منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    أفريقيا المظلومة حتى على الخرائط!

    أفريقيا المظلومة حتى على الخرائط!


    انتبه المصمم ورسام الخرائط الألماني كاي كراوس، إلى أن الخريطة التي تظهر أمامنا دومًا كخلفية في الأخبار التليفزيونية، وعلى غلاف الأطلس الذي يقدم للتلاميذ في المدارس، وفي كل مكان تقريبًا نصادف فيه خريطة العالم، هي خريطة مشوهة تزرع في أذهاننا أفكارًا خاطئة حول حجم أفريقيا الحقيقي ومكانتها الموضوعية في هذا العالم. فكل تلك الخرائط مبنية على إسقاط مركاتور الشهير “1569”.




    صورة لإسقاط ميركاتور، المصدر: ويكيبديا.
    ليس الخطأ هنا عند رسامي الخرائط، فأي محاولة لرسم الكرة الأرضية على سطح مستوٍ، لن تعطينا صورة حقيقية عن عالمنا، ومركاتور نفسه لم يصنع خريطته كي نتعلم منها الجغرافيا، وإنما لكي تبين لنا العالم بشكل مسطح، فتساعد البحارة على التنقل، وتقدم خدمة مهمة للأساطيل التجارية والحربية.


    فمن أجل رسم خريطة مسطحة يتم استخدام الخطوط بدلًا من المنحنيات، وتكون النتيجة دائمًا أن المناطق القريبة من القطبين يكون مبالغًا فيها إلى حد كبير، فتظهر “جرينلاند” على سبيل المثال وكأنها في حجم أمريكا الجنوبية، وكثير من الناس نتيجة الاعتياد على مشاهدة مثل تلك الخرائط يظنون أن حجم أفريقيا هو أقرب ما يكون إلى حجم جرين لاند.


    أمام هذا كله صمم كراوس خريطة مسطحة لأفريقيا، تظهر حجمها الحقيقي الذي يفوق حجم أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والهند والصين واليابان مجتمعين، فأفريقيا بحسب كراوس: أكبر وأعظم مما يتخيل أي أحد.




    خريطة كاي كراوس التي يظهر فيها حجم أفريقيا الحقيقي
    وإذا كان حجم أفريقيا الحقيقي قد تم تقليصه على الخرائط الشائعة التي نشاهدها كل يوم، فهناك ما هو أهم وأبعد من ذلك، إنه تاريخ أفريقيا قبل الاستعمار الذي يحفل بالمفاجآت المدهشة التي تم التجهيل بها.


    قبل أن تسافر عبر الزمن إلى أفريقيا ما قبل الاستعمار


    أفريقيا التي تُجبَر 14 دولة فيها حتى هذه اللحظة على دفع ديون ضخمة لفرنسا، مقابل جلاء الاستعمار “صوريًا” من بلادها منذ أكثر من نصف قرن، والتي يعاملها العالم اليوم بوصفها طفلًا لا يستطيع السير وحده، وتُدفع حكوماتها لتطبيق نظريات النمو الاقتصادي المستوردة عنوة من الغرب، والمعتمدة على أفكار التجارة الحرة وخصخصة الموارد الحيوية، هي نفس أفريقيا التي تخبرنا نظريات التطور الجيولوجي بأنها كانت قلب هذا العالم.


    فقد تكوَّن هذا العالم في الأزمنة السحيقة من قارة واحدة أو قارتين، تحتل المركز في أكبرهما أفريقيا، ومن ثم تفتتت الكتلة القارية الكبيرة ذات القلب الإفريقي، ليتشكل منها العالم كما نعرفه اليوم، هي أفريقيا التي تخبرنا النظريات التطورية والأنثروبولوجية بأنها كانت موطن نشوء أول إنسان عاقل على سطح الأرض. لكن موطن أول إنسان عاقل صار اليوم متهمًا بالسذاجة والطفولة، وبأنه لا يستطيع السير إلى الأمام بدون وصاية.


    في هذا التقرير سنأخذك إلى رحلة شيقة من القاهرة إلى أكرا، ومن الأراضي الزراعية إلى ورش الصناعات اليدوية المتقنة، ومن الكتاتيب إلى الكنائس الجميلة، رحلة شيقة سنرى فيها كيف كانت القارة السمراء تبتكر طريقتها الخاصة جدًا في التطور قبل أن يأتي الاستعمار، ويستغل ثرواتها، ويكتب تاريخها من جديد على النحو الذي يريده والذي يبرر أعماله الوحشية تجاهها.


    هذا التقرير سيذهب معك إلى أفريقيا الساحرة منذ 5 قرون، قبل أن تُدمج عنوة كأكثر النقاط هامشية في النظام العالمي، بحيث أصبحت مع بدايات القرن الحادي والعشرين هي أكثر القارات اندماجًا في هذا النظام، في نفس الوقت الذي تُمثل فيه واحدة من أقل النسب من حيث مشاركة صادراتها في التجارة العالمية.


    لحظة الدهشة والإنكار.. بنين لا تقل نظافة عن أمستردام!


    أفريقيا هي القارة الأولى التي اهتدى فيها الإنسان إلى تجميل الآلة وزخرفة السلاح، وصنع الأعاجيب -المؤرخ ألبير تايل.
    ترك لنا الهولنديون الذين زاروا أعماق أفريقيا لأول مرة في القرن الخامس عشر الميلادي، وثيقة شديدة الأهمية تساعدنا على معرفة تاريخ أفريقيا الساحرة وتطورها، فقد كتب الهولنديون حين دخلوا مدينة بنين التي تقع في جنوب نيجيريا حاليًا:


    تتشكل المدينة من ثلاثين شارعًا رئيسيًا. وهي مستقيمة تمامًا، وعرضها 120 قدمًا. وعلاوة على ذلك فهناك شوارع صغيرة متقاطعة لا حصر لها. والمنازل متلاصقة بعضها البعض ومرتبة في نظام جيد، ولا يقل هؤلاء الناس نظافة عن الهولنديين، فهم يغسلون منازلهم وينظفونها بدرجة تجعلها لامعة وبراقة كأي مرآة.
    بالطبع ينبغي هنا أن نذكر بأن مدينة بنين، التي كانت تضاهي في نظافتها وفي سعة شوارعها مدينة أمستردام الهولندية، قد تم حرقها بعد نهبها على أيدي القوات البريطانية في عام 1897، وما زال المتحف البريطاني يحفل بمجموعة رائعة من المشغولات البرونزية البنينية المنهوبة، وحتى الآن لم تسترجع نيجيريا سوى عدد قليل جدًا من المشغولات اليدوية التي سرقتها بريطانيا المتحضرة.


    لكنك قد ترى أن هذا ليس مثالًا كافيًا وربما يكون استثنائيًا، ولا يمكن أن ندلل به على أن أفريقيا كانت ساحرة ومتقدمة قبل الحقبة الاستعمارية، وليست تلك القارة الوحشية التي صورتها الأنثروبولوجيا الاستعمارية بعد ذلك، لهذا فرحلة أخرى عبر الزمن إلى زيمبابواي ربما تؤكد لك الأمر:




    صورة إزالة تمثال سيسيل رودس من جامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا بعد شهر من الاحتجاجات الطلابية في عام 2015
    سيسيل رودس (1853 – 1902م) الذي يلقب بملك الألماس، حيث كانت شركته “دي بيرز”، تسيطر على 90% من ألماس العالم، عبر استغلال ونهب الثروات المعدنية الأفريقية، أرسل عملاءه لنهب ما يقدرون عليه من الثروات في زيمبابواي، التي سماها على اسمه “ردويسيا”، وحين وصلت بعثة اللصوص كما صارت تسمى فيما بعد، وقفوا مدهوشين أمام الآثار المتبقية من حضارات زيمبابوي (قبل الغزو الاستعماري)، لكنهم سرعان ما قالوا لبعضهم البعض أن من صمم تلك المباني ونفذها، كانوا مجموعة من البيض بكل تأكيد، فلا يمكن أن يبني الأفارقة مثل هذا على الإطلاق.


    باختصار بعد وقت كاف من التخريب والنهب، لم يعد شيء ليدل على أفريقيا النظيفة القديمة سوى أطلال الحضارات السابقة، التي تم سرقة معظمها، وصار سهلًا جدًا بعد ذلك أن تساق حول الآثار القليلة المتبقية، أطروحات من قبيل أن تلك الآثار قد بناها كائنات أخرى غير الزنوج الأفارقة قطعًا، كما صار من السهل، أن يطرح مفكرو الاستعمار وفلاسفته نظريات تتحدث عن أن تخلف أفريقيا وفقرها وجمودها الذي صنعوه، هو سمة رئيسية من سماتها.


    لقد تصدى مفكرو وفلاسفة الاستعمار إلى مهمة جديدة، كان لا بد أن تتم حتى يتم تبرير وحشية الاستعمار ونهب أفريقيا، تمثلت تلك المهمة في حذف ما ينطوي عليه تاريخ أفريقيا من أدلة تطور ورقي، وإعادة تشكيل هذا التاريخ من جديد، لتظهر القارة، وكأنها موطن كان يسكنه أنصاف البشر والهمجيين، حتى جاء الاستعمار ليحررها من براثن الهمجية والتخلف وينقل أبناءها إلى رتبة البشر.


    جزم مفكرون فرنسيون مثل “إميل غوتييه”، و”شارل جوليان”، بأن تاريخ بلدان المغرب العربي، عبارة عن خط أفقي مستقيم لا يسير إلى الأمام، ويسوده الجمود ويخلو من أي روح إبداعية أو إنتاجية، وبأن هذا التاريخ لم يشهد أي تطور منذ 2000 عام، وحتى حين حدثت بعض التطورات، فإنها لم تساهم بدورها في تطوير جذري بجوهر صفات البلاد.


    وقد نسج هؤلاء المفكرون نظريات متكاملة عن الشخصية المغاربية، ووصفوها بأنها شخصية تنتمي إلى العصر الحجري ويغزوها الجمود، ويكمن في جوهرها اللاعقلانية وكراهية الإبداع، وأن السبب في ذلك ربما يعود إلى الطبيعة الجغرافية القاسية للبلدان المغاربية.


    وعلى كل حال فقد تناسى هؤلاء المفكرون، أنه قبل قرون قليلة جدًا، كان المبدأ الشائع الذي يتردد في أكسفورد هو “غسل الجسد عمل محفوف بالمخاطر”، وفي نفس ذلك الوقت، كان التردد على الحمامات العامة التي تحفل بها كل مدن المغرب، والاهتمام بالنظافة الشخصية، هو طقس أساسي في حياة المواطن المغربي.


    كما تناسوا أيضًا أن أول إرهاصات لدراسة الظواهر الاجتماعية بطريقة علمية ومادية؛ وهو المجال الذي يبحثون فيه، كانت قد ظهرت على أيدي رجل مغاربي مشهور للغاية، وهو ابن خلدون الذي يعده البعض مؤسس علم الاجتماع الحديث.


    أفريقيا قبل الاستعمار.. هل كانت تحفل بالمُستعبدين؟


    يقول الفيلسوف الألماني هيجل أن “العبودية هي خاصية أفريقية بامتياز إذ إن في كل الممالك الإفريقية المعروفة تشكل العبودية مؤسسة محلية وهي تطغى بشكل طبيعي. ورغم أن الأوربيين يبيعون الأفارقة كعبيد في العالم الجديد “الأمريكتين”، لكن مع ذلك فمصير هؤلاء المستعبدين لو بقوا في بلدانهم الأصلية أنكى وأشد بسبب وجود عبودية مطلقة هناك”.


    FRANCE-OVERSEAS-GUADELOUPE-HISTORY-SLAVERY-MEMORIALأثبت دارسو تاريخ القارة الأفريقية، وعلى رأسهم المؤرخ وولتر رودني، أن الفيلسوف الألماني لم يكن على حق في تبريره لاستعباد الأفارقة، فالواقع أن العبودية لم تكن مرتبطة بنمط الانتاج والاقتصاد في أفريقيا، وكانت أعداد العبيد محدودة وقليلة في مجمل القارة السمراء، قبل أن يأتي الاستعمار ويسوق أبناء القارة عبيدًا إلى العالم الجديد الذي اكتشفه.


