بمناسبة يوم المرأة العالمي... المرأة السورية في مرأة الواقع... مكافحة... مجاهدة... وتستحق الدعم
المصدر زينة بيطار
08 / 03 / 2007
بمناسبة يوم المرأة العالمي... المرأة السورية في مرأة الواقع... مكافحة... مجاهدة... وتستحق الدَّعم

في ظل الاحتفال بيوم المرأة العالمي تقف المرأة السورية تشاهد ما حولها... ترى الخراب والجوع والحرمان عند البعض، والتطور والاستقلال عند الآخرين... والسؤال، هل تقنع المرأة أن تشكل نسبة 19,8% من القوى العاملة والمنتجة في سورية فقط... إضافة إلى فجوة كبيرة بين النساء والرجال في المشاركة في الشأن العام ؟!!....

هنَّ من النساء اللواتي ساهمن بشكل أو بآخر في تحسين مسيرة المرأة السورية، وإعطائها بعض من تلك المكانة التي تستحقها... نساء حملن راية الأسرة السورية ليثبتن أن المرأة السورية مرتكز أساسيٌّ في صنع مستقبل بلدنا عبر إيصال الأسرة إلى برّ الآمان...

"بلدنا" التقت بهنَّ، وسألت عن واقع المرأة السورية والصعوبات التي تواجهها لإثبات ذاتها، إضافة إلى نقاط الاختلاف والإيجابية والسلبية منها بين المرأة العربية والمرأة الغربية وصولاً إلى سؤال "هل تستطيع المرأة السورية إدارة حياتها باستقلال تام؟"...



السيدة "نور السبط" رئيسة لجنة المرأة، عضو مجلس إدارة في جمعية تنظيم الأسرة، ونائبة رئيسة الاتحاد النسائي العام سابقاً مدة 16 عاماً، تحدثت حول واقع المرأة السورية قائلة:

"كانت سيطرة الرجل على مختلف أنواع العمل خارج إطار المنزل واضحة، مما جعل المبدأ العام لصورة المرأة هي أنها لصيقة المنزل، وفي سورية، نحن نعتزُّ كون المرأة بدأت تشقُّ طريقها للعمل خارج المنزل، خاصة مع دعم القرار السياسي للمرأة، فالدستور السوري يحوي الكثير من القوانين الداعمة لها، ونعمل على تقليل الفجوة ما بين مواد الدستور الداعمة للمرأة، وما بين سيادة العرف على الدستور".

وتضيف السيدة "السبط": "مسيرة تمكين المرأة السورية، هي مسيرة غنية جداً، حيث وصلت المرأة إلى الكثير من المواقع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ووضعت قوانين ضابطة مثل قانون توريث معاش المرأة التقاعدي لورثتها الشرعيين، والمرسوم الذي نصَّ على زيادة إجازة الأمومة، والذي ساهم في الاستقرار النفسي للأم، مما ينعكس على إنتاجها، والمرسوم التشريعي رقم 330 لعام 2002 الذي صادق على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، وهناك دراسة قدمها الاتحاد العام النسائي والهيئة السورية لشؤون الأسرة تهدف إلى إزالة الفجوة القائمة بين القانون والتطبيق، وهذا الأمر يعد أبرز مهمة لنا كمنظمات شعبية وجمعيات أهلية، ونساء ناشطات في مجال العمل النسائي، إضافة إلى ضم صوت الرجال المناصرين لقضية المرأة، وهم كثر في المجتمع السوري".

وأوضحت أنه تجدر الإشارة إلى أمر مهم، وهو إن كانت الإحصائيات تشير إلى زيادة مشاركة المرأة في مجال العمل، فلنأخذ المجال الزراعي، حيث تبلغ نسبة النساء العاملات في هذا المجال نحو 58,8% من مجموع النساء العاملات، والسؤال هنا، ماهو مردود هذا العمل عليها؟!!".

كما تحدثت السيدة "السبط" عن ارتفاع نسبة الفتيات المتعلمات الأمر الذي يبين تحسن واقع المرأة السورية سواء على صعيد التعليم الإلزامي أو حتى الجامعي.

وبالنسبة للصعوبات التي واجهتها لإثبات ذاتها في عملها تقول:

"هناك صعوبة في التعامل مع العرف والعادات السائدة في مجتمعنا، إلا أنه من الممكن التغلب على هذه الأمور من خلال الإرادة القوية والتصرف الشخصي للمرأة، وعلى صعيد حياتها الشخصية كان الكثير من الرجال يتضايقون عند رؤيتها مستلمة لمنصب مميَّز في العمل السياسي، وكانوا يسألونها هل أنت قادرة على تلبية ما نحتاجه؟، وكانت إجابتها دائماً أنها مستعدة، وكان هذا السؤال بالنسبة لها يشكل حافزاً وتحدياً كبيراً لإثبات جدارتها في العمل كامرأة، وبالنسبة لجوّها المحيط، فكان داعماً لها ومساعداً".

وحول مقارنة المرأة العربية والغربية تقول السيدة "السبط": "النساء العربيات محظوظات والمفهوم الديني المتنور الصحيح يدفع مسيرتهن إلى الأمام، أما المفهوم الخاطئ فمن شأنه أن يعرقل مسيرتهن في الشرق".

وحول موضوع قدرة المرأة السورية على إدارة حياتها بشكل كامل تشير قائلة: "دعينا نتكلم عن تقاسم حياتها مع الرجل، فإدارة حياتها باستقلالية كاملة ضمن الظروف الاقتصادية والمنظومة الاجتماعية الموجودة صعب، وبرأي أننا لا يمكن أن نقول إنَّ هناك امرأة تدير حياتها بمفردها، فلا بد أن تتشاركها مع أحد".



الدكتورة "منى الحاج حسين"، طبيبة أطفال ومسؤولة الإعلام في الهيئة السورية لشؤون الأسرة، تحدثت عن اهتمام الدولة بالبعد الاجتماعي للتنمية، مما انعكس على أوضاع المرأة إيجاباً، وما يزال هناك الكثير من النقص على حدّ تعبيرها.

وتضيف: "الخطة الخمسية العاشرة تتناول تمكين المرأة كموضوع مهم وأساسي، والأهم من ذلك الدعوة للتعامل مع قضية المرأة كقضية تنمية بشرية ومواضيع إنسانية، وفي الوقت الذي تتجه فيه الدولة إلى تدعيم دور المرأة لا يزال هناك الكثير من الصعوبات التي تعرقل طريقها ضمن المناطق المختلفة، فهي لم تأخذ حظوظها كاملة على مختلف الصعد الصحية والاجتماعية وفرص العمل، وتجدر الإشارة إلى أن تشكيل الهيئة السورية لشؤون الأسرة خطوة مهمة جداً على صعيد الأسرة السورية ذلك أنها الجسم الحكومي الأساسي المخول لتنسيق الفعاليات الوطنية لحماية لأسرة بكل مكوناتها ومن ضمنها المرأة".

وحول الصعوبات التي قد تعترض طريق المرأة خلال رحلتها في إثبات ذاتها تشير الدكتورة "الحاج حسين" إلى وجود المرأة في بيئة لا تؤمن بالعلم أو بالعمل، يعتبر مشكلة حقيقية، هذا عدا الحاجة المادية، مما يحرم المرأة من الحصول على العلم والخبرة في الحياة، كما أن نجاح المرأة قد يسهم في زيادة تحدي الكثيرين لها في العمل ورغبتهم في تحديدها، ومن ناحية أخرى هناك شركات ترغب في توظيف الشابات أكثر من الشبان والهدف هو استغلال أنوثة المرأة وجمالها.

ومثل هذه الشركات تسهم في تشويه نظرة المجتمع إلى المرأة، مثلها مثل الشركات التي ترفض توظيف المرأة لأنها تتعرض للحمل وتحمل هم المنزل، وفي كلا الحالتين علينا محاربة هذا المبدأ الخاطئ، كما علينا المطالبة بالمساواة بجميع زواياها أي في الحقوق والواجبات، فلما لا يتقاسم الرجل مع المرأة إجازة الأمومة؟، فمن الممكن بعد تحسن حالتها أن تشرف على عملها كي لا تنقطع عنه طويلاً، في الوقت نفسه ا من الممكن أن يساعدها الرجل في الإشراف على الأطفال، وطبعاً عمل المرأة في المنزل ليس أبداً عمل ليس ذا قيمة، إلا أن الكثيرين ينظرون إلى مهمة الأم على أنها عمل بلا أجر، بالتالي فلا أهمية ومعنى له، إلا أنه من أهم الأعمال والواجبات على الإطلاق".

وحول الفروق بين المرأة العربية والغربية تقول: "المرأة العربية لا تزال محكومة بالعادات والتقاليد أي بالقيود، أما المرأة الغربية قيودها أقل، مما يجعلها قادرة على حماية أفكارها والتعبير عنها".

وقد أعزت الدكتورة "الحاج حسين" مبدأ الاستقلالية في حياة المرأة السورية، إلى المحيط، ذلك أن هناك بعض النساء القادرات على إدارة حياتهن بأنفسهن، وفي الوقت ذاته هناك نساء غير قادرات على اتخاذ قرار يتعلق بصحتهن، كما وجهت رسالة إلى المرأة السورية طلبت فيها أن تكون المرأة متفائلة وصبورة وأن تقدم الكثير من العمل، وأن تتحلى بكثير من الصبر.



السيدة "رائدة الجراح"، مسؤولة الرعاية الصحية في جمعية تنظيم الأسرة، ترى أن المرأة السورية حصلت على حقوق مميزة مقارنة بالدول العربية الأخرى، ولكن برأيها أن هذه الحقوق- ورغم دعم القيادة لها- فيها بعض الثغرات، فالمرأة في الريف لا تزال بحاجة إلى دعم وتخفيف من العنف ضدها، وهناك قسم من نساء الريف لا يعرفن أبسط حقوقهن.

وبالنسبة للصعوبات التي اعترضتها تقول: "تعرضت لصعوبات متنوعة وعديدة إلا أن الإرادة القوية هي التي جعلتني أصل إلى مبتغاي، ورغم زواجي في الخامسة عشرة، إلا أنني أكملت تعليمي حتى حصلت على دبلوم في علم النفس، على الرغم من أن زوجي كان مسافراً، ولدي أطفال يحتاجون إلى رعايتي، إلا أن دعم زوجي وعائلتي ساعدني جداً. وعند دخولي مضمار العمل، كنت أتعرض إلى كثير من المواقف المحرجة نتيجة أفكاري, واتجاهي في الحياة، مما أعدّه أبشع أنواع الظلم.

السيدة "الجراح" تقول فيما يتعلق بالفرق بين المرأة الغربية والعربية: "المرأة الغربية تتمتع بصراحة كاملة، وبالتالي تستطيع أن تتكلم عن كل ما يخصها بجرأة تامة، أما المرأة العربية فهي تفكر قبل أن تتكلم لأن بيئتنا وتربيتنا تملي علينا ذلك، فالمرأة العربية قد ترفض من قبل المجتمع إن تكلمت بصراحة، والمرأة الذكية تستطيع أن تلبي رغباتها، وتعبر عن أفكارها من خلال المناورة، وأؤكد أن المرأة السورية باتت قادرة على إدارة حياتها بشكل مستقل وكامل".



جملة واحدة اتفقنَ عليها... المرأة السورية امرأة مناضلة ومكافحة... ولعلها الجملة الأصح التي تعبّر عن واقع امرأة كلُّ القوانين إلى جانبها، لكنها محكومة بمجتمع ذكوري يحجب عنها حقَّها حتى في معرفة القانون... وعليها في الوقت ذاته أن تعمل لتثبت جدارتها... أن تسامح وتحب لتثبت إنسانيتها... أن تتأنق لتثبت أنوثتها... أن تربي الأجيال لتثبت أمومتها... وقبل كلّ، هذا أدعوها أن تناضل لتثبت حقوقها...