المستقلون في النظام السياسي الفلسطيني
بقلم أ . تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب مستقل – 24 – 2 – 2012 م
تحاول كل من حركتي فتح وحماس تغييب المستقلين الفلسطينيين الحقيقيين عن المشهد السياسي الفلسطيني ، بل حتى عن أي حراك مجتمعي ، وتعمل تلك الحركتان على تقريب المستقلين المنتفعين من أجندتهما ، خاصة وان جُل المستقلين البارزين إعلاميا على المشهد الفلسطيني هم من رجال المال والأعمال ، الذين يسيرون في فلك هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك ، مما يعني سياسيا نفي مفهوم استقلاليتهم ... فالمستقلون الذين يطفون على السطح اليوم نجحوا في توظيف أموالهم ؛ من اجل تحقيق هدفهم الوحيد والأوحد ؛ رغبة في الحصول على مقعد وزاري هنا أو وجاهة هناك أو بحثا عن صفة اعتبارية من نوع ما ، عن طريق ارتداء عباءات فضفاضة على مقاسات كل الراغبين واللاعبين ، وهم غير متآلفين فيما بينهم حتى لو كان ذلك من خلال البحث عن مقعد وزاري ، وهم في الخفاء يشتمون هذا الفصيل الفلسطيني ، ويسبحون بحمد ذاك القائد ، وفي العلن يهتفون أمام القادة ووسائل الإعلام بـ تحيى فلسطين عربية حرة ، ويتباكون على ما آلت إليه الأوضاع الفلسطينية ...
كثير من المستقلين الفلسطينيين الحقيقيين لا يملكون مالا ، ولكنهم يملكون فكرا حضاريا ورؤية عميقة ، بعيدة عن توجهات وأجندة القوى والمنظمات الفلسطينية ، وهم عازمون على خوض الانتخابات الفلسطينية حتى لو عرضوا أثاث بيوتهم للبيع ؛ رغبة في تصويب البوصلة واختراق دائرة القرار الفلسطيني المحتكر .
وكثير من المستقلين الفلسطينيين الحقيقيين غضَّ الإعلام بصره عنهم لهدف ما ... وهم الأجدر على قيادة الشعب الفلسطيني من غيرهم الذين عجزوا حتى الآن عن تحقيق الحد الأدنى من أهداف شعوبهم .
المستقلون الفلسطينيون الحقيقيون لا يعرفون التسلق ، ولا يجيدون التملق ، ويرفضون العيش نكرات على هامش الحياة ، وهم يعملون بصمت كجنود مجهولين ، لا يرغبون بشهادات من احد ، ولا يتوقون إلى أوسمة أحد .
المستقلون الفلسطينيون الحقيقيون هم الذين يتميزون في أفكارهم عن غيرهم من المستقلين المنتفعين والمحسوبين ، فهم لا يصفقون لأحد ، ولا يتباكون على معاناة شعبهم وهم أبعد ما يكونوا عن معاناته ، لم تصنعهم الأموال ، بل صنعتهم مواقفهم وعقولهم وأقلامهم ، وإحساسهم بمعاناة شعبهم ، وهم الملتصقون دوما بها.
فأين هم المستقلون الفلسطينيون الذين صنعهم المال والإعلام من مشاكل الصحة والتعليم ، وتلوث البيئة والمياه وانقطاع الكهرباء؟ ، وأين هم من مشاكل الفقر والبطالة ، والموت من خلال الأنفاق ، ومولدات الكهرباء ؟ ، وأين عم من ارتفاع الرسوم الجامعية وتسرب أبنائنا بسببها ؟ ، وأين هم من مشكلات المجتمع المدني وغير ذلك كثير ؟ .
إن وظيفة المستقلين الفلسطينيين المحسوبين هنا وهناك باتت محصورة فقط في إنهاء الانقسام السياسي والحرص على وزارة ، علما بأن المستقلين في جميع دول العالم يحملون هموم جميع المشاكل التي تتعلق في مواطنيها من دون تفصيل مقاسات خاصة ، ويضعون بصماتهم على الحياة المدنية قبل الحياة السياسية ، فأين رؤية أولئك المستقلين الفلسطينيين فيما يتعلق في التجديد والتميز الذي يجب أن يميزهم عن غيرهم من قوى ومنظمات ؟ .
نستطيع أن نلمس بصمات أولئك المستقلين في ميادين وسائل الإعلام وأمام القادة فقط ؛ رغبة في الحصول على قسط من كعكة شهية في وقت قريب ؛ وذلك حبا في الظهور ؛ وترسيخا للأنا الذي هو المكون الأكبر في بنية هؤلاء ... عليهم أن يطرحوا إن كانوا صادقين فكرا تجديديا متميزا ، ورؤى متطورة مبدعة ، وإلا أصابهم العقم كما أصاب غيرهم ...ثم يحسبون على شعبهم بأنهم مستقلون ! .
لقد غُيِّب المستقلون الفلسطينيون الحقيقيون تغييبا كاملا عن مشهد النظام السياسي الفلسطيني ؛ لأن القوى السياسية الفلسطينية تدرك تماما بأن المستقلين الفلسطينيين الحقيقيين سيسحبون البساط من تحت أقدامهم عند نجاحهم في أي انتخابات قادمة ؛ ولذلك فهم كلما ظهر للمستقلين الحقيقيين وجود ولو ضئيل ، سارعت تلك القوي في تحجيمهم وحصارهم من اجل إفشالهم ، فلا يروق لتلك القوى الفلسطينية وجود منافس حقيقي قوي لهم من بعد عجز لا نظير له عبر التاريخ الفلسطيني ...
للمراجعة
من داخل فلسطين 0599421664من خارج فلسطين 00970599421664إميل : tahsen-aboase@hotmail.com