إلى صديقي عدلي صادق
د. فايز أبو شمالة
تعرف أنني لا أنتمي إلى حركة حماس، وربما تعرفأنني تركت تنظيم فتح سنة 1996، عندما ترشحت مستقلاً للانتخابات التشريعية، وتعرفأنني أتابع مقالاتك باهتمام رغم اختلاف وجهات النظر بيننا، ولكن الذي شدني للكتابةإليك؛ هي كثرة المغالطات في مقالك الأخير المنشور في صحيفة الحياة الجديدة تحتعنوان "الازدهار في الحصار"، لذلك رغبت أن أوضح الحقيقية، ولاسيما أننيلما أزل أقيم في قطاع غزة، وأسجل ما تراه عيني، بينما تقيم أنت في رام الله، وتسجلملاحظاتك وفق ما ينقله إليك الآخرون، والحكمة تقول: إن المنظور أفصح من المنقول.
سأبدأ من نهاية مقالك، حيث اقترحت أسساً جديدةللمصالحة الفلسطينية، تقوم على التغاضي عن الأرباح الضخمة التي تجبيها حركة حماسمن الأنفاق، وفي مقابل ذلك، تقوم حركة حماس بتأمين راتب موظفي السلطة في الضفةالغربية وقطاع غزة، لتكفي الفلسطينيين شر التسول من الدول المانحة!.
هذا كلام سخرية جميل، يدعو الفلسطينيين للتساؤل:إذا كانت الضرائب التي تجبيها حركة حماس من إدخال البضائع على قطاع غزة عبرالأنفاق تكفي لدفع رواتب الموظفين في الضفة الغربية وغزة، فمن باب أولى أن تقومالسلطة الفلسطينية بدفع رواتب موظفيها دون الحاجة إلى التسول، ولاسيما أن السلطةتجبي الضرائب عن السلع التي تدخل إلى الضفة الغربية، وهي أضعاف مضاعفة لما يدخلإلى قطاع غزة، والسلطة في رام الله تجبي الضرائب عن السلع التي تدخل إلى قطاع غزةأيضاً عبر معبر "كرم أبو سالم".
تقول في مقالك: إن حركة حماس صارت غنية منالجمارك التي فرضتها على الوقود المصري الواصل عبر الأنفاق!. فإذا كانت حكومة حماسقد صارت غنية من شيكل إسرائيلي واحد تجبيه عن كل لتر وقود يدخل إلى قطاع غزة، فمابالك بحكومة رام الله التي تجبي أربعة شواكل عن كل لتر وقود يدخل إلى الضفةالغربية، وأنت تعرف أن الضفة الغربية تستهلك وقوداً أكثر من قطاع غزة بكثير، وهذايعني أن أرباح السلطة أضعاف مضاعفة، فلماذا عويل سلطة رام الله؟ ولماذا الشكوى منقلة الرواتب؟.
تقول في مقالك: إن وزارة الأنفاق تدر على حكومةغزة ريعاً يومياً يصل إلى ثلاثة ملايين دولار، معنى ذلك أننا بصدد 90 مليون دولارشهرياً. إن ما ذكرته من أرقام غير موثق، لأن الأرقام الدقيقة لدى وزارة المالية فيغزة، وبعد الرجوع إلى وكيل وزارة المالية الأستاذ إسماعيل محفوظ، الأرقام تقول:إن مجموع ما تجبيه الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة من الضرائب والمكوس، ومنالجمارك عن كل السلع التي تدخل إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، لا يتعدي 25 مليون دولارشهرياً. ولو كان رقم 90 مليون دولار صحيحاً، فمعنى ذلك أن حكومة رام الله تجبي ضعفالمبلغ، وهذا يكفي لصرف الرواتب مطلع الشهر!.
لا يعني توضيحي السابق للأرقام أنني أدافع عنأحد، وإنما أتوخى الدقة في نقل واقع الحياة في قطاع غزة، الواقع الذي يقول: لو وقفأي فلسطيني على شاطئ بحر غزة، لأدرك كم هي المسافة الجمالية الفاصلة بين شاطئ غزةسنة 2012، وشاطئ غزة سنة 2007.
تظل أخي عدلي صادق صديقي، لذلك أدعوك إلى مراجعةحساباتك السياسة، وعدم تصديق ما ينقله إليك الغرباء عن الواقع، أولئك الذينيتمتعون بالأمن على شواطئ البحر طوال الليل، فإذا جاء الفجر، ناموا على كتفالطريق، ليبدءوا مع المساء جولة النقيق.