النكبةُ مفاوضاتٌ!
د. فايز أبو شمالة
لماذا يكذب علينا السياسيون الفلسطينيون؟ يقولون لنا صباح مساء: حق العودة حق مقدس، وهم الذين فاوضوا إسرائيل، ووقعوا معها على اتفاقية أوسلو؛ التي تعترف بإسرائيل، ألا يعني الاعتراف بإسرائيل الاعتراف بحقها في كل شبر من الأرض الفلسطينية التي اغتصبها اليهود سنة 1948؟ فكيف يصير بعد ذلك حق عودة اللاجئين حقاً مقدساً؟ إن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم كذبة كبيرة، لا يصدقها عاقل إذا صدرت عن مسئول فلسطيني يؤيد المفاوضات مع إسرائيل، وذلك للأسباب التالية: إن المفاوض الذي يسعى بكل وسائل التوسل إلى انتزاع موافقة إسرائيل على قيام دولة فلسطينية منزوعة السياسة، مع تبادل الأراضي التي يسيطر عليها المستوطنون لهو غير قادر على أن يفرض على إسرائيل قناعاته، أو موقفه السياسي والوطني بحق عودة خمسة ملايين لاجئ فلسطيني إلى ديارهم التي هجروا منها.وإن الذي فاوض إسرائيل عشرين عاماً؛ دون أن ينتبه إلى أن إسرائيل ضاعفت عدد مستوطنيها ومستوطناتها في الضفة الغربية، لهو غير قادر على أن يملي على إسرائيل إرادته، ويفرض عليها قبول عودة ملايين اللاجئين إلى ديارهم؟وإن الذي عجز عن تحرير ألاف أسراه من السجون الإسرائيلية، وبعضهم يمضي أكثر من ثلاثين عاماً في السجون، لهو غير قادر على إملاء إرادته على دولة إسرائيل صاحبة اليد العليا، لكي تقبل بعودة ملايين اللاجئين؟وإن الذي يستأذن الضابط الإسرائيلي كي يخرج من الضفة الغربية، ويسافر إلى الأردن، والذي يستأذن قائد المنطقة الإسرائيلي كي يضمن له حق عودة زوجته، لهو غير قادر على فرض تطبيق حق عودة ملايين اللاجئين على الحكومة الإسرائيلية.وإن الذي عجز عن وقف البناء في المستوطنات، ويعجز عن إدخال شوال أسمنت إلى قطاع غزة المحاصر، ويعجز عن رفع حاجز عن طرق الضفة الغربية، وحماية السكان المدنيين، لهو غير قادر على ضمان عودة ملايين اللاجئين!وإن المفاوض الذي اعترف بإسرائيل ضمن حدود سنة 1948، لا يحق له أن يخرج على الناس ليقول: حق العودة حق مقدس! لأن ابن الشارع الحاذق سيسأله: إلى أين سيعودون يا أيها المفاوض، بعد أن اعترفت بحق إسرائيل في البقاء فوق الأرض المغتصبة؟ إن إسرائيل التي تفاوض على تقاسم الصلاحيات في الضفة الغربية؛ لن تسمح عن طريق التفاوض بأن يعود إلى الأرض التي اغتصبتها ملايين اللاجئين، لأن عودتهم تعني انهيار الدولة التي حظيت باعتراف دولي، واعترفت فيها منظمة التحرير!.سيكون حق العودة حقاً مقدساً إذا تم إلغاء الاتفاقيات التي تلغي حق العودة، وإذا تم نبذ المفاوضات التي ستقضي على حق العودة، وإذا تم اختيار المقاومة طريقاً لتحرير فلسطين، وما عدا ذلك، فلكل متشدق بالقول موال، وكل متلفظ بحق العودة مُختال