سقفان لإسرائيل، وسقفٌ واحدٌ للملك
د. فايز أبو شمالة
"لو كنت إسرائيلياً لخفت جداً"، هذه الجملة قالها الملك الأردني "عبد الله"، في سياق حديثه عن مستقبل إسرائيل، حين قال: "إسرائيل توجد في وضع هو الأصعب من أي وقت". وأزعم أن هذا الرأي هو السقف الذي ارتقى إليه معظم العرب والمسلمين، ما عدا أولئك الذين غسلت إسرائيل أدمغتهم بقدرتها الخارقة على فعل كل شيء، بالإضافة إلى المحللين السياسيين الإسرائيليين؛ الذين أوغلوا في تحليل كلام الملك، وتشعبوا في تفسير الأسباب الكامنة خلف حديثه المستهجن عن مستقبل إسرائيل المظلم أمام الأكاديميين والكتاب الأردنيين! قال المحللون الإسرائيليون كل شيء عن خوف الملك على مستقبل مملكته، وعن الحراك الشعبي داخل الأردن، وعن الربيع العربي، وعن المتغيرات الدراماتيكية في المنطقة، وعن المزاج الشعبي في الأردن، ولكنهم لم يقولوا كلمة واحدة عن توصيات قيادة الجبهة الداخلية في دولة الصهاينة، التي أوصت مواطنيها بزيادة الحيطة والحذر، والاختباء في حالة إطلاق الصواريخ تحت سقفين وليس تحت سقف واحد!. وأضاف قائد الجبهة الداخلية في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، اللواء "إيال آيزنبرغ"، في محاضرة له أمام معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب: "إن الأزمة بين إسرائيل وتركيا، وثورات الربيع العربي، تخلقان ظروفا من شأنها أن تؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط". "إن ما يسمى بربيع الشعوب العربية، قد يتحول إلى شتاء إسلامي متطرف، وهذا يرفع منسوب احتمالات الحرب الشاملة إلى أعلى درجة، ويمكن أن تستخدم في هذه الحرب أسلحة دمار شامل.فأين وجه الخلاف بين سقف الملك "عبد الله" وبين السقفين في حديث قائد الجبهة الداخلية؟ ولماذا يهرب الإسرائيليون من الحقيقة الساطعة التي تنتظر كيانهم؟ لماذا لم يرق لقيادة الجيش الإسرائيلي كلام قائد الجبهة الداخلية، فراحوا يبعثون برسائل اطمئنان للسكان من خلال علماء النفس، والاجتماع، والقيادات العسكرية العليا، والخبراء الإستراتيجيين، الذين حرصوا على بث روح الاطمئنان والثقة في نفوس الإسرائيليين.في هذا السياق أجرت الإذاعة العبرية لقاءً مع رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الحرب "عاموس جلعاد"، الذي راح يطمئن الجمهور، ويشيد بالوضع الأمني الإسرائيلي، ويؤكد أن إسرائيل تعيش أحلى أيام حياتها الأمنية، ولاسيما مع توقف العمليات الاستشهادية، وتوقف التفجيرات، وتوقف إطلاق صواريخ المقاومة من جنوب لبنان، والانضباط السائد في الضفة الغربية، وتواصل هدوء الجبهات العربية.قبل عشرات السنين، حرص اليهود على إنتاج الخوف، وتصديره إلى العرب والمسلمين، بل واجتهدت المخابرات الإسرائيلية على إيجاد أسواقاً رائجة للخوف من إسرائيل، كان أهم زبائنها بعض القادة والزعماء العرب، الذين حرصوا على استيراد الخوف من إسرائيل، واحتكار توزيعه على الشعوب. لقد ظل الخوف من إسرائيل سائداً حتى جاء مقاتلو المقاومة الإسلامية في لبنان، ومقاتلو المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، ولملموا شظايا الخوف المتناثر في الطرقات، وأعادوا تصنيعه من جديد، وكتبوا عليه جملة "لا إله إلا الله"، جملة مفيدة استعصى على المستورد الإسرائيلي للخوف أن يفك رموزها، حتى صارت الدولة التي اسمها "إسرائيل" هي المستورد الرئيسي للخوف في الشرق الأوسط.