توفيق عكاشة "جحا" المصريين
د. فايز أبو شمالة
هل هرب "توفيق عكاشة" إلى إسرائيل أمزال ينتظر مصيره؟ لقد بات يشغلنا أمر الرجل بعد أن صار مصدراً للفكاهة الخبيثةداخل مصر وخارجها، وبعد أن تجاوزت شهرته الآفاق، وصار عابر للقارات، أما مصادرالتندر والفكاهة فإنها ترجع إلى التراكيب الخاصة لإعلام عكاشة، الذي نجح في مزجالكذب مع التهويل، ونجح في تصميم الافتراء بزي السذاجة، ومزج الخوف بالبطولة، وخلطالحابل بالنابل، لصير عكاشة أقرب إلى شخصية "جحا" التاريخية، ولاسيمابعد أثبت براعته في الإثارة، وقدرته على الجمع بين المتناقضات.
من المؤكد أن "توفيق عكاشة" قد درسسيرة حياة "جحا" وعرف أن "جحا" ما صار شخصية عام وهامة جداًإلا بعد أن تجاوز المألوف في القول والفعل، وبعد أن جاء بغريب السلوك، وعجيبالتصرف، لقد تجاوز "جحا" في شهرته حدود بلاده، فراح العرب يضيفون ويحذفونعلى لسان جحا ما جاء لصالحهم من أحاديث، حتى صار "جحا" مضرب الأمثال فيالتأليف والنشر، وفي اللغط والغلط، وصار مصدر التندر والضحك والخديعة اللفظية،والتوليفة السينمائية، وقد نحج وريثه في المزج بين الخبل والهبل، وزاوج بينالتعظيم والتحقير، وبالغ في تراكيب الخيال، ولم يبايع سياسياً إلا من ضمن عطاءه،وكان ميسور الحال.
سيحفظ التاريخ لمصر العربية أنها نجحت في مدبلاد المسلمين بشخصية هزلية بخبث، شخصية مضحكة بمكر، شخصية مسلية باشمئزاز، شخصيةتتشابه مع شخصية "جحا" ظاهرياً، ولكهنا تخالفها في الأهداف، وقد ظهر ذلكفي برنامج "الحكم بعد المداولة" حين قال المدعو "عكاشة":إن الأراضي الفلسطينية المحتلةمن حق اليهود، وأن العرب لا يمتلكون في مدينة القدس إلا المسجد الأقصى، وأن ثلثيالقرآن الكريم ليس إلا التوراة والإنجيل بلغة عربية، كما أيد "عكاشة"تصدير الغاز لإسرائيل، وأكد أن لديه علاقات متميزة مع اليهود.
هذا الشخص الذي يؤكد بالصوت والصورة أن لديه علاقاتمتميزة مع اليهود، يتهم عبر قناة الفراعين حركة الإخوان المسلمين بالتآمر معاليهود، وأنهم عملاء لأمريكا، لينطبق على كلام"عكاشة" المثل العربي: رمتني بدائها وانسلت!.
كان جحا الأسطورة وليد حالة سياسية عربية، تمتوظيفها لأغراض معينة في ذلك الزمان، لكن جحا العصر الراهن "توفيقعكاشة" ليس إلا موظفاً صغيراً لدى جهات مصرية وعربية ودولية لها مصلحةإستراتيجية في إثارة الفتنة في مصر، وتهدف إلى تقويض الثورة، والعودة إلى الزمانالذي مضى، زمان حسني وصفوت وجمال وحبيب، زمان استهبال المصريين، واستغفال الطيبين؟