الولآيات المتحدة في رمضان
تلك الدولة التي نصَّبت نفسها حاميةً للديمقراطية والعدالة لا لشيء إلا لأنها تحوز القوة المادية والعسكرية، تلك الدولة تُعتبر واحدةً من أكثر الدول في العالم من حيث التعددية العرقية واللغوية والثقافية بدأت الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة تشعر بأنها مختلفةٌ عن الجاليات الأخرى بعد نشاط الدوائر المعادية للإسلام في المجتمع الأمريكي لتحفيز أفراده ضد المسلمين. دخل الإسلام في المجتمعِ الأمريكي عن طريقِ المهاجرين من الشرق الأوسط وإفريقيا والدول الإسلامية الآسيوية، وأخذت الأجيال الأولى تنجب أجيالاً ثانيةً ، ومن ثمَّ تكاثر المسلمون في المجتمع الأمريكي وخاصةً مع بدء اعتناق الأمريكيين الأصليين للدين الإسلامي ، الأمر الذي جعل الإسلام هو الدين الأكثر نموًا في الولايات المتحدة، وحاليًا تنشط على الأراضي الأمريكية العديد من المنظمات والمؤسسات الخيرية الإسلامية، ومن أهمها مجلس تنسيق العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، وكذلك "مؤسسة القدس"، وكل هذه المؤسسات تعمل على خدمةِ المسلمين على المستويات الاجتماعية والسياسية أيضًا. إحتفظ المسلمون المقيمون في المجتمع الأمريكي - سواء من يحلمون الجنسية الأمريكية أو غيرهم - بالعادات والتقاليد الإسلامية في خلال الشهر الكريم ، فكل أسرة تحمل تقاليدَ مجتمعها ، وتعمل على إحيائها في بلادِ الغربةِ ، فعلى سبيل المثال لا تزال الأُسر تحرص على التجمعِ على مائدةٍ واحدةٍ للإفطار معًا من أجلِ تقوية العلاقات بين جميع أفرادِ الأسرة والمجتمع الإسلامي هناك عامة، كذلك يشهد الشهر الفضيل إقبال المسلمين غير الملتزمين على الصيام ،الأمر الذي يُشير إلى الدفعةِ الروحية التي يُعطيها الصيام للمسلمين في داخل وخارج أوطانهم ، كذلك تمتلئ المساجد بالمصلين وخاصةً صلاة التراويح ، إلى جانبِ تنظيم المؤسسات والجمعيات الخيرية الإسلامية العديدَ من الأنشطة التعريفية بالصيام وفضله وبالإسلام عامة، فيتحول الشهر الكريم إلى مناسبةٍ دعويةٍ إرشاديةٍ للمسلمين وغير المسلمين. وعلى مستوى الأفراد بدأ الأمريكيون من غيرِ المسلمين في التعرُّف على الصيامِ والعبادات الإسلامية ، الأمر الذي يُعطي صورةً عن تقديم المسلمين الأمريكيين نموذجًا جيدًا للدين الإسلامي، وهو ما جعل الإسلام بالفعل الدين الأكثر انتشارًا ونموًّا.يفتقد المسلمون المقيمون في الولايات المتحدة – خلال شهر رمضان المبارك – كثير من المزايا التي يتحلى بها الشهر الكريم في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، خاصة فيما يتعلق بالحياة الاجتماعية والتزاور وصلة الرحم، إذ يحول بعد المسافة وطول مدة السفر بين المسلمين المهاجرين إلى الولايات المتحدة وبين التواصل مع الجانب الأكبر من أسرهم وأصدقائهم ومعارفهم الموجودين في الغالب في بلدانهم الأصلية. يتحلى الصائمون في الولايات المتحدة بميزة كونهم يصومون وهم في حل من العادات بمختلف أنواعها ، فهم يصومون لا لأن أسرهم أو المجتمع يطالبونهم بذلك، ولا لأن الجميع يصومون ، ولكن لأن الصوم هو فريضة إسلامية يؤمنون بها وبأن إتباعها سوف يعود عليهم بالخير في مختلف جوانب حياتهم. وقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا كبيرًا وتراكمًا إيجابيًا للدور الذي يلعبه الإسلام في حياة المسلمين في أمريكا، وفي إمدادهم بأسس بناء هويتهم، ويدل على ذلك الزيادة المضطرة في عدد المساجد والمراكز الإسلام، وفي أعداد المؤسسات الإسلامية الاجتماعية والثقافية والسياسية التي باتت تلعب الدور الأكبر في حشد طاقات المسلمين والعرب المقيمين في الولايات المتحدة، كما يدل على ذلك شيوع استخدام مصطلحات مثل "الإسلام في أمريكا" و"المسلمين الأمريكيين" في مختلف الدوائر الإعلامية والسياسية والفكرية في أمريكا.
من الايميل