--------------------------------------------------------------------------------

رثاء أشبلية
أبو البقاء الرندي

1 - لِكُلِّ شَيءٍ إذا ما تمَّ نُقصَانُ فلا يغرُّ بطِيب العَيشِ إنسانُ
2 - هيَ الأمورُ كما شاهدتُها دُولٌ - من سره زمنٌ ساءتهُ أزمانُ
3 - وَهَذِهِ الدَّارُ لا تبقِي على أحدٍ ولا يدُومُ عَلَى حَالٍ لَهَا شانُ
4 - أين المُلُوكُ ذوي التُيجانِ مِن يمنٍ وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
5 - وأين ما شادهُ شدادُ في إرمٍ وأين ما ساسهُ في الفُرسِ ساسانُ
6 - وأين ما حازه قارون من نهبٍ - وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
7 - أتى على الكل أمرٍ لا مرد لهُ - حتى قضوا فكأن القوم ما كانُوا
8 - وصار ما كان من ملك و من ملكٍ - كما حكى عن خيال الطيف وسنانُ
9 - كأنما الصعب لم يسهل له سببٌ - يوماً ولا ملك الدنيا سليمانُ
10 - فجائع الدنيا أنواعٌ منوعةٌ - وللزمان مسراتٌ وأحزانُ
11 - وللحوادث سلوانُ يسهلها - وما لما حل بالإسلام سلوانُ
12 - ههى الجزيرة أمرٌ لا عزاء لهُ - هوى له أحدٌ وانهد شهلانُ
13 - أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتُ - حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
14 - فاسأل بلنسية ما شأن مرسية - وأين شاطبة أم أين جيانُ
15 - وأين قرطبةُ دار العلوم فكم - من عالم قد سما فيها له شأنُ
16 - وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ - ونهرها العذب فياض وملآنُ
17 – قواعد كن أركان البلاد فما - عسى البقاء إذا لم تبق أركانُ
18 - تبكي الحنفيةُ البيضاءُ من أسفٍ - كما بكى لفراقِ الإلف هيمانُ
19 – على ديارِ من الإسلامِ خاليةٌ - قد اقفرت ولها بالكفر عمرانُ
20 – حيث المساجدُ صارت كنائس - مافيهنَّ إلاّض نواقيسٌ وصلبانُ
21 – حتى المحاريب تبكي وهي جامدةٌ - حتى المنابرُ تبكي وهي عيدانُ
22 – ياغافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ - إن كنت في سنةٍ فالدهرُ يقظانُ
23 – وماشياً مرحاً يلهيه موطنهُ - أبعد حِمصٍ تغرُّ المرءُ أوطانُ
24 – تلك المُصيبةُ أنست ماتقدمها - ومالها من طوالِ الدهرِ نسيانُ
25 -ياراكبين عتلق الخيل ضامرة - كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
26 -وحاملين سيوف الهند مرهفةً - كأنها في ظلام النقع نيرانُ
27 – وَرَاتِعِين وراء البحر في دَعَةٍ - لَهُم بأوطانهم عزٌ وسلطانُ
28 – أعندكم نبأٌ من أهلِ أندلُسٍ - فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
29 – كم يستغيثُ بنا المُستضعفُونَ وهم - قتلى وأسرى فما يهتزَّ إنسانُ
42 – لمثلِ هذا يبكي القلب من كمدٍ - أن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
__________________