حركة التاريخ بين النص القانونى والصراع الطبقى ؟ سعيد العليمي الخميس, 12 كانون ثان 2012 12:23
كتب هذا النص كمقدمة لمجموعة من النصوص المترجمة التى تتخذ موقفا نقديا من المفاهيم التقليدية للقانون صدرت فى كتاب عنوانه : القانون والصراع الطبقى فى المجتمعات الرأسمالية


عن دار العالم الجديد عام 2007.

ونظرا لأن القانون او الايديولوجية القانونية بوصفها جزءا من الايديولوجية العامة لمجتمعنا تروج لمفاهيم تصور القانون وكأنه صانع التاريخ بدلا من يكون نتاجا له بصفة رئيسية او ان تغيير الواقع يمكن ان يجرى بمراسيم بغض النظر عن امكانات هذا الواقع المادية والتيارات الفاعلة فيه وبصفة خاصة ترويج وهم ان القانون يقف فوق الطبقات منفصلا عن صراع الطبقات الاجتماعية فيه.


وقد تابعنا جميعا منذ الخامس والعشرين من يناير مراسيم وتعديلات تشريعية قام بها ممثلوا السلطة الطبقية فى مصر ويتعين ان ينظر اليها فى ضوء المفاهيم الواردة فى النص وكذلك مايتضمنه من مفاهيم على القضاء المصرى . لقد اجريت تعديلات طفيفة على المقدمة اقتضاها سياق اعادة نشرها على استقلال .

حركة التاريخ بين النص القانونى والصراع الطبقى ؟

يميل غالب المشتغلين بالقانون للإعتقاد بعدم أهمية وجدوى دراسة البُعد النظرى له ، أو ما يدعى فلسفة القانون لحساب نزعه وضعية شكلية ضيقة تدرسه كما هو فى ذاته ككلية مغلقة منفصلا عن الشروط الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والأخلاقية التى تتحكم فى الظاهرة القانونية .


ويشمل هذا الميل أيضا الممارسين القانونيين المعنيين بالشأن العام ، خاصة "نشطاء" المحامين المهمومين بالقضايا السياسية المرتبطة بالثورة الديموقراطية والإجتماعية . فالنظرية العامة للقانون أو فلسفة القانون تبدو لهم أمرا يتعين أن يكون مقصورا على الأكاديميين ، فلا علاقة لهما ولا أثر على الممارسة القانونية العملية خاصة القضائية ، فالمطلوب هو"كسب القضية أو اتخاذ الإجراء . ترى وجهة النظر هذه أن هناك إنفصاما تاما بين النظريات القانونية ، والممارسة القانونية ، ويكفى القانونى الجيد أن يكون متمكنا من فروع القانون المختلفة ، دارسا لخبرة المحامين "الراديكاليين " من خلال مرافعاتهم ، ملما بالإجراءات ، مهيمنا على المنطق القانونى ، ولن يضيره بعد ذلك إفتقاره لمعرفة الطبيعة النظرية للقانون . ويفترض هذا المنحى أن القانون ليس سوى أداة محايدة يمكن أن تخدم مصالح متناقضة بنفس القدر، وأنه رهين بهذا التوظيف .

وتكرس الدراسات القانونية فى كليات الحقوق ( القانون) التى تتسم مناهجها بمثالية نظرية تقليدية ، وبنزعة شكلية ، وبمنهج إستقرائى كلاسيكى ، وبدراستها للأشكال القانونية خارج أطرها التاريخية ، وبتطابقها مع الأيديولوجية السائدة – تكرس المفهوم السابق حيث تحتل النظريات القانونية موضعا هامشيا فى برامج الدراسة ( القانون الدستورى -- ميشيل مياى).

هناك عبارة كثيرا ما يستشهد بها وردت فى إحدى روايات الكاتب الفرنسى أناتول فرانس تعبر عن أهمية البعد المادى الواقعى للقانون وهى : " إن القانون يمنع الغنى والفقير على السواء من النوم تحت الجسور ،ولكن من ذا الذى ينام تحتها سوى الفقير ؟ لذا فهى تكشف الحياد الزائف للقانون ، فتحت القانون هناك الواقع الذى يحجبه .

والحال أن هناك إتجاها نقديا افتتحته الماركسية تميز بجذرية نظرتة للقانون ، ووجد بعض تجلياته فى الفقه السوفيتى ، غير أنه سرعان ما تعرض للقمع من قبل نزعه عقائدية ميكانيكية سائدة . وقد شهدت بعض البلدان الأوروبية إعادة إحياء النقد الماركسى للقانون فى سبعينيات القرن الماضى تحت تأثير الأعمال الفلسفية للبنيوية ، وخاصة كتابات لوى ألتوسير ونيكوس بولانتزاس فضلا عن أنطونيو جرامشى وغيرهم فى ألمانيا .أضف إلى ما تقدم فقد ظهر إتجاه جديد متميز فى أمريكا وبريطانيا – فى ستينيات القرن الماضى – تحت تأثير الحركة المناهضة للحرب فى فيتنام ، وحركة الحقوق المدنية له أصوله فى تيار "الواقعية القانونية " الأمريكية – الذى ظهر فى عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضى بأمريكا – وهذا الإتجاه ينطوى بروافده المتباينة تحت إسم دراسات قانونية نقدية . وما يجمع هذا الإتجاه رغم إختلاف أسسه

الفلسفية من ماركسية وبنيوية وما بعد حداثية ، هو أنه يناهض فى الحقل النظرى القواعد والمعايير السائدة فى النظرية والممارسة القانونية خاصة النزعة الليبرالية التى تعتد بمجرد المساواة الشكلية أمام القانون ، والنزعة الوضعية التى تنظر للقانون بوصفه أمرا صادرا عن السلطة السياسية معزولاعن مضمونه الإجتماعى الطبقى ، ولا شأن له بما ينبغى أن يكون عليه القانون حيث " ما من قانون غير عادل" . فضلا عن اعتبارها النظام القانونى كل قائم بذاته تستنبط أحكامه منطقيا من داخله ، ولا صلة له بصفة أخص بأية أحكام أخلاقية معيارية .

وما يتحقق فى مواجهة هذا الإتجاه يرى تيار دراسات قانونية نقدية أنه لا يمكن فصل الخطاب القانونى عن الخطاب السياسى المهيمن ، وأن بنية ومنطق القانون تنبع من علاقات القوة فى المجتمع ، وأن القانون ما وجد الإ ليعزز مصالح الطبقة الإجتماعية المسيطرة ( الأقوياء والأثرياء) ضد مطالب الفقراء والمهمشين( الطبقة العاملة ، النساء ،الأقليات الإثنية ) وأن التشريع هو بمثابة جملة من المعتقدات والتحيزات التى تضفى الشرعية على المظالم الإجتماعية حتى وإن زعموا أنه صادر ديمقراطيا عن هيئة تشريعية ، أو أنه حكم قاض مبنى على تعليل قانونى لقواعد محايدة . كما أن اللغة القانونية المحايدة ظاهريا وكذلك الهيئات القضائية تُقّنع علاقات القوة والسيطرة وتحجبها ( فالمخاطب فى القانون طبقة أو طبقات أو فئات إجتماعية ، وليس أفرادا كما توحى بذلك نصوصه) لذا فإن ما يُصرح به القانون فعلا شيئان مختلفان ، فضلا عن تناقض نصوصه ، وعدم تحدد وإعتباطيه الأحكام القضائية الحاصلة من تطبيق قاعدة على حالة معينة عن ماعداها من حالات مماثلة .

لقد ظهرت دراسات قانونية نقدية عام 1977 فى أحد المؤتمرات التى عقدت فى جامعة ويسكونسن – ماديسون ، وتعود جذورها إلى عام 1960 حيث أسهم أعضاءها

المؤسسين كنشطاء فى حركه الحقوق المدنية وناهضوا حرب فيتنام . وقد إلتحق كثير منهم بكليات الحقوق ( القانون) فى تلك السنوات وبدأوا فى تطبيق أفكار ونظريات وفلسفات ما بعد الحداثة على دراسة القانون، ناقدين الأيديولوجية القانونية السائدة فى المجتمعات الغربية الحديثة، ساعين لتبديد الأساطير التى تحيط بالممارسة القانونية فى ظل "دولة القانون ".

وقد استقوا أفكارهم من مدارس فكرية متباينة ، مثل النظرية الإجتماعية ، الفلسفة السياسية ، النظرية الأدبية ، وتأثروا بشكل قوى بكارل ماركس ، وفردريك إنجلز ، وماكس فيبر ، وماكس هوركهايمر، وهربرت ماركوز ( من مدرسة فرانكفورت) والماركسى الإيطالى أنطونيو جرامشى، فضلا عن فيلسوفى ما بعد الحداثة ميشيل فوكو ، وجاك دريدا فى حقلى التاريخ والنظرية الأدبية .

وقد خضع الرافد ما بعد الحداثى فى دراسات قانونية نقدية لإنتقاد شديد سواء من منظرى الليبرالية القانونية ، أو من الروافد الماركسية داخلها .

فكثير ممن ينتمون لهذا الرافد ما بعد الحداثى فى حركة دراسات قانونية نقدية يقاومون أو يرفضون أى جهد لمنهجة أعمالهم ، وهم يحومون حول غموض النصوص، والعرضية التاريخية ، وتحكمهم فى ذلك التطورات ما بعد الحداثية فى الدراسات الثقافية. ويفضل هؤلاء الباحثون التدخلات العارضة على النظريات الممنهجة ولذا ينتقلون من موضوع لآخر حتى لا يؤقنموا موضوعا واحد ، ويرفضون اجمالا ما يدعونه بالسرديات الكبرى أو ما بعد النظريات .

وقد استلهم البعض الآخر أفكارا من النظرية الماركسية، والإشتراكية، ليظهروا كيف تحكم علاقات القوة الإقتصادية الوعى والممارسات القانونية، ويبينوا الطبيعة الأيديولوجية للقانون. بينما توجه آخرون صوب النظرية النقدية التى تمثلها مدرسة فرانكفورت بما تتضمنه من إيلاء الإنتباه لبناء المعانى الإجتماعية النفسية والثقافية التى تلعب دورا مركزياً فى تفسير كيف يوظف القانون آليات الإنكار وإضفاء الشرعية على النظم القائمة .


أما البقية فقد وجدت أدواتها فى التفكيكية كما تتجلى فى الأعمال الأدبية .

ويؤكد بعض الباحثين منهم على أهمية السرديات والقصص فى إبتداع بدائل للممارسات القانونية السائدة .

ويدخل فى إطار دراسات قانونية نقدية مجموعات فرعية قد تتناقض فى رؤاها ومواقفها ، مثل تلك التى تطبق نظرية الفوضى على القانون، والنظرية القانونية التى تعالج دور النوع ( من حيث الذكورة والأنوثة ) فى القانون ، ونظرية العرق النقدية ، وهى معنية بتبيان الطابع العنصرى فى القانون ، والنظرية السيكولوجية القانونية . وأخيرا النقد الذى يستند إلى الإقتصاد السياسى والسياق الإقتصادى للقرارات والموضوعات القانونية .

يضم الكتاب الحالى إحدى عشر دراسة مترجمة ، وهى تتخذ فى مجملها ، موقفا غير تقليدى من القانون يتفاوت فى جذريتة ولكنها تعكس المدارس الفلسفية الكبرى الراهنة ( الماركسية ، والحداثة ، ما بعد الحداثة) ، فهناك (النظريات الماركسية المعاصرة حول القانون والدولة والأيديولوجية القانونية السياسية لمؤلفها بوب جيسوب، وهويعرض لتطورعدة تيارات داخل الإتجاه الماركسى ذاته وتعد (جردة ) دقيقة وشاملة . كما يتضمن بعض كتابات الفقية السوفياتى يفجينى ب. باشوكانيس وهو أحد الرواد الأوائل فى محاولة تطبيق المفاهيم الماركسية فى حقل القانون ، حيث يعرض للنظرية الماركسية حول الدولة والقانون ، ثم القانون ونشأة الذات الرأسمالية ، ولينين

وقضايا القانون وأخيرا هناك دراستين قصيرتين حول المفهوم الماركسى للقانون ، والنقد الماركسى للقانون ، تستكملهما آخردراسة وردت فى الكتاب هى ، سلطة الخطاب القانونى . أما ( قوة القانون : نحو سوسيولوجيا للحقل القانونى ) فهى لعالم الإجتماع المنحاز للطبقات الشعبية بييربورديو ، وهو يطبق مفاهيمه فى علم الإجتماع على المجال القانونى ، وقد أسهم فى خلق تيار محدود من المشتغلين بالقانون يتبنون نظراته ، وهو يقدم منظورا جديدا جدليا بعيدا عن السائد والمألوف ، بدراسة القانون من داخله وخارجه كمجال نوعى .

وتمثل دراسة ( قوة القانون : الأساس الخفى للسلطة ) وهى فى الأصل محاضرة أعيدت كتابتها ،التوجهات ما بعد الحداثية فى شكلها التفكيكى للفيلسوف الفرنسى جاك دريدا ورغم أهمية الدراسة فى تفكيك نص القانون، وإرجاع محاولات فهمه لأصول تاريخية فلسفية، وبيان صلة القانون بالعنف أو العدالة ، ونقدعدم تحدد واعتباطية الحكم القضائى . إلا أن إسهابه فى الحديث عن عدم تحدد نص القانون ومراوغته ، وعزو ذلك للطبيعة العامة للغة نفسها ، متابعا نزعة دلالية شكيه ترتبط بفيتجنشتين ، أو فى وجود مبادئ سياسية وأخلاقية متناقضة تستبطن نص القانون ؛ يمكننا من أن نوجه إليه ذات النقد الذى سبق لماركس أن وجهه للهجيليين الشبان عام 1846 فى الأيديولوجية الألمانية .


والواقع أن السلطة هى أحد الأسس الخفية للقانون ، وليس العكس . فلا تستمد السلطة قوتها أصلا من القانون وإن كان القانون يعززها . فإذا أعتقد أحد أن صراع الأفكار المجرد هو الذى يغير الواقع بدلا من الصراع الطبقى الفعلى فى تجلياته النظرية والسياسية والإقتصادية ، فيمكن له أن يتصارع على صعيد الجدل القانونى الكلامى فحسب ، أما بالنسبة لأى ماركسى فلن تعدوا أن تكون تناولا مثاليا لن يسفر عن آثار ذات مغزى .

لم يكن ممكنا على أية حال أن تخلو مجموعة من الدراسات النقدية للقانون من دراسة لجاك دريدا بوصفه ممثلا للتفكيكية .

أما فى الدراسة المعنونة ( القانون ونظرية الخطاب ) فيعرض فيها الفيلسوف الألمانى يورجن هابرماز نظريتة فى القانون بوصفه ممثلا للحداثة . وفق هذه النظرية يشكل الإجراء الديمقراطى لإنتاج القانون المصدر الوحيد للشرعية ، حيث يمكن تدوال الموضوعات والإسهامات ، والمعلومات والأسباب بحرية بشكل يتأمن فيه سياق لتكوين الإرادة السياسية ، كما أن القانون يقدم شبكة أمان ضد الإخفاق فى تحقيق التكامل الإجتماعى . فالجماعة لا تشكل ذاتها بواسطة العقد الإجتماعى ، وإنما على أساس إتفاق ، حيث تقرر ما هى الحقوق التى يتعين أن يمنحها المواطنون كل للآخر، إذا قرروا أن يشكلوا أنفسهم فى جمعية طوعية للمتحدين قانونا وأن ينظموا معيشتهم بشكل شرعى

بواسطة القانون الوضعى . فهناك علاقة مفهومية بين حكم القانون والديمقراطية . ويستدعى هابرماز نموذج دولة الرعاية الإجتماعية رداً على المفهوم الليبرالى للقانون . وتبدو نظرية هابرماز فى الظروف العالمية الراهنة التى تحيط بالنظم الرأسمالية – هيمنة الليبرالية المتوحشه - وكأنها يوتوبيا عقد إجتماعى جديد فى أوضاع بددت من الناحية الفعلية الشروط التى نهضت عليها دولة الرعاية الإجتماعية . وفى كل الأحوال تظل الدولة الرأسمالية هى الدولة الرأسمالية مهما تباينت فيها أشكال الحكم

رغم أهمية الفروق فى مدى تهيئة شروط تجاوز النظام الرأسمالى ذاته .

فالقانون يطرح هنا لاكما يتجلى فعليا وواقعيا بين القوى الإجتماعية المتصارعة ، وإنما كوصفه نموذجية للتجاوز .

ونأتى أخيرا لفيلسوف التأويل بول ريكور حيث يحلل فى دراسته (النص القانونى بين التأويل و/ أو التدليل) – تأويل نص القانون عند إقترانه بالتدليل . وهو يستلهم النظرية العامة للنص الأدبى ، والمجادلات التى جرت بين النقاد حول المعنى المحايث لنص ما ، وقصد المؤلف . ومعنى القانون عنده يتعين أن يُبحث عنه فى النص، وإرتباطه مع النصوص الأخرى ( التناص) وليس فى إرادة المشرع ، حيث يتماثل هذا قانونيا مع القصد المنسوب لمؤلف النص الأدبى . وأن أشد القوانين وضوحا لها بنيه مفتوحه بمعنى " نص مفتوح لتأويلات منشئة غير منظورة" وان المشروع القانونى يتيح لذاته أن يؤخذ بالإعتبار بشكل أفضل كعمل يشكل كلا .

لا يمكن فهم القانون كنص ولا تأويله أو التدليل عليه بمعزل عن كامل السياقات الإقتصادية والسياسية ، والإجتماعية والثقافية ، وجملة الأوضاع الطبقية وما يدور فيها من صراعات وإذا كانت هناك طبيعة أيديولوجية للخطاب القانونى تحجب حقائق الإستغلال وعنف السيطرة الطبقية فإن الحكم القضائى مشروط أيضا بالطبقة الإجتماعية التى ينتمى إليها القاضى، وبمركزه الإقتصادى، وبنظراته السياسية وبنوعيه وخصوصية المجال القانونى ورهاناته، وبحالته السيكولوجية فى إطار إرادة الطبقة الإجتماعية التى يصدر عنها القانون .

لم يعرف الفقه القانونى المصرى فى أفضل أحواله غير نزعة شكلية ، وضعية ، أو ليبرالية ، ومتابعته لتطورات النظرية العامة للقانون ، والإتجاهات الفلسفية التى تهيمن عليها قاصر قصورا شديدا . غير أن هناك بعض المحاولات الرائدة- تتمثل فى بعض كتابات الدكتور ثروت أنيس الأسيوطى الأولى مثل :

(الصراع الطبقى وقانون التجار ، الصادر عن دار النهضة العربية عام 1965 ) أو ( مبادئ القانون ، الصادر عن نفس الدار عام 1974 ) - لتطبيق المنهج الماركسى على تاريخ القانون ، غير أنها لم تتواصل . وكذلك العمل الرائد للدكتور محمد نور فرحات وهوكتاب (الفكر القانونى والواقع الإجتماعى ، الصادر عن دار الثقافة للطباعة والنشر عام 1981 ) الذى عرض فيه الإتجاهين الرئيسيين السائدين فى الفقه القانونى – آنذاك – وهما الوضعية القانونية ، والماركسية . وقد كانت أول دراسة مصرية فيما أعلم تستعرض من ناحية أساسية تطورات الفقه السوفيتى فى حقل القانون . وللدكتور فرحات دراسات هامة مثل مجموعة المقالات التى نشرت تحت عنوان ( البحث عن العدل – الصادر

عن دار سطور عام 2000 ) وكذلك : (التاريخ الإجتماعى للقانون فى مصر الحديثة ، الصادر عن دار سعاد الصباح عام 1993 ) فضلا عن ترجماته ومنها كتاب ( القضاء فى مصر والخليج – القانون فى خدمة من؟ تأليف ناثان ج.براون الصادر عن دار سطور عام 2004 ) وكتاباته وترجماته تنحو منحى سوسيولوجيا واقعيا يناقض الفقه الشكلى.

لقد كان هناك جيل من المحامين الذين إنخرطوا فى العمل السياسى فى خمسينيات القرن الماضى وما تلاها أمثال الأساتذة الأجلاء الراحلين ، يوسف درويش ، مصطفى كامل منيب ، أحمد نبيل الهلالى ، زكى مراد، وعادل أمين وغيرهم . وقد تركوا تراثا من المرافعات الرائدة الفريدة مثال على ذلك (حرية الفكر والعقيدة – مرافعة قانونية وسياسية فى قضية الحزب الشيوعى المصرى ، الصادر عن دار المصرى الجديد للنشر عا م 1989 ) ، و (المحجوبون عن العدالة – الصادر عن مركز هشام مبارك للقانون عام 2007) ، وأخيرا مرافعتة فى قضية الإشتراكين الثوريين – 6 مارس 2004 ، المنشورة على موقع "لام ألف نت " ، وجميعها للمناضل الراحل الأستاذ أحمد نبيل الهلالى

المحامى ، ومجموعة الأستاذ عادل أمين عن القضايا الشيوعية فى مصر – الناشر المكتب الفنى عام 2001 وما تلاها، غير أن تلك الكوكبة من المحامين النابهين ركزت جهودها على الممارسة العملية ولم تخلف عملا نظريا فى حقل القانون ، ولم تحفل بعلاقة الماركسية بالقانون ، أو بما كتبه ماركس ، وانجلز ، ولينين حول القانون وهوغير قليل ، كما أنه يشكل عناصر لإمكان إبتداع نظرية مادية جدلية فى القانون تغتنى بإسهامات الفروع المعرفية الأخرى فى عالمنا المعاصر .

تتوجه الدراسات التى ترجمت هنا الى المثقف المعنى بقضايا الفلسفة ، والقانون ، والسياسة ، وعلم الإجتماع ، وإلى الأكاديميين ، والمشتغلين فى حقل القانون ، وبصفة أخص إلى المحامين المهمومين بالشأن العام والعاملين فى الجمعيات الحقوقية .

الملكية هى روح القوانين كما قال أحدهم . فكامل النظام القانونى يقوم على حماية الملكية الخاصة بكافة أشكالها ، لذا يعكس القانون التشكيلة الإقتصادية الإجتماعية المعنية ، والطبقات الإجتماعية السائدة فيها وصراعها مع الطبقات الآخرى ويتجلى فى شكل ايديولوجى ، ويهدف عموما إلى إعادة إنتاج النظام القائم أو تطويره وتعديله فى ذات الإطار التاريخى وأحيانا إستجابة لضرورات الصراع الإجتماعى الطبقى الضاغطة .

إن إستهداف تغيير الواقع يتضمن فى حد ذاته ضرورة رفض النظرات الشكلية والوضعية ، والليبرالية للقانون . وتنبع أهمية النظرية الجذرية النقدية فى الممارسة الفعلية فى العالم الواقعى من حقيقة أن "واقعيه" العالم القائم تعززها النظريات التى تضفى عليه صفة الحقيقة الوحيدة ، فإذا اعتبرناها تمثل العالم الوحيد الممكن فسنظل أسرى تجلياتها الجزئية والشكلية . إننا نعزز العالم القائم حين نلعب وفق قواعده بتجاهل ما هو مضمر نظريا وراء قواعد القانون ، وعلينا أن نعى أن النظرية تؤثر على الممارسة بعده سبل . وأن الفقة الشكلى يشتغل لإضفاء شرعية زائفة على النظم القانونية ، مروجا لفكرة وجود مستقل للقانون منفصلا عن السياسة ، والأخلاق ويعبر عن العقل . فضلا عن كونه أداة لحل الخلافات محايد سياسيا ولا يعكس مصالح خاصة بمعنى أنه يتعالى على علاقات القوة ، ولا يميز مصالح بعينها مؤسسا كل الإلتزامات على الإقرار والإعتراف والقبول بها. وأن

جملة القواعد القانونية تشكل نظاما واضحا متسقا جدير بأن يقدم إجابات موحدة فى كل القضايا المتماثلة ، ربما بإستثناء ما يسمى فى الفقه بالقضايا الصعبة .

من هنا تتأتى ضرورة تأكيد علاقة القانون بالسلطة الطبقية حيث تقتضى مقاومة هذه السلطة وتتطلب فهم القانون . فهدف النقد الجذرى للقانون هو

تقويض النظام القائم للأشياء بكشف كيف يتم تعزيزه وتدعيمه نظريا .

(ترجمة الفكر القانونى النقدى ، وتطبيق مفاهيمة الماركسية – خاصة – على نظمنا القانونية يعتبرمهمه ذات أولوية ) وتبقى مهمة النقد تسييس القانون لاإضفاء طابع قانونى على السياسة ، والنظر إلى الأعمال القانونية فى سياق الأهداف السياسية الثورية الكبرى، حيث يمكن تجاوز وتخطى النظم الرأسمالية القائمة وتجلياتها الاستبدادية البوليسية ، فهناك عالم آخر ممكن غير الواقع القائم .

لذا لابد من تعيين وتحديد المشاكل التى تمثل أهدافا للنقد ، وإقتراح هياكل وبنى بديلة ، والإسهام فى عمليات التغيير الفعلى الواقعى ضمن خطة شاملة للتغيير الإجتماعى .

مصادر المقدمة ( باللغة الإنجليزية )

1. المرشد إلى دراسات قانونية نقدية – مارك كيلمان – جامعة هارفارد ، 1987 .

2. النقد الراديكالى للقانون ، تحريرستيفن م .جريفن وآخرين ، مطبعة جامعة. تكساس 1997.

3. دليل المحامى الراديكالى ، تحرير إيان جريج سبال وآخرين ، مطبعة بلوتو ، 1992.

4. دراسات قانونية نقدية ، موسوعة ويكيبديا - الإنترنت.

5. دراسات قانونية نقدية – نظرة عامة – معهد المعلومات القانونية – الإنترنت

http://socialisthorizon.net/index.php?option=com_content&view=article&id=1816: 2012-01-12-12-38-43&catid=37:2009-06-15-08-49-52&Itemid=63#addcomments