منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12
  1. #1

    صور من حياة التابعين

    التابعي رفيع بن مهران
    ..أبو العالية


    في ذات سنة عزم ابوالعالية على الجهاد في سبيل الله فأعد للأمر عدته، و حزم أمره على المضي مع المجاهدين...
    فلما طلع عليه الصبح فوجىْ بآلامٍ مبرحةٍ في أحد قدميه.
    ثم ما زال الألم يشتد ساعةً بعد ساعةٍ

    فلما عاده الطبيب قال له: إنه مصابٌ بالأكلة
    قال: وما الأكلة؟
    قال: داءٌ يأتكل العضو الذي يحل به،
    ثم ينتقل إلى ما فوقه حتى يأتي على الجسد كله.
    ثم استأذنه بالمبادرة إلى بتر ساقه
    فأذن له على كره منه


    أحضر الطبيب مباضعه لشق اللحم...
    و مناشيره لنشر العظم ...
    ثم قال له: أتريد أن نسقيك جرعة من مخدرٍ لكيلا تشعر بآلامٍِ الشَّقِّ والبَتر؟
    فقال: بَل هناك ما هو خيرٌ من ذلك.
    فقال الطبيب: و ما هو؟
    فقال: أحضروا لي قارئاً يتقن كتاب الله


    واجعلوه يقرأ عليَّ ما تيسَّرَ من آياته البيِّناتِ
    فإذا رأيتموني قد احمرَّ وَجهي، واتسعت حدقتاي، و ثبت نظري في السماء...
    فافعلوا بي ما شئتم...
    فنفذوا أمره و بتروا عظمه...
    فلما أفاق قال له الطبيب: كأنك لم تشعر بآلامِ الشق والبتر
    فقال: لقد شغلني برد حب الله...
    وحلاوة ما سمعته من كتاب الله عن حرارة المناشير.


    ثم أخذ رجله بيده، ونظر إليها و قال:
    إذا لقيت ربي يوم القيامة وسألني: هل مشيت بكِ منذ أربعين سنةً إلى محرم...
    أو مسست بكِ غير مباحٍ لأقولن: لا
    وأنا صادقٌ فيما أقولُ إن شاء الله
    (صور من حياة التابعين)

  2. #2

    رد: صور من حياة التابعين


    عامر بن عبد قيس التميمي


    التابعي الجليل العابد الزاهد المشهور والذي سافر في قافلة ذات يوم فلما كان الليل جمع عامر متاعه ’ وربط فرسه بشجرة وطوّل له زمامه وجمع له من حشائش الأرض ثم قام يصلي بين يدي الله سبحانه وتعالى فتبعه أحد رفاقه لينظر أين يذهب عامر التميمي؟! وماذا يصنع؟! فقد تكرر منه هذا الأمر كلما نام الناس أنسل من بينهم بهذه الصفة ثم ذهب!
    فوجده مستقبل القبلة يصلي صلاة لا أحسن منها ولا أكمل ولا أخشع ،
    فلما صلى ما شاء الله أن يصلي ، طفق يدعو الله ويناجيه ،
    فكان مما قال :اللهم إني سألتك ثلاثاً فأعطيتني اثنتين ومنعتني واحدة ..
    اللهم فأني أسألك هذه الواحدة حتى أعبدك كما أحب
    وأريد وأخذ يلح على الله في هذه الواحدة .


    فلما أنقضت الصلاة خرج له ذلك الرجل ففزع منه فزعاً شديداً وأخذ يتوسل إليه أن يستر عليه وقال: أستر ما رأيت مني ستر الله عليك .
    قال : والله لا أستر عليك إلاّ أن تخبرني ما هذه الدعوات التي دعوت ؟!
    قال : إن أخبرتك ، تستر علي ؟!
    قال :نعم
    قال : أما الأولى:فدعوت الله أن يذهب من قلبي فتنة النساء ،
    فو الله الذي لا إله غيره ما أصبحت أبالي جداراً أم امرأة .

    وأما الثانية:فدعوت الله تعالى أن يذهب من قلبي مخافة الرجال،
    فو الله ما أصبحت أخاف إلا الله.

    وأما الثالثة والتي لم تجب :فدعوة الله أن يذهب عني سنة النوم
    حتى أعبد الله عمري كله !


    سير أعلام النبلاء بتصرف


    رحمك الله يا عامر , ماذا نقول عن حالنا ونحن نتفنن في تقطيع الأوقات بشتى وسائل الترفيه والتسلية كما يقال ؟!!


  3. #3

    رد: صور من حياة التابعين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    حياك الله يافراس , لك مني جزيل الشكر على ما جاء في طرحك فهو بحق نافع مفيد , فلا أروع من الصبر والتضرع , والأمة اليوم أحوج ما تكون إليهما . جعلك الله ذخراً لأبويك وأمتك .
    وما بكم من نعمة فمن الله

  4. #4
    شكرا أستاذي الكريم وهذه إضافة:
    عمران بن ملحان
    نسبه ونشأته هو عمران بن ملحان ، ويقال عمران بن عبد الله ويقال عمران بن تيم أبو رجاء العطاردي ، وكان كمولده كما ذكر ابن حجر في الإصابة : قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة ، وعاش إلى خلافة هشام بن عبد الملك .
    إسلامه

    أدرك الجاهلية والإسلام ، فهو من المخضرمين ، إلا أنه لم ير رسول الله ولم يسمع منه ، وكان إسلامه بعد الفتح ، وقيل بعد المبعث ، ويذكر البخاري في التاريخ الكبير إن إسلامه كان بعد الفتح فيقول على لسانه : كنت أفر من النبي حتى عفا عن الناس حين فتح مكة ، فأسلمت بعد ذلك ، ويحكي أبو رجاء قصة إسلامه فيقول: كنت لما بعث النبي أرعى الإبل و أخطمها فخرجنا هرابًا خوفًا منه فقيل لنا : إنما يسأل هذا الرجل يعني النبي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فمن قالها أمن على دمه وماله ؛ فدخلنا في الإسلام ، ويقول : بعث النبي وكان لنا صنم مدور فحملناه على قتب وتحولنا ، ففقدنا الحجر، انسل فوقع في رمل فرجعنا في طلبه فإذا هو في رمل قد غاب فيه ، فاستخرجته فكان ذلك أول إسلامي فقلت : إن إلهًا لم يمتنع من تراب يغيب فيه لإله سوء ، وإن العنز لتمنع حياها بذنبها ، فكان ذلك أول إسلامي فرجعت إلى المدينة وقد توفي النبي .
    الصحابة الذين تعلم على يديهم يعد أبو رجاء في كبار التابعين ، ونهل من علم كبار الصحابة رضوان الله عليهم ، ولم يمنعه تقدمه في السن من التعلم ، حتى على يد صغار الصحابة كعبد الله بن عباس ، فقد تعلم القراءة عرضًا عن عبد الله بن عباس ، وتلقن القرآن من أبي موسى الأشعري الذي قال فيه النبي أنه أوتي مزمارًا من مزامير آل داود ، وكان يقول : كان أبو موسى يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات. وكذلك قرأ القرآن على أبي بكر الصديق ، وروى عن عمر بن الخطاب ، وعلي وابن عباس وسمرة ، وتعلم من أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ، وروى عن غيرهم من أصحاب النبي .
    من أخذ عنه

    روى عنه : أيوب السختياني و جرير بن حازم و الجعد أبو عثمان و أبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي و الحسن بن ذكوان وحماد بن نجيح وخالد الحذاء وسعيد بن أبي عروبة و سلم بن زرير و صخر بن جويرية و عباد بن منصور وعبد الله بن عون وعثمان الشحام وأبو العلاء عمرو بن العلاء اليشكري ولقبه جرن وعمران بن مسلم القصير وعوف الأعرابي وقرة بن خالد السدوسي و مهدي بن ميمون وأبو الحارث الكرماني و أبو عمرو بن العلاء النحوي المقرىء .

    أهم ملامح شخصيته
    عبادته و علمه وكان أبو رجاء عابداً كثير الصلاة وتلاوة القرآن ، كان يقول : ما آسى على شيء من الدنيا إلا أن أعفر في التراب وجهي كل يوم خمس مرات ، ويقول أبو الأشهب : وكان أبو رجاء يختم في شهر رمضان في كل عشر ليال مرة ، وكان ثقة في الحديث وله رواية وعلم بالقرآن وأم قومه في مسجدهم أربعين سنة .
    من كلماته

    كان يقول : ما آسى على شيء أخلفه بعدى إلا أنى كنت أعفر وجهي كل يوم وليلة خمس مرات لربي .
    الوفاة

    توفي أبو رجاء العطاردي سنة خمس ومائة وقيل : سنة ثمان ومائة وعاش مائة وخمسا وثلاثين سنة و قيل : مائة وعشرين سنة ، واجتمع في جنازته الحسن البصري والفرزدق الشاعر، فقال الفرزدق للحسن : يا أبا سعيد يقول الناس : اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم ! فقال : لست بخيرهم ولست بشرهم ولكن ما أعددت لهذا اليوم قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقال : ألم تر أن الناس مات كبيرهم *** وقد كان قبل البعث بعث محمد و لم يغن عنه عيش سبعين حجة *** وستين لما بات غير موسد المصادر

    طبقات ابن خياط - الاستيعاب - معرفة القراء الكبار - أسد الغابة - التاريخ الكبير - تهذيب الكمال .

  5. #5

    سالم بن عبد الله بن عمر نسبه وقبيلته

    هو سالم بن عبد الله بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، الإمام الزاهد ، الحافظ، مفتي المدينة ، أبو عمر، وأبو عبد الله ، ولد في خلافة عثمان بن عفان . وأمه أم ولد . وكان سعيد بن المسيب يقول : أشبه ولد عمر به عبد الله ، وأشبه ولد عبد الله به سالم . وهو من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم . وحدّث عن : أبيه ، وعائشة أم المؤمنين ، وأبي هريرة ، وحدث عن غيرهم ، وروى عنه : ابنه أبو بكر، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي ، والزهري ، وعبيد الله بن عمر .
    من أهم ملامح شخصيته عفته وزهده وإيثاره الآخرة على الدنيا عُرِفَ في زمانه بزهده وورعه ، وقال عنه الإمام مالك : لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه . ولقد دخل هشام بن عبد الملك في حجه الكعبة ؛ فإذا هو بسالم بن عبد الله فقال له : سالم سلني حاجة ، فقال : إني لأستحي من الله أن أسأل في بيته غيره ، فلما خرج سالم خرج هشام في أثره ؛ فقال له : الآن قد خرجت من بيت الله فسلني حاجة، فقال سالم : من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة ، قال : من حوائج الدنيا فقال سالم : إني ما سألت الدنيا من يملكها ؛ فكيف أسألها من لا يملكها ، وكان سالم خشن العيش يلبس الصوف الخشن ، وكان يعالج بيده أرضًا له وغيرها من الأعمال ولا يقبل من الخلفاء وكان متواضعا وكان شديد الأدمة وله من الزهد والروع شيء كثير . وفي يوم عرفه نظر إليه هشام بن عبد الملك فرآه في ثوبين متجردًا فرأى كدنة حسنة فقال : يا أبا عمر، ما طعامك ؟ قال : الخبز والزيت، فقال هشام : كيف تستطيع الخبز والزيت قال أخمره فإذا اشتهيته أكلته قال : فوعك سالم ذلك اليوم فلم يزل موعوكًا حتى قدم المدينة . وبلغ من زهده أنه لم يكن ليجمع شيئًا إلا للدار الآخرة ، وكان ما في بيته من أساس لا يساوي شيًا فقد آثر أن يُجهز داره في الآخرة ، ودخل عليه ميمون بن مهران فقوم كل شيء في بيته فما وجده يساوي مائة درهم ، ودخل عليه مرة أخرى فما وجدت ما يسوى ثمن طيلسان .
    علمه

    أما عن علمه فكان يُعد من علماء أهل المدينة ، لذا كان مرجع أهل المدينة في الفتوى ، وقال علي بن الحسن العسقلاني عن عبد الله بن المبارك : كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار، وسالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وخارجة بن زيد بن ثابت . قال : و كانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعًا فنظروا فيها ؛ ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون . وكان مجلسه ومجلس القاسم بن محمد في مسجد رسول الله واحدًا تجاه خوخة عمر بين القبر و المنبر .
    خوفه من التعدي على حدود الله وكان وقَّافًا عن حدود الله ومن ذلك ما يرويه عطاء بن السائب : أن الحجاج دفع إلى سالم بن عبد الله سيفًا وأمره بقتل رجل فقال سالم للرجل : أمسلم أنت ؟ قال : نعم امض لما أُمرت به ، قال : فصليت اليوم صلاة الصبح ؟ قال : نعم قال : فرجع إلى الحجاج فرمى إليه بالسيف ، وقال : إنه ذكر أنه مسلم وأنه قد صلى صلاة الصبح اليوم ، وإن رسول الله قال : من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله قال الحجاج : لسنا نقتله على صلاة الصبح ، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان قال سالم : ها هنا من هو أولى بعثمان مني فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال : ما صنع سالم ؟ قالوا صنع كذا وكذا فقال بن عمر : مكيس مكيس .

    نصحه لله ولرسوله وكان سالم بن عبد الله ناصحًا له ولرسوله وللأئمة المسلمين ، ولما آلت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز كتب إليه يقول : يا عمر، فإنه قد ولى الخلافة والملك قبلك أقوام فماتوا على ما قد رأيت ، ولقوا الله فرادى بعد الجموع والحفدة والحشم ، وعالجوا نزع الموت الذي كانوا منه يفرون ، فانفقأت عينهم التي كانت لا تفتأ تنظر لذاتها ، واندفنت رقابهم غير موسدين بعد لين الوسائد وتظاهر الفرش والمرافق والسرر والخدم ، وانشقت بطونهم التي كانت لا تشبع من كل نوع ولوث من الأموال والأطعمة ، وصاروا جيفا بعد طيب الروائح العطرة حتى لو كانوا إلى جانب مسكين ممن كانوا يحقرونه وهم أحياء لتأذي بهم ولنفر منهم بعد إنفاق الأموال على أغراضهم من الطيب والثياب الفاخرة اللينة ، كانوا ينفقون الأموال إسرافًا في أغراضهم وأهوائهم ويقترون في حق الله وأمره فإن استطعت أن تلقاهم يوم القيامة وهم محبوسون مرتهنون بما عليهم وأنت غير محبوس ولا مرتهن بشيء فافعل واستعن بالله ولا قوة إلا بالله سبحانه ... وما ملك عما قليل بسالم *** ولو كثرت أحراسة ومواكبه ومن كان ذا باب شديد و حاجب *** فعما قليل يهجر الباب حاجبه وما كان غير الموت حتى تفرقت *** إلى غيره أعوانه و حبائبه فأصبح مسرورًا به كل حاسد *** وأسلمه أصحابه و حبائبه وطلب منه عمر بن عبد العزيز حينما تولى الخلافة سنة 99هـ أن يكتب له سيرة جده عمر بن الخطاب ليهتدي الناس بهداه، فكتب إليه سالم إن عمر كان في غير زمانك ومع غير رجالك، وإنك إن عملت في زمانك ورجالك بمثل ما عمل به عمر في زمانه ورجاله ، كنت مثل عمر وأفضل . وفاته لم يزل سالم بن عبد الله بن عمر ناصحًا لله ولرسوله ، معلمًا لغيره ما تعلمه من علم ، عاملاً بما يعلم؛ حتى وافته المنية سنة ست ومائة في آخر ذي الحجة وكان هشام بن عبد الملك يومئذ بالمدينة ، وكان حج بالناس تلك السنة ثم قدم المدينة فوافق موت سالم بن عبد الله فصلى عليه ، ورأى كثرة قال أخبرنا محمد بن عمر عن أفلح وخالد بن القاسم قالا صلى هشام بن عبد الملك على سالم بن عبد الله بالبقيع لكثرة الناس فلما رأى هشام كثرة الناس بالبقيع فقال لإبراهيم بن هشام المخزومي : اضرب على الناس بعث أربعة آلاف فسمي عام الأربعة آلاف قال فكان الناس إذا دخلوا الصائفة خرج أربعة آلاف من المدينة إلى السواحل فكانوا هناك إلى انصراف الناس وخروجهم من الصائفة . و يعلم من حياته أنه ولد ومات في المدينة المنورة. المصادر

    البداية والنهاية - الطبقات الكبرى - تهذيب الكمال.

  6. #6


    محمد بن كعب بن سليم القرظي
    نسبه ونشأته هو محمد بن كعب بن سليم القرظي المدني . ومنسوب إلى بني قريظة الطائفة المعروفة من اليهود ، وأورده أصحاب السير في الطبقة الثانية من التابعين . سكن الكوفة ثم المدينة .
    موقفه مع عمر بن عبد العزيز قال وهيب بن الورد: بلغنا أن محمد بن كعب القرظي دخل على عمر بن عبد العزيز فرآه عمر يشد النظر إليه فقال له : يا ابن كعب إني لأراك تشد النظر إلي نظرًا ما كنت تنظر إلي قبل هذا ، فقال محمد : العجب العجب يا أمير المؤمنين لما تغير من حالك بعدنا فقال له عمر وهل بنت ذلك مني فقال له محمد بن كعب الأمر أعظم من ذلك إلا أنه يكون استبان ذلك منك فقال له عمر يا بن كعب فكيف لو رأيتني بعد ثلاث وقد أدخلت قبري وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الوجنتين وتقلصت الشفتان عن الأسنان وفتح الفم وارتفع البطن فعلي فوق صدري وخرج القصب من الدبر فقال محمد بن كعب يا عبد الله إن كنت قد ألهمت هذا الأمر نفسك فانظر أن تنزل عباد الله عندك ثلاث منازل أما من هو أكبر منك فأنزله كأنه أب لك وأما من كان بسنك فأنزله كأنه أخ لك وأما من كان أصغر منك فأنزله كأنه ابن لك فأي هؤلاء تحب أن تسيء إليه أو يرى منك بعض ما يكره قال عمر ولا إلى أحد منهم .

    أهم ملامح شخصيته : انشغاله بالقرآن والذكر كان محمد بن كعب يقول : لئن أقرا في ليلة حتى أصبح إذا زلزلت والقارعة لا أزيد عليهما واردد فيهما الفكر أحب إلي من آن أهد القران هدا أو قال : انثره نثرًا . وقال محمد بن كعب القرظي : لو رخص لأحد في ترك الذكر لرخص لزكريا { قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا} فقد حبس لسانه عن كل الكلام إلا ذكره ولرخص للرجل الذي يكون في الحرب { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا }.
    الحرص على التعلم وكان ثقة عالما كثير الحديث ورعًا،وكانت أمه تقول له : يا بني ، لولا أني أعرفك صغيرًا وكبيرًا طيبًا ، لظننت أنك أحدثت ذنبًا موبقًا لما أراك تصنع بنفسك في الليل والنهار . قال : يا أماه وما يؤمنني أن يكون الله قد اطلع علىَّ وأنا في بعض ذنوبي فمقتنى فقال : اذهب لا أغفر لك مع أن عجائب القرآن تورد على أمورًا حتى إنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي . ويقول عون بن عبد الله : ما رأيت أحداً أعلم بتأويل القرآن من القرظي وقيل كان له أملاك بالمدينة وحصل مالا مرة فقيل له ادخر لولدك قال لا ولكن أدخره لنفسي عند ربي وأدخر ربي لولدي وقيل إنه كان مجاب الدعوة كبير القدر . وعن أبي بردة الطوبي قال : سمعت رسول الله يقول : " يخرج من الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسها أحد يكون بعده ". قال نافع : قال ربيعة : فكنا نقول هو محمد بن كعب القرظي والكاهنان قريظة والنضير . رواه أحمد و البزار والطبراني من طريق عبد الله بن مغيث عن أبيه عن جده وعبد الله ذكره ابن أبي حاتم ومغيث ذكره البخاري في التاريخ ولم يجرحهما أحد وبقية رجاله ثقات .

    من كلماته قال محمد بن كعب القرظي : إنما يكذب الكاذب من مهانة نفسه . وسئل محمد بن كعب القرظي ما علامة الخذلان ؟ قال : أن يقبح الرجل ما كان يستحسن ، ويستحسن ما كان قبيحًا .قال إذا أراد الله تعالى بعبد خيرا جعل فيه ثلاث خلال فقه في الدين و زهادة في الدنيا وبصره بعيوبه

    الوفاة توفى سنة ثمان ومائة. وعن سبب موته يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء : " كان لمحمد بن كعب جلساء من أعظم الناس بالتفسير، وكانوا مجتمعين في مسجد الربذة فأصابتهم زلزلة فسقط عليهم المسجد فماتوا جميعا تحته ".
    المصادر

    سير أعلام النبلاء - محمد رسول الله - الطبقات الكبرى - البداية والنهاية - حلية الأولياء .

  7. #7
    صلة بن أشيم العدوي
    نسبه وقبيلته

    هو صلة بن أشيم العدوي من عدي الرباب وهو عدي بن عبد مناة بن أد بن طابخة أورده سعيد القرشي . ويكنى أبا الصهباء .
    صحابة تعلم على أيديهم صلة بن أشيم نال صلة بن أشيم رحمه الله شرف صحبة أصحاب رسول الله فقد تربى على أيديهم وتعلم منهم ، وأخذ عنهم ، وقد تعلم على يد حبر الأمة ، وابن عم النبي عبد الله بن عباس ، وكان طاووس يقول : إن رجلا يقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس ، وأخذ أيضًا عن قارئ القرآن على النبي عبد الله بن مسعود .
    أثر صلة بن أشيم في الآخرين كان صلة بن أشيم يخرج إلى الجبانة فيتعبد فيها فكان يمر على شباب يلهون ويلعبون فيقول لهم : أخبروني عن قوم أرادوا سفرًا فحادوا النهار عن الطريق وناموا بالليل متى يقطعون سفرهم؟ قال : فكان كذلك يمر بهم ويعظهم فمر بهم ذات يوم فقال لهم : هذه المقالة فانتبه شاب منهم فقال : يا قوم ، إنه لا يعني بهذا غيرنا نحن بالنهار نلهو وبالليل ننام ثم اتبع صلة فلم يزل يختلف معه إلى الجبانة فيتعبد معه حتى مات .
    جهاد صلة بن أشيم لم يكن صلة بن أشيم عابدًا فحسب ، بل جرد سيفه حاملاً إياه مجاهدًا في سبيل الله، وكان كثير الغزو، وكان أهلاً لنيل الشهادة في سبيل الله ، وتقدم صلة بن أشيم هو وابن له ليجاهدا في سبيل الله فقال لابنه : أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك عند الله فحمل فقاتل حتى قُتِل ، ثم تقدم فقُتِل فاجتمعت النساء عند امرأته معاذة فقالت : مرحبا إن كنتن جئتن لتهنيني فمرحبا بكن وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن .
    ملامح شخصية صلة بن أشيم

    الرفق و اللين

    عن ثابت أن صلة بن أشيم وأصحابه : أبصروا رجلاً قد أسبل إزاره فأراد أصحابه أن يأخذوه بألسنتهم فقال صلة : دعوني أكفيكموه قال : يا ابن أخي إن لي إليك حاجة قال : وما ذاك يا عم ؟ قال : ترفع إزارك قال : نعم ونعمة عين فقال لأصحابه : هذا كان أمثل ، لو أخذتموه قال : لا أفعل وفعل . وقد رأى صلة بن أشيم رجلاً يكلم امرأة فقال : إن الله يراكما سترنا الله وإياكما .
    اليقين التام في الله وحسن التوكل عليه يقول حماد بن جعفر بن زيد العبدي : عن أبيه قال : خرجنا غزاة إلى - كابل - وفي الجيش صلة بن أشيم فلما دنونا من أرض العدو قال الأمير : لا يشذن من العسكر أحد ، فذهبت بغلة صلة بثقلها فأخذ يصلي فقيل : إن الناس قد ذهبوا فقال : إنما هما خفيفتان قال : فدعا ثم قال : اللهم إني أقسم عليك أن ترد علي بغلتي وثقلها قال : فجاءت حتى وقفت بين يديه .وجاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية." أن صلة بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو فقال : اللهم لا تجعل لمخلوق على منة ودعا الله فأحيا له فرسه فلما وصل إلى بيته قال : يا بني خذ سرج الفرس فإنه عارية فأخذ سرجه فمات الفرس ".
    كثرة العبادة و التذلل إلى الله وكان صلة قد أدرك أن هذه الحياة ما هي إلا دار عمل، فعمل على أن يتزود منها للدار الآخرة ، فكان يجاهد نهارًا ويتعبد ليلاً ، استحق بأن يوصف فارس بالنهار، راهب بالليل ، يقول حماد بن جعفر بن زيد أن أباه قال له : خرجنا في غزوة إلى كابل وفي الجيش صلة بن أشيم فنزل الناس عند العتمة و صلوا فصلى ثم اضطجع ، فقلت : لأرمقن عمله فالتمس غفلة الناس ، حتى إذا قلت هدأت العيون وثب فدخل غيضة قريبا منا ودخلت على إثره فتوضأ ، ثم قام يصلي وجاء أسد حتى دنا منه قال : قصدت شجرة قال : فتراه التقت أوعد به جزوا حتى سجد فقلت : الآن يفترسه فلا شيء فجلس ثم سلم ثم قال : أيها السبع ، اطلب الرزق في مكان أخر فولى وإن له لزئيرًا أقول تصدع الجبال منه قال : فما زال كذلك يصلي حتى لما كان عند الصبح جلس فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله ثم قال : اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة قال : ثم رجع فأصبح كأنه بات على الحشايا وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم .وتصف زوجته عبادته فتقول : كان أبو الصهباء يصلي حتى يأتي فراشه زحفًا ، أو ما يأتي فراشه إلا زحفًا .ويقول الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين : " كان صلة بن أشيم رحمه الله يصلي الليل كله فإذا كان في السحر قال إلهي ليس مثلي يطلب الجنة ولكن أجرني برحمتك من النار" .
    من كلماته

    عن ثابت أن صلة بن أشيم كان يقول : ما أدري بأي يومي أنا أشد فرحًا يوما باكرت فيه ذكر الله ، أو يومًا غدوت فيه لبعض حاجتي فيعرض لي ذكر الله تعالى .وجاء في حلية الأولياء " قال أبو الصهباء صلة بن أشيم : طلبت الدنيا من مظان حلالها فجعلت لا أصيب منها إلا قوتًا ، أما أنا فلا أعي فيه ، وأما هو فلا يجاوزني ، فلما رأيت ذلك قلت : أي نفسي جعل رزقك كفافًا فاربعي فربعت ولم تكد ".قال صلة بن أشيم على قبر أخ له : فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة ... وإلا فإني لا أخالك ناجيا .
    وفاة صلة بن أشيم مات شهيدًا في أول ولاية الحجاج بن يوسف على العراق سنة خمس وسبعين وقيل في خلافة يزيد بن معاوية وذكر أبو موسى أنه قُتِل بسجستان سنة خمس وثلاثين وهو بن مائة وثلاثين سنة .وجاء في الطبقات لابن سعد " كان صلة قتل شهيدًا في بعض المغازي في أول إمرة الحجاج بن يوسف على العراق".
    المصادر

    أسد الغابة - الدر المنثور - إغاثة اللهفان - حلية الأولياء الثبات عند الممات - التواضع والخمول - مجابو الدعوة - محاسبة النفس - حلية الأولياء - يقظة أولي الاعتبار - الإصابة في تمييز الصحابة - الطبقات الكبرى.

  8. #8
    المهلب بن أبى صفرة الأزدي

    نسبه هو المهلب بن أبى صفرة الأزدي [8 هـ/ 82هـ ] وكنيته أبو سعيد .(1)وعن يحيى بن معين أنه قال المهلب بن أبى صفرة هو مهلب بن ظالم بن سارق .(2)وجاء في طبقات ابن سعد أن المهلب كان من التابعينوقد ولد عام الفتح الذي كان سنة ثمان من الهجرة.(3) أهم ملامح شخصيته : كان المهلب بن أبي صفرة يتمتع بكثير من الصفات الحميدة ، والتي لا تتوفر في كثير من الرجال . 1- الشجاعة والقدرة الفائقة على القتال وإدارة المعارك بكفاءة منقطعة النظير فهو الذي مهد لفتح السند ومدينة خجندة على نهر سيحون بينها وبين سمرقند عشرة أيام وهو الذى استعاد منطقة الختل وقد ظل يحارب الخوارج طيلة تسعة عشر سنة ولم يقضى على شوكتهم غيره .

    2- الكرم

    فقد كان من أكرم أهل زمانه والأمثلة على ذلك كثيرة منه، أنه أقبل يوما من إحدى غزواته فتلقته ‘امرأة فقالت له : أيها الأمير إني نذرت إن أنت أقبلت سالما أن أصوم شهرا وتهب لى جارية وألف درهم فضحك المهلب وقال : قد وفينا نذرك فلا تعودى لمثلها فليس كل أحد يفى لك به . (4)ووقف له رجل فقال : أريد منك حويجه - تصغير حاجة فقال المهلب اطلب لها رجيلا تصغير رجل يعنى أن مثلى لا يسأل إلا حاجة عظيمة .وكان المهلب يوصى خدمه أن يقللوا من الماء ويكثروا من الطعام عندما يكون ضيوفه على خوانه حتى لا يملأ الضيوف بطونهم بالماء وحتى يملأها من الطعام
    3- الحلم

    كان رضي الله عنه من أحلم الناس ومن أخبار حلمه ، أنه مر يوما بالبصرة ، فسمع يقول : هذا الأعور قد ساد الناس ، ولو خرج إلى السوق لا يساوى أكثر من مائة درهم ، فبعث إليه المهلب بمائة درهم وقال : لو زدتنا فى الثمن زدناك في العطية وكان قد فقئت عينه بسمرقند . (5)4- وكان بليغا حكيما في آرائه له كلمات لطيفة وإشارات مليحة تدل على مكارمه .ومن ذلك حين حضرته الوفاة ، دعا إليه ابنه حبيبا ومن حضره من ولده ، ودعا بسهام فحزمت ثم قال : أفترونكم كاسريها مجتمعة ؟ قالوا لا ، قال فهكذا الجماعة ، فأوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم ، فإن صلة الرحم تنسئ في الأجل وتثرى المال وتكثر العدد ، وأنهاكم عن القطيعة فإن القطيعة تعقب النار وتورث الذلة والقلة ، فتحابوا وأجمعوا أمركم ولا تختلفوا وتباروا تجتمع أموركم .
    من كلماته : كانت الحكمة تجري علي لسانه، كيف لا وهم الجيل الذي شاهد صحابة رسول الله ( رضوان الله عليهم ) ومن كلماته قوله " عجبت لمن يشترى العبيد بماله ، ولا يشترى الأحرار بأفضاله".وقال الحياة خير من الموت،والثناء خير من الحياة ، ولو أعطيت ما لم يعطه أحد لأحببت أن تكون لي أذن أسمع بها ما يقال في غدا إذا مت . و قد أثني عليه الصحابة ( رضوان الله عليهم) ، لما وجدوا فيه من كريم الخلال فقد قال عبد الله بن الزبير عن المهلب "هذا سيد أهل العراق" (6)وقال عنه قطري بن الفجاءة : المهلب من عرفتموه : إن أخذتم بطرف ثوب أخذ بطرفه الآخر: يمده إذا أرسلتموه ويرسله إذا مددتموه ولا يبدؤكم إلا أن تبدؤوه لا أن يرى فرصة فينتهزها فهو الليث المبر والثعلب الرواغ والبلاء المقيم . (7) وقال عنه أبو إسحاق السبيعي " لم أرى أميرا أبمن نقيبة ولا أشجع لقاء ولا أبعد مما يكره ولا أقرب مما يحب من المهلب. (8) وأنشد فيه المغيرة بن حبناء :أمسى العباد لعمرى لا غياث لهم إلا المهلب بعد الله والمطر هذا يجود ويحمى عن ديارهم وذا يعيش به الأنعام والشجر(9)
    وفاته: عزل الحجاج أمية بن عبد الله عن خراسان واستعمل عليها المهلب بن أبى صفرة وقد مات المهلب بها سنة اثنتين وثمانين وكانت ولايته عليها سنة سبع وسبعين .(10)
    المصادر: 1- الثقات لابن حبان [ جزء 5 - صفحة 451 ] 2- الجرح والتعديل [ جزء 8 - صفحة 369 ] 3- الإصابة (216/6)4- سرح العيون (107)5- سرح العيون (107)6- وفيات الأعيان (433/4)7- الكامل للمبرد (185/3)8- شذرات الذهب (91/1)9- الأغاني (316/11)10- الثقات لابن حبان [ جزء 5 - صفحة 451 ]

  9. #9

    وهب بن منبه
    نسبه ونشأته هو وهب بن منبه بن كامل بن سيج أبو عبد الله الصنعاني و يقال : الذماري وذمار من صنعاء سيج ، وكان مولده في زمن عثمان بن عفان سنة أربع وثلاثين ، وعده أصحاب السير من الطبقة الثالثة من التابعين، وثقه ابن حجر ، وقال عنه الذهبي صدوق ، وكان يتكلم في القدر إلا أنه ندم على ذلك ، روى له البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه في التفسير .

    الصحابة الذين تعلم على أيديهم تعلم وهب بن منبه على يد حبر الأمة عبد الله بن عباس ، وروى عن أبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري والنعمان بن بشير وجابر بن عبد الله وابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه . وروايته للمسند قليلة وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات ومن صحائف أهل الكتاب قال عنه أحمد : كان من أبناء فارس له شرف قال وكل من كان من أهل اليمن له ذي هو شريف يقال فلان له ذي و فلان لا ذي له .
    من ملامح شخصيته :

    اجتهاده في العلم والعبادة كان وهب ممن ساق نفسه إلى الله ملازمًا لطلب العلم ، مجتهدًا للعبادة ، فكان ممن قرأ الكُتب ولزم العبادة وواظب على العلم وتجرد للزهادة ، وعن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال : صلى وهب بن منبه وطاووس اليماني الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة. ويقول كثير: أنه سار مع وهب فباتوا بصعدة عن رجل فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحًا؛ فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه في ضياء كأنه بياض الشمس فقال الرجل رأيتك الليلة في هيئة وأخبره فقال اكتم ما رأيت . وكان عابدا فاضلا قرأ الكتب
    نصحه للآخرين

    يقول وهب موجهًا نصيحته لعطاء الخراساني : كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم فكانوا لا يلتفتون إلى دنيا غيرهم وكان أهل الدنيا يبذلون لهم دنياهم رغبة في علمهم فأصبح أهل العلم اليوم فينا يبذلون لأهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم وأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعهم عندهم فإياك وأبواب السلاطين فان عند أبوابهم فتنا كمبارك الإبل لا تصيب من دنياهم شيئا إلا وأصابوا من دينك مثله ثم قال يا عطاء إن كان يغنيك ما يكفيك فكل عيشك يكفيك وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء يكفيك إنما بطنك بحر من البحور وواد من الأودية لا يسعه إلا التراب . وجاءه رجل فقال له : قد حدثت نفسي أن لا أخالط الناس قال : لا تفعل إنه لا بد لك من الناس ، ولا بد لهم منك ولهم إليك حوائج و لك نحوها ، لكن كن فيهم أصم سميعًا أعمى بصيرًا سكوتًا نطوقًا .

    عفوه وصفحه عمن أساء إليه يقول مولى الفضل بن أبي عياش : كنت جالسا مع وهب بن منبه فأتاه رجل فقال : إني مررت بفلان وهو يشتمك فغضب وقال : ما وجد الشيطان رسولاً غيرك ، فما برحت من عنده حتى جاءه ذلك الرجل الشاتم فسلم على وهب فرد عليه ومد يده وصافحه وأجلسه إلى جنبه .

    من كلماته قال وهب بن منبه : إذا مدحك الرجل بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك . و قال : العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والعقل دليله ، والعمل قيمة ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أبوه ، واللين أخوه . وقال : المؤمن ينظر ليعلم، ويتكلم ليفهم ، ويسكت ليسلم ، ويخلو ليغنم. و قال : استكثر من الإخوان ما استطعت فإن استغنيت عنهم لم يضروك وإن احتجت إليهم نفعوك .

    وفاته مات وهب بن منبه سنة 114هـ .

    المصادر

    التاريخ الكبير - رواة التهذبيين - سير أعلام النبلاء - صفة الصفوة - مشاهير علماء الأمصار - حلية الأولياء - الثقات لابن حبان .
    --

  10. #10

    مطرف بن عبد الله
    نسبه نشأته هو مطرف بن عبد الله بن الشخير العامري ، الحرشي ، أبو عبد الله البصري ، ولد في عهد النبي ، وقال عنه الذهبي في التجريد : تابعي أدرك النبي ، وقال يزيد بن عبد الله بن الشخير : مطرف أكبر مني بعشر سنين ، وأنا أكبر من الحسن البصري بعشر سنين ، فعلى هذا يقتضي أن مولد مطرف كان عام بدر أو عام أحد ويمكن أن يكون سمع من عمر . عدَّهُ أصحاب الطبقات من الطبقة الثانية : من كبار التابعين . وروى له : البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه .

    الصحابة الذين تعلم على أيديهم

    حدث عن أبيه وعلي وعمار وأبي ذر وعثمان وعائشة وعثمان بن أبي العاص ومعاوية وعمران بن حصين وعبد الله بن مغفل المزني وغيرهم وعن أبي مسلم الجذمي وحكيم بن قيس بن عاصم المنقري وأرسل عن أبي بن كعب .

    أثر الصحابة فيه يقول مطرف : قال لي عمران بن حصين : ألا أحدثك حديثًا لعل الله أن ينفعك به في الجماعة إني أراك تحب الجماعة ؟ قلت : لأنا أحرص على الجماعة من الأرملة ، لأني إذا كانت الجماعة عرفت وجهي . وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير: صحبت عمران بن حصين إلى البصرة ، فما أتى علينا يوم إلا أنشدنا فيه الشعر وقال : إن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب .

    موقفه مع أبي ذر يقول مطرف بن عبد الله : كان يبلغني عن أبي ذر حديث فكنت أشتهي لقاءه فلقيته فقلت : يا أبا ذر، كان يبلغني عنك حديث فكنت أشتهي لقاءك قال : لله أبوك فقد لقيتني قلت : بلغني أن رسول الله حدثك بحديث : إن الله يحب ثلاثة و يبغض ثلاثة ، قال : فلا أخالني أكذب على خليلي قلت : من هؤلاء الذين يحبهم الله ؟ قال : رجل غزا في سبيل الله صابرًا محتسبًا مجاهدًا ، فلقي العدو فقاتل حتى قتل ، وأنتم تجدونه عندكم في كتاب الله المنزل ثم قرأ هذه الآية {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} ، قلت : ومن ؟ قال : رجلٌ له جار سوء يؤذيه فيصبر على إيذائه حتى يكفيه الله إياه إما بحياة أو موت ، قلت : ومن ؟ قال : رجل يسافر مع قوم فأدلجوا ، حتى إذا كانوا من آخر الليل وقع عليهم الكرى والنعاس ، فضربوا رؤوسهم ثم قام فتطهر رهبة لله ورغبة لما عنده . قلت : فمن الثلاثة الذين يبغضهم الله ؟ قال : المختال الفخور وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل " إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ" قلت : ومن ؟ قال : البخيل المنان قلت : و من ؟ قال : التاجر الحلاف أو البائع الحلاف .
    موقفه من الحرورية أتت الحرورية - من الخوارج الذين قاتلهم عَلِيٌّ بن أبي طالب وكان عندهم من التشديد في الدين ما هو معروف - مطرف بن عبد الله ليدعوه إلى رأيهم فقال : يا هؤلاء إنه لو كانت لي نفسان تابعتكم بإحداهما وأمسكت الأخرى ، فإن كان الذي تقولون هدى اتبعتها بالأخرى وإن كانت ضلالة هلكت نفس وبقيت لي نفس ، ولكنها نفس واحدة وأنا أكره أن أغرر بها . أثره في الآخرين لما مات عبد الله بن مطرف خرج مطرف على قومه وهو مترجل في ثياب حسنة فغضبوا وقالوا : يا أبا عبد الله، يموت عبد الله بن مطرف فتخرج مدهنًا في ثيابك هذه ، قال فقال مطرف : أفأستكين لها ؟ وقد وعدني الله على مصيبتي ثلاث خصال كل خصلة منها أحب إلي من الدنيا كلها ، قال الله {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} أفأستكين لها بعد هذا ؟.
    من ملامح شخصيته خوفه قال مهدي بن ميمون : قال مطرف : لقد كاد خوف النار يحول بيني وبين أن أسأل الله الجنة .وكان يقول : لأن أبيت نائمًا وأصبح نادمًا أحب إلي من أن أبيت قائما وأصبح معجبًا ، فلا أفلح والله من زكى نفسه أو أعجبته وعن مطرف قال : لأن يسألني الله تعالى يوم القيامة فيقول : يا مطرف ألا فعلت ، أحب إلي من أن يقول لم فعلت .
    بعده عن الفتن قال العجلي : لم ينج بالبصرة من فتنة ابن الأشعث إلا هو وابن سيرين . مناقبه و فضله قال عنه الذهبي : كان ثقة له فضل وورع ورواية وعقل وأدب . قال غيلان بن جرير: أنه كان بينه وبين رجل كلام فكذب عليه ، فقال : اللهم إن كان كذابًا فأمته فخر ميتا مكانه ، فرفع ذلك إلى زياد فقال : قتلت الرجل قال : لا ولكنها دعوة وافقت أجلاً .
    من كلماته قال مطرف : خير الأمور أوسطها . وكان يقول : لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر . ومن أقواله : عقول الناس على قدر زمانهم . وقال : صلاح القلب بصلاح العمل وصلاح العمل بصلاح النية . وعن داود بن أبي هند قال : كان مطرف بن عبد الله يقول : ليس لأحد أن يصعد فليقي نفسه من شاهق ويقول قدر لي ربي ولكن يحذر ويجتهد ويتقي فإن أصابه شيء علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له وعن قتادة عن مطرف قال : إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا نعيما لا موت فيه .

    وفاته مات مطرف في ولاية الحجاج بن يوسف للعراق بعد الطاعون الجارف، وكان الطاعون سنة سبع وثمانين في خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان .

    المصادر

    رواة التهذيبيين - الإصابة في تمييز الصحابة - سير أعلام النبلاء - الطبقات الكبرى - الأدب المفرد - المستدرك - تفسير القرطبي - تفسير الطبري - تفسير الصنعاني - الإخلاص والنية - لسان العرب .
    --

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. يوم في حياة أم..
    بواسطة لميس في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 03-21-2016, 12:02 AM
  2. حياة ق.ق.ج
    بواسطة ياسر ميمو في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-16-2013, 04:38 PM
  3. سلسلة من أقوال التابعين
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-27-2012, 07:46 AM
  4. حلم دياب
    بواسطة عادل صابر في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-28-2012, 11:08 AM
  5. لا تعش نصف حياة
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-12-2011, 06:02 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •