ما ضرّك يا الأردن؟
د. فايز أبو شمالة
حتى لو كان هدف السوريين مزاحمة مصر للتأثير في الساحة الفلسطينية، كما ادعى موقع المخابرات الإسرائيلية "دبيكا"، وحتى لو كان الهدف هو نقل الاحتقان الداخلي إلى الحدود مع إسرائيل، كما يقول البعض، فإن سماح السوريين للفلسطينيين بالوصول إلى هضبة الجولان، في طريق عودتهم إلى وطنهم فلسطين، يعتبر خطوة سورية متقدمة، جديرة بالتقدير رغم أنها جاءت متأخرة عشرات السنين، وجاءت موسمية، وبعد صمت رهيب، وبعد هدوء مريح لأعصاب الإسرائيليين عشرات السنين.أن يجيء الفعل متأخراً، وأن يجيء تحت تأثير ضغط الشارع لهو أفضل ألف مرة من الجمود على نقطة الصفر الذي ظل الأردن العربي متشبثاً فيها، وهو يحول دون وصول ألاف العائدين إلى الحدود مع إسرائيل، ويمنعهم بالقوة من صرخة العودة إلى مدنهم وقراهم، في خطوة سياسية إعلامية كانت ستضع إسرائيل في دائرة الجرم الدولي لو اكتملت بالأردن.وإذا كان الفلسطيني في الأردن قد تفهم على مضضٍ أسباب عدم السماح للمقاومة المسلحة أن تنطلق عبر الأراضي الأردنية، وإذا كان العربي الأردني قد اقتنع مجبراً بمبررات عدم إعلان دولة الأردن الحرب على إسرائيل، فكيف يستوعب العربي أينما كان قيام الأردن بمنع العائدين من الوقوف على حدود فلسطين، وبكاء الأطلال أمام الفضائيات، بهدف فضح السياسة الإسرائيلية، وتقديم الشواهد على أكذوبة دولة إسرائيل الديمقراطية، وإحراجها أمام العالم، والضغط عليها، مع صرخات العائدين إلى وطنهم السليب أمام وسائل الإعلام!.كانت الساحة الدبلوماسية التي اختارها العرب لمواجهة إسرائيل في يوم النكبة ستأتلق، وكان توفير لقطات إعلامية عن تمسك الفلسطيني بحقه في العودة لوطنه بمثابة نصر، وكان منظر الجيش الإسرائيلي وهو يقتل الأبرياء العائدين خير وسيلة دعائية، تفضح أكاذيب الصهاينة عن أرض بلا شعب، أقاموا عليها دولة لشعب بلا أرض! لله درّك يا الأردن، ما كان ضرّك لو فتحت الطرقات أمام العائدين إلى فلسطين، كنت مثلت حضوراً حضارياً، وتأثيراً إنسانياً لصالح القضية الفلسطينية، وكنت قد قمت بالهجوم الاعتراضي على أقطاب السياسة اليمنية المتطرفة في إسرائيل؛ الذين يخططون للوطن البديل، وكنت أمسكت باللحظة العربية الثائرة، وقدمت حقيقة الأردن بلداً يتحمل إفرازات الحرب الصهيونية على بلاد العرب. وإذا كانت السياسية السورية قد استفادت من اللحظة التاريخية، وأفادت القضية، فكم كان حرياً بالأردن ألا يكون خط الدفاع الأول عن حدود إسرائيل.

هدى الله الجميع
شكرا لغيرتك الوطنية