مقالات في الثورة .. كتاب جديد لدكتور رفعت سيد أحمد
بقلم: الأستاذ دكتور رفعت سيد أحمد - 01 مارس, 2011


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




مـقـالات
فى
الثورة





















ـــــــــــــــــــــــــــ حقوق النشر محفوظة ـــــــــــــــــــــــــ
اسم الكتاب : مقالات فى الثورة
إعداد وتأليف : د. رفعت سيد أحمد
الطبعة : الأولى
سنة النشر : 2011 م – 1432هـ
الناشر: مركز يافا للدراسات والابحاث ـ القاهرة
ص ب 806 - المعادى – القاهرة ت / فاكس 23806596 – ت/23782403
الموقع على شبكة الانترنت الدولية : www.yafacenter.com
E – mail : yafafr @ hotmail . com



بسم الله الرحمن الرحيم
الإهداء
إلى شهداء الثورة ..
الذين يمتد موكبهم النبيل الذى مهد الأرض
(لثورة 25 يناير) من عبد المنعم رياض وسليمان خاطر
إلى شهداء ميدان التحرير
باقة حب ووعد نضال


مقدمة
إن ثورة 25 يناير 2011 ، لم تكن فحسب ثورة مصرية ضد طاغية أذل شعبه، واستبد ، وأفسد ، وأقام علاقات استراتيجية مع أعداء وطنه ، دمرت مفهوم الأمن القومى له ، بل كانت ثورة عربية ، وإسلامية ، وإنسانية بامتياز ، لقد كانت ثورة فريدة فى أدائها ، وملايينها وشهدائها وزحفها المقدس ، نحو إزالة أركان نظام عريق فى طغيانه ، وكانت وقائعها ، المتتالية بدءاً من ظهر يوم الثلاثاء 25 يناير وحتى مساء يوم الجمعة 11/2/2011 ، ثمانية عشر يوماً ، نموذجاً فذاً لثورة بدأت من القاعدة لتصل إلى القمة وتجبرها عبر المظاهرات المليونية السلمية ، على أن ترضخ لمطالبها المتتابعة ، وفى مقدمتها (الشعب يريد إسقاط الرئيس) ثم (الشعب يريد إسقاط النظام) ، وقد كان وبدأ الزلزال ، واستطاعت الملايين التى ملأت ميادين مصر ، بدءاً من ميدان التحرير بالقاهرة ، إلى ميادين السويس والإسماعيلية ، والمنصورة ، وصولاً إلى الإسكندرية حتى الصعيد (الجوانى) فى أسوان وسوهاج وأسيوط والمنيا ، أن تحقق المعجزة ، وتسقط حسنى مبارك ، صديق إسرائيل وأمريكا والصانع الأكبر للاستبداد والفساد والتبعية فى مصر ، والذى قزَّم مصر إلى الحد الذى أصبحت معه بلا دور أو قيمة أو مستقبل . لقد أعاد الثوار ، وفى طليعتهم شباب مصر من كل الاتجاهات ، الروح لهذا الوطن ، بعد أن أماتها حكم الطغيان .
* صحيح لاتزال هناك (مهمات كبرى) لم تُنجز بعد ، وصحيح أيضاً هناك مخاوف عديدة على الثورة من أن يسرقها بقايا النظام السابق ، أو أن (تؤمرك) أو تؤسرل (نسبة إلى إسرائيل) ثانية ، لكن الصحيح أيضاً ، أن هذا الشعب ، قادر على تحقيق ما تبقى من مطالب الثورة ، وإكسابها بعدها العربى المقاوم ، وتبديد المخاوف المحيطة بها ، لماذا لأنه ببساطة شعب أراد الحياة ، وحتماً سيستجيب القدر وكل من وضعهم هذا القدر فى المرحلة الانتقالية الراهنة سواء كانوا (عسكراً) أو (مدنيين) .
إن الشعب الذى كسر المحرمات وأسقط مبارك "الأب والابن " والنظام وقبضته الأمنية ممثلة فى قوات الأمن المركزى ومباحث أمن الدولة والإرهاب الأمنى بقيادة حبيب العادلى (وزير الداخلية السابق) الذى يحاكم الآن وهو فى السجن لقادر على أن يحقق مطالبه ، ويصل إلى غاياته مهما كانت الصعوبات ، والمؤامرات .
* إن ما بين يدى القارىء العزيز ، هى مجموعة من مقالاتنا التى نشربعضها عبر صحيفة (الدستور المصرية) وعشرات المواقع عبر شبكة المعلومات؛ رأينا ،لأهميتها ، سواء من حيث القضايا التى تناولتها ، ولاتزال قائمة ، أو لأنها شاهد على لحظات الثورة الأولى وانطلاقاتها ومراحلها ، أن نقدمها ثانية فى كتاب شامل ، وهى مقالات بدأ نشرها فى اليوم الثانى لبدء الثورة (26 يناير 2011) وانتهت نشراً، صباح يوم 28 فبراير 2011 – دون أى تغيير فى صياغتها أو تواريخها - أى أن مداها الزمنى (حوالى الشهر وأربعة أيام) ، وهى تنقسم إلى نوعين من المقالات ، النوع الأول : مقالات تحليلية موسعة (ووضعناها فى الباب الأول) والنوع الثانى : مقالات قصيرة ، كانت تنشر يومياً فى صحيفة الدستور تحت عنوان (تأملات سياسية) ووضعناها فى الباب الثانى من هذا الكتاب، وكل ما نرجوه ، هو أن تمثل هذه المقالات بالأفكار والرؤى والمواقف التى سجلتها ، إضافة متواضعة على طريق الثورة ، التى لاتزال مستمرة ، ثورة الشعب المصرى ضد حكم الطغيان والتبعية . والله المستعان .












الباب الأول
مقالات موسعة فى الثورة ..
المسيرة والمصير


الفصل الأول
نعم .. ليرحل النظام .. ولكن ليأخذ معه الثالوث الأمريكى المعدل
(البرادعى – عمرو موسى – أحمد زويل)
(1)
* نعم ينبغى أن يرحل النظام الحالى ، وأن تشرق على مصر شمس الحرية الحقيقية ، نعم لابد وأن يتم ذلك بأقل قدر من الآلام والتجويع والترهيب ، نعم من حق هذا الشعب أن يحصد ثمناً لدماء الـ 450 شهيداً وآلاف الجرحى فى ثورة يناير ، نعم ..
* ولكن .. من العار علينا ككُتاب أحرار ، أو كمشاركين فى (عرس الديمقراطية) ، أن نصمت على المؤامرة الأمريكية الجديدة التى تتم لسرقة كل هذه الحقوق ، وتحويل الثورة إلى (انتفاضة أمريكية) يقودها أمثال البرادعى وعمرو موسى وأحمد زويل ، من العار أن يبتلع الشرفاء المنتفضون هذه (الخدعة) وأن يمررها لهم إعلام الوهابية المتأمرك أمثال قنوات (العربية) والـ B.B.C والـ سى . إن . إن ، أو عبر الإعلام الحكومى بعجزه وأدائه غير الصادق وغير الأمين لما يجرى على الأرض .
* إن السيناريو الأمريكى المشبوه الذى يجرى ، ويُراد فرضه ، بإخراج تليفزيونى ملون ، هو سيناريو تسليم الحكم لثالوث أمريكى جديد يتشكل من البرادعى وعمرو موسى وأحمد زويل أو من شابههم ، من الذين ناموا دهراً فى حضن النظام السابق ، وفى حضن واشنطن وتل أبيب، ثم عندما شاهدوا من شرفة قصورهم (للبرادعى قصر فى منتجع رجل النظام السابق زهير جرانة فى الهرم وكذلك لأحمد زويل ، أما عمرو موسى فله عدة قصور وشرفات إحداها شرفة جامعة الدول العربية العاجزة عن فعل أى شىء مفيد للأمة منذ تولاها سيادته ، فى ميدان التحرير) ، نقول : عندما شاهدوا بداية انتصار الثورة ، وتقديم حكم مبارك لسلسلة تنازلات مهمة ، وإعلانه عدم ترشحه لفترة رئاسة قادمة ، بدأوا يطلون علينا عبر الفضائيات الوهابية المتأمركة (تحديداً قناة العبرية أقصد العربية) ومن خلال إعلاميين كانوا يعملون مع إذاعة صوت أمريكا لسان حال المخابرات المركزية الأمريكية ، وبدأوا يستغلون الشباب البرئ الثائر وأحلامه الجميلة فى التغيير ، مع استثمار " الشو الإعلامى " الذى صاحب حصولهم على جوائز دولية مثل نوبل ، وهى لا تعطى إلا لمن ترضى عنه إسرائيل ، مستثمرين أيضاً عدم قراءة الناس لتاريخهم وعلاقاتهم القديمة – الجديدة مع إسرائيل وأمريكا ، أمريكا التى صنعت كل هذا الاستبداد والفساد الذى يطالب الشباب برحيله .
******
(2)
* استغل هذا الثالوث (وغيره من الانتهازيين) اللحظة وبدأوا يعلنون عن أنفسهم ، لولاية العرش الأمريكى فى مصر ، فكانت اتصالات أوباما وسفيرة العدو الأمريكى وسفير العدو الإسرائيلى بالبرادعى ، وكان إرسال أوباما للسيد أحمد زويل (المستشار العلمى للرئيس الأمريكى) بسرعة إلى مصر لتشكيل مجلس أسماه زويل (بمجلس الحكماء) ، يتسلم الحكم من نظام مبارك ، حتى لا يسقط فى أيدى الثائرين فى ميدان التحرير أو فى أيدى الإخوان المسلمين أو فى أيدى المؤسسة العسكرية المصرية بتاريخها الوطنى الشريف ؛ بسرعة بدأ الدفع بهذا الثالوث ، لكى يخدعنا ، ولكى يحافظ على (أمركة الحكم فى مصر) ، ويضمن طول بقاء هذه التبعية لأمريكا التى هى أصل الاستبداد والفساد الذى بسببه انطلقت ثورة الحرية .
* لكل هذا ، رأينا أنه من العار ، كل العار أن نبتلع الطعم ، ومن العار الصمت عليه حتى لو تألم البعض من الأصدقاء ومن السذج ، فالحق أحق أن يُتبع ، وهذا الوطن يستحق حكماً وطنياً شريفاً ، وليس حكماً أمريكياً مُعدلاً ، ولأننا لم نعتد إلقاء الأحكام جزافاً ، أو اتهام هذا الثالوث السارق للثورة بالأمركة والأسرلة (نسبة إلى إسرائيل) ، جزافاً ، فهذه هى الـC.V (السيرة الذاتية) لعلاقتهم بإسرائيل وأمريكا وأدوارهم المشبوهة التى ينبغى على كل ثائر محترم أن يقرأها ثم يقرر بعدها ، هل يستمر فى هذه الجريمة أم لا ؟ هل يستمر فى تقديم الثمرة الناضجة (ثمرة الدم والشهادة) إلى أيدى هؤلاء أم لا ؟ على الجميع أن يحتكم إلى ضميره ، ويقرر ، قبل فوات الأوان .
******
(3)
البرادعى ... الأمريكانى المعدل
يحدثنا التاريخ أنه قد تم تعيين البرادعي بطلب أمريكى ممثلاً لهيئة الطاقة في نيويورك، ثم بعدها مديراً للشؤون القانونية ثم مديراً تنفيذياً في الوكالة الدولية ثم في عام 1993 أصبح مديراً عاماً مساعداً للعلاقات الخارجية ثم رئيساً للوكالة في 1/12/1997 بأمر ورعاية أمريكية واضحة خلفاً للسويدي هانزبليكس وحصل بفضل أمريكا على 33 صوتاً من إجمالي 34 صوتاً في اقتراع الهيئة التنفيذية للوكالة وأعيد اختياره رئيساً لفترة ثانية في سبتمبر 2001 ثم فترة ثالثة في سبتمبر 2005 حتى تمت تنحيته عام 2009.
ترى ماذا جرى في فترة الـ12 عاماً (الثلاث فترات متتالية رئيساً للوكالة) ... التاريخ يؤكد أن سيادته لم يكتب أثناءها تقريراً واحداً ضد إسرائيل وضد الـ 300 قنبلة نووية التى تمتلكها وكان منفذاً أميناً لما تريده واشنطن وخاصة ضد سوريا وإيران وكوريا الشمالية والعراق ، وبالنسبة للبلد الأخير تأمل المراقبون إبان غزو العراق 2003 كيف يستقيل السويدي الغربي هانز بليكس من منصبه لرئاسة الوكالة اعتراضاً على الولايات المتحدة الأمريكية وإصرارها على الحصول على وثيقة علمية كتقرير تنفيذي من الوكالة لضرب العراق واحتلالها ونهبها فيستقيل بليكس ويقبل "محمد" البرادعي المسلم العربي المنصب ويقدم لها التقرير المطلوب فتغزو أمريكا العراق بفتواه المعلبة والجاهزة للتصدير في أي وقت والتي أكدت على وجود "500 طن من الأسلحة الكيماوية وعشرات الآلاف من لترات الجمرة الخبيثة والسموم" وكيف عاد في 2009 ليقول أنا نادم على موقفي من العراق واحتلاله !! وكان - كما هو الآن تماماً - يضحك علينا أمام الشاشات وينسق مع أمريكا خلفها ، فنراه ساعة الغزو هدد بالإستقالة إذا دخلت أمريكا العراق ثم لم يستقل ؟! ، ونراه أيضاً – والشىء بالشيء يُذكر - كيف أخبر البرادعي إسرائيل بمكان وموقع المفاعل النووي السوري السلمي في دير الزور فضربته إسرائيل في 2007 !! ولماذا عندما ذهب لإسرائيل لمرة واحدة فقط أجبروه على أن يشاهد المواقع النووية الإسرائيلية الثمانية من الجو في طائرة للجيش ولم يسمح له بالتفتيش الأرضي كما فعل في العراق؟!.
لقد كانت تصريحاته المتكررة عن عدم تعاون العراق مع المفتشين الدوليين تنطلق بغزارة لتحقيق هدف واحد هو التمهيد الإعلامي والنفسي وتهيئة الأجواء لإتمام الحملة العسكرية الأمريكية وبقي على ذلك النهج حتى يوم 22/2/ 2003 أي قبل الغزو الأمريكي للعراق بأيام حيث صرح من طهران : "لم ننجز عملنا بعد والعراق لا يتعاون معنا بشكل تام" وتابع البرادعي : "لا يمكننا بصورة خاصة الوصول تماما الى العلماء العراقيين ونأمل في أن يتعاون العراق خلال الأسابيع المقبلة" مع يقين البرادعي التام بأن العراق فعلاً لا يملك هذه الأسلحة وهذا ما ثبت فعلاً فيما بعد وتصريحات البرادعي مؤخراً حينما رفضت الولايات المتحدة أن تجدد له فقال: " إن العراق لو كان يملك أسلحة نووية لما تمكنت الولايات المتحدة من مهاجمته" ثم تابع البرادعي في رواية أخرى : "أمريكا سحقت العراق لأنه لا يمتلك أسلحة الدمار الشامل" !!
وقوله: "كانت أسوأ لحظة استياء في حياتي بالطبع عندما بدأت الحرب وإن فقد مئات الآلاف من الأشخاص لأرواحهم استناداً إلى الخيال وليس حقائق أمر يجعلني أرتجف".
وحول ما يعتبره "قرارًا سيئًا" اتخذه أضاف البرادعي: "ربما كان ينبغي قبل حرب العراق أن أصرخ وأصيح بصوت أقوى وأعلى لمنع أناس من إساءة استغلال المعلومات التي قدمناها نحن " .. إنه اعتراف صحيح بدوره في مأساة العراق المعاصرة، دور (تقديم المعلومات) التي مهدت للحرب وأعطت بوش حجة للغزو!! وهو اعتراف يتطلب (محاكمة) شعبية وعالمية وليس مجرد (شعور بالندم) عبر الـ B.B.C!! إنه اعتراف نهديه للسذج المخدوعين من الذين لايزالون يصرون على أن الرجل يستحق أن يتولى أى دور – بما فى ذلك دور المعارض أو الرئيس – فى مصر هذه الأيام .
* * * *
أما عن موقفه من سوريا وبرنامجها النووي فلقد نشرت جريدة الدستور الأردنية في 6/11/ 2008 علي لسان "جريجوري شولت" المندوب الدائم للولايات المتحدة في الوكالة الدولية ومكتب الأمم المتحدة في فيينا أن البرادعي أكد للوكالة في ابريل 2006 بأن سوريا أقامت منشأة سرية في الصحراء قرب مدينة "الكبار" وأنه يعتقد -أي البرادعي- أن هذه المنشأة مفاعل نووي ليس للأغراض السلمية يتم بناؤه سراً ويمثل خرقاً من جانب سوريا لاتفاقها مع الوكالة وأن هذا المفاعل يتم بناؤه بمساعدة كوريا الشمالية وبصفات مشابهة لمفاعلها في "يونجيبون" الذي يتم إبطال مفعوله الآن ولكن تم استخدامه لإنتاج مادة " البلوتونيوم" المستخدمة في الأسلحة النووية لكوريا الشمالية وبناءً على هذا التقرير قامت إسرائيل بتدمير المفاعل النووي السوري في سبتمبر 2007. (والأمر نفسه يقال عن مواقفه من إيران ، وكوريا الشمالية بل وعن مفاعل أنشاص وشهادة رفيقه فى الوكالة د. يسرى أبو شادى الخطيرة عن عمالة البرادعى لأمريكا وتآمره على مصر والعرب والمنشورة فى 3 صحف موجودة لمن يريد التثبت من نوعية الدور الجديد الذى جاء البرادعى ليلعبه اليوم فى مصر ولصالح واشنطن وغيرها من دول العالم الثالث المعادية لواشنطن) .
******
(4)
عمرو موسى : الظاهرة الصوتية التطبيعية
* أما عن عمرو موسى فالرجل ابن النظام الحالى والنائم فى حضنه منذ أربعين عاماً ، وهو الصانع الأول للتطبيع مع العدو الإسرائيلى أيام كان وزيراً لخارجية مصر ، وهو المعادى بطبعه للمقاومة ، والذى لا يؤيدها إلا عبر الشاشات والفضائيات المتأمركة ؛ هو فقط يفهم و(شاطر) فى التعامل مع الإعلام والتعامل مع الميديا ، ولكنه مجرد ظاهرة صوتية ، سلوكه التطبيعى وتاريخه فى خدمة التطبيع معلوم وأمثلة لذلك : قام برعاية وعقد المؤتمر العالمى فى شرم الشيخ عام 1996 لدعم إسرائيل وتحديداً شيمون بيريز فى مواجهة نتنياهو بعد سلسلة العمليات الاستشهادية التى قامت بها حماس والجهاد الإسلامى وحضر المؤتمر 30 دولة منها 18 دولة عربية ، وخرج قرارها بدعم إسرائيل ومقاومة الارهاب (الإرهاب المقصود هنا هو المقاومة الفلسطينية) ، ونفس الأمر عن موقفه من الاحتلال الأمريكى للعراق (2003) وعقده لقاءات دافئة مع الحاكم العسكرى الأمريكى بول بريمر على رمال البحر الميت فى الأردن وعلى نفس المنصة ، وتأييده للعدوان ، وعلاقاته الدائمة والمستمرة مع الحكومات التى عينها الاحتلال وإلقائه مؤخراً خطاباً فى البرلمان الكردى الانفصالى وإلى جواره عميلاً أمريكا البرزانى والطالبانى خير مثال على دوره المشبوه لخدمة أمريكا فى المنطقة ، وكذلك موقفه من حزب الله ومساندته سعد الحريرى الأمريكى الهدف والرسالة ، فى الأزمة التى اشتعلت وقسمت لبنان بعد استشهاد رفيق الحريرى عام 2005 ، إلى حد تخصيص سعد الحريرى طائرة خاصة له ليتحرك بها على نفقته ولكى تأتى قراراته ضد المقاومة ولصالح الفريق الأمريكى ، وموقفه إبان عدوان 2006 و2009 ، ومواقفه من التطبيع فى مصر إلى حد إنشاء الجمعية المصرية للسلام والتطبيع برئاسة الراحل لطفى الخولى ود. عبد المنعم سعيد ، وعقده عشرات الاتفاقات واللقاءات مع القيادات الإسرائيلية ، إبان توليه وزارة الخارجية ثم أمين عام (أى سكرتير جلسات) الجامعة العربية ، آخرها لقاء فى سويسرا مع شيمون بيريز عام 2010 ، (ولدى ملفات عن الرجل وتاريخه التطبيعى تقترب من الـ 500 صفحة باليوم والساعة والقرار والوثيقة) ترى هل مثل هذا الشخص يؤتمن على ثورة تطالب بالتغيير وهل رجل نام فى حضن نظام مبارك طيلة كل هذه السنين ولم ينطق إلا (كلام حنجورى) فقط، أمام الإعلام ضد هذا النظام وعلى استحياء ، وعلى الأرض كان يمارس سلوكاً (مباركياً) – نسبة إلى مبارك مائة فى المائة ؟ وهل قادة الفكر والصحافة والثورة من السذاجة بحيث تقنعهم طلة سيادته الأخيرة على قناة العبرية (أقصد العربية : قناة آل سعود والأمريكان) والتى ادعى فيها أنه مع التغيير ، وأنه مستعد لتولى أى منصب يطلبه منه الشعب؟ طيب بأمارة إيه كان سيادته مع هذا الشعب وتلك الأمة خلال السنوات الثلاثين العجاف الماضية ؟ .
******
(5)
زويل : الإسرائيلى الهوى والدور
أما ثالث الثلاثة القادمين لخطف الانتفاضة ، فهو المدعو أحمد زويل والذى ضللنا الإعلام بشأنه كثيراً ، لمجرد أن سيادته حصل على (نوبل) ، والتى لا يحصل عليها إلا كل من ترضى عنه إسرائيل ، ولمجرد أن لسيادته بعض الصبية والدراويش فى الإعلام المصرى يطبلون له ويزمرون منذ سنوات ، ولم يذكروا لنا صورته الحقيقية كاملة ، فقط ذكروا ما يُلمعه لا ما يشينه ، وفقط سأذكر هنا جانبين يراد لنا فى غمرة هذه الفوضى التى تتم لسرقة الثورة أن ننساهما ، الجانب الأول هو علاقات أحمد زويل الدافئة مع النظام المصرى الذى قلده هو والبرادعى أرفع الأوسمة ، وقدم فيه زويل عشرات القصائد من المديح الجميل !! ، وهو ذاته النظام الذى يريد د. زويل صاحب الجنسية الأمريكية الانقضاض الآن عليه بطلب من أمريكا حتى يظل الحكم أمريكياً .
الجانب الثانى هو علاقات زويل القديمة والمستمرة بإسرائيل وعلى سبيل المثال لا الحصر - قد زار إسرائيل مرتين ، وألقى فى الكنيست الإسرائيلى خطاباً تاريخياً يشيد بهم وبدولتهم وبالتقدم العلمى بها ، وقد حصل من معهد وايزمان (بحيفا المحتلة) على جائزة بعد أن أقام به 6 أشهر بغرض مساعدة الجيش الصهيونى فى تطوير منظومة صواريخ تعمل بالليزر أرض أرض وأرض جو ليتم التعامل من خلالها مع صواريخ حزب الله فى الجنوب اللبنانى . (تفاصيل هذه المعلومات فى السيرة الذاتية لأحمد زويل والتى قال فيها إنه حصل على جائزة ولف برايز الاسرائيلية عام 1993م ، ووردت أيضاً فى كتاب شخصيات لها تاريخ - جلال أمين - القاهرة، دار الشروق، ط2 ، 2008 ، وفى صحيفة الاهرام ويكلي عدد 20 فبراير 2002م ، وفى مقال يوسف القعيد في مقال في جريدة الأسبوع بتاريخ 23 يناير 2006م ، وأيضاً فى مقال صلاح بديوي على شبكة الإنترنت على موقع صوت المقاومة ، وحكى فيه أنه في ندوة في جامعة القاهرة واجه المرحوم اللواء صلاح الدين سليم زويل بهذه المعلومات فرد ببرود : إن العلم لا وطن له) هل عندما يقرأ شبابنا وعلماؤنا الصغار هذه المعلومات عن رجل أحبوه (مثل أحمد زويل) ، وطنطن له الإعلام العالمى والمحلى وبعض الصبية من صغار الباحثين والصحفيين!! هل مثل هذا الشخص يؤتمن على حكم مصر ، أو على مجلس حكماء مزعوم يوجه السياسة المصرية بعد ثورة الدم والشهادة) .
******
(6)
* هذا هو الثالوث الأمريكى ، القادم لوراثة حكم مبارك (الأمريكى أيضاً) ، والذى يؤازره عدة أجنحة من الانتهازيين : جناح إعلامى مصرى وعربى ، جناح حزبى انتهازى ، جناح رأسمالى يريد الحفاظ على مكتسباته اللصوصية التى سبق ونهبها فى عهد مبارك .
إن هؤلاء جميعاً يريدون لنا أن نبتلع الطعم ، وأن نقدم لهم ثمار الثورة على طبق من ذهب، ثورة لم يصنعوها ولم يشاركوا فيها وأتوا أو دفعوا أمريكياً وإسرائيلياً لكى يقطفوا ثمارها ، فهل يقبل أبناء مصر الشرفاء ذلك ؟ هل نحن من السذاجة ، أو الخوف ، بحيث نقبل أن يُضحك علينا مرتين ؛ الأولى من نظام فاسد ومستبد استمر ثلاثين عاماً ، والثانية من ثالوث أمريكى جديد مدفوع إلينا ليقطف ثمار النصر ويؤمركها حتى تضمن أمريكا وإسرائيل ألا تتهدد مصالحهم فى أهم دولة فى منطقة الشرق الأوسط ؟ .
* إننى أدعو كل الشرفاء من الإعلاميين والسياسيين والثائرين إلى الانتباه إلى هذا (الفخ الأمريكى) الجديد ، وأن يبادروا ليس فحسب إلى رفضه بل إلى فضحه ومقاومته ، ولتبدأ المقاومة بمطلب قومى جديد للثوار : " قطع العلاقات مع واشنطن وتل أبيب وطرد سفيريهما فى القاهرة ، وحصار سفارتيهما حتى يتم هذا الأمر ، إذا ما تم رفع هذا الشعار والمطلب ، فوراً فسوف يسقط النظام الحليف لأمريكا والجاثم على صدورنا منذ 30 عاماً ، وسيأخذ فى يده وهو خارج الثالوث الأمريكى الجديد (البرادعى وزويل وعمرو موسى) ، ومن لف لفه ، وزيَّف زيفه ، لأنهم لن يقبلوا بأن يمس "السيد" وسفارته التى تحرك الجميع فى مصر .. ذلك هو التحدى .. فمن له؟


الفصل الثانى
أسئلة الثورة المسروقة
* لايزال الفريق المتأمرك يريد خطف ثورة 25 يناير ، ويُفعل هذه الرغبة ، عبر الجناح السياسى له بقيادة البرادعى وأحمد زويل وبعض ممن سموا أنفسهم بلجان الحكماء ومن سار فى فلك أفكارهم وطموحاتهم الصغيرة ، والجناح الإعلامى بقيادة بعض الفضائيات ووسائل الإعلام المقروءة من بينها (قناة العربية) المشهورة فلسطينياً وعربياً بقناة (العبرية) لعلاقاتها التاريخية الوطيدة بإسرائيل والإدارة الأمريكية ؛ هذا (الفريق المتأمرك) لا يختلف فى الهدف عن فريق النظام المصرى الحاكم الآن ، الاختلاف فقط فى (الوسيلة) وفى (الشكل) ، لكن الخيارات الاستراتيجية واحدة ، والعلاقة مع الكيان الصهيونى باقية ، والاستبداد (الديمقراطى) مستمر ، والتغييرات فقط فى الشكل لا فى الجوهر ، فقط هم يريدون ألا تخرج مصر عن الخط والاستراتيجية الأمريكية ، هذا الخطف لمصر الدولة ، وإبقاؤها على نفس السياسات الاستبدادية القديمة ، مع تغيرات فى الشكل فقط ، مع ضمان أمركتها وأسرلتها (نسبة إلى إسرائيل) بالكامل ، هو عين ما نسميه بسرقة الثورة ، تلك الثورة التى بدأت بشباب الفيس بوك يوم 25 يناير 2011 وانتهت بمحاولات ركوبها من الأحزاب والقوى القديمة الانتهازية، إن هذه السرقة تطرح عدة تساؤلات تحتاج إلى إجابة وإلى تأمل وحوار .
(1)
السؤال الأول من أسئلة الثورة المسروقة ، بعد (جمعة الرحيل 4/2/2011) والتى لم تنجح فى فرض رحيل مبارك وتنحيته كما أراد وتمنى الثائرون فى ميدان التحرير ، السؤال هنا ، لماذا لم يحاول هؤلاء الثائرون وبخاصة الجماعات الفاعلة منهم ، بإبداع وسائل جديدة للضغط ، ومنها محاولة حصار السفارتين (الأمريكية) و(الإسرائيلية) ، وقد نصحناهم ونصحهم غيرنا بذلك منذ أيام . ولو فعلوا لكان قد تحقق لهم فى (جمعة الرحيل) ما أرادوه ، وكان بالفعل مبارك قد تنحى ، وكانوا قد حققوا بهذا الفعل الثورى النقى عدة أهداف منها أن حركتهم الثورية ستتخلص من عملاء أمريكا الذين يركبون الآن جزءاً لا بأس به من الثورة مثل مؤيدى أحمد زويل الأمريكى – الإسرائيلى الدور والتاريخ - الذى كما سبق وذكرنا فى مقال سابق أنه زار إسرائيل فى التسعينات وعمل بها لمدة 6 أشهر وطور صواريخها بالليزر وحصل على جائزة وايزمان ومثله مثل مؤيدى البرادعى (رجل أمريكا الجديد والذى دُمرت عبر تقاريره ودوره المشبوه العراق ، والذى لم يكتب تقريراً واحداً طيلة الـ 12 عاماً فى رئاسة هيئة الطاقة النووية عن إسرائيل ، وكان دائماً هو مخلب واشنطن ضد العرب والمسلمين وبخاصة إيران – سوريا – مصر بالإضافة لكوريا الشمالية ، وغيرهم – كما سبق وأوضحنا فى دراسات سابقة عبر هذه الصحيفة وغيرها ، ولو كان شباب الثورة الأنقياء قد فعلوا ذلك لكانوا قد خلقوا إجماعاً وطنياً لا تناقضات داخلية فيه مثلما نشاهدها الآن،فى الـ 50 تياراً وجماعة واتجاهاً ، لا قيادة لهم،ولا وحدة مطلبية لهم سوى شعارات وهمية متعارضة ، بعضها من شدة حمقه وصل فى علو سقفه السياسى إلى حد قولهم بضرورة إعدام حسنى مبارك فوراً وليس فقط تنحيه عن الحكم!!.
إن عدم قيام القوى الفاعلة فى ثورة 25 يناير ، والمستمرة حتى اليوم بعدم حصار السفارتين الإسرائيلية والأمريكية ، ضيع ولايزال عليها فرصاً كثيرة ، وأثار شكوكاً أكثر حول دور بعض المتأمركين داخل جماعات الثورة ، على حرف مسار الثورة إلى مسارب أخرى غير مجدية ، مسارب ستنتهى بالفشل أو ستنتهى بوقوع الثورة فى أيدى الأمريكان، وتبقى مصر كـما كانت – حتى لو ذهب مبارك – إمارة أمريكية ، إقتصاداً وفساداً ، وخيارات، ومستقبلاً ، طـالما أن الذى سـيقودها سيـكون من عينة الـبرادعى الأمـريكانى !! .
وهنا أيضاً بعد التحية توجد حركة قوية من الحركات التى تقود الثورة هى حركة (عرب بلا حدود) ومن قياداتها سامى دياب ، أدعوهم بعد التحية إلى تبنى هذا المقترح الذى أشرنا إليه سلفاً ؛ مقترح حصار السفارتين الأمريكية والإسرائيلية فوراً .
(2)
السؤال الثانى من أسئلة الثورة المسروقة ؛ حيث تمحور حول : هل عملية التطويل ، وعدم الحسم فى الثورة حتى اليوم (الأحد 6/2/2011) أى بعد مرور 12 يوماً على بدئها، يعود إلى أن أمريكا تتلاعب بالنظام الحالى وبالثوار معاً لحين ترتيب البيت المصرى ليأتى رجالها الجدد ليقطفوا الثمرة ؟ هل هذا صحيح ؛ وهل الرسائل المتتالية التى يرسلها أوباما وفريقه السياسى كل يوم عبر إعلامهم المتأمرك (أمثال قيادات العربية – الجزيرة – BBC – سى . إن . إن) وغيرها من الصحف المقروءة والإعلام المسموع ، تدخل فى هذا السياق ؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فلماذا لم يحاول كلا الطرفين ؛ بقايا النظام الحاكم وممثلى الثورة وبعض الأحزاب والقوى المعارضة الوصول إلى صيغة وسط تضمن (للدولة المصرية) وليس للنظام الفاسد الحاكم ، الاستمرار والخروج من الأزمة الخانقة التى طالت بسطاء الناس ، والذين سينفجرون غداً فى وجه الاثنين معاً ؛ بقايا النظام وبقايا الثوار فى ميدان التحرير؟! .
* إن أوباما بتلاعبه الحقير ، ورسائله الأكثر حقارة والتى تتدخل فى شأن مصرى داخلى ، كان ينبغى الرد عليه بقسوة ، ليس هذا النظام الضعيف بل من الثوار ، الرد بالقول له أن احترم نفسك وابعد عن وطننا فنحن من نقرر مصيرنا بأنفسنا ، أما أن يصمت الجميع ولا يردوا خاصة من يقودون جماعات الثوار (لأن النظام أصلاً متأمرك وبالتالى رده من عدمه لا قيمة له) فإن صمت هؤلاء الثوار ، خطأ جسيم ينبغى أن يصححوه فوراً ، بأن يردوا على أوباما عملياً ، إما بحصار سفارته أو محاولة اقتحامها والحصول من داخلها على وثائق العمالة لغالب الأنظمة العربية والتى تملأ أدراج مقر الـ C.I.A والـ F.B.I داخل أسوار السفارة ، وساعتها ليس فقط سيصمت أوباما هو وفريقه من اليهود الأمريكيين بل سيسعى جاهداً للضغط على النظام المصرى ، ليحل الأزمة ، بل يقدم لنا تنازلات مهمة فى الملف العراقى والفلسطينى والأفغانى واللبنانى ، وسينكشف عملاؤه الذين يقودون فريقاً من الثوار (للأسف) أمثال محمد البرادعى وأحمد زويل ، ومن لف لفهم من منظمات حقوقية ومحطات فضائية ورؤساء أحزاب صغيرة ، كانت حتى الأمس تتسول منه الأموال والدعم ضد (الدولة المصرية) لهدمها وأسرلتها بالكامل وليس ضد النظام الفاسد السابق .
* هذا هو الرد يا رجال الثورة الشرفاء ، أما صمتكم على أوباما وفريقه السياسى وتصريحاتهم المتتالية والمتدخلة فى الشأن المصرى ، فإنه يجرح جمال الثورة ويشوه صورتها ، ويجعل فريقاً من الرأى العام يقتنع يومياً بأنها (ثورة أمريكية) ، يقودها رجل أمريكى جديد ، تستهدف فقط تجديد الدماء للوجود الأمريكى فى مصر ليس إلا .


(3)
أما السؤال الثالث ، فهو سؤال يحيرنى ، لقد اختفى فجأة منظرو النظام السياسى الحاكم ، الذين صدعوا رؤوسنا صباح مساء بالديمقراطية ، وبقوة النظام وقدرته على البقاء ، وظلوا يُنظّرون له وتحديداً للوريث – المتعوس الآن – جمال مبارك ، الذى بلا شك ، هو الآن يلعن اليوم الذى وُلد فيه ، والذى دفعته فيه أمه أو أبوه إلى العمل فى السياسة ، وبحرها الهائج ؛ أسأل أين هؤلاء المنظرون وأقصد تحديداً (المدعو عبد المنعم سعيد ، ود. على الدين هلال ، وصفوت الشريف – د. محمد كمال – أنيس منصور – د. جابر عصفور – د.محمود محيى الدين وغيرهم) ممن أحلوا الحرام وحرموا الحلال فى السياسة ، كما فى الاقتصاد ، وسرقوا الوطن وصادروا المستقبل، وكانت لهم جميعاً علاقات مشبوهة مع العدو الصهيونى (عبدالمنعم سعيد كان مُؤسساً ورئيساً لجمعية القاهرة للتطبيع والسلام) ، وكانوا معادين بالفطرة ، والمصلحة للمقاومة العربية الشريفة فى لبنان (حزب الله) وفى فلسطين (حماس والجهاد) والعراق وأفغانستان وكانوا دعاة للرأسمالية المتوحشة ، أين هم اليوم ؟ ولماذا قفزوا من السفينة عندما بدأت فى الغرق ؟ ألا يستحق هؤلاء أن يُحاكموا قبل أحمد عز ؟ ألم يفسد هؤلاء فى الأرض عبر الصحافة والإعلام والفكر والسياسة ؟ ألم يكن خطرهم على الوطن أشد قسوة من ممارسات أحمد عز ولصوص الاقتصاد والتجارة ؟ لماذا لا تفتح ملفاتهم الفكرية والسياسية ؟ لماذا لا يعد شباب الثورة الشرفاء - من غير المتأمركين - ملفات كاملة عن منظرى النظام السابق حتى نحاكمهم على تضييعهم للوطن ولهويته ، ودوره القومى ؟ إن هذه من الأدوار المهمة المنسية والمسروقة للانتفاضة التى ينبغى أن تُستكمل وأن تُفتح عن آخرها حتى لا تضيع دماء الشهداء هباءً .
(4)
السؤال الرابع يدور حول : لماذا لا تُفتح ملفات جميع رجال أعمال النظام كلهم ، لماذا يقتصر الأمر على خمسة فقط ؟ لماذا لا تفتح ملفات الـ 60 رجل أعمال من رجالات النظام الذين أفسدوا فى البر والبحر والجو ، لماذا لا يفتح - مثلاً - ملف الطريق الصحراوى وسرقتهم (15 مليون فدان منه) خصصها لهم نظام مبارك ، وكانت مخصصة من قبل لتزرع قمحاً يكفى هذا البلد فى سنوات الحاجة والجفاف بدلاً من مد اليد إلى دولة حقيرة مثل أمريكا ، تتحكم فينا الآن وتتداخل فى شؤوننا الداخلية وتكاد تفرض رئيسها الجديد علينا ، بسبب المعونة التى تقدمها لنا؟ لقد فتحت جريدة الدستور المصرية منذ أيام ملف سرقة هذه الأرض ، ونشرت أسماء السارقين ومنهم أصحاب صحف خاصة وفضائيات خاصة ولم يحاسبوا ، الطريف – والمحزن معاً – هو قيام هؤلاء بالتشاطر علينا ، والضحك على ذقوننا ، بأن سارعوا بالإعلان أنهم مع الانتفاضة الشعبية ، بل بالغ بعضهم وأسماها بالثورة فى مزايدة مع المذيع الذى كان يحاوره على إحدى فضائياته ؛ هؤلاء ومن البجاحة بحيث يلونون أنفسهم كالحرباء مع كل عهد ، ومع كل وسيلة إعلام ، ومع كل انتفاضة ، أسأل لماذا لا نفتح ملفاتهم بالكامل ولماذا لا نجبرهم على رد أراضى الطريق الصحراوى التى سرقوها وحولوها لمنتجعات سياحية بدلاً من زراعتها بالقمح ؟ .
* إن هذا ليس واجبا على النظام الحالى الذى سيظل يحميهم مهما ادعى العكس لأنه متداخل ومتورط معهم فى الجريمة ، إن المطلوب منهم فتح ملفات سارقى المال العام (وتحديداً الـ 15 مليون فدان على طريق مصر اسكندرية الصحراوى هم شباب الثورة ، وعليهم أن يضيفوا لملفات منظرى ومفكرى واعلامى النظام الفاسد ، ملفات الـ 60 رجال أعمال من لصوص نفس النظام ، إن التغير الجذرى فى هيكل نظام الحكم وبدء صفحة جديدة لمصر الحرة المستقلة لا يبدأ من جانب واحد ، ولا يبدأ فقط من مجرد تنحية (مبارك) بل يبدأ أيضاً من فتح ملفات لصوص المال العام من رجال الأعمال ، هؤلاء خلال الـ 30 عاماً العجاف الماضية ، فهل يقدر أبناء الثورة الجديدة على ذلك ... هذا هو التحدى الأخطر !! .
(5)
أما السؤال الخامس والأخير من أسئلة الثورة المسروقة ، فهو بصراحة يحيرنى ، حيث لاحظت كثرة المتسابقين والمزايدين الراغبين فى أكل والتهام تورتة الانتفاضة أو الثورة القائمة ، وخريطتهم واسعة فمن فريق من الإخوان المسلمين (للأسف) إلى رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الذى حرَّم مظاهرة 25 يناير لأنها تأتى فى ذكرى عيد الشرطة ، كما قال فى برنامج (90 دقيقة ليلة 25/1/2011) ثم جاء بعد أن انتصرت الانتفاضة خرج ليقول بكل بجاحة مشهود له بها تاريخياً ، إن شعارات حزبه هى التى كان يرفعها المتظاهرون ، وإن شباب حزبه (رغم أنه لم يعد لديه حزب بفضل صفقاته وسياساته) هم الذين قادوا المظاهرة ، من هذا الرجل وحزبه إلى الأحزاب الأخرى التى تدعى الليبرالية والناصرية والشيوعية ، إلى المدعو محمد البرادعى الأمريكى الهدف والرسالة ، حتى ما يسمى الآن (بلجان الحكماء) التى ظاهرها الرحمة وباطن أغلبها التنسيق مع رجال النظام الذى كان أصحاب لجان الحكماء أصدقاء وربما موظفين لديهم فيما مضى ، وبعضهم جاء من مراكز أبحاث أمريكية تعمل مع المخابرات الأمريكية مثل (معهد كارينجى) ، هؤلاء جميعاً جاءوا للبحث عن قطعة من تورتة الثورة ، رغم أن هذه التورتة لم تستو بعد ، وربما لن تستوى أبداً ، فالنظام يلتف عليها ، والانقسامات بدأت تشقها ، والباحثون بداخلها عن مغنم وليس مغرماً أو تضحية شريفة ، بدأوا يتكاثرون ، تُرى لماذا تزايد الراغبون فى قضم تورتة الثورة غير الناضجة تماماً للأكل ؟ هل هى الأمراض القديمة / الجديدة للطبقة السياسية المصرية ؟ هل لحظة الصدمة الكبرى التى يمر بها الوطن وتجعل الجميع فى حالة صراع نحو السلطة والثروة المتوهمة أم هو عدم الإخلاص ، والشرف ، الذى يميز الكثيرين فى نخبتنا وأحزابنا وقوانا السياسية .
* أياً كانت الإجابة ، فإننا نحذر ، شباب الثورة من خطورة المزايدين عليها والمحاولين ركوب موجتها ، والذين تكاثروا الآن بعد أن التقطوا الأنفاس ، وبدأوا يدركون موضع أقدامهم؛ والمشاهد لمظاهرة يوم الجمعة الماضية (4/2/2011) يدرك تماماً أنهم تكاثروا ، وازدادوا شراسة ووقاحة فى التعبير عن مطالبهم التى لم تكن يوماً هى مطالب شباب 25 يناير ؛ فليحذر إذن الشباب ، منهم ، وممن يحاول على الضفة الأخرى ، فى واشنطن توجيه كل – أو بعض – هؤلاء الراكبين للانتفاضة ، من ضرورة ركوبها بسرعة حتى لا تسقط الجائزة الكبرى – مصر – كما كان يسميها بوش الابن ، وكونداليزا رايس ، فى أيدى الثوار المخلصين ، الشرفاء ، الكارهين لأمريكا وللاستبداد معاً .
* تلك بعض أسئلة الثورة المسروقة ، فى وطنى الذى ( إن قدر الإله ممات ثورته تلك ، لن ترى الشرق يرفع الرأس بعده ) مع الاعتذار لحافظ إبراهيم.



الفصل الثالث
الثورة يصنعها الشرفاء ويسرقها " الأوغاد "
(1)
* من العبارات البليغة التى يحفظها التاريخ للمناضل الثورى تشى جيفارا قوله (إن الثورات يصنعها الشرفاء ويسرقها الأوغاد) ، ويبدو أن القول رغم قسوته ، ينطبق حرفياً على ما جرى ولايزال يجرى للثورة المصرية التى انطلقت شرارتها الأولى صباح يوم 25 يناير 2011 ، لماذا ؟!
* إن الناظر لمشهد الجالسين حول مائدة الحوار مع نائب الرئيس المصرى (عمر سليمان) ، لا يملك إلا أن يقع على الأرض ، من شدة الضحك والسخرية ، من عمق التناقضات بين الشخصيات والقوى ، التى جاءت جميعاً تتحدث باسم الثورة التى (تجلس) بدورها حول الكعكة الحجرية فى ميدان التحرير ، ويسأل بعد أن يقوم من على الأرض ، من شدة الضحك : من الذى جمع المهندس نجيب ساويرس رجل الأعمال وصديق جمال مبارك وصاحب منتجع الجونة الذى يختفى فيه الآن المهندس أحمد عز المتهم بدوره بسرقة 60 مليار جنيه من أموال الشعب فضلاً عن احتكار الحديد فى مصر ، إلى جوار الصديق الكاتب القومى الثورى مصطفى بكرى الذى بالمناسبة بينه وبين ساويرس عشرات القضايا والاتهامات بالخيانة ، ويتوسطهم الدكتور محمد مرسى عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان التى رفضت المشاركة فى المظاهرات يوم 25 يناير ثم شاركت يوم 28 يناير بعد أن اطمأنت على نجاحها، وإلى جواره المدعو رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليسارى الذى أفتى بحرمة التظاهر يوم 25 يناير لأنه يوم عيد الشرطة المصرية ، واستهجن ذلك كثيراً فى برنامج "90 دقيقة" على قناة المحور ليلة التظاهر ثم إذا به يعلن وبكل بساطة ودون أى خجل فى نفس القناة أن شباب حزبه هم الذين كانوا يقودون المظاهرات ، وأن شعارات تلك المظاهرات عن الخبز والعدل الاجتماعى هى شعارات حزبه ؛ رغم أنه يعلم ، والناس تعلم وحزبه يعلم أنه لم يعد لديه حزب بالمعنى السياسى والتنظيمى للكلمة ، وأنه بفضل صفقاته وسياساته مع النظام الحاكم قد فرَّغه تماماً من أى وجود ، وإلى جوار هؤلاء جميعاً يجلس زعماء قوى أخرى وأسماء أخرى بلا قيمة منها الأحزاب الصغيرة التى بلا جمهور ، وليس بها سوى رئيس للحزب فقط ، أما حزب الوفد ، والناصرى ، فكان وجودهما مضحكاً للغاية ، لأنهما بدوا وكأنهما زعماء الشعب المصرى – غير الموجود أصلاً على الطاولة .
أما شباب الانتفاضة ، أو ممثلوها ، فهم غير موجودين بالمرة ومن التقى بهم عمر سليمان ، تبرأ زملاؤهم منهم واعتبروهم عملاء للحكومة .
* إذن أين صناع الثورة ؟ ومن هؤلاء إذن ولماذا جلسوا وعمن يعبرون وبأية صفة يتحدثون؟ لقد كان المشهد ليلة أول أمس مضحكاً .. ولكنه كما قال قديماً المتنبى ضحك كالبكاء ، (ضحك مر) لا يوجد إلا فى مصر وحدها ، وكنا نحسب أن هذه الثورة قد قضت عليه ، ولكنه سرعان ما عاد ، ليبكينا ، لا ليضحكنا ، يبكينا على هذا الكم من الانتهازية السياسية، والسرقة لدماء 350 شهيداً و5 آلاف جريح فى الانتفاضة الأخيرة ، سرقة لدماء عشرات المجاهدين ضد الاستبداد والتبعية لواشنطن والتطبيع مع العدو الصهيونى منذ 1981 وحتى 2011 ؛ ولكن ، ماذا نفعل وحُمرة الخجل ، قد اختفت ، ولأنها كذلك ، فليس لدينا ، سوى محاولة استـرجاعها ، بفضح لصوص الانتفاضة أو كما أسمـاهم ذات يوم جيفـارا (بالأوغاد) .


(2)
ولكى نعود إلى أصول المسائل فى محاولة لاستشراف المستقبل ، دعونا نقول إن ما جرى يوم 25 يناير الماضى ، من ثورة مصرية ضد النظام ، صنعت مقدماته عبر ثلاثين عاماً من الجهاد والتضحيات ، لقد صنعه كل من:
* شباب الفيس بوك غير المنضوين تحت لواء حزبى أو نقابى .
* كل من كتب أو سجن أو قتل بسبب استبداد النظام طيلة الـ 30 عاماً .
* كل من رفض الوجود الأمريكى وقاوم التطبيع وضحى فى سبيل ذلك .
* فقراء الوطن من العمال والفلاحين ومظاهراتهم المطلبية الرائدة .
هؤلاء جميعاً هم من صنع الثورة ، وليس رجال الأعمال الذين نهبوا المال العام وسرقوا البنوك واستولوا على 18 مليون فدان من أرض مصر وأفقروها ، وهى الغنية بمواردها وثرواتها وأهلها ، والآن يزايدون على الثورة بالادعاء أنهم معها ، وأنهم مشاركون فى (لجان الحكماء) المزعومة وأنهم (ثوار) [ طيب بأمارة إيه ] ، ثم ما هذه النوعية الغريبة من الثوار التى لم نسمع بها من قبل ؟ إن هؤلاء باختصار ، يسرقون الثورة ، خوفاً على أموالهم ومشاريعهم التى نهبوها من دم الشعب المصرى ؛ وعلى نفس الوتيرة تأتى ألوان الطيف السياسى الانتهازى التى تحاول اليوم ركوب هذه الانتفاضة اليتيمة ، أما أباؤها الحقيقيون ، فإنهم بدأوا يبتعدون ، تدريجياً ليس فحسب عن (ميدان التحرير) بل عن فكرة الثورة ذاتها ، بعد أن بدأوا يدركون أنها تُسرق منهم ، وأن الناس بدأت تحملهم مسؤولية العبء الأكبر من تكاليفها (معاناة فقراء الشعب المصرى ، وارتفاع الأسعار وقطع الأرزاق للعمال والشركات والمصالح) ، إن صناع الثورة ، بدأوا فى التوارى ، وتقدم السُراق ، واللصوص ودعونا نتأمل مشاهد من هذه السرقة .
(3)
* إن المتأمل لخريطة القوى التى تحاول أن تسرق الانتفاضة سوف يكتشف مدى اتساعها وتزايدها يوماً إثر يوم ، ولكن بالمجمل دعونا نقول إنها تحتوى على أربع مجموعات من اللصوص :
* بقايا النظام الحاكم الذين أطلقوا (موقعة الجمال والبغال) ولايزالون يلتفون حول مطالب المنتفضين بحيل جديدة ، وهؤلاء كالحرباء يتلونون كل يوم بلون ، وسنكتشف بعد حين أنهم الأخطر والأبقى للأسف !!
* التيار المتأمرك داخل الانتفاضة من أتباع البرادعى وزويل وعمرو موسى .
* الانتهازيون من القوى والأحزاب والتيارات القديمة التى ركبت الثورة فى الربع ساعة الأخير .
* رجال الأعمال الذين يدعون اليوم مساندة الثورة وكانوا بالأمس ينامون فى حضن جمال مبارك وبعض هؤلاء يمتلكون صحفاً وفضائيات خاصة تدعى مساندة الثورة ، وهم فى الواقع يسرقونها ، ويركبونها حتى لا تدمى أيديهم ومقدمتهم غداً .
هؤلاء السراق أو من سبق وأسماهم تشى جيفارا بـ (الأوغاد) يسابقون الزمن ، لكى يجهضوا ثورة 25 يناير ، ويقدمون لنا ثورة أخرى غريبة كلية عن الثورة الأولى يغلب عليها الطابع المتأمرك (سواء من داخل النظام بقيادة بقايا نظام مبارك أو من خارجه بقيادة الثالوث محمد البرادعى – أحمد زويل – عمرو موسى) ، فالفريق المتأمرك مثلاً داخل النظام يصر على طاعة أوامر أوباما ومن يرسلهم للقاهرة ، وينفذ لهم كل ما يطلبون ، وفى ذلة وانكسار ، وهو الفريق عينه الذى لا يجرؤ على أن يقول لا للتدخل الأمريكى ، وعندما يفتح الله على أبو الغيط بكلمة نجده يهاجم إيران بشراسة بسبب خطبة أو موقف سياسى واحد لمرشد ثورتها خامنئى ، رأى فيها تدخلاً فى الشأن المصرى ، ونحن معه وبقوة نرفض هذه الخطبة وهذا التدخل ، ولكن المعلوم للكافة أن التدخل الأمريكى الوقح فى شؤوننا هو الأكبر والأخطر وأن لأمريكا فى بلادنا 36 ألف أمريكى يعملون فى مواقع عسكرية وسياسية واقتصادية وثـقافية حساسة للغاية ويمثلون أكبر جالية لواشنطن فى العالم ، وبالسفارة الأمريكية بالقاهرة المقر المركزى للـ C.I.A والـ F.B.I ، وتدخل واشنطن فى قرارنا السياسى قديماً والآن ، غنى عن أى بيان ، إذن هذا الأمر كان يتطلب من الجناح المتأمرك فى نظامنا السياسى ، أن يرد وبقوة أو يرحل ، ليترك للمنتفضين المتطهرين من رجس واشنطن ، أن يقولوا هم ، ويفعلوا هم ؛ ويوازى هذا الجناح ويمضى على خطاه ، الجناح الأمريكى المدسوس وسط المنتفضين والذى يقوده محمد البرادعى صاحب التقارير والوثائق التى دمرت العراق ، والذى يصر يومياً على تعلية السقف السياسى للانتفاضة رغم أنه جالس فى قصره خلف الأشجار فى منتجع زهير جرانة – المحال للتحقيق باعتباره لصاً للمال العام - على الطريق الصحراوى ، ولم ينم ليلة واحدة مع شباب الثورة ، فقط هو متفرغ للقاء السفيرة الأمريكية والسفير الإسرائيلى والاتصال بأوباما كل ساعة ، والإدلاء بالتصريحات للجناح الإعلامى للمخابرات الأمريكية فى المنطقة بقيادة قناتى الجزيرة (والعبرية) أقصد العربية ، ثم هو أيضاً فى انتظار الجماهير لتحمله إلى (عرش مصر) !! ومعه يأتى الدكتور أحمد زويل المستشار الخاص لأوباما والذى أرسله لمصر على وجه السرعة ليصدر بياناً (من 5 نقاط) يطالب فيه هو الآخر بتنحى مبارك الذى سبق ومنحه عدة أوسمة وكان من المهرجين الكبار فى حضرة مبارك طيلة السنوات العشر الماضية ، وزويل – كما كتبنا فى هذه الصحيفة وغيرها وسنظل نكتب حتى يستفيق النُومُ من مثـقفينا المنبهرين به – حصل على جائزة وايزمان من جامعة حيفا لقيامه بالمساهمة فى مشروع تطوير الصواريخ الموجهة بالليزر ضد المقاومة اللبنانية أوائل التسعينات وظل ضيفاً على إسرائيل 6 أشهر وزارها بعد ذلك مرتين ، وألقى خطابين فى الكنيست الإسرائيلى ، ولذلك سهلت له الحصول على جائزة نوبل ، هو الآخر جاء ليركب الانتفاضة أو ليؤمركها ، وثالث الثلاثة هو عمرو موسى ، رجل النظام والتطبيع والأمركة المخلص ، جاء هو الآخر ليحول دون تحول الانتفاضة إلى ثورة شعبية بعيدة عن النفوذ والتوجه الأمريكى ، هذا الفريق يتعاون معه رجال أعمال يمتلكون فضائيات وصحفاً خاصة تدعى الآن الثورية رغم أنها كانت قبل 25 يناير تسبح بحمد مباحث أمن الدولة ، وأحسب أنه من المفيد للأمة كلها أن يتم عمل (تحليل مضمون) و(تحليل مواقف) لهذه الصحف ولمُلاكها وصحفييها الثابتين التابعين المسبحين بحمد النظام السابق ، هل يا ترى مثل هذه الخريطة من المتأمركين داخل وخارج النظام تصلح لأن تؤتمن على حماية ثورة 25 يناير وابقائها على نقائها ، وأهدافها النبيلة أم أن هؤلاء يعدون – معاً – أو منفردين استراتيجية لإجهاض هذه الثورة وسرقتها ؟ نحن أميل إلى الاحتمال الثانى وأخشى أن أقول إنه للأسف ينجح ، فيما يتوارى صُناع الثورة أو يُضحك عليهم بالكلام المعسول والصحافة الكاذبة ، والفضائيات المغشوشة ، التى تديرها جميعاً ، سواء بعلم أو بدون علم ، استراتيجية واحدة تتمثل فى بقاء (أمركة واستبداد النظام المصرى السياسى الحاكم) على حالها ، والخروج الآمن ليس لنظام حسنى مبارك أو حتى لشخصه ، بل لشباب الانتفاضة حتى يحتل مكانهم ، قوى أخرى ، ووجوه أخرى ، أحسب أنها الآن بالفعل موجودة فى ميدان التحرير بالقاهرة وميدان المنشية بالاسكندرية ، البقعتان الوحيدتان اللتان لاتزالان ، مشتعلتان باسم الثورة ، لكن صورة الثوار فيهما اليوم ، مختلفة كلية عن ثورة 25 يناير ، الذين أزعم أنهم تسربوا ولم يبق منهم إلا النذر اليسير ، إما إحباطاً أو مللاً أو إدراكاً بأن راكبى الثورة وسُراقها الجدد ، قد باتوا أكثرية ، ذات مطالب ، وأهداف مختلفة كلية عما طالب به ثوار وشهداء 25 يناير ! .
******
(4)
إذا كان هذا هو حال صُناع الثورة وسُراقها ، شرفاء الثورة وأوغادها (وفقاً لنظرية جيفارا) فما العمل لكى يعود إليها وجهها المشرق ثانية قبل أن يضيع تماماً بعد 15 يوماً فى الشارع ؟ الإجابة باختصار ، وببساطة ، هى فى قيام ثوار اليوم الأول للانتفاضة بمبادرة عاجلة لتكوين جبهة ميدانية من القوى التى صنعت الثورة فعلياً ، وليس من أولئك الذين جلسوا على (منضدة عمر سليمان) بعد أن جلبوهم من مكاتبهم المكيفة ، وارتدوا معه الكرافتات لزوم تصوير قنوات التليفزيون المصرى البائسة ، وقناة العبرية (أقصد العربية) لهم ، لكى يسوقوا (حلهم السحرى) فى إجهاض الانتفاضة لصالح واشنطن وتل أبيب ؛ الحل فى تكوين جبهة واسعة ، من شباب الانتفاضة ومن القوى الحزبية والسياسية الشريفة الداعمة لهذه الانتفاضة ، وهى قوى معلومة لشرفاء الوطن ، وليس للصوصه الجدد والقدامى ، (جبهة واسعة ومنظمة) تعيد ترتيب الأولويات ، بعد ترتيب الصفوف ، وتعيد زخم الانتفاضة – الثورة بمطالب جديدة أبعد من (تنحى حسنى مبارك) ذلك الشعار الذى فى ظنى بدأ يفقد بريقه بعد حركات الالتفاف البهلوانية الواسعة عليه من الجميع ، وعليه ففى مقدمة المطالب الجديدة التى ينبغى أن تضعها هذه الجبهة الوطنية الجديدة ، مطلب (طرد سفيرى العدو الصهيونى والأمريكى من القاهرة) ، وهو مطلب إن وجد ترجمة عملية له سواء فى المحاضرات أو الكلمات التى تُلقى على المتظاهرين أو فى المسيرات التى ينبغى أن توجه إلى مقر السفارتين الأمريكية والإسرائيلية بالقاهرة ، وتحاصرهما لحين تنفيذ هذا المطلب الوطنى الجامع والجديد ، فإن دماً جديداً سوف ينضح فى شرايين الثورة ، ووجهاً قومياً وطنياً بازغاً سوف يُشرق ، وسيعاد لثورة (25 يناير) زخمها ووجهها الجميل المشرق قبل أن يسرقه (الأوغاد) وسيتوارى هؤلاء اللصوص بعيداً ، لأنهم سيفضلون (نداء واشنطن) على (نداء الوطن) ، ولن يجد لصوص الثورة ما يقولونه ويبيعونه للنظام على مائدة الحوار ، ولن يجد النظام نفسه ما يعدهم به من مغانم ومكاسب ، وسيهرب رجال الأعمال أصحاب الفهلوة السياسية الكاذبة الذين يضعون رِجلاً فى حقل الثورة ورِجلاً فى حقل النظام المتأمرك ، وستنتهى معاناة الناس فى أعمالهم وأرزاقهم المقطوعة بحجة الانتفاضة ، ولن يجرؤ أحد على المتاجرة بأوجاعهم لأن المظاهرات ساعتها ستكون أمام سفارة العدو الصهيونى فى الجيزة ، وسفارة العدو الأمريكى فى الشوارع الجانبية المجاورة لميدان التحرير ، وسيجد أصحاب الفضائيات والصحف الخاصة أنفسهم فى موقف محرج لأنهم أمريكان بالهوية والدور والمال المسروق (ولذلك حديث آخر) ، وربما ساعتها سنسمع عن إغلاق لهذه الفضائيات والصحف ، طبعاً إن نجحت الثورة ، وإن نجح ثوارها فى إكسابها هذا الطعم القومى والوطنى الجديد ، فهل ثوار 25 يناير قادرون على هذا التحدى ؟ سؤال برسم المستقبل !!


الفصل الرابع
لماذا لا يفتح ملف الفساد عن آخره ؟!
(1)
* لقد بدأت إذن ، بفضل ثورة (25 يناير 2011) ، أحجار الدومينو السياسى تتساقط ، وأولى الأحجار هو هذا الانهيار المفاجئ لقمة الحزب الوطنى الحاكم ، ولحلم جمال مبارك فى رئاسة مصر خلفاً لأبيه ، فلا هو سيرث ولا أباه سيبقى فى الحكم ، ليس هذا فحسب ، إن (أحجار الدومينو) ازدادت انهياراً فخرج الرجل الموصوف بأنه رجل كل العصور (صفوت الشريف) والذى كان مسؤولاً أيام صلاح نصر على عمليات السيطرة على النساء وتجنيدهن فى العمل المخابراتى كما ذكرت تقارير أو محاكمات انحراف جهاز المخابرات العامة المصرية فى نهاية عهد عبد الناصر وكان اسمه وقتها (المقدم صفوت موافى) ، ولدينا الوثائق الكاملة للتحقيق مع صفوت موافى وصلاح نصر والمخازى الأخلاقية بها خاصة عملية تجنيد سعاد حسنى ، بالصوت والصورة والتى سننشرها كاملة ذات يوم نرجو أن يكون صفوت الشريف حياً يرزق ليقرأها ويستمتع بها !! .
* لقد انهار الحجر المهم الأول فى الحزب الحاكم ، وتلاه باقى الأحجار (زكريا عزمى – مفيد شهاب – الابن المدلل جمال مبارك) وتحطمت أحلامهم ، وأحلام كل من ارتبط بهم من رجال السياسة ، والأحزاب الورقية وناهبى المال العام واستبدلوا بآخرين ظاهرهم جيد (د.حسام بدراوى مثلاً) ولكن الله أعلم بباطنهم ، لأنهم أيضاً أبناء هذه المؤسسة الاستبدادية الخربة التى اسمها الحزب الوطنى، على أية حال ، إن الأخطر من انهيار الحزب الحاكم الذى لن يكون حاكماً بعد اليوم إذا ما استمرت ثورة الشباب وظلت جذوتها حية حتى لو انفضت المظاهرات ، هو انهيار منظومة رجال النهب والفساد المالى والاقتصادى ، وخاصة من الوزراء الكبار الذين شكلوا الأعضاء الأكثر نفوذاً وفساداً فى الإدارة السابقة ، تعالوا نفتح ملفاتهم ، ولكن قبل الفتح ، نذكر أنهم ليسوا وحدهم وأن ثمة 60 رجل أعمال على الأقل ، كانوا من حولهم ، بل كانوا أخطر منهم ، عاثوا فى الأرض فساداً ، أو نهباً حراماً من ثروات البلاد ، بعضهم سرق أرض الدولة، والبعض الآخر سرق البنوك والبعض الثالث نهب المال العام والسياحة ، هؤلاء جميعاً علينا أن نفتح ملفاتهم ، وأن تعد الثورة الجديدة ، ثورة 25 يناير ملفات كاملة عنهم وتقدمهم للمحاكمة ، لأن أى إصلاح سياسى يطلبه شباب الثورة تنقله ما يسمى بلجان الحكماء ، سيظل بلا ركائز وبلا قوة تسنده على الأرض والقوة التى نعنيها هى قوة فتح ملفات الفساد الاقتصادى ومحاكمة رموزه،لكى يكتمل الاصلاح السياسى بالاصلاح الاقتصادى الجاد .
(2)
أول ملفات الفساد الاقتصادى التى ينبغى أن تُفتح فى ميدان التحرير ، وأن تُقدم بشأنها طلبات وشروط عاجلة من المنتفضين إلى النظام الحالى ، هو فتح ملفات 60 ممن يسموا خطأ – برجال الأعمال – وهم مجرد لصوص للمال العام قاموا بسرقة 18 مليون فدان فى كافة محافظات مصر بسعر للفدان لا يتعدى 50 جنيهاً ، منها قرابة الـ 15 مليون فدان على طريق مصر – الاسكندرية الصحراوى ، ولقد سبق وقامت صحيفة " الدستور " المصرية منذ شهر أو أكثر ومن خلال تحقيقات متميزة وموثقة للزميل ولاء الشيخ ، بفضح ما قام به كل من (حسين الجمال – اللواء مجدى راسخ (صهرى جمال وعلاء مبارك) ، وصلاح دياب (مالك صحيفة المصرى اليوم) وشركة بيكو التى العمالة الرئيسية بها إسرائيلية والذى سنخصص له دراسة موسعة قريباً هو وصبيته الصحفيين ، وخاصة علاقاته بالإسرائيليين ، وبعده يأتى د.أحمد بهجت مالك قناة دريم (الذى نافق قبل أيام الانتفاضة فى حواره مع كرم جبر وأسماها ثورة (شوف المزايدة !!) رغم أن هذه الثورة إن نجحت فسوف تؤمم ممتلكات سيادتهما بما فى ذلك (المصرى اليوم وقنوات دريم) وبالتالى عليهما أن يهدآ قليلاً ، وأن يفكرا جيداً فى موضع كلماتهما ، ويتوقفا عن " الفهلوة الصحفية " وأن يرتبا أنفسهما جيداً للمستقبل لأنه مستقبل ليس جيداً بالنسبة لهما ، ثم يأتى رجال الأعمال الفهلوى والشاطر المهندس نجيب ساويرس الذى شارك المنتفضين ثورتهم فى ميدان التحرير ، عليه هو الآخر أن يعيد حساباته ، فما يجرى فى ميدان التحرير ليس هو ما جرى فى 18و19 يناير 1977 عندما كان سيادته طالباً فى كلية الهندسة والحكاية ستنقلب عليه هو تحديداً بالغم ، والهم ، والفهلوة السياسية التى استعملها مع أحمد فؤاد نجم ، وتقليده الجوائز ، واللعب على كل الحبال ، أعتقد أنها مع هذه الثورة لم تعد تجدى ، وبالتالى التفكير فى الهروب خارج مصر هو الأجدى والأكثر واقعية بالنسبة لهذه النوعية (الفهلوية) من رجال الأعمال لأن ما هو قادم أسوأ .. أسوأ بكثير مما يتصورون خاصة أن العديد منهم على رأسه عشرات البطحات ، والفضائح والملفات موجودة لدينا ، ولدى الخبراء الاقتصاديين الوطنيين!! .
* وإذا كان الشىء بالشىء يذكر ، فإن ضرورة فتح ملف الـ 128 ألف فدان من أراضى توشكى والتى بيعت لذلك الأمير السعودى المغرور الوليد بن طلال ، الذى يتشارك مع اليهودى مردوخ ملك الإعلام الأمريكى ، ومع الجامعات ومشاريع المخابرات الأمريكية ، ولا يقدم مليماً لأجل فقراء المسلمين مثله مثل حكام وأمراء السعودية الآخرين ، إن فتح هذا الملف ضرورة لمستقبل مصر ، إذ من العار ، كل العار أن يستولى هذا الأمير بمساعدة أسرة مبارك ، ووزير الزراعة المصرى السابق يوسف والى على ما يزيد على 2% من المساحة الاجمالية لمصر ، ولا يستصلح منها سوى بضع عشرات من الأفدنة لا تنتج شيئاً ، رغم تقديم كل الخدمات المائية والاستصلاحية له ، ولكنه جاء ليبيع الأرض بنظام " التسقيع " ، فلا أهمية لمصر ، فهى ليست فى رأسه ولا فى قلبه كما كان يغنى اللوبى الإعلامى المصرى المتسعود بذلك ، خاصة بعد تلقيهم العطايا من آل سعود وخاصة سفيرهم الحالى بالقاهرة هشام الناظر .
إن ملف هذا الأمير وغيره من رجال الأعمال السعوديين فى مصر (مثل ملف شركة عمر أفندى) و(شركة مدينتى) وسيدى عبد الرحمن , وغيرها ينبغى أن يفتح عن آخره ، وساعتها سنكتشف كم الفساد الذى مورس فى مصر خلال الثلاثين عاماً الماضية ، وساعتها أيضاً سوف يستقيم الإصلاح السياسى المنشود من شباب ثورة 25 يناير مع الإصلاح الاقتصادى الذى يحاول بقايا نظام مبارك إغلاقه ، وأنا هنا أدعو مفكرى ورموز الانتفاضة خاصة من الاقتصاديين الشرفاء من غير اللاهثين لقضم تورتة الثورة بفتحه عن آخره وسوف تفاجئهم كم الروائح الكريهة والمذهلة للفساد .
(3)
نماذج من بذخ العصابة التى كانت تحكم مصر
إن الصدمة التى أحدثتها ثورة 25 يناير ، والتى أفقدت النظام المصرى الحاكم توازنه ، كان لها الفضل فى كشف نواحٍ مذهلة من فساد تلك العصابة ، ومنها – كما سبق وأشرنا - امتلاك حوالى 18 مليون فدان بأرخص الأسعار (الفدان سعره كان أقل من 50 جنيهاً) خاصة أراضى طريق مصر اسكندرية الصحراوى والتى كان من أبرز ملاكها كما أشرنا (صلاح دياب – اللواء مجدى راسخ – حسين الجمال – أحمد بهجت - وغيرهم) ، أما الوزراء اللصوص فحدث عن أموالهم ولا حرج ولذلك هم الآن محالون للتحقيق وربما المحاكم والسؤال : ماذا عن ثرواتهم ، تحدثنا المعلومات والوثائق التى رصدتها العديد من الصحف والدوريات المتخصصة الأمنية وفى مقدمتها صحيفة الدستور (5/2/2011) نقلاً عن مجلة " أريبيان بزنس " والتى ترصد سنوياً قائمة بأغنى 50 شخصية عربية ، حيث أكدت الإحصائية احتلال ثلاثة أسماء مصرية موقعاً فيها خلال السنتين الماضيتين من بينها إمبراطور الحديد "أحمد عز " والذى يحتل المركز الثالث مصرياً والسادس والأربعين لقائمة أغنياء العرب وبثروة تبلغ 60 مليار دولار بعد نجيب ساويرس وشفيق جبر مع تأكيد أن تقييم الثروة أمر غاية فى الصعوبة ويخضع للكثير من المعايير ولأن موضوع التقييم معقد وشائك ، كما أن الإفصاح والشفافية أمران نفتقدهما فى مصر فإن المهمة غاية فى الصعوبة .
وقد حصل " أحمد عز " على قروض من البنوك تبلغ أكثر من مليار و600 مليون جنيه فى وقت كانت ديون شركة عز الدخيلة وصلت إلى 745 مليوناً و130 ألفاً و550 جنيهاً حتى 13/12/2005 ، وكان ذلك بالقطع شيئاً غريباً فالرجل الذى يستحوذ على أسهم فى الدخيلة بـ 430 مليون جنيه كان مديوناً لها بأكثر من 745 مليوناً من الجنيهات ، أى أن مديونيات شركته كانت تساوى أكثر من ضعف الاستثمارات التى وضعها فى الشركة خاصة أن هذه الديون قدرت فوائد عليها تصل إلى 21% سنوياً ، حيث وصلت فوائد هذه الديون من 70-80 مليون جنيه سنوياً والتى عجز عن سدادها وشملت البنوك التى يتعامل معها (القاهرة بقصر النيل – المصرى الأمريكى بالمهندسين – التجارى الدولى بالجيزة – مصر أمريكا الدولى – المصرى الخليجى – هونج كونج – مصر العربى الأفريقى – بنك أوف أمريكا – كريدى ليونيه) .
أما أحمد المغربى ، وزير الإسكان السابق والحاصل على الجنسية السعودية والذى لم يحصل على مؤهل عال ، بل مؤهل متوسط ، فيعتبر من أغنى وزراء الحكومة المقالة ، حيث وصلت ثروته إلى 17 مليار جنيه كما هو مكتوب فى إقرار الذمة المالية الخاص به ، فقبل أن يتولى المغربى مسؤولية وزارة الاسكان كانت ثروته لا تتعدى 4 مليارات و90 مليون جنيه والتى كونها من شركة المغربى عام 1972 بجانب أنه شريك أساسى فى شركة أكور للفنادق وشركة أكور السياحية والنيل للتنمية الصناعية ، ولكن بعد دخوله الوزارة كون شركات أخرى منها شركة للخدمات السياحية والنعمة للاستثمار السياحى وفندق " اللوتس الذهبى " ووصل راتب المغربى الشهرى إلى 20 ألف جنيه مضافاً إليه البدلات والحوافز .
وذكرت مصادر أنه رفض سداد قيمة بعض القروض التى حصل عليها من البنوك بقيمة 3 مليارات جنيه حصل عليها أثناء توليه وزارة الإسكان .
أما زهير جرانة – وزير السياحة – فاقترض4 مليارات جنيه من البنوك قبل أن يصبح وزيراً لإنقاذ شركته الخاصة وهى جرانة للفنادق والسياحة من الديون التى كانت تحاصره والتى عرضت الشركة لشبح الإغلاق ونجح جرانة فى تسديد ديونه بعد توليه الوزارة وجمع ثروة تقدر بـ 8 مليارات جنيه .
وفى وثائق حكومية خطيرة عن أشكال البذخ الحكومى الذى كان يتم فى عهد السيد جمال مبارك وعصابته ممن سُموا برجال الأعمال ، ذكر تقرير حكومى امتلاك رجال جمال مبارك لعدد هائل من الطائرات الخاصة إجمالى ثمنها مليار ونصف المليار جنيه .وانتقد هذا السعر الذى جاء فى الوقت الذى لا يجد فيه رجال الأعمال سيولة مالية لسداد ديونهم للبنوك .
ووصف التقرير اتجاه رجال الأعمال إلى امتلاك السيارات والقصور والفيلات الفاخرة كنوع من التباهى والتفاخر ، وأضاف التقرير أن من المفارقة الغريبة أن رجال الأعمال والذين يمتلكون طائرات خاصة معظمهم ينتمى إلى الحزب الوطنى الديمقراطى بل إن غالبيتهم ينتمى إلى لجنة السياسات بالحزب ويمتلكون طائرات تصل أثمانها إلى المليارات وفى مقدمة هؤلاء أحمد عز – أمين التنظيم السابق – والذى يمتلك طائرة من طراز " بالدولار " و" لارجيت 60" ثمنها لا يقل عن 2 مليون دولار ، وكذلك محمد أبو العينين – عضو لجنة السياسات – ويمتلك 3 طائرات من طراز " جرومر 5 " ثمن الواحدة لا يقل عن 7 ملايين دولار ، كما يمتلك رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى – عضو لجنة السياسات وعضو مجلس الشورى والمحبوس حالياً لاتهامه بقتل سوزان تميم – طائرة ثمنها لا يقل عن 2 مليون دولار ، وكذلك إبراهيم كامل – عضو الأمانة العامة للحزب الوطنى وصديق الإسرائيليين الشهير – شركة طيران " إيرو كايرو " والتى تمتلك 6 طائرات من طراز " جرومر 5 " و" لارجيت 60 " بما لا يقل عن 16 مليون دولار ومحمد شفيق جبر – عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى – يمتلك طائرة من طراز "LR54" ثمنها لا يقل عن مليون ونصف المليون دولار ، ثم نجيب ساويرس وشقيقه "سميح" حيث يمتلكان ثلاث طائرات من طراز " لارجيت 60" يقدر ثمنها بما لا يقل عن 7 ملايين دولار وتلك الطائرات عبارة عن " تاكسى " طائر سعة الواحدة منها 10 ركاب وكذلك يمتلك حسين سالم – عضو لجنة السياسات وصديق شخصى للرئيس مبارك ورجل التطبيع الأول فى مصر ومُصدر الغاز للعدو الصهيونى بأبخس الأسعار – طائرتين الأولى من طراز " لارجيت 60" والثانية " فالكون 2000 " ويقدران بما لا يقل عن 8 ملايين دولار، وإيهاب عوض – عضو الأمانة العامة للحزب – يمتلك طائرة من طراز " HS145" والتى يصل ثمنها إلى 2 مليون دولار ، وشملت القائمة رجال أعمال آخرين منهم كريم غبور الذى يمتلك طائرة من طراز "سيسنا" ثمنها لا يقل عن مليون دولار .
وكشف تقرير آخر - وفقاً لصحيفة الدستور المصرية - للبنك المركزى المصرى ارتفاع صافى ديون شركات قطاع الأعمال خلال شهر لتصل إلى 31.8 مليار جنيه وقد ارتفع صافى ديون الحكومة للبنوك بنحو 7.1 مليار جنيه لتصل إلى 348.50 مليار جنيه فى نهاية أكتوبر وزادت ديون قطاع الأعمال حيث بلغت " 329.4" مليار جنيه وقد وصل الائتمان المحلى إلى 804.2 مليار جنيه .
*****
* وبعد .. هذه مجرد لمحات من فساد أركان الحكم السابق ، لا ينبغى أن يتوقف الأمر عندها، المطلوب فتح ملفاتها بالكامل ، وفتح ملف الـ 60 رجل أعمال ، الذين مثلوا البنية التحتية للفساد المالى والسياسى فى الوطن ، طيلة الـ 30 عاماً الماضية ، فبذلك يستقيم الإصلاح السياسى والذى لن يكون له قيمة تُذكر إذا ما استمر هؤلاء الفاسدون من سارقى الأراضى ، والمتعاونون مع خبراء الزراعة والاقتصاد الصهاينة فى أراضيهم أو مستعمراتهم المسروقة من دم الشعب فى طريق مصر اسكندرية الصحراوى ، يؤسفنى أن اقول للمنتفضين أن الإصلاح المطلوب بما فى ذلك تنحى الرئيس مبارك ، لا قيمة له بدون فتح ملف الـ 60 رجل أعمال من لصوص النظام المغرور ، هؤلاء هم " أُس " الفساد السياسى وهم أنفسهم الذين سيلتفون على الثورة ويجهضونها ، ليس عبر الجمال والخيول والبغال ، التى قيل – وهذا سر نذيعه للمرة الأولى – أن السفير السعودى بالقاهرة قد مَوَّل أصحابها لتحرق ميدان التحرير بالاتفاق مع رجال أعمال فى الحزب الحاكم ومع صفوت الشريف – إنهم سيغتالون الثورة من خلال سطوة رأس المال وتزاوجه مع السلطة الجديدة ، فانتبهوا أيها الشباب ، واعلموا أن (مصر الدولة) على أبواب مرحلة جديدة ، إما الفوضى ، أو إعادة ترتيب الأولويات ، والتى ينبغى لها أن تبدأ بفتح ملف الفساد الاقتصادى الشامل ، والدعوة لقطع العلاقات مع العدو الصهيونى والأمريكى ، فهؤلاء هم الأعمدة الحقيقية لنظام مبارك ، وبدون محاكمتهم ومحاصرتهم ، لن يكون لكل مطالب الثورة السياسية والتى هى مشروعة قطعاً ، أى قيمة تذكر ؛ والله أعلم .
الفصل الخامس
هل تنجح (قناة العربية) فى " إسقاط مبارك " و" أمركة الثورة " لصالح إسرائيل ؟
* هل تريدون الصراحة أم تريدون النفاق الإعلامى الرخيص ؟
* إن من يريد معرفة حقيقة المؤامرة التى تجرى ضد الدولة المصرية وليس ضد هذا النظام الفاسد البائد ، فليعلم أن الجناح الإعلامى الأمريكى فى مصر يحاول أن يخطف الثورة ويؤمركها ويدعى الموضوعية وهو غير موضوعى ، وفى مقدمة هذا الجناح تأتى قناة العربية المشهورة فلسطينياً وعربياً بقناة " العبرية " !
* إن هذه القناة تجاوزت مرحلة نقل الخبر أو الحدث إلى (صناعة الحدث) ذاته ، حدث ضرب الدولة وليس ضرب النظام .
* إن " العربية " تدس السم فى العسل ، ولا تستهدف تقديم الحقيقة أو الخبر المجرد ، لكنها تصنعهما وتعيد صياغتهما ونشرهما بطريقة تخدم المشروع الأمريكى الذى يتعرض الآن لزلزال كبير فى مصر !! ، نعم قد يكون فريق المعدين والمذيعين أمثال (إنجى وأحمد عثمان وبجاتو وغيرهم) فى مصر بريئاً من استخدام واشنطن للقناة و" أمركة الانتفاضة " وإسقاطها فى حضن رجال أمريكا كالثمرة الناضجة ، ولكن علي

عن مجلة الوعي العربي