الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعز في حديث خاص : أؤيد قيادة المرأة للسيارة

يتجلى عطاؤها الإنساني ليثمر نهرا يفيض على الوطن، تحمل كثيرا من هموم بنات جيلها ووطنها.. صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، التي فتحت قلبها لـ«رؤى» مطالبة بوجود نواد رياضية نسائية، وأيدت قيادة المرأة للسيارة متى كان المجتمع مستعدا لتقبل الفكرة، وغيرها من القضايا المهمة تتعرفون إليها في ثنايا الحوار..
فإلى تفاصيله:
■ كنت من الداعمين الأساسيين لحملة سرطان الثدي التي أقيمت أخيرا، فما تقييمك لها؛ لا سيما أنها دخلت موسوعة جينيس؟
■■ الدخول إلى موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية يعتبر أكبر دلالة على نجاح الحملة وتحقيق أهدافها، ومساهمتها الفعالة في تجميع آلاف السيدات في مكان واحد من أجل التعريف وزيادة الوعي عن مرض سرطان الثدي، الذي بدأ يتفشى بين نساء المملكة بشكل كبير جدا في الآونة الأخيرة، ودلالة أيضا على مدى وعي السعوديات وقدرتهن على التكاتف معا، وعندما نظرت إلى الأعداد الكبيرة التي حضرت إلى المجمع الرياضي أدركت أننا نجحنا، وبأن نساءنا في الطريق الصحيح، وهذا لا ينفي أننا ما زلنا بحاجة ماسة إلى غرس فكرة العمل التطوعي والخيري، وباعتقادي أن هذه الحملة محطة البداية وليست النهاية.


أكبر شريط وردي
■ من أين نبعت هذه الفكرة؟■■ نبعت هذه الفكرة خلال أحد اجتماعات مجلس إدارة جمعية (زهرة لسرطان الثدي)، حيث كان المجلس يناقش بعض المقترحات والأفكار لسنة 2010، فطرأت علي فكرة تكوين أكبر شريط وردي بشري في العالم؛ وهو شعار سرطان الثدي، وقد نالت الفكرة استحسان الجميع، خاصة والدتي الأميرة هيفاء الفيصل، ود. سعاد بن عامر التي قالت لي: «توكلي على الله يا ابنتي». وبدخول موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية سنساهم بشكل كبير في زيادة الوعي عن سرطان الثدي ومخاطره وآثاره، وطرق الوقاية منه.
■ تشير الإحصاءات إلى تزايد عدد المصابات بسرطان الثدي داخل المملكة، حدثينا عن دور الجمعية في التوعية بهذا المرض؟
■■ تم إنشاء جمعية (زهرة) من قبل مجموعة من السيدات المتعلمات قبل تسع سنوات في العاصمة السعودية الرياض، ومن خلال زيارات للنساء في المدارس والجامعات ومراكز التسوق والمساجد تحدثن مع السيدات عن أهمية الكشف المبكر والحصول على تصوير الثدي بالماموغرام بعد سن الـ35 عاما، الذي يستخدم عادة لاختبار الكشف عن أورام سرطان الثدي، وتبين للمتطوعات حرص المرأة السعودية على معرفة المزيد، وتعليم الآخرين عن حقيقة المرض.. وبدأت تمتد نشاطات الجمعية إلى معظم مدن وطننا الحبيب، وأخيرا تم تسجيل اسمنا في موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية وبذلك ساهمنا بشكل فعال جدا في زيادة الوعي بهذا المرض.

أسلوب حياة
■ تركز نشاطك في الفترة الأخيرة على الاهتمام بحملات سرطان الثدي، ما الأسباب؟■■ واحدة من أعز صديقاتي أصيبت بهذا المرض أثناء تأسيس الجمعية، وكانت المحرك الرئيسي لانضمامي إلى مجلس إدارة الجمعية، وتلا ذلك إصابات متعددة لنساء على اتصال شخصي بي من أقارب أو صديقات. ولا ننسى أن الزيادة المخيفة لنسب المصابات بالمرض بشكل عام في المملكة والإحراج الاجتماعي مع قلة الوعي بمسبباته وآثاره وكيفية الوقاية منه، من أهم الدوافع التي عززت اهتمامي بهذه الحملات، فوفقا للدراسات تتضاعف نسب المرض خلال الـ15عاما المقبلة إلى ثلاث مرات ما هي عليه الآن.

■ وهل لمست لدى المجتمع السعودي ثقافة العمل التطوعي؟■■ بكل تأكيد، فلقد شاهدنا المتطوعات اللواتي ساعدننا خلال الحملة ومدى جديتهن في العمل وحبهن لمساعدة غيرهن، من مصورات الكاميرات والفيديو إلى المراقبات والمشرفات وغيرهن. وينبغي علينا أن نضع نصب أعيننا أن الشباب هم مستقبل هذا الوطن ويحتاجون فقط لمن يركز طاقاتهم وتوجهاتهم نحو هذا النوع من الأعمال وغرس فكرة أن العمل التطوعي هو عملية تكاملية وتعاونية وواجبة على الجميع وهي ليست عملية تنافسية ولا تسقط عن الكل إذا قام بها البعض. الخلاصة أن العمل التطوعي هو أسلوب حياة وثقافة نلمس أنها مغروسة في ثقافتنا وديننا الحنيف.



■ اقتحمت الفتاة السعودية كثيرا من المجالات الجديدة، كيف تقرأين ذلك؟■■ أراها بداية لحقبة سيصبح فيها للمرأة دور كبير تحت ظل قيادتنا الرشيدة وتوجيهاتها الحكيمة لما فيه مصلحة المرأة والأسرة في شتى المجالات.
■ وهل لديها المؤهلات الكافية؟■■ بكل تأكيد؛ فلدينا موظفات بمؤهلات عالية وقادرات على إدارة العديد من الأعمال، ولا بد على الجميع إعطاء الفرصة لهن حتى تزيد هذه الأعداد من النساء المؤهلات والأخذ بأيديهن نحو طريق النجاح.

قيادة المستقبل
■ سموك عضو في مجلس المستشارين لمعهد القيادة المدنية، فماذا عن نشاط هذه المنظمة؟■■ منظمة غير ربحية مقرها نيويورك في أمريكا، تهدف إلى إلهام وتعليم الطلبة حتى يكونوا قادة المستقبل، وأنا عضو في المجلس الاستشاري، والعام الماضي استقبلنا بعض الطلبة من أمريكا إلى المملكة وقدموا خدمة المجتمع في جمعية الأطفال المعوقين في الرياض والتعرف بعادات المملكة عن كثب.

■ هل ترين التعليم في الوقت الحالي يؤهل لقيادة المستقبل؟■■ أعتقد أن التعليم الحالي جيد ويسير بالاتجاه الصحيح، لكن ما زلنا في طور التطوير والاستفادة من تجاربنا وتجارب غيرنا السابقة، وأتمنى أن تدخل المواد العملية وبناء القدرات القيادية بشكل أكبر حتى يكون الشاب أو الشابة قادرين على خوض معترك الحياة العملية وقيادة المستقبل.
■ تتعرض المرأة السعودية لحملات تغريب، هل فكرت في تبني حملة للرد على هؤلاء؟■■ حملات التغريب ليست قاصرة على نساء المملكة، بل في شتى بقاع العالم، ونحن بدورنا نسعى للمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات ضمن إطار الشريعة وتقاليدنا العريقة وما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث.

■ سموك شابة من شابات هذا الوطن، ما رأيك في المطالبات بقيادة المرأة للسيارة، وممارستها الرياضة؟■■ طبيعة مجتمعنا المحافظة التي فرضت علينا كثيرا من القيود، لكن مع التطور الحادث وتولي المرأة للكثير من المهمات أصبح من الضروري فسح المجال للمرأة في بعض الأمور، فقيادة المرأة للسيارة في جميع البلدان تعتبر شيئا عاديا جدا، وليس هناك دليل أكبر من كلمة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حينما سئل من أحد الإعلاميين الغربيين عن قيادة المرأة السعودية، فكانت إجابته بأنها تسوق في البادية وفي البر، وعندما يكون المجتمع السعودي مستعدا لقيادتها سوف تقود بكل تأكيد.
أما بالنسبة للرياضة فالمرأة وبحكم طبيعتها البشرية تحتاج إلى الرياضة كي تكون نشيطة وصحيحة، كما أنها أم ويجب أن تكون قدوة لأبنائها في ممارسة الرياضة وتتبع الغذاء الصحي. لذلك أدعو إلى تشجيع وتوفير أكبر عدد ممكن من النوادي الرياضية الخاصة بالنساء.
نساء ناشطات
■ سمو الأميرة ريما الإنسانة، ما هوايتها، وما أحلامها لبنات وطنها؟
■■ أنا وزوجي وأبنائي أسرة لنا هوايات مشتركة على رأسها القراءة والتزلج على الجليد، ومتابعة القنوات التعليمية مثل قناة (ديسكفري) ومشاهدة الرياضة وخصوصا كرة القدم وتشجيع فريق النصر. وأحلم لبنات وطننا أن يكن نساء ناشطات يعملن في مجتمع صحي ومثقف ومتوازن بالشكل الذي يناسبهن ويلائمهن؛ سواء رئيسات شركات أو ربات منزل أو طبيبات أو كاتبات ولا تكون هناك عوائق لتحقيق أحلامهن طالما أنها تناسب الروح الإسلامية المعتدلة.. فديننا الحنيف يحث على أعمال الخير ومساعدة الغير ومكارم الأخلاق، وغرس ثقافة خدمة المجتمع والتكافل.

■ ختاما سمو الأميرة، مساحة بيضاء ماذا تكتبين فيها؟■■ أكتبها إلى السيدات في شتى بقاع وطننا الحبيب، ادعوهن إلى الجد والعمل والوقفة الصادقة سنحقق الأمل وسنصل إلى أعلى المراتب، وأن نضع أعيننا على الصورة الكبيرة، حيث إن الخطوتين اللتين نأخذهما ستصبحان أربع خطوات لمن يأتي بعدنا، فيجب التأكد من أن هاتين الخطوتين هما الخطوتان الصحيحتان، يجب أن نستوعب أن هذه الخطوات لا تؤثر على حياتنا الشخصية فحسب، لكن على نمط وتوجه مجتمع، فيجب علينا دائما التأكد من أننا نخطو الخطوات الصحيحة.
كما أوجه الشكر إلى سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وجمعية سلطان بن عبدالعزيز الخيرية، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد وسمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم على دعمه لنا وفتح أبواب المجمع الرياضي بوزارة التربية والتعليم لبناء أكبر شريط وردي بشري وتحقيق رقم قياسي جديد للمملكة في موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية، كما أخص بالشكر كل من شاركن معنا في حملتنا، فلقد أثبتن للجميع بأننا قادرات على الوقوف «وقفة نساء» جنبا إلى جنب دائما وأبدا.