بند قانوني يهدد أصحاب 99% من المواقع السورية بالسجن!

حجم المشكلة كبير لدرجة أنه من المطلوب فعلاً من الجهات السورية الواضعة لقانون يعمل على تنظيم المواقع الإلكترونية بأنواعها أن يجد حلاً لها وبسرعة، لأنه من الممكن إذا ما تفاقمت أن تؤدي إلى إغلاق أكثر من 99% من المواقع الإعلامية السورية والأهم تغريم وحبس أصحابها.

بهذه الكلمات عبرت صيحفة الوطن بقلم المهندس "رشاد أنور كامل" عن قلقها من أحد بنود حماية الملكية الفكرية المتعلقة بالنشر الإلكتروني، حيث يقول الكاتب:
لقد أشاح الجميع بوجهه عمداً عن التوالد العشوائي والجميل لمواقعنا الإلكترونية الإعلامية السورية.
الوزارات المختصة، تصرفت وكأنها لا تعرف بوجود تلك المواقع، لدرجة إعلانها عدم مسؤوليتها عنها.
المؤسسة العربية للإعلان، ولأول مرة رفعت يدها عن مطرح يولد رسوماً مالية بحجة أنها لن تتدخل لمحاسبة عالم افتراضي، بالوقت الذي لاحقت فيه الفضائيات العربية والعالمية إذا تم وضع أي إعلان لأي منتج سوري فيها.
وزارة المالية لم تكتف بعدم ملاحقة أصحاب المواقع ضريبياً، بل اعتمدت الكثير منها كأداة لنشر رسائلها التوعوية والترويجية التي تشجع الناس على عدم التهرب الضريبي!!.

ولكن ما لم يكن أحد يحسب حسابه عند إطلاق إشارة بدء الترخيص للمواقع الإلكترونية هو أثره في إنهاء حالة الصمت التي سادت من وزارة الثقافة وأصحاب الصحف والمجلات، ووكالات الأنباء، والمؤسسات الإعلامية المختلفة، والمؤلفين لظاهرة استنساخ أعمالهم دون إذن من قبل تلك المواقع الإلكترونية لسنوات طوال بشكل ينتهك قانوناً سورياً واضحاً صدر عام 2001 من قبل وزارة الثقافة، وهو أقدم عملياً من أي موقع إعلامي إلكتروني سوري، تحت اسم: «قانون حق المؤلف السوري رقم 12 لعام 2001».
حجم المشكلة التي سنتناولها كبير لدرجة أنه من المطلوب فعلاً من الجهات الواضعة لقانون يعمل على تنظيم المواقع الإلكترونية بأنواعها أن يجد حلاً. حلٌ لمشكلة من الممكن إذا ما تفاقمت أن تؤدي إلى إغلاق أكثر من 99% من المواقع الإعلامية السورية والأهم تغريم وحبس أصحابها.

آخر ما يريد أن يسمعه الجميع الآن من «مشرع، ووزارة إعلام، ووزارة ثقافة، ووزارة تقانة، وأصحاب مواقع إلكترونية» هو أن انتهاكاً مستمراً لحقوق الملكية الفكرية ولقانون سوري واضح تمت ممارسته بكثافة عبر المواقع الإلكترونية التي من الممكن إن لم تتم تسويتها أن تشكل عبئاً قانونياً إضافياً يجب معالجته مع ما يطلب أساساً منهم معالجته في قضايا ترخيص تلك المواقع.
لم أسأل أحداً من أطراف المعادلة إلا وذكر لي أنه «يكفي أن تذكر المصدر لأي مقالة تريد إدراجها في موقعك لتصبح قانونية ويحق لك أن تأخذ ما تشاء ومن أي مصدر!!»، والجواب الثاني الذي يبدو ذكياً: «هذه طبيعة الإنترنت، إنها حرية في تبادل المعلومات».

وردي كان حاضراً «هل من الممكن أن أطبع صحيفة يومية كل صفحة فيها مأخوذة من صحف ومجلات مختلفة، وكل صفحة من صحيفتي ستكون مهمة لأنها مختارة من أفضل ما كتب عندهم من أخبار وتحقيقات وصور، وصدقوني سأذكر في كل صفحة المصدر...»، ودون انتظار الجواب الذي أراه في العيون... أعرف أن المنطق قبل القانون يقول... طبعاً لا.
فكيف يكون ما هو محرم منطقياً وقانونياً وأخلاقياً على الصحف والإذاعات والتلفزيونات مسموحاً للمواقع الإلكترونية؟، هذا غير منطقي، وغير قانوني، وحكماً غير أخلاقي.

المشكلة أساساً في قراءة نصف القانون واعتماده وتداوله بشكل أصبح حقيقة مضللة، فالقسم الذي أحب جميع ملاك المواقع قراءته من «قانوننا السوري المادة 37- الفصل السادس- المادة الثانية»، والمتعلق بمشروعية استعمال المصنف المتمتع بالحماية دون الحصول على موافقة المؤلف، هو إمكانية «استنساخ مقال مذاع أو منشور في صحف أو دوريات وإبلاغه للجمهور بشرط ذكر هذا المصدر» والقسم الثاني الذي أغفله الشباب هو «لا يكون هذا الاستنساخ مشروعاً إذا ورد صراحة منذ نشر ذلك المقال أو إذاعته، إن ذلك محظور».

ليكون النص الكامل للفقرة هو: «استنساخ مقال مذاع أو منشور في صحف أو دوريات وإبلاغه للجمهور بشرط ذكر هذا المصدر ولا يكون هذا الاستنساخ مشروعاً إذا ورد صراحة منذ نشر ذلك المقال أو إذاعته، إن ذلك محظور».
لن أشرح كل مفردات هذه المادة من القانون لأنها واضحة بل سأكتفي بشرح ماذا تعني كلمة «محظور»، قد لا يهم القارئ العادي عبارات مثل «جميع الحقوق محفوظة، بعض الحقوق محفوظة، جميع حقوق النشر محفوظة، انظر سياسة استخدام الموقع» ولا يهم إن كانت مكتوبة بالعربية أو بلغة أخرى ولا يكون القارئ العادي مستهدفاً في الرسالة التي مفادها «إن المحتوى الذي تتصفحه، تقرؤه، تسمعه، تشاهده «محظور، ومحمي» من إعادة استخدامه كلاً أو جزءاً عبر «القانون المحلي لحماية حقوق المؤلف وأيضاً القانون الدولي»، هذه التحذيرات وضعت خصيصاً لأصحاب المواقع الإلكترونية والصحف وغيرها من وسائل الإعلام وهي تعني شيئاً واحداً «لا يجوز لك تحوير محتوى الموقع (مادة تحريرية– صور– مقاطع فيديو.. إلخ) أو استخدامه لغير أغراضك الشخصية دون موافقة رسمية من إدارة الموقع، وفي حالة الحصول على تلك الموافقة فإن عليك التصريح بذلك بشكل واضح وفي مكان بارز – (جزء من اتفاقية استخدام موقع العربية)» وأيضاً يعني «لا يجوز لك نسخ المادة الموجودة في هذا الموقع أو إعادة إنتاجها أو نشرها أو إذاعتها بأي طريقة إلا لأغراض استعمالك الشخصي غير التجاري. ولا يجوز لك تعديل المادة الموجودة في هذا الموقع أو تحويرها أو اقتباسها لخلق عمل جديد أو استخدامها لأي غرض بخلاف استعمالك الشخصي غير التجاري – (من موقع الجزيرة الإخباري)» وأيضاً «يكون تنزيل وطباعة مقتطفات من المواد الموجودة على هذا الموقع الإلكتروني محصورة بالاستخدام الشخصي ولغايات غير تجارية. بناء عليه، لا يحق لأي كان نسخ أو نشر أو بيع أو توزيع أو استغلال مضمون هذا الموقع تجارياً قبل الحصول على إذن خطي مسبق من وكالة فرانس برس- (موقع فرانس برس)»، كل هذه التحذيرات وضعت من أجل لحظة مواجهة أمام القضاء وعندها لا ينفع أن نكون قد بنينا مواقعنا على فهم نصف فقرة من قانون محلي واضح فما بالكم من قوانين دولية.

التحذيرات أجمعت وبشكل حازم على أن أي استخدام يجب ألا يتعدى الاستخدام الشخصي وليس له أي صفة تجارية، وأي حالة أخرى لا بد أن تكون عبر الاتفاق، فما هذا الاتفاق أو الأذن الخطي الذي يتكلمون عنه؟.
لا أعرف وكالة أنباء ولا مؤسسة إعلامية كبيرة إلا وأعرف أن جزءاً كبيراً من مواردها المالية يتأتى من الاشتراك معها في الحصول على المحتوى «الأخبار، الصور، الخبر المصور... إلخ» وتسعيرة كل منها تختلف، فوكالة عالمية معروفة تتقاضى من أي مؤسسة إعلامية سورية ترغب في الاستفادة من المحتوى الإخباري الذي تقدمه ما يعادل 1200 دولار أميركي شهرياً مقسمة 600 دولار للأخبار و600 دولار لخدمة الصور، ولا تختلف وكالة عن أخرى إلا بسعر الاشتراك الذي من الممكن أن يمنح مجاناً ولكن يبقى هذا المنح عبر اتفاق.
ومن يقرأ قانون حقوق المؤلف السوري فسيقف كثيراً عند البند الذي استثنى ما هو محمي من هذا القانون وستنفرج أساريره، وحتى لا يتم استعجال الأمور سأطرح عليكم البند وسنتداوله معاً:

«المادة 4 - يستثنى من الحماية:‏
أ- مجموعات الوثائق الرسمية كنصوص القوانين والمراسيم والأنظمة والاتفاقيات الدولية والأحكام القضائية وقرارات الهيئات الإدارية وسائر الوثائق الرسمية وكذلك الترجمات الرسمية لها. ‏
ب- الأنباء اليومية المنشورة أو المذاعة أو المبلغة علناً».
قد تبدو هذه المادة واضحة ولكنها تحمل في طياتها فخاً لا تعرفه إلا وكالات الأنباء والمؤسسات الإعلامية الكبرى، فالمادة أوضحت عدم إمكانية ادعاء أي كان ملكية فكرية أو حقوق تأليف على القوانين والمراسيم والأخبار العامة، القديمة منها والحديثة، أي إن القانون شرع حق الوصول ومعالجة هذه المواد والأخبار للجميع بالتساوي ولكن.... في حال كنت أنت من اجتهدت في الحصول عليها!!!، أي أنت من أرسل مراسلاً أو مصوراً لتغطية هذا الحدث الإخباري وكل ما يغطيه البند الثاني من تصنيفات. هنا الخبر، النبأ، اللقاء... إلخ. ملك الجميع صحيح، ولكن الصور التي التقطها مصورك، والخبر الذي نقله مراسلك، هو ملكك أنت ولا يستطيع أحد استنساخه بحجة أنه مستثنى.
والمتمعن في منطق هذا الاستثناء يعرف أن هذا ما تعتاش عليه وكالات الأنباء فرغم تغطيتها لكل ما يستثنيه القانون إلا أن ملكيتها محصورة بجهود ونشاط مراسليها.
إذاً الاستثناء على نوع المحتوى لا على الجهد البشري الذي عالجها ووفرها مقابل رسم واضح.

ويؤكد ذلك المادة الخامسة من القانون: «لمؤلف المصنف المشمول بالحماية وحده الحق في تقرير نشر مصنفه وفي اختيار طريقة هذا النشر وله وحده ولمن يأذن له خطياً حق استثمار مصنفه مالياً بأي وسيلة أو شكل كان ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن كتابي منه أو ممن يخلفه» والمصنف هنا حسب تعريف القانون هو: الوعاء المعرفي الذي يحمل إنتاجاً أدبياً أو علمياً أو فنياً مبتكراً مهما كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير فيه أو الغرض من تصنيفه. ‏
المشكلة عالمية وانفجرت حتى بوجه كبار الإنترنت مثل «غوغل» و«ياهو» و«مايكروسوفت» عندما أعلن «روبرت مردوخ» أكبر مستثمر في الإعلام عالمياً بأنه لن يسمح بعد الآن لكل من «غوغل وياهو ومايكروسوفت» من أخذ أخباره من دون مقابل وطلب منهم فعلاً وعبر القضاء أن يرفعوا مؤسساته من محركات البحث الإخبارية التابعة لهم «Google news & Yahoo news» وأعلن بأنه سيبدأ بإجراء فرض رسوم اشتراك حتى على المستخدمين العاديين الراغبين في تصفح كامل المقالات والأخبار من مؤسساته وأطلق جملته الشهيرة والمهمة: «الصحافة الجيدة مكلفة جداً ولا يمكن أن تكون مجانية» وبدأت حركة فعلية من المؤسسات الإعلامية للمطبوع والمرئي والمسموع التي عانت من هجرة كبيرة من دخلها الإعلاني إلى محركات البحث العملاقة والمواقع التابعة لها وانضمت إلى حملة عدم وضع محتواها إلا عبر الاشتراك.

إذاً المعادلة هي الصحافة الجيدة، أي الصحفي الجيد، أي المؤسسة الصحفية الجيدة وهذه أشياء تحتاج إلى إنفاق وتحتاج إلى دخل ودعم وحماية وآخر ما يجب أن نتجاهله في قانون ترخيص المواقع هو تجاهل حقوق كل هؤلاء الجيدين، وهنا أستغرب صمت أصدقائنا من «الاتحاد العام للصحفيين» الذين شارعونا لسنوات وناضلوا ضد «زمرة أصحاب الصحف الخاصة»، كما يروننا، من أجل إقحام نص قانوني في قانون المطبوعات الجديد مفاده أنه لا يجوز ترخيص مطبوعة في سورية إن لم يذكر في نص ترخيصها أن رئيس تحريرها عضو عامل في الاتحاد لفترة لا تقل عن عشر سنوات ومدير تحريرها وعلى الأقل أربعة محررين معينين فيها ممن يملكون عضويات عاملة في الاتحاد واعتبروا أن هذا المطلب هو لضمان تشغيل أكبر قدر من الصحفيين الاتحاديين وإيجاد فرص عمل لهم، ومع ذلك ساهموا في الصمت العام حول إقحام أي من منتسبيهم من الصحفيين الاتحاديين ضمن ترخيص أكثر من ثلاثمئة موقع إخباري وإعلامي سوري على الإنترنت، لماذا؟! ربما لأن نضالهم النقابي توقف عند العالم الفيزيائي ولم يصل إلى الافتراضي، ولكن الواقع أنهم يهربون من واقع أصعب وهو الدفاع عن أهم حقوق منتسبيهم من الصحفيين وذلك عبر حماية مؤلفاتهم ومقالاتهم وأخبارهم من التداول بين مئات المواقع.... مجاناً.

وإجابتهم الحاضرة ستكون: «مهمة الدفاع عن المواد المتداولة مجاناً هي مهمة المؤسسات التي ينتمي إليها الصحفي، ثم نحن لا ندافع عن المؤسسات الخاصة ولا حتى الرسمية» قد يبدو الجواب صحيحاً ولكن في الواقع عندما تتراجع دخول تلك المؤسسات تنهار وعندما تنهار تجر معها كل العاملين فيها، لذلك عندما ندافع عن كل مادة وعن كل صورة وعن كل بث إنما نحمي الإعلامي والصحفي عبر حماية مؤسسته.
ومع الأسف عند مسح سريع لمعظم مواقعنا السورية والنشرات الإخبارية سنجد أن عدداً قليلاً منها لديهم فعلاً مواد أو أخبار أو حتى صورة واحدة من إنتاجهم، ومن يفتح مواقعنا السورية سيكتشف أن الأخبار والمواد يتم تداولها بينهم بشكل ينبئ عن مشكلة كبيرة ستواجههم عند مطالبتهم بالترخيص والالتزام بالقوانين السورية وأهمها قانون حقوق المؤلف، وبشطري مادته، التي ذكرناها، هذه المرة، وسيطالبون بمحتوى جيد أي محتوى مكلف أي مؤسسة لها بنيان واضح... فيزيائي هذه المرة.

هناك استحقاقات لا بد من معالجتهما جيداً قبل إخراج القانون الجديد الذي ينظم عمل المواقع الإلكترونية، الأول كيف نعالج سنوات طويلة من اختراق قانون حقوق المؤلف السوري، وحتى غير السوري؟ وهل من الممكن أن نعتبر قانونياً أن نقطة الصفر هي اللحظة التي انضمت فيها تلك المواقع إلى هذا القانون الجديد مما يمنحها تسوية ما ومسامحة جماعية تتنقل بها من حالة الانطلاقة إلى حالة الاحتراف؟
وربما يكون المفتاح الذي كان غائباً حول الميزات التي من الممكن أن تمنح للمواقع السورية التي ستنضم تحت لواء هذا القانون هو اعتبار انضمامهم للقانون ضمن فترة محددة من اعتماده هي لحظة صفر قبلها الجميع بداية جديدة لهم، استثناء وإعفاء سيفرز من يرغب فعلاً في التحول إلى مؤسسة إعلامية من ذاك الذي لا يستطيع أن يخلع عن نفسه قناع القرصان.

عندما نتكلم عن تحديات، فهو لأننا نريد حلها، وعندما نتكلم عن تطوير قوانين، فهذا لأننا نضجنا بتجربتنا ويجب أن نعكس النضج بقوانين أحدث، وعندما نتكلم عن العقوبات التي تطول سارق الإبداع فذلك لأننا نحترم الإبداع والمبدعين والمؤسسات التي تحتضنهم ونخاف عليهم.
قانون «حقوق المؤلف السوري رقم 12 لعام 2001» متوافر على الإنترنت ومتوافر عند وزارة الثقافة، ولا بد للجميع من التمعن في قراءته.
مع ظهور أول صحيفة وإذاعة وتلفزيون في سورية، هناك من استثمر عمراً ومالاً في محاولة لتطوير مؤسسته الإعلامية وكادره وتطوير الكلمة والتواصل والتأثير آملاً في إعلام سوري وطني متميز.
لهم مني كل الاحترام، فأنتم الأصل.


منقول
أشكر كاتب المقال على جهوده بهذا المقال رغم عدم معرفتي بإسمه وقد بحثت طويلا لكن لم أجد أسمه فلم أجد بدا من شكره .....

</B></I>


منقول عن منتدى محاميي سوريا