منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: سورة "الرعد"

  1. #1

    سورة "الرعد"

    سورة "الرعد" آخر تحديث:الجمعة ,04/02/2011
    محمد حماد جاء اختتام سورة يوسف “لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون” (سورة يوسف: 111)، مناسباً لافتتاحسورة الرعد (المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون” (سورة الرعد:1) بوصف القرآن بالحق الذي لا يفترى وهو كما يقول السيوطي من تشابه الأطراف .

    من تشابه الأطراف أنه سبحانه قال في آخر سورة يوسف: “وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون” (سورة يوسف: 105) فذكر الآيات السمائية والأرضية مجملة ثم فصلها في مطلع سورة الرعد بقوله: “الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخّر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون . وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون . وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوانٌ وغير صنوانٍ يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعضٍ في الأُكُلِ إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون” وفيه تفصيل الآيات الأرضية .

    وقد جرى الاتفاق على أنها سميت سورة الرعد لتلك الظاهرة الكونية العجيبة التي تتجلى فيها قدرة الله وسلطانه فالماء جعله الله سبب الحياة وأنزله بقدرته من السحاب، والسحاب جمع الله فيه بين الرحمة والعذاب، هكذا سميت من عهد السلف، وذلك يدل على أنها مسماة بذلك من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يختلفوا في اسمها، وقد ورد ذكر الرعد فيها بقوله تعالى: “ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال” (سورة الرعد:13).

    رسوخ الحق

    أقيمت هذه السورة على أساس إثبات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أوحي إليه من إفراد الله بالإلهية والبعث وإبطال أقوال المكذبين فلذلك تكررت حكاية أقوالهم خمس مرات موزعة على السورة بدءاً ونهاية .

    ومهّد لذلك بالتنويه بالقرآن وأنه منزّل من الله، والاستدلال على تفرده تعالى بالإلهية بدلائل خلق العالمين ونظامها الدال على انفراده بتمام العلم والقدرة .

    ثم انتقل إلى تفنيد أقوال أهل الشرك ومزاعمهم في إنكار البعث، وتهديدهم بأن يحلّ بهم ما حلّ بأمثالهم، والتذكير بنعم الله على الناس، وإثبات أن الله هو المستحق للعبادة من دون آلهتهم، وأن الله العالم بالخفايا وأن الأصنام لا تعلم شيئاً ولا تنعم بنعمة، والتهديد بالحوادث الجوية أن يكون منها عذاب للمكذبين كما حلّ بالأمم قبلهم، والتخويف من يوم الجزاء، والتذكير بأن الدنيا ليست دار قرار، وبيان مكابرة المشركين في اقتراحهم مجيء الآيات على نحو مقترحاتهم، ومقابلة ذلك بيقين المؤمنين . وما أعدّ الله لهم من الخير، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما لقي من قومه إلا كما لقي الرسل عليهم السلام من قبله، والثناء على فريق من أهل الكتب يؤمنون بأن القرآن منزّل من عند الله، والإشارة إلى حقيقة القدر ومظاهر المحو والإثبات، وما تخلل ذلك من المواعظ والعبر والمثال .

    وتدور السورة حول محور مهم هو أن الحق واضح بيّن راسخ وثابت والباطل ضعيف زائف خادع ومهما ظهر وعلا على الحق ببهرجه وزيفه، إلا أنه زائل لا محالة ويبقى الحق يسطع بنوره على الكون كله، “له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال” (14) .

    صاعقة وغدة قاتلة

    من المهم أن نتطرق هنا إلى أسباب نزول بعض الآيات لأنها دالة على مكية أو مدنية بعض الآيات وهو ما فيه خير كبير، فنجد في أسباب نزول قوله تعالى: “ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال” (سورة الرعد:13)، ما ذكره الرواة عن أنس بن مالك أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً مرة إلى رجل من فراعنة العرب فقال: “اذهب فادعه لي” فقال: يا رسول الله إنه أعتى من ذلك قال: “اذهب فادعه لي” فذهب إليه فقال: يدعوك رسول الله قال: وما الله أمن ذهب هو أم من فضة أم من نحاس؟ فرجع إلى الرسول الله فأخبره وقال: قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك فقال لي كذا وكذا فقال: “ارجع إليه الثانية فادعه” فرجع إليه فأعاد عليه مثل الكلام الأول فرجع إلى النبي فأخبره فقال: “ارجع إليه” فرجع الثالثة فأعاد عليه ذلك الكلام فبينما هو يكلمه إذ بعثت إليه سحابة حيال رأسه فرعدت فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه فأنزل الله تعالى “ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال” .

    وقال ابن عباس في رواية أبي صالح وابن جريح وابن زيد: نزلت هذه الآية والتي قبلها في عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة وذلك أنهما أقبلا يريدان رسول الله فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله هذا عامر بن طفيل قد أقبل نحوك، فقال: “دعه فإن يرد الله به خيراً يهده” فأقبل حتى قام عليه فقال: يا محمد ما لي إن أسلمت؟ قال: “لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم” قال: تجعل لي الأمر بعدك؟ قال: “لا ليس ذلك إلي، إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء” قال: فتجعلني على الوبر وأنت على المدر؟ قال: “لا”، قال: فماذا تجعل لي؟ قال: “أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها” . قال أوليس ذلك إلي اليوم؟ وكان أوصى أربد بن ربيعة: إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه واضربه بالسيف فجعل يخاصم رسول الله ويراجعه فدار أربد خلف النبي ليضربه فاخترط من سيفه شبراً ثم حبسه الله تعالى فلم يقدر على سله وجعل عامر يومئ إليه فالتفت رسول الله فرأى أربد وما يصنع بسيفه فقال: “اللهم اكفنيهما بما شئت” فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته، وولى عامر هارباً وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد والله لأملأنها عليك خيلاً جرداً وفتياناً مرداً، فقال رسول الله: “يمنعك الله تعالى من ذلك وابني قيلة (يريد الأوس والخزرج)”، فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم عليه سلاحه فخرج وهو يقول: واللات لئن أصحر محمد إلي وصاحبه (يعني ملك الموت) لأنفذنهما برمحي فلما رأى الله تعالى ذلك منه أرسل ملكاً فلطمه بجناحيه فأذراه في التراب وخرجت على ركبته غدة في الوقت كغدة البعير فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول: غدة كغدة البعير وموت في بيت السلولية ثم مات على ظهر فرسه وأنزل الله تعالى فيه هذه القصة “سواء منكم من أسر القول ومن جهر به” حتى بلغ “وما دعاء الكافرين إلا في ضلال” .

    وفي قوله تعالى: “وهم يكفرون بالرحمن” قال أهل التفسير: نزلت في صلح الحديبية حين أرادوا كتابة كتاب الصلح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو والمشركون: ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة (يعنون مسيلمة الكذاب) اكتب باسمك اللهم وهكذا كانوا في الجاهلية يكتبون فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية .

    “لقد أعطاني ما سألتم”

    وفي قوله تعالى: “ولو أن قرآناً سُيّرت به الجبال” ما روي عن الزبير بن العوام أنه قال: قالت قريش للنبي: تزعم أنك نبي يوحى إليك وأن سليمان سخر له الريح وأن موسى سخر له البحر وأن عيسى كان يحيي الموتى فادع الله تعالى أن يسيّر عنا هذه الجبال ويفجّر لنا في الأرض أنهاراً فنتخذها محارث ومزارع ونأكل وإلا فادع أن يحيي لنا موتانا فنكلمهم ويكلمونا وإلا فادع الله أن يصير هذه الصخرة التي تحتك ذهباً فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف فإنك تزعم أنك كهيئتهم، فبينما نحن حوله إذ نزل عليه الوحي فلما سرى عنه قال: والذي نفسي بيده لقد أعطاني ما سألتم ولو شئت لكان ولكنه خيرني بين أن تدخلوا في باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة فاخترت باب الرحمة وأخبرني إن أعطاكم ذلك ثم كفرتم أنه معذبكم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين فنزلت “وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأولون” ونزلت “ولو أن قرآناً سيّرت به الجبال” .

    وفي قوله تعالى: “ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً” قال الكلبي: عيرت اليهود رسول الله وقالت: ما نرى لهذا الرجل مهمة إلا النساء والنكاح ولو كان نبياً كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء فأنزل الله تعالى هذه الآية .

  2. #2

    رد: سورة "الرعد"

    جزاك الله خيرا
    تقسير قيم استاذ محمد نرجو من الادارة نقله لقسم التفاسير
    #00FF00
    إمضاء / عبدالرحمن سالم سليمان
    مع أرق التهانى ودوام التوفيق والنجاح

  3. #3

    رد: سورة "الرعد"

    كل الشكر لتعقيبك أخي الكريم عبد الرحمن قاسم
    تحياتي اليك
    وشكرا لمرورك العطر
    محمد زعل السلوم

  4. #4

    رد: سورة "الرعد"

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخ محمد شكراً لك , ما أوردته حول هذه السورة العظيمة قيّم بحق , لكن يفضل أن يكون التبويب للموضوع أكثر دقة , وأن توثّق المعلومات بذكر المراجع التي استفدت منها حرصاً على الأمانة العلمية . جزاك الله خيراً .
    وما بكم من نعمة فمن الله

  5. #5

    رد: سورة "الرعد"

    كل الشكر لك أستاذي الكريم أسعد الأطرش
    المراجع ضرورية على الدوام
    وان شاء الله سأقدمها قريبا
    من خلال كاتب المقال محمد حماد
    تحياتي الخالصة اليك
    محمد زعل السلوم

المواضيع المتشابهه

  1. تشويه لأقطاب السلفية.. صورة "الدولة" في "دابق" .. "لايُسأَل عما يفعل وهم يُسألون‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-02-2015, 08:46 AM
  2. "فرنسا 24" و"الحرة" … أو حين تتنكر "الدبابة" في ثوب "الميديا" كتبه شامة درشول‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-18-2015, 09:36 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-13-2012, 07:03 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-09-2012, 08:43 AM
  5. "فيسبوك" أكبر أداة تجسس عالمية.. و"ياهو" و"جوجل" واجهتان لـ"cia"
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان التقني العام.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-21-2011, 06:52 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •