عملية الياسمينة الزرقاء التي تفضح دعوة الربيع العربي..بأجزائها الثلاثة…معلومات خطيرة جداً

قد يسأل سائل، ما هي العلاقة بين عملية الياسمينة الزرقاء وما يسمّى اليوم “الربيع العربي”؟.. ولماذا دوماً الولايات المتحدة في دائرة ومحرق الاتهام؟.. وهل من المعقول أن تمرّ هذه العملية من تحت أو حتى فوق طاولة بعض الزعماء والساسة العرب دون أن ينتبهوا إلى أخطارها؟!.
“وهج نيوز” الذي عوّدكم على تقديم الحقيقة دون مواربة أو تضخيم، وبعد بحث مضنٍ، وربط بين مجموعة من الأحداث والوقائع والحقائق، يضع بين أيديكم أسرار عملية الياسمينة الزرقاء والمقدّمات التي أفضت إلى ما ينخدع العرب به اليوم بترويج أمريكي غربي لمقولة “الربيع العربي” التي تبدو في ظاهرها دعوة للتغيير وفي باطنها أهداف تقسيمية عجز عنها سابقاً المشروع الأمريكي لتحقيق مصالحه الكبرى في المنطقة، فانبرى لتسويق تلك المقولة بتسمية أخرى تكون أسهل مروراً على المواطن العربي الذي يعاني كثيراً من السياسة الأمريكية، وهو يراها تسعى لتدمير الوطن العربي وتفتيت وبعثرة مكوناته الحضارية والإنسانية لمصلحة الكيان الصهيوني.
ولأن سورية كانت العقدة في هذا المشروع، فقد كانت الهدف الأول والأخير، حيث جيّشت الولايات المتحدة وسخّرت كل إمكاناتها التكتيكية والإستراتيجية لضرب سورية، ولم يكن الذي جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن إلا مقدّمة للوصول إليها بهدف تقسيم الوطن العربي مرة أخرى إلى دويلات متصارعة متناحرة، يسهل معها تمرير أي أهداف سياسية أو اقتصادية، واستنزاف خيراته من النفط والغاز والثروات الأخرى، والتحكم بمنطقة آسيا الوسطى والشرق الأوسط سياسياً واقتصادياً لتظل مرتبطة بمشروع الهيمنة الأمريكية.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
مقدمة لابد منها..!
لا يمكن فهم ما يحدث وفهم هذه السلسلة إلا بعد مقارنة هاتين الخريطتين ودلائلهما، وبعد ذلك يمكن الخوض في تفاصيل مشروع الشرق الأوسط الجديد، ومن ثم الياسمينة الزرقاء وفشلها عام 2006 وثم الربيع العربي وإحياء الياسمينة الزرقاء في العام 2011.
هي معلومات تحمل إثباتاتها ولا تحتاج إلى الكشف عن المصدر وتقدّم التفسير المنطقي لكل ما حدث.
هذا خط الغاز الأمريكي
تركيا تقاتل لأجل هذا الأنبوب لأنه يحوّلها إلى عقدة غاز إستراتيجية، ولكن هذا الأنبوب يحتاج بأقل تقدير إلى إما سلام مع لبنان أو سلام مع سورية أو حرق للبنان أو حرق لسورية، وهذا الأنبوب قد لا يمر بسورية منه إلا جزء قليل ولا مردود مادياً له على سورية إلا من الغاز المصري، وهذا الخط على حساب اليونان، ويعطي تركيا نفوذاً إلزامياً في قبرص.
أما خط الغاز الإيراني الذي يحمل الغاز من تركمانستان وإيران والعراق ثم لبنان وقبرص، فيحل مشكلات الغاز والكهرباء السورية، ويحوّل إيران وسورية إلى بيضة قبان تفرض شروطها بين واشنطن وموسكو، ويعزل إسرائيل عن أوروبا، بل يجعلها عثرة في وجه المصالح الأوروبية، هذا الخط على حساب تركيا ولصالح اليونان ويبقي الأمور كما هي.
وهذا خبير ياباني ينصح الغرب بفتح صفحة مع إيران على حساب إسرائيل بشكل غير مباشر، ويقول: على واشنطن التفكير جيداً قبل فرض أي عقوبات على إيران لأنها الحل الوحيد، وكونه لم يكن يدرك أو يدري عن غاز المتوسط.
الياسمينة الزرقاء.. الأسرار الكاملة الجزء 1
سلسلة تعرف القارئ على أسرار الياسمينة الزرقاء وأسبابها بالأدلة والوقائع.. ولماذا حصرياً كان القطري والتركي شركاء فيها، بل رأس الحربة!.. هل انقلبت مواقفهم، أم كانوا جزءاً صغيراً من مشروع كبير؟.. لماذا فجأة يحارب تنظيم القاعدة في الجزائر؟ لماذا حدث عنف طائفي في نيجيريا؟ لماذا تخلّى الغرب عن القذافي ومبارك وبن علي؟!.. في هذه السلسلة سنكشف الأسرار الكبرى.
الصفقة بين الولايات المتحدة وحمد آل ثاني.. وحمد بن جاسم
في العام 1995 مر الكثير من الأحداث، ولكن أبرز حدثين هما مقتل رئيس الحكومة الصهيونية ومعه دُفنت ما سُمّي وديعة رابين، وانقلاب في قطر من الابن على أبيه، رغم أن الابن كان الحاكم الفعلي، فلماذا حدث الانقلاب؟ ولماذا قرّرت واشنطن القضاء على عملية السلام، باغتيال رابين؟.. وليس ذلك فحسب بل تتلوها بحرب على لبنان في العام 1996، ما الخطر الذي حدث وجعل واشنطن تغيّر كل إستراتيجيتها في العالم العربي، وتنقل قواعدها من السعودية إلى قطر؟.
الخط الأحمر الأمريكي
الولايات المتحدة تطبع عملتها دون مقابل ذهبي منذ العام 1976، حين أصبح الدولار والذهب ميزاناً يرتفع الدولار فينخفض الذهب بموجبه وبالعكس، والاقتصاديون يعرفون أن ورقة المئة دولار قيمتها الحقيقية لا تتجاوز ربع ليرة سورية بلا النفوذ الأمريكي على منابع الطاقة، ولكن كون واشنطن تسيطر على النفط حول العالم وبشكل خاص في الخليج، فهناك طلب على هذه العملة وتدوير لها فتبقى بقيمتها، فالخليج يبيع النفط حصراً بالدولار، ويعيد الدولار إلى واشنطن، من خلال إيداعات بنكية (فمثلاً دولة خليجية واحدة إيداعاتها في الخليج 3500 مليار دولار) وكون هذه الإيداعات تعود كديون لأفراد حول العالم من شركات أمريكية ضمن بطاقات الائتمان، فقد هندست الولايات المتحدة اقتصاد العالم بذكاء منقطع النظير، يمكّنها من طباعة عملة دون ذهب، ويبقى الخط الأحمر الأمريكي هو ألا تباع الطاقة إلا بالدولار.
ظهور الأخطار التي تهدد واشنطن
في العام 1992 أصبح النفط طاقة غير مرغوب بها، وخصوصاً بعد قمة الأرض في ريو ديجينيرو، ومن ثم توقيع الدول المتقدّمة على اتفاقية كيوتو في اليابان، وبدء الحديث عن استعمال الطاقات البديلة، وخلق صراع ما سُمّي حصص الدول من خفض انبعاث الغازات، وفي العام 1994 ظهر أكبر خطر يهدّد العرش الأمريكي، حين قرّر الاتحاد الأوروبي إلزام نفسه باتفاقية كيوتو والبدء بالانتقال إلى الطاقات البديلة، وحين تقرّر في نفس العام أن العام 1999 سيكون عام إصدار اليورو ليصبح منافساً للدولار، فكان هناك خطر على الدولار من اليورو، وكان هناك خطر على النفط من الغاز الطبيعي والوقود الحيوي، والغاز الطبيعي في تلك الأيام موجود في روسيا وإيران ومعظم غاز العالم غير مكشوف عنه، بل في بعض الدول كان يُحرق في الهواء، و”الوقود الحيوي” روسيا كبلد كبير قادرة على المنافسة به، والمرشح لإنتاج هذا الوقود هو السودان، فكان على واشنطن السيطرة على منافس النفط، فالوقود الحيوي سيأخذ من مكان النفط 10% في نهاية العام 2010 والغاز سيبدأ استهلاكه بشكل واسع على حساب النفط، وعلى واشنطن وضع اليد على منابع وممرات الطاقة، أولاً لتحافظ على عملتها، وثانياً لتتحكّم بمن سيخفّض انبعاث الغازات، وثالثاً لمنع ظهور أي تكتلات اقتصادية.
واشنطن تستشعر الخطر وتبدأ بالتدابير الاحترازية
أصبح لزاماً على واشنطن السيطرة على منابع الغاز ومعابرها لتضمن بيع الطاقة بالدولار وليس باليورو أو بأي عملة أخرى، وكان عليها تأمين غاز للسوق الأوروبي يسدّ تصاعد الطلب في أوروبا حتى نهاية العام 2000 ومن ثم تأمين السيطرة على باقي المنابع قبل العام 2014 وبدأ التخطيط لرسم خريطة جديدة للطاقة.
البداية من قطر
كتدبر احترازي قرّرت واشنطن استخراج الغاز القطري، وعينها على غاز إفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا، وتأمين طوق على الاتحاد الأوروبي الذي سيصبح أكبر مستهلكي الغاز في العالم، ولهذا في قطر لا يكفي إنتاج الغاز، بل يجب نقل مقر السيطرة الأمريكية إلى قطر وفق الصفقة الكبرى، ليس فقط لحماية الغاز بل لأن السعودية ستقسّم لاحقاً.
الصفقة بين قطر وواشنطن
عرض الأمريكي مشروعه على أمير قطر وقبل به، ولكن ما رفضه هو العلاقة مع إسرائيل، وأمريكا تريد إسرائيل في مشروع الغاز، كون الغاز الذي ينقذ واشنطن موجود شرق المتوسط على سواحل فلسطين المحتلة ولبنان وقبرص، فما هي تفاصيل الصفقة؟.
بدأت المفاوضات بإشعال خلاف بين قطر والسعودية، وحملت واشنطن عصا التهديد؛ إما الاحتلال السعودي لقطر أو القبول بالشروط الأمريكية، ورفض الأمير ذلك، ولكن ولي العهد شعر بالخطر، وحدث انقلاب الابن على أبيه وقبل الابن الصفقة التي تنصّ على:
1- يتمّ إنشاء شركة للإضافات البترولية المحدودة للدخول في عالم الوقود الحيوي (كافاك).
2- يستثمر لصالح الأمريكي في السودان لأجل الوقود الحيوي.
3- يتم استخراج الغاز وبيعه فقط بالدولار.
4- يباع الغاز حصراً لأوروبا بعد تسييله، ولا يباع ضمن أنابيب بشكله الطبيعي لدول الجوار.
5- تلتزم قطر بإقامة علاقات مع إسرائيل.
6- تسمح قطر باستعمال أرضها في عمليات واشنطن العسكرية، ولهذا نُقلت القواعد من الدمام والقطيف إلى قطر وتم زيادة عدد القوات.
7- تلتزم واشنطن بمنح قطر دوراً إقليمياً مكان السعودية في الخليج.
8- تلتزم الولايات المتحدة بمنح قطر دور السعودية في لبنان، ودوراً على دول مجلس التعاون الخليجي.
9- توافق قطر على تقسيم المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية.
10- تدير الاستخبارات الأمريكية والصهيونية عملها من قطر.
وفعلاً قامت قطر بإنشاء شركة (كافاك) للإضافات البترولية المحدودة، وبدأ استثمار الغاز وبيعه فقط بالشكل المسال، في حين جيرانها البحرين وسلطنة عمان يشترون غازاً إيرانياً، بل البحرين فكّرت بشراء الغاز الروسي، وذهبت قطر تستثمر في السودان، وأصبح في قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، وأصبحت الدوحة وكراً للجواسيس، وما استدراج بعض السياسيين إلى الدوحة إلا ضمن طلبات الاستخبارات الأمريكية، ولم يكن شيخ شريف إلا أحد دلائل انقلاب المواقف في قطر.
في الجزء الثاني قصة الصفقة الكبرى مع أردوغان وتفاصيلها..
تكلمنا في الجزء الأول عن ضرورة بيع الطاقة بالعملة الخضراء والصفقة مع القطري لبدء جر الغاز والوقود الحيوي إلى أوروبا، وأصبحت واشنطن بمأمن، ولكن عليها قبل العام 2010 أن تكون قد سيطرت على غاز شرق المتوسّط، وقبل العام 2018 على غاز إيران، وقبل العام 2025 على غاز وسط آسيا، لتضمن الوصول إلى العام 2030 حيث سيكون قد تضاعف استهلاك الغاز عدّة مرات، ويأتي هذا على خط موازٍ لضمان السيطرة على موارد الغاز الإفريقي في الجزائر ونيجيريا بشكل خاص، وعلى خط متوازٍ مع قطع الغاز الروسي عن أوروبا، والتجهيز لإعادة تفكيك الاتحاد الأوروبي، وفعلاً في الجزائر أُرسلت عصابات مسلحة وبدأت أعمال عنف كبيرة شهدتها الجزائر في التسعينات بهدف إسقاط النظام غير الموالي لواشنطن، وبدأ التحضير للشرق الأوسط الجديد.
تقسيم الشرق الأوسط..؟
تريد واشنطن بشكل خاص السيطرة على الغاز المصري، وهو فعلياً معها مروراً بالغاز في الساحل الفلسطيني وهو معها، مروراً بالغاز الموجود على الساحل اللبناني والقبرصي، وغاز شمال العراق وغاز إيران، ولاحقاً غاز أذربيجان وتركمانستان، والذي يتوسّط هذه الدول، ليكون منفذ غاز هذه الدول هو تركيا.
تدرك واشنطن أن ثلاث دول إذا ضُربت ستوقظ الدب الروسي من سباته وسيسقط حليفها يلتسن، وهذه الدول هي تركمانستان وأذربيجان وإيران، لأن هذه الدول تهدّد الأمن القومي الروسي، فكان عليها الانقضاض البطيء، عبر فرض سياسة الأمر الواقع، بتأمين بديل للغاز الروسي من الشرق الأوسط وبدء الزحف باتجاه موسكو من جهة أوروبا، على أمل فرض صفقة كبرى لاحقاً، وهنا أختار الأمريكيون تركيا لنقل الغاز من مصر في إفريقيا وبلاد الشام والرافدين وصولاً إلى تركيا ليجمع معه لاحقاً غاز وسط آسيا.
الخطة الأمريكية
وتقضي هذه الخطة بنقل غاز مصر وشرق المتوسط وشمال العراق إلى أوروبا لتأمين بديل للغاز الروسي، قطع مؤقت لطريق الغاز الإيراني عن أوروبا، ومن ثم ضرب إمدادات الغاز الروسي في روسيا البيضاء وأوكرانيا، فتحصل على دعم أوروبي للزحف إلى وسط آسيا الذي سيصبح كتحصيل حاصل تحت النفوذ الأمريكي، والأهم السيطرة على شمال إفريقيا، وهنا أصبحت سورية وروسيا البيضاء وأوكرانيا والجزائر عوائق أمام المشروع الأمريكي.
1- الجزائر لإطباق عزل إفريقيا عن أوروبا، كي تضمن طرق الإمداد التي تضمن لها السيطرة والنفوذ على ثروات إفريقيا، وتوقف الزحف الصيني في القارة السوداء وتقطع الطريق أمام الروسي، والأهم تسيطر على ثروات الجزائر من الغاز والنفط.
2- روسيا البيضاء وأوكرانيا لعرقلة مرور الغاز الروسي القائم إلى أوروبا.
3- سورية لإيصال غاز مصر وفلسطين ولبنان إلى تركيا.
قرّرت الإدارة الأمريكية أن ضرب سورية صعب نظرياً بسبب علاقاتها الدولية، والجزائر فشل ضربها في التسعينات، ولهذا قرّرت القضاء على المقاومة في لبنان وبالتالي تضمن استخراج الغاز ونقله، ولاحقاً تقسيم المنطقة.. ولكن الكارثة كانت بهزيمة إسرائيل في (عملية عناقيد الغضب) عام 1996 وفشلها في القضاء على حزب الله، ولهذا أدركت واشنطن أنه حتى لو تمّ القضاء على حزب الله ومر الغاز فإن مروره غير آمن ولهذا أصبح لزاماً عليها تقسيم الشرق الأوسط قبل كل شيء.
مشروع الشرق الأوسط الجديد
منذ العام 1996 وحتى العام 2000 بدأت واشنطن تتلقى ضربات موجعة، ففي العام 1997 تمّ توقيع شراكة بين الصين وروسيا وزال خلاف دام عقوداً إبان العهد السوفييتي، لتصل في عهد بوتين إلى اتفاقية حسن الجوار في العام 2001، وسقطت لاحقاً فنزويلا من الحظيرة الأمريكية وفيها الغاز الذي تريده واشنطن لنفسها، وبرز بوتين كحاكم فعلي في روسيا بعد أن أطفأ نار الشيشان ليستلم لاحقاً السلطة في العام 2000 ويبدأ الحلم الأمريكي المزعج، والأخطر كان بدء تصاعد التيار الإسلامي في تركيا، التي شهدت حلّ أكثر من حزب إسلامي، فضلاً عن هزيمة كبرى تلقتها إسرائيل جنوب لبنان أيقظت الشارع العربي وزرعت الأمل في قلوب العرب.
الصفقة مع رجب طيب أردوغان وعبد الله غل..؟
لا يمكن لواشنطن تقسيم الشرق الأوسط وخلق نزعه الانفصال عند الأقليات دون إسلام تكفيري متشدّد، ولا يمكن وقف المدّ الإسلامي المناهض لواشنطن في تركيا دون إسلام متشدّد، ولا يمكن إعادة إشعال روسيا (الشيشان وداغستان) والصين (الإيغوريين) دون إسلام متشدّد، ولا يمكن بعد تقسيم المنطقة لجر الأقليات إلى الحضن الإسرائيلي دون إسلام متشدّد، وعبد الله غل وأردوغان يعلمان أن واشنطن لا تسمح لأي حزب مناهض لها في تركيا بالوصول إلى السلطة والجيش بيدها، فحلّت حزب الفضيلة وحزب الرفاه وقمعت الإسلاميين، وتحت العصا تمّ التفاوض مع رجب طيب أردوغان وعبد الله غل وفق شروط إيصالهم إلى السلطة:
1- تلتزم واشنطن بعزل اليونان ونفوذها في قبرص لصالح تركيا، تركيا تستفيد وأمريكا تكون خلقت الثغرة التي ستسقط الاتحاد الأوروبي واليورو.
2- تقبل تركيا بتقسيم المنطقة بما فيها أجزاء من تركيا.
3- تُعوّضُ تركيا باحتلال جزء من سورية وبنفوذ في دويلات سنية في مصر وسورية التي ستُمنح مساحات منها تعويضاً عمّا ستفقده في دويلة كردية ودويلة علوية ستصل حتى حدودها.
4- تقوم أمريكا بتحويل تركيا إلى عقدة غاز عالمية تؤمّن لها الرفاه الاقتصادي.
5- تلتزم واشنطن بمنح أردوغان وغل دوراً عالمياً، كما حصل مع أمير قطر (كانت الخطة بإخراجه كفاتح للشام.. وسنتكلم عن هذا لاحقاً).
6- توافق تركيا على تصفية القضية الفلسطينية.
7- تساعد تركيا في الخفاء واشنطن في احتلال العراق وأفغانستان ولاحقاً سورية.
8- تسهّل دخول الأمريكي إلى وسط آسيا، والأهم نشر الفوضى في البلقان.
9- تحصل تركيا على النفط السوري مقابل الغاز اللبناني لإسرائيل. ويكون الغاز القبرصي تحت النفوذ التركي.
واشنطن تكشر عن أنيابها

وصل عبد الله غل إلى رئاسة الحكومة في تركيا بعد تأسيس حزب العدالة والتنمية، وخيانته لمعلمه نجم الدين أربكان كما خان أمير قطر والده، وتمّ في نفس العام احتلال أفغانستان، والأهم هو قيام واشنطن بكشف مخططها نابوكو، في العام 2002 حين كشرت واشنطن عن أنيابها، من ظهور العدالة والتنمية والإعلان عن خط نابوكو، واحتلال أفغانستان.
الدهاء الأمريكي
لا يعلم بوجود الغاز في المتوسّط سوى واشنطن، واشنطن التي تعلم أماكن الطاقة في كل نقاط العالم، فطرحت مشروعها الذي اعتبرته روسيا عملاً عدائياً، حين صرح الأمريكيون أن خط نابوكو يهدف إلى ربط وسط آسيا بوسط أوروبا دون المرور بالأراضي الروسية، والأمريكي حين طرح مشروعه كان بدهاء كبير، فهو ليس غبياً ليكشف عن مخطّطه، ولكن كان يريد مقايضة روسيا التي لا تعلم بوجود الغاز في المتوسط، ودخل إلى روسيا عبر الإيحاء بأنه يريد حصة من الغاز وسيربط وسط آسيا بوسط أوروبا كسقف عالٍ لمطالبه، ولكن إذا أرادت روسيا ألا تقترب واشنطن من وسط آسيا فلنتفق على تقسيم المنطقة، نترك لكم أذربيجان وتركمانستان مقابل إيران والعراق وسورية لتمرير الغاز المصري.
حين طرح الأمريكي مشروع نابوكو الذي يهدّد الأمن القومي الروسي، كان يهدف إلى الإيحاء لروسيا بأنه يطالب بسقف عالٍ من المطالب التي لا تقبلها موسكو للاتفاق على حل وسط عبر تقسيم المنطقة، فيجتمع الأمريكي والروسي ويوقعان اتفاقاً تترك واشنطن تركمانستان وأذربيجان ووسط آسيا لروسيا، مقابل أن تترك روسيا إيران وسورية والعراق للولايات المتحدة الأمريكية، وجاء ذلك بعد احتلال أفغانستان، أي جاءت المفاوضات بسياسة العصا والجزرة، فهي حاصرت إمدادات الصين وأوحت لروسيا بأنها بصدد التوسّع في وسط آسيا، وطرحت مشروعها على أمل نجاحه، فإذا نجح تكون قد دقّت إسفيناً في العلاقات الروسية الصينية التي تطوّرت في العام 2001 وتحوّلت إلى خطر على المصالح الأمريكية بعد توقيع اتفاق حسن الجوار، ومن جهة ثانية مع غاز المتوسط ستحاصر روسيا في أوروبا وتبدأ بالزحف باتجاه وسط آسيا بعد فوات الأوان، بحيث تُفرض على الأرض سياسة الأمر الواقع.
نابوكو
الموسيقيون يعلمون أن نابوكو هو اسم عمل موسيقي لفيردي يتكلم عن اضطهاد اليهود في العراق أيام نبوخذ نصر، وما سُمّي بالسبي البابلي لليهود، والتاريخ السياسي يسجل أن الإعلان عن نابوكو كان مقدّمة لاحتلال العراق، فحتى اختيار الأسماء حين يختارها الأمريكي لا يختارها عن عبث، نعم أردوغان يقاتل لأجل نابوكو وليس لأجل العثمانية، ولا لأجل الإسلام، فعثمانيته الجديدة هي تحويل عدو الإسلام من الصهيونية والاحتلال إلى الأقليات الإسلامية والمسيحية، وتقسيم المنطقة بحيث يتخلّى عن بعض الأراضي ويأخذ تعويضاً عنها.

وقبل وضع خريطة نابوكو الحقيقية، لنرى كيف طرحها الأمريكي حسب وكالة الصحافة الفرنسية، لاحظ عدم مرورها باليونان، علماً أن اليونان بلد مستهلك للغاز، وهي (اليونان) التي ستصبح لاحقاً نقطة ضعف أوروبا.
الرد الروسي
ما عُرض على روسيا بالمبدأ من خلال تقاسم العالم كان صفقة مقبولة، وحين الكلام عن تقاسم الغاز في العالم يمكن لروسيا أن تستغني عن إيران والعراق ومصر كونها أصلاً خارج نفوذها، والتنازل عن سورية كونها تهدّد إسرائيل التي أصبحت مصلحة لكل الدول الكبرى، لأنها تفصل آسيا عن إفريقيا وتمنع قيام دولة عربية كبرى، مقابل أن تتعهد واشنطن بعدم الاقتراب من وسط آسيا، وهذا يلائم الروسي بحيث يتقاسم العالم مع واشنطن دون حروب، ولكن روسيا من الواضح أنها شعرت بوجود خديعة، وخصوصاً أن علاقاتها مع سورية هي المدخل للشرق الأوسط، ومن الواضح أنها لم تكن تعلم بوجود الغاز في المتوسّط، ولهذا احتياطاً قامت بطرح مشاريع لترى مدى مصداقية واشنطن، فقرّرت إنشاء السيل الجنوبي والسيل الشمالي، لتغذية أوروبا بالغاز عبر البحر، أي ضمن أنابيب لا يمكن عرقلة مرورها، أو أنها كانت تعلم وتصرّفت بدهاء، وقدّمت روسيا مشروعها بحيث يصل أحد فروع السيل الجنوبي إلى اليونان التي لم يشملها خط نابوكو، وطرحت لاحقاً خط غاز السيل الأزرق كجزرة للتركي ولرفع السقف العالي مع واشنطن.
هنا واشنطن أدركت أن الخديعة لم تنطلِ على الروس، وبدأ صراع من نوع آخر، وتحوّل نابوكو والسيل الجنوبي إلى خصوم وبدأ الصراع يخرج إلى العلن بشكل حذر وغير معلن.
الولايات المتحدة تهاجم
تمّ اغتيال الحريري، وبدأ الهجوم على سورية ولبنان، وفي أوكرانيا كان النظام على وشك السقوط على وقع الثورة البرتقالية، وليظهر لاحقاً حلفاء واشنطن الذين وظيفتهم فتح حرب الغاز، وبدأت حرب الغاز بين روسيا وأوكرانيا التي قطعت الغاز عن أوروبا أسبوعين، وفي روسيا البيضاء بدأ الضغط الأمريكي وأصبح الهجوم على لوكاشينكو شبه يومي، والأوروبي الذي شاهد الضربات الأمريكية رضخ للأمريكي بطريقة مثيرة للجدل، حيث ما بعد احتلال العراق سيطرت واشنطن على القرار الفرنسي، وقد يشير هذا إلى صفقة أمريكية فرنسية قد تظهر معالمها لاحقاً، ولاحقاً أصبح اتفاق نابوكو وثيقة وقعتها خمس دول عبور في تركيا العام 2009 ولكن بعد فشل العدوان على لبنان أدركت واشنطن أن الوقت يداهمها، فحاولت إسرائيل احتلال غزة لفرض سلام بالقوة على أمل -على الأقل- البدء بتنفيذ مشاريع الغاز، ولكن عدوان إسرائيل فشل، فزار أردوغان مصر واقترح ما يُسمّى خط الغاز العربي لنقل الغاز المصري إلى الأردن فسورية ثم إلى تركيا، وطبعاً كان هذا لتطمين مصر من أن روسيا لن تستطيع مد خط غاز السيل الأزرق، فحين أعلنت روسيا عن السيل الأزرق من تركيا إلى سورية لتغذية الأردن ومنها إلى إسرائيل، أدركت مصر أن عليها التفاوض مع روسيا في إفريقيا لتسوّق غازها، وكان خط أردوغان الوهمي لمنع مصر من التفكير بأي شراكة مع الروسي ولكي لا تشعر بالقلق وخصوصاً أن مصر بدأت ببيع الغاز لإسرائيل بسعر تفضيلي كي لا توقع على خط غاز السيل الأزرق، أما ما سمّاه أردوغان خط الغاز العربي فلم يكن إلا خديعة مثل خط الغاز الأزرق.
الحرب على لبنان
الحرب على لبنان شكلت فشلاً ذريعاً لواشنطن لم تتوقعه، فقرّرت تأجيل الياسمينة الزرقاء من العام 2007 إلى العام 2011، حيث إن عدوان إسرائيل على لبنان لم يعطِ حزب الله انتصاراً تاريخياً فحسب، بل من أهم ما حدث في العام 2006 هو سقوط الفتنة التي كانت ستساعد واشنطن في حرق سورية، إذ نسي العالم الاحتقان السني الشيعي الذي كرّسته قناتا الجزيرة والعربية وصرفت عليه واشنطن مليارات الدولارات، والأهم أخذت سورية فرصتها بحرق الأمريكي في العراق وتغيير قواعد اللعبة على الأرض، وبدأ القطري باستقطاب اللبنانيين، لأنه لاحقاً ستتغيّر اللعبة، فكانت سورية ستُتهم بقتل الحريري، وبعد احتلال لبنان والقضاء على حزب الله ستتمّ مهاجمة سورية، وزرع الفتنة مع عصا المحكمة الدولية، ولكن مع فشلهم في لبنان عُكستْ الخطة وتأجلت إلى العام 2011 حيث أصبح من الضروري اتهام حزب الله وحرق سورية أولاً، ولهذا قامت واشنطن بهدنة وبدأ ربيع قطري سوري، وتركي سوري، وتوقفت الجزيرة عن مهاجمة سورية وبدأ التحضير للمعركة القادمة.
تأجيل الياسمينة الزرقاء
خُطّطَ للياسمينة الزرقاء أن تحرق سورية في نهاية العام 2006 ومطلع العام 2007 ولكن خسارة إسرائيل الحرب وبدء معالم الأزمة المالية أجّلا مشروع ضرب سورية، ومع بدء نفاد الوقت ومع بدء الدخول الروسي إلى إفريقيا توسّعت رقعه المواجهة، وقرّرت واشنطن استبدال التكتيك لتصبح الياسمينة الزرقاء ضمن مشروع سُمّي لاحقاً (الربيع العربي).. وبعد العام 2007 وبطلب من المخابرات الأمريكية بدأت قطر باستقدام التونسيين إلى قطر في العام 2008، ورغم كل الخلاف مع مصر تمّ حلّه وفتح التأشيرات إلى مصر وجرى استقدام المزيد من المصريين، ولنتذكر هنا أنه في العام 2004 والعام 2005 فتحت قطر التأشيرات للسوريين، بحيث ستقوم الاستخبارات الأمريكية في قطر بتجنيد من سيقوم بالمهمات المنوطة به، وفي العام 2006 بعد سقوط حلم احتلال لبنان فُتِحَتْ التأشيرات للبنانيين، وهذا يدلّ على أن قطر فعلاً مركز للاستخبارات الأمريكية في المنطقة.
روسيا تكشر عن أنيابها
حين شاهد الروسي الأمريكي يصطدم بالجدران بدأ بالتصعيد، وأعلن أنه سيسيطر على كل تجارة الغاز في العالم، وسيورد الغاز لكل العالم وإلى جانب السيل الجنوبي والسيل الشمالي، أعلن بوتين أنه سيستثمر الغاز في أمريكا اللاتينية ليُصَدّر إلى واشنطن نفسها، وسيستثمر في إفريقيا ليوصل الغاز الإفريقي إلى أوروبا، وسيطرح أنبوب السيل الأزرق من تركيا إلى سورية فالأردن وإسرائيل (وهذا يثبت أن الروسي لا يعلم بوجود الغاز في المتوسّط أو أنه يعلم ويريد إغواء التركي كخدعة خط الغاز العربي كون هذا الخط لاحقاً أرغم الأمريكي على الكشف عن غاز المتوسط، لأن السيل الأزرق جعل مصر تشعر بالقلق على مستقبلها وتتفاوض مع الروسي) بالعبور، وهنا قرّرت واشنطن شنّ هجوم (الربيع العربي) الذي ستكون الياسمينة الزرقاء جزءاً منه.
في الجزء الثالث: الربيع العربي.. الأم الحنون للياسمينة الزرقاء
تحدثنا في الجزء الأول عن القلق الأمريكي من تصاعد الطلب على الغاز والوقود الحيوي، وخوف واشنطن من بيع هذا الوقود بغير الدولار غير المحمول بذهب، وفي الفصل الثاني تحدثنا عن الأسباب التي دعت إلى تقسيم الشرق الأوسط والصفقة الأمريكية القطرية- والأمريكية التركية، وفي هذا الجزء سنتكلم عن الهجوم الأمريكي المعاكس المسمّى “الربيع العربي”.
الربيع العربي.. الأم الحنون للياسمينة الزرقاء..؟
وقّعت موسكو عدّة اتفاقيات مع الجزائر، فأرسلت واشنطن عصابات تنظيم القاعدة كرسالة، وبدأت أعمال العنف، كما وقعت شركة “غاز بروم” الروسية عقدها مع نيجيريا، فأشعلت واشنطن حرباً طائفية بدأت بهجوم عصابات تكفيرية إسلامية على مسيحيين في يوم عيد الميلاد، ولاحقاً هجوم مسيحيين متطرفين على المسلمين في شهر رمضان، وظلت تسعى واشنطن لحرق البلد.
ولكن مع ذهاب الرئيس الروسي إلى مصر وليبيا وبدء الكلام عن استخراج وتوريد الغاز، بدأت واشنطن تسرّع خطواتها، ومع شراء “غاز بروم” نصف حصة شركة إيني الإيطالية في ليبيا قرّرت واشنطن بدء حملة الربيع العربي، لأنها تدرك أنه إذا دخل الروسي إلى ليبيا قد يبدأ بالتوسّع إلى مصر والسودان، فكان المطلوب شنّ حرب على ليبيا وبدأ التحضير للربيع العربي.. لنكتشف أن هذا الربيع هو الأم الحنون للياسمينة الزرقاء.
ملاحظة: أعلنت روسيا عن السيل الأزرق لتوريد الغاز إلى الأردن وإسرائيل كرسالة لمصر، قبل زيارة المسؤولين الروس لمصر، فذهبوا للتفاوض على وقع عصا إمداد الأردن وإسرائيل بالغاز، وهنا اضطرت واشنطن للكشف عن غاز الساحل في شرق المتوسط.
لماذا وثائق ويكيليكس في هذا التوقيت..؟
لماذا وثائق ويكي ليكس لا توزّع بترخيص ويكي رغم أنها ظهرت على أساس أنها تحت ترخيص ويكي، بل اسمها الأول ويكي..؟!.
ترخيص الويكي يتيح نقل وطباعة وبيع المقالات مجاناً من دون مقابل للكاتب، بشرط الإشارة للمصدر. وهكذا أسّست موسوعة ويكي بيديا أي الموسوعة ويكي، وجاءت ويكي ليكس أي الفضائح ويكي بترخيص لا مثيل له في العالم، حيث يُفترض نشر الوثائق، ويحقّ لأي شخص قراءتها ونشرها وطباعتها بشرط الإشارة للمصدر، ولكن ويكيليكس طرح شرطاً هو ألا يتيح القراءة والطباعة إلا بعقد يُلزم من سينشر الوثائق بنشر كل حزمة على حده، وأن يكون الناشر صحيفة أو هيئة إعلامية حصرياً، ولا يحقّ له اختيار الوثائق التي سيطبعها، وطبعاً حصلت “الأخبار” اللبنانية على هذا العقد كونها لاحقاً ستكون ضمن مشروع ضرب سورية، وكان الهدف من الوثائق أولاً تسريب إشاعات كاذبة تثير الفتنة والبلبلة، والهدف الثاني والأهم تسريب وثائق حقيقية لابتزاز حلفاء واشنطن، وثالثاً بدأ كشف أوراق من قرّرت واشنطن التخلي عنهم وخصوصاً بن علي (الذي حجب موقع الأخبار في تونس) ومبارك، وفي لبنان من سيشارك بإرسال السلاح إلى سورية تحت طائلة الفضيحة، فبعد فشل العدوان على لبنان لن يصبح لبنان خاصرة ضعيفة لسورية، كما أصبحت تونس خاصرة لضرب ليبيا، فمن كان يتوقع من الحريري الذي قدّم الاعتذار لسورية أن يتجرأ على تحويل أنصاره إلى خنجر في ظهر سورية وهو يعلم من هي سورية؟.
وهنا نتذكر فضيحة صفقة اليمامة لبندر بن سلطان التي كانت مؤامرة شاركت بها الجزيرة لجر بندر إلى المشروع الأمريكي بسياسة العصا والجزرة.
قرّر الأمريكي التخلّص من مبارك وبن علي ولم يكن إحراق البوعزيزي نفسه إلا صدفة سرّعت المشروع الأمريكي وأطلقته قبل وقته، ومع سقوط بن علي يمكن فتح ثغرة إلى ليبيا، ومع سقوط مبارك ستكون مصر بلا موقف من الأحداث، وسيرسل منها السلاح والمقاتلين كذلك، وستشل جامعة الدول العربية وتصبح تحت تصرف الخليجي ليطلب من مجلس الأمن لاحقاً التدخل في ليبيا، ويتمّ تهيئة مصر للتقسيم لثلاث دول، شمالاً سنية وقبطية ومع إسلام متشدّد تصبح القبطية تحصيل حاصل درعاً واقياً لإسرائيل، وجنوباً دولة نوبية تتيح لاحقاً زرع النزعة الانفصالية عند النوبيين شمال السودان ولتقسم واشنطن جزءاً جديداً من السودان بعد فشلها من جهة تشاد.
فمع سقوط مصر وليبيا وتونس ودخولها حالة اللا استقرار، ستصبح الجزائر هدفاً سهلاً وقادماً، لإكمال السيطرة على شمال إفريقيا.
ملاحظة: بعد إشعال إقليم دارفور على أمل تهيئته ليصبح كالجنوب على طريق الاستقلال، وبتغيّر في عقيدة الصين القتالية، حيث أصبح بمقدورها شنّ ضربات استباقية للحفاظ على الأمن القومي الصيني، ومع استضافة المعارضة التشادية في السودان، شُنّ هجوم معاكس وكاد يصل الثوار التشاديون إلى العاصمة، حتى صرخت واشنطن وتشاد فهدأ إقليم دارفور في صفقة، وتراجع الأمريكي في الحرب من السودان إلى مضيق باب المندب واشتعل اليمن والصومال أي على معابر النفط، ولكن في الصومال كادت المحاكم الإسلامية تسيطر على الوضع لولا تدخل القوات الإثيوبية من جهة، ولولا زيارات شيخ شريف إلى العاصمة القطرية ليصبح رئيساً بصفقة ربما كانت تحت الابتزاز، بينما في اليمن من الواضح أن الصين قد تكون خلف الحراك الجنوبي، وبدأت أعمال قرصنة في الخليج، نقل إعلاميون روس أن غرفة العمليات في دبي كانت ترسل تعليمات للقراصنة عن السفن غير المحمية بعد تحديدها عبر الأقمار الصناعية، ولكن مع اشتعال شمال اليمن (الحوثيين) وقدوم سفن عسكرية روسية وقيام الصين بإرسال بوارجها، فشل مشروع القراصنة، وتفاقم الوضع في اليمن مع صراعات مختلفة، بينما القرصنة كما ظهرت للإعلام فجأة اختفت فجأة.
عن الربيع العربي..!
من المستحيل نظرياً وعملياً جمع مظاهرة عبر الانترنيت من دون تنظيم على الأرض، ومن المستحيل أن تسقط تظاهرةٌ نظاماً ما، وما الاحتجاجات في لبنان إلا دليل على ذلك، حين كان السنيورة يزوج ابنه في السراي الحكومي نكاية بالمحتجين كان عدد المحتجين يزيد عن 10% من سكان لبنان، بينما في مصر هل يعقل أن أقل من 1% من السكان قادرين على إسقاط نظام، علماً أن عدد سكان مصر 80 مليوناً ولبنان خمسة ملايين، ومظاهرات لبنان كانت أكبر من مظاهرات القاهرة؟!.. إذاً.. لم تكن تونس ومصر إلا عبارة عن انقلاب عسكري تحت غطاء التظاهرات المموّلة والمنظمة، ولكن في سورية لا يمكن تمرير هذا السيناريو لأن الجيش العربي السوري جيش مقاتل له عدو واحد اسمه الكيان الصهيوني، ولا نفوذ أمريكياً في سورية على الجيش كما في مصر وتونس، فكانت عملية الياسمينة الزرقاء، التي عوضاً عن إطلاقها بعد عدوان تموز أصبح إطلاقها بعد سقوط مبارك وبن علي.
الخليج منع انهيار أمريكا..؟
- مع بدء الهجوم على ليبيا جمّدت شركة إيني الإيطالية عقد بيعها لغاز بروم، ولم تعترف روسيا بالمجلس الوطني حتى ثبّتت عقد البيع مع الشركة الإيطالية وإضافة ملحق لعقد البيع، وبعد ضمان مشروع السكك الحديدية من مصطفى عبد الجليل.
- بعد الهجوم على غزة ظهرت معالم الأزمة المالية، فقرّرت واشنطن استعادة العملة الخضراء إلى الولايات المتحدة لمنع انهيارها، وأمرت مجلس التعاون الخليجي بعدّة إجراءات أهمها السماح لمحافظ مالية أمريكية بالاستثمار في بورصات الخليج، وجاءت المحافظ الأمريكية لتنهب شعوب الخليج بموافقة حكوماته وعادت إلى واشنطن تلك الأموال، السعودية أعلنت عن خسائر 120 مليار دولار والكويت أعلنت عن 80 مليار دولار، ولم تعلن باقي الدول خسائرها، ولكن خبراء يقولون إن الخسائر الحقيقية وصلت إلى 1000 مليار دولار، وليس ذلك فحسب بل بعد سحب العملة الخضراء من الخليج ذهبت المحافظ المالية الخليجية إلى الولايات المتحدة واشترت معظم الأسهم التي ستنهار في الأزمة، وكانت خسائر بنوك الخليج تزيد عن 2000 مليار دولار، لهذا حين مرّت الأزمة كانت الكارثة في الخليج أكبر من واشنطن رغم أن الخليج لا يصدر إلا النفط الذي زاد سعره ولم ينخفض، فمن أصابته الأزمة هو الذي يملك معامل وكسدت بضائعه، فلماذا الخليج أصابته الأزمة وهولا يملك أي صناعات؟.. الجواب سهل لأنه دفع عن أمريكا ومنعها من الانهيار، ومن هنا ندرك أهمية عامل الوقت بالنسبة لواشنطن.
الياسمينة الزرقاء بين واشنطن وتل أبيب..!
ناقش الأمريكي مخططات الياسمينة الزرقاء مع تل أبيب بشكل خاص، وحتى فرنسا التي كانت جزءاً من التنفيذ والناتو لم يكونوا يعلمون بكل تفاصيل العملية، رغم مشاركتهم في كثير من الأمور، حيث تولى حلف الناتو التنفيذ، وحدها تل أبيب هي المعنية والتي تعلم تفاصيل الأحداث.
الخطة تقضي بإشعال صراع طائفي بمحيط دمشق على ثلاث جبهات، ومحاصرة دمشق لعزلها عن أماكن الصراع، بحيث يبدأ الجيش بالتفكك، وتكون قوات خاصة من المرتزقة قد سيطرت على السلاح الصاروخي السوري، وحين يبدأ الجيش بالتفكك يوسّع الصراع الطائفي فتدخل إسرائيل بحجة حماية أمنها وحماية الدروز وتقيم دولة درزية تبدأ من شمال الأردن وجبل العرب وصولاً للبقاع الغربي وجبل لبنان، ومن ثم يدخل التركي كفاتح لإنقاذ السنة، فيدخل الفرنسي لإنقاذ العلويين والإسماعيليين، ومع تمرد كردي بواسطة صقور كردستان وهو تنظيم ظهر بشكل مفاجئ ومنافس لحزب العمال الكردستاني، تتغيّر الجغرافية، وتتغيّر طبيعة الصراع في المنطقة، التركي سيخسر أراضي لدويلة علوية ودويلة كردية، يعوّضها من داخل سورية، وخارج الشرق الأوسط تكون اليونان التي بُني كل شيء على حسابها قد انهارت وانهار معها الاتحاد الأوروبي، ولهذا السبب ومع فشل ضرب سورية قرّرت قطر الاستثمار في اليونان، لأن المعركة تأجّلت وأصبح ضرورياً حفظ اليونان إلى المعركة القادمة قبل العام 2017، لأن انهيار الاتحاد الأوروبي قبل تقسيم الشرق الأوسط سيكون كارثة على واشنطن.
الإسرائيلي رفض فكرة ضرب سورية قبل تأمين وجوده، فقال إن الرئيس الأسد إذا شاهد سورية تحترق وأدرك بأن البحر خلفه والعدو أمامه فسيلجأ إلى تدمير تل أبيب للحفاظ على سورية، وسيطلق آلاف الصواريخ ولن يسمح بأن يرى سورية تحترق وآلاف القتلى تسقط على الأرض، فمهما كانت الحرب مع إسرائيل مدمّرة هي أسهل من الحرب الطائفية، لأنه سيخيّر بين الموت أو الموت، وسيقرّر حينها الموت واقفاً، وهنا تقرّر وضع خريطة لاختيار الأماكن وأمام الخبراء الأمريكيين والإسرائيليين ثلاثة جوانب:
1- التوزع الديموغرافي للسكان لإشعال الحروب الطائفية.
2- التوزع الجغرافي بحيث تحاصر منافذ العاصمة وتعزل عن أماكن الصراع.
3- التوزع العسكري بحيث يمكن استنزاف قطعات معينة من الجيش والسيطرة على الصواريخ الإستراتيجية السورية، وقطع الطريق أمام الحرس الجمهوري لمنعه من التدخل.
ولأجل هذا اليوم قامت إسرائيل بالعديد من المناورات الكبرى، خوفاً من الرد السوري أو خوفاً من تدخل المقاومة اللبنانية، وربما السوري كان يدرك أن المناورات الكبرى ليست تحضيراً لحرب شاملة وهو الذي يعلم تماماً كلفة الحرب الشاملة، لهذا كان يستعد على كل الجبهات الداخلية والخارجية.
وهج نيوز- خاص –

http://www.altawhid.org/2011/10/28/%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%85%d9%8a%d9%86%d 8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a-%d8%aa%d9%81%d8%b6%d8%ad-%d8%af%d8%b9%d9%88/