    وُجد معظم العبيد في القارة السمراء بالمجتمعات الإسلامية، والتي كان الكثير منها قد انتقل من نمط الإنتاج المشاعي، إلى نمط إنتاج أشبه بالإقطاع، وفي مثل تلك الحالات كان العبيد وسلالاتهم يتواجدون داخل البنية الإقطاعية للمجتمع ككل.


    وفي المجتمعات المشاعية في أفريقيا التي لم تكن قد تحولت بعد إلى الإقطاع، عُرف أيضًا مفهوم استعباد أسرى الحرب، لكن سرعان ما كان يتحول هؤلاء الأسرى إلى أفراد عاديين في مجتمعهم الجديد بالتدريج، وذلك لأنه من الصعب أن يتوافر مجال لاستعباد إنسان بشكل مطلق ودائم، في ظل سياق لم يتحول إلى الإقطاع أو إلى الرأسمالية.


    أفريقيا ونسختها الخاصة من التطور قبل الاستعمار


    من الغباء، الرغبة في أن تصبح أفريقيا شبيهة بأوروبا، باسم مبدأ الشمولية التي يفترض الغرب أنها معيار من معايير العولمة. لقد أراد الاستعمار، باسم التنمية، وهي فكرة غربية تمامًا، أن يغيّر القاعدة الاجتماعية والأسرية لقارة إفريقيا. بمعنى أن كل الجهود الاستعمارية انصبت على فكرة تنمية المدن. وهو أمر لا معنى له، ولا طائل من ورائه. ففي أوروبا كانت المدينة تمثل، منذ القدم، جزءًا من واقعها. أما في جنوب الصحراء الإفريقية، لم يكن الأمر في نفس السياق – الباحث المتخصص في الشئون الأفريقية برنار لوجان.
    تحرر الآن معظم الباحثين من تعميم الرحلة الأوروبية في التطور، باعتبارها الرحلة الوحيدة التي يستطيع البشر من خلالها أن يتقدموا، وينجزوا حلولًا لمشكلاتهم، خصوصًا مع تصاعد التشكيك في مدى نجاح تلك الرحلة الأوروبية من الأساس.


    كانت أفريقيا في الواقع تمتلك نسختها الخاصة جدًا في التطور والانتقال إلى شكل جديد من التنظيم الاجتماعي متمثل في الدولة الإقطاعية، وهي الدولة التي مهدت نظيراتها في أوروبا لقيام الثورة الصناعية، ومن ثم ازدهار قيم الديمقراطية السياسية، وما يسمى بالعقلانية.


    مع حلول القرن الخامس عشر ميلاديًا، كان الأفارقة قد توصلوا في شتى أنحاء القارة السمراء إلى فهم لا بأس به بالطبيعة من حولهم، وبالأخص كل ما يتعلق بالزراعة، وشهدت القارة في عديد مناطقها قبل الاستعمار، استخدام أساليب متقدمة للغاية في هذا الزمن مثل: الدورة الزراعية، والتسميد الأخضر والزراعة المنتظمة للأراضي الرخوة، والزراعة المختلطة، وكان أهم تطور تكنولوجي شهدته أفريقيا بهذا الصدد، هو استخدام الأدوات الحديدية، بدلًا من الخشبية والحجرية، وهو ما فتح الباب أمام ظهور مهارات جديدة في الزراعة، وكان استخدام الأدوات الحديدية، وزراعة الحبوب وصنع الفخار، كلها ظواهر وثيقة الصلة ببعضها البعض.


    وقد حدثت تلك التغيرات الجوهرية، في معظم أنحاء أفريقيا، منذ ميلاد المسيح، وكان معدل التطور في القرون العديدة التي تلت ذلك مثيرة للإعجاب والدهشة، بحسب الباحث صاحب الدراسات الرائدة في الشأن الأفريقي وولتر رودني.


    جدير بالذكر أنه حين جاء المستعمرون الأوروبيون الأوائل إلى أفريقيا، سخروا للغاية من طقوس الزراعة الأفريقية المتمثلة في التعامل مع الأراضي بالحرق والعزق الخفيف، وعندما قرروا أن يتخلوا عن تلك التقنيات، وقاموا بتقليب الطبقة العليا من التربة كان النتيجة في منتهى السوء، فالتقنيات الأفريقية كانت تتسم بالذكاء الشديد في التعامل مع الطبيعة، والقدرة على التعامل مع إمكانيات الأرض التي قد توحي في البداية بغير حقيقتها. كان الشكل البدائي والبسيط للأفارقة في الزراعة هو الأكثر استجابة لحقائق الطبيعة.


    في مصر تحت الحكم الفاطمي، بلغت الصناعة مستوى شديد الرقي، حيث تم نقل الطواحين الهوائية والسواقي من إيران، كما ظهرت صناعات جديدة متقدمة، مثل صناعة الورق، وتكرير السكر، وتقطير الجازولين، والقيشاني، بالإضافة إلى التطور الهائل في صناعة النسيج والجلود والمعادن، وقد استمرت مسيرة التقدم الصناعي هذه في عهدي الأيوبيين والمماليك بعد ذلك.


    وفي أكان بغانا بلغ النظام العشائري درجة من التنظيم، تصل إلى أن يأتي شخص من برونج إلى فانتي، على بعد مئات الأميال، فيحصل على كل ما يتعلق بكرم الضيافة بسبب انتمائه إلى العشيرة.


    وفي الكونغو كانت المنسوجات المحلية، المصنوعة من ألياف النخيل، قد بلغت درجة كبيرة من التطور، جعلت البرتغاليين الأوائل الذين زاروا البلاد يصفونها بأنها فاخرة. وحين وصل البرتغاليون لأول مرة إلى نهر جامبيا، وأخذوا فكرة سريعة عن طريقة تجارة الذهب هناك، عبروا عن دهشتهم وانبهارهم بالبراعة التي يجري بها تجار ماندنجا صفقاتهم.



    (
    لقد كنا شعبًا متطورًا، ولنا مؤسساتنا الخاصة، وأفكارناالخاصة عن الحكومة حتى قبل أن يدخل البريطانيون في علاقات مع شعبنا. – المناضل العاجي كيلسي هايفورد، عام 1922.)



    محمد عزت
    وفي أثيوبيا التي كانت قد بلغت مرحلة الإقطاع بدون أدنى شك، استطاع الإنسان أن يبدع تصورات خلابة عن علاقة الله بالإنسان، فما زالت كنيسة “ديبري بيرهان سلاسي”، التي شيدت منذ أكثر من 5 قرون، باقية لتشهد على ذكاء العقل الإفريقي وإبداعه في نسج تصوراته عما وراء الطبيعة.


    يحتوي سقف تلك الكنيسة على رسوم بسيطة مختلفة لملائكة مجنحين، ويتخذ هؤلاء الملائكة أشكال بهائم ورسل وبشر عاديين، والنظر في أماكن متفرقة، يعني أن على الإنسان أن يبحث عن الله في كل مكان، لأنه موجود في كل مكان، والمعنى من تلك الرسوم، أن الله يرسل ملائكته لأبطال المعمورة الذين يبحثون عنه، وهؤلاء الملائكة قد يتخذون أي شكل؛ شكل إنسان أو رسول، أو حتى حيوان لا ينطق.


    أفريقيا والديمقراطية قبل الاستعمار




    في متحف التاريخ الطبيعي بباريس توجد 18000 رأس إنسان قتلهم الاستعمار الفرنسي، منهم رؤوس قادة ملوك ومهندسين وفلاسفة أفريقيين
    الاستعمار من باب الحسنات أينما وجد الاستبداد في الحكم – جون ستيوارت ميل.
    كتب أول رئيس جمهورية لكينيا “جومو كينيتا” في عام 1938م، كتابًا أثار الجدل بشدة، كان عنوانه “في مواجهة جبل كينيا”، وكان يجادل فيه بأن أفريقيا عرفت نظم حكم ديمقراطية قبل الاستعمار الأوروبي، وأخذ نموذجًا محددًا هو ما أسماه “ديمقراطية جماعة الكيكو التقليدية”، فهل حقًا كانت أفريقيا في طريقها لصياغة ديمقراطية خاصة بها؟


    يجادل الباحث كريبسو ديالو، بأن المجتمعات الأفريقية القديمة كانت تؤسس لمفاهيم الديمقراطية المباشرة لإدارة شئونها، وأن أفريقيا امتلكت منذ القدم، وربما أقدم من أي مكان آخر، مؤسسة سياسية ديمقراطية هي مؤسسة حكم الشيوخ الكبار من ذوي الحكمة، والخبراء بالحياة.


    وقد شهدت أفريقيا السوداء قبل مجيء الاستعمار أشكالًا سياسية يراها البعض أنها تؤسس للديمقراطية حقًا.


    -الشكل الأول


    كانت تمارس السلطة فيه من خلال وجود سلطة سياسية مركزية، وقائد للدولة معترف به من قبل كيانات الجماعات الفرعية المُشكلة للبلاد.


    ورغم أن هذا النظام في ظاهره مركزي يتحكم فيه فرد، إلا أن الثقل فيه يكون للجماعات الفرعية، وفي هذا الشكل كانت عضوية الفرد العادي في جماعة فرعية تجعله بالتبعية عضوًا في النظام السياسي، حيث كانت تلك الجماعات الفرعية هي المنوطة بتحصيل الديون وصناعة الأسلحة وجمع الغذاء وحل المنازعات العشائرية، ومن ثم الدفاع المسلح عن كيان وحدود الدولة. في هذا النموذج كان الثقل يقع في قاعدة الهرم السياسي.


    كان هذا الشكل من التنظيم للسلطة منتشرًا في معظم أرجاء أفريقيا السوداء. عند البمبا في تنزانيا، والأشانتى في غانا، والهايا والشمبالا في تنزانيا، والهوسا في نيجيريا، والبالويا في زائير، واللور واللنج في أوغندا.


    وعند الأشانتي بالخصوص كانت الديمقراطية متجذرة في نظامهم أكثر من أي مكان آخر، حيث كان هناك مجلسًا خاصًا ممثلًا للجماعات الفرعية، هو الذي يمتلك حق اختيار الحاكم، ويمتلك أيضًا حق إقصائه، في حال إذا رأوا أنه قد أخل بتحقيق أهداف المجتمع، فالمجلس هو الجهة الوحيدة الذى يختار الحاكم الأعلى الملك ويملك حق إقصائه فى حالة عدم وفائه بتحقيق أهداف المجتمع.


    علاوة على ذلك كانت كل جماعة فرعية تمتلك حكومة مصغرة خاصة بها تمارس اختصاصات القضاء، والزواج، وجمع الديون والضرائب.


    -الشكل الثاني:


    درجة المركزية فيه أعلى، لكنه يقوم على وجود مجتمعات ذات كيانات قوية تحتوي المجال العام، وتكون حلقة الوصل بين العشيرة أو القرية من جانب والسلطة المركزية من جانب آخر، وقد شاع هذا النموذج في القارة أيضًا، تحديدًا في سيراليون وليبيريا وساحل العاج.


    يخلص كريسبو ديالو، إلى أن التجربة العامة للحكم والسياسة فى إفريقيا، كانت تحمل في داخلها آليات توازن بديعة، تضمن إلى حد بعيد عدم إساءة استعمال تلك السلطة فيما لا يحقق المصالح العامة والمستدامة للجماعة المحكومة.


    فالعقل الأفريقي قد توصل من خلال تجربته الخاصة في تطوير مؤسساته السياسية، إلى ما يعرف بالإجماع وذلك منذ فترة زمنية مبكرة، والمجالس التي كانت تمثل الجماعات الفرعية كانت تقوم بدورها في إقصاء الحاكم إذا حاول أن يستبد، ويخالف مصالح الجماعة، وبالفعل يخبرنا التاريخ أن قبائل الأشانتي قد خلعت ملوكها، وسيرت أمور البلاد بنفسها في أكثر من مرة.


    صحيح أن تلك التجارب لم تكن مدونة على هيئة مصنفات في الفلسفة السياسية، وذلك لأن العقل الأفريقي كان براجماتيًا وواقعيًا جدًا في هذا الصدد، وكان يمارس الديمقراطية دون أن يكتبها، لكن الأكيد أن أفريقيا كانت تمتلك خبراتها في ممارسة الديمقراطية قبل الاستعمار، وكانت بصدد تطويرها أيضًا.


    أفريقيا الأمية!.. التعليم في مصر وفرنسا قبل حقبة الاستعمار


    Sudanese Sufi students recite verses of
    “لقد وضع اللورد كرومر (المندوب السامي البريطاني في مصر بعد الاحتلال)، قيودًا على التعليم، وتم إلغاء سياسة الدولة السابقة القائمة على توفير فرص التعليم مجانًا لأبناء وبنات الدولة المصرية، وتتضح في هذا السياق سياسة الاحتلال البريطاني في قصر التعليم على بنات الطبقة العليا دون أن يكون موجهًا لخدمة الحياة الاقتصادية في الدولة المصرية” – الباحثة جوديث تاكر صاحبة كتاب نساء مصر في القرن العشرين.
    بشكل عام لا يمكن أن ننكر كون الثقافة في عموم أفريقيا بالقرون الوسطى، كانت ثقافة شفوية بالدرجة الأولى، وكان ذلك مما سهل على الاستعماريين القول بأن الشعوب الأفريقية شعوب أمية، رغم تأكيد الباحثين في الشأن الإفريقي على البراعة المذهلة التي تتحلى بها الثقافات الشفوية السمراء في استخدام الكلمات والتصرف بها.


    لكن هذا كان متعلقًا بالمجتمعات الأفريقية غير المسلمة، أما في أفريقيا المسلمة التي تشكل مساحة شاسعة من القارة، كان الأمر مختلفًا جدًا.


    فالدين الإسلامي يحض على التعليم، ومن ثم انتشرت الكتاتيب التي تعلم اللغة والحساب، فضلًا عن المؤسسات الأخرى التي يستكمل فيها الراغب نهمه المعرفي، وكان من الطبيعي أن يمتلك رجل ذو تجارة متواضعة بشمال أفريقيا كتبًا تعالج مختلف موضوعات الحياة.


    وفي نفس هذا الوقت، تحديدًا مع نهايات القرون الوسطى، كانت الكنيسة الكاثوليكية تقف أمام انتشار التعليم وتحاربه في أوروبا، وبالتالي في حين كان التعليم مقتصرًا على قلة قليلة من سكان أوروبا، كان المشهد على النقيض تمامًا من ذلك في البلدان الأفريقية المسلمة.


    أفريقيا بداخلها البلد الأغنى والمدينة الأكثر تنظيمًا في العالم




    لوحة تظهر مانسا موسى ملك مالي، في رحلة حجه الشهيرة إلى مكة 1324م، والتي وزع فيها كمية مهولة من الذهب على الفقراء الذين صادفهم في طريقه، وتسببت الكمية المتصدق بها في انخفاض أسعار الذهب بالعالم كله.
    هذا ليس حلمًا، لقد كان ذلك حقيقة معيشة، ففي القرن الرابع عشر كانت أغنى ثلاث بلاد في العالم هي العراق والصين ومالي. كانت مالي تنتج ما يعادل نصف إنتاج العالم من الملح والذهب، وعندما سقطت الصين والعراق على أثر حملات التتار، أصبحت مالي هي الأغنى على الإطلاق.


    أما بالنسبة للمدينة الأكثر تنظيمًا في العالم، فهذا هو الوصف الذي أعطاه الرحالة الشهير ابن بطوطة على مدينة كيلوا، التي تقع في تنزانيا الآن، وقد وصفها أيضًا، بأنها واحدة من أجمل المدن في العالم.
    المصدر:
    http://www.sasapost.com/pre-colonial-africa/
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    الرق في موريتانيا بين التاريخ والميثولوجيا والفقه/ الحسين ولد محنض

    تعود أصول أقدم رقيق يحتفظ بها التاريخ في موريتانيا إلى قبائل إيزگارن التي استوطنت بلاد شنقيط وأحواز بلاد درعة قبل سبع آلاف سنة من الآن. وساكنت في هذه الربوع إخوتها إيرناكن، وقبائل گنار، وأغرمان، وبافور، وبني وارث الذين تعرف بقيتهم اليوم في الموروث البيضاني بأواش، إضافة إلى قبائل كنگاره السوننكية قبل قدوم صنهاجة وقبل مقدم الإسلام، حيث مثلت هذه القبائل المختلفة روافد مهمة للاستعباد الذي عانت منه من قبل بعضها البعض، ثم من قبل قبائل صنهاجة التي بدأت نزحتها اتجاه الصحراء الشنقيطية مع مستهل العهد المسيحي، ولم تزل تتوغل فيها إلى أن استكملت السيطرة عليها خلال العهد المرابطي (القرن 5هـ/ 11م).


