التعليم وذوي الإحتياجات الخاصة /عبد الرحيم صابر









قال عز
في علاه {بسم الله الرحمن الرحيم اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي
عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}
قد هزت
هذه الآيات أركان الجزيرة العربية
أيقظ الله بها نياما
وأحيا بها
أمواتا
أنارت دروبا مظلمة
ورسمت للحياة معالم جديدة
كانت أول الوحي،

إيذانا بأن أول الخير العلم
فامتن الله على الانسان بنعمة العلم وما أعظمها
من نعمة
فالمحروم منها منا وإن أوتي من الدنيا ما أراد فوالله إنه لمحروم
فإن
الجهل لعار وأي عار
وإن العلم لفخر وأي فخر
ويكفي في فضل العلم أن يدعيه من
ليس من أهله، فيفرح إن لقبته به
ويكفي مذمة للجهل أن يتبرأ منه من كان من أهله،
فيغضب إن نبزته به
وقضية التعليم بالنسبة للمعاق على اختلاف أنواع الإعاقات هي
قضية:
عميقة الجذور ومتداخلة وشائكة الأدوار
عميقة الجذور من حيث تفعيل
إدماج المعاق في مجتمع منخرط صغارا وكبارا في ركب التعليم بينما هو حبيس أركان
وجنبات البيت.
وشائكة ومتداخلة هي أدوار المجالات الرئيسية في حياة المعاق -
التي تملك زمام التغيير والإصلاح أو تخفيف عمق هذه الهوة الخطيرة على حياته وإحساسه
بأنه كائن حي يسير ويدور مع عجلة الحياة - من أسرة ومحيط ونظام ككل.
وأذكر أن من
المعلمين من نصح والدتي - حفظها الله - بأن لا تتعب نفسها بحملي على الدرج في
المدرسة الإبتدائية - وكنت صغيرا - وأن تبقيني في البيت قائلا: "ماذا سيعمل حتى لو
تعلم". وكأنما بني العلم أصلا ومآلا للوظيفة والمال.
وقد كان من أسباب توقفي عن
مواصلة التعليم بعد مرحلة الإبتدائي هو مشكلة وجود بعض الأقسام والقاعات في الطوابق
العلوية.
والأمثلة كثيرة تتجول على صفحات الحياة حيثما ارتحلت وجدتها.
فهذا
بعض من صور النظام وممثليه، فلا استعداد لاستقبال هذه الفئة؛ لا توجيهيا لأطر
التعليم؛ ولا تيسيرا للمرافق وإيجاد حلول للعقبات.
أما من حيث الأسرة والمحيط
فلا تزال مجتمعاتنا نظرتها للمبتلى نظرة سطحية دونية
بل يا ويح المعاق ان كان
متغير المظهر.. من حرقة تلك النظرات
من أعين تأكل بلا أسنان
وتتكلم بلا
لسان
ومن حيث ما رأيت في محيطي الذي أعايشه
رأيت من أصحاب الاعاقات الحركية
من يمتهن بيع السجائر والمخذرات فهو ما ترك لهم المجتمع من مجالات تقتل الوقت
والمكانة والحشمة. اما أصحاب الإعاقات البصرية فيتخذون من التسول هنا وهناك - وفي
كل مكان تدب فيه الأرجل - مدخل رزقهم وعيشهم في مجتمع أبى إلا أن يحوجهم إلى
ذلك.
فالمجتمع لا يقدم أي دعم لهذه الفئة ولو لمواصلتها محو الجهل عنها، بل يبخل
حتى بكلمات تشجيع يثقل لسانه عن إخراجها.
فلم تحرم هذه الفئة من أبسط الحقوق
وآكدها وهو التعلم ورفع رداء الجهل المذموم؟
لم توضع في طريق طموحها للتعلم
صعوبات وإيعاقات فوق إعاقتها؟
ما سبب النظرة التشاؤمية للمعاق وعدم التفائل ووضع
الأمل والثقة في دوره في المجتمع؟ ويستوي في ذلك نظرة أسرته له ومحيطه.
ولماذا
توضع متطلباتهم في ذنب الأولويات، هذا إن وضعت صدقا لا قولا فقط؟
تساؤلات كثيرة
يطرحها واقع مرير، وما ذكرته إنما هو نقطة في أول السطر لمعوقات التعليم بالنسبة
لهذه الفئة المنسية في دولنا العربية
فهل من أمل لغد
أحسن؟