يا ليتهُ كردي
د. فايز أبو شمالة
ليت قادة الفلسطينيين السياسيين أكراد، أو بمستوى أكراد سوريا الذين انسحبوا من جلسات مؤتمر المعارضة الذي انعقد في مدينة إستانبول التركية، ورفضوا التوقيع على البيان الختامي لمؤتمر المعارضة؛ لأن البيان الختامي يؤكد على أن اسم سوريا هو: الجمهورية العربية السورية، بينما يريد الأكراد أن يكون الاسم: الجمهورية السورية فقط، دون لفظة العربية؛ رغم أن الدولة القائمة منذ الاستقلال هي الجمهورية العربية السورية، وهي الدولة التي لم تغتصب أرض الأكراد مثلما فعلت دولة إسرائيل مع الفلسطينيين، ولم تنفذ ضدهم إبادة جماعية، ومجازر وحشية مثلما فعلت إسرائيل، ولم تطرد منهم الملايين ليعيشوا لاجئين في الشتات، ولم تحتل ما تبقى من أرضهم ثانية مثلما فعلت إسرائيل، لتقيم فوق أرضهم المستوطنات، رغم كل ذلك التمايز بين التعامل السوري مع الأكراد، والتعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين، يرفض الأكراد الاعتراف باسم: الجمهورية العربية السورية.إشادتي بالموقف الكردي لا تعني أنني أؤيد الأكراد في مطالبهم، وأنني من أنصار تجريد المنطقة من عروبتها لصالح الأقليات، وإنما أسوق المثال الكري، كي يميز القارئ العربي بين القيادة الكردية التي تحاول أن تفرض نفسها معادلاً موضوعياً لأمة العرب الذين ما جاروا على الأكراد، وبين قادة الفلسطينيين السياسيين أصحاب الحق الكامل في كل أرض فلسطين، والذين تعرضوا لكافة أشكال المهانة من اليهود، وسال دمهم المسفوك في كل بقاع الأرض، وتعرضوا للصفع والقمع، ومع ذلك يفاوضون عدوهم الإسرائيلي سراً بهدف الاعتراف بيهودية دولته، بعد أن ضمنوا على مدار عشرين سنة أمن عدوهم، وصار اسمه في أحاديثهم الرسمية: الطرف الآخر، وليس العدو الإسرائيلي.ليته كردي ذلك القائد السياسي الفلسطيني الذي لم ينبس ببنت شفه، ولم يستنكر، ولم يكذب ما جاء في تقرير القناة العاشرة الإسرائيلية، وهي تنقل عن صحيفة "المصريون" خبراً يقول: إن مفاوضات سرية عربية أمريكية فلسطينية إسرائيلية، تجري وراء الكواليس بهدف الاعتراف الفلسطيني بيهودية دولة إسرائيل، مقابل الاستعداد الإسرائيلي لاستئناف المفاوضات على أساس دولتين لشعبين، وفق حدود 67، مع مراعاة التغيرات السكانية التي جرت على الأرض طوال عشرات السنين!.لو كان القائد السياسي الفلسطيني كردياً، أو أفريقياً، أو هندياً، لخرج على وسائل الإعلام منتفضاً، ومندداً، وشاهراً لسانه، ليعلن أمام كل الناس: أن العربي الفلسطيني لن يوافق على يهودية دولة إسرائيل تحت كل الظروف، ورغم كل الضغوط. ولكنه قائد سياسي فلسطيني، لم يندد، ولم يستنكر، ولم يكذب الخبر!.