    الباحث والمؤلف والكاتب الصحفي/ الحسين ولد محنض
    الباحث والمؤلف والكاتب الصحفي/ الحسين ولد محنض
    وقبائل إيزگارن قبائل بربرية غلب على بشرتها الاحتراق، فأطلق عليها اليونانيون الذين احتلوا قرطاج قبل مقدم الفينيقيين اسم الاتيوبيين (الحبشيين)، ومعناها عندهم "ذوو البشرة المشتعلة". وقد كتب سيلاكس في القرن4 قبل الميلاد عنهم فعرفهم بأنهم السكان المجاورون لجزيرة سرنه (بوادي الذهب)، ووصفهم باسترسال شعر الرأس واللحية، وذكر أنهم من أجمل الناس، وأنهم طوال القامة، وأن قاماتهم تصل في أقل تقدير إلى أربعة أذرع. ويذكر اگزيل أن لاتينيين كتبوا في بداية العصر الميلادي من أمثال ميلا وبلين وبطليموس أشاروا إلى اتيوبيين (حبشيين) وصفوهم بالبياض في الصحراء، ولا يريدون بذلك أن بياضهم ناصع، بل يريدون أن ألوانهم خلاسية تتميز عن ألوان الزنوج الفحمية، فالزنوج سود والحبشيون محترقو البشرة أو حمر. وهم الذين أرادهم الشيخ محمد المامي بإطلاقه في كتابه جمان البادية على هذه البلاد اسم البلاد النجاشية، ويعرفون في اللغة الصنهاجية باسم إثگرن (إيزگارن بالحسانية) التي تعني الحمر أو محترقي اللون، وهو نفس ما تعنيه كلمة الاتيوبيين (الحبشيين) عند اليونانيين. وقد مثلت قبائل إيزگارن شأنهم في ذلك شأن إخوتهم إيرناكن أول روافد الاستعباد المعروف في هذه البلاد، فقد اصطدمت قبائل إيزگارن بأفواج صنهاجة الأولى التي قدمت إلى بلاد شنقيط مستهل العهد المسيحي، وما زال صدى استعباد إيزگارن موجودا في التقاليد المروية للبيضان حتى اليوم فيقولون: "آزگير اعبيد" كان يراد به العبد المنحدر من إيزگارن، ثم أصبح يدل على العبد الأحمر مطلقا، ويرتبط في ميتيولوجيا البيضان بصفات قدحية.
    وإيزگارن وإيرناكن هؤلاء هم الذين أعطوا اسم الحراطين المعروف اليوم حيث اشتهروا في بلاد شنقيط بممارسة الزراعة، فكان من يمارس الزراعة منهم في الوديان وفي الواحات يدعى بالحراطين (أهرضنن) اسمهم البربري المشتق من نحلتهم، فمعنى الأهرضنن (الحراطين) الذين يزرعون البساتين، ولا يعرف ما إذا كان اشتقاقها بربرا صرفا أو دخيلا أصله الحراثون أطلقه عليهم العرب الفاتحون. وتستخدم كلمة الحراطين في لغة البيضان اليوم للدلالة على الأرقاء السابقين، لأن العبيد في الغالب سود، وكذلك حراطين إيزگارن وإيرناكن الذين مروا بعمليات تهجين مختلفة مع البيض القادمين من الشمال والسود القادمين من الجنوب، وفارقوا حمرتهم مع الزمن لصالح السواد، فتغير مفهوم الحراطين خلال العصر الوسيط لينسحب على كل أسود حر من المجتمع الضنهاجي –فلا يدخل الزنوج- وصار كل عبد ينال حريته يصبح حرطانيا على هذا الأساس. وقد تكلف البعض لكلمة "حرطاني" (أهرضنن) التي سبقت الهجرة الحسانية إلى بلاد شنقيط معنى حسانيا فجعلها محرفة عن "حر ثاني" أو "حر طاري".
    وقد انتشر هؤلاء الحراطين في المناطق الصالحة للزراعة جنوب وغرب آدرار، وبنوا عددا من السواقي العجيبة تشبه السواقي التي كان حراطين زناتة يبنونها في سجلماسة في تلك الفترة، وتسمى هذه السواقي بالصنهاجية أوچگن، ومنها اسم قرية آوليگات الحالية (70 كلم شرقي انواكشوط) التي كانت من سواقيهم، أصلها أولگن (النطق الحساني لأوچگن) كما ذكر ابن أحمد يوره في كتابه الآبار بقوله: "أوچگن [التي هي آوليگات] جمع أوچگ لأن هنالك قليبا من حفر السوادين الأول، منها موضع الساقية التي احتفروها قديما وأطلعوا منها الماء فصار يغترف منها القائم والقاعد بلا حبل ولا دلو، ثم لعب بها الزمان ومشى عليها فلم يبق منها أثر ولا عثير". وكان لهؤلاء الحراطين مزارع كبيرة في المنطقة منها مزرعة اندوگچن (اندوگلي) الواقعة إلى الشرق من آوليگات، اشتق اسمها من البساتين. وأما ما كان إلى الغرب من آوليگات فلم يحرثوه، وأطلقوا عليه اسم آمكرز، ومعنى آمكرز في اللغة الصنهاجية الأرض التي تسبب الندم لمن يقوم بحراثتها.
    وذكرت المراجع الوسيطة هؤلاء الإيزگارن باسم الزغرانيين، وأطلق عليهم بنو حسان اسم الحمر أو الحمريين. ولم يزالوا معروفين في بلاد شنقيط باسمهم السلالي (إثگرن) حتى عهد قريب، حيث ذكرهم البرتغالي فرناندس -الذي تحدث عن البلاد في ما بين 913هـ و914هـ/ 1506م و1507م- كإحدى الفئات الثلاث التي يتكون منها المجتمع الشنقيطي آنذاك (العرب، أزناگه، إثگرن).
    وكان المذهب الأباضي أول مذهب إسلامي يصل إلى بلاد شنقيط، وصل إليها خلال القرن الثاني للهجرة عن طريق مجموعات التجار التياهرتيين الذين كانوا يجوبون المنطقة، وعن طريق فصائل من قبائل هوارة نزحت إلى البلاد فكانت قبائل إيزگارن كما قال ابن حوقل (تـ378هـ/ 988م) ممن اعتنق هذا المذهب الأباضي.
    ومع أن إيزگارن كانوا مزارعين في الأصل فقد شاركوا في تسيير التجارة في أودغست التي كان إيزگارن قد استوطنوها قبل مقدم صنهاجة وبين أودغست وسجلماسة، وبين أودغست وبافور آدرار وأهل گنار، كما سيروا مع إخوانهم من أباضية تياهرت التجارات إلى غانه والتكرور عبر آدرار، وقاموا بالتعاون مع قبائل أغرمان وبافور المحلية ببناء مدينة آبير بآدرار حوالي سنة 160هـ/ 777م سنة قيام الدولة الرستمية الأباضية بالمغرب الأوسط، وقد فر إلى آبير منهم خلق بعد سقوط أودغست في أيدي صنهاجة اللثام، كما أسسوا قرب أطار على طريق القوافل مدينة الكلاب التي أطلقوا عليها اسم تياهرت (=تاهرت)، تيمنا باسم عاصمة الدولة الخارجية الأباضية التي قامت على يد الرستميين بالمغرب الأوسط سنة 160هـ/ 777م، كما أطلقوا هذا الإسم أيضا على قريات متفرقة من بلادهم، أغلبها يقع على طريق القوافل، ضمن النطاقين البافوري والگدالي. وقد جرى تفصيح نطق تياهرت لدى البيضان إلى اسم تيارت المعروف حاليا. ومن وقوع تياهرت (=تيارت) على طريق القوافل اكتسبت كلمة تيارت عند البيضان مدلولها اللغوي الحالي الذي يعني الطريق.
    واستنزفت الحروب إبان العهد الصنهاجي الذي سيطرت خلاله قبائل گدالة ولمتونة ومسوفة على المسالك التجارية الصحراوية في بلاد شنقيط كثيرا من هذه القبائل ومن غيرها من الزنوج، قبل أن تصبح هذه القبائل الصنهاجية بدورها وقودا لرقيق الفتح الإسلامي عندما تمكن الفاتح العربي عقبة بن نافع بعد عودته إلى ولاية إفريقية سنة 62هـ (681م) من التوغل في بلاد السوس والصحراء وتدويخ قبائل صنهاجة اللثام وأسر أعداد كبيرة منهم. وبعده بنصف قرن جيش الفاتح عبيد الله بن الحبحاب سنة 116هـ (34-735م) الجيوش إلى منطقة السوس الأقصى والصحراء الشنقيطية فأثخنت في صنهاجة، وأصابت من السبي أمرا عظيما وظفرت بذهب كثير.
    وتواصل بظهور الدولة المرابطية في منتصف القرن الخامس للهجرة (11م) والفتوحات التي قامت بها جنوبا ، هذا الاستنزاف لرقيق السبي الذي كان شاملا لقبائل أواش وإيزگارن وأغرمان وبافور وگنار ومن وراءهم من قبائل گنگاره وسائر أصناف السوننكيين والسيرير وقبائل التكرور والفلان وظل صدى الاسترقاق المرابطي حاضرا في التقاليد المروية الشنقيطية، كما نقل العلامة محمد فال (اباه) بن عبد الله العلوي في إحدى فتاويه: "والذي كنا نسمع أن أبا بكر بن عامر لما فتح هذه البلاد أسلم بعض سودانها على يده، واسترق البعض، وامتنعت قبيلة ابسيرير من الإسلام، وعبرت النهر السينغالي وتمنعت هناك".
    وبلغ استنزاف هذه القبائل ذروته مع السيبة التي ارتمت فيها البلاد عقب انهيار الدولة المرابطية التي لم تدم في الصحراء إلا عقودا قليلة، حيث عاشت هذه البلاد السائبة ثمانية قرون من الحروب القبلية والعرقية التي تميزت باسترقاق الرجال واختطاف الأطفال والنساء، وبيعهم كعبيد، ولم تتوقف هذه السيبة كليا –وإن تراجعت بقيام النظام الأميري في القرن 11هـ/ 17م- إلا مع مقدم الاستعمار مطلع القرن 20 م (14هـ).
    وإلى جانب رافد الاسترقاق عن طريق الأسر في الحروب ظلت روافد الحصول على الرقيق بواسطة الاختطاف والبيع بدورها مستمرة، بل تفاقمت خلال العصر الوسيط لاسيما بين أوساط قبائل جنوب الصحراء السودانية التي كانت تعيش في نزاعات شبه دائمة فيما بينها، إما خطفا وبيعا لأبناء القبائل المتعادية معها، وإما لأبنائها هي نفسها أحيانا بسبب الفاقة والفقر المدقع، حيث كان هؤلاء المسترقون يمثلون عملة تبادل للحصول على السلع التي كان يأتي بها تجار القوافل من الشمال أو من مناجم ملح الصحراء الذي سيطرت على معادنه وقوافله مبكرا قبائل صنهاجة الكبرى الثلاث لمتونة ومسوفة وگدالة. "وكان السودان –كما نقل المختار بن حامدن- يبيعون في الملح ما يملكون من خيل وثياب وحب وعبيد، وربما كانوا يبيعون أولادهم كما قيل". وتحدث الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكنتي عن غرض إضافي من أغراض بيع الأحرار في مكتوب له قال فيه: "إن كثيرا من الأحرار يختارون بيع أنفسهم وأولادهم لملك من الملوك أو ذي جاه ليحصل لهم بذلك من المرتبة والمنزلة والمال ما لا يحصل لكثير من الأحرار". ويحدث بسبب شدة الحاجة إلى المال والحماية لضمان العيش الكريم.
    واستفحل رافد الاسترقاق بواسطة الخطف عندما تمكنت سفن البحرية البرتغالية سنة 1441م (845هـ) من أسر بيضاني وجدته شبه عار في منطقة انواذيب يقود جملا وفي يده عصا، ثم هاجمت مخيما بيضانيا فأسرت عشرات من ذويه.
    وعادت البحرية البرتغالية إلى البرتغال ومعها أول دفعة من أسرى البيضان جلبتها معها كعبيد، وبحث الأمير البرتغالي هانري الملاح في جميع أرجاء البرتغال عن من يفهم لغة عبيده الجدد (الزناگية) دون جدوى.
    وفي سنة 1443م (847هـ) سلح هانري الملاح سفينة جديدة تمكنت من أسر أربعة عشر أو خمسة عشر بيضانيا، تم جلبهم إلى البرتغال وبيعهم هناك كعبيد.
    وعم الفرح أرجاء البرتغال التي اعتبرت هانري الملاح بمثابة إسكندر جديد، وأصدر بابا الفاتكان أمرا يكرم هانري الملاح الذي كان يأمر بتعليم الدين المسيحي للعبيد (البيضان) الجدد.
    وتتالت بعد ذلك الحملات البرتغالية على البيضان فتم أسر المئات منهم في ما بين 1441م (845هـ) و 1448/ 852هـ وبيعهم كعبيد في البرتغال، ثم انتهج البرتغاليون بعد ذلك نهائيا سياسة مسالمة البيضان وفتح خطوط تجارية معهم بعدما كادت تخلو الشواطئ والمناطق المحاذية لها من البيضان، وازدادت شراستهم في الدفاع عن أنفسهم للحيلولة دون اعتقالهم ونقلهم كعبيد إلى البرتغال. وعوضا عن الخطف أصبحت سفن البرتغاليين تستقبل نحو سبعمائة عبد أغلبهم سود يجلبون إلى سوق آركين كل موسم.
    وحلت إسبانيا محل البرتغال في اختطاف بيضان الشواطئ واسترقاقهم حيث تحدثت وثيقة برتغالية بتاريخ 928هـ/ 1522م عن قيام أمير قبيلة انيرزيگ الشنقيطية، وكان يدعى بلاله (بتفخيم اللامين) باعتقال قراصنة إسبان كانوا يغيرون على الشواطئ، ويختطفون ما استطاعوا اختطافه من البيضان لبيعه كعبيد في أوروبا، مضيفة أن البرتغاليين الذين كانوا يتجارون مع البيضان حاولوا أن يخلصوا الأسرى الإسبان الذين اعتقلوا بعد معركة دامية سقط فيها عدد من القتلى دون جدوى، ولم يلتفت بلاله (بتفخيم اللامين) إلى الإغراءات التي عرض عليه البرتغاليون كي يطلق سراحهم، حتى أغار غزو يقوده رجل يدعى گبورية على بلاله وخلص الأسرى.
    وفي سنوات 956هـ-960هـ (1549- 1552م) تحدثت وثائق تجارية برتغالية أخرى عن معاناة الأهالي المستمرة في السواحل الشنقيطية من اختطاف أبنائهم ونسائهم من طرف القراصنة الإسبان، وذكرت إحدى الوثائق أن شيخ انيرزيگ وعد البرتغاليين سنة 1549م (956هـ) بأن يتحمل لهم عن الودايا ألف بقرة إذا حارب معهم ملك البرتغال القراصنة الإسبان.
    وبعد الإسبان غزا التجار الهولنديون السواحل الشنقيطية، ومنها نقلوا أول دفعة عبيد تصل إلى أمريكا من إفريقيا، وصلتها يوم 3 أغسطس 1619م على متن سفينة رست في ميناء جيمس تاون بولاية فرجينيا وكانت تضم 20 عبدا. واستمر بعد هذه الحادثة تاريخ طويل من جلب عبيد هذه المنطقة إلى أمريكا، إلى درجة أن أليكس هيلي وهو أمريكي كان جده أحد مرابطي قبيلة كنته البيضانية يدعى عمر هاجر إلى گامبيا وولد له هناك ابن لقب بالكنتي تم اختطافه وبيعه كعبد لصاحب سفينة متجهة إلى أمريكا التي وصل إليها يوم 5 يوليو 1767م (8 صفر 1181هـ)، بعد تمرد قام به هو ورفاقه قتلوا خلاله بعض البحارة بينما قتل من العبيد أربعون. وكان هذا الكنتي الذي بيع في ميناء آنابوليس بولاية ميريلاند من نصيب سيد إقطاعي في فرجينيا. وقد تمكن حفيده أليكس هيلي من إعادة تجميع تاريخ جده والعبيد الذين جلبوا معه إلى أمريكا ومعاناتهم وأصدره في السبعينات في كتاب حمل اسم الجذور قبل تحويله إلى فلم شهير.
    وتعرض الهولنديون لمنافسة قوية من طرف الفرنسيين والانگليز، فقد كانت مادتا العبيد والعلك في ذلك العهد حيويتين بالنسبة للتجار الأوربيين إلى درجة أدت إلى تصادم هذه القوى الأوروبية. وفي يوم 28 أغسطس 1678م (10 رجب 1089هـ) غزا الفرنسيون ميناء آرگين الهولندي وتمكنوا من احتلال قلعته. وأبرم الفرنسي ديكاس اتفاقية سلام مع والي القلعة الهولندي درلنكور مكنت الأخير من العودة بأمان إلى هولندا. غير أن ديكاس لم يحترم كل ما جاء في الاتفاقية فقام بنهب ما في القلعة، واستولى على مدافعها ثم أمر بهدمها. وقام بأسر من وجد من البيضان في القلعة أو حولها، وكانوا نحوا من مائتين، ثم أرسلهم بعدما صفدهم في الاغلال كعبيد إلى أمريكا. وتم نقل هؤلاء البيضان على متن سفينة تابعة لشركة السينغال باتجاه سينت دومينگ. وفي الطريق تمكن عدد من البيضان من كسر قيودهم، ومن جمع عدد من الفؤوس والقضبان، ثم انقضوا بها قبيل الفجر على طاقم السفينة الذي كان نصفه نائما، وكان مكونا من عشرة أشخاص. وتمكن البيضان المهاجمون من قتل أربعة أو خمسة من الطاقم لكن بقية الطاقم استطاعوا أن يلحقوا بقائد السفينة ابييرگييو في قمرته، (غرفة قيادة السفينة) ويتحصنوا بها قبل أن يشرعوا في إطلاق وابل من النيران مات بسببه كثير من رجال ونساء البيضان، ولما أيقن باقي البيضان بفشل انتفاضتهم ألقى نحو أربعين منهم بأنفسهم في الماء ليموتوا غرقا.
    وازدادت هيمنة فرنسا على تجارة الرقيق في المنطقة، وساعدهم على ذلك تمركزهم بسينت الويس (اندر) منذ 1048هـ/ 1638م، وكانوا يشترون العبيد من مختلف المناطق المجاورة، فكانوا يشترون نحو مائة عبد من إحدى المحطات البيضانية على النهر في كل موسم.
    ثم أدى عاملان محلي ودولي إلى تراجع هذه الهيمنة الفرنسية، فالعامل المحلي تمثل في ظهور حركة التائبين التي أنشأها الإمام ناصر الدين (تـ1084هـ/ 1673م) وحرم بيع العبيد للنصارى وحاربه بشدة، وكتب إلى ملك الوالو المجاور له افارا كومبا يحثه على طرد الفرنسيين قائلا إنهم لا يريدون إلا احتلال البلاد، ويتسترون بالتجارة ليتعرفوا على المنطقة. كما كاتب ملكي كايور وفوته واچيولوف يحذرهم من التعامل مع النصارى، ودعا ناصر الدين وثنيي هذه المناطق إلى الإسلام ومسلميهم إلى وقف بيع الرقيق، ولما لم يستجيبوا له غزا ممالكهم وفتحها، وأوقف تجارة الرقيق فيها. وقد أثار تصرفه هذا حنق الفرنسيين عليه وعلى حركته، التي كتب عنها الفرنسي شامبونو وكان أحد من عايشوها: "منذ أصبحوا سادة في البلاد فإن عبدا واحدا لم يدخل إلى سفننا"، فاستغل الفرنسيون قتل الإمام ناصر الدين في معركة جرت بترتلاس (1084هـ/ 1873م) فقاموا بتسليح الزنوج المناوئين لحركة الإمام ناصر الدين وتحريض أنصار الحركة على الردة، وتسبب هذا الوضع في اعتقال الآلاف من حركة الإمام ناصر الدين زنوجا وبيضانا وبيعهم كعبيد للفرنسيين الذين قاموا بتهجيرهم إلى أسواق النخاسة في أمريكا اللاتينية. وقد بيعت مجموعة كبيرة منهم في ميناء سينت دومينگ الأميركي (الجنوبي) وجلبوا إلى البرازيل حيث قام أحفادهم بتفجير ثورة إسلامية إمامية تستند إلى نموذج حركة الإمام ناصر الدين هناك.
    وتلاشت بعد ثلاث سنوات من التصفية الجسدية والاسترقاق حنوب النهر حركة التائبين الذين عرفوا هناك باسم "التوبنان" (النطق الولفي للتائبين وهو أصل كلمة "انجبنان" -التائب- الحسانية التي دخلت أسماء الأعلام الموريتانية) لكن ثلاثة من تلامذة أتباع الإمام ناصر الدين هم الإمام كاراموكو والإمام الحاج مالك سي والإمام سليمان بال تمكنوا من تفجير ثورات إسلامية وإقامة دول إمامية على نموذج الإمام ناصر الدين في كل من فوتا جلون وبوندو وفوته، ثورات وقفت بشدة ضد بيع العبيد للنصارى، كما كتب المامي (الإمام) عبد القادر كن خليفة الإمام سليمان بال للفرنسيين: "نجدد لكم القول بأنه إذا كان هدفكم هو شراء المسلمين فعليكم أن تبقوا في بلادكم، ولا تعودوا إلى بلادنا، وليعلم كل الذين يأتون إلى بلدنا لهذا الغرض بأنهم سيقتلون".
    أما العامل الدولي الذي أدى بدوره إلى تراجع الهيمنة الفرنسية على تجارة الرقيق فتمثل في الاتجاه الذي قادته أنگلترا في أوروبا لوقف تجارة الرقيق، لاسيما وأن الانگليز ألزمت فرنسا سنة 1817م (1232هـ) بإنهاء تجارة الرقيق كشرط لتسليمها اندر (سينت الويس)، كما أن ثورة العبيد في سينت دومينگ 1804م (1218هـ) أثرت كثيرا على تجارة الرقيق الفرنسية.
    ورغم تراجع سوق النخاسة الدولي ظلت تجارة الرقيق العابرة للقارات بالمحطات النهرية مستمرة حتى أواسط القرن التاسع عشر حيث أشارت الوثائق الفرنسية إلى بيع بعض أسرى حرب زواج الأمير التروزي محمد الحبيب بملكة الوالو الأميرة جنبت التي اندلعت سنة 1833م (1249هـ).
    أما النخاسة المحلية فلم تتوقف حتى الاحتلال الفعلي للبلاد من طرف الفرنسيين مطلع القرن العشرين، ومثلت الحروب والاختطاف أهم مصادر هذه النخاسة الأخيرة، التي تركزت في آخر مراحلها في الجيوب الشمالية الشرقية من السينغال وغينيا ومالي الغربية، حيث كانت الوثنية ما تزال سائدة في ممالك تمبا وانگالام وسيگو وكارتا، وظلت تغذي سوق الرقيق الاقليمي باستمرار. وساعدت الحروب فيما بين قبائل تلك المنطقة لا سيما السونكيين والبمباريين على استمرار تدفق العبيد إلى أسواق البيضان الذين كانوا يجلبونهم إلى الشمال.
    ولما اندلعت في سنة 1269هـ/ 1852م حروب التأسيس التي خاضها الحاج عمر تال لإنشاء دولته ازدهرت أسواق الرقيق بقوة بمختلف أنواعه بما فيه الأرقاء من البيضان الذين كان أكثرهم من سبايا أولاد امبارك والمناطق التي قامت بها إماراتهم في باغنة (باخونو) والحوضين، في مشاهد دفعت عددا من قبائل الزوايا إلى مراجعة دعمها لجهاد الحاج عمر الفوتي، وقادت العالم والشاعر سيدي محمد بن محمد الصغير ابن انبوجه التيشيتي الذي رحل إلى الحاج عمر وانخرط في سلك دولته إلى إطلاق صرخة يخاطب فيها أبناء جنسه من البيضان ويحثهم على مبايعة الدولة الفوتية حتى لا تتعرض نساؤهم للسبي فيقول:
    "أخاف يا بيض الجلود عليكم===إن لم تفيؤوا عاجلا أن تغنموا
    فينال بيض بناتكـــم ذل السبا===ويعمهن هــــوان فيء يقسم
    فيكن من بعض المقاسم عرضة===إما لبيع واتخـــــــاذ يهضم
    ويقلن يا ويلاتنا مـــــا بالنا===صرنا سراري أسودين أنظلم
    فيقال متن بغيظكن وقـــرن في===هذا الـهوان فقومكن الظلم"

    وأدى هذا الوضع الذي ميز الخمسين سنة الأخيرة من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في الغرب المالي في نفس الوقت الذي توقف فيه تصدير العبيد إلى أوروبا وأمريكا إلى تزايد العبيد في بلاد شنقيط وانتشارهم فيها، وانهيار سعر العبد إلى ما دون "بيصة من النيلة" أو "عديلة من الملح"، فاستكثر منهم البيضان، ولم يكن يندر أن تجد مع سنوات الاستقلال (1960م) أسرة تمتلك أمة أو عبدا ما زال يتكلم البمبارية أو السوننكية، ويتذكر قصة بيعه أو اختطافه. هذا الاختطاف الذي نشط رغم الاستعمار خلال الثلاثين سنة الأولى من القرن العشرين (ولم يتوقف نسبيا إلا سنة 1934م) بسبب الطلب المتزايد على العبيد في المغرب آنذاك، وانعدام رقابة حقيقية إسبانية على الأراضي الصحراوية، وتعود آخر قصة اختطاف وبيع موثقة في هذه البلاد إلى أربعينيات القرن المنصرم، أما البيع الطبيعي للعبيد فظل سائدا حتى سنوات الاستقلال، وإن كان قد أصبح أقل إعلانا بسبب إصدار الاستعمار الفرنسي سنة 1905م يحرمه.


    الرق في موريتانيا بين التاريخ والميثولوجيا والفقه/ الحسين ولد محنض

    بين الميثولوجيا والفقه والتاريخ
    كانت ميتيولوجيا البيضان المروية تعتقد أن الرقيق أسود بالفطرة، فهم لذلك كانوا يعتبرون الرقيق الأبيض أو الخلاسي (الأحمر) أقل عراقة من الرقيق الأسود، وهذا أحد أسباب ربط الذهنية الميتولوجية للبيضان في قولهم آزگير (ومعناه فرد من قبيلة إيزگارن) الذي يعني في أحد معنييه العبد الأحمر وفي معناه الآخر العبد الدنيء، ومؤنث آزگير تزگريت وهي الخادم الحمراء التي تقول ميتيولوجيا البيضان بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منها. أما العبيد المفضلون لدى البيضان فهم نانمه (=ننمه) الذين يجمعون بين سواد اللون وكرم الأخلاق وأصالة المنبت وابتغاء مرضاة الأسياد وقوة الشخصية وسلاطة اللسان. ونانمه في الأصل –كما روينا عن التقاليد الشفهية- اسم قبيلة بمبارية من قبائل الغرب المالي، ثم أصبحت دالة على مجموعة قيم سلوكية، كما حدث مع الترزگي أو استبشيگ مثلا المشتقين من اسمي قبيلتي أولاد رزگ وبيجگه.
    وحسب الأسطورة المؤسسة للعبودية في تقاليد البيضان الأسطورية المروية فإن عبودية السود وحرية البيض تعود إلى كون جد البيضان كان له أخ اسمه حام هو جد السودان وكانا يحملان مصحفين وجاء مطر شديد، فأخفى جد البيضان مصحفه تحت إبطه، بينما جعل جد السودان مصحفه فوق رأسه، فسال عليه مداد المصحف فاسود جلده واسودت بسبب خطيئته هذه جميع ذريته.
    ولا يخفى أن هذه الأسطورة مأخوذة عن الموروث الأسطوري لليهود الذين كانوا من أوائل وأهم تجار ونخاسة الصحراء الكبرى، حيث تقول الأسطورة اليهودية المنسوبة للتوراة إن عبودية السود تعود إلى عصيان حام بن نوح لوالده أثناء نزول مطر الطوفان بينما أطاعه ابنه سام فدعا عليه فاسود لون حام وألوان ذريته بسبب خطيئته. ثم جرى تطوير هذه الأسطورة عندما جاء الإسلام إلى الصحراء وتراجعت مكانة اليهود في المجتمع، لتنسجم مع الموروث الثقافي الإسلامي لدى البيضان الذين أصبحوا -بسبب عوامل تاريخية مختلفة- يكرهون اليهود إلى درجة المقت. وقد فند ابن خلدون في تاريخه أسطورة اسوداد ذرية حام التوراتية مرجعا اختلاف ألوان البشرية إلى العوامل المناخية.
    ورغم أن المجتمع عرف على نطاق واسع استرقاق جميع أجناس الصحراء بيضا وسودا وخلاسيين، حيث استرقت قبائل صنهاجة إبان مقدمها كثيرا ممن سبقها إلى هذه البلاد من بيض وأحباش وزنوج، واسترق بنو حسان خلال اجتياحهم للبلاد كثيرا من قبائل صنهاجة، وأحالوا كثيرا منهم إلى ما أصبح يطلق عليه وظيفيا اسم أزناگه، إلا أن قيمة العبد الأسود ظلت أرفع من قيمة العبد الخلاسي (الأحمر) أو الأبيض.
    أما الفقه الإسلامي المحلي فأقدم إشارة فيه إلى العبودية سجلها التاريخ تعود إلى شهر شوال عام 898هـ (يوليو- أغسطس 1493م) عبر رسالة وجهها مستفت يدعى محمد بن محمد بن علي اللمتوني إلى الإمام السيوطي يقول فيها: "ومنهم من يخاصم على الأحرار ويدعوهم بالعبيد.. وإن قلت لهم هؤلاء أحرار كادوا يقتلونك ويقولون هؤلاء عبيد أتباع للسيف"، وسواء كان صاحب هذه الرسالة ولاتيا كما يرى عبد الودود ولد الشيخ أو من منطقة أگدس كما يرى جون هانويك وهاري نوريس، فالنص صريح في شيوع استرقاق الأحرار في غرب الصحراء الكبرى.
    وبعد هذه الرسالة بثمانية وثلاثين عاما سأل أهل بلاد جزولة محمد بغيغو بن محمود بن أبي بكر الونگري التنبكتي عام 936هـ عن من يجوز شراؤه من السودان العبيد القادمين من ولاته وتيشيت وودان قائلين إن بعض هؤلاء يجلب إليهم وهو يقرأ سورا من القرآن، فأجاب: "بيع الأحرار في هذه البلاد فشا فشوا فكل من ادعى الحرية فهو مصدق ما لم يتبين كذبه، أتاكم من هذه الناحية أو ناحية ودان أو ناحية غيرهما".
    وسئل محمد بن أعمر التنبكتي نفس السؤال، فأشار مستطردا في جوابه بعد أن عدد قبائل البلاد المسلمة إلى "أنهم يتنازعون ويغير بعضهم على بعض، ويبيع بعضهم بعضا.. كالعرب الذين يعدون على الأحرار المسلمين يبيعونهم ظلما، فلا يحل تملكهم".
    وبعد هذا التاريخ بنحو تسعين عاما سأل أهل توات أحمدو بابا التنبكتي عام 1023هـ أحد أعلام الشرق الشنقيطي عن حكم العبيد المجلوبين من هذه البلاد التي تقرر إسلامها، فرد بأن "حالهم ملتبس" لأن العبيد الذين يباعون في هذه البلاد جامعون للصفتين، ومن المسلمين من يباعون والحال أنهم أحرار، مضيفا أن هذه "مصيبة عمت بها البلوى في هذا الزمان في البلدان".
    ثم ظهر بعد ذلك بـ30 سنة في الغرب الشنقيطي الإمام ناصر الدين (تـ 1084هـ) قائد حركة التائبين الذي جعل من أهداف حركته وقف استرقاق الأحرار، ومنع بيع العبيد للنصارى وكان قد استفحل في عصره، وعندما سئل عن المستند الذي استند إليه في استحلال قتال أعدائه، قال: "لاسترقاقهم الأحرار".
    وظل الواقع الاسترقاقي بعد ناصر الدين سائدا في البلاد فالفتاوى المشككة في شرعية هذا الاسترقاق لم تلق من المجتمع آذانا صاغية في عهد السيبة المتطاول. ومر القرنان الثاني عشر والثالث عشر الهجري (18 و19م) والحال بحاله، وإن دعا أعلام أجلاء مثل العلامة سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم إلى "منع بيع العبيد للنصارى وعدم أكل ما أخذ من ثمنه"، كما ظل الشك وعدم الاطمئنان إلى صحة أصل الاسترقاق في هذه البلاد حاضرين في الفتاوى الفقهية، يتبين ذلك من فتوى للعلامة محمد فال (اباه) بن عبد الله العلوي قال فيها: "وتجار العبيد كانوا في الزمن القديم يرحلون إلى بلاد السودان، ويسرقون أبناءهم ويبيعونهم، والسودان أيضا كان القوي منهم يبيع الضعيف، وفيهم المسلمون، ومن هذا يحصل الشك في رق هؤلاء العبيد الذين في هذه البلاد". وكما أفتى العلامة محمد فاضِل الشريف التِشيتي الذي قال بأن: "الحكم تصديق مدعيها [أي الحرية] وتكليف المشتري بإثبات الرق من مالك صحيح الملك.. لكثرة سبي الأحرار واشتراء الناس لهم من الأشرار".
    وذكر أحمد بن أبي بكر بن عبد الله البارتيلي أنه جاءه عام 1234هـ "رجل يدعى عبد الحق بحر ذكر اشتراه من توات من عند رجل اسمه محمد لكصير.. وكلم الحر وسأله عن نسبه فقال إنه من السوانك، فإذا هو يقرأ ويصلي".
    وجاء في رسالة وجهتها جماعة العلويين كتبها الطالب بن حنكوش إلى جماعة البوساتيين: "وبعد فليكن في كريم علمكم أدام الله الخير لديكم، أنا ثبت عندنا بشهادة العدول حرية الغلام الذي باعه منكم حامل هذا الكتاب الحسن بن المختار بن اعلي بن المختار عام أول، ولما ثبت ذلك بالبينة العادلة القاطعة ألزمنا الحسن المذكور أن يرد لكم ما قبض منكم من ثمنه، والثمن المذكور هو ثلاثة أباعر وملحفة من الخنط.. والغلام المذكور أهله أهل إسلام وأحرار أغارت عليهم كفرة بمباره وسبوا ما سبوا من نسائهم وصبيانهم.. وحرية هذا الغلام التي ادعاها خاله الطالب محمد ثابتة بشهادة العدول وغيرهم ممن لا يعد كثرة".
    ولم يتغير الشيء الكثير بعد ذلك حتى قيام الدولة الموريتانية الحديثة، فبيع الأحرار ظل هو السبيل الأغلب، بل ربما الأوحد لتغذية سوق النخاسة في هذه البلاد السائبة منذ قرون عديدة، ولا شك أن ما هذه سبيله لا أساس له من الناحية الشرعية.
    لقد استعبد الناس هنا لأكثر من عشرة قرون أحرارا مثلهم وقد آن الأوان ليتوقف هذا الاستعباد.



    الرق في موريتانيا بين التاريخ والميثولوجيا والفقه/ الحسين ولد محنض
    الرق عبر العالم: مسيرة تاريخية
    لم يوجد الرق على الأرض إلا عندما وجد الإنسان المتحضر، فالمجموعات البدائية التي كانت تعيش في العصر الحجري وتتغذى من الصيد والقنص والثمار الطبيعية لم تعرف الرق، إذ كان يشيع فيها التعاون والمساواة، وكانت تعمل بصورة مشتركة على تحصيل غذائها، وفي حال ندرة الغذاء تعمد إلى قتل شيوخها ومرضاها وأحيانا نسائها وأطفالها أو تركهم يواجهون الموت لعجزهم عن القيام بحاجاتهم الغذائية.
    وكان الإنسان البدائي يقتل عدوه في الحرب إذا انتصر عليه لأن استبقاءه حيا يمثل بالنسبة له عبئا غذائيا عليه لا يريد تحمله.
    وعندما أخذ الإنسان في التجمع والتحضر، وتمكن من تطويع بعض الحيوانات وتربية بعض المواشي، والاشتغال بالزراعة، وأصبح لديه فائض غذائي وحاجات متجددة، ابتدع فكرة استنقاذ حياة أسيره والاستفادة منه بدل قتله بدم بارد. وبهذاا ظهر الرق المعبر عن استغلال الإنسان المنتصر للإنسان المنهزم بدل قتله، واعتبر هذا حينها تقدما عظيما في أخلاق وتحضر البشر، لأن العيش في أدنى مراتب الحياة يعتبر أهون من القتل كما نقل ويستر مارك في كتابه أصول وتطور الأفكار الأخلاقية.
    ولما دعت الحاجة الإنسان إلى اتخاذ وطن ثابت، وتوسع هذا الوطن ليصبح قرية أو مدينة، ولم يعد الإنسان ينتج لنفسه وأسرته بل لغيره أيضا، بدأ نظام اجتماعي جديد قائم على المقايضة والتجارة في الظهور، وبدأ التفاوت الطبقي للمجتمع في التبلور. وتعززت الملكية الفردية، وتمايز الأغنياء والفقراء، فاحتاج الفقراء الذين لا يجدون قوتا يسد رمقهم إلى بيع أنفسهم أو أولادهم استنقاذا لهم من الموت، وشرعت مجتمعات بداية التاريخ تحت إلحاح الأهمية الاقتصادية للاستكثار من الرقيق هذا النوع من البيع، كما شرعت هذه المجتمعات للمدين حق إرقاق نفسه لدائنه إذا عجز عن سداد دينه، فوجد بذلك مصدر ثان للاسترقاق غير الأسر.
    ثم قامت تلك المجتمعات في إطار تقنين نظم التعايش في المدينة بتشريع استقرقاق من يرتكب جريمة أو عملا مشينا من قبل ضحيته، أو بيعه والعودة بثمنه على الضحية، فأصبحت مصادر الرقيق في مجتمع المدينة القديمة ثلاثة هي: الأسر، والفقر، والجريمة.
    ولأن الإنسان المالك أظهر حاجة متزايدة لاستغلال الإنسان المملوك في مرافق كثيرة ومنافع مختلفة نشأت بسرعة مذهلة في دول المدن الأولى في حياة البشر تجارة الرقيق، واحتاج سوقها بسرعة إلى مصادر غير المصادر السابقة، فظهرت العصابات البرية والبحرية التي تسافر إلى أراض بعيدة فتختطف من قدرت عليه من أبنائها ونسائها الأبرياء ثم تجلبهم إلى مدن بعيدة عن مدنهم الأصلية وضواحيها فتبيعهم في سوق النخاسة العابرة للمدن.
    وهكذا استغل البشر التخلي الحضاري والأخلاقي لإنسان التاريخ القديم عن وحشيته الخاصة به باكتفائه باستعباد الأسير بدل قتله، استغل هذا التخلي لارتكاب فعل وحشي متفق عليه، فعل وحشي ظل يترسخ رغم تطور المجتمعات البشرية لأن وحشيته جمعية وليست فردية، ومعترف بها ومحمية بالقانون، وقد حظيت هذه الوحشية بسرعة بفلسفات تبريرية مختلفة، دفعت إليها حاجات الحضارات المتعاقبة الاقتصادية الريعية، إضافة إلى سيطرة الغرائز الأنانية ونوازع الملكية الفردية على سلوك الاقتصاد وأعراف المجتمعات التي أصبحت بسبب هذا الوضع منذ الوهلة الأولى لقيامها مجتمعات طبقية هرمية تكبل العبيد كطبقة بقيود معنوية لا تقل متانة عن القيود الحقيقية التي يتم تكبيلهم بها كأفراد.
    وحتى مع تحرر الفكر الإنساني من العقيدة والأسطورة، وظهور وتطور الفلسفة على يد اليونان منذ القرن السادس قبل الميلاد، لم تستطع المعرفة البشرية أن تحرر المجتمع من هذه التراتبية الطبقية المبنية على الاستغلال والعبودية، حتى اعتبرها افلاطون جزءا طبيعيا من النظام السياسي وأحد أسس انتظام حياة المدينة الفاضلة. أما أرسطو فربط العبودية بالحياة الاقتصادية معتبرا أن "الملكية أداة للمعيشة، وأن العبد ملكية حية وأداة تعمل بما تؤمر به"، مشرعا وجود العبودية باعتبار أنه "ما دام لا يمكن لأي أداة أن تعمل بما أمرت به من تلقاء نفسها.. ما دامت الآلات لا تشتغل إلا بقوة العبيد، والأرض لا تنبت الحب إلا بسواعدهم، فإن الرق يبقى ضروريا لاقتصاد الأسرة والمدينة التي لا بد لحياتها من أن تشتمل على أحرار يحكمون وعبيد يعملون"، وكان صدى أقوال الفلاسفة القائلين بهذا الطرح أقوى في المجتمع اليوناني من الفلاسفة الذين نادوا –كالرواقيين مثلا- بأن العبودية عسف وجور وبأن الحرية هي الأصل.
    ومع أن الرواقيين لم يفلحوا في إقناع الناس بعدم شرعية الاستعباد فقد نجحوا في إيقاظ الشعور الإنساني بضرورة تحجيم ظلم الإنسان السيد لعبده الإنسان.
    وجاءت اليهودية بنسق مماثل يدعو إلى وقف ظلم الإنسان لأخيه الإنسان في ظرف كان فيه الإسرائيليون يرزحون تحت نير استعباد الفراعنة. لكن اليهود الذين كانوا ساميين سرعان ما عبثوا بتعاليمهم التوراتية، وحرفوها ليقصروا تحريم الاستعباد على فئتهم ويلصقوا تهمة جواز الاستعباد بغرمائهم الحاميين.
    وعندما أصبحت اليونان مجرد مقاطعة رومانية نجح الرواقيون خاصة في استصدار قوانين رومانية تمنع الأسياد من ظلم عبيدهم.
    وحين وجدت المسيحية حل الدين محل الفلسفة، وجاءت المسيحية بخضوع الجميع لله ومساواتهم أمامه، لكن الكنيسة سرعان ما حولت مفهوم الخضوع المسيحي إلى مفهوم تراتبي قائم على خضوع الكنيسة لله، وخضوع الأحرار للكنيسة، وخضوع العبيد للأحرار، وتولت الكنيسة توجيه الفكر الإنساني، واعتبرت الفلسفة إلحادا، والمعرفة ضلالة. وظل النظام الاستعبادي الذي غزا كل أصقاع العالم ينتشر ويترسخ.
    وظهر الإسلام في هذا الخضم في بيئة عربية جاهلية يأكل القوي فيها الضعيف، ويباع فيها الأحرار، ويستعبد المنتصر فيها المهزوم، فقام الإسلام على الفور بسد كل مصادر الاستعباد السابقة باستثناء الكافر الذي يتم أسره وهو يحارب المسلمين ويستهدف قتلهم أو استرقاقهم، إذا رأى إمام المسلمين أن ذلك هو الأصلح للمسلمين، فالاسترقاق في هذه الحالة يعتبر خيارا من بين أربعة خيارات متاحة للأمة بحسب مصلحتها ومعاملة العدو الكافر لها هي القتل والفداء والمن والاسترقاق الذي يترتب عليه تجنيس الأسير ودمجه في المجتمع الإسلامي مع وضع أسس لتحريره إذا أسلم بعد ذلك إما بعتق الرقبة وهو ما يقوم به مالكها كفارة عن فعل محرم أو ابتغاء لمرضاة الله، وإما بفكها وهو ما يقوم به غير مالكها من المحسنين أو السلطان من مصارف الزكاة أو من بيت المال ن شراءها وإعتاقها، وإما بالمكاتبة وهو ما يقوم به العبد من شراء حريته من مالكه، وإما بالعتق الجبري على المالك إذا خالف الشرع بإساءة معاملة عبده.
    ولم يكتف الإسلام بهذا بل أخذ في هدم الأساس الحاضن للأرقاء كشريحة في أسفل الهرم الطبقي للمجتمع، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدم هذه الطبقية والمساواة بين جميع المسلمين قائلا للناس: "كلكم لآدم وآدم من تراب"، وقائلا: "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وطبق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الهدم عمليا فزوج عتيق أبي بكر الصديق بلال بن رباح الحبشي هالة بنت عوف القرشية أخت عبد الرحمن بن عوف من بني زهرة الذين هم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أمه آمنة بنت وهب، وزوج عتيقه زيد بن حارثة زينب بنت جحش وهي ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم أمها أميمة بنت عبد المطلب، ثم خلفه عليها، وزوج زيدا بأم كلثوم بنت عقبة الأموية، وتقدم لفاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس خاطبان هما معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم بن حذيفة فاستشارت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار عليها بمولاه أسامة بن زيد، وتزوج سلمان الفارسي امرأة من كندة، وخطب بلال وأخوه إلى أهل بيت من اليمن فقال بلال: أنا بلال وهذا أخي عبدان من الحبشة كنا ضالين فهدانا الله وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تنكحونا فالحمد لله وإن تمنعونا فالله أكبر، فزوجوهما. وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم مولاه أسامة بن زيد على جيش المسلمين قبيل وفاته، وفيه أبو بكر وعمر وأكابر الصحابة، فأشاع بكل هذا بين المسلمين مبادئ جديدة لا تعترف بالتراتبية الطبقية التقليدية.
    وعلى سنته سار أبو بكر وعمر بن الخطاب الذي منع الخوض في الأنساب وقال لما حضرته الوفاة: لو كان سالم مولى حذيفة حيا لوليته، فارتفع بفعلهما شأن الموالي في دولة القرون المزكاة، ونشأت طبقة عالمة منهم نافست العرب، حتى اصطنعت الأدبيات التاريخية ما روت أنه جرى بين الإمام ابن شهاب الزهري مع الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، قال: "قال لي عبد الملك بن مروان: من أين قدمت؟ قلت: من مكة، قال: فمن خلفت يسودها؟ قلت: عطاء، قال: أمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: .. فمن يسود أهل اليمن؟ قلت: طاووس، قال: من العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: فمن يسود أهل الشام؟ قلت: مكحول، قال: من العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل، قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران وهو من الموالي، قال: فمن يسود خراسان؟ قلت: الضحاك بن مزاحم من الموالي، قال: فمن يسود أهل البصرة؟ قلت: الحسن البصري من الموالي، قال: فمن يسود أهل الكوفة؟ قلت: إبراهيم النخعي، قال: من العرب أم من الموالي؟ قلت: من العرب. قال: ويحك فرجت عني".
    وقد كان لتولي شؤون الدولة من قبل بني أمية وتحول الخلافة إلى ملكية جبرية دور كبير في وقف الديناميكية التي جاء بها الإسلام لمساواة الناس ومنع تفاضلهم إلا بالتقوى، حيث انهمك الناس في الدنيا، وأعاد سلطان بني أمية النعرة العصبية، وقبحوا زواج الموالي بالعربيات، وقام بعض ولاتهم بمحاربته وتعزير من قام به، ولما أعتق زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب جاربة وتزوجها وزوج أمه بمولى لأبيه يدعى ثريد كتب إليه عبد الملك بن مروان يعيره بذلك، فكتب إليه زين العابدين: "لقد كان لكم رسول الله أسوة حسنة وقد أعتق رسول الله صفية بنت حيي بن أخطب وتزوجها، وأعتق زيد بن حارثة وزوجه بنت عمته زينب بنت جحش".
    وعاد العالم الإسلامي مع عهد الأمويين إلى أسر الطبقية التقليدية، ولم تفلح الأبواب الكثيرة التي شرعها الإسلام للقضاء على الرق في محوه ولا تحجيمه بعدما أصبح استجلاب الرقيق من مشارق الأرض ومغاربها هو هم الساسة والمجتمع، الساسة الذين استقووا بالرقيق في ثوراتهم المتتالية التي أطاحت بالأمويين وطيلة العهد العباسي إلى أن آل حكم المسلمين إلى الأتراك والمماليك، والمجتمع الذي وجد في الرقيق موردا اقتصاديا واجتماعيا لا يريد التخلي عنه.
    وظل واقع العبودية في المجتمعات البشرية بعد ذلك على حاله حتى أخذت الحركة الفكرية في القرن 15 ميلادي في أوروبا في الدعوة إلى تحرير العقل الذي طال تكبيله بقيود الكنيسة، مستفيدة مما حملته المعارف الإسلامية إليها عبر الأندلس. وعملت هذه الحركة على تلمس طريقها لربط فلسفتها بما كانت توقفت عنده الفلسفة اليونانية، فنبتت بذلك بذور العلم الحديث، وأخذ العقل الأوروبي في التحرر من ظلمات الكنيسة إلى أنوار التجربة العلمية، وتمكن هذا العقل برفعه شعار القانون الطبيعي من إحداث نهضته الفلسفية والأدبية والعلمية الحديثة.
    وخلال القرن السابع عشر كانت الأفكار الفلسفية تعد الناس في أوروبا للثورة على الإقطاعية والظلم والاستعباد، وانتصر الفكر الإنساني في أوروبا، ومد نفوذه في القرن الثامن عشر لإجبار الحكومات الأوروبية على وقف تجارة الرقيق في مستعمراتها حول العالم.
    وبعد الثورة الفرنسية 1789 بعامين أصدر مجلس الثورة في 16 مايو 1791م قرارا بإلغاء الرق الزنوج في جميع المستعمرات الفرنسية، وفي 19 مارس 1802 أعاد نابليون العمل بالرق، وبعد سقوط نابليون وافقت الدول الغربية المجتمعة في مؤتمر فيينا 1815م بمبادرة بريطانية التي أوقفت تجارة الرقيق في مستعمراتها على تحريم تجارة الرقيق.
    وفي 20 دجمبر 1831م اتفق عدد من الدول الأوروبية على اعتبار تجارة الرقيق من أعمال القرصنة التي يعاقبها القانون، وحرمته بريطانيا رسميا في مستعمراتها 1833م وإسبانيا 1835م والبرتغال 1839م وفي 28 يناير 1846م أبرمت فرنسا اتفاقية تلتحق بموجبها بهذه المعاهدة، وفي 27 ابريل 1848م صدر قانون فرنسي رسمي يلغي الرق في المستعمرات الفرنسية، وألغته هولندا والدانمرك 1860م. وبالنسبة لبيع الأولاد للاسترقاق فحاربته فرنسا في القرن 15م وفي الصين سنة 1787م وفي اليابان 1900م.
    أما أمريكا فقد توجت فيها محاربة الرق بصراع مرير استمر منذ استقلال الولايات المتحدة سنة 1776م إلى أن أصدر الرئيس الأمريكي ابراهام لنكولن في فاتح يناير 1863م وثيقته الشهيرة بوثيقة تحرير العبيد، وتقضي هذه الوثيقة بتحرير كافة العبيد في أمريكا وتعويض ملاك العبيد الشماليين عن أرقائهم بينما حرم الملاك الجنوبيون الذين كانوا قد أعلنوا الانفصال عن أمريكا من أي عوض.
    وبعد إعلان تحرير العبيد في أمريكا تتابعت المؤتمرات عبر العالم لإلغاء الرق فانعقد في عام 1878م مؤتمر دولي في برلين اتفقت فيه الدول المستعمرة للكونغو على منع تجارة العبيد وإلغاء الرق، وفي 1890م انعقد مؤتمر مماثل في بروكسل تعهدت فيه الدول الأوروبية بمعاقبة الاتجار بالرقيق.
    وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وإنشاء عصبة الأمم وقعت الدول الأعضاء فيها بتاريخ 25 سبتمبر 1926م اتفاقية دولية تقضي بمحاربة الرق ومعاقبة ممارسيه جنائيا، وبعد الحرب العالمية الثانية تم توقيع اتفاقية دولية جديدة في سان افرانسيسكو في 26 يونيو 1945م تم بموجبها إنشاء الأمم المتحدة وإصدار ميثاق جديد ينص على التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان وكرامته والمساواة بين أجناسه.
    وفي 10 دجمبر 1948م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نصت المادة الرابعة منه على أنه "لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعها". وتبع ذلك إصدار اتفاقيتين دوليتين بشأن محاربة الاسترقاق والاتجار به الأولر سنة 1949م والثانية 1956م، وفي 16 ديسمبر 1966م أكدت الأمم المتحدة في الميثاق الدولي لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من تحرير الاسترقاق بكافة أشكاله.
    ورغم كل هذه الجهود بقي الرق موجودا في العديد من دول العالم كما تظهر ذلك دراسة نشرتها لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بتاريخ 25 أغسطس 1978 .
    مرسلة بواسطة منتدى الشباب للحوار ومكافحة التطرف في 5:06 ص ليست هناك تعليقات:
    إرسال بالبريد الإلكتروني
    كتابة مدونة حول هذه المشاركة
    ‏المشاركة في Twitter
    ‏المشاركة في Facebook
    ‏المشاركة على Pinterest


    الجمعة، 6 فبراير، 2015




    ولد داداه حريص على الحوار
    وصل رئيس المنتدى وزعيم حزب تكتل القوى الديمقراطية قادما من العاصمة الإيفوارية ابيدجان، بعد أن قاد وساطة ناجحة بين أقطاب حزب الجبهة الشعبية الايفوارية، إلى جانب وفد من الأممية الاشتراكية التي يشغل منصب النائب الأول لرئيسها وهذا أكبر دليل على انه سيحرص أكثر على نجاح حوار الأشقاء وأن ما تردد من رفضه للحوار هو دعاية ضد الحوار من جهات لا تريد الخير لهذا البلد


    مرسلة بواسطة منتدى الشباب للحوار ومكافحة التطرف في 1:01 ص ليست هناك تعليقات:
    إرسال بالبريد الإلكتروني
    كتابة مدونة حول هذه المشاركة
    ‏المشاركة في Twitter
    ‏المشاركة في Facebook
    ‏المشاركة على Pinterest


    الخميس، 5 فبراير، 2015




    هل ستؤازر وزارة التعليم رئيس الجمهورية أم ستخذله
    من الجلي أن موضوع التعليم في بلادنا شكل دائما مثار جدل ونقاش تغذيه المشكلات الناتجة عن الإخفاقات التي رافقت مسيرة التعليم منذ استقلال الدولة الموريتانية .
    لكن مكمن الجدة والتميز في الحوار الدائر اليوم حول التعليم هو أنه يستظل لأول مرة بمظلة الاعتراف المعبر عنه في الخطاب السياسي الرسمي بأن منظومتنا التربوية تئن تحت وطأة لفساد مزمن وأنه آن الأوان للشروع في إصلاحها.
    إن هذا التوصيف أو الحكم الذي يكاد يشكل إجماعا وطنيا نادرا والورد على لسان رئيس الجمهورية نفسه والذي تلقفه المسئولون الرسميون وطاب لهم ترديده. يضع الكرة في مرمى السلطات التعليمية في البلد بعد أن تلقت ما يمكن اعتباره تفويضا بعمل كل ما يلزم من أجل إصلاح التعليم.لكن السؤال الذي يكتنف هذا القرار السيادي هو هل قطاع التعليم نفسه جاهز بما فيه الكفاية لتسديد هذه الإرادة السياسية العظيمة وتحويلها إلى برنامج عمل يستجيب لمعايير الإصلاح ويلبي أهدافه ؟ ثمة تطور جوهري يجعلني أكثر ثقة بمستقبل العملية التعليمية في بلدنا . فقد كنا نكرر دائما إن إصلاح التعليم مرهون بتضافر إرادة سياسية عليا جادة وأنا اعتقد أن هذه الإرادة بدأت في التشكل منذ رفع السرية عن فساد التعليم قبل سنوات من الآن . واكتملت هذه الإرادة بالقرار القاضي باعتبار سنة 2015 سنة للتعليم.
    إن ما يعنيه هذا القرار بالنسبة لي هو أن صافرة البداية لرحلة الإلف ميل قد انطلقت ,لكن قطع مسافة بهذا الاتساع لا يمكن أن تتم طبعا بين عشية وضحاها .
    إن سير قاطرة الإصلاح يتطلب توفر عامل آخر هو المتعلق بمدى جاهزية القائمين على الشأن التربوي للذهاب في الإصلاح إلى ابعد مدى ممكن في ظل ما بات يعرف بمشكل التراكمات التي باتت اقرب إلى شماعة يعلق عليها البعض فشله أو يفر إليها من استحقاقات الإصلاح وكذلك وجود التحدي الذي يمثله لاعبين لديهم مصالح ضيقة ألفوا الدفاع عنها .
    وبصرف النظر عن هذه العقبات التي سيجرفها حتما تيار الإصلاح هناك ملاحظات ينبغي أخذها بعين الاعتبار في أي مشروع إصلاحي للتعليم :
    Ø ضرورة بناء مدرسة وطنية موحدة وموحـِدة تتكلم نفس اللغة
    Ø التحيين المستمر للمناهج والمقررات التربوية بحيث تستجيب للحاجات التنموية وتنسجم في نفس الوقت مع ثوابت شخصيتنا الوطنية وتكون عامل وحدة وتلاحم بين مكونات الشعبين
    Ø إعادة الاعتبار للمدرس ولمهنة التدريس من خلال اتخاذ قرار سريع وحاسم بتحسين الوضع المادي والمعنوي للمدرس خاصة وان قطاع التعليم يتحول إلى نقطة عبور للوظيفة العمومية مما يستدعي تشجيع المدرس على التشبث بمهنته ووقف نزيف الهجرة والتغيب وعدم الاكتراث الناتج عن الشعور بعدم الرضى
    Ø إن أي خطة للإصلاح تتضمن لا محالة منظومة معايير غير أن احد اكبر مظاهر الفساد في قطاع التعليم هو عدم التقيد بالمعايير خاصة أن محاولة تطبيق المعايير تصطدم دائما بعقلية اجتماعية تتستر وراء الممارسة الإدارية تجعل من المحاباة والزبونية والمصالح الضيقة أساسا للتصرف.
    Ø التخطيط للقرارات قبل اتخاذها وتنفيذها بلا هوادة إذا ماتخذت بالفعل باعتبارها قرارات سيادية تجري على الجميع وهي مواصفات يفتقدها قطاع التعليم الذي تسود فيه الارتجالية والتردد وضعف المتابعة والرقابة واحدث مثال على ذلك القرار السيادي الأخير القاضي باسترجاع مدرسين كانوا معارين لقطاعات أخرى أو في وضعيات غير قانونية ؛فماذا تم في هذا الصدد؟ العدد الأصلي المشمول بالقرار حوالي 1200 تم استدعاء اقل من نصفهم ثم إن النسبة التي تضمنتها قائمة نشرتها وزارة التهذيب لم يستفد منها بعد.والنتيجة مزيد من عدم الثقة في القرارات الصادرة عن الوزارة والإجراءات التي تتخذها.فهل يمثل هذا التراخي والضبابية مدخلا ملائما لعملية إصلاح مطالب بها شعبيا ورسميا على أعلى المستويات؟
    Ø مراجعة سياسة التعاقد مع حملة الشهادات حيث يتم كل سنة الزج بأعداد كبيرة منهم إلى المدارس دون سابق تكوين ودونما احتكام إلى معايير شفافة أو المرور بمسابقة جادة واعتقد أن ظاهرة العقدويين يمكن تجاوزها إذا تم اللجوء للحلول التالية:
    § المحافظة على المدرسين المكتتبين من خلال منحهم حوافز مادية حقيقية
    § القيام بعملية مسح شاملة للمصادر البشرية المتكدسة في مختلف درجات السلم الإداري وتوجيهها إلى الأقسام التربوية بعد خلق العلاوات الضرورية لتثبيت المدرسين في هذه الأقسام
    § إجراء مسابقة العقدويين الممارسين من اجل ترسيمهم
    Ø التكوين المستمر والمتابعة والرقابة الفعالة للكادر البشري ومراجعة الخريطة المدرسية وتطبيق مبدأ العقوبة والمكافأة مع ضرورة التعويل على الدور الذي يمكن ويجب أن يلعبه شركاء المدرسة مثل رابطات آباء التلاميذ والمجموعات المحلية والنقابات والاستئناس بالخبرات الأجنبية
    وخلاصة القول إننا أمام اختبار مزدوج لكل من السلطات السياسية العليا من جهة باعتبار أنها أخذت قرارا بإصلاح المنظومة التربوية الوطنية والوزارة من جهة أخرى لأنه تقع على عاتقها مسؤولية تطبيق هذا القرار وجعل سنة 2015 تاريخا لقطيعة فعلية بين لحظتين لا تشبه أحداهما الأخرى .فهل سنقول عندما نقف على الحصاد بعد سنة من الآن ما أشبه الليلة بالبارحة ام سنقول :أنجز حر ما وعد؟ بقلم:محمد فال ولد محمد اطفل
    مرسلة بواسطة منتدى الشباب للحوار ومكافحة التطرف في 4:23 ص ليست هناك تعليقات:
    إرسال بالبريد الإلكتروني
    كتابة مدونة حول هذه المشاركة
    ‏المشاركة في Twitter
    ‏المشاركة في Facebook
    ‏المشاركة على Pinterest


    الأربعاء، 5 يونيو، 2013


    كيف نحارب الرق و آثاره ونكرس ثقافة حقوق الإنسان
    السؤال عن كيف نحارب الرق يقودنا إلى سؤال آخر هل ما يزال الرق موجودا؟
    هذه الإشكالية لما تحسم بعد ولكل جهة وجهة نظرها في الموضوع لكن من شبه المجمع عليه انتفاء الرق وبقاء مخلفاته ونحن في منتدى الشباب للحوار ومكافحة التطرف ننحاز دائما للتوسط فنقول أن حالات استرقاق معزولة قد تكون موجودة في مناطق نائية حدودية في الغالب والقضاء على مثل هذه الحالات يتطلب تضافر الجهود وهنا نثمن إنشاء وكالة التضامن
    كما تجدر الإشارة إلى أن محاربة الرق وآثاره تمثل إجماعا وطنيا غير أن عندنا مآخذ على بعض المنظمات الحقوقية وعلى الأنظمة السابقة ننبه فيما يلي نذكر بعضها :
    · نأخذ على بعض المنظمات فهمها لعمالة البيوت والتباسها عندها بالإسترقاق ويظهر ذلك في مداهمة البيوت التي يتعايش فيها البيظان مع لحراطين في محاولة يائسة لفصل بياض العين عن سوادها وهنا ألتمس لبعضهم العذر لأنه ربما يكون شاهد حالات من الاستعباد المقيت غطت على قناعاته بضرورة العيش المشترك والمصير الواحد والتحديات التي لا يمكن إلا أن نواجهها جميعا وفي مقدمتها القضاء على مخلفات الرق
    · إلصاق الظاهرة بمكون واحد هو البيظان لسبب واحد هو تمايز اللون مما جعلهم يحاربون لونا بدل ظاهرة في حين انه حتى الأرقاء السابقين مارسوا التعبيد قبيل الاستقلال وهذا يكفي من الأدلة على أن لا علاقة للظاهرة باللون
    · يأخذ على الأنظمة أيضا تأطير كل جهد للقضاء على الظاهرة في خانة التجاذبات السياسية بدءا بمحاربتها لجماعة الحر التي يشهد لرموزها اليوم بالحرص على موريتانيا متصالحة مصداق ذلك الحوار السياسي ومبادرة الرئيس مسعود مع التنبيه على أن التوظيف السياسي للظاهرة مازال موجودا
    نستبشر خيرا كمناهضين للإسترقاق بوكالة التضامن ونرى أن المطلب الأساٍسي والملح على هذه الوكالة هو تقديم استراتيجية متكاملة ومتعددة الأبعاد تستهدف النهوض بضحايا الإسترقاق وخصوصا البعد التثقيفي
    الوكالة ايضا بتفهمها للجمعيات الحقوقية وانفتاحها عليها وجرد دقيق لضحايا الاسترقاق والتكفل بتعليم أبنائهم التعليم القاعدي على الأقل ستكون قادرة بإرادة القائمين عليها ومساعدتنا جميعا على القضاء على أصل الداء وهو الجهل بالموازاة مع دعم مشاريع في تلك المناطق تسهم في تشغيل الشباب في آدوابه وما سيكون لذلك من أثر طيب على إدامة الود ونزع الأحقاد
    أما ما يخص ثقافة حقوق الإنسان وتكريسها فإن أشواطا كبيرة تم قطعها في هذا المجال وما نخشى منه هو إعطاء حقوق تتنافى مع العقيدة أو الأخلاق أو مع الفطرة البشرية وهنا نطالب بتجريم كل أنواع الاستهزاء بالمقدسات وفي مقدمتها الكتب الفقهية
    المصدر:
    http://hiwar12.blogspot.com/
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. يا غير مسجل لاتقرأ هذه المعلومة
    بواسطة راما في المنتدى فرسان الطب النفسي .
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-18-2016, 06:21 PM
  2. هـــام جداً .. آخر تحديثات الخرائط في سوريا
    بواسطة ندى نحلاوي في المنتدى فرسان الفضاء.
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 02-01-2014, 06:36 AM
  3. مامدى صحة هذه المعلومة؟
    بواسطة ندى نحلاوي في المنتدى أنت تسأل والأطباء يجيبون
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 09-08-2013, 07:50 PM
  4. برنامج الخرائط للجوال مجانا للأندرويد مجرب igo
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان البرامج الهامة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-07-2011, 12:51 PM
  5. كتاب جديد..فلسطين الارض التي مسحتها الخرائط
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-09-2010, 08:42 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •