حديثان في القدرية

الحديث الأول:
أخرج أبو داود في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ).


ومعناه والله تعالى أعلم: أن لا يجالس المؤمن القدرية, وهم من الفرق الضالة الذين يقولون: إن الكبيرة إذا لم يتب صاحبها منها فإنه يكون من الخالدين في نار جهنم وإن كان مؤمناً, وهذا اعتقاد خاطئ وهو مردود بالنصوص القرآنية, وبالأحاديث الشريفة, من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}. ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) رواه ابن ماجه.


وعن أبي ذر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الله يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب) قيل: وما يقع الحجاب؟ قال: (أن تموت النفس وهي مشركة) رواه ابن حبان.


فمجالسة هؤلاء قد تضر بعقيدة المؤمن إذا كان ضعيفاً ولم يكن متمكِّناً علميّاً, لأن جدلهم كثير, لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم من مجالسة هذه الفرقة ومفاتحتهم بهذا الموضوع لكثرة جدلهم, وترك الجدل مطلوب شرعاً.


والحديث الثاني في القدرية :
أخرجه الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ المُرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ).


معناه: هذان الصنفان لا حظ لهم في الإسلام, لأن اعتقادهم باطل.


فالمرجئة: يقولون إنه لا يضر مع الإيمان معصية, كما لا ينفع مع الكفر طاعة, وهذا من أسوأ المذاهب, إذا كانت المعصية لا تضر مع وجود الإيمان والعياذ بالله, فهذا فتح لباب إباحة المعاصي بكل صورها وأشكالها, لأن الإنسان إذا علم أن المعاصي لا تضر مع وجود إيمانه ارتكب كل ما تحدثه به نفسه من المخالفات والمعاصي, أما في جانب الكفر, فصحيح أنه لا ينفع معه طاعة.


والمرجئة في اعتقادهم هذا ضد القدرية في اعتقادهم, لأن مذهب القدرية: أن الكبيرة إذا لم يتب منها صاحبها يخلد صاحبها في النار, وإن كان مؤمناً.


انظر إلى هذا التناقض العجيب, نعوذ بالله من ذلك, والحمد لله الذي جعلنا من أهل الحق والعدل والإنصاف, فنحن نعتقد بأن المؤمن العاصي أمره إلى الله تعالى, إن شاء عفا وإن شاء عاقب, وأنه لا يخلد في النار ببركة إيمانه, كما ثبت في القرآن والسنة.


وأما الكافر فخيره في الدنيا لا ينفعه في الآخرة, بسبب كفره والعياذ بالله تعالى, وهو من الخالدين في نار جهنم.


وهذا الاعتقاد هو الوسط بين المرجئة والقدرية, وخير الأمور أوسطها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. نسأل الله أن يثبتنا على الحق. هذا والله تعالى أعلم.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي