في اليوم التالي لرحيل عباس
د. فايز أبو شمالة
فياليوم التالي لرحيل عباس، سيخرج الناس إلى الشوارع يكبرون شكراً لله، وستنطلقالمظاهرات المعبرة عن الارتياح، وسيبدأ الأطفال بالرقص والغناء، وتزغرد النسوة،وتطير العصافير في سماء فلسطين، وتشقشق الزهور، وتبتسم قمم الجبال، حتى الهزيعالأخير من الليل، حين ينفض الساهرون، وتتكسر مصابيح الفرح على صخرة الحقائق العشرالتالية؛ التي خلفتها سياسة محمود عباس فوق الأرض الفلسطينية:
1ـ قبل أيام،أعلن "يهودا فانشتاين" المستشار القانوني لرئيس الوزراء الإسرائيلي: أن المسجدالأقصى جزء لا يتجزأ من أراضي إسرائيل ينطبق عليه القانون الإسرائيلي.
2- قبل أيام، تمنقل مقرات كليات الاحتلال العسكرية والأمنية إلى شرقي القدس.
3- قبل أيام استضافت إحدى المستوطنات اليهودية في الخليل المؤتمرالثاني لتطبيق السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة، بمشاركة سياسيين ووزراءوأعضاء كنيست وخبراء وأكاديميين ومفكرين لبحث أفضل السبل لاستكمال ضم منطقة"ج" لدولة إسرائيل.
4ـ قبل أيام اعترف مجلس التعليم العالي في "يهوداوالسامرة" بجامعة مستعمرة آرييل (حوالي 20 ألف مستوطن و 12 ألف طالب وطالبة)قرب نابلس، وهذا الاعتراف يؤهل الجامعة للحصول على الدعم المالي الحكومي أسوةبالجامعات الأخرى في إسرائيل.
5ـ قبل أيامأعلن الاتحاد الأوروبي عن انخفاض عدد الفلسطينيين في المنطقة "ج" إلىاقل من (150) ألفا، وأصبح عدد المستوطنين ضعف عدد الفلسطينيين في المنطقة"ج" التي تمثل (62%) من مساحة الضفة الغربية.
6ـ قبل أيامصدر تقرير لقانونيين إسرائيليين، يشجع إسرائيل على ضم منطقة "ج" نهائياً،ومنح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين المقيمين فيها، والاطمئنان للأغلبيةاليهودية
7ـ قبل أيام نشرت صحيفة الجروزلم بوست مقالاًللكاتب مايكل فرويند، قدر فيه عدد المستوطنين اليهود في الضفة بحوالي (700) ألفمستوطن.
8 ـ قبل أيام بدأتشرطة الهجرة اليهودية عملها في المنطقة "ج" بعد أن كان عملها يقتصر علىإسرائيل المغتصبة سنة 1948
9ـ قبل أيام منعت إسرائيل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق العملالإنساني "أوشا" من تنفيذ أي مشاريع تخدم الفلسطينيين في منطقة"ج" من الضفة الغربية.
10ـ تستندالخطوات الإسرائيلية الحثيثة لضم منطقة "ج" على اتفاقيات أوسلو التيهندسها السيد عباس، والتي أعطت إسرائيل المسؤولية الشاملة عن المنطقة"ج" وحولتها من أرض "محتلة" إلى أرض "متنازع عليها"تحسم المفاوضات الثنائية وضعها النهائي.
فياليوم التالي لرحيل عباس، سينزل الغضب صاعقة على رأس الفلسطينيين، وسيبدأ الموظفونبإماطة اللثام عن مخزون الأسرار، ليكتشف الشعب المقهور أنه لا يقف على أرضهالفلسطينية؛ التي صارت بفضل سياسة السيد عباس يهودية، وقتها، لن ينفع الناس لطمالخدود، ولا شق الجيوب، لأن الضفة الغربية قد ضاعت فعلاً بفضل التنسيق الأمني.
فياليوم التالي لرحيل عباس، سيبز جيل فلسطيني جديد، ستولى القيادة، ويتحمل المسئولية،سيبدأ بفحص رفات عباس، قبل أن يقلب جيوب كل شخص ارتبط بصلة وثيقة أو وهمية مععباس، وقبل أن يفتش شقوق الأرض بحثاً عن أولاد عباس، ورجال عباس، وزبانية عباس، وثروةأحفاد عباس، وحاملي الدف لعباس، سيفتش الجيل القادم عن كل منافق تسلل ليلاً إلىمحراب عباس، وصلى بين يديه ركعتي شكر على المنحة الرئاسية.
فياليوم التالي لرحيل عباس، سينبهر أولئك الذين دافعوا عن نهج عباس، والتحموا معسياسته، وهم يدعون البراءة، وعدم الدراية، وسيخط بعضهم بقلمه الذي مجد عباس، ورفعهإلى مصاف الأبطال، سيخط مقالات فضح المستور، وكشف المتخفي، وسيتبرأ بعض المسئولينمن أنفسهم، وسيهدمون جدار الوهم الذي غم على عيونهم، وجعلهم يصدقون مقولة "التمسكبالثوابت الوطنية" في الوقت الذي ضاعت فيه الأرض فلسطينية.