في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
(41)الحج


شرح الآية ودلالاتها
ذكر الله في هذه الآية علامة من ينصره ، وبها يعرف أن من ادعى أنه ينصر الله وينصر دينه ، ثم لم يتصف بهذا الوصف فهو كاذب ، فقال
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أي : ملّكناهم إياها ، وجعلناهم المتسلطين عليها ، من غير منازع ينازعهم ولا معارض
أَقَامُوا الصَّلاةَ في أوقاتها وحدودها وأركانها وشروطها في الجمعة والجماعات
وَآتَوُا الزَّكَاةَ التي عليهم خصوصا ، وعلى رعيتهم عموما : آتوها أهلها الذين هم أهلها
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وهذا يشمل كل معروف عرف حسنه شرعا وعقلا من حقوق الله وحقوق الآدميين
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ أي كل منكر شرعا وعقلا ، معروف قبحه
والأمر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه مالا يتم إلا به
فإذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم ، أجبروا الناس على التعلم والتعليم ، وإذا كان يتوقف على تأديب مقدر شرعا ، أو غير مقدر كأنواع التعزير قاموا بذلك ، وإذا كان يتوقف على جعل أناس متصدين له لزم ذلك ، ونحو ذلك مما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به
ثم أخبر الله أن له عاقبة الأمور جميعا ، وقد أخبر أن العاقبة للتقوى
فمن ولّاه الله على العباد من الحكام ، وقام بأمر الله كانت له العاقبة الحميدة والحالة الرشيدة ، ومن تسلط عليهم بالجبروت ، وأقام فيهم هوى نفسه ، فإنه وإن حصل له ملك موقّت فإن عاقبته غير حميدة ، وولايته مشؤومة ، وعاقبته مذمومة

انظر: تفسير ابن سعدي ص490 (ط. اللويحق)



من علامات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

عن أبي سفيان بن حرب -رضي الله عنه- في قصته مع هرقل أن هرقل قال
وسألتك بم يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف
فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين
الحديث (البخاري ح 7) ، (مسلم ح 1773


العفاف : الكف عن المحارم وخوارم المروءة

هذا النص قطعة من حديث طويل ، وقد تضمن أهم ما دعا إليه المصطفي -صلى الله عليه وسلم-، وهو التوحيد ، وذلك بإخلاص العبادة لله وحده ، والنهي عن عبادة غيره ، ثم الصلاة ، وأوامر أخرى من أعمال الإسلام ، كما تضمن الحقيقة التي تجلّت لهرقل بعد أسئلته التي وجهها لأبي سفيان -رضي الله عنه-، وهي أن هذه أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم التي في كتبهم المنزلة على أنبيائهم
قال النووي (في شرح صحيح مسلم 12 / 107) : قال العلماء: "هذا الذي قاله هرقل أخذه من الكتب القديمة ، ففي التوراة هذا أو نحوه من علامات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعرفه بالعلامات"
وقد قال الله -عز وجل- عن أهل الكتاب مبينا معرفتهم لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنه الموصوف بصفاته في كتبهم:

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
البقرة .. 146

من الايميل