"اسرائيل" العديد من الحروب العدوانية واطلقتا تسميات مختلفة امعانا في التضليل والخداع كالحروب المفاجئة والحروب الوقائية والاستباقية لكسر ارادات الحكومات العربية والاسلامية وممارسة ارهاب الدولة والارهاب الدولي المنظم ونشر الابادة الجماعية والتدمير والاغتيالات وعرقلة التنمية والتطور والاستقرار ولرسم خريطة جديدة للمنطقة اسوأمن خريطة سايكس – بيكو .

خطط المستشرقون والمفكرون اليهود ومراكز البحوث والدراسات اليهودية في امريكا والكيان الصهيوني الى اخراج العرب من العصر الحديث ، وتحويلهم الى مجموعة من الدول كدول الموز في اميركا اللاتينية ، وجعل "اسرائيل" القائد والحكم وبمثابة المركز للمنطقة . وتوقعوا ان تستقوي بعض الدول العربية باسرائيل على دول عربية اخرى ، وتصبح "اسرائيل" الحكم والقاضي بين هذه الدول بسبب قوتها العسكرية وعلاقاتها القوية مع امريكا .
وقادت الادارة الاميركية الحكومات العربية الى مؤتمرات القمم الاقتصادية بذريعة ان التعاون الاقتصادي بين العرب و"اسرائيل" يشجعها على السلام .
تبنت الولايات المتحدة التخطيط اليهودي لنظام الشرق الاوسط الجديد وتعمل على اخراجه الى حيز الواقع لتصفية قضية فلسطين وتفتيت البلدان العربية الكبيرة واعادة تركيبها على اساس طائفي وتأمين السيطرة على منابع النفط وممراته وامواله ، وتغذية الطائفية وشرعنة الاحتلالين الاسرائيلي والاميركي واقامة القواعد العسكرية في العراق ولبنان .
وتعمل امريكا واليهودية العالمية على تطبيقه بمساعدة الدول الصناعية الثماني ، ودول الاتحاد الاوروبي ،وحلف الناتو وبعض الدول العربية الصغيرة ، وتهدف من جرائه الى :-

  • تصفية قضية فلسطين لارضاء اليهودية العالمية و "اسرائيل" .
  • تكريس الاعتراف بيهودية الدول وبمدينة القدس بشطريها المحتلين الغربي و الشرقي كعاصمة موحدة لاسرائيل .
  • تأمين السيطرة الاميركية المستقرة على منابع النفط وممراته وكمياته واسعاره وامواله .
  • فرض هيمنة "اسرائيل" الاقتصادية على البلدان العربية لحل ازمتها الاقتصادية المزمنة .
  • اقامة القواعد العسكرية الاميركية في العراق ولبنان اسوة بالقواعد الاميركية في دول الخليج وبعض بلدان المغرب العربي .
  • تفتيت الدول العربية الكبيرة طائفيا وعرقيا واعادة تركيبها .
  • مسح الهوية العربية الاسلامية للمنطقة وامركتها وصهينتها .

ويرمي المشروع جعل "اسرائيل" بوابة الاستيراد والتصدير من البلدان العربية الى اوروبا وامريكا واكبر مستودع للنفط والغاز واهم مركز للمواصلات البرية والجوية والبحرية في المنطقة .
وتعمل "اسرائيل" من جراء حروبها الستة على لبنان للسيطرة على دوره السياحي والمصرفي والخدماتي وربما تلغيه ، والمركز لشركات التأمين وبقية الشركات الاوروبية والاميركية في المنطقة . لذلك خططت بالتنسيق والتعاون الكاملين مع الادارة الاميركية لتدمير العراق وفلسطين ولبنان , وابادة الشعب الفلسطيني، والقضاء على حركات المقاومة لكسر الارادات العربية واقامة المشروع باستغلال الحرب على الشعبين الفلسطيني واللبناني .
وتركز الدولتان على نشر سياسة الارض المحروقة ، لاقامة كنتونات طائفية وعنصرية واكبر غيتو يهودي عنصري في العالم . اعادت المقاومة اللبنانية والتفاف الشعب و الدولة حولها الاعتبار الى مفاهيم الصراع وخيار المقاومة مع عدوالله والامة والانسانية جمعاء على انه صراع وجود . واكدت المقاومة الوطنية والاسلامية قدرتها على الرد والردع والصمود دفاعا عن لبنان وسيادته وحرمه اراضيه . وظهر بجلاء ان خيار "اسرائيل" دائما وابدا اشعال الحروب وتدمير المنجزات وتنفيذ المخططات , وان الحروب التي تشعلها في فلسطين ولبنان بموافقة اميركية وتواطؤ اوروبي وصمت عربي مشبوه تهدف لاقامة نظام الشرق الاوسط الجديد لفرض هيمنة اليهودية العالمية والامبريالية الاميركية على المنطقة وعلى العالم .
اغتصبت "اسرائيل" الغريبة عن المنطقة والدخيلة عليها والمعادية لشعوبها وللسلم والامن والتنمية والتطور وبالقوة العسكرية في الحربين العدوانيتين التي اشعلتهما في عامي 1948و1967 في فلسطين والجولان واجزاء من جنوب لبنان .
وترفض حتى اليوم تنفيذ قرار التقسيم 181 وقرار حق العودة رقم 194 لعام 1948 وقراري مجلس الامن 242و338، وترفض الانسحاب من الاراضي العربية المحتلة وتفكيك المستعمرات اليهودية منها ، والتخلي عن اشعال الحروب العدوانية على البلدان العربية ووقف الهولوكوست المستمر على الشعب الفلسطيني .
وتخاذلت الامم المتحدة في الزام "اسرائيل" في تطبيق قراراتها ، وتحولت الى دائرة من دوائر وزارة الخارجية الاميركية بان كي مون الى موظف اميركي يأتمر بأوامر يهود الادارة الاميركية .
ووضعت "اسرائيل نفسها بمساعدة امريكا واليهودية العالمية فوق الامم المتحدة وفوق القانون الدولي .
وبلورت استراتجيتها تجاه المقاومة اللبنانية ولبنان وسوريا في قراري مجلس الامن الظالمين 1559و1701وفي مشروع القرار الفرنسي الاميركي حول الحرب العدوانية التي شنتها في 12 تموز 2006 . واعترفت علنا على لسان وزير خارجيتها زلمان شالوم والمسؤولين فيها بانها هي التي وضعت صيغة قرار مجلس الامن 1559.
ورفض مجلس الامن توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من الهولوكوست الاسرائيلي كما رفض بعد شهر من حرب تموز اتخاذ قرار لوقف اطلاق النار لاتاحة المجال امام العدو الاسرائيلي لتحقيق اهدافه بما فيها محاولة كسر ارادة الشعب اللبناني وتغيير توجهاته السياسية بالقوة العسكرية خلافا للدور الذي اناطه ميثاق المنظمة الدولية بمجلس الامن وهو مسؤولية المحافظة على السلم والامن الدوليين ، ومنع استخدام القوة في العلاقاتالدولية ، ولكن بطولات وتضحيات المقاومة اللبنانية احبطت مساعي العدو الصهيوني واميركا ودول الاتحاد الاوروبي المعادية لحركات المقاومة ومصالح وحقوق الشعب والامة .
ان مقاومة الاحتلال والعدوان الاسرائيلي عمل شرعي يتماشى مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة وبقية العهود والمواثيق الدولية ، ومع تجارب الشعول الاوروبية في مقاومة الاحتلال النازي .
ان كل شعب من الشعوب له الحق في مقاومة المعتدي والمحتل والمستعمر انطلاقا من المبادئ الاساسية للقانون الدولي المعاصر , وفي طليعتها حق الشعوب والامم في تقرير المصير ومقاومة الاحتلال .
ترفض "اسرائيل" منذ تاسيسها وحتى اليوم مبادئ وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي حول فلسطين والقدس والجولان وجنوب لبنان ، وتدعمها بذلك اميركا ودول الاتحاد الاوروبي .
ان التاريخ النضالي للشعوب يعلمنا انه لا يمكن لاي انسان يحب عائلته وبيته وارضه وقريته ويعتز بانسانيته ان يستكين ويصمت ازاء الاحتلال وممارساته . ان الاحتلال ذروة الارهاب ويؤدي الى المقاومة ، وكلما ازدادت وحشية الاحتلال وهمجيته وعنصريته كلما ازدادت المقاومة شدة واتساعا . فرفض الاحتلال ومقاومته امر لا بد منه لقلعه ومعاقبة المحتل الاسرائيلي والزامه بدفع التعويضات عنالخسائر التي الحقها .
ان استمرار الاحتلال يجعل من المقاومة الرد الشرعي والاخلاقي والحضاري عليه ولا بديل عن ذلك الا الانسحاب الكامل واسترداد الارض والممتلكات والثروات والحقوق المغتصبة مهما طال الزمن وغلى الثمن .
اثبتت حركات المقاومة الاوروربية للاحتلال النازي ان مقاومة الاحتلال والتصدي له والحاق الهزيمة به حتمية ، مهما امتلك المحتل من قوة عسكرية هائلة .

وتتفق اراء معظم فقهاء القانون الدولي باستثناء بعض اليهود منهم على تاكيد شرعية مقاومة الاحتلال .فالمقاومة الاوروبية نتيجة منطقية للاحتلال النازي ، وعمليات المقاومة ضد الاحتلال هي دفاع عن الوطن . ويؤيد معظم رجال القانون الدولي شرعية المقاومة الفلسطينية واللبنانية في موا-جهة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي .
صورت "اسرائيل" المقاومة العربية للاحتلال الاسرائيلي بما فيها مقاومة حزب الله بالارهاب ، وساعدتها اميركا ودول الاتحاد الاوروبي وبعض الحكام العرب بذلك خلافا لمبادئ القانون الدولي .
اعتبرت الشعوب الاوروبية التي اجتاحتها جيوش نابليون ، وشعوب اسيا وافريقيا التي استعمرتها اوروبا ، والشعوب الاوروبية التي اجتاحتها الجيوش النازية ان محاربة الغازي والمعتدي والمحتل مشروعة وتتماشى مع مبادئ القانون الدولي ، ولكن اليهودية العالمية بمساعدة اميركا وبريطانيا تعمل على القضاء على ما ترسخ من مفاهيم وقوانين دولية والعودة بالعلاقات الدولية الى مرحلة العمل بشريعة الغاب .
تنبثق شرعية المقاومة من حق الشعوب والامم في تقرير المصير، وهو غير قابل للتصرف ، ويعطي الشرعية للمقاومة المسلحة كأداة للوصول الى حق تقرير المصير .
تثير حروب "اسرائيل" العدوانية على فلسطين ولبنان وعلى المقاومة الفلسطينية ومقاومة حزب الله ابعادا سياسية وقانونية وانسانية وفي مقدمتها الوقف الفوري للحرب منذ اللحظات الاولى من اشعالها ، وانهاء الاحتلال وتطبيق المبادئ التي رسختها اتفاقية بوتسدام عام 1945 على المانيا ، ومبادئ محكمة نورنبيرغ على مجرمي الحرب الاسرائيليين الاحياء منهم والاموات .
ان استمرار العدوان والاحتلال الاسرائيلي يجعل من استمرار المقاومة الرد الشرعي والصحيح عليه ، وان المقاومة في كل اشكالها وصورها بما فيها الكفاح المسلح والعمليات الاستشهادية هي الاسلوب العلمي والعملي الوحيد الذي يقود الى قلع الاحتلال الاسرائيلي البغيض و النصر دائما وابدا للشعوب المناضلة .
وهنا لابد من ان ندين ونشجب كل الذين حملّوا حزب الله مسؤولية حرب "اسرائيل" العدوانية في تموز 2006 سواء كانوا من العرب او غير العرب ، لانهم يخدمون المخطط الاسرائيلي المعادي للشعب اللبناني كله وللامة العربية وحركات المقاومة .