النفس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
هذا كتاب عن النفس الإنسانية فى الوحى من مختلف الجوانب .
ما هى النفس ؟
يقول تعالى بسورة الزمر "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى
منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى "تدلنا
الآية على أن النفس التى لم تمت يبعثها أى يعيدها الله لجسم الإنسان بعد
مدة هى مدة النوم وهذا يعنى أن النفس تكون خارج الجسم أثناء النوم وهذا
يعنى أنها ليست أى عضو أى شىء فى الجسم لأن الأعضاء أى الأشياء ثابتة فى
الجسم وترشدنا الآية إلى أن الموت يشابهه النوم مع فارق هو عمل جسم
النائم وعدم عمله فى الميت ومن ثم وجب أن نتساءل ما الشىء الذى يتوقف فى
الإنسان عند النوم ؟والجواب إنه الكلام الداخلى الذى تعبر عنه أجهزة
الصوت فى بعض الأحيان وهو كلام يحدث بلا أجهزة نطق أو سمع ومن هنا نعلم
أن النفس هى الكلام وهو لا يقتصر على القول وإنما يشمل الرمز أيا كان
نوعه مصداق لقوله بسورة آل عمران "قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام
إلا رمزا "فالكلام قول ورمز وهو النفس
ما هو القلب ؟
يطلق اللفظ على القلب العضلى فى الجسم وهو من لحم مخصوص والقلب بمعنى
العقل بدليل قوله تعالى بسورة الحج "فتكون لهم قلوب يعقلون بها "وقوله
بسورة الأعراف "لهم قلوب لا يفقهون بها "ومن ثم فالقلوب هى التى تعقل أى
تفهم فتعرف الحق من الباطل ومن ثم يجب أن نلغى من حياتنا التفرقة بين
العقل والقلب والقول بأن العقل للفكر والقلب للحب أو العقل للعلم والقلب
للعواطف والقلب أى العقل جزء من النفس أى الصدر بدليل قوله بسورة الحج
"فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور "أى فإنها لا
تلغى العيون ولكن تلغى العقول التى فى النفوس ومما ينبغى قوله أن القلب
بمعنى العقل يؤثر على القلب العضلى بحالته من السعادة أو التعاسة ويتأثر
به فإذا كان العضلى واهنا انشغل بعلاجه وألمه العقل والجسد إذا كان
متألما فإنه يؤثر بالسلب على قدرة العقل على التفكير كما أن العقل إذا
كان مهموما أو سعيدا يؤثر على حالة الجسم .
العقل :
هو البصيرة المميزة بين الحق والباطل ولم يرد لفظ العقل بالقرآن ووردت
تعقلون ويعقلون كقوله بسورة البقرة "ويريكم آياته لعلكم تعقلون " وأما
معناه البصيرة فقد ورد بقوله بسورة الإنسان "بل الإنسان على نفسه بصيرة
"أى إن الإنسان فى نفسه عقل يميز به بين الحق والباطل .
الروح:
لم يرد لفظ الروح بمعنى النفس أى سر الحياة فى القرآن وورد بمعنى جبريل
كما فى قوله بسورة النبأ "يوم يقوم الروح والملائكة صفا "وبمعنى الرحمة
كما بقوله بسورة يوسف "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون
"وبمعنى قدرة الله بكلمة كن على الإحياء كما بقوله بسورة الحجر "إذ سويته
ونفخت فيه من روحى "وبمعنى الراحة كما بقوله بسورة الواقعة "روح وريحان
وجنة نعيم "وبمعنى الوحى الإلهى كما فى قوله بسورة النحل "ينزل الملائكة
بالروح من أمره على من يشاء من عباده "فالملائكة تختص من يشاء الله من
عباده وهم الرسل (ص)بالوحى النازل من عند الله وقوله بسورة الإسراء
"يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى " تعنى الوحى بدليل قوله فى الآية
التالية "ولئن شئنا لنذهبن بالذى أوحينا إليك "وبدليل أن الله فسرها فقال
بسورة الشورى "كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا
الإيمان"وليقارن القارىء بين قوله "الروح من أمر ربى "وقوله "أوحينا إليك
روحا من أمرنا "إذا فكلمة الروح لا تطلق على النفس فى القرآن وإن وردت فى
غيره بهذا المعنى كقول الإنجيل المحرف "أما الروح فنشط وأما الجسد فضعيف
".
ألفاظ تطلق على النفس :
فى الوحى يطلق الله على النفس عدة ألفاظ هى الفؤاد والصدر والوازرة
والوجه واليد ومن أراد التأكد فليقارن بين كل جملتين من الجمل التالية :
قوله تعالى بسورة إبراهيم "أفئدة من الناس تهوى إليهم" وقوله بسورة
المائدة "بما لا تهوى أنفسهم "،وقوله بسورة آل عمران "إن تخفوا ما فى
صدوركم أو تبدوه يعلمه الله "وقوله بسورة الأحزاب "وتخفى فى نفسك ما الله
مبديه " ،وقوله بسورة الزمر "ولا تزر وازرة وزر أخرى "وقوله بسورة المدثر
"كل نفس بما كسبت رهينة "،وقوله بسورة لقمان "ومن يسلم وجهه إلى الله وهو
محسن "وقوله بسورة الصافات "ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ".
تركيب النفس :
تنقسم النفس للتالى :
1-البصيرة وهى العقل المميز بين الحق والباطل ويشمل المفكرة والمتذكرة
والمتخيلة وفيه قال تعالى بسورة القيامة "بل الإنسان على نفسه بصيرة ".
2-الشهوات وهى تشمل النساء عند الرجال والرجال عند النساء أو اشتهاء غير
ذلك والبنين وكنز المال الممثل فى الذهب والفضة والقوة المعبر عنها
بالخيل المسومة والطعام والشراب المعبر عنهما بالأنعام والحرث وفيها قال
تعالى بسورة آل عمران "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير
المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث "ويترتب على
انتصار العقل على الشهوات أو العكس حاجات أى أقوال وأفعال تحتاج للتنفيذ
ومثال هذا حاجة يعقوب(ص) لدخول أولاده من أبواب متعددة فى المدينة وفى
هذا قال تعالى بسورة يوسف "إلا حاجة فى نفس يعقوب قضاها ".
الصراع النفسى :
حياة الإنسان قائمة على أساس واحد هو الصراع أى التنافس فى نفسه وللصراع
ثلاث صور هى :
1-الصراع الرئيسى وهو صراع بين الخير وممثله العقل والشر وممثله الشهوات
أى القرين ومن أمثلته من تحدثه شهواته بالزنى ويحدثه عقله بالبعد عنه .
2-صراع الخير ويكون بين الخير والخير الأفضل مثل إنسان يحدثه عقله بأخذ
الدين من المدين ويحدثه أيضا بالتنازل عن الدين ويندرج تحت هذا الصراع ما
يسمونه الصواب والخطأ فى العلوم المختلفة .
3-صراع الشر ويكون بين الشر والشر الأكبر ومن أمثلته إنسان تحدثه شهواته
بأكل بعض أموال أبناء أخيه الميت وتحدثه أيضا بأكل الأموال كلها وهذه
الصراعات كلها حوارية أى كلامية فى نفس الإنسان .
أنواع النفوس :
تنقسم النفوس حسب الصراع بين العقل والشهوات لنوعين هما :
1-النفس المطمئنة وهى المطيعة لحكم الله وهو حكم العقل وفيها قال تعالى
بسورة الفجر "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية "وهذه
النفس هى التى تلوم نفسها إذا عصت بعض أحكام الله ومن ثم تعود للطاعة
وبها أقسم الله بسورة القيامة "ولا أقسم بالنفس اللوامة "
2-النفس الأمارة بالسوء وهى المطيعة للشهوات أى لأحكام الشيطان وقد ورد
ذكرها على لسان امرأة العزيز بسورة يوسف "إن النفس لأمارة بالسوء "وهى
نفس الكافر .
المخلوقات والنفس:
لكل مخلوق نفس والفارق بين نفوس الجن والإنس وباقى الأنواع هو أن نفوس
الثقلين مخيرة بين الحق والباطل ونفوس الأنواع مسيرة ولذا قال تعالى
بسورة الذاريات "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "ولذا يسبح أى يطيع
الله الكل عدا كفار الإنس والجن وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "إن من
شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم "
أساس معرفة النفس :
فى بداية البشرية كانت المعرفة مصدرها الله مصداق لقوله بسورة البقرة
"وعلم آدم الأسماء كلها "وقوله بسورة العلق "علم الإنسان ما لم يعلم
"والإنسان بعد ذلك كلما بعد عن المعرفة الحقة أرسل الله رسلا إليه ليعرفه
الحق ليعمل به حتى خاتم النبيين (ص) الذى حفظ الله بعده الوحى حتى يعود
الناس لها عند اختلافهم ،والإنسان يتعلم فى سنيه الأولى على أساس أن ما
يتعلمه صحيح فالطفل عندما نعلمه الكلام الذى هو المنفذ الذى يتعرف به على
الكون لا يعترض على أى شىء ثم يبدأ يعترض بعد ذلك وإن كنا لا نلاحظ ذلك
وهو يتعلم عند ذاك على أساس المطالبة بالبراهين ويستمر التعلم إما
بالاستسلام لما يقال وإما بالمطالبة بالبراهين .
مراحل النمو النفسى :
المراحل هى :
1-الضعف الأول وهو الطفولة وهى نفسيا تبدأ من انعدام المعرفة للزيادة
التدريجية فى المعرفة وفيها قال تعالى بسورة النحل "والله أخرجكم من بطون
أمهاتكم لا تعلمون شيئا "ومن ناحية البدن بالضعف المتدرج للقوة .
2-القوة وهى الشباب وقمتها سن الأربعين وتتميز بالقوة النفسية والبدنية
وفى هذا قال تعالى بسورة الأحقاف"حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال
رب أوزعنى أن أشكر نعمتى التى أنعمت على وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه
وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين ".
3-الضعف الثانى أى الشيبة أى الشيخوخة وتتميز بفقد الإنسان لعلمه تدريجيا
أو فجأة حتى لا يعلم شىء فى أرذل العمر وفى هذا قال بسورة النحل "ومنكم
من يرد لأرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا "ومن ناحية البدن بالضعف
التدريجى وقد ذكرت المراحل الثلاثة بقوله بسورة الروم "الله الذى خلقكم
من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ".
تعبير النفس :
تعبر النفس عما تريد بطريقين :الأول الجهر وهو الإعلان وهو إفهام الغير
مراد الإنسان بالكلام قولا أو رمزا ،الثانى الإسرار وهو الإخفاء وهو
إفهام الإنسان مراده لنفسه وفيهما قال تعالى بسورة النحل "والله يعلم ما
تسرون وما تعلنون "وقال بسورة البقرة "وإن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه
يحاسبكم به الله "
النفس بين الرجل والمرأة :
يوجد فارق بين نفس الرجل ونفس المرأة هو أن ذاكرة الرجل أقوى من ذاكرة
المرأة وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن
لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر
إحداهما الأخرى "فشهادة الرجل تساوى شهادة امرأتين وكما زاد الله الرجل
فى الذاكرة زاد الله المرأة الحمل والولادة والرضاعة فجعلها نفسيا أشد
اهتماما بالأطفال
النفس والجسم :
خلق الله الجسم قبل النفس التى نفخها فيه فقال بسورة ص"إذ قال ربك
للملائكة إنى خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحى "والنفس
والجسم يعتمدان على بعضهما حيث يتم التأثير فحال النفس من سعادة أو حزن
تؤثر إيجابا أو سلبا على حالة الجسم وحال الجسم من مرض أو صحة يؤثر على
حال النفس سلبا وإيجابا وهما ينفصلان موتا ولكنهما يعودان للاتصال مرة
أخرى فى البرزخ والقيامة حيث يتزاوجان مصداق لقوله بسورة التكوير "وإذا
النفوس زوجت ".
الوراثة والنفس :
زعموا أن الفرد يرث من أبويه الصفات الرذيلة والحميدة وهو قول يخالف
المثل القائل يخلق من ظهر العالم فاسد ومن ظهر الفاسد عالم وقد بين الله
فى القرآن أن إبراهيم (ص)كان مسلما ووالده كافر ونوح(ص)مسلم وابنه كافر
والغلام الذى قتله العبد الصالح (ص)كان كافرا وأبواه مؤمنين وفى هذا قال
تعالى بسورة الكهف " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما
طغيانا وكفرا "وكذلك غلام سورة الأحقاف كان كافرا ووالديه مسلمين وفى
هذا قال تعالى "والذى قال لوالديه أف لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت
القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك أمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا
إلا أساطير الأولين ".
النوم والنفس :
النوم هو سبات أى راحة للنفس والجسم كما قال تعالى بسورة النبأ "وجعلنا
نومكم سباتا "والنوم عبارة عن موت مؤقت حيث تخرج النفس من الجسم فى بداية
النوم وبعد أن تمر المدة المسماة عند الله للنوم تعود النفس مرة أخرى
للجسم وفى هذا قال تعالى بسورة الزمر "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى
لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى
".
الموت والنفس :
الموت هو خروج النفس من الجسم سواء كان طبيعيا أو غير طبيعى والكل من عند
الله وفى هذا قال تعالى بسورة الزمر "الله يتوفى الأنفس حين موتها"وقرينة
الموت هى توقف الجسم عن العمل وتعرضه للتحلل والفساد .
الأحلام والنفس :
الأحلام هى الرؤى هى المنامات وهى الأحداث التى نراها خلال عودة النفس
للجسم لمدة دقائق أثناء النوم وهى عودة ليست عادية فليست يقظة كاملة
والأحلام أنواع هى
- الحلم الشهوانى وفيه يمارس الحالم الجنس ويقذف المنى .
- الحلم المخيف وهو الكابوس وفيه يصاب الجسم بشلل تام يحاول فيه
الحركة أو الاستغاثة ولكنه لا يقدر إلا نادرا .
- الحلم العادى وهو أحداث تقع ولكنها ليست شهوانية أو مخيفة .
والحلم عبارة عن رموز لأحداث تقع فى المستقبل القريب أو البعيد وقد ذكر
الله بالقرآن عدة أحلام هى :
حلم يوسف وفيه قال بسورة يوسف "يا أبت إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس
والقمر رأيتهم لى ساجدين "وقد تحقق الحلم وهذا قوله "فلما دخلوا على يوسف
أوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر
إن شاء الله آمنين ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا
تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا "فالسجود تحقق وكان القمر رمز للأب
والشمس رمز للأم والكواكب رمز للأخوة الأحد عشر .
حلم الرسول(ص) بدخول المسجد الحرام وقد تحقق وفيه قال بسورة الفتح"لقد
صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين
محلقين رءوسكم ومقصرين ".
رؤيا الساقى وفيها قال بسورة يوسف "إنى أرانى أعصر خمرا "والرمز فيها هو
أن عصر الخمر رمز لسقى الساقى الخمر للملك وفى هذا قال "يا صاحبى السجن
أما أحدكما فيسقى ربه خمرا "
رؤيا الملك وفيها قال تعالى بسورة يوسف "إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن
سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات "وفيها رمز الله لسنوات الخصب
بالبقرات السمان والسنابل الخضر ولسنوات الجفاف بالبقرات العجاف والسنابل
الجافة وفيها قال بسورة يوسف "تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى
سنبله إلا قليل مما تأكلون ثم يأتى من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه
يعصرون "
والأحلام تؤثر على الحالم بعد اليقظة بدليل أن الله أخبر رسوله (ص)أنه لو
جعله يرى الكفار كثيرا فى المنام هو والمسلمين لفشلوا وتنازعوا وانهزموا
ولذا جعلهم يرونهم قلة وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال "وإذ يريكهم الله
فى منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فى الأمر ولكن الله
سلم "إذا الحلم السعيد يجعل النفس سعيدة والحلم المحزن يجعلها حزينة
والسبب هو تفسير الإنسان للحلم فإن فسره بالسعد سعد وإن فسره بالحزن حزن
وللأحلام تفسير أى تأويل للأحلام وهو إرجاع الرموز فى الحلم لأصلها ومعظم
الأحلام يحتاج لتفسير والقليل منها يقع كما جاء بالحلم ولا يوجد من يقدر
على التفسير الصحيح لكل الأحلام وإنما هناك من يفسر بعضها خبط عشواء
فتكون صحيحة .
الفروق الفردية :
هى الاختلافات الموجودة بين الأفراد فى النواحى الجسمية والعقلية
والنفسية وفى الإسلام هى فى النفس والجسم لأن العقل جزء من النفس يسمى
البصيرة مصداق لقوله تعالى بسورة القيامة "بل الإنسان على نفس بصيرة
"وأسباب الاختلافات الجسمية بين الأفراد هى تركيب أى تصوير الله للجسم فى
أثناء الحمل حيث يتخذ كل فرد شكل محدد مصداق لقوله بسورة الانفطار "الذى
خلقك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شاء ركبك "وحدوث الأمراض يغير فى شكل
الجسم حتى ولو كان بين توأمين وممارسة الرياضة تؤدى لاختلاف فى البناء
العضلى بين الممارس وغيره وأيضا أنواع الطعام والشراب وكميتهما تؤدى
لاختلافات وأشعة الشمس تؤدى لاختلاف الألوان وتدخلات الإنسان الجراحية
والصبغات والوشم وطريقة حلق وتقصير الشعر وأما سبب الاختلافات فى الناحية
النفسية فهى إرادة الإنسان التى تغير للأفضل أو للأسوأ وفى هذا قال تعالى
بسورة الرعد "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "وتصنف
الفروق عدة تصنيفات منها :
1- حسب مكونات الإنسان فهناك فروق جسمية كالشكل واللون وفروق نفسية كقوة
التذكر وقوة الانتباه .
2- حسب خالق الفروق فهناك فروق خلقها الله كالشكل واللون وهى غالبا فى
مجال الجسم وفروق خلقها الله وفعلها الإنسان وغالبا تكون فى مجال النفس
عن طريق اتباع للحق أو للباطل
وللفروق الفردية خصائص هى :
- أنها فروق فى الكم من ناحية الجسم حيث يمتلك كل فرد جسم ولكن توجد بين
كل جسم والأخر فروق عديدة .
- أن الفروق الجسمية إذا قيست –وهذا عبث- فإنها تأخذ صورة المنحنى
المعتدل فأغلبية الناس متوسطين فى كل الجوانب .
- أنها فروق فى الكيف من ناحية النفس فكل إنسان له نفسه ولكن حالها عند
كل أمر تختلف من واحد لأخر .
- أن الفروق النفسية إذا قيست فإنها تأخذ صورة المنحنى المتطرف لأن القلة
سليمة نفسيا لإسلامها والكثرة مريضة لكفرها وفى هذا قال تعالى بسورة
الإسراء "فأبى أكثر الناس إلا كفورا " .
وتوجد فروق بين الذكور والإناث تتمثل فى التالى :
- ضعف ذاكرة المرأة عن الرجل بمقدار النصف بدليل أن شهادته تساوى شهادة
امرأتين مصداق لقوله بسورة البقرة "فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن
ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ".
- أن المرأة لها تكوينها الجسمى الخاص بها وللرجل تكوينه وقد نتج عن
الاختلاف فى التكوين فرق نفسى هو اهتمام المرأة أكثر بالأطفال لأنها
تحملهم وتلدهم وترضعهم والرجل يهتم بالسعى وراء الرزق وفى هذا قال تعالى
بسورة البقرة "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم
الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
تأثير الأبوين على الإنسان :
يؤثر الأبوان على نفسية الأولاد بدليل قوله تعالى بسورة الإسراء "وقل ربى
ارحمهما كما ربيانى صغيرا " فالتربية هى تأثير الوالدين على الصغار
ويستمر التأثير الأبوى على الأولاد حتى مرحلة البلوغ وقد يستمر طوال
الحياة بدليل أن الكفار ساروا على دين الآباء فقالوا "إنا وجدنا آباءنا
على أمة وإنا على آثارهم مقتدون "وقد لا يستمر التأثير بعد مرحلة البلوغ
بدليل إسلام بعض الكفار مع كون الأبوين من الكفار .
المقاييس النفسية :
اخترع القوم المقاييس النفسية لعزل المجانين عن المجتمع وعلاج المرضى
النفسيين والحاجة لوظائف جديدة هى أطباء النفس ومساعديهم والتمييز بين
المتقدمين لشغل الوظائف والمقياس النفسى فى الإسلام تظهر إباحته من
تحريمه من خلال معرفتنا بالهدف فإذا كان مثلا يريد معرفة مستوى التلاميذ
فى مواد الدراسة لعلاج المتخلفين منهم ومساعدة الباقين على الاستمرار فى
التفوق كان سليما والمقاييس المباحة هى المستخدمة فى المواد الدراسية
واختبار العمل المناسب وعلاج المرضى وأما المحرمة فهى الهادفة للتعرف على
أسرار الإنسان أى التجسس وقد حرمه الله بقوله بسورة الحجرات "ولا تجسسوا
"وهو أمر قد يجر للإيقاع بين الناس باستخدام هذه الأسرار وأسس المقاييس
النفسية هى :
لا يمكن للطبيب معرفة كل ما يخفيه الإنسان عن الأخرين معرفة كاملة والله
يعلم وحده لقوله "إنه عليم بذات الصدور "
العدل فى القول من المريض والطبيب لقوله تعالى "اعدلوا ".
ألا يزكى المريض نفسه عند الطبيب وينصحه الطبيب بالصدق لقوله تعالى "فلا
تزكوا أنفسكم ".
أن يكون مقياس الجنون هو أحكام الشريعة وليس غيرها ومن ضمن الأحكام
الأمور المعاشية كالحساب فى البيع والشراء والطعام والشراب واللباس .
أن يكون مجرى الاختبار عالما فى مجال عمله .
ألا تكشف نتائج الاختبار إلا للجهات المعنية وهى القضاء .
هل تشيب النفس ؟
يشيع بين الناس أن الجسم يشيب أى يعجز والنفس لا تشيب حتى قال أحدهم :
وفى الجسم نفس لا تشيب بشيبه ولو أن ما فى الوجه منه
حراب
لها ظفر إن كل ظفر أعده وناب إذا لم يبق فى
الفم ناب
يغير منى الدهر ما شاء غيرها وأبلغ أقصى العمر
وهى كعاب
وهو خطأ فالنفس تشيب أى تعجز حتى أنها فى مرحلة أرذل العمر تنسى كل ما
تعلمه وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى
لا يعلم بعد علم شيئا "والشيخوخة تصيب النفس بالضعف العام الممثل فى
النسيان وتصيب الجسم بوهن منه وهن العظام والشيب وهو ابيضاض الشعر وفى
هذا قال تعالى بسورة الروم "الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف
قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ".
عجائب :
يثار فى الغرب منذ عدة عقود والآن انتقلت العدوى للشرق قضية الحياة بعد
الموت وهى ليست حياة البرزخ وإنما حياة الإنسان بعد عودته من الموت
لحياتنا الدنيا ويقول العائدون أنهم يمرون فى سرداب طويل مظلم فى نهايته
نقطة من نور أو أنهم يذوبون فى النور ويتحدون معه أو أنهم يطيرون
كالفراشات أو أنهم يرون الجنة والشعور المشترك بين الكل هو السعادة وحب
عدم العودة للدنيا وهو كله تخريف سببه شرب الخمر ومنها المخدرات أو حالات
نفسية مختلة وهو تخريف لأن الله حرم على الميت الهالك العودة للدنيا فقال
بسورة الحج "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون "ثم إن الإنسان إذا
أتى أجله لا يمكنه تقديمه ولا تأخيره لقوله بسورة يونس "إذا جاء أجلهم لا
يستأخرون ساعة ولا يستقدمون "