سلام فياض يبيعنا وطنية
د. فايز أبو شمالة
أخيراً يخرج الدكتور سلام فياض بطلاً، ويبيع الفلسطينيين وطنية، ويقدم نفسه قرباناً على مذبح المصالحة، والتضحية بالنفس من أجل فلسطين، إنه يرفض أن يكون سبباً في تواصل الانقسام، وإنه حريص على الوحدة! ليعزز الرجل مكانته في دهاليز الوهم التي يحفرها بعض الفلسطينيين تائهي الرؤية السياسية، مُضلِّلي الذاكرة.كان الأجدر بالسيد سلام فياض أن يحاسب المرحلة التي صار فيها رئيس وزراء، وأن يسأل نفسه: كم عدد المستوطنين الذين توسعوا في الضفة الغربية، وكم هي مساحة الأرض الفلسطينية التي ضمها المستوطنون تحت حماية الأمن الذي وفره لهم سلام فياض؟ وكيف تطور الموقف الإسرائيلي المتشدد، فازداد تشدداً مع قيام سلام فياض بدوره الأمني على أكمل وجه؟ وما عدد رجال المقاومة الذين تمت تصفيتهم، أو اعتقالهم، أو تلجيم بنادقهم؟ وما حجم الديون التي تركها سلام فياض من بعده ليعاني منها من سيتحمل المسئولية؟ والأهم من كل ذلك، أين هي الدولة التي بدأ سلام فياض في تأسيس معالمها قبل سنتين، عندما أعلن في آب 3009 أن الدولة الفلسطينية ستكون قائمة بعد عامين، نحن الآن بعد عامين! فأين هي الدولة؟ ولماذا كانت كل التضحية بشباب المقاومة، وبالمقاومين؟كان الأجدر بالشعب الفلسطيني أن يمسك بتلابيب سلام فياض، ويحاسبه، ويسأله، لماذا قطعت رواتب ألاف الموظفين دون وجه حق؟ لماذا فصلت أمنياً ألاف الموظفين دون وجه حق قانوني؟ لماذا أغدقت أموال السلطة على المقربين وفق الولاء والانتماء؟ لماذا دفعت بترقيات ما أنزل الله بها من سلطان؟ لماذا ضحكت علينا، وأغرقتنا في الوهم عامين كاملين، مارست خلالهما رذيلة التنسيق الأمني على أمل الدولة، فأين هي الدولة؟ ومن يعيد لنا الزمن الذي راح، واستغله المستوطنون أحسن استغلال؟ من يعيد لنا الزمن الذي راح وهشمت فيه رأس المقاومة، وكسرت أجنحتها؟ من يا دكتور سلام فياض؟ من سيجرؤ ليدافع عن مرحلة من الوهم والخداع السياسي الذي صار له أجنحة، وطار حتى صار رئيس الوزراء الفلسطيني يشارك اليهود مؤتمراتهم، وندواتهم، ومؤامراتهم؟ من؟كان الأجدر بالسيد سلام فياض، أن يعلن بجرأة وصراحة ويقول: فشلنا، راهنا وأخطأنا الرهان، تساوقنا مع الغرب الذي منحني الثقة، وانخدعت، انتبهوا، لن يعطوكم دولة، انتبهوا ضللونا الطريق، فخسرنا أنفسنا وخسرنا الزمن، وضاع الوطن.ولكن رغم كل الحقائق السابقة، سيخرج علينا بعض فاقدي الذاكرة، ليغرقوا الشعب في اللحظة الانفعالية، وهم يصفقون للشهامة، سيخرج علينا من يصف نفسه بالليبرالي، والمتطور، والمتحضر، والواعي، والواقعي، ليستحثنا على التظاهر عشقاً للدكتور سلام فياض، والتصفيق للرجل الذي مد عنقه لأبيه إبراهيم كي يذبحه، فداءاً للمستضعفين، لنهتف جميعنا للرجل الذي صار تاريخه واجهة لفلسطين، بل سيخرج علينا من سيقول: اصنعوا تمثالاً لهذا الرجل الذي نزف عرقاً ودماً، وذاب حنين! ولكنني سأقول مع غالبية الفلسطينيين: انظروا كيف كانت عاقبة المفاوضين!.