تعد الألعاب الإلكترونية electronic games من أهم الظواهر التـي رافقت ظهور الحاسوب وتطوره، وهي في المفهوم المعلوماتي برمجيات تحاكي واقعاً حقيقياً أو افتراضياً بالاعتماد على إمكانات الحاسوب في التعامل مع الوسائط المتعددة multimedia وعرض الصور وتحريكها وإصدار الصوت، أما في المفهوم الاجتماعي فهي تفاعل بين الإنسان والآلة للإفادة من إمكاناتها في التعليم والتسلية والترفيه، ومن الناحية العملية تمثل الألعاب الإلكترونية أداة تحد لقدرات المستثمر إذ تضعه أمام صعوبات وعقبات تتدرج من البساطة إلى التعقيد، ومن البطء إلى السرعة، وأداة تطوير لثقافته وقدراته إذ تشد انتباهه وتنقل إليه المعلومة بيسر ومتعة.
منذ نشوء الدارات المنطقية والإلكترونية الذكية وظهور لغات البرمجة البدائية سارع المهتمون في هذا المجال إلى تطوير الألعاب الإلكترونية التـي سرعان ما شدت الانتباه ولاقت قبولاً ونجاحاً لدى معظم فئات المجتمع، مما دفع المبرمجين والشركات إلى بذل كثير من الجهد في تطوير كل من الأجهزة والبرامج الخاصة بها حتى باتت هذه الألعاب وسيلة بمتناول الجميع تفيد في الترفيه والتعليم.
ملاحظة : قلما استخدمت الألعاب للتعليم و إن علمت فهي تعلم الطفل العنف و الإجرام فقط.
و الآن فلتبدأ رحلتنا و نستعرض كيف بدأت الألعاب الالكترونية :
ترجع بداية الألعاب الإلكترونية إلى عصر ما قبل الألعاب و كان في عام 1889 حيث ظهرت لعبة ورق اللعب الهانافودا “Hanafuda” من شركة ماروفوكو و سرعان ما غيرت اسمها إلى شركةNintendo ناينتندو(الإله) المعروفة حاليا في مجال أجهزة الألعاب الإلكترونية.
و في عام 1953 تمكن بعض المختصين من إظهار «قملة» على شاشة كبيرة من المصابيح وتحريكها باستخدام حاسوب ضخم بلغت كلفته حينذاك ملايين الدولارات، تلتها بعد ذلك محاكاة مبسطة لألعاب مثل الضامة والشطرنج,و في عام 1954 ظهرت شركةSEGA في طوكيو.

وفي عام 1960 لاقت لعبة حرب الفضاء Space-War التـي صممها ثلاثة طلاب من معهد مساشوستس التقني MIT نجاحاً جعل الشركات المنتجة تقدمها هدية قيمة مع الحاسوب، وفي هذه الأثناء صمم رالف باير Ralf Baer أول جهاز بيتي لألعاب الفيديو أسماه مانيافوكس أوديسي Magnavox Odyssey وكان يحوي ثلاثة عشر لعبة محملة على ستة أشرطة.
وشهد عام 1972 حدثاً بارزاً في تاريخ الألعاب الإلكترونية الحافل الذي ما يزال في تطور وتقدم مطردين حتى اليوم، فقد أسس كل من نولان بشنيل Nolan Bushnell وتيد

ابنـيTed Dabney شركة أتاري “Atari” للألعاب الإلكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية وطرحا لعبة «بونغ» Pong التـي سرعان ما لاقت نجاحاً منقطع النظير.
وكانت لعبة «بونغ» محاكاة مبسطة لرياضة كرة الطاولة يمثل فيها المضربان بمستطيلين يتحركان على طرفي الشاشة عن طريق مقبضين في الجهاز تتحرك بينهما كرة مربعة الشكل. أقبل العامة على هذه اللعبة لدى اختبارها لأول مرة في مقهى، واستطاعت الشركة في مدة وجيزة تحقيق نجاح كبير بتسويق أكثر من مئة ألف نسخة من هذا الجهاز.

وأمام هذا النجاح سارع كل من ستيف جوبس Steve Jobs وستيف فوزنياك Steve Wazniak، إلى طرح لعبة «تهديم الجدار»Breakout، وتمثل جداراً من قطع الآجر في أعلى الشاشة يجب هدمه بكرة ومضرب أفقي متوضع في أسفل الشاشة، وقد لاقت هذه اللعبة إقبالاً كبيراً ونجاحاً باهراً.
وتعددت الشركات التـي بدأت تستثمر في تطوير ألعاب متنوعة جديدة وطرحها، فحققت أرباحاً كبيرة سمحت لها شيئاً فشيئاً بتطوير الأجهزة الإلكترونية والحواسيب، فلم تعد ألعاب الفيديو حصراً على طبقات معينة من المجتمع، وساعد على شعبيتها ظهور ألعاب ممتعة تركت أثراً حتى اليوم، مثل لعبة باك مان (كرة صفراء تلتهم الأهداف وتهرب من الكرات المعادية) ولعبة غزاة الفضاء Space Invaders الشهيرة.

وتسارع تطوير الأجهزة والألعاب المتنوعة وتسويقها ووصلت في عام 1982 إلى قمة مبيعاتها، ليبدأ بعد ذلك التراجع الذي أسهم فيه إلى حد بعيد ظهور الحواسيب المخصصة للألعاب، حتى باتت مبيعات أجهزة ألعاب الفيديو في العام 1985 أقل منها بثلاثين مرة من مبيعات عام 1982، في حين لم يستطع الحاسوب الشخصي لدى ظهوره عام 1980 منافسة أجهزة الألعاب بسبب عمليات التعامل المعقدة التي كانت مستخدمة في ذلك الحين.
ومع تزايد الحاجة إلى أجهزة يسهل استخدامها والتعامل معها، طرحت شركة Nintendo جهاز ألعاب بمواصفات بيانية ورسومية عالية الدقة تعتمد فكرة الألعاب فيه على مغامرات عامل تمديدات صحية اسمه ماريو Mario همه البحث عن أميرته.
وحقق هذا الجهاز شهرة واسعة ومبيعات خيالية، حتى تجاوزت مبيعات أشرطة الألعاب عليه الخمسين مليون شريط، مما دفع شركة SEGA في عام 1968، لطرح منتج شبيه به يعتمد شخصية قنفذ سريع اسمه سونيك Sonic يبحث عن أميرته «القنفذة».
وطورت الشركات عدة ألعاب على أجهزتها محققة مبيعات تجاوزت كل التوقعات، وكان من هذه الألعاب على سبيل المثال سباق موناكو للسيارات ولعبة زيلدا أو مقاتل الشوارع، وتطورت الحواسب الشخصية في عام 1988 إذ ظهرت المعالجات 386 و486، وسرعان ما استعيض عن نبضات الصوت ببطاقات الصوت، كما سمح ظهور برنامج النوافذ Windows 3-11 في عام 1990 بتفاعل مبسط مع الحاسوب بات بمتناول الكثيرين، فغدت الألعاب أكثر متعة وسميت ألعاب المحاكاة مثل محاكاة الطيران، ومحاكاة ألعاب التفكير وألعاب الشطرنج.
وفي عام 1993 ظهرت معالجات البنتيوم وقارئات الأقراص المدمجة CD-ROM وطرحت شركة مايكروسوفت برنامج النوافذWindow 95 مما جعل من الحاسوب الشخصي أداة قوية لتطوير ألعاب تعتمد على الوسائط المتعددة في الإفادة من الصور والرسوم والأصوات، فغدت إمكاناتها أكبر وباتت أكثر قرباً من الواقع.
ومع تطور الحاسوب الشخصي بات تراجع أجهزة ألعاب الفيديو سريعاً لدرجة جعلت بعضهم يصرح بأن نهاية هذه الأجهزة أصبحت وشيكة، وأخذت الشركات الكبيرة تتخلى واحدة تلو الأخرى عن برامجها التطويرية في هذا المجال، إلا أنه في عام 1995 طرحت شركة(Sony) اليابانية العملاقة جهاز محطة الألعاب PlayStation المزود بمكتبة واسعة من

الألعاب بإمكانات عالية من حيث الصوت والصورة والسرعة، وسرعان ما حذت حذوها شركات يابانية أخرى مثل:الناينتندو و مايكروسفت….
مما بعث من جديد السباق على تطوير أجهزة الألعاب وبرامجها وتسويقها. وظهرت ألعاب إلكترونية مستقلة عن الحاسوب، أو متصلة به يتحكم بها المتعلم وفق أوامره ضمن برامج الذكاء الصنعي، والروبوت (الإنسان الآلة)، التي تقلد أعمال الإنسان في حياته اليومية، مما أكسب هذه الأجهزة والألعاب الملحقة بها تنوعاً واسعاً في التقنيات، وسمح بإشغال حواس عدة كالبصر والسمع واللمس بإتقان أكثر.
إعداد : محمود الكامل


http://www.bgames.com/funny-games/Rocket-Fighter